التحديث

التحديث هو سماع صوت الملائكة ويصاحبه أحيانا رؤية الوجه المتمثِّل للملك. وبحسب عقيدة الشيعة فإن الأئمة وبعض أولياء الله یتمتعون بهذه الهبة الإلهية دون أن يكونوا أنبياء.
قيل أن صوت الملَك _ على عكس صوت الشيطان _ يرتبط بالهدوء والوقار والسلام.

المفاهيم

يقال عن سماع صوت الملائكة بسمع القلب في النوم أو اليقظة تحديثاً. ولذلك قيل أن المحدَّث هو الذي يسمع صوت الملك دون أن يرى وجهه.
وبحسب بعض الباحثين فإن من الممكن رؤية وجه الملك في بعض الأحيان كما سمعت مريم وسارة صوت الملك ورأتا وجهه أيضا. كما قال بعض الباحثين في جمع روايات التحديث أن المحدَّث لا يرى الوجه الملكوتي للملك، لكنه يرى وجهه المتمثِّل ويسمع صوته.
وقد قيل أن التحديث لا يسمعه غير المحدَّث ولو كان حاضراً لأنه يُسمع بالأذن الباطنية. وفي رواية عن الإمام الصادق أن التحديث يحصل للمحدَّث بطرق مختلفة: قذف في قلبه أو ملك يكلمه، أو رؤية روح القدس، أو سماع صوت مثل صوت سلسلة تقع في طشت.

محدّثو الأمة الإسلامية

يتفق الشيعة والسنة على أن العلاقة بين الملائكة والمصطفين (المحدَّثين) لا تنتهي بالخاتمية. وقد تم جمع بعض هذه الأحاديث في كتاب الغدير. فيُطلق على الإمام علي وغيره من أئمة الشيعة اسم المحدَّث في المصادر الشيعية ، حيث أن الملائكة تهمس في آذانهم وتلهم قلوبهم دون أن يكونوا أنبياء.
وفي المصادر الحديثية تعتبر فاطمةمحدَّثة أيضاً لأن الملائكة كلمتها دون أن تكون نبية. وروي عن الإمام جعفر الصادق أن سلمان كان محدَّثاً أيضاً.
کما ورد في المصادر السنية أن عمر بن الخطاب كان محدَّثاً، لكن ذُكرت أقوال مختلفة لعلماء السنة في المراد من كونه محدَّثاً.

الفرق بين المحدَّث والنبي والرسول

روي عن الإمام الصادق أن الإمام ورسول الله يختلفان في طريقة اكتساب العلم، حيث أن الإمام لا يسمع الوحي من الله ولا يرى ما يراه الرسول، بل هو محدَّث حيث يبعث الله عز وجل ملكاً ينقر في أذنه. ويؤكد علماء الشيعة أيضًا أنه على الرغم من كون المحدَّث على ارتباط بالملك إلا أنه ليس نبياً ولا رسولاً، ولم ينزل عليه الوحي.
وبحسب ما قال الإمام الباقر فإن أبا الخطّاب (أحد الغلاة المشهورين ومؤسس الفرقة الخطّابية) أغفل الفرق بين المحدَّث والنبي وتوصَّل إلى أن الأئمة أنبياء لأنهم محدّثين.

الفرق بين التحديث والإلهام

يأخذ أغلب المتكلمين المسلمين التحديث بمعناه العام حيث يكون الإلهام أحد مصاديقه. لكن كان رأي بعض الباحثين في الفرق بين التحديث والإلهام أنه في التحديث يسمع الإنسان صوت الملك؛ (سواء رأى وجهه المتجسد أم لا) أما في الإلهام فيُلقى في قلب الإنسان شيء من غير أن يسمع صوتًا أو يرى صورة.
أما الفيض الكاشاني في كتابه الوافي، بعد أن عدّد أوجه التشابه بين الإلهام والتحديث في طريقة تلقي علم الغيب، يرى أن اختلافهما فقط في طريقة رفع الحجاب عن الغيب.

الفرق بين تحديث الملك ومكر الشيطان

يشير الإمام الصادق في جواب السؤال عن كيفية معرفة المحدَّث فيما إذا كان يسمع صوت ملك أم لا إلى هذا المعيار وهو أن حديث الملك مصحوب بالسكينة والوقار، وبهذه الطريقة يفهم المحدَّث أن الصوت الذي سمعه هو صوت ملك.
ويشير محمد حسين الطباطبائي _استناداٌ إلى المصادر الدينية_ إلى الفرق بين تحديث الملك ومكر الشيطان، بأن صوت الملك هو الحق، وسماعه يصاحبه السكينة والثقة والوقار، فيتأكد المحدَّث أنه صوت ملك بتسديد ونور إلهي، أما صوت الشيطان فأحياناً يختلط بالباطل وأحياناً يبدو أنه حق، ولكن سماعه يصاحبه القلق والهم والتردد والتسرّع والهوان.

المصادر والمراجع

• الأمیني، عبد الحسین، الغدیر، انتشارات مرکز الغدیر، 1416هـ.
• البخاري، محمد بن اسماعیل، صحیح البخاري،‌ دار طوق النجاة، 1422هـ.
• الشيرازي، ناصر مكارم، الامثل في تفسير كتاب الله المنزل، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، الطبعة الأولى، 1379هـ.
• الصفار القمي، محمد بن حسن، بصائر الدرجات الکبری في فضائل آل محمد، انتشارات مؤسسة الأعلمي، 1404هـ.
• الطباطبائي، السید محمد حسین، المیزان في تفسیر القرآن، دفتر انتشارات اسلامي، 1417هـ.
• القرآن
• المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، 1403هـ.
• الکلیني، محمد بن یعقوب، الکافي، دار الکتب الإسلامیة، 1362ش.
• جوادي الآملي، عبد الله، تفسیر تسنیم، مرکز نشر إسراء، 1390ش.
• راغب الأصفهاني، حسین بن محمد، المفردات في غریب القرآن ،‌دار القلم، 1412هـ.