السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
| الاسم | فاطمة |
|---|---|
| الكنية | أم أبيها - أم الحسن - أم الحسين |
| تاريخ الميلاد | 20 جمادى الآخرة من السنة الخامسة للبعثة |
| تاريخ الوفاة | 3 جمادى الآخرة سنة 11 للهجرة |
| مكان الميلاد | مكة |
| مكان الدفن | غير معلوم |
| مدة حياته | 18 سنة |
| الألقاب | الزهراء، الصديقة، الكوثر، المرضية، الراضية، سيدة نساء العالمين، البتول |
| الأب | الرسول الأعظم |
| الأم | خديجة بنت خويلد |
| الزوج | الإمام علي(ع) |
| الأولاد | الحسن، الحسين، زينب، أم كلثوم، المحسن |
السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، (5 للبعثة-11 هـ) بنت النبي محمد
، أمها السيدة خديجة
، وزوجها الإمام علي
، وهي أحد أصحاب الكساء الخمسة، الذين تعتقد الإمامية بعصمتهم. ومن أولادها الإمام الحسن، والحسين
، وزينب
، وهي المرأة الوحيدة التي اصطحبها النبي
لـمباهلة نصارى نجران.
وقد خصّتها سورة الكوثر، وشملتها آيات التطهير، والإطعام، ووردت في حقّها وفضيلتها أحاديث لولاك والبضعة؛ حيث عدّها أبوها بضعة من نفسه وغضبها غضب الله ورضاها رضاه.
ولم ترد أخبار كثيرة عن مرحلتي طفولتها وما بعدها سوى صحبتها لأبيها في مواجهة المشركين وأذاهم إياه، وحضورها في شعب أبي طالب وهجرتها إلى المدينة برعاية الإمام علي
.
وبعد هجرتها إلى المدينة رغم كثرة الذين أقدموا على خطبتها، تزوجت مع الإمام علي
، وذلك في سنة 2 للهجرة، ومن نشاطاتها الاجتماعي بعد الهجرة صحبتها للنبي
في بعض المعارك ومنها فتح مكة.
وبعد وفاة رسول الله، بويع لـأبي بكر في السقيفة على أن يكون هو الخليفة على المسلمين، لكنَّها رفضت البيعة؛ لما رأت فيها نقضاً لبيعة الغدير التي أكّد فيها النبي باستخلاف علي بن أبي طالب بعده لتولي أمور المسلمين. ومُنعت فاطمة من الإرث وكذلك التصرف في الأموال التي قد خصّص لها النبي
في قضية فدك، وعليه ألقت خطبةً عُرفت بـالخطبة الفدكية.
وقد أصيبت أثناء اقتحام منزلها من قبل أنصار أبي بكر وبأمر منه وتحت إشراف عمر بن الخطاب لأخذ البيعة من الإمام علي وممن كان معه في البيت عنوةً -وذلك بعد رحيل أبيها بقليل- مما ألزمها الفراش في الفترة الأخيرة من عمرها، إلى أن أودى بها ذلك في 3 جمادى الآخرة سنة 11 للهجرة. وقد دفنت ليلاً، وبطلب منها خُفية.
تسبيحات الزهراء ذِكر علّمها النبي الأعظم
إياها، ومصحف فاطمة الذي يشمل إلقاءات ربانية تلقّتها فاطمة، وجمعه الإمام علي
في صحيفة، تَداوَلها الأئمة من ولدها، إلى صاحب العصر
كما تعتقد الشيعة.
من ألقابها: الزهراء، والبتول، وسيدة نساء العالمين، ومن كناها أم أبيها وأم الأئمة.
وقد عبّروا عن ذكرى استشهادها تحت عنوان أيام الفاطمية، وأسماء "فاطمة" و"الزهراء" من الأسماء المحبّبة لتسمية الإناث، لدى الأسر في الأوساط الشيعية.
