السيدة زينب بنت علي عليها السلام

من ويكي شيعة
(بالتحويل من زينب الكبرى)
السيدة زينب بنت علي عليها السلام
حرم السيدة زينب في دمشق
حرم السيدة زينب في دمشق
تاريخ الميلادالسنة الخامسة أو السادسة للهجرة
تاريخ الوفاة15 رجب سنة 62 هـ.
مكان الميلادالمدينة المنورة
مكان الدفندمشق
الألقابعقيلة بني هاشم - أم المصائب
الأبالإمام علي (ع)
الأمفاطمة الزهراء (ع)
الزوجعبد الله بن جعفر
العباس بن علي(ع) · زينب الكبرى · علي الأكبر · فاطمة المعصومة . السيدة نفيسة · السيد محمد · عبد العظيم الحسني · أحمد بن موسى · موسى المبرقع


السيدة زينب بنت علي عليها السلام، أبوها أمير المؤمنين عليه السلام، وأمّها فاطمة الزهراءعليها السلام. بحسب بعض الروايات إنّ جدّها رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم سمّاها زينب، وذكر أنها كانت تعلّم النساء تفسير القرآن وذلك في فترة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة. شاركت أخاها الحسينعليه السلام في واقعة الطف، وكان لها دور بارز في أحداثها، وقد سيقت هي وسائر الأرامل والأيتام بعد العاشر من المحرم سبايا إلى الكوفة حيث ألقت خطبتها الشهيرة هناك، ومن ثم سيقت إلى الشام، فألقت خطبة أخرى في الشام أيضاً، وبحسب المحللين كان لخطبتها دورٌ كبير في بقاء الثّورة الحسينيّة وتحقّق أهدافها وفضح السلطة الأموية. وقد لُقّبت بأم المصائب لما رأت من مصائب في حياتها.

توفّيت سنة 62 للهجرة، ودفنت في مدينة دمشق. وهناك رأيان آخران: أحدهما أنها توفّيت في القاهرة، ودفنت هناك سنة 64 للهجرة. والآخر يرى أنها دُفنت في مقبرة البقيع بالمدينة.

سيرتها الذاتية

هي زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه السلام، أمّها السيدة فاطمة الزهراءعليها السلام.[١]

وفي معنى كلمة زينب أقوال، أهمها: اسم شجر حَسَنُ المَنْظَر، طَيِّبُ الرائحة.[٢] وقد ورد أيضا أن أصلها زين أب.[٣]

ورد في بعض المصادر المعاصرة أنه لمّا ولدت جاءت بها أمّها الزهراءعليها السلام إلى أمير المؤمنينعليه السلام، وقالت له: سمّ هذه المولودة، فقال ما كنت لأسبق رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم وكان في سفر له، ولمّا جاء النبيصلی الله عليه وآله وسلم سأله أمير المؤمنين أن یسمّیها، فقال: ما كنت لأسبق ربّي، فهبط جبرائيل يقرأ على النبي السلام من الله الجليل، وقال له: سمّ هذه المولودة (زينب)؛ فقد اختار الله لها هذا الاسم.[٤]

ألقابها

لقّبت السيدة زينبعليها السلام بعدّة ألقاب تكشف عن عظيم شخصيتها، منها: عقيلة بني هاشم، والعالمة غير المعلَّمة، والعارفة، والموثّقة، والفاضلة، والكاملة، وعابدة آل علي، والمعصومة الصغرى، وأمينة اللّه، ونائبة الزهراء، ونائبة الحسين، وعقيلة النساء، وشريكة الشهداء، والبليغة، والفصيحة، وشريكة الحسين[٥] وأم المصائب.[٦]

وتكنّى بأم كلثوم.[٧]

ولادتها ووفاتها

ولدت السيدة زينبعليها السلام في المدينة المنورة في 5 جمادى الأولى، سنة 5 أو 6 من الهجرة النبوية،[٨] وتوفيت (ع) يوم الأحد 15 رجب سنة 62 هـ،[٩] وفي خبر آخر يوم 14 رجب.[١٠]

زوجها وأولادها

لمّا بَلَغت السيدة زينب الكبرىعليها السلام مَبلَغ النساء، خطَبَها ـ فيمَن خطَبَها ـ ابنُ عمّها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وكان الإمام أمير المؤمنينعليه السلام يَرغَبُ أن يزوّج بناته من أبناء عُمومتهنّ أولاد عقيل وأولاد جعفر، ولعلّ السبب في ذلك هو كلام رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم ـ حينَ نظر إلى أولاد الإمام عليعليه السلام وأولاد جعفر بن أبي طالب ـ فقال: «بَناتُنا لبَنينا، وبَنونا لبَناتنا». وحصلت الموافقة على الزواج.

