أمهات المؤمنين، هي كل امرأة عقد عليها رسول الله ودخل بها، وإن طلّقها بعد ذلك، وذكر بعض الفقهاء أنّه لا فرق في إطلاق أم المؤمنين على من ماتت في حياة النبي أو ماتت بعد وفاته. وقد وردت في الفقه بعض الأحكام المتعلّقة باُمّهات المؤمنين، منها: حرمة نكاحهنّ، ووجوب احترامهنّ وتكريمهنّ.
إن أم المؤمنين تعني أساساً أن على المسلمين أن يعاملوا زوجات النبي كالأمهات أي أن يكلموهن باحترام ويعاملوهن باحترام وقد كان في هذه التسمية فائدة لتكريم النبي وهي أن بعد وفاته لن يستطيع أحد من رجال المسلمين أن يتزوج أياً من زوجاته؛ لأنهن بمثابة أمهاتهم وزواج الولد من الأم لا يجوز كما هو معلوم.
وهذا اللقب مأخوذ من الآية القرآنية: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾.[١]
التعريف
- لغـةً: اُمّ: بمعنى الأصل، وجمعها اُمّهات، واُمّ الكتاب: أصل الكتاب، والاُمّ: الوالدة.[٢] والمؤمنون جمع مؤمن: من كان يؤمن باللّه ورسوله واليوم الآخر ويصدّقه.
- اصطلاحـاً: ذكروا أنّ المراد باُمّ المؤمنين كلّ امرأة عقد عليها رسول الله ودخل بها، وإن طلّقها بعد ذلك، وعلى هذا فإن عقد عليها رسول اللّه ولم يدخل بها فإنّها لا يطلق عليها لفظ اُمّ المؤمنين، ومن دخل بها رسول اللّه على وجه التسرّي لا على وجه النكاح لا يطلق عليها اُمّ المؤمنين أيضا كمارية القبطية.[٣]
ذكر بعض الفقهاء أنّه لا فرق في إطلاق اُمّ المؤمنين على من ماتت تحت النبي أو مات النبي وهي تحته،[٤] وعدد اُمّهات المؤمنين اللواتي يتّصفن بهذا الوصف أمرٌ فيه بعض الاختلاف بين العلماء والمؤرخين، لكن المعروف منهنّ: خديجة بنت خويلد، وزينب بنت خزيمة الهلالية، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة هند بنت أبي اُمية، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وعائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، ورملة بنت أبي سفيان، وصفية بنت حيي ابن أخطب، وميمونة بنت الحارث الهلالية، والمعروف أنّ النبي توفي عن تسع منهنّ.
معنى أمومة المؤمنين في القرآن الكريم
إن تشبيه أزواج النبي بأمهات المؤمنين في القرآن الكريم تشبيه ببعض آثار الأمومة وليس بكل آثارها؛ فلا أحد يستطيع أن يدّعي أن أزواج رسول الله محارم لكل المؤمنين، وتترتب عليهنّ وعليهم كل أحكام المحرمية وآثارها كجواز النظر وغيرها. وأيضاً لا يستطيع أحد أن يدّعي أن المؤمنين يرثون أزواج رسول الله وهنّ أيضاً يرثنَ كل المؤمنين؛ بل الأثر الوحيد طبقاً للروايات، هو حرمة الزواج بهن بعد رسول الله . ولا يستفاد من هذه الآية اأكثر من هذا.
ولا يعني هذا اللقب (أم المؤمنين) أن زوجات النبي أفضل نساء العالمين أو أنهن معصومات أو أنهن من المبشرات بالجنة أو أن انتقاد ما تكلمنّ به أو قمنّ به يعتبر طعناً في الدين أو في عرض النبي أو يعتبر فسوقاً؛ بل إ ن النص القرآني يصرح بمضاعفة مسئولياتهنّ الشرعية باختيارهنّ البقاء مع النبي وإن ارتكبنَ ذنب يضاعف لهن العذاب؛ قال تعالى: ﴿يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَ كانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسيراً﴾.[٥]
أحكامهن الفقهية
وردت في الفقه بعض الأحكام المتعلّقة باُمّهات المؤمنين، من حيث علاقتها بهذا الوصف الثابت لهنّ فقط، لا من حيث كونهنّ زوجات النبي ، وأهمّها ما يلي:
- حرمة نكاحهنّ: المشهور بين الفقهاء،[٦] أنّ كلّ امرأة تزوّجها النبي لا يحلّ لأحد أن يتزوّجها، دخل بها أم لم يدخل، وسواء فارقهنّ بموت أم فسخ أم طلاق.[٧]
قال الشيخ الطوسي: «عندنا أنّ حكم من فارقها النبي في حياته حكم من مات عنها، في أنّها لا تحلّ لأحد أن يتزوّجها»،[٨] للنهي الوارد في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً﴾،[٩] وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾،[١٠] لأنّه على عمومه، ولأنّ بنفس العقد يصرن اُمّهات لنا، فلا يحلّ لنا أن نعقد عليهنّ.[١١]
- احترامهنّ وتكريمهنّ: ذكر بعض الفقهاء أنّ المراد من قوله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾،[١٢] هو رجحان الاحترام والتعظيم والتكريم،[١٣] ومعنى ذلك أنّه ينبغي احترامهنّ والتعامل بأدبٍ معهنّ، فإنّ في ذلك احترام الرسول ، وهذا ما فعله الإمام علي بن أبي طالب في حرب الجمل مع عائشة بنت أبي بكر مع كونها قد خرجت فيها على إمام زمانها، لكنّ لزوم احترامهنّ لا يعني عصمتهنّ وعدم جواز نقدهنّ فيما فعلن أو تركن، مع مراعاة كامل أشكال اللياقة والأدب معهنّ.[١٤]
ألفاظ ذات الصلة
- اُمّهات التبجيل: وهنّ زوجات النبي اللاتي سمّاهنّ القرآن الكريم باُمّهات المؤمنين؛ للتبجيل والعظمة،[١٥] وهذه نسبة تشريفيّة.[١٦]
- اُمّهات النسب: جمع، واحدها الاُمّ النسبية، وهي الوالدة القريبة التي ولدته، والبعيدة التي ولدت من ولده.[١٧]
- اُمّهات الرضاع: جمع، مفردها الاُمّ الرضاعية، وهي الوالدة التي ترضع الولد بقدر ما أنبت اللحم وشدّ العظم، أو خمس عشرة رضعة متواليات، لم يفصل بينهنّ برضاع امرأة اُخرى.[١٨]
وصلات خارجية
الهوامش
- ↑ الأحزاب 6.
- ↑ الفراهيدي، العين، ج 8، ص 426.
- ↑ عبد الرحمن، معجم المصطلحات، ج 1، ص 298.
- ↑ الكركي، جامع المقاصد، ج 12، ص 64.
- ↑ الأحزاب: 30
- ↑ البحراني، الحدائق الناضرة، ج 23، ص 104.
- ↑ الفاضل الهندي، كشف اللثام، ج 7، ص 39.
- ↑ الطوسي، الخلاف، ج 4، ص 245، م 1.
- ↑ الأحزاب: 53.
- ↑ الأحزاب: 6.
- ↑ الكركي، جامع المقاصد، ج 12، ص 64.
- ↑ الأحزاب: 6.
- ↑ الشهيد الثاني، مسالك الأفهام، ج 7، ص 81.
- ↑ موسوعة الفقه الإسلامي، ج 17، ص 321.
- ↑ بحر العلوم، بلغة الفقيه، ج 3، ص 206 ــ 207.
- ↑ الصدر، ما وراء الفقه، ج 8، ص 492.
- ↑ عبد الرحمن، معجم المصطلحات، ج 1، ص 298.
- ↑ العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 2، ص 617.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، 1408 هـ.
- الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم ـ إيران، 1414هـ.
- الصدر، محمد محمد صادق، ما وراء الفقه، قم، محبين، 1425 هـ/ 2005 م.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1411 هـ.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر، تذكرة الفقهاء، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1414 هـ.
- الفاضل الهندي، محمد بن الحسن، كشف اللثام و الإبهام عن قواعد الأحكام، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1420هـ.
- الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين، قم، مؤسسة دار الهجرة، 1409 هـ.
- الكركي، علي بن حسين، جامع المقاصد، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1408 هـ.
- بحر العلوم، محمد، بلغة الفقيه، قم، مكتبة الصادق، 1403 هـ/ 1984 م.
- محمود، عبد الرحمن، معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهية، د.م، د.ن، د.ت.