الاسم واللقب والكنية
هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله نبي الإسلام وأمها خديجة بنت خويلد.[١] قد عدّوا لها ألقاباً كثيرة تصل إلى ما يقارب 30 لقباً.[٢] ولكلّ واحدة منها دلالة خاصة بها.[٣] من أشهر هذه الألقاب: الزهراء، الصديقة، المحدَّثة،[٤] البتول، سيدة نساء العالمين، المنصورة، الراضية، والمرضية.[٥] كما حملت من الكنى: أم أبيها، أم الأئمة، أم الحسن وأم الحسين وأم المحسن.[٦]
والمشهور إنما سمّاها النبي "فاطمة"؛ لأنّ اللَّه فَطَمها ومحبيها[٧] أو ذريّتها ووُلدها، عن النار.[٨] وأشهر ألقابها الزهراء، وقد تسمّى به غالباً، ويقترن مع اسمها أحياناً، فيقال فاطمة الزهراء، أي: النور الساطع والضياء اللامع.[٩]
حياة الزهراء
| 20 جمادي الآخرة | ولادتها |
| 10 رمضان | وفاة أمها خديجة الكبرى |
| أواخر شهر صفر | عقدها بـعلي بن أبي طالب |
| 1 ذي الحجة
السنة 2 هـ |
زواجها بعلي وبداية الحياة المشتركة |
| 15 رمضان | مولد الحسن
أكبر أولدها |
| 7 شوال | حضورها بعد أحد لضماد جراحة الرسول |
| 3 شعبان | مولد الحسين
ابنها الثاني |
| 5 جمادى الأولى | مولد بنتها زينب الكبرى |
| السنة 6 هـ | مولد بنتها الثانية أم كلثوم |
| السنة 7 هـ؟ | منح النبي فدكا لها |
| 24 ذي الحجة | مع رسول الله في المباهلة |
| 28 صفر | رحيل الرسول |
| ربيع الأول | مصادرة فدك بأمر من أبي بكر |
| ربيع الأول
السنة 11 هـ |
إلقاء الخطبة الفدكية في مسجد النبي |
| ربيع الأول
السنة 11 هـ |
بناء بيت الأحزان في البقيع على يد علي لتقيم الزهراء فيه المأتم على أبيها |
| ربيع الثاني
السنة 11 هـ |
الهجوم على بيت الزهراء وإصابتها وطرح ابنها المحسن |
| 13 جمادى الأول أو
3 جمادى الآخرة السنة 11 هـ |
الشهادة |
تُعدّ الزهراء
الرابعة أو الخامسة -على قول- من أولاد النبي،[١٠] وأمّها السيدة خديجة، هي أولى زوجات النبي
.[١١] وقد أجمع المؤرخون أنّ مولدها كان في مكة وبالتحديد في بيت السيدة خديجة، الواقع في زقاق العطارين وزقاق الحجر بالقرب من المسعى.[١٢]
الولادة والنشأة
سجّلت مصادر الشيعة ولادتها في اليوم 20 جمادى الآخرة.[١٣] وبناءً على الرأي السائد لديهم، ولدت الزهراء في السنة الخامسة لـلبعثة النبوية.[١٤] أما الثابت عند أهل السنة والجماعة، أن ولادتها كانت قبل البعثة بخمس سنوات.[١٥] وأثبته المفيد والكفعمي في السنة الثانية من البعثة.[١٦]
نظراً لقلة النصوص التاريخية حول حياة فاطمة
في الطفولة -حتى فترة ما قبل زواجها بالإمام علي
- يصعب التعرّف على مفاصل حياتها في هذه المرحلة.
فقد كانت شاهدا على التصرفات التعسّفية المفروضة من قبل مشركي قريش الموجّهة لوالدها محمد بن عبد الله
، وذلك بعد أن ظهرت الدعوة النبوية إلى العلن.[١٧] بالإضافة إلى ذلك، لم تمض من طفولتها إلا بضع سنوات، حتى دخل بنو هاشم ومناصري النبي في ظروف المقاطعة الشاملة، أيام شعب أبي طالب.[١٨]
كما فقدت أمّها أيام طفولتها، وارتحل أبو طالب عمّ أبيها -وهو محامي الرسول
الأول بعد وفاة جده عبد المطلب-.[١٩] ومن أهم الأحداث في هذه المرحلة، هي مؤامرة قريش لـقتل الرسول،[٢٠] وهجرة النبي من مكة إلى المدينة ليلاً،[٢١] وبالتالي هجرتها مع سائر الفواطم إلى المدينة تبعاً لهجرة والدها
