زيارة الناحية المقدسة، إحدى الزيارات المشهورة لسيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين، وبها يُزار الإمام الحسين في يوم عاشوراء وغيره من الأيّام، أي أنّها من الزيارات المُطلَقة. كما أنها منسوبة إلى النّاحية المقدّسة أي: صاحب الزمان، وقد تناول الإمام فيها ما جرى على جده وأصحابه في كربلاء.
مأثورة/غير مأثورة | مأثورة |
---|---|
صادر عن | الإمام الحجة (عج) |
رواة الزيارة | الشيخ المفيد |
وقت الزيارة | أي زمن ومكان |
المصادر | المزار للشيخ المفيد |
زيارات مشهورة | |
زيارة عاشوراء . زيارة الجامعة الكبيرة . زيارة وارث . زيارة أمين الله . زيارة الأربعين |
هناك زيارة مشهورة وأخرى غير مشهورة، والمشهورة تبدأ بالسّلام على أنبياء اللّه وأولياء دينه الأئمّة الأطهار، ثمّ بالسّلام على أبي عبدالله الحسين الشّهيد وأنصاره الأبرار الأوفياء، ثمّ تعرّج على صفات أبي عبدالله وسيرته ونهجه قبل حركته في عاشوراء، وتبيّن الأرضيّة التي مهّدت لحركة سيّد الأحرار وثورته، ثم تتطرق لكيفية استشهاد الإمام وتُعدّد المصائب الّتي انصُبّت عليه في كربلاء، والحزن الّذي طبّق الخافقَين لفقده وشهادته، وبكاء السّماوات السّبع والأرضين السّبع وما فيهنّ وما بينهنّ على ما أصابه ولحق به، وما جرى في الكون من اهتزازة وارتباك، وفي الختام تنتهي بالدّعاء والتوسل بالائمّة .
ونسبة هذه الزّيارة للإمام صاحب الزمان فهي محل اختلاف وأخذ ورد وقع بين الأعلام طوال ما مضى من الأعوام.
أما زيارة الناحية غير مشهورة فيُعرف بزيارة الشهداء.
الناحية المقدسة
أواخر عهد حضور الأئمة وبسبب الظروف السياسية والاجتماعية الحاكمة آنذاك، کان الشيعة يستخدمون الألقاب التي عُرف بها الإمام مثل( الهادي و العسكري) بدلاً عن التصريح باسمه، فراراً من الملاحقة وإخفاءً لما هم عليه.
ونری أول استخدمات لمصطلح «الناحية المقدسة» مشيراً إلی الإمام، في النصف الأول للقرن الثالث الهجري، فهناك من يقول إن هذا المصطلح خصّصّ للإمام الثاني عشر، وهناك من يقول إنه لم يخصص به بل لقد اُشير به إلى الامام الحادي عشر، الحسن العسكريّ أيضاً. [١]
زيارة الناحية المشهورة
هناك زيارة مشهورة وأخرى غير مشهورة، أما المشهورة فهي التي يُزار بها في يوم عاشوراء والمتداولة بين المؤمنين.
مصادر الزيارة وسندها
من أقدم المصادر التي نقلت هذه الزيارة الشريفة كتاب المزار من كتب الشيخ المفيد (ت 413 هـ) حسب المجلسي، حيث قال: قال الشيخ المفيد (قدس الله روحه) في كتاب المزار بعد إيراد الزيارة التي نقلناها من المصباح ما هذا لفظه : زيارة أخرى في يوم عاشوراء برواية أخرى؛ إذا أردتَ زيارته بها في هذا اليوم فقف عليه وقل: السلام على آدم صفوة الله من خليقته... [٢] .
ولكن هذه الفقرة غير موجودة في المزار المطبوع وفضلاً عن ذلك كما ترى لم ينسبها المفيد إلی الإمام الحجة! وحتی المجلسي أيضاً لم ينسبها إلی الإمام بل قال: «والظاهر أن هذه الزيارة من مؤلفات السيد المرتضى والمفيد رحمهما الله»[٣]
ونقل هذه الزيارة بعد الشيخ المفيد: تلميذُه السيد المرتضى (علم هدى) ( ت 436 هـ ) حسبما جاء في كتاب مصباح الزائر كما في نقل السيد الأمين في كتابه أعيان الشيعة [٤] لكنه أيضاً لم ينسبها إلی الإمام الحجة!
وأما ابن المشهدي ( كان حيّاً سنة 595 هـ ) في كتابه المزار الكبير يقول : زيارة أخرى في يوم عاشوراء لأبي عبدالله الحسين عليه السّلام ممّا خرج من الناحية إلى أحد الأبواب... [٥]. وهذا منشأ انتساب هذه الزيارة إلى الإمام، فتصوّر البعض أنه لابد من أن يدلّ على الإمام الحجة! لكنه حذف السند فلايمكننا معرفة الرواة والطريق.
