غزوة بني قريظة
غزوة بني قريظة | |||||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
من غزوات الرسول | |||||||||
الموقع الجغرافي لبني قريظة | |||||||||
| |||||||||
المتحاربون | |||||||||
المسلمون | اليهود | ||||||||
القادة | |||||||||
النبي الأعظم (ص) |
غزوة بني قريظة، هي آخر غزوة خاضها النبي ضد يهود المدينة وذلك إثر غدرهم بالمسلمين ونقضهم للعهد الذي كان بينه وبينهم ومساندتهم للمشركين في غزوة الخندق في السنة الخامسة للهجرة.
حوصرت قلاع بني قريظة واستسلم مقاتلوها بعد حصار دام شهراً، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ طلباً منهم فحكم بينهم سعد بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم وتقسيم أموالهم استناداً إلى العهد الذي كان بينهم وبين النبي. ارتضى النبي حكم سعد، ويُذكر أنّ حكمه جاء موافقاً لحكم التوراة.
هذا وقد شكك البعض في تفاصيل بعض المصادر حيث ذكرت قتل كافة رجال القبيلة.
أسباب الغزوة
لقد ذكر المؤرخون عدة أسباب لوقوع هذه الغزوة، وهي:
- نقض العهود
كان السبب الرئيس لغزو بني قريظة هو نقضهم للعهود والمواثيق التي أُبرمَت بينهم وبين رسول الله في أول دخوله المدينة المنورة حيث كان قد كتب كتاباً واشترط عليهم أن لا يظاهروا عدوّه وأن ينصروه على من داهمه[١] أو ألّا يكونوا معه ولا عليه[٢] وإلّا فالنبي في حِلّ من سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونسائهم وأخذ أموالهم.[٣]
لقد صرّحت بعض المصادر أن اليهود من بني النضير وقريظة كانت قد حاربت رسول الله إلا أنّ النبي أجلى بني النضير من المدينة وأقرّ بني قريظة ومنَّ عليهم حتى حاربت المسلمين وقامت بمساندة قريش في حرب الخندق.[٤] والنصوص الحالية وإن لم تُحدِّد تكرّر نقض العهد من قريظة[٥]إلاّ أنّ المذكور في نزول آية 56 من سورة الأنفال في شأنهم ( الذين عاهدتّ منهم ثم ينقُضون عهدَهم في كلّ مرة وهم لايتّقون) كما ينقله مجاهد،[٦] وغيره[٧] إلى جنب تلك الإشارات المنقولة على لسان غير واحد كالبخاري[٨] ومسلم[٩] وغيرهم[١٠]يومي إلى وقوع ذلك.[١١] هذا وفي لائحة المقتولين من ينتمون إلى بني النضير.
- دور حيي بن أخطب اليهودي
صرّحت المصادر أن حيي بن أخطب وهو من يهود بني النضير، كان قد توجه إلى بني قريظة من قِبَل قريش طلباً من ابي سفيان "لنقض العهد" (على حدّ المصادر)[١٢] الذي كان بينهم وبين رسول الله والحصول على موافقة القبيلة في مساندة قريش في الحرب على المسلمين،[١٣] كما أن بعض المصادر أشارت إلى جنب تمزيق حيي بن أخطب لعهد بني قريظة مع النبي[١٤] أنه كان هو المحرِّض الأساس لقريش في حرب الخندق وذلك بعدجلاء بني النضير إلى خيبر.[١٥]
بلغ النبي خبر بني قريظة اثناء حرب الخندق، فأرسل نفراً من صحابته بينهم سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة وأسيد بن حُضير إلى قلاع بني قريظة ليتحققوا من ذلك، فوجدوهم قد نقضوا العهد. فناشدوا بني قريظة أن يرجعوا إلى ما كانوا عليه قبل أن يلتحم الأمر.