وذلك تحت رعاية علي بن ابي طالب(ع).[٢٢]
الخطبة والزواج
ذكرت المصادر التاريخية بأن كبار الصحابة أقدموا على خطبتها بعد الهجرة إلى المدينة، إلا أن من بين الجميع، كان علي
هو المختار؛ ليصبح صهراً للنبي
.[٢٣]
يرى البعض في انتقال الرسول إلى المدينة وقيادته للأمة، العامل المهم للمكانة المرموقة التي حظيت بها بنت رسول الله بين المسلمين.[٢٤]
فإلى جانب ذلك، ما نالته فاطمة
من العناية الخاصة من قبل النبي وأيضاً مواصفاتها الشخصية قياساً بنساء المجتمع آنذاك،[٢٥] كان المحفّز في مبادرة الأشخاص لخطبة بنت الرسول
.[٢٦]
وأقدم بعض كبار قريش من معتنقي الإسلام الاوائل، أو من أصحاب المال، إلى خطبة السيدة فاطمة
.[٢٧]
ونقل أن أبا بكر وعمر،[٢٨] وعبد الرحمن بن عوف أیضاً أقدموا علی ذلك.[٢٩]
فلم ينل أحد منهم القبول.[٣٠]
فكان يأتى الردّ من الرسول لهم: [يا فلان] انتَظِر بها القضَاء.[٣١] أو كما ذكرت بعض الروايات قال أحدهم لآخر: "إنه ينتظرُ أَمرَ اللَّه فيها".[٣٢]
وفي موقف أن الرسول أقسم بالله بأن لو كان في أهل بيته خيراً من علي زوّجها إياه،[٣٣] وقال: "ما أنا زوّجتك ولكن الله زوّجك".[٣٤]
تقول بعض الروايات أن جبرئيل أمر الرسول
ليزوّجها علياً، فإن الله قد رضيها له ورضيه لها.[٣٥]
كان يمرّ ابن أبي طالب -كسائر المهاجرين- بظروف صعبة في الشهور التي تلت الهجرة إلى المدينة، فباع درعه إزاء الصداق باقتراح من النبي
.[٣٦]
ودار العقد في المسجد والناس حضور،[٣٧] وتعددت الأقوال في تاريخ العقد.[٣٨] وذهب المشهور إلى أن تاريخه هو السنة الثانية للهجرة، حسب أغلب المصادر.[٣٩]
وكان الزفاف في شهر شوال أو ذي الحجة، من السنة الثانية للهجرة، بعد غزوة بدر على المشهور،[٤٠] أو في السنة الثالثة بعد أحد.[٤١]
الأولاد
اتفقت كلمة الباحثين على أن كلاً من الحسن،[٤٢] والحسين،[٤٣] وزينب،[٤٤] وأم كلثوم،[٤٥] هم أولاد الزهراء وعلي
.[٤٦] وبناء على ما ورد في مصادر الشيعة وبعض مصادر السنة، هناك ولد آخر اسمه مُحسِن[٤٧] (أو مُحسَّن) للزهراء الذي طرحته على إثر ما تعرضت له بعد وفاة أبيها
بقليل.[٤٨]
الحياة الزوجية
تحملت الزهراء
أنواع الابتلاءات بالتزامن مع بدايات حياتها الزوجية.[٤٩] كما ذكروا بأن ذات مرة، لم تجد طعاماً لمدة ثلاثة أيام وأن الحسنين قد اضطربا علیها من شدة الجوع.[٥٠]
كانت تتقاسم الوظائف المنزلية مع خادمتها فضة بعد أن اختارها الرسول
لمساعدتها.[٥١]
لم تنادِ فاطمة زوجها إلا بالتقدير والاحترام.[٥٢] كما كانت تخاطبه بأبي الحسن في حضور الآخرين.[٥٣]
وذكرت المصادر أن الزهراء
كانت تفصح عن محبتها تجاه بعلها، كما هو الحال بالنسبة إلى علي
تجاهها،[٥٤] وردّاً على سؤال موجّهٍ من رسول الله
لهما، دعاها علي بنعم العون علی طاعة الله ودعته بخير بعل.[٥٥]
من وفاة النبي إلى وفاتها
إن التاريخ شهد أحداثاً عدة حصلت للزهراء
في الفترة الأخيرة المنتهية إلى وفاتها. فذكروا أنه اعتراها حزن شديد إثر وفاة أبيها،[٥٦] ونقلوا بأنهم لم يروها تضحك بعد ذلك،[٥٧] ومن أهم الوقائع هي حادثة السقيفة،[٥٨] والاستيلاء على الخلافة، وتبعه غصب فدك،[٥٩] والذي آل إلى إلقاء خطبتها الفدكية على الصحابة.[٦٠]
