الخطبة الطالوتية
عنوان الحديث | الخطبة الفدكية |
---|---|
الموضوع | تأنيب الناس لعدم مؤازرة الإمام علي (ع) في قضية غصب الخلافة |
القائل | الإمام علي بن أبي طالب (ع) |
رواة الحديث | أبو الهيثم بن تيهان |
مصادر الشيعة | الكافي |
أحاديث مشهورة | |
حديث الثقلين . حديث الكساء . حديث المنزلة . حديث سلسلة الذهب . حديث الولاية . حديث الاثني عشر خليفة . حديث مدينة العلم |
الخطبة الطالوتية، هي من خطب الإمام علي التي ألقاها بعد وفاة النبي. وقد أنّب فيها الناس على التواني في نصرته في قضية غصب الخلافة، وحذّرهم من عواقب ذلك. وذكر الإمام في هذه الخطبة أنه لو كان له أعوان بعدد أصحاب طالوت لمنع هذا الانحراف.
وتحدّث الإمام علي في خطبته أولاً عن بعض صفات الله، وفضل الإسلام على الأديان الأخرى، ثمّ بيّن نفسه أنه وصي النبي (ص)، الذي تمت توصية الناس باتباعه. وعدّ الإمام علي (ع) في خطبته أن حسن العاقبة ونيل خيرات الدنيا والآخرة هي ثمرة اتّباع أهل البيت، ومن جهة أخرى عدّ الوقوع في الظلمة، وسدّ طريق العلم، وإثارة الخلاف بين الناس من عواقب الابتعاد عن أهل البيت.
وروى الكليني هذه الخطبة في كتابه الكافي نقلا عن ابن تيهان، واعتبر العلامة المجلسي أن الخطبة الطالوتية رغم أنها من الأحاديث الضعيفة بناء على معايير وقواعد علم الرجال، لكنها تصح نسبتها إلى الإمام علي (ع)؛ لما فيه من فصاحة وبلاغة .
زمان الخطبة وخلفية إلقائها
الخطبة الطالوتية[١] هي إحدى خطب الإمام علي (ع) التي ألقاها في المدينة بعد وفاة النبي (ص).[٢] وذكر أن السبب في اشتهارها بالطالوتية هي إشارة الإمام علي فيها إلى أعوان طالوت[٣] وقد لام الإمام علي (ع) في خطبته الناس على التواني وعدم المبالات في نصرته خلال قضية غصب الخلافة، وحذّرهم من عواقبها.[٤] ويعتبر العلامة الطهراني أنّ هذه الخطبة سبب واضح لعدم قيام الإمام علي (ع) بعد وفاة النبي (ص) لأخذ حقه (إمامة المجتمع) والعمل بوصية النبي (ص) بالصمت، وعدم استخدام السيف في حالة انعدام الأعوان والأنصار، حتى لا ينتهي الأمر على حساب الإسلام.[٥]
سند الخطبة
ذكر الكليني الخطبة الطالوتية في قسم الروضة من كتاب الكافي نقلاً عن أبي الهيثم بن تيهان عن الإمام علي (ع).[٦] واعتبر العلامة المجلسي في كتابه مرآة العقول أنّ الخطبة الطالوتية هي حديث ضعيف بناء على معايير علم الرجال، «لكن بلاغة الكلام، وغرابة الأسلوب والنظام تأبى صدوره عن غير الإمام».[٧]
المحتوى
تناول الإمام علي (ع) في خطبته تسبيح الرب وتوصيف بعض أسماء الله وصفاته،[٨] والإقرار برسالة النبي (ص)،[٩] ثمّ قدّم نفسه على أنه خليفة النبي (ص) وعالِم الأمة الذي قد أُمر اللناس باتباعه.[١٠] وحذرهم الإمام في شطر آخر من خطبته من عواقب إعراض الناس عن أهل البيت (ع)[١١] وأكد على ثمار اتباع الإمام،[١٢] وأنّب الناس لتكاسلهم في نصرته في قضية غصب الخلافة[١٣] وأكد أخيرا أنه لو كان له أعوان بعدد أعوان طالوت أو أصحاب النبي في غزوة بدر لأعادهم إلى طريق الحق، ومنع الانحراف في الدين.[١٤]
وبعض التعاليم الواردة في هذه الخطبة هي كما تلي:
- بيان صفة «الحيّ» من صفات الله
- تفرد الله، حيث لا نظير له
- مُلك الله الدائم على العالم، سواء قبل الخلق وبعد فنائه
- إنّ الله لا زمان له ولا مكان
- عدم قدرة الإنسان على إدراك الله
- إنّ الله سميع وبصير وقدير
- الشهادة برسالة النبي (ص) وغلبة الإسلام على جميع الأديان السابقة
- انخداع المسلمين واتباعهم للهوى وعدم السير في سبيل ولاية وإمامة أهل البيت (ع)
- إنّ اتباع أهل البيت (ع) يؤدي إلى نيل خيرات الدنيا والآخرة وحسن العاقبة.
