الإمامة
الإمامة في الدين الإسلامي عبارة عن منصب إلهي بعد النبي محمد ، وقد يطلق عليها أيضا مفردة " الخلافة " و " الوصاية " ، ويعتبر مبحث الإمامة من أهم المباحث التي يمكن أن تطرح في الدراسات والمصنّفات الإسلامية ، ولعل هذا راجع إلى ملامستها لقضية حفظ وصون الدين بعد النبي الأكرم محمد
، وتعتبر أيضاً من أكثر المواضيع الحساسة والتي بسببها سفكت دماء الآلاف من المسلمين عبر التاريخ الإسلامي، وبالأخص دماء الشيعة وأتباع أهل البيت
بسبب تمسكهم بإمامة أئمة أهل بيت النبي محمد
، ورفضهم إمامة لغيرهم .
وكذلك تعدّ الإمامة من أهم وأبرز المسائل التي وقع الخلاف فيها بين الشيعة و السنّة ، والخلاف حقيقة وقع بسبب تشخيص شخص الإمام أو الخليفة بعد رسول الله محمد ، وتعيين بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في الإمام المختار .
- فقالت الشيعة بأنّ الإمام بعد النبي الأكرم
هو الإمام علي بن أبي طالب
ومن بعده الأئمة الإحدى عشر من ولده ، وأنّ الإمام يجب أن يتم اختياره من قِبَل المولى تعالى ، ولابد من أن يكون معصومًا ، ويكون أفضل الخلق بعد رسول الله محمد
، ولأجل هذا فلابد من وجوب طاعته من قِبَل الأمّة كلّها .
- بينما اتّفق عموم أهل السنّة والجماعة في أنّ الخليفة أو الإمام بعد النبي محمد
هو أبو بكر بن أبي قحافة ، ومن بعده عمر بن الخطاب ثمّ عثمان بن عفان وأخيرا الإمام علي بن أبي طالب
، ومن بعد الإمام علي ، وقع الخلاف بينهم في من تلى هؤلاء ، وفي ما يتعلق بتنصيب وتعيين الإمام أو الخليفة انقسموا إلى فرق متعدّدة :
فمنهم من قال : تختاره النّاس ، ومنهم من قال: يختاره وجهاء وسادة الأقوام ، ومنهم من قال: يُنَصَّبُ الإمام أو الخليفة ولو بالغلبة والسيف ، بمعنى أنّه متى ما خرج فرد على النّاس بالسيف ونصّب نفسه على النّاس بالقوة والغلبة فهو الإمام و الخليفة ويجب على الأمّة حينئذ طاعته ، واتفقوا أيضا على عدم شرطية العصمة في الإمام أو الخليفة ، فقالوا يمكن أن يرتكب الإمام المعصية بل حتى الكبيرة ، بل ذهب بعضهم إلى القول بأنّه مهما فعل الإمام أو الخليفة من معاصي وكبائر وظلم لا يضر ذلك بإمامته ويبقى وجوب طاعته قائم .