تعرضت للتهديد من قبل الخليفة وأعوانه والتي تجسدت في الهجوم على بيتها
.[٦١]
كما يُذكر أن من أسباب الهجوم، هو رفض علي ومعارضي خلافة أبي بكر، واعتصامهم في دار فاطمة
، مما أدّى إلى إصابتها على إثر ممانعتها من جَلب علي لإرغامه على البيعة، [٦٢] وتسبب ذلك في إجهاضها.[٦٣]
وفي أواخر حياتها أوصت علياً
بأن لا يشهد أحد جنازتها ممن ظلمها،[٦٤] وأن لا يصلّي عليها أبو بكر وعمر،[٦٥] فدفنها علي ليلاً ولم يُعلمهما بذلك،[٦٦] وبناء على أشهر الأقوال توفيت يوم الثالث من جمادى الآخرة سنة 11 للهجرة.[٦٧] وإن تعددت الأقوال في تحديد مدة حياتها بعد رسول الله
.[٦٨]
الفضائل
قد ذكرت فضائل عديدة للزهراء
في كتب الحديث والتاريخ والتفسير وغيرها، فقسم لها منشأ قرآني، كآيتي التطهير[٦٩] والمباهلة،[٧٠] وتشارك الزهراء، النبي
وسائر أهل البيت
، في سبب نزولها،[٧١] والقسم الآخر منقولة كما في حديث البضعة[٧٢] وتلك التي تصفها بالمحدَّثة.[٧٣]
العصمة والطهارة
تعتقد الشيعة بأن للسيدة الزهراء مقام العصمة؛ لكونها أحد مصاديق آية التطهير،[٧٤] حيث أراد الله لأهل البيت(ع) الطهارة والنزاهة من كل نجَس ودنَس.[٧٥] ووفقا لكثير من الروايات المنقولة لدى الشيعة والسنة، فإن فاطمة هي من مصاديق أهل بيت
.[٧٦]
وإن أولى الروايات التاريخية التي نصّت على عصمتها
، هي التي نقلت واقعة فدك عندما انتُزع إرثها بعد وفاة النبي مباشرة، وفيها يستند الإمام علي
إلى آية التطهير لإثبات عصمة الزهراء
،[٧٧] ومن خلال احتجاج صريح وإقامة الحجة على أبي بكر يُنكر تصرفه هذا، وفي المقابل يؤيد قيام السيدة فاطمة لاسترداد فدك والحقوق الضائعة.[٧٨]
المنزلة عند الله ونبيه
رسول الله
:
«ابْنَتِي فَاطِمَةُ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَهِيَ نُورُ عَيْنِي.
الشيخ الصدوق، الأمالي، ص 113؛ الحمويي الجويني، فرائد السمطين، ج 2، ص 35.
أجمعت الشيعة الامامية على أن الزهراء
تتصدر الأئمة الأطهار -من ولدها- في المرتبة والمنزلة، وذلك بعد أبيها رسول الله
وزوجها، علي بن أبي طالب
.[٧٩] وقد ذكرت المصادر الروائية حديثا قدسيا، عرف بـحديث لولاك، وقد ورد بأشكال مختلفة، في أحدها يُناط خلق السموات بخلق فاطمة
ورسول الله
والإمام علي
.[ملاحظة ١]و روي عن النبي أنه قال: يغضب الله
لغضبها، ويرضى لرضاها.[٨٠]
الزهراء المحدّثة
قد وردت روايات تدل على أن الملائكة كانت تهبط من السماء، فتناديها فتقول: يا فاطمة، الله اصطفاك وطهّرك على نساء العالمين...فكانت تحدّثهم ويحدّثونها.[ملاحظة ٢]فكما نقل حديثها مع الملائكة في حياة النبي،[٨١] كذلك ثبت بعد وفاته
، ومنه ما كان من أجل الإخبار والتنبيه بما سوف يحصل لأولاد الرسول ومحبي أهل البيت. وقام الإمام علي بجمع تلك الإلهامات للزهراء
في مصحف يعرف بمصحف فاطمة.[٨٢]
المودة في القربى
إنَّ الشيعة والعامة يعتقدون بأن الله أوصى المسلمين بمحبة ذوي القربى بناء على آية 23 من سورة الشورى المشهورة بـآية المودة.[٨٣] والمتفق بأن مصاديقهم علي وفاطمة والحسنان بالتحديد.[٨٤]
