حديث علي مع الحق

حديث عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ، هي رواية تُشير إلى قول رسول الله (ص) أنَّ الإمام علي (ع) مع الحق والحق معه (ع)، حيث ورد مضمون هذا الحديث عن النبي (ص) بتعابير مختلفة وفي مناسبات متعددة، وقد اعتبرته بعض المصادر الشيعية والسنية من الأحاديث المتواترة. إلا أنَّ ابن تيمية نفى صدور هكذا أحاديث عن الرسول (ص) ولو بإسناد ضعيف.

حديث علي مع الحق

الموضوع	عصمة وخلافة الإمام علي (ع) بعد رسول الله (ص) وأفضليته على سائر الصحابة
القائل	النبي (ص)
رواة الحديث	عبد الله بن عباس، عائشة، عمار بن ياسر، أبو ذر الغفاري، سعد بن عبادة
اعتبار الحديث	متواتر
مصادر الشيعة	الكافي، الإرشاد، كفاية الاثر
مصادر السنة	سنن الترمذي، تاريخ بغداد، تاريخ مدينة دمشق، تذكرة الخواص، التفسير الكبير
أحاديث مشهورة
حديث الثقلين . حديث الكساء . حديث المنزلة . حديث سلسلة الذهب . حديث الولاية . حديث الاثني عشر خليفة . حديث مدينة العلم

احتج الإمام علي (ع) بهذا الحديث لإثبات أحقيته بالخلافة في المجلس الذي اجتمع فيه أعضاء الشورى الستة لتعيين الخليفة بعد وفاة عمر بن الخطاب. كما استدل بعض الصحابة وعلماء أهل السنة بهذا الحديث لإثبات احقية وصحة أفعال الإمام علي (ع).

إنَّ من نتائج هذا الحديث هي علو مرتبة الإمام علي (ع) على جميع الصحابة، وعصمته، ووجوب طاعته، وكذلك كفائته المطلقة في الإمامة والقيادة، والخلافة المباشرة بعد رسول الله (ص).

المحتوى والنص

يُعتبر حديث علي مع الحق من فضائل أمير المؤمنين (ع) حيث ورد ذلك في رواية عن رسول الله (ص) جاء فيها: «علي مع الحق والحق مع علي». وقد ورد هذا الحديث عن النبي (ص) بتعابير مختلفة وفي مناسبات متعددة. يذهب العلامة الحلي أنَّ الروايات التي وردت في هذا المعنى أكثر من أن تحصى.لقد تعددت الكتب التي نقلت هذا الحديث وبتعابير مختلفة، منها: كشف اليقين، وكشف الغمة، وبحار الأنوار، والغدير، وميزان الحكمة. ذكر السيد هاشم البحراني في كتابه غاية المرام، هذا الحديث وأحاديث مماثلة في بابين وفي 26 مورداً.

اعتبار الحديث

يرى البعض أنَّ هذه الأحاديث قطعية وثابتة ومتواترة ومورد اتفاق الفريقين. كذلك ذُكر أنَّ نصوص هذه الأحاديث لها أعلى درجات الاعتبار والتواتر والقطع ومورد قبول علماء الحديث عند الشيعة وأهل السنة. كما لم يعترض أحد من الرواة على سند هذا الحديث. اعتبر ابن أبي الحديد أنَّ سند الحديث صحيح وقطعي، كما توجد روايات تحمل نفس مضمون «علي مع الحق» في بعض الصحاح الستة وغيرها من مؤلفات أهل السنة التي تبلغ ما يقارب 130 مورداً.

ادعاء ابن تيمية

يرى ابن تيمية الحراني في كتابه منهاج السنة أنَّ هذا الحديث لم ينقله أحد عن النبي (ص) ولو بإسناد ضعيف. وعنّف العلامة الحلي لنقله هذا الحديث ووصفه بالكذاب. وقد ردّ محققون الشيعة على ادعاء ابن تيمية بالأحاديث التي نقلها صحابة رسول الله (ص). كما أنَّ العلامة الأميني في كتابه الغدير وبعد أن نقل كلام ابن تيمية، أورد العديد من الروايات التي نقلها كبار أهل السنة في كتبهم المعتبرة.

رواة الحديث

تم نقل حديث علي مع الحق من قبل الإمام علي (ع) و23 شخص من الصحابة منهم: أبو بكر بن أبي قحافة، وسعد بن عبادة، وأبو ذر الغفاري، والمقداد، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر، وأبو موسى الأشعري، وأبو أيوب الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وعائشة، وأم سلمة.

وقد ورد هذا الحديث في روايات أهل البيت (ع) نقلاً عن الإمام الصادق (ع) عن آبائه.