نقله السيد ابن طاووس ( ت 664 هـ ) في مزاره، حيث قال: زیارة ثانیة بألفاظ شافیة یزاربها الحسین(ع) زار بها المرتضی علم الهدی (رضوان الله علیه) قال: فإذا أردت الخروج فقل: أللّهمّ إلیک توجهت.... ثم تدخل القبة الشریفة و تقف علی القبر الشریف و قل: السلام علی آدم صفوة الله... [٦].
ومن هذين الكتابين الأخيرين نقل متأخّرو علماء الشيعة في مؤلّفاتهم في الحديث والمزار.
كما مر لم يصلنا سند هذه الزيارة ليمكننا تقييمه وحتى احتمل المجلسي أن تكون هذه الزيارة إنشاء المفيد أو المرتضى دون انتسابه إلى الإمام الحجة.
وأما زيارة الناحية المقدسة غير المشهورة وما يزار بها الشهداء فذكرها المجلسي ونقل قول الراوي خرج من الناحية سنة 252 فهذا قبل مولد الامام الحجة بأربع سنوات وقد صرح بهذا الإشكال المجلسي حيث قال: «واعلم أن في تاريخ الخبر إشكالا لتقدمها على ولادة القائم بأربع سنين» ثم قال: «ويحتمل أن يكون خروجه عن أبي محمد العسكري»[٧] ولم يذكر هذا التاريخ لزيارة الناحية المشهورة فلايجدر الخلط بينهما.
محتوى الزيارة
إستشكل البعضُ بعضَ محتوی هذه الزيارة، منها :
عبارة « السَّلامُ عَلَى الاَجْسامِ الْعارِيَةِ فِى الْفَلَواتِ، تَنْـهَشُهَا الذِّئابُ الْعادِياتُ، وَ تَخْتَلِفُ إِلَيْهَا السِّباعُ الضّـارِياتُ» بینما جاء في خبر أبي مخنف الصحيح أن أهل الغاضرية من بني أسد دفنوا الحسين وأصحابه بيوم واحد أي في اليوم الحادي العشر من المحرم أي حيث كان العسكر زهاء عشرة آلاف لازالوا معسكرين هناك فلم تصل وحوش الفلوات الى تلك الجثث الطواهر الزواكي.[٨]
عبارة «فَهَوَيْتَ إِلَى الاَرضِ جَريحاً، تَطَؤُك َ الْخُيُولُ بِحَوافِرِها... » مما ظاهره أنّ ذلک کان قبل قتل الحسین.
عبارة «فَلَمّا رَأَيْنَ النِّـسآءُ جَوادَك َ مَخْزِيّاً، وَ نَظَرْنَ سَرْجَك َ عَلَيْهِ مَلْوِيّاً، بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ، ناشِراتِ الشُّعُورِ عَلَى الْخُدُودِ، لاطِماتِ الْوُجُوهِ سافِرات» التي تدلّ علی أنهن خلعن الحجاب من شدة حزنهن!! ظاهر العبارة أن ذلك كان باختيارهن مسامحة في الحجاب وهذا لايمكننا الموافقة عليه وانفرد به هذا النص ولايؤيده أي خبر آخر.
وعبارة «الشِّمْرُ جالِسٌ عَلى صَدْرِكَ، وَ مُولِـغٌ سَيْفَهُ عَلى نَحْرِك، قابِضٌ عَلى شَيْبَتِك َ بِيَدِهِ، ذابِـحٌ لَك َ بِمُهَنَّدِهِ...» التي لاتطابق الأخبار المعتبرة العديدة التي تدل على أنّ سنان بن أنس النخعي هو القاتل المباشر، ذبحه بأمر شمر بن ذي الجوشن.[٩]
شروح الزيارة
من المتأخّرين الذين نقلوا هذه الزيارة في مؤلّفاتهم في الحديث والمزار:
- العلاّمة المجلسيّ في بحار الأنوار (دون أن ينسب الزيارة للإمام) وتحفة الزائر،( الزيارة الرابعة للإمام الحسين عليه السّلام).
- المحدّث النوري في مستدرك الوسائل.
- الشيخ إبراهيم بن محسن الكاشانيّ في الصحيفة المهديّة (10).
- الشيخ عباس القمّي في نَفَس المهموم.
- السيد محمد هادي الميلاني في قادتنا كيف نعرفهم.
- السيّد حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة.
ومن شروحها :
- تحفه قائميه (فارسي)، الشيخ محمد باقر فقيهه ايماني.
- الذخيرةالباقية (فارسي)، محمد جعفر شاملي الشيرازي.