محتويات
تعريف الإمامة
لغة
الإمامة مصدر ٌ، يفيد معنى التَّقَدُم على القوم، أي عندما يتقدم فرد على قومه بحيث يكون القائد والمرشد لهم، يسمى هذا التقدم والإرشاد بالإمامة، ويطلق على هذا الفرد المتقدم الإمام الذي هو اسم مصدر، والإمام لفظ يطلق على كل من ائتُمّ به قوم سواء كانوا على الصراط المستقيم أو في طريق الضلالة.[1]
وعليه فالإمامة في اللّغة العربية تفيد معنى الرئاسة والقيادة التي هي تَقَدُم القَومِ، والإمام هو كل من ائتُمّ به من رئيس وغيره، وجمعها أئمة كما أشار المولى تعالى في قوله: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْر﴾ ، وقيل أصلها " أَأْمِمَةٌ " على وزن أفْعِلة ، فأدغمت الميمين ونقلت حركت الميم الأولى لما قبلها ، وبعضهم قرأها " أَيمّة " فقلب الهمزة الثانية إلى ياء.[2]
اصطلاحاً
وقع الخلاف في تعريف الإمامة بين المسلمين من جهة دائرتها تبعا لاختلافهم في شخص الإمام بعد النبي محمد، إلاّ أنّهم تقاربوا في معناها أو مفهومها بشكل عام :
عند الشيعة
- فعرّفها العلاّمة الحلّي بكونها: «رئاسة عامة في الدين والدنيا لشخص من الأشخاص».[3]
- وعرّفها القاضي نور الله المرعشي التستري بأنّها: «منصب إلهي حائز لجميع الشئون الكريمة والفضائل ، إلاّ النبوة وما يلازم تلك المرتبة السامية».[4]
عند السنّة
- بينما نجد القاضي عبد الرحمان الإيجي عرّفها بكونها: «خلافة الرسول في اقامة الدين بحيث يجب طاعته على كافة الأمّة».[5]
- وعرّفها ابن خلدون بأنّها: «خلافة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا».[6]
أهمية الإمام
في القرآن
في االروايات
الإمامة في المذاهب الإسلامية
لقد اختلفت المذاهب الإسلامية في تعيين وتشخيص الإمام أو الخليفة بعد رسول الله محمد اختلافا كبيرا ، فانقسموا الى ثلاثة فرق :
الأولى : وهم الشيعة الذين حصروا الإمامة والخلافة بعد النبي محمد
في أهل بيت الرسول الأكرم
.
الثانية : وهم أهل السنّة الذين ذهبوا في غالبيتهم الكبرى إلى القول بأنّ الخليفة أو الإمام بعد النبي محمد
يكون من عموم النّاس
الثالثة : هم أيضا من أهل السنّة ، وبالتحديد هم الخوارج الذين ذهبوا للقول بأنه لا يجب أن يكون هناك خليفة أو إمام بعد الرسول الأكرم محمد
، وان كانت هناك حاجة
الشيعة
الإمامية
الزيدية
الإسماعلية
السنة
الأشاعرة
هم يقولون بوجوب الإمامة، لكنهم لعدم تبنيهم الحسن والقبح العقليين واعتقادهم بعدم وجوب شيء علي الله، يرونها واجبا علي الناس ويقولون إن وجوبها نقلي وهو علي أساس الروايات ولا العقل. ويقول القاضي عضد الدين الإيجي بأنه: نصب الإمام واجب نقلا عند الأشاعرة [۴۴] وهذا الحكم هو بسبب أن الله جعله واجبا و ليس بسبب فهم عقولنا له.[7]
المعتزلة
الماتريدية
الأباضية
هؤلاء جعلوا الإمامة واجبة علي الناس. بعض من المعتزله، جعلوا وجوب الإمامة وجوبا عقليا والبعض الآخر جعلوه وجوبا نقليا. [8]
الوهابية السلفية
وجوب وضرورة وجود إمام
من كتب الشيعة
من كتب السنّة
مفهوم الإمام في القرآن
استعملت لفظة الإمام في كل فرد يؤتمُّ به ويصلح أن يكون مرجع يعود إليه النّاس في مايحتاجون، فأطلقت هذه اللّفظة على إمام الصلاة، والفقيه الذي ترجع له النّاس في أمور دينهم، والقائد السياسي الذي تعود له النّاس في ما يخص شؤونهم الدنيوية العامة.
ولكن المقصود بلفظة الإمام في هذا العنوان ، هو الفرد الذي ينوب رسول الله محمد في الأمور السياسية و الدينية ، وكما يطلق على هذا الفرد لفظة " الإمام " أي من تأتمّ به وتعود إليه النّاس في كل أمورهم السياسية و الدينية ، كذالك يسمى " بالخليفة " أي خليفة رسول الله
، أو " الوصي " لأنّه من أُوصِيت له مهمّة حفظ الدين و الولاية على النّاس ، أو " الحُجَّة " لأنّه حجّة الله على خلقه ، أو " الولي " بلحاظ امتلاكه الولاية العامة لرعاية الأمّة وصون الدين بعد الرسول الأكرم
.