استهانت بني قريظة بالمسلمين وبالذين هزموهم بأنهم ما كانوا يُحسِنون القتال ويعرفونه، حتى أن كعب بن أسد وهو زعيمهم وغزال بن سموأل وآخرون سبّوا سعد بن عبادة، حتى أغضبوه وشتموا سعد بن معاذ والنبي في ذلك اللقاء وأنكروا العهدَ بينهم وبين المسلمين ونالوا منهم أقبح الكلام وشتموهم في الأعراض [١٦]ذكر منها بعض المؤرخين.[١٧]
نقض العهد وأثره علی المسلمین
انتهى الخبر إلى المسلمين بنقض بني قريظة للعهد، فاشتدّ الخوف وعظُم البلاء على المسلمين إذ كان للخبر تأثيره السلبي على معنويات المسلمين نظراً للمكانة الجغرافية لقلاع بني قريظة، حیث كان باستطاعتهم الهجوم على المسلمين من خلفهم أثناء انشغالهم بمحاربة المشركين.
يُنقل أنّ أبابكر وجابر بن عبد الله الأنصاري كانا يقولان: لقد خفنا على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشدّ من خوفنا من قريش وغطفان.[١٨] وكانت أم سلمة تقول: قد شهدت مع رسول الله مَشاهِد فيها قتال وخوف لم يكن من ذلك شيء أتعب لرسول الله ولا أخوف عندنا من حرب الخندق وذلك أنّ المسلمين كانوا مثل الحرجة (الشجرة ذات الأغصان الكثيرة) وأن قريظة لا نأمنها على الذراري والمدينة تُحرَس حتى الصباح، يُسمع تكبير المسلمين فيها حتى يُصبِحوا خوفاً.[١٩]
أعمال بني قريظة
ذکرت المصادر أن القبيلة عزمت على مباغتة المسلمين ليلاً عندما كانت المدينة محاصرة من قبل المشركين، حیث أرسلت إلیهم رسائل تطالبهم بإرسال مقاتلين (ألفاً من قريش وألفاً من غطفان) ليُغِيروا بهم على ذراري المسلمين.[٢٠]
وفي بعض الليالي حمل نحو عشر من مقاتلي اليهود وشجعانهم إلى المدينة حتى انتهوا إلى البقيع فتصدّى لهم نفرٌ من المسلمين يرمونهم بالنبال حتى عاد القرظيون منهزمين بعد ساعة.[٢١] كما ذكروا لهم عمليات دهم واختطاف لحَرَس المسلمين على ممر قلاعهم إلى ثغور المدينة.[٢٢]
اجراءات المسلمین
أرسل النبي إلى المدينة إثر خبر بني قريظة وعزمهم علی مباغتة المسلمین مائتي مقاتل يكبّرون حتى الصباح، حتى زال خطرهم بنهاية الظلام.[٢٣] ثم قام المسلمون بإلجاء النساء والصبيان إلى مواقع آمنة وخندقوا حولهم يتعاهدونهم بأنصاف النهار خوفاً عليهم من بني قريظة.[٢٤]
الإیقاع بین المشركين وبني قريظة
ومما يُذكر في خذلان المشركين وبني قريظة بعضهم لبعض في الأيام القريبة من الغزوة وانخداعهم في الحرب أنّ نعيم بن مسعود كان قد سمع أن بني قريظة أرسلت إلى ابي سفيان أن ائتوا فإنا سنُغير على بيضة الإسلام من ورائهم. استاذن نعيم النبي في إيقاع الفتنة بينهم، فسمح له في ذلك، فأوقع بينهم الخلاف بعد أن طال الحرب، حتى طالب كلٌّ من المشركين واليهود بعضها البعض الرهان على مداومة القتال (سبعين رجلاً من كلِّ بطن في قريش وغطفان وقيس، وسبعين رجلاً من بني قريظة).
