كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء عبارة مشهورة نسبها البعض إلى الإمام الصادقعليه السلام واستعملها بعض علماء الدين في خطبهم وكلماتهم، وبحسب بعض الباحثين فإنّ هذه العبارة لم ترد في أيّ مصدر حديثي شيعي.

تاريخ العبارة

من غير المعروف من الذي استعمل هذه العبارة لأول مرة، غير أنّ محمد بن سعيد الصنهاجي البوصيري696هـ) صاحب الهمزية المعروفة أنشد في أحد أبياتها:

[١]
كل يوم وكل أرض لكربيمنهم كربلا وعاشوراء

كما استعمل هذا المعنى بصياغة أخرى السيد مهدي القزويني1300هـ) في أحد أبيات قصيدة له حيث قال:

[٢]
أشاهدُ عاشوراءَ في كلّ ساعةٍوفي كلّ أرضٍ كربلاء ومشهدا

ونسَبَها علي شريعتي في كتابه الحسين وارث آدم إلى الإمام الصادق .[٣] وقد وردت على لسان العديد من العلماء المتأخرين، واستعملها الإمام الخميني في عدة مناسبات في كلماته و خطاباته،[٤] وكذلك أشار إليها السيد الخامنئي دون اعتبارها حديثاً أو رواية،[٥] كما فعل ذلك مرتضى مطهري حين استعملها من دون الإشارة إلى كونها حديثاً من عدمه.[٦]

المصدر

لا يكتفي بعض الباحثين بنفي وجود مصدر معتبر لهذه العبارة، بل يذهبون إلى أنّها تخالف معتقدات الشيعة، فليس هناك من أرض تشبه كربلاء، ولا يمكن أن يُقاس أيّ يوم بما حدث يوم عاشوراء.[٧] ومن هنا فقد احتملوا أنّ هذه المقولة قد تسلّلت من أفكار الزيدية، ولا يمكن نسبتها إلى الشيعة الإمامية بحال.[٨]

التفسير

يعتقد الإمام الخميني بأنّ هذه العبارة لا تدلّ على ضرورة البكاء المستمرّ والدائم على مصائب الإمام الحسين (ع)، بل يرى أنّها تبيّن وجوب مبارزة الظلم والاستكبار على الدوام،[٩] ومع ذلك فإنّ له تفسيراً آخر لها في مواضع أخرى.[١٠] وبياناً لحقيقة النصر في النهضة الحسينية يقول مرتضى مطهري بأنّ هذه النهضة تكتسب في كل يوم نصراً جديداً، وأنّ معنى كل يوم عاشوراء هو أنّه لا يخلو يوم من مبارزة للظلم والباطل وإحقاق للحق والعدل باسم الحسين(ع).[١١] ويفسّر السيد الخامنئي هذه العبارة بأنّه " في كل زمان يوجد دور للإنسان، فإن أدّاه على الوجه الصحيح وفي اللحظة المناسبة، فسيكون كل شيء على ما يرام، ستتقدم الأمم، وتزدهر البشرية."[١٢] وكذلك أكّد هذا المعنى السيد محمد تقي المدرسي حيث يقول "من هنا أصبحت [كل أرض كربلاء] و[كل يوم عاشوراء]، لأن كليهما قد استوعب تجربتنا وتعظيمنا نحن الأمة الإسلامية الثورية، وتقديرنا وتكريمنا لهذه الملحمة إنما هو تكريم لكل ثورة رسالية أصيلة، ولكل دم زكي طاهر أريق في أية ثورة."[١٣]

الهوامش

  1. القطيفي، الرسائل الأحمدية،1419ق، ج2، ص273؛ الأمين، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، ج1، ص620.
  2. القزويني، الأدباءُ مِن آلِ أبي طالب، ج3 ص434.
  3. شريعتي، الحسين وارث آدم، ص49.
  4. الإمام الخميني، صحيفة الإمام، ج9، ص445 و ج 10 ص10و 122و 191و 315، ج 16، ص151.
  5. «بيانات در مراسم مشترک دانش آموختگي دانشجويان دانشگاه امام حسين(ع)»، الموقع الرسمي لمكتب آية الله الخامنئي.
  6. مطهري، مجموعة الآثار، ج3، ص434.
  7. صحتي سردرودي، چند حديث معروف درباره عاشورا، ص136- 137.
  8. صحتي سردرودي، «بازخواني چند حديث مشهور درباره عاشورا»، موقع مركز التعاليم الإسلامية في واشنطن.
  9. الإمام الخميني، ج9، ص345 و ج10، ص13 و ص91 و ص229 وص345.
  10. الإمام الخميني، ج 10 ص138.
  11. مطهري، حق و باطل، مجموعة الآثار، ج3، ص434.
  12. «بيانات در مراسم مشترک دانش آموختگي دانشجويان دانشگاه امام حسين(ع)»، الموقع الرسمي لمكتب آية الله الخامنئي.
  13. المدرسي، عاشوراء امتداد حركة الأنبياء، ص4.

المصادر والمراجع

  • بيانات در مراسم مشترك دانش آموختگى دانشجويان دانشگاه امام حسين (ع)، الموقع الرسمي لمكتب آية الله الخامنئي، تأريخ الإدراج: 26/فروردين/1388ش، تاريخ المشاهدة: 15 ذي الحجة 1444هـ.
  • الأمين، أعيان الشيعة، تحقيق حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، د. ت.
  • الخميني (الإمام)، السيد روح الله، صحيفة الإمام، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، الطبعة الأولى، 1429هـ.
  • القزويني، مهدي الرجائي الموسوي، الأدباء من آل أبي طالب، قم، مكتبة المرعشي الكبرى، مطبعة گل وردي، الطبعة الأولى، 1434هـ.
  • القطيفي، أحمد آل طعّان، الرسائل الأحمدية، تحقيق دار المصطفى(ص) لإحياء التراث، مطبعة أمين، الطبعة الأولى 1419هـ.
  • المدرسي، محمد تقي، عاشوراء امتداد لحركة الأنبياء، طهران، مكتبة العلامة المدرسي، الطبعة الثانية، 1407هـ.
  • شريعتي،علي، الحسين وارث آدم (مجموعة الآثار رقم 19)،طهران، انتشارات قلم، 1380.
  • صحتي سردرودي،‌محمد، چند حديث معروف درباره عاشورا، في مجلة علوم الحديث، رقم 26.
  • مطهري، مرتضى، نبرد حق و باطل (في مجموعة الآثار ج 3)، طهران، انتشارات صدرا.