ليلة الجمعة، هي الليلة التي تمتاز على سائر اللّيالي سموّاً وشرفاً، وأنّ ليلة الجمعة ونهارها في الفضل سواء. سمّاها الله تعالى بالجمعة لجمعه الأولين والآخرين من الإنس والجن أجمعين، وأخذ الميثاق منهم له ولنبيه فيها، فجعلها عيداً للمسلمين، وفيها يعتق الله عباده من النار ويغفر لهم، وتُضاعف الأعمال فيها، والتي من أهمها: الصلاة، والصدقة، وقراءة القرآن، والدعاء، فهي ليلة رحمة وغفران، ونزول الخير والبركات من الله تعالى على عباده.
سبب تسميتها بالجمعة
عن الإمام الباقر أنه قال: سَمّى الله الجمعة جمعة، لأنّ الله جمع في ذلك اليوم الأولين والآخرين من الجن والإنس، وكل شيء في السماوات والأرضين، وفي الجنة والنار، فأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ولمحمد بالنبوة، وفي ذلك اليوم قال الله للسماوات والأرض: ﴿اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾[١]، فسمّى الله ذلك اليوم بــ (الجمعة).[٢]
فضل ليلة الجمعة على سائر الأيام والليالي
الجمعة سيد الأيام وعيداً للمسلمين، روي عن رسول الله « يوم الجمعة سيد الأيام وأعظم عند الله عزّ وجلّ من يوم الأضحى ويوم الفطر»[٣] ، « فإنّ الله اختار الجمعة، فجعل يومها عيداً، واختار ليلها، فجعلها مثلها. وليلة الجمعة أفضل الليالي ويومها أفضل الأيام، وليلة الجمعة ليلة غرّاء، ويوم الجمعة يوم أزهر».[٤]
ليلة الجمعة ليلة العتق من النار، فقد قيل: إنّ لله تعالى في كل يوم جمعة ست مائة ألف عتيق من النار. ويقول الله عزّوجلّ كل ليلة جمعة: ألا عبد مؤمن يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر، فأتوب عليه.[٥] وإن استحق قوم عقاباً، فصادفوا يوم الجمعة وليلتها، صرف عنهم ذلك.[٦]
ليلة الجمعة ليلة استجابة الدعاء، إنّ العبد المؤمن يسألُ الله الحاجة، فيؤخّر الله عزّ وجلّ قضاء حاجته التي سأل بها إلى يوم الجمعة.[٧] وأنّ من فضلها أن لايسأل الله عزّوجلّ يوم الجمعة حاجة إلا استجيب له.[٨]
أعمال ليلة الجمعة
- لكل يومٍ من الأيام أعمال، كما ورد ذلك في كتب الحديث، ولكن ما يُميّز يوم الجمعة وليلتها أنه يتضاعف العمل فيها، كما ورد عن الإمام الصادق «رجل يريد أن يعمل شيئاً من الخير، مثل الصدقة والصوم ونحو ذلك، قال: يستحب أن يكون ذلك في يوم الجمعة، والعمل فيه يُضاعف.»[٩]
- كما أنّ أعمال الخير تتضاعف في يوم الجمعة وليلها، كذلك الحال في الأعمال السيئة، كما ورد عن الإمام الصادق «اجتنبوا المعاصي ليلة الجمعة، فإنّ السيئة مضاعفة والحسنة مضاعفة، ومن ترك معصية الله ليلة الجمعة غفر الله له كل ما سلف فيه، وقيل له: استأنف العمل، ومن بارز الله ليلة الجمعة بمعصيته أخذه الله عزّوجلّ بكل ما عمل في عمره، وضاعف عليه العذاب بهذه المعصية، فإذا كان يوم الجمعة رفعت حيتان البحور رؤسها، ودوابّ البراري، ثمّ نادت بصوت ذلق: ربنا لا تعذبنا بذنوب الآدميين.»[١٠]
1-الصدقة، ورد في استحباب الصدقة يوم الجمعة وليلتها، فقد جاءَ عن الإمام الباقر أنّه قال: «الصدقة يوم الجمعة تُضاعف؛ لفضل يوم الجمعة على غيره من الأيام».[١١] وكذلك روي عن الإمام الصادق «عندما سأله سائل عشية الخميس فردّه، ثم التفت إلى جلسائه فقال: الصدقة یوم الجمعة تضاعف أضعافاً».[١٢]
2-قراءة القرآن، من الأعمال المهمة في ليلة الجمعة قراءة شيءٍ من القرآن، كما جاء في الروايات عن الإمام الصادق « إذا كان ليلة الجمعة، فاقرأ في المغرب سورة الجمعة و ﴿قل هو الله أحد﴾، وإذا كان في العشاء، فاقرأ سورة الجمعة و ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾».[١٣]
3-الصلاة المستحبة، هناك صلوات كثيرة في لية الجمعة، منها: ما هو لقضاء حاجة المؤمن، ومنها: للتوبة وغفران الذنب، ومنها: لتوسعة الرزق، ومنها لحفظ القرآن، وغيرها، كما ورد عن النبي الأكرم وأهل بيته « يَوْمُ الْجُمُعَةِ كُلُّهُ صَلَاةٌ ».[١٤] ومن الصلوات المذكورة «صلاة ركعتين تقرأ فاتحة الكتاب إلى ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ وتكرر ذلك مئة مرة وتتم الحمد، ثمّ تقرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ مائتي مرة في كل ركعة، ثمّ تسلم وتقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبعين مرة، وتسجد وتقول مائتي مرة يا رب يا رب يا رب، وتسأل حاجتك».[١٥]