أدّى الخلاف إلى تشائم الطرفين (قریش والیهود) في حيي بن أخطب الذي أوجد فكرة الانقلاب على النبي في أذهان بني أعمامه من اليهود. وكان جواب النبي في اعتراض عمر حيث سأله عن مداخلته في إيقاع الفتنة بينهم أهو من عند الله أم رأي ارتاه من نفسه: "إن الحرب خدعة".[٢٥]
توجه النبي إلی قلاع بني قريظة
توجه النبي إلی بني قريظة في اليوم الذي تفرّق فيه الأحزاب وانهزم فيه قريش وذلك بعد ترائي جبرئيل يأمر بلبس السلاح والتهيؤ لقتال بني قريظة.[٢٦] وكان النبي قد دفع الراية في غزوة بني قريظة لعلي بن ابي طالب[٢٧]وهي لم تُحلّ منذ رجوعهم من غزوة الخندق.[٢٨]
نتائج الغزوة
لقد أدت هذه الغزوة لمجموعة من النتائج، وهي:
حصار بني قريظة
انتهى رسول الله إلى بني قريظة وكان علي بن أبي طالب قد سبق في نفر من المهاجرين والانصار وغرز الراية عند أصل الحصن، فأيقنت بنو قريظة بالشرّ، واستقبلوا المسلمين في حصونهم هذه المرة يشتمون رسول الله. فرجع عليّ إلى رسول الله وكره للنبي أن يسمع أذاهم وشتمهم، حتى إذا سار إليهم رسول الله، صاروا يحلفون بالتوراة أنهم لم يشتموه.[٢٩]
لزم المسلمون حصون بني قريظة يرمونهم بالنبل والحجارة وأحاطوا بهم من كل ناحية لمدة تتراوح بين شهر (خمس وعشرون يوماً) أو نصف شهر (خمسة عشر يوماً).
علي بن أبي طالب وتفسُّخ إرادة بني قريظة
أشارت بني قريظة على المسلمين بالاستسلام والنزول على ما نزلت عليه بنو النضير بأن تكون الأموال والممتلكات للمسلمين ويخرجوا هم من المدينة مع النساء والذراري، فأبى النبي إلا النزول على حكمه.[٣٠] والذي اضطرّهم إلى النزول على التحكيم - كما يفيده كلام ابن هشام - هو أنهم رأوا عليّاً قد هاجمهم ومعه الزبير وهو يصيح: "لأذوقنّ ما ذاق عمي حمزة أو لأفتحن حصونهم"، فلمّا رأوه يشتدّ إليهم، أخذهم الخوف والرعب منه وأيقنوا بالهلاك، وقالوا يا محمد رضينا بحكم سعد.[٣١]
نزول بني قريظة علی تحکیم سعد بن معاذ
كان السبب في اقتراح بني قريظة لتحکیم سعدبن معاذ رئيس قبيلة بني عبد أشهل - وهو من أشراف الاوس ووجهائهم- أن الأوس كانوا من حلفاء بني قريظة قبل الإسلام.
وقَبْل تحكيم سعد، قام أبو لبابة الأنصاري وهو من حلفائهم في الجاهلية من الأوس بمحاولة إنقاذهم، لكنه تنحّى عن الوساطة إثر إفشائه نيّة النبي في التنكيل بهم، فعلم أنه قد خان النبي، فخرج من حصنهم نادماً، قادماً المسجد النبوي في قصة له، حتى تاب الله عليه في آيات نزلت بشأنه.[٣٢]
حُکم سعد
حَكم سعد بعد أن نزلت القبيلة على حكمه بقتل كلِّ مَن حزّبَ على النبي منهم [٣٣] وأن تُسبى النساء والأطفال.
عَدَّ النبيُّ حكم سعد حكم الله، ونزلت الآيات 56 إلى 58 من سورة الأنفال وآيتي 26 و27 من سورة الأحزاب في شأن هذه الغزوة.[٣٤]
مصير اليهود
المقاتلین
اختلفت أرقام القتلى من بني قريظة وذكروا لها أعداداً متفاوتة، [٣٥] فذكر البعض أنّ القتلى كانوا كافة الرجال ومن بَلَغ ونَبَت من الأطفال، وتتراوح أعدادهم بين 600 و900. ولكن أخباراً تقول إن المقاتلين منهم فقط والذين حزّبوا على النبي كانوا هم المقتولين.[٣٦]