وأنجبت زينبعليها السلام علياً، وعوناً، وعباساً، ومحمداً، وبنتاً اسمها أمّ كلثوم.[١١]

خصالها، فضائلها ومناقبها

علمها

يشهد بعلم زينب وبتبحرها في آيات القرآن الكريم خطبها وكلماتها في الكوفة وفي مجلس عبيد الله بن زياد وفي قصر يزيد بن معاوية في الشام، مضافاً إلى الأحاديث التي روتها عن أبيها أمير المؤمنين عليه السلام وأمّها فاطمة الزهراء (ع).[١٢] وكانت (عليها السلام) تعقد مجالس التفسير وبيان معاني القرآن للنساء في الكوفة إبّان حكم أبيها.[١٣]

روى عنها الحديث كل من عبدالله بن عباس، ومحمد بن عمرو، وعطاء بن السائب وفاطمة بنت الحسين وغيرهم.[١٤] وروت هي عن المعصومين (ع) وفي موضوعات مختلفة منها: منزلة ومكانة الشيعة ومحبي آل محمد، قضية فدك، حقوق الجار، البعثة وغيرها.

عبادتها

كانت تقضي عامّة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن، فكانت زينب من عابدات نساء المسلمين ولقبت بعابدة آل محمد،[١٥] فلم تترك نافلة من النوافل الیومیة إلّا أتت بها، ويقول بعض الرواة: إنها صلّت النوافل في أقسى ليلة وأمرّها، وهي ليلة الحادي عشر من محرم. وقالت فاطمة بنت الحسين (ع) وأمّا عمتي زينب فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة في محرابها، تستغيث إلى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنّة.[١٦]

عفافها

وردت فی بعض المصادر التي تعرضت لحياة السيدة زينب عليها السلام نماذج من عفافها وحجابها، فكانت إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدّها رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم خرج معها أبوها الإمام أمير المؤمنين (ع) وأخواها الحسنان، الحسن (عليه السلام) عن يمينها والحسين (عليه السلام) عن شمالها، ويبادر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى إخماد ضوء القناديل التي على المرقد المعظّم، فسأله الإمام الحسن عليه السلام عن ذلك، فقال له: «أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك الحوراء».[١٧]

وحدّث يحيى المازني قال: «كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) في المدينة مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً».[١٨]

صبرها واستقامتها

كانت عليه السلام المثال الأوحد في الصبر والاستقامة، قابلت ما عانته من الكوارث المذهلة والخطوب السود بصبر يذهل كل كائن حي، حتى أنها حينما وقفت على جسد أخيها الحسين عليه السلام في تلك الظروف العصيبة والمواقف المؤلمة بسطت يديها تحت بدنه المقدس، ورفعته نحو السماء، وقالت: «إلهي تقبَّل منَّا هذا القربان».[١٩] وصمدت السيدة زينب (ع) أمام تلك العاصفة الهوجاء والمصيبة الكبرى رغم مظلوميتها وغربتها فكانت حقاً «الراضية بالقدر والقضاء».[٢٠]

وكان لها الدور البارز في نجاة الإمام السجّاد عليه السلام وتخليصه من الموت المحدق به في أكثر من مرّة، منها: لمّا هجم عسكر الكوفة على الإمام زين العابدين (ع)، وكان مريضاً قد أنهكته العلة، فأراد شمر بن ذي الجوشن قتله، إلاّ أنّ العقيلة سارعت نحوه، فتعلّقت به، وقالت: لا يقتل حتى اُقتل دونه.[٢١]

وحينما ردّ الإمام السجّاد عليه السلام على ابن زياد في مجلسه استشاط غضباً، وقال: «ولك جرأة على جوابي وفيك بقية للرد عليّ؟! اذهبوا به، فاضربوا عنقه».