- سدّ طريق العلم على الناس، ووقوعهم في الخلافات، وابتعادهم عن الصراط المستقيم بسبب عدم اتباع أهل البيت.[١٥]
أحداث ما بعد إلقاء الخطبة
بناء على ما رواه ابن تيهان خرج الإمام بعد خطبته من المسجد، فمرّ بموضع فيه نحو ثلاثين شاة، فقال: «والله لو أنّ لي رجالاً ينصحون لله عز وجلّ ولرسوله بعدد هذه الشياة لأزلتُ ابن آكلة الذّبّان[ملاحظة ١] عن ملكه» فبايعه ثلاثمائة وستّون رجلاً على الموت، فقال لهم اغدوا بنا إلى أحجار الزيت[ملاحظة ٢] محلّقين رؤوسكم، فلم يحضر الموعد غير أبو ذر، والمقداد، وحذيفة، وعمار، وسلمان. فشكاهم الإمام إلى الله.[١٦]
نص الخطبة
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كَانَ حَيّاً بِلَا كَيْفٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَانٌ وَلَا كَانَ لِكَانِهِ كَيْفٌ وَلَا كَانَ لَهُ أَيْنٌ وَلَا كَانَ فِي شَيْءٍ وَلَا كَانَ عَلَى شَيْءٍ وَلَا ابْتَدَعَ لِكَانِهِ مَكَاناً وَلَا قَوِيَ بَعْدَ مَا كَوَّنَ شَيْئاً وَلَا كَانَ ضَعِيفاً قَبْلَ أَنْ يُكَوِّنَ شَيْئاً وَلَا كَانَ مُسْتَوْحِشاً قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِعَ شَيْئاً وَلَا يُشْبِهُ شَيْئاً وَلَا كَانَ خِلْواً عَنِ الْمُلْكِ قَبْلَ إِنْشَائِهِ وَلَا يَكُونُ خِلْواً مِنْهُ بَعْدَ ذَهَابِهِ كَانَ إِلَهاً حَيّاً بِلَا حَيَاةٍ وَمَالِكاً قَبْلَ أَنْ يُنْشِئَ شَيْئاً وَمَالِكاً بَعْدَ إِنْشَائِهِ لِلْكَوْنِ وَلَيْسَ يَكُونُ لِلَّهِ كَيْفٌ وَلَا أَيْنٌ وَلَا حَدٌّ يُعْرَفُ وَلَا شَيْءٌ يُشْبِهُهُ وَلَا يَهْرَمُ لِطُولِ بَقَائِهِ وَلَا يَضْعُفُ لِذُعْرَةٍ |
وَ لَا يَخَافُ كَمَا تَخَافُ خَلِيقَتُهُ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ سَمِيعٌ بِغَيْرِ سَمْعٍ وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ بَصَرٍ وَقَوِيٌّ بِغَيْرِ قُوَّةٍ مِنْ خَلْقِهِ لَا تُدْرِكُهُ حَدَقُ النَّاظِرِينَ وَلَا يُحِيطُ بِسَمْعِهِ سَمْعُ السَّامِعِينَ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً كَانَ بِلَا مَشُورَةٍ وَلَا مُظَاهَرَةٍ وَلَا مُخَابَرَةٍ وَلَا يَسْأَلُ أَحَداً عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ أَرَادَهُ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ |
وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَنْهَجَ الدَّلَالَةَ |
أَيُّهَا الْأُمَّةُ الَّتِي خُدِعَتْ فَانْخَدَعَتْ وَعَرَفَتْ خَدِيعَةَ مَنْ خَدَعَهَا فَأَصَرَّتْ عَلَى مَا عَرَفَتْ وَاتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا وَضَرَبَتْ فِي عَشْوَاءِ غَوَايَتِهَا وَقَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُّ فَصَدَّتْ عَنْهُ وَالطَّرِيقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ وَشَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ وَادَّخَرْتُمُ الْخَيْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَذْتُمُ الطَّرِيقَ مِنْ وَاضِحِهِ وَسَلَكْتُمْ مِنَ الْحَقِّ نَهْجَهُ لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ وَبَدَتْ لَكُمُ الْأَعْلَامُ وَأَضَاءَ لَكُمُ الْإِسْلَامُ فَأَكَلْتُمْ رَغَداً وَمَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ وَلَا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهَدٌ |
وَ لَكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِيلَ الظَّلَامِ فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرُحْبِهَا وَسُدَّتْ عَلَيْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ فَقُلْتُمْ بِأَهْوَائِكُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ فِي دِينِكُمْ فَأَفْتَيْتُمْ فِي دِينِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ وَتَرَكْتُمُ الْأَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ إِذَا ذُكِرَ الْأَمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ هُوَ الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ فَكَيْفَ وَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ- وَنَبَذْتُمُوهُ وَخَالَفْتُمُوهُ |
رُوَيْداً عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصُدُونَ جَمِيعَ مَا زَرَعْتُمْ وَتَجِدُونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ وَمَا اجْتَلَبْتُمْ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي صَاحِبُكُمْ وَالَّذِي بِهِ أُمِرْتُمْ وَأَنِّي عَالِمُكُمْ وَالَّذِي بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ وَوَصِيُّ نَبِيِّكُمْ وَخِيَرَةُ رَبِّكُمْ وَلِسَانُ نُورِكُمْ وَالْعَالِمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ فَعَنْ قَلِيلٍ رُوَيْداً يَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ وَمَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ وَسَيَسْأَلُكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ مَعَهُمْ تُحْشَرُونَ وَإِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَداً تَصِيرُونَ |
أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى تَئُولُوا إِلَى الْحَقِّ وَتُنِيبُوا لِلصِّدْقِ فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ وَآخَذَ بِالرِّفْقِ اللَّهُمَّ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.[١٧] |
الهوامش
- ↑ الحسيني الطهراني، إمام شناسي، ج10، ص151-152.
- ↑ الكليني، الكافي، ج8، ص31-33.
- ↑ المازندراني، شرح الكافي، ج11، ص270.
- ↑ الحسيني الطهراني، إمام شناسي، ج10، ص151-152؛ پاكنيا، «ابوهيثم ابن تيهان انصاري» ص83.
- ↑ الحسيني الطهراني، إمام شناسي، ج10، ص157.
- ↑ الكليني، الكافي، ج8، ص31-33.
- ↑ المجلسي، مرآة العقول، ج25، ص70.
- ↑ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص271-274.
- ↑ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص274.
- ↑ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص279.
- ↑ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص275-276.
- ↑ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص276-278.
- ↑ الحسيني الطهراني، إمام شناسي، ج10، ص151-152.
- ↑ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص279-280.
- ↑ المجلسي، مرآة العقول، ص70-76؛ المازندارني، شرح الكافي، ج11، ص276-278؛ ابن قارياغدي، البضاعة المزجاة، ج1، ص358-380.
- ↑ الكليني، الكافي، ج8، ص33.
- ↑ الكليني، الكافي، ج8، ص31-32.
الملاحظات
المصادر والمراجع
- ابنقارياغدي، محمد حسين، البضاعة المزجاة (شرح كتاب الروضة من الكافي)، قم، دارالحديث، 1429هـ.
- الحسيني الطهراني، محمد حسين، إمام شناسي، مشهد، نشر العلامة الطباطبائي، 1426هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407هـ.
- المازندراني، محمد صالح بن أحمد، شرح الكافي، تصحيح: أبو الحسن الشعراني، طهران، المكتبة الإسلامية، 1382هـ.
- المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1404هـ.