كان حيي بن أخطب مِمَّن قُتِل على يد المسلمين وهو يقول للنبي حين أُتِيَ به مربوطاً: ما لُمت نفسي في عداوتك[٣٧] أو: لقد ظفرت بي وما ألوم إلا نفسي في جهادك والشدة عليك.[٣٨] أُقيم بين يدي علي بن ابي طالب - وهو ممن تولّى قتل الكثير منهم على حدّ بعض المصادر-[٣٩] وهو (حيي) يقول: قتلة شريفة بيد شريف. فقال له علي: إن الأخيار يقتلون الأشرار والأشرار يقتلون الأخيار، فويل لمن قتله الأخيار وطوبى لمن قتله الأشرار والكفار.[٤٠]
ومن بين لائحة المقتولين:
- غزال بن سموأل، أول شجعان اليهود إذا هاجموا وآخرهم إذا ولّوا.[٤١] ورد اسمه فيمن هاجم المدينة من القرظيين أثناء حرب الخندق.[٤٢]
- وهب بن زيد، حامل لواء اليهود في الزحف.[٤٣]
- زبير بن باطا. وصفه الواقدي وذويه برؤساء اليهود.[٤٤]
- نبّاش بن قيس[٤٥] من بني النضير، ذُكر على رأس العشرة من يهود بني قريظة حين حاولوا مباغتة المسلمين في حرب الخندق،[٤٦] وهو الذي أوصى النبي إثر انشداخ أنفه أن يُحسِنوا إسارهم، ويقيّلوهم ويسقوهم حتى يبردوا، وأن لايجمعوا عليهم حرّ الشمس وحرّ السلاح.[٤٧]
ذكر البلاذري أسماء هولاء في عداد عظماء اليهود.[٤٨]
- وقُتل كعب بن اسد وهو رئيس القوم. ذكروا أنه اقترح على قومه حين اشتد عليهم الحصار أموراً؛ منها "الإيمان بمحمد الذي ما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب"، مذكّراً بنصيحة ابن خراش له، حيث تنبّأ له بخروج محمد من المدينة.[٤٩] وكان النبي عندما أُتِيَ بكعب بن أسد إليه مجموعة يداه إلى عنقه يقول له: كعب بن أسد؟ وما انتفعتم بنصح ابن خراش وكان مصدقا بي! وإن رأيتموني تُقرئوني منه السلام؟ فقال كعب: بلى والتوراة يا ابا القاسم، ولولا أن تُعَيِّرني اليهود بالجزع من السيف لاتبعتك، ولكني على دين اليهود.[٥٠] وكعب بن أسد هذا - إلى جنب غزال بن سموأل الآنف ذكره - كان يشتم النبي وسعد بن عبادة حين أرسل رسول الله إليهم نفراً ليتحققوا من محاربتهم في غزوة الخندق.[٥١]
الناجین
ذکرت المصادر حِواراً جرى لأناس آخرين كانوا داخل الحصن بشأن جبير بن الهيّبان كان قد ذكر لحيي بن أخطب صفة النبي عند موته. فأعلنوا إسلامهم ونجوا بأنفسهم وأموالهم قبل انهزام بني قريظة، هم ثعلبة وأُسيد ابنا سعيّة و أسد بن عُبيد عمّهم.[٥٢] كما ذكروا أن عمرو بن سُعدى أيضاً كان قد نجى بنفسه وتبرّأ من فعلهم بتذكير ابناء قبيلته العهد وإبائه عن نقضه.[٥٣]
الممتلکات
أما أموال بني قريظة فقسّمت بين المسلمين وعُيِّن نصيب المشاة والركبان لأول مرة[٥٤] فأُعطِيَ الراكبُ سهمان، مقابل سهم واحد للراجل. ويتّضح من قائمة الغنائم لاسيما العتاد والأسلحة الموجودة بحيازة القرظيين والمسجّلة في كتب التاريخ، أنها كانت لافتة ولذلك يبدوا أنه كان هو السبب في اتخاذ الطريقة الجديدة في تقسيم الغنائم.
