انتقل إلى المحتوى

المراثي

من ويكي شيعة

المراثي هي إنشاد الشعر وذكر للمصائب يصاحبها الحزن والأسى مع مراسيم خاصة بها في رثاء وعزاء كبار الشخصيات الدّينية. سادت في الثقافة الشيعية إقامة مجالس العزاء على المعصومينعليه السلام وخاصة إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسينعليه السلام. وقد ورد في الأحكام الفقهية بأنّ رثاء الأموات مكروه، إلاّ للمعصومينعليه السلام، فإنه من شعائر الدين وفيه إحياء لذِكْرِ أهل البيتعليه السلام.

التعريف

هو القول الذي يذكر عند المصيبة للتسلية والتعزية خاصة عند فقدان الأحبة والأعزة وهي موجودة في جميع الأمم وأنواع البشر وتختلف بحسب لغاتهم وأديانهم، علماً بأن حادثة الموت من الديون التي لا بد لها من التقاضي، وأنه لا سبيل إلى الخلود والبقاء، ولا بد لكل نفسٍ من الذهاب ولكل جسدٍ من الفناء. [١]

التأريخ

بدأت المراثي منذ بداية البشر، ومع المصائب التي نزلت على آدم أبو البشر والتي واجهها من فراقه للجنة ونزوله إلى الأرض وقتل هابيل على يد أخيه قابيل.[٢]

أنواع المراثي

  • دائرة المراثي أوسع من النظم فهي تشمل النثر أيضاً كما ورد أنّه وقف علي بن أبي طالبعليه السلام على قبر رسول اللهصلی الله عليه وآله وسلم ساعة الدفن وقال: إنّ الصبر لجميل إلاّ عنك، وإنّ الجزع لقبيحٌ إلاّ عليك، وإنّ المصاب بك لجليل، وإنّه قبلك وبعدك لجلل.[٣]
  • وأمّا المراثي الواردة في النظم والشعر فهي كثيرة، فمنها ما رثى بها حسان النبيصلی الله عليه وآله وسلم:
بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُمنيرٌ، وقد تعفو الرُّسومُ وتهمدُ
ولا تمَّحي الآياتُ من دارِ حرمةٍبها منبرُ الهادي الَّذي كان يصعدُ
وواضحُ آياتٍ وباقي معالمٍوربعٌ له فيه مصلىً ومسجدُ....[٤]


المراثي عند العرب

نشأت المراثي عند العرب منذ العصر الجاهلي حيث برز في الساحة بعض الشعراء كالخنساء وليلى الأخيلية ولبيد وأوس بن حجر.[٥]

مراثي أهل البيت عليها السلام

لم يكن النبي الأعظمصلی الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليها السلام بأقل حظاً في المراثي من غيرهم، بل كان لهم النصيب الأوفر في ذلك نظراً إلى امتداد المراثي التي سبقتهم من العصر الجاهلي والبيئة التي كانوا فيها، ففضلاً على ما تقدم من رثاء حسّان شاعرهصلی الله عليه وآله وسلم ,فهناك مراثي ابنته السيدة فاطمة الزهراءعليه السلام في حق أبيها وذلك بعد وفاته وهي قد أخذت قبضة من تراب قبر النبيصلی الله عليه وآله وسلم، فوضعتها على عينها، ثم قالت :

ماذا على من شم تربة أحمدأن لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت على مصائب لو أنهاصبت على الأيام صرن لياليا[٦]


وفي مقام شهادات أهل البيت عليهم السلام مراثي كثيرة، فمن ذلك ما قيل في الإمام أمير المؤمنينعليه السلام ، ويكثر قرائتها في ليلة شهادته:

قُم ناشد الإِسلامَ عن مُصابهأُصيب بالنبيّ أم كتابه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرىبالرُّوح محمولاً على ركابه
بل قضى نفسُ النبيّ المرتضىوأُدرج الليلة في أثوابه...[٧]

وكذلك ما يُنعى بها السيدة الزهراءعليه السلام وهو قول الإمام عليعليه السلام بعد وفاتها:

مالي وقفت على القبور مسلماقبر الحبيب فلم يرد جوابي
أحبيب ما لك لا ترد جوابناأنسيت بعدي خلة الأحباب...[٨]
تشابيه في بين الحرمين

وهنالك مراثي لبقية الأئمة عليها السلام ذكرتها الكتب، كما أنّ للمصيبة العظمى واقعة الطف وشهادة الإمام الحسينعليه السلام الأثر الأكبر في المراثي حيث طوّرتها وحوّلتها من قالب الإلقاء والإنشاد إلى مجالس التعازي كما نشاهدها اليوم في الحسينيات والتشابيه التي تقرأ فيها المصيبة بالطريقة الخاصة وفضلاً على ذلك ما نراه في المواكب بشتى أقسامها: مواكب الزنجيل أو الضرب بالسلاسل، ومواكب اللطم، ومواكب الدمّام وهي إعلان للحداد وبداية للحزن البكاء.[٩]


وقبر بطوس يا لها من مصيبةألحت على الأحشاء بزفرات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائمايفرج عنا الغم والكربات[١٠]


الهوامش

  1. النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب: ص1749.
  2. الصدوق، عيون أخبار الرضا: ج1، ص220.
  3. ابن حمدون، التذكرة الحمدونية: ج4، ص197.
  4. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج1، ص210.
  5. المبرد، التعازي والمراثي: ص9.
  6. ابن قدامة، المغني: ج2، ص411.
  7. حيدر الحلي، ديوانه: ج1، ص26.
  8. المجلسي، بحار الأنوار: ج43، ص217.
  9. احسان فضلي، فلسفة الشعائر الحسينية.
  10. المجلسي، بحار الأنوار: ج49، ص248.

المصادر

  • ابن حمدون، محمد بن الحسن، التذكرة الحمدونية، تحقيق: احسان عباس، دار صادر، بيروت، ط1، 1996 م.
  • ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف، 1956 م.
  • ابن قدامة، عبدالله بن أحمد، المغني، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع، بيروت، د ت.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق: محمد باقر البهبودي، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403 هـ.
  • الحلي، حيدر بن سليمان الحلي، ديوان السيد حيدر الحلي، تحقيق: علي الخاقاني، د ن، د م، د ت.
  • الشيخ الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا، تحقيق: حسين الأعلمي، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1404 هـ.
  • موسوعة الشعر العربي، مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، الإصدار الأول، 2009م.