بضعة الرسول
كان الرسول يحبّ ابنته، ويحترمها حباً واحتراماً قلَّ نظيره، ويدل على هذه العلاقة، حديث معروف للنبي، عنها: "يؤذيني ما آذاها، وينصبني ما أنصبها"،[٨٥] أو: فاطمة "بَضعة مني"[٨٦] و: "من سرّها فقد سرّني، ومن ساءها فقد ساءني"[٨٧]، وطبقاً لروايات أخرى: "فاطمة أعزّ البريّة عليّ".[٨٨] ونقل هذ الحديث المحدّثون القدامى من الشيعة كـالمفيد ومن السنة أحمد بن حنبل بعبارات مختلفة.[٨٩]
من المتباهلين
إن الزهراء
تعدّ المرأة الوحيدة من بين نساء المسلمين التي اختارها الرسول
لتخرج معه يوم المباهلة، ذُكرت الواقعة في آية المباهلة.[ملاحظة ٣]وطبقاً للتفاسير والمصادر الحديثية والتاريخية، فإنَّ آية المباهلة قد نزلت في أفضلية أهل بيت الرسول
حیث تعتبرهم أهلَه.[٩٠] فاصطحب الرسول
فاطمة وعلي والحسنين متحدّيا نصارى نجران.[٩١]
ذرية الرسول
إن استمرار نسل النبي من ولد فاطمة وثبوت الولاية فيهم كمعصومين، تدلّ أيضاً على جانب آخر من فضائلها.[٩٢] المفسّرون عبّروا عن معتقدهم بأن استدامة ذرية الرسول، هو المصداق الأبرز لـسورة الكوثر الذي يعني الخير الغزير.[٩٣] ومنه مقام الإمامة الإلهية الذي حمله أفراد من هذه الشجرة.[٩٤] كما أخبرت الملائكة أمها خديجة - لما حضرت عند ولادتها وتكفّلت وضعها - بأنها قد بورك فيها
وفي نسلها.[٩٥]
العبادة
عن فاطمة الزهرأ
:
من أصعدَ إلى الله خالصَ عبادته أهبطَ الله عزّ وجلّ إليه أفضلَ مصلحته.
ابن فهد الحلي، عدة الداعي، ص 233.
لقد تعرضت المصادر لذكر حالاتها في العبادة والصلاة ومنها ما نقل عنها في حال تلاوة القرآن وحجر الرحى يدور دون أن يمسه أحد، نقلاً عن سلمان الفارسي،[٩٦] وعن عمّار وميمونة،[٩٧] فعندما ينقلون تلك المشاهد للرسول
كان يقول: لله ملائكة سياحون في الأرض موكلون بمعونة آل محمد،[٩٨] أو في رواية أخرى قال: إن الله علم ضعف أمته فأوحى إلى الرّحى أن تدور فدارت.[٩٩] كما روي أنها
عندما اشتغلت بصلاتها وعبادتها فربما بكى ولدها فرؤي المهد يتحرّك، وكان ملك يحرّكه.[١٠٠]
في رواية عن الحسن البصري يصف فيها الزهراء بأعبد هذه الأمة، والتي "كانت تقوم حتى تورّم قدماها".[١٠١]
الإحسان والدعاء لغيرها
روى الإمام الصادق
عن أجداده عن الإمام الحسن
أنه قال: رأيت أمي فاطمة
قامت في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعة وساجدة، حتى انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسميهم، وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه! لم لا تدعين لنفسك، كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني! الجار ثم الدار.[١٠٢]
تطرقت الكثير من المصادر لخصال بنت رسول الله
، حيث كانت تُنفق من أموالها طوال حياتها مع علي
بينما لم تكن هي تتمتع بأبسط مستلزمات الحياة.[١٠٣] كالروايات الواردة حول إعطاء عِقدها إلى السائل،[١٠٤] ومن جملة هذه الروايات، إطعام المسكين واليتيم والأسير بكل ما لديهم عند الإفطار، وذلك في ثلاثة أيام متتالية قضوها في الصوم، والحسنان طفلان صغيران.[١٠٥]
المواقف الاجتماعية السياسية