السبي
أما السبي فقد أخرج النبي الخُمس منه قبل بيع المَغنم، يعتق منه، ويهب ويُخدم منه من أراد[٥٥] والباقي يُباع من يهود المدينة وتيماء وخيبر ومن مشركي العرب في نجد والشام، كما قام بشراء الكثير منهم عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف.[٥٦] وكان النبي قد نهى أن يُفرَّق بين سبي بني قريظة في النساء والذرية حتى يبلغوا.[٥٧]
ملاحقة سلّام بن أبي الحقيق ومقتله بخیبر
صرّح ابن هشام ونقل عن ابن إسحاق أن سلّام بن أبي الحقيق (أبو رافع) النضيري مُحزّب الأحزاب ضدّ المسلمين في حرب الخندق، كان قد قُتِل أيضاً بعد انقضاء أمر بني قريظة. وسلّام هذا كان قد فرّ إلى خيبر، فتسابقت الخزرج إلى قتله، كما كانت الاوس قد قتلت كعب بن الأشرف اليهودي قبل غزوة اُحد، فأذِن لهم النبي في قتل سلّام، فلاحقوه بقيادة عبد الله بن عُتيك الخزرجي إلى خيبر وقتلوه في بيته.[٥٨]
بحث تاريخي
إن الروايات التاريخية تُبيّن أن المسلمين نظراً للتجارب التي كانت لهم مع يهود بني قينقاع وبني النضير، لم يعد يَرضوا بخروج بني قريظة من المدينة مخافة التحاقهم بالمشركين في مكة أو باليهود خارج المدينة، كما فعل بنو النضير. والتاريخ سجّل كلام زعيمهم مع النبي وإصراره في معاداته قُبيل قتله.[٥٩] وعلى كل حال، فإن لسان القرآن كما جاء في الآيات 26 -27 من سورة الأحزاب، يؤيد الحكم المذكور[٦٠] ولكن بحق المقاتلين من اليهود فقط وليس كل الرجال.
يقول السيد جعفر مرتضى في كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم في تفسير الآية 27 من سورة الأحزاب إن المراد بالآية: ... فَريِقاً تقتُلوُنَ وَتَأسِروُنَ فَريِقاً، هم الرجال فقط، حيث أن مادة الأسر تُستَخدم للرجال دون النساء وأن السبي هو الأنسب للنساء، فلذلك من الخطاء أن نعدّ الضمير في تَأسِرُوُنَ راجعاً إلى النساء والأطفال، والضمير في تَقتُلُوُنَ راجعاً إلى الرجال.[٦١] بذلك سيكون عدد القتلى من بني قريظة أربعمائة مقاتل، كما أن ابن شهراشوب ذكر مجموع الرجال سبعمائة والمقتولين منهم اربعمائة وخمسين نفراً.[٦٢]
التشكيك في قتل اليهود
- يكتب السيد جعفر شهيدي الباحث التاريخي حول أحداث غزوة بني قريظة متسائلاً عن الدواعي وراء سرد هذه القصة ويُشير إلى أن الرواية مضطربة في كتاب المغازي، كما أنها مختلفة عمّا جاء على لسان ابن إسحاق والطبري والزهري (51 - 124 ه)، حيث أن الأخير لم يصرّح إلا بقتل حيي بن أخطب.[٦٣] فالرواية قد تكون مدسوسة من قبل أناس من الخزرج بعد مُضيّ سنين من وقوع الغزوة، ويبدو أن الهدف من وراء ذلك كان هو الحطّ من منزلة الأوس لدى النبي مقابل الخزرج وإثارة الحمية بينهم، التي ظهرت علاماتها بوفاة النبي في سقيفة بني ساعدة واتخذها معاوية وبنو امية مثاراً للتلاعب بتاريخ الإسلام إلى سنة أربعين للهجرة وتشويه صورته، حتى ذكروا أنه قام ص بقتل حلفاء الأوس دون حلفاء الخزرج من بني قينقاع وبني النضير، وأنّ زعيم قبيلة الأوس لم يُراعِ جانب حلفائه في غزوة بني قريظة، بل حكم بقتل جميع الرجال.[٦٤]
- يعتبر مالك بن انس أن ابن اسحاق وهو الراوي الأساس للقصة إنما هو دجال.[٦٥] ذكروا في أسباب هذه النسبة أن غزوات الرسول مع اليهود في سيرة ابن اسحاق إنما تمّ نقلها بواسطة أبناء اليهود أنفسهم[٦٦] كما يحتمله صاحب عيون الأثر.[٦٧] لذلك يمكن أن يُعتَبر مالك أحد المخالفين لهذه الروايات.