عند العودة إلى القرآن الكريم ومحاولة استقراء الآيات التي وردت فيها لفظة " الإمام " ، نجدأنها قد ذكرت في القرآن الكريم اثنى عشرة مرّة ، سبعة بصيغة المفرد وخمسة بصيغة الجمع .
وقد أشار بعض الشيعة إلى أنّ ورود لفظة " الإمام " في القرآن الكريم بهذا العدد ، قد تكون اشارة من المولى تعالى إلى أنّ الأئمة بعد النبي محمد هم اثنى عشر كما هو قول الشيعة ، وخاصة إذا سلّمنا بأنّ القائل هو الحكيم الخبير العليم .
موارد ذكر لفظة " الإمام " في القرآن الكريم :
صيغ المفرد :
- المورد الأول: ﴿وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾.[9]
- المورد الثاني: ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾.[10]
- المورد الثالث: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾.[11]
- المورد الرابع: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾.[12]
- المورد الخامس: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.[13]
- المورد السادس: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾.[14]
- المورد السابع: ﴿مِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾.[15]
صيغ الجمع :
- المورد الأول: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾.[16]سورة التوبة آية (12)
- المورد الثاني: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾.[17]
- المورد الثالث: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.[18]
- المورد الرابع: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ﴾.[19]
- المورد الخامس: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾.[20]
مفهمو الإمام في الآيات المذكورة
أولا : أنّه ومع تتبع المراد من لفظة الإمام في الآيات المذكورة، سيُلحظ أنّها أطلقت وأريد أو قُصِد بها:
- أئمة الصلاح: كما في الآية (124) من سورة البقرة، والآية (73) من سورة الأنبياء، في سورة الفرقان آية (74)، والقصص آية (5)، و السجدة آية (24)
- أئمة الكفر والضلال: كم في سورة التوبة آية (12)، وسورة القصص آية (41)
- أئمة الصلاح والكفر معا: سورة الإسراء آية (71)
- اللوح المحفوظ[21]: كما حال الآية (12) من سورة يس
- الكتاب (التوراة)[22]: كما في الآية (12) من سورة الأحقاف ، والآية 17 من سورة هود
- الطريق والسبيل[23]: كما في الآية (78) من سورة الحجر.
ثانيا : أنّه ومع ملاحظة المصاديق الخمسة التي قُصِدَت بلفظة " الإمام " في الآيات السابقة، سيلحظ أنّها تشترك كلّها في حيثية واحدة مهمّة وهي المرجعية، بمعنى أنّ المولى تعالى أطلق لفظة الإمام في القرآن الكريم على من يصلح أن يكون مرجع ترجع له النّاس بغض النظر عن كونه مرجعية صالحة أو فاسدة، إيجابية أم سلبية.
فالمولى تعالى استعمل لفظة الإمام في القيادة الصالحة التي يرجع لها المؤمنون ، وكذالك القيادة الكافرة التي يعود إليها الكافرون ، وأيضا استعملها في اللوح المحفوظ الذي تكتب فيه أعمال الناس ليعودوا إليها في يوم الحساب ، وكذالك في الكتاب (التوراة) التي يرجع لها بنو اسرائيل في نظم حياتهم الإجتماعية والفردية ، واستعملها أخيرا في الطريق والسبيل البيّن الذي يُفْتَرض بالنّاس العودة إليه بعد ومسيرهم في طُرُق الضلالة .
وعليه ، فالقرآن الكريم وبلحاظ أنّه قد استَعْمَل لفظة الإمام في المعاني التي تشتمل على حيثية المرجعية ، فلابد من أخذ هذه الحيثية في مفهوم الإمام ، الذي يُبْحث عنه في المقام ، فالإمام وحسب ما تشير إليه الآيات القرآنية هو كل ما يصلح أن يكون مرجعًا تَرْجَع إليه النّاس .