فتعلقت به زينب عليها السلام، وقالت: «يا بن زياد! حسبك من دمائنا». واعتنقته، وقالت: «والله لا أفارقه، فإن قتلته فاقتلني معه».[٢٢]

فصاحتها وبلاغتها

بلغت السيدة زينب عليها السلام الذروة في الفصاحة والبلاغة، حتى وصف البعض ممن سمعها تخطب في الكوفة مدى الأثر البالغ الذي أحدثته العقيلة في خطابها، حينما قال: «لم أر - والله - خفرة أنطق منها، كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (ع)».[٢٣] وكانت فصاحتها وبلاغتها في مجلس عبيد الله في الكوفة ومجلس يزيد في الشام كفصاحة أبيها أمير المؤمنين (ع) وبلاغة أمّها في خطبتها الفدكية.[٢٤]

وقال من شهد خطبتها ومدى تأثر الناس بها: «فو الله لقد رأيت الناس- يومئذ- حَيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلّت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأمي!! كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى».[٢٥]

زينب (ع) في واقعة عاشوراء

شاركت السيدة زينب أخاها الحسين(ع) في حركته، وحضرت في واقعة عاشوراء، وبعد استشهاد الإمام الحسين وأصحابه سبيت مع سائر الأسرى، وسيق إلى الشام.

في ليلة عاشوراء

روى الشيخ المفيد عن الإمام السجاد(ع): إني لَجالسٌ في تلكَ العشيّة التي قُتِلَ أبي في صبيحتِها، وعندي عمّتي زينب تمرّضني، إِذِ اعتزلَ أبي في خباءٍ له.. يقولُ :

يَادَهرُ أُفٍّ لَكَ مِن خَليلٍكَم لكَ بالإشراقِ والأصِيلِ
مِن صاحِبٍ أو طالِبٍ قَتيلِوالدَّهرُ لا يَقنَعُ بالبَديل
وانّما الأمرُ إلى الجَليلِوكلُّ حَيٍّ سالِكٌ سَبيلِي

... وأمّا عمّتي فإنهّا سَمِعَتْ ماسَمِعْتُ وهيَ امرأةٌ ومن شاْنِ النساءِ الرّقّةُ والجَزعُ، فلم تَملِكْ نفسَها أنْ وَثَبَتْ تجرُّ ثوبَها وأنّها لَحاسرة، حتّى انتهت إِليه فقالت: وا ثكلاه! ليتَ الموتَ أعدمَني الحياةَ، اليومَ ماتَت أُمّي فاطمة وأبي عليّ وأخي الحسن، يا خليفةَ الماضِي وثِمالَ الباقي. فنظرَ إِليها الحسينُ فقالَ لها: يا أُخيَّةُ لا يذهبَنََ حلمَكِ الشّيطانُ، وتَرَقرَقَت عيناه بالدموع وقال: لو تُرِكَ القَطَا لَنامَ، فقالتْ : يا ويلتاه! أفتُغتصبُ نفسُكَ اغتصاباً؟! فذاكَ أقرَحُ لِقَلبي وأشدَّ على نفسي. ثمّ لطمتْ وجهَها وهَوَت إلى جيبِها، فشقّته وخرّت مغشيّاً عليها.

فقام إِليها الحسين، فصبّ على وجهها الماء، وقال لها: يا أُختاه! اتّقي الله، وتعَزَّي بعزاءِ اللّه،... ثمّ جاءَ بها حتّى أجلسَها عنديّ.[٢٦]

في يوم عاشوراء

في عصر العاشر من المحرم أمر شمر بن ذي الجوشن أن یرموا الحسین(ع)، فرشقوه بالسهام، فخرجت زینب (ع) من باب الخيمة نحو الميدان، ثم وجّهت كلامها إلى عمر بن سعد، وقالت: «يا بن سعد! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟!» فلم يجبها عمر بشيء.[٢٧]

ولما انتهت إلى جسد أخيها المضرّج بالدماء بسطت يديها تحت بدنه المقدس، ورفعته نحو السماء، وقالت: «إلهي تقبَّل منَّا هذا القربان».[٢٨] وروي أنها جلست بالقرب من جسد أخيها توجهت نحو المدينة المنورة، وندبت قائلة: «وا محمّداه! بَناتُكَ سَبايا وذرّيتُك مُقَتّلة، تَسفي عليهم رِيحُ الصّبا، وهذا حسينٌ محزوزُ الرأسِ مِن القَفا، مَسلوبُ العمامةِ والرِّداء...».[٢٩] فأبكت كلّ عدو وصديق.[٣٠]

السيدة زينب (س) في الكوفة

لما وضعت الحرب أوزارها سيق من بقي من النساء والأطفال والعيال أسارى إلى الكوفة وهم في حالة يرزى لها، وما إن وصلوا إلى الكوفة حتى خطبت السيدة زينب عليها السلام في أهل الكوفة خطبة عظيمة وصفها بشير بن خُزيم الأسدي بقوله: «ونظرت إلى زينب بنت علي (ع) يومئذ، ولم أر خفرة - والله - أنطق منها كأنها تفرع من لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس».[٣١]، ثم قالت: «الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة...».