- ابن حجر العسقلاني يعتبر أن الدليل في تضعيف مالك لابن إسحاق إنما كان من أجل نقل هذه القصص على لسانه.[٦٨]
- ينفي السيد أحمد بركات أيضاً التفاصيل التي قام بنقلها ابن إسحاق مستدلاً بدلائل متعددة.[٦٩]
- كذلك يعتبر وليد عرفات وهو يتسائل عن الفاصل الزمني الكبير بين ابن اسحاق وغزوة بني قريظة أن فقدان السند الصحيح في روايته دليل على ضعف الرواية، ويذكر لذلك دلائل أخرى.[٧٠]
حكم سعد بناءاً على المصادر اليهودية
لقد قام سعد بإصدار الحكم على اليهود، بناءاً على العهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين، وكذلك ما ورد في المصادر والكتب المقدسة لدى اليهود كما يراه البعض،[٧١] حيث أن الحكم جاء مكافئاً لما قاموا به في شريعة موسی.[٧٢] ففي التوراة الموجودة اليوم أن المدينة التي تقع في يد النبي عنوة، يُأمر بين ذكورهم بالسيف وتُسبَى النساء والأطفال وتُغتَنم البهائم و ....[٧٣] علی أن التوراة قد تعدّى هذا النوع من الحُكم كما أشار محمد جواد مغنية[٧٤] إلى ما هو أعظم جَوراً، حيث حَكم كتابُهم في مواضع أُخرى بقتل جميع السكان دون استثناء للنساء والأطفال وكذلك إحراق كلّ ما في المدينة لتكون تلّا إلى الأبد.[٧٥]
قبلها غزوة الخندق |
غزوات الرسول غزوة بني قريظة |
بعدها غزوة بني لحيان |
الهوامش
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 454؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 341؛ ابن عبد البر، الدرر في اختصار المغازي، ص 100.
- ↑ المجلسي، ج 19، ص 110 والواقدي، ج 1، ص 454
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 19، ص 111؛ الصدوق، كمال الدين، ص 114- 115.
- ↑ ابن عقبة، المغازي النبوية، ص 292.
- ↑ العاملي، الصحيح من السيرة النبوية، ج 11، ص 268.
- ↑ السيوطي، الدر المنثور، ج 3، ص 191؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 552؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 20، ص 191.
- ↑ يقول الواقدي: "وهم لا يتقون" يعني قينُقاع، بني النضير وقريظة. الواقدي، المغازي، ج 1، ص 135.
- ↑ البخاري، صحيح البخاري، الحديث رقم (4028)، كتاب: المغازي، باب: حديث بني النضير.
- ↑ مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، الحديث رقم (1766)، كتاب: الجهاد والسير، باب: إجلاء اليهود من الحجاز.
- ↑ السمهودي، وفاء الوفاء باخبار دار المصطفى، ج 1، ص 239.
- ↑ وثمّة رواية أُخرى من أبناء اليهود أنفسهم ذكرها الواقدي هي كالآتي: "عن ابن كعب القرظي قال: ... فلمّا أصاب رسولُ الله أصحابَ بدر وقدِم المدينة، بغت يهود وقطعت ما كان بينها وبين رسول الله من العهد فأرسل رسول الله إليهم، فجمعهم ثم قال يا معشر يهود...فبينا هم على ما هم عليه من إظهار العداوة ونبذ العهد... " ثم ذكر أمر بني قينقاع وغزوهم. الواقدي، المغازي، ج 1، ص 176.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 454.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 454 -456؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2 ، ص 220 - 221.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 456.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 441؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 427.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، 458 -459؛ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 221 -222.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 459.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 460 -468.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 467 - 468.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 460.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 462.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 460- 462.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 460.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 2، ص 451.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 486.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 499 - 497.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 3، ص 234.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 497.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 499.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 501.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 240.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، ص 237؛ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 505؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 4، ص 824.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 12، ص 88.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 3، ص 265 - 266؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2 ، ص 75.
- ↑ (العاملي، ج 12، ص 144- 147)
- ↑ العاملي، الصحيح من السيرة النبوية، ج 12، ص 88.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 514.
- ↑ ابن عقبة، المغازي النبوية، ص 309.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 513؛ ابن شهر آشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 2، ص 97.
- ↑ الإربلي، كشف الغمة، ج 1، ص 209.
- ↑ الواقدي، ج 1، ص 519
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 462.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 519.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 502.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 519.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 462.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 514.
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 339- 340.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 501.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 516.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 458- 459.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 503.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 504- 505.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 53؛ السمهودي، وفاء الوفاء باخبار دار المصطفى، ج 1، ص 308.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 523.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 523- 524.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 523- 524.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 3، ص 273- 274.