مفهوم الإمام في الروايات
لقد ورد معنى لفظة الإمام في الروايات بألفاظ كثيرة جدّاً سواء في كتب الشيعة أو السنّة، منها " الإمام، والولي، والوصي، والخليفة، والحجّة "، منها:
عند الشيعة
نقل العلامة المجلسي في كتابه مرآة العقول حديثاً صحيحاً :
عن محمد بن يحي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن اسحاق بن غالب ، عن أبي عبد الله في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة وصفاتهم ، [حيث قال] :
إنّ الله عزّ وجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه ، وفتح بهم عن باطن ينابع علمه ، فمن عرف من أمّة محمد
واجبَ حقّ إمامه ، وجد طعم حلاوة إيمانه ، وعلم فضل طلاوة إسلامه ، لأنّ الله تبارك وتعالى نصب الإمام علمًا لخلقه ، وجعله حجّةً على أهل موادِّهِ وعالمه ، وألبيه الله تاج الوقار ، وخشّاه من نُور الجبّار ، يمدُّ بسببٍ إلى السماء لا ينقطع عنه موادّه ، ولا يَنال ما عند الله إلاّ بجهة أسبابه ، ولا يقبَل الله أعمال العباد إلاّ بمعرفته ، فهو عالم بما يَرِدُ عليه من مُلْتَبِسَات الدُّجى ، ومَعْمِيَات السُّنَن ، ومُشَبِّهَات الفتن ، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من وِلْدِ الحُسين
من عقب كل إمام ، يسطفيهم لذلك ، ويجتبيهم ويرضى بهم لخلقه ، ويرتضيهم كلّما مضى منهم إمام ، نَصَبَ لخلقه من عقبه إمامًا عَلَمًا بيّنًا ، وهاديًا نيّرًا ، وإمامًا قيّمًا ، وحُجّةً عالمًا ، أئمة من الله يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، حُجَج الله ، ودُعاته ورُعاته على خلقه ، يدينُ بهديهم العباد ، وتستهلُّ بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التِّلاَد ، جعلهم الله حياةً للأنَامِ ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذالك فيهم مقادير الله على مَحْتُومِهَا .
فالإمام هو المُنتجب المُرتضى ، والهادي المُنتجى ، والقائم المُرتجى ، اصطفاه الله لذلك ، واصطنعه على عينه في الذَّرِ حين ذَرَأَه ، وفي البَرِيَةِ حين بَرَأَهُ ظِلاً ، قَبْل خَلقِ نسمة عن يمين عرشه محبوًّا بالحكمة في علم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره بقيَّةً من آدم ، وخِيرَةً من ذُرِيَّة نوح
، ومصطفى من آل ابراهيم
، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عِتْرَة محمد
، لم يزَل مَرْعِيًا بعين لله ، يحفظه ويَكْلَؤه بستره ، مطرودًا عنه حبائل ابليس وجنوده ، مدفوعًا عنه وُقوبَ الغَوَاسِق ونفُوث كل فاسق ، مصروفًا عنه قَوَارِف السوء مُبرّأ من العاهات ، محجوبًا عن الآفات ، معصومًا من الزلّات ، مصونًا عنِ الفواحش كلِّها ، معروفًا بالحِلم والبرِّ في يفَاعه ، منسوبًا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مُسْنَدًا إليه أمر والده ، صامتًا عن المنطق في حياته .
فإذا انقضت مدّةَ والده ، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مَشِيئته ، وجاءت الارادة من الله فيه إلى محبّته ، وبلغ منتهى مدّة والده ، فمضى وصار أمرُ الله إليه من بعده ، وقلَّدَهُ دينه ، وجعله الحُجَّة على عباده ، وقَيِّمِهِ في بلاده ، وأيَّده بروحه ، وآتَاه علمه ، وأنْبَأَه فَصْلَ بيانه ، واستودعه سرّه ، وانتدَبَه لعظيم أمره ، وأنبأَه فضل بيان علمه ، ونَصّبَه علَمًا لخلقه ، وجعله حُجَّة على أهل عالمه ، وضياء لأهل دينه ، والقيّم على عباده ، رضي الله به إمامًا لهم ، استودعه سرّه ، واستحفظه علمه واستَخْبَأَه حكمته ، واسترعاه لدينه ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده ، وقام بالعدل عند تحَيُّر أهل الجهل ، وتَحْيِير أهل الجدل ، بالنور الساطع والشفاء النافع ، بالحقّ الأَبلَج والبيان اللائح ، من كل مخرج على طريق المنهج الذي مضى عليه السابقون من أبائه ، فليس يجهل حقّ هذا العالم إلاّ شقيّ ، ولايجحده إلاّ غوِيّ ، ولا يصدّ عنه إلاّ جرِيّ على الله جلّ وعلا.[24] .