4-الصلاة على النبي، من أهم أعمال ليلة الجمعة الصلاة على النبي وآله ، كما جاء في كتب الحديث، « أفضل الأعمال يوم الجمعة الصلاة على النبي بعد العصر، فتقول: صلوات الله وملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم وعلى أرواحهم وعلى أجسادهم ورحمة الله وبركاته، مائة مرة».[١٦]
5-قرائة الادعیة الماثورة کدعاالکمیل
مجريات الأحداث في يوم الجمعة
الجمعة كسائر الأيام تحمل أحداث ووقائع مهمة منذ بدء الخليقة وإلى يوم القيامة، ولكن لبركة وفضل يوم الجمعة وليلتها على سائر الأيام، فقد جرت فيها أحداث مهمة، وهي:
- ما جاءَ عن الإمام الرضا عن آبائه عن النبي قال: تقوم الساعة يوم الجمعة بين الظهر والعصر.[١٧]
- يوم الجمعة يوم خلق الله فيه آدم ، ويوم الجمعة أسكن الله فيه آدم الجنّة، ويوم أسجد الله ملائكته لآدم ، ويوم الجمعة جمع الله فيه لآدم حواء، ويوم الجمعة يوم غُفر ذنب آدم .
- يوم الجمعة يوم قال الله تعالى للنار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم، ويوم الجمعة يوم فدى الله فيه اسماعيل بذبح عظيم، ويوم الجمعة يوم استجيب فيه دعاء يعقوب، ويوم الجمعة يوم كشف الله فيه البلاء عن أيوب.
- يوم الجمعة يوم خلق الله فيه السماوات والأرض وما بينهما، ويوم الجمعة يوم يتخوف فيه الهول وشدة القيامة والفزع الأكبر، ويوم الجمعة ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا بر ولا بحر إلا وهنّ يشفعن من يوم الجمعة إلى أن تقوم فيه الساعة، وفيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم سأل الله شيئا إلا أعطاه.
- في يوم الجمعة ولادة النبي الأكرم ، وفي ليلة الجمعة ولادة أمير المؤمنين ، وفي يوم الجمعة شهادته أيضاً.[١٨][١٩]
الهوامش
- ↑ سورة فصلت: 11
- ↑ محمد الحائري، شجرة طوبى، ج 1، ص 20.
- ↑ محمد الريشهري، ميزان الحكمة، ج 2، ص 73.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 284 .
- ↑ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 421.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 284.
- ↑ الشهيد الثاني،رسائل الشهيد الثاني، ج 1، ص 289.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 284.
- ↑ المحدّث النوري، مستدرك الوسائل، ج 6، ص 106.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 284.
- ↑ محمد الريشهري، ميزان الحكمة، ج 2، ص 73.
- ↑ الحر العاملي/ وسائل الشيعة، ج 9، ص 403.
- ↑ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 6، ص 119.
- ↑ ابن طاووس، جمال الاسبوع بكمال العمل المشروع، ج 1، ص 157.
- ↑ ابن طاووس، جمال الاسبوع بكمال العمل المشروع، ج 1، ص 157 .
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 90 ، ص 91.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 89، ص 284.
- ↑ محمد الحائري، شجرة طوبى، ج1، ص20
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 86، ص 282.
المصادر والمراجع
- ابن طاوس، رضى الدين، جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع، قم-إيران، مؤسسة دار الرضي، ط 1، 1330 هـ.
- الحائري ـ محمد مهدي، شجرة طوبى، النجف، المطبعة الحيدرية، د.ت.
- الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم ـ إيران، الناشر: مؤسسة آل البيت ، 1409 ق.
- الریشهري، محمد، ميزان الحكمة، بيروت- لبنان، الناشر: دار الحديث، ط 6، 1433 هـ.
- الشهيد الثاني، زين الدين العاملي، رسائل الشهيد الثاني، قم -إيران، مكتب الإعلام الإسلامي التابع للحوزة العلمية، 1421 هـ.
- الصدوق، محمد، من لا يحضره الفقيه، قم- إيران، جامعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم، ط 2، د.ت.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت ـ لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، 1403 ق.
- المحدّث النوري، حسين، مستدرك الوسائل، قم-إيران، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، د.ت.