قال بشير: «فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، وضج الناس بالبكاء والنوح، ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤسهن، وخمشن وجوههن، وضربن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال، ونتفوا لحاهم، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم».

جاء في خطبة السيدة زينبعليها السلام في خطابها ليزيد:


ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك، واستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى والصدور حرى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء. وهذه الأيدي تَنْطِفُ من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفرها أمهات الفراعل. ولئن اتخذتنا مغنما لتجدننا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد.



موسوعة العوالم، ص 462.

فلما خشي ابن زياد وقوع الثورة وانقلاب الناس عليه أمر بإدخال السبايا إلى قصر الإمارة.[٣٢]

فأدخلت السيدة زينب عليها السلام وسائر الأسرى إلى دار الإمارة إلا أنها (ع) لم تسكت، بل واجهت ابن زياد وهو في مجلس بكلام أدحض حجته وبيّن سفه رأيه.[٣٣]

وكان لكلام كل من السيدة زينب عليها السلام والامام السجّاد عليه السلام وأمّ كلثوم وفاطمة بنت الحسين في الكوفة وفي دار الإمارة، بالإضافة إلى اعتراض كل من عبد الله بن عفيف الأزدي وزيد بن أرقم، الأثر الكبير في تغيير الرأي العام وندم الكوفيين على ما اقترفوه مما جعلهم يفكرون في الثأر للشهداء والانتقام من قتلتهم، وبهذا تشكلت النواة الأولى للمعارضة، وتمهدت الأرضية لثورة المختار والالتفاف حول حركته.

مع قافلة الأسارى إلى الشام

سارع عبيد الله بن زياد بالكتابة إلى يزيد بن معاوية في الشام يعلمه بمصرع الإمام الشهيد (ع) ووصول سباياه ورؤوس القتلى إلى الكوفة، فأجابه يزيد بالإسراع في إيفاد الأسرى من السبايا مع الرؤوس إليه، فبادر ابن زياد بإرسال ركب الأسرى والسبايا والرؤوس إلى الشام.

فبعث الرؤوس مع زجر بن قيس، وأرسل السبايا أثر الرؤوس مع مخفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن.[٣٤]

وكان معاوية قد رسّخ جذور الحكم الأموي في الشام، وكانت الأمور متسقة أمام يزيد بن معاوية بسبب الماكنة الإعلامية القوية التي سخّرها آل أبي سفيان لتضليل الجماهير وإظهار الأمويين بمظهر الوريث الشرعي للنبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم, فكان الوضع السياسي والأمني مطمئنا لا يشوبه ما يكدر حياة يزيد السياسية؛ وقد وصف الصحابي سهل بن سعد الساعدي حالة الفرح والإبتهاج في الوسط الشامي قبيل قدوم السبايا بقوله: «خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار، كثيرة الأشجار، قد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول...».[٣٥]

ولكن سرعان ما انقلبت الأمور على عقب بمجرد دخول ركب السبايا إلى الشام وسماعهم خطب الإمام السجّاد عليه السلام وخطبة عمّته زينب (ع) التي فضحت البيت الأموي، وبينت عظم الجريمة التي اقترفها الأموييون من جهة، وخففت من غلواء العداء الشامي لأهل البيت (عليهم السلام) وحولته إلى حالة من الحبّ والتعاطف معهم. في تلك الأجواء عقد يزيد بن معاوية مجلساً لم يعقد من قبله حضره الرؤساء والحكام والقادة و....[٣٦] وتحت تأثير نشوة الانتصار نطق بكلمة الشرك والكفر.[٣٧]