- ↑ الواقدي، المغازي، ج 1، ص 514.
- ↑ سيد قطب، في ظلال القرآن، ج 6، ص 569.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 12 ، ص 148.
- ↑ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 3، ص 171، نقلاً عن الصحيح من السيرة، ج 12، ص 148.
- ↑ ابن عقبة، المغازي النبوية، ص 82 - 83.
- ↑ شهيدي، تاريخ تحليلي اسلام، ص 88-90.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 9، ص 36.
- ↑ ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 9، ص 40 - 39.
- ↑ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 17 نقلاً عن مقدمة مارسدن جونز لكتاب المغازي للواقدي
- ↑ ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 9، ص 40 - 39.
- ↑ Barakat Ahmad, Muhammad and the Jews: A Re-examination, p. 24
- ↑ W. N. Arafat, New Light on the Story of Banu Qurayza and the Jews of Medina, Journal of the Royal Asiatic Society of Great Britain and Ireland (1976), pp. 100-107
- ↑ الحسني، سيرة المصطفی، ص 519 - 521.
- ↑ أبو زُهرة، خاتم الرسل، ج 2 ، ص 671 - 672.
- ↑ الكتاب المقدس، سفر التثنيه، الإصحاح 20 ، فقرتي 14 و13 .
- ↑ مغنية، تفسير الكاشف، ج 6، ص 209.
- ↑ الكتاب المقدس، سفر التثنيه، الإصحاح 13، فقرات 12 - 16.
المصادر والمراجع
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1404 هـ.
- ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر، د.ت.
- ابن سيد الناس، محمد بن محمد، عيون الأثر، تحقيق: إبراهيم محمد رمضان، بيروت، دار القلم، ط 1، 1414 هـ/ 1993 م.
- ابن شهاب الزهري، محمد بن مسلم، المغازي النبوية، تحقيق: سهيل زكار، دمشق، دار الفكر، 1401 هـ/ 1981 م.
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، تحقيق: يوسف البقاعي، بيروت، دار الأضواء، ط 2، 1412 هـ/ 1991 م.
- ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الدرر في اختصار المغازي والسير، بيروت، دارالكتب العلمية، د.ت.
- ابن عقبة، موسى، المغازي النبوية، قم، منشورات ذوي القربى، 1424 هـ.
- ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وآخرون، بيروت، دار المعرفة، د.ت.
- أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، الأغاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1415 هـ/ 1994 م.
- أبو زهرة، محمد، خاتم الرسل، ترجمة: حسين صابري، مشهد، 1373 ش.
- الإربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة في معرفة الأئمة، قم، الرضي، ط 1، 1421 هـ.
- البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، دمشق- بيروت، دار ابن كثير، د.ت.
- البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1417 هـ/ 1996 م.
- الحسني، هاشم معروف، سيرة المصطفی، بيروت، دار التعارف، 1406 هـ/ 1986 م.
- الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، بيروت، د.ن، 1408 هـ/ 1988 م.
- السمهودي، علي بن عبد الله، وفاء الوفاء، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1419 هـ.
- السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور في تفسير المأثور، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1404 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، كمال الدين وتمام النعمة، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1395 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1415 هـ.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم و الملوك، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم ، بيروت، دار التراث العربي، ط 2، 1387 هـ/ 1967 م.
- العاملي، جعفر مرتضي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، قم، دار الحديث، 1385 ش.
- الكتاب المقدس.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ/ 1983 م.
- النيشابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، د.م، د.ن، د.ت.
- الواقدي، محمد بن عمر، مغازي الواقدي، تحقيق: مارسدن جونس، بيروت، دار الأعلمي، ط 3، 1409 هـ/ 1989 م.
- اليعقوبي، أحمد بن إسحاق، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صادر، 1379 هـ/ 1960 م.
- سيد قطب، في ظلال القرآن، بيروت، د.ن، 1386 هـ/ 1976 م.
- شهيدي، جعفر، تاريخ تحليلي اسلام، طهران، نشر دانشگاهي، 1390 ش.
- مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، قم، مؤسسة دار الكتب الإسلامية، ط 4، 1428 هـ.