من جملة فعاليات الزهراء الاجتماعية -بعد الهجرة إلى المدينة- تمريض النبي على إثر جراحاته في غزوة أحد،[١٠٦] وتواجدها في حفر الخندق -حیث جاءت بکسرة خبز إلی أبیها، وقالت : قرص خبزتُه، فلم تطب نفسي حتی أتیتك بهذه الکسرة-[١٠٧] وفتح مكة إلى جانب أبيها،[١٠٨] غير أن عمدة مواقفها من الأحداث السياسة تتعلق بما بعد وفاة الرسول
في الفترة القصيرة المتبقية من حياتها، وعلى وجه الخصوص مواجهتها مع الخليفة الأول.[١٠٩]
يرى البعض بأن كثيراً من كلمات الزهراء وسلوكها الذي صدر بعد رحيل أبيها ينمّ عن موقفها الرافض تجاه تصرّفات الخليفة وأعوانه الغاصبين لحقّها وحق علي بن أبي طالب
.[١١٠]
اجتماع السقيفة وما تمخض عنه
من الذين خالفوا اجتماع السقيفة، وأنکروا على أبي بكر كخليفة للرسول، هم السيدة فاطمة وعلي
وإلى جانبهما بعض الصحابة مثل سلمان والزبير وأبي ذر والمقداد، فهؤلاء تخلفوا عن مبايعة أبي بكر.[١١١]
وذلك بناء على ما كان الرسول الأعظم قد قام به سلفاً، من تعيين علي ابن أبي طالب كخليفته ووليّه بعد رحيله، في عدة مواقف.[١١٢]
بعد بيعة السقيفة کان يخرج علي ويحمل فاطمة على دابة ليلاً ويمرّ بمجالس الأنصار يسألهم النصرة.[١١٣] فكان الناس يبدون عن أسفهم، ويقولون: "يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.[١١٤] وكان يأتي التساؤل من جانب علي
، أنه كيف كان يمكنه أن يلتحق بالقوم ويترك جثمان رسول الله
في البيت لا يدفن، وينافس على الخلافة؟![١١٥] عندها كانت السيدة الزهراء تؤيد موقفه قائلة: "ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له". فتُحيلهم على ما صنعوا إلى الله وهو يحاسبُهم لاحقاً.[١١٦]
المعتصمین المحتجين على أبي بكر
بعد وفاة رسول الله واجتماع بعض من الأنصار والمهاجرين في السقیفة لأجل تعیین الحاکم، بقي علي
في بيته، ومعه بعض من الصحابة،[١١٧] منهم: العباس، والفضل بن العباس، والزبير، وخالد بن سعيد، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر، وعمّار، والبراء بن عازب، وأُبي بن كعب. فهؤلاء لم يرضوا بمبايعة أبي بكر.[١١٨]
دفاعها عن علي
عند اقتحام بيتها
قد وردت روايات مختلفة حول الهجوم الذي شنّه أنصار أبي بكر مع عمر على دار فاطمة وما آل إليه، فالبعض يرى أن الزهراء
وقفت عند الباب، ولم يبايع علي وبنو هاشم إلا بعد مضي ستة أشهر وقيل بعد وفاتها
،[١١٩] ومن جانب آخر يذهب بعض المؤرخين إلى القول بأن أبا بكر -وبعد إطلاعه على اعتصام المتخلفين في بيت فاطمة- بعث إليهم جماعة وعلى رأسهم عمر، لإخضاعهم للبيعة مهما كلّفهم الأمر. فأقبلوا عليهم بقبس وهدّدوهم بإضرام الدار عليهم بالنار إن لم يبايعوا.[١٢٠]
وبحسب الروايات أنهم "دخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت: "والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله، فخرجوا وخرج من كان في الدار" غير علي
.[١٢١]
خطابها في قضية فدك
فدك هي قرية في الحجاز فيها مزارع وبساتين من نخيل وتعد منطقة استراتيجية، وهبها الرسول
لابنته فاطمة
.[١٢٢] ومما قام به أبوبكر بعد ما تصدّى لأمر الخلافة أنه أمر بمصادرة فدك، وقد حاججته البتول