الاحتجاج به

احتج الإمام علي (ع) وغيره من الصحابة على حديث علي مع الحق في مواقف مختلفة، منها:

• في شورى الخلافة بعد عمر، احتج الإمام علي (ع) بهذا الحديث لإثبات أحقيته بالخلافة في المجلس الذي اجتمع فيه أعضاء الشورى الستة لتعيين الخليفة بعد وفاة عمر بن الخطاب، وناشدهم بالله تعالى أنَّ رسول الله (ص) قال هذا الحديث بحقه، فشهدوا بذلك.
• حرب الجمل، ذهب محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن بديل وأخوه محمد بعد حرب الجمل إلى عائشة وذكروها بالحديث الذي روتهُ أنَّ علي مع الحق. بعد معركة النهروان شهدت عائشة على صحة عمل الإمام علي (ع) بناءً على هذا الحديث.
• حرب صفين، واحتج أبو أيوب الأنصاري الذي يعد من صحابة النبي (ص) على المخالفين للإمام علي (ع) في معركة صفين بحضور عمار بن ياسر، حيث ذكر حديث النبي (ص) حينما أخبر عمار أنَّه تقتله الفئة الباغية وهو مع الحق والحق معه. وقد استدل سعد بن ابي وقاص ــ الذي لم يكن له ارتباط بالإمام (ع) ــ في قبال معاوية بن أبي سفيان بهذا الحديث.

بناءً على هذا الحديث فقد مدح أو شهد على صحة أفعال الإمام علي (ع) مجموعة من علماء السنة وهم أحمد بن حنبل، وابن أبي الحديد، وابن الجوزي، وسبط ابن الجوزي.

المستفاد منه

لقد استفاد علماء المسلمين من فقرات الحديث لإثبات:

علي (ع) معيار الحق والباطل

لقد تم تقديم الإمام علي (ع) على أنَّه معيار الحق والباطل وأنَّ الحق ملازم له لا يفارقه. وذهب البعض على وفق هذه الروايات، أنَّ بغض الإمام (ع) ومعارضته في أي موقف يُتعبر خروج عن الحق والدخول في الضلال. وذهب البعض وبناءً على هذه الأحاديث أنَّ الفرقة الناجية الوحيدة هي التي اتبعت الإمام علي (ع). يقول الفخر الرازي ــ وهو من مفسري أهل السنة ــ واستناداً على هذا الحديث أنَّ من اقتدى في دينه بعلي (ع) فقد اهتدى. وفي بقية هذه الرواية ذُكر أنَّ رسول الله (ص) قال لعمار بن ياسر: يا عمار إن رأيت علياً سلك وادياً، وسلك الناس كلهم وادياً فاسلك مع علي؛ فأنَّه لن يُدنيك من ردى، ولن يخرجك من هدى.

إمامة وخلافة الإمام علي (ع) بعد النبي (ص) بلا فصل‌

يعتقد علماء الشيعة أنَّ من نتائج أحاديث الحق مع علي (ع) هي علو مرتبة الإمام علي (ع) على جميع الصحابة، بما في ذلك كفائته المطلقة في الإمامة والقيادة والخلافة المباشرة بعد رسول الله (ص)، ولو لم يكن الإمام علي (ع) يتمتع بأعلى الدرجات العلمية والأخلاقية والسياسية، لم يكن المصداق الأمثل في حديث رسول الله (ص).

ذكر العلامة المجلسي أنَّ المعتزلة استدلوا بهذه الروايات في إثبات أفضلية الإمام علي (ع) على جميع الصحابة.

عصمة الإمام علي (ع)

يعتقد الشيخ المفيد إنَّ وصف الإمام علي (ع) بهذا الوصف من قبل رسول الله (ص) لا يجوز له أن يخطئ في الدين أو يشك في الأحكام الإلهية أو يرتكب الضلال‌. ويعتبر البعض هذا الحديث من دلائل عصمة الإمام علي (ع) حيث لم يذكر فيه شرط وقيد في مسألة الحق مع علي، بل جاء الأمر على نحو الأطلاق. فكانت سيرته وفعله مع الحق في جميع المجالات العلمية، والعملية، والشرعية، والعرفية، والاجتماعية، والأخلاقية؛ لذلك يستحيل على الإمام أن يرتكب أي خطأ أو معصية؛ لأنَّ ارتكاب المعصية والخطأ الواحد يؤدي إلى نقض أطلاق حديث رسول الله (ص) في أنَّ الحق دائماً مع علي (ع).

وجوب طاعة علي (ع) والمنع عن عداوته

بالاستناد على هذا الحديث يجب على الآخرين طاعة الإمام علي (ع) وبشكل مطلق. يعتبر البعض هذه الأحاديث تدل على نهاية الاعظام والأكرام وغاية الفضل والتقدم للإمام (ع)، وأنَّ أقل شيء يُفهم من هذه الأحاديث هو المنع من حربه ولعنه ومظاهرته بالعداوة.

حديث مماثل بحق الخليفة الثاني

نقل بعض أهل السنة حديثاً مشابهاً عن النبي (ص) بحق عمر بن الخطاب، حيث قال (ص): رَحِمَ اللَّه عمر، يقول الحق وإِنْ كان مُرا، تركهُ الحقُّ وما لهُ صديق.

وفي هذا الصدد يرى بعض المحققين أنَّ محتوى وسند حديث علي مع الحق يمنع إنكار أصله وتضعيفه؛ لذلك حاول أعداء الإمام (ع) جعل أحاديث وفضائل مماثلة لمنافسي الإمام علي (ع)، كما حاولوا أن يضيفوا عبارات إلى أحاديث فضائل الإمام تدلّ على فضل الحكام الذين سبقوا الإمام، لكي لا تبقى هذه الفضيلة منحصرة في الإمام علي (ع).