وجيء برأس الحسين عليه السلام ووضع بين يديه في طشت وجعل يضرب ثناياه بمخصرة كانت في يده.[٣٨] مظهراً ما كتمه من عداء وبغض لرسول الله صلی الله عليه وآله وسلم والرسالة المحمدية، وأخذ یتمثل بقول ابن الزبعري المشرك و زاد علیها أبیات أخر:

ليــت أشيـــاخي بـبدر شهدواجزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلــــوا، واستهلــــوا فـــــــــرحاثم قالـــوا: يا يــــزيد لا تشــــــــل
لـــــــــــعبت هــاشم بالـــملك فلاخبـــر جـــــاء ولا وحـــي نـــــــزل[٣٩]


وبينما هو يكرر تلك الأبيات منتشياً قامت زينب خطيبة، فاستهلت كلمتها بالحمد لله والصلاة على النبي (ص)، ثم تابعت خطبتها موبخة يزيد على السياسات التي اتخذها في حكمه بحق أهل البيت (ع) ومن المضايقات التي عملها، مشيرة إلى بطره وتبختره. كما أشارت تعنته وغلظته وطغيانه وكفره، وتتابع أن هذا نتيجة الأحقاد والأضغان الكامنة والمتبيقية من غزوة بدر ومعارك صدر الإسلام. ثم حذرته مما ارتكب بهتك حرمات بحق «سيد شباب أهل الجنة»، وجميع ذلك بعين الله، وقالت ليزيد سيحل عليك سخط الله، ويخاصمك رسول الله (ص)، حتى تتمنى أن أمك لم تلدك.[٤٠]


خاطبت السيدة زينب عليها السلام يزيد بن معاوية، قائلة:


فكِد كَيدَك، وَاسعَ سَعيَك، وناصِب جُهدَك، فَوَاللهِ! لا تَمحُو ذكرَنا، ولا تُميتُ وَحيَنا، ولا تُدرِكُ أَمَدَنا، ولا تَرحَضُ عَنكَ عارُها.



موسوعة العوالم، الإمام الحسين، ص 462.

ولما رأى يزيد أن الجريمة التي اقترفها بقتل الحسين عليه السلام قد انكشفت، وبان ما كان قد تستر عليه، وأن خطب السيدة زينب عليها السلام وسائر عائلة الإمام الحسين عليه السلام كشفت زيف التعتيم الذي مارسه، أخذ بالتنصل عن الجريمة وإلقاء تبعة ذلك على عبيد الله بن زياد.[٤١]

ثم إن يزيد أمر بأن تقام للسبايا والأسرى دار تتصل بداره، فزارهم نساء من آل أبي سفيان منهن هند زوج يزيد بن معاوية، فأقمن النياحة على الحسين عليه السلام.[٤٢]

وبعد ثلاثة أيام أمر يزيد بإرجاع الأسرى إلى المدينة.[٤٣]

قبرها

ذكرت ثلاثة أقوال حول قبرها ومدفنها:

بحوث ذات صلة

معرض الصور

الهوامش

  1. ابن عساكر، أعلام النساء، ص 189 ــ 190.
  2. ابن منظور، لسان العرب، ج 1، ص 453؛ الزبيدي، تاج العروس، ج 2، ص 60.
  3. الزبيدي، تاج العروس، ج 2، ص 60.
  4. باقر شريف القرشي، السيدة زينب، ص 39؛ حسن الهي، زينب الكبرى عقيله بني هاشم، طهران، آفرينه، 1375، ص 29.
  5. نورالدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 52و53.
  6. نورالدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 48؛ القرشي، السيدة زينب، ص 39.
  7. نورالدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 48؛ القرشي، السيدة زينب، ص 39.
  8. محلاتي، ذبيح الله، رياحين الشريعة، ج 3، ص 33؛ محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 17.
  9. القزويني، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، دار الغدير، ص 561.
  10. القرشي، السيدة زينب بطلة التاريخ...، ص 298.
  11. ابن عساكر، اعلام النساء، ص 190، رياحين الشريعة، ج 3، ص 41 وترجمة زينب كبرى، ص 89.
  12. ابن عساكر، أعلام النساء، ص 189.
  13. دلايل الامامة، الطبري، ج 3؛ ذبيح اللّه محلّاتي، رياحين الشريعة، ص 57.
  14. نهج البلاغة ابن أبي الحديد، ج 16، ص 210؛ وسائل الشيعة، ج 1، ص 13 و14 وبحار الأنوار، ج 6، ص 107.
  15. جعفر النقدي، زينب الكبري بنت الامام، ص 61.
  16. احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي، ص 106.
  17. سيد عبدالحسين دستغيب، زندكاني حضرت زينب (حياة السيدة زينب)، طهران، كاوه، ص 19.
  18. محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 99.
  19. سيد علي نقي فيض الاسلام، خاتون دوسرا، ص 185.
  20. سيد نورالدين الجزائري، الخصائص الزينبية، ص 24.
  21. المقرم، مقتل الحسين(ع)، ص 316.
  22. محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 117.
  23. الخوارزمي، مقتل الحسين، ج 2، ص45.
  24. سيد كاظم ارفع، حضرت زينب (عليها السلام) سيره عملي اهل بيت (السيدة زينب (ع)، سيرة أهل البيت العملية)، ص 88.
  25. السيد بن طاووس، اللهوف، ص 179؛ محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 110.
  26. المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 93 - 94.
  27. السید بن الطاووس، اللهوف، ص 159 و 161.
  28. الصدر، أضواء على ثورة الحسين، ص96.
  29. أبو مخنف، وقعة الطف، ص 259؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.
  30. أبو مخنف، وقعة الطف، ص 295؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج 5، ص 348 - 349؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 59.
  31. احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي (زينب البطلة بنت علي)، ص 227ـ228.
  32. احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي، ص 246.
  33. ابومخنف، وقعة الطف، ص 299و 300/ الشيخ المفيد، الارشاد، قم، مؤتمر الشيخ المفيد، 1413، ص 353 / محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 117.
  34. سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت، ص 326؛ وانظر: صالح بن ابراهيم بن صالح الشهرستاني، تَاريخُ النِّياحَة على الإمام الشهيد الحسين بن علي (ع)، ص 71.
  35. محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 327ـ328.
  36. سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت، ص 330.
  37. محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، ص 248.
  38. حسن الهي، زينب كبري عقيله بني هاشم، ص 208.
  39. ابو مخنف، وقعة الطف، ص 306و307/ سيد بن طاووس، اللهوف، ص 213.
  40. محمّد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 135 / السيد بن طاووس، اللهوف، ص 221.
  41. الشيخ المفيد، الارشاد، ص358/حسن الهي، زينب كبري عقيله بني هاشم، ص 244.
  42. ابومخنف، وقعة الطف، ص 311/ الشيخ عبّاس القمي، نفس المهموم، ص 265.
  43. ابن عساكر، اعلام النساء، ص 191.
  44. القرشي، السيدة زينب بطلة التاريخ...، ص 298 - 303.
  45. الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 140 - 141.