وأقامت عليه الأدلة، [١٢٣] ثم كتب أبو بكر لها كتاباً يرد لها فدك، فخرجت من عنده والكتاب معها، ولقيها عمر فسألها عن الكتاب الذي تحمله، وأجابت: "كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك"، فطلبه منها وهي رفضت، فرفسها برجله[ملاحظة ٤]ثم أخذ الكتاب فمزقه.[١٢٤]
قامت فاطمة
بإلقاء خطبتها الفدكية في مسجد النبي، فأتمت فيها الحجة على الغاصبين وأنذرتهم بمغبّة الأمر وبئس المصير.[١٢٥]
السخط على أبي بكر وعمر
وفقاً لبعض المصادر التاريخية، بالنسبة إلى ما يتعلق بمجريات ما بعد التعرض إلى دار فاطمة وعلي، أنّ عمر اقترح على أبي بكر أن يذهبا إلى فاطمة، حيث أنهما قد أساءا إلى بنت الرسول
وأغضباها، فعندما استأذناها لم تأذن لهما بالدخول، فالتجآ حينها إلى علي بن ابي طالب
، فأدخلهما فلما قعدا عندها دارت وجهَها إلى الحائط.[١٢٦] ولم ترد السلام عليهما. فبعد أن تكلما بغية أن تُعذرهما، ذكّرتهما بحديث النبي
بأن رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني.[١٢٧] فبعد أن أيّدا كلامها وأقرّا بسماعهما الحديث، أشهدت الله
وملائكته، بأنهما أسخطاها ولم يُرضياها، ولئن لقيت النبي لتشكوهما إليه. ثم قالت لأبي بكر: والله لأدعونّ الله عليك في كل صلاة أصليها.[١٢٨]
الوفاة والتشييع والتدفین
ذكرت المصادر إن السبب الذي أدى إلى استشهاد الزهراء
هي الإصابات التي رافقت أحداث ما بعد وفاة أبيها والسقيفة، مما ألزمتها الفراش حتى ماتت شهيدة.[١٢٩]
وقد اتفقت كلمة المؤرخين على أنّها توفيت سنة 11 للهجرة، وإنما اختلفوا في تحديد شهره ويومه، والمشهور أنّها استشهدت فی الثالث من جمادى الآخرة، ومستند هذا القول، رواية عن أبي عبد الله الصادق
، وذهب البعض إلى القول بأنه حدث في 13 جمادی الأولی وفقاً لروایة أخری عن الإمام الصادق
، حیث قال: إن فاطمة مکثت بعد رسول الله صلّی الله علیه وآله خمسة وسبعین یوماً.[١٣٠]وذهبت جماعة من الباحثين إلى القول بأنّها عاشت بعد أبيها 40 يوماً (8 ربيع الثاني).[١٣١]وهناك أقوال أخری.[١٣٢]
وقد ورد في النصوص التاريخية بأن علي بن أبي طالب
غسّلها ولم يحضر غسلها إلا فضة خادمتها، وأسماء بنت عميس، وصلّى عليها علي
، ولم یؤذن بها أبا بكر[١٣٣] طلباً منها
. ولا حضر وفاتها ولا صلّى عليها أحد من سائر الناس غير الإمام الحسن
والحسین
والعباس، والفضل بن العباس، والزبير، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر، وعمّار، وعقيل، وعبدالله بن مسعود،[١٣٤] فحملوا نعشها فوق سرير صُنع لها بطلب منها وشُيّعت ليلاً.[١٣٥]
المدفن
نظرا لما قد أجري من مراسيم تجهيز جثمان الزهراء
وتشييعها ودفنها في الليل وبعيداً عن الأنظار، بقي محل القبر مخفياً على الناس، لكن تُذكر عدة مواقع محتملة لمدفنها:
- إما في بيتها.[١٣٦][ملاحظة ٥]
- أو بين قبر رسول الله ومنبره أي الروضة.[١٣٧][ملاحظة ٦]
- أو بناحية من مقبرة البقيع،[١٣٨] يلي زاوية من دار عقيل بن أبي طالب.[١٣٩][ملاحظة ٧]
تراثها
إن كلمات الزهراء ونمط حياتها في الشؤون المعنوية والاجتماعية والسياسية قد أصبحت تراثاً ملفتاً، وتعد صلاتها وتسبيحاتها، ومصحفها وخطبتها الفدكية من ضمن هذا التراث الذي تناولته المصادر وكتب السيَر.
