الضرب بالسلاسل أو الزناجيل والزنجيل، نوع من مراسيم العزاء، يمارس على وجه الخصوص في مناسبة العزاء الحسيني، ويتم ذلك عبر ضرب المشاركين بسلاسل حديدية على أكتافهم وظهورهم، حيث يتذكرون المصائب التي نزلت بـالإمام الحسينعليه السلام وأهل بيتهفي واقعة كربلاء.

موكب زنجيل في كربلاء بين الحرمين

ينتشر هذا النوع من العزاء في مناطق تقطنها الشيعة على امتداد بلاد الهند وباكستان وإيران والعراق وجنوب لبنان.

يمارس الرجال على وجه العموم هذا الطقس في مناسبات کــالعشرة الأولى من شهر محرم والعشرة الأخيرة من شهر صفر. كما تقام هذه المراسيم بأساليب متنوعة، ويرافق موكب السلاسل رادود حسيني بقرائة قصائد حسينية بألحان مختلفة وبالتزامن مع قرع الطبل والطاس أثناء السير أيضاً.

على الرغم من أن أغلبية فقهاء الشيعة، حكموا بـإباحته، إلا أن البعض منهم رأوا فيه منعاً كما في التطبير، وبسببه حرّم على فاعله.

التعريف

 
صورة للزنجيل بأيدي المعزين

االسلاسل الحديدية هي الزناجيل ومفردها الزنجيل بمعنى سلسلة.[١] ويتكون الزنجيل من مجموعة من سلاسل حديدية صغيرة مربوطة بمقبض خشبي أو حديدي ويضرب بها على الظهر والكتفين.[٢]

الخلفية

اعتبرت المصادر نشأة الضرب بالسلاسل من الشبه القارة الهندية. ومن المحتمل أنه انتشر عبر إيران خلال العهد القاجاري. لا ذكر لهذا الطقس في نصوص أقدم من هذا. أشار بعض المستشرقين وسياح الأجانب إلى تقارير لهذا النوع من العزاء المصاحب بالزناجيل خلال مشاهداتهم أثناء رحلاتهم إلى إيران في العهد القاجاري.[٣]

المتسع الجغرافي

ضرب السلاسل من الطقوس العاشورائية للشيعة والتي تقام في إيران، العراق، لبنان، باكستان، ومناطق من الشبه القارة الهندية.[٤]

ضرب الزنجيل لا يختص بمكان معين وكما يقام في أماكن مفتوحة كالشوارع والأزقة والساحات، فيجرى في المغلقة والمحدودة من الأماكن أيضاً كـالحسينيات والتكايا.[٥]

الرمزية

يرمز هذا العمل إلى المصائب التي حلّت بقافلة الأسرى لأهل بيت الحسين ؛ منها تقييدهم بالسلاسل وضربهم بالسياط على طول الطريق. وثمة عقيدة بأن المشارك يتجشّم رزيّتهم ويتذكر الصعاب التي نزلت بهم على يد أعداء آل البيت .[٦]

الطريقة للإقامة وأنواعه

يتم إقامة هذا الطقس العزائي بشكل جماعي عادتاً في مختلف الدول. والسلاسل الحديدية لا تختلف شكلياً في إيران والعراق كثيراً. وفي مناطق من الهند وباكستان يختلف باختلاف الزناجيل المزودة بأمواس أو شفرات ملتصقة بها.

في إيران

 
صورة من موكب لضرب الزنجيل في إيران

يجتمع المشاركون في إيران ضمن صفوف منتظمة. (صَفَين عادة) وكل صف يقابل الآخر، في حين المشاركون واقفين جنباً إلى جنب، أو في عدة طوابير وبفاصل بضعة أقدام، وراء بعضهم البعض ويسيرون باتجاه واحد، وخطوة فخطوة يسير الموكب وهم - على سبيل المثال - يضربون بالسلاسل على الكتف اليمنى مرة، ثم على الكتف اليسرى مرة، ثم على اليسرى مرة أخرى وهكذا دواليك، بإيقاع ثلاثي يتقدمهم الأعلام الكبار ومن ثم الشبان فالأولاد.[٧]

يتوسط الموكب النائح الذي ينشد قصيدة في رثاء الحسين  بصوت حزين. كما تتقدم كل مجموعة فرقة موسيقية شعبية تتكوّن من عازفي الطبول والنقّارات والأبواق والزنجات تليها حَمَلة الأعلام والرايات والبيارق السوداء والحمراء والخضراء. ومما يلفت الأنظار، رفع هيكل فولكلوري كبير يدعى "عَلَم زنكي" أو "لسان الشمر" كما يدعوه البعض الآخر.[٨]

يضرب المشاركون على ظهورهم بالترتيب وطبقاً لإيقاع الرادود وقصيدته أو دوي قرع الطبول. يجرى هذا العمل بأساليب وإيقاعات مختلفة؛ بضربة واحدة، أو ضربتين، أو ثلاثة فما فوق، ويحددها ترتيب عزف الألحان التي يلقيها الرادود، إلى جانب صوت الطبول، والصنجات والأبواق.[٩]