عند السنّة
من هو الإمام بعد النبي
عند الشيعة
أدلّتهم
عند السنّة
أدلّتهم
الهوامش
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج 12، ص 24 مادة أمم
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج 12، ص 24 مادة أمم
- ↑ العلامة الحلي، مناهج اليقين في أصول الدين، ص 439 المنهج الثامن في الإمامة المبحث الأول.
- ↑ التستري، احقاق الحقّ وازهاق الباطل، ج 2، ص 300، هامش رقم 1.
- ↑ الإيجي، المواقف، ص 395 ، المرصد الرابع في الإمامة، المقصد الأول.
- ↑ ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، ج 1 ص 366، فصل 25 اختلاف الأمة في حكم المنصب وشروطه.
- ↑ الإيجي، شرح المواقف، ج 8، ص 345.
- ↑ الطوسي، قواعدالعقائد، ص 110؛ التفتازاني، شرح المقاصد، ج 5، ص 235؛ الطوسي، تلخيص المحصل، ص 406؛ العلامة الحلي، كشف المراد، ص 290؛ الإيجي، شرح المواقف، ج 8، ص 345.
- ↑ البقرة: 124.
- ↑ هود: 17.
- ↑ الحجر: 78 ــ 79.
- ↑ الإسراء: 71.
- ↑ الفرقان: 74.
- ↑ يس: 12.
- ↑ الأحقاف: 12.
- ↑ التوبة: 12.
- ↑ الأنبياء: 73.
- ↑ القصص: 4.
- ↑ القصص، 41.
- ↑ السجدة: 24.
- ↑ الزمخشري، تفسير الزمخشري، ص 891 سورة يس آية 12؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير، ج 6، ص 568 سورة يس آية 12.
- ↑ الزمخشري، تفسير الزمخشري، ص 1012، تفسير سورة الأحقاف آية 12؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير، ج 7، ص 279، تفسير سورة الأحقاف آية 12.
- ↑ الزمخشري، تفسير الزمخشري، ص 564، تفسير سورة الحجر آية 79؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير، ج 4، ص 544 سورة الحجر آية 79.
- ↑ مرآة العقول، العلامة المجلسي، ج 1 ص 496-497 رقم الحديث 523 ، كتاب الحجّة ، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته ، الحديث الثاني .
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، ج 1 ص 366، فصل 25 اختلاف الأمة في حكم المنصب وشروطه.
- الإيجي، المواقف، ص 395 ، المرصد الرابع في الإمامة، المقصد الأول.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط 2، د.ت.
- التستري، نور الله، إحقاق الحق وإزهاق الباطل، قم، مكتبة أية الله العظمى المرعشي النجفي، ط 1، د.ت.
- التفتازاني، شرح المقاصد، ج 5، ص 235؛
- الزمخشري، تفسير الزمخشري، ص 891 سورة يس آية 12؛ ابن كثير، تفسير ابن كثير، ج 6، ص 568 سورة يس آية 12.
- الطوسي، نصير الدين محمدبن محمد، تلخيص المحصل، بيروت، دار الأضواء، ط 2، 1405 هـ.
- الطوسي، نصير الدين محمدبن محمد، قواعد العقائد، تحقیق: علي الرباني الکلبایکاني، د.م، د.ن، د.ت.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر، مناهج اليقين في أصول الدين، طهران، دار الأسوة، ط 1، 1415 هـ.
- العلامة الحلي، كشف المراد، ص 290؛
- مرآة العقول، العلامة المجلسي، ج 1 ص 496-497 رقم الحديث 523 ، كتاب الحجّة ، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته ، الحديث الثاني
|
|
|
ِِّّّّ ِِّّّّ