- اهتمت المصادر الشيعية وغيرها بتراث الزهراء
، الذي يتمتع بمضامين متنوعة ويشتمل على مواضيع عقَدية وأخلاقية، منها ما يتعلق بالحياة الاجتماعية.[١٤٠] وقد وردت بعض من رواياتها في كتب الشيعة والعامة وبعض آخر دُوّنت كمؤلفات مستقلة تحت عناوين: "مسند فاطمة" و"أخبار فاطمة". وقد فُقد عدد من هذه المسانيد على مرّ الزمان، ولا أثر لها غير ذكر أسماء رواتها وكتّابها في كتب علم الرجال والفهارس، والتراجم.[١٤١]
- مصحف فاطمة، وهو كتابٌ يحتوي على أسرار سمعتها الزهراء من جبرئيل،[١٤٢] أو أحد الملائكة المقرّبين، وقام علي
بكتابتها،[١٤٣] ويعتقد الشيعة أنه مما توارثه الأئمة وهو الآن عند الإمام المهدي (عج).[١٤٤]
- الخطبة الفدكية، [١٤٥] التي ألقتها بعد أن منعت من إرثها ونحلتها، ولها شروح أغلبها تحمل عنوان "شرح خطبة الزهراء
" أو "شرح خطبة الُلّمة".[١٤٦]
- تسبيحات الزهراء،[١٤٧] وهو الذكر الذي علمها النبي وفرحت السيدة الزهراء بتعلّم ذلك.[١٤٨] وقد تعرضت المصادر من كلا الفريقين لهذا الذكر الشريف وكيف تعلمته فاطمة، وأيضاً مواظبة علي
عليه بعد أن سمعه، في كل الأحوال.[١٤٩]
- صلاة فاطمة الزهراء، هي تلك الصلاة التي علّمها رسول الله
أو جبرئيل.[١٥٠] وأشارت إليها النصوص الروائية وكتب الأدعية.[١٥١]
- أبيات وقصائد شعرية منسوبة إلى السيدة فاطمة، وردت في بعض المصادر التاريخية والروائية.[١٥٢] هذه الأشعار متعلقة بمقطعين من حياتها: ما قبل وفاة النبي وما بعدها.[١٥٣] وقد طبعت آثار متفرقة في هذا الصدد.[١٥٤]
الأشعار المنسوبة إليها
ومن ضمن ما نسب إليها، تلك الأبيات التي رثت فيها أباها رسول الله
.
وقصيدة أخرى وأيضاً في نفس الموضوع:
في الثقافة والأدب
وقد اتخذت من سيرة الزهراء نماذج يقتدى بها في العقيدة الإمامية، لاسيما عند المتديّنين من الشيعة الإثني عشرية، يمكن الإشارة إلى نماذج منها:
- مهر السنة وهو صداق فاطمة على ما نقلته الروايات والنصوص الفقهية، وأصبحت سنة حسنة، وأطلق عليه مصطلح مهر السنة.[١٥٧]

- الأيام الفاطمية وهي الأيام التي تُقيم فيها الشيعة العزاء لإستشهاد فاطمة الزهراء (عليها السلام) فيقيمون المجالس ومواكب العزاء والمشي على الأقدام للمشاهد المشرفة، وقد يشارك فيها عدد من مراجع الشيعة.[١٥٨] وقد أعلن يوم شهادتها
عطلة رسمية في بعض الدول الإسلامية كالجمهورية الإسلامية في إيران.[١٥٩]
- ومنها إعادة بناء حي بني هاشم التاريخي، ومقبرة البقيع، وبيت الزهراء بشكل رمزي ولاستشعار الجمهور المتفرجين الأيام التي عاشتها (سلام الله عليها).[١٦٠]
- إقامة المسرح الفاطمي على غرار التشابيه والمشاهد التمثيلية، في الأزقة والساحات والممرات العامة في بعض الأقطار، والذي يعدّ من المراسيم الخاصة بيوم وفاتها
.[١٦١][١٦٢]
- تسمية مناسبة ولادة الزهراء (20 من جمادي الآخرة) بيوم المرأة في بعض الدول الإسلامية كما في إيران.[١٦٣] ويحتفل الشعب الإيراني في هذا اليوم بإعطاء هدايا إلى الأمهات وتكريمها.[١٦٤]
- تسمية الإناث في الأوساط الشيعية والدول الاسلامية کثیراً باسم فاطمة وزهراء وسائر ألقابها، كما في إيران بحسب الأرقام والإحصائيات.[١٦٥]
فهرس المؤلفات حولها
هناك العديد من الآثار والمصنفات حول السيدة الزهراء
وبلغات مختلفة؛
تنقسم إلى المساند التي قام الشيعة بتدوينها، والمناقب، والتراجم، والسيَر.[١٦٦]
- فدك في التاريخ للسيد محمد باقر الصدر
- فدك والعوالي أو الحوائط السبعة في الكتاب والسنة والتاريخ والأدب للسيد محمد باقر الحسيني الجلالي
- الزهراء عليها السلام سيّدة نساء العالمين لـناصر مكارم الشيرازي
- السيدة فاطمة الزهراء تأليف محمد بيومي مهران
- [[الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء (كتاب)|الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء
وعقيلة الوحي]] لـلسيد عبد الحسين شرف الدين - الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء
<