ملاحظات


المصادر والمراجع

  • الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1406 هـ/ 1986 م.
  • محمدي ري شهري، وآخرون، دانشنامه[موسوعة] ا[لإ]مام [ال]حسين (ع)، ج 10، مترجم: محمد مرادي، قم: دار الحديث، 1430 هـ/ 1388 هـ ش.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، قم، نشر أدب الحوزة، 1405 هـ.
  • الزبيدي، محمد، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: علي شيري، بيروت، دار الفكر، 1414 هـ/1994 م.
  • ابن عساكر، اعلام النساء، تحقيق محمد عبد الرحيم، بيروت، دار الفكر، 1424 هـ / 2004 م.
  • جبران مسعود، الرّائد، ترجمه رضا انزابي، الطبعة الثانية، مشهد، آستان قدس رضوي، 1376هـ ش.
  • محمّدي اشتهاردي، محمّد، حضرت زينب فروغ تابان كوثر.
  • احمد صادقي اردستاني، زينب قهرمان دختر علي، تهران [زينب البطلة بنت علي]، نشر مطهر، 1372هـ ش.
  • العبيدلي الأعرجي، اخبار الزينبات، إدارة الطباعة المنيرية، مصر.
  • القزويني، محمد كاظم، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، بيروت، دار القاري، الثانية، 1427 هـ /2006م.
  • القزويني، محمد كاظم، زينب الكبرى من المهد إلى اللحد، قم، دار الغدير، الثانية، 1424 هـ /2003 م.
  • باقر شريف القرشي، السيدة زينب، بيروت، دار التعارف، 1419.
  • الخوارزمي، موفق ین أحمد، مقتل الحسين، د. م، أنوار الهدى، ط 2، 1423 هـ.
  • احمد بهشتي، زنان نامدار در قرآن وحديث، طهران، سازمان تبليغات اسلامي، 1368هـ ش.
  • محلاتي، ذبيح الله، رياحين الشريعة، طهران، دار الكتب الاسلامية، بلا تا.
  • محمّد محمّدي اشتهاردي، حضرت زينب فروغ تابان كوثر، الطبعة الثالثة، طهران، برهان، 1379هـ ش.
  • السيد كاظم ارفع، حضرت زينب (عليها السلام) سيره عملي اهل بيت، طهران، نشر قادر، 1377.
  • السيد صالح بن ابراهيم بن صالح الشهرستاني قدس سره، تَاريخُ النِّياحَة على الإمام الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام، ص71، تحقيق وإعداد الشيخ نبيل رضا علوان،1325 ـ 1395 هـ.
  • شهيدي، السيد جعفر، زندكاني [حياة السيدة]فاطمه [ال]زهرا (س)، طهران، دفتر نشر فرهنك اسلامي، 1363هـ ش.
  • باقر شريف القرشي، السيدة زينب، بيروت، دار المحجة البيضاءالاولى، 1422 هـ /2001م.
  • حسن الهي، زينب كبرى عقيله بني هاشم، طهران، آفرينه، 1375هـ ش.
  • جعفر النقدي، زينب الكبرى بنت الامام، النجف الاشرف، المكتبة الحيدرية، 1361 هـ.
  • الجزائري، السيد نور الدين، الخصائص الزينبية، قم، انتشارات المكتبة الحيدرية، الاولى،1425/1383هـ ش.
  • ناصر مكارم شيرازي و...، تفسير نمونه [الأمثل]، طهران، دار الكتب الاسلامية، 1361هـ ش.
  • ابن جمعه العروسي الحويزي، تفسير نور الثقلين، تحقيق هاشم رسولي محلّاتي، قم، اسماعيليان، 1373هـ.
  • ابو القاسم الديباجي، زينب الكبرى بطلة الحرّية، ط. الثانية، بيروت، البلاغ، 1417 هـ.
  • المحدث النوري، مستدرك الوسائل، قم، آل البيت، 1407 هـ.
  • حسن الهي، زينب كبرى عقيله بني هاشم، طهران، آفرينه، 1375هـ ش.
  • السيد عبد الحسين دستغيب، زندكاني[حياة السيدة] حضرت زينب، طهران، كاوه.
  • السيد علي نقي فيض الاسلام، خاتون دوسرا (شرح حال زينب) [سيدة العالمين]، الطبعة الثانية، طهران، نشر آثار فيض الاسلام، 1366هـ ش.
  • محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، بيروت، موسسة الوفاء، الثالثة،1403/1983م.
  • ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، بيروت، دار الكتب العلمية، 1418 هـ.
  • السيد بن طاووس، اللهوف، ترجمه عقيقي بخشايشي، قم، دفتر نشر نويد اسلام، الخامسة، 1378هـ ش.
  • ابو مخنف، وقعة الطف، تحقيق محمّد هادي اليوسفي الغروي، قم، المجمع العالمي لأهل البيت، الثانية،1427 هـ.
  • علي نظري منفرد، قصّة كربلاء، الطبعة الثالثة عشرة، قم، سرور، 1384هـ ش.
  • عبد الرزاق الموسوي، مقتل المقرم، ترجمه عزيز الهي كرماني، قم، نويد، 1381هـ ش، ص 192.
  • المقرم، عبد الرزاق، مقتل الحسين(ع)، بيروت‏، مؤسسة الخرسان للمطبوعات‏، 1426 ق- 2007 م‏.
  • محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الامم والملوك، القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1358.
  • عبّاس القمي، نفس المهموم، طهران، كتابفروشي اسلاميه، 1368 هـ.
  • سيد عبدالكريم هاشمي نجاد، درسي كه حسين به انسانها آموخت[الدرس الذي علمه الحسين للإنسانية]، الطبعة الحادية عشرة، مشهد، هاشمي نجاد، 1369هـ ش.
  • الشيخ المفيد، الارشاد، قم، الناشر سعيد بن جبير،الاولى، 1428 هـ.
  • الصدر، السيد محمد باقر، أضواء على ثورة الحسين، تحقيق: كاظم العبادي الناصري، د. م، د. ن، د. ت.