في العراق

 
صورة من موكب الضرب بالزنجيل في كربلاء

يقام كما في إيران وبنفس الأسلوب، فيرتدي المشاركون ألبسة سوداء طويلة مفتوحة من جهة الكتفين حتى الظهر - ناحية ضرب الزنجيل - لتمسّ السلاسلُ الجلد مواساة لـأهل البيت والسبايا. وفي الكاظمية مثلاً يشكّل المشاركون حلقات بيضوية أو مستطيلة الشكل، واحدة تلو الأخرى، ويتّجهون نحو صحن الإمامين الكاظمين (ع). كما تعزف الطبول والصنوج والأبواق والألحان معها غالباًَ، في هذا النوع من موكب العزاء.[١٠] وشيئاً فشيئاً يتصاعد الحماس ويشتد معه ضرب السلاسل ويأخذ الجمهور المحتشد بالبكاء والعويل مما يزيد ذلك من حماس ضاربي الزناجيل فيأخذون بالضرب وبقوة أكبر ووتيرة أسرع، حتى يصل الحماس إلى ذروته وهم ينادون "يا حسين...يا مظلوم" وأحياناً تسيل الدماء على ظهورهم.[١١]

ويلاحظ أن بعض هؤلاء يحمل سلسلة حديدية ربطت فيها سكاكين صغيرة وحادة - متأثرين بأهل باكستان والهنود - إعتقاداً منهم كلّما ضحى المرءُ بقدر أكبر من الآلام والدماء في سبيل الحسين، حصل على أجر وثواب أكثر عند الله، وسوف يشفع له الإمام عند جده النبي  يوم القيامة.[١٢]

في الهند وباكستان

رغم أن هذا الطقس كان يقام بنفس الأسلوب الذي كان عليه في إيران، لكن أهالي الهند وباكستان أحدثوا فيه، وذلك بإضافة شفرات أو أنصال حادة إلى حلقات الزنجيل. يعتقد الضاربون أنه يجيز لهم الشرعُ إراقة الدماء، كما في حكايات مشابهة، مثل أويس القرني وماشابهه.[١٣]

يقام هذا الطقس العزائي في جميع مدن باكستان ويشارك فيه الشبان الباكستانيون من المذاهب العامة والديانة المسيحية.[١٤] ومن المرسوم هناك أن الأزواج التي لم تنجب، تعقد نذراً بأنها لو رُزقت بولد، تُحضره في هذا العزاء سنوياً ليشارك فيه.[١٥]

المعارضين

رغم فتوى أغلبية الفقهاء بجواز إقامة الضرب بالسلاسل، إلا أن البعض منهم لم يفتِ بجواز هذا النوع من العزاء ويعتبره مشابهاً للتطبير،[١٦] ومن جملتهم:

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. الحيدري، إبراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 112.
  2. الحيدري، إبراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 112.
  3. حسام مظاهري، محسن، بالفارسية: (فرهنك سوك شيعي) في مدخل (زنجير زني).
  4. حسام مظاهري، محسن، بالفارسية (فرهنك سوك شيعي) "معجم عزاء الشيعة، تحت مدخل (زنجير زني).
  5. فريد، محمد صادق، بالفارسية: (كتاب إيران، سوكواري هاي مذهبي در إيران)، ص 71.
  6. فريد، محمد صادق، بالفارسية: (كتاب إيران، سوكواري هاي مذهبي در إيران)، ص 148.
  7. فريد، محمد صادق، بالفارسية: (كتاب إيران؛ سوكواري هاي مذهبي در إيران)، ص 142.
  8. الحيدري، ابراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 112.
  9. حسام مظاهري، محسن، بالفارسية: (فرهنك سوك شيعي) في مدخل (زنجير زني)؛ الحيدري، إبراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 112.
  10. الحيدري، إبراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 114.
  11. الحيدري، ابراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 113.
  12. الحيدري، إبراهيم، تراجيديا كربلاء، ص 114.
  13. رضايي، صفية، بالفارسي (عزا داري امام حسين در جهان) = مراسيم العزاء الحسيني في العالم، ص 102.
  14. رضايي، صفية، بالفارسي (عزا داري امام حسين در جهان) = مراسيم العزاء الحسيني في العالم، ص 102.
  15. رضايي، صفية، بالفارسي (عزا داري امام حسين در جهان) = مراسيم العزاء الحسيني في العالم، ص 101.
  16. مجموعة من العلماء، رسائل الشعائر الحسينية، ج 1، ص 42 - 45.

المصادر والمراجع

  • الحيدري، إبراهيم، تراجيديا كربلاء؛ سوسيولوجيا الخطاب الشيعي، بيروت، دار الساقي، ط 1، 1999 م.
  • حسام مظاهري، محسن، بالفارسي (فرهنك سوك شيعي)=معجم العزاء الشيعي، د م، د ت.
  • فريد، محمد صادق، بالفارسي (كتاب إيران: سوكواري هاي مذهبي در ايران)=العزاء الديني في إيران، طهران، الهدى، 1386 ش.
  • مجموعة من العلماء، رسائل الشعائر الحسينية؛ رسالة التنزيه للسيد محسن الأمين والرسائل المؤيدة والمعارضة لها، تحقيق محمد الحسون، قم، مركز الأبحاث العقائدية، د ت.