- سلام موعود (فارسي)، (بیان تحليلي وتوصيفي لزيارة الناحية المقدسة)، الدکتور محمد رضا سنكري.
- شرح زيارة الناحية الكبرى، الحاج حيدر بن حبيب الله الموسوي النيشابوري الكنتوري [١٠].
- الشمس الضاحیة (فارسي)، نسبه في الذريعة لبعض الفضلاء المعاصرين[١١].
- كشف داحية في شرح زيارة الناحية، في ثلاث حصص، طبع بالهند كما في بعض الفهارس[١٢].
- کشف داحیة (اردو)، لبعض علماء الهند[١٣].
- موعظة عظيم آبادية (الأردو) في شرح الزيارة الناحية، للسيد علي محمد النقوي[١٤].
- همره نور، شرح زیارت ناحیه مقدسه (فارسي)، سید هدایت الله طالقاني.
زيارة الناحية غير المشهورة
والزيارة الثانية غير المشهورة وهي زيارة مروية عن الناحية المقدسة رواها السيد ابن طاووس في كتابه إقبال الأعمال، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين:
«بسم الله الرحمن الرحيم، إذا أردت زيارة الشهداء (رضوان الله عليهم) فقف عند رجلي الحسين ، وهو قبر علي بن الحسين ، فاستقبل القبلة بوجهك، فإن هناك حومة الشهداء، وأوم وأشر إلى علي بن الحسين ، وقل: السلام عليك يا أول قتيل، من نسل خير سليل، من سلالة إبراهيم الخليل...». [١٥].
وقد تكرر بعض فقرات هذه الزيارة -حسب نقل الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس- في أعمال أوّل شهر رجب وليلة النصف من شعبان، واشتملت على بعض الإضافات، كزيارة الإمام الحسين ، وزيارة علي الأكبر ، وباقي الشهداء دون التعرّض لأسمائهم، وتُعرف هذه الزيارة بالزيارة الرجبيّة.
يقول السيد ابن طاووس في خاتمة هذه الزيارة: «وقد تقدّم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء برواية تخالف ما سطرناه في هذا المكان، ويختلف في أسمائهم أيضاً، وفي الزيادة والنقصان. وينبغي أن تعرف ـ أيّدك الله بتقواه ـ أنّنا اتّبعنا في ذلك ما رأيناه أو رويناه، ونقلنا في كلّ موضع كما وجدناه»[١٦].
وصلات خارجية
الهوامش
- ↑ موسوعة الإمام الحسين، ج 12، ص 271؛ الطهراني، شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور، ج 1، ص 243.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 98، ب 24، ص 317، ح 8.
- ↑ المجلسي، بحارالأنوار، ص 101-251-231، باب 35، خ 38، طبعة مؤسسة الوفاء-بيروت.
- ↑ الأمين، أعيان الشيعة، ج 8، ص 218.
- ↑ ابن المشهدي، المزار الكبير: ص 496.
- ↑ ابن طاووس، مصباح الزائر، ص 221.
- ↑ المجلسي، بحارالأنوار، ص 101-274، باب 36، خ 1. طبعة مؤسسة الوفاء-بيروت
- ↑ أبو مخنف، وقعة الطف، ص 295.
- ↑ أبو مخنف، وقعة الطف، ص 290.
- ↑ الأمين، مستدركات أعيان الشيعة، ج 5، ص 145.
- ↑ آغا بزرگ الطهراني، الذريعة، ج 14، ص 222، برقم2289.
- ↑ آغا بزرگ الطهراني، الذريعة، ج 18، ص 34، برقم 552.
- ↑ آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 13، ص 308، برقم 1135.
- ↑ آغا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 23، ص 271، برقم 8939.
- ↑ ابن طاووس، إقبال الأعمال ص 573-577.
- ↑ ابن طاووس، إقبال الأعمال، ص 577.
المصادر والمراجع
- ابن المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، ط 1، 1419 هـ.
- ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال، د.م، د.ن، د.ت.
- ابن طاووس، علي بن موسى، مصباح الزائر، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 1، 1417 هـ.
- أبو مخنف، لوط بن يحيى، وقعة الطف، تحقيق: محمد هادي اليوسفي الغروي، قم، مطبعة المجمع العالمي لأهل البيت، ط 3، 1433 هـ.
- آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
- الأمين، حسن، مستدركات أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، د.ت.
- الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ/ 1983 م.
- الصالحي نجف أبادي، نعمت الله، نگاهی به حماسه حسینی استاد مطهری، طهران، انتشارات كوير، 1379 ش.
- الطهراني، ميرزا أبي الفضل، شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور، ترجمة وتحقيق: محمد شعاع فاخر، د.م، انتشارات المكتبة الحيدرية، ط 1، 1426 هـ/ 1383 ش.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ.