عمر بن سعد، (قتل سنة 65 أو 66 أو 67 هـ) هو عمر بن سعد بن أبي وقاص المعروف بـابن سعد أمير جيش الكوفة في واقعة كربلاء. توجه عمر بن سعد إلى كربلاء بأمر من عبيد الله بن زياد مع أربعة آلاف مقاتل لمحاربة الإمام الحسين عليه السلام طمعاً في حكم الري، و كان له الدور البارز في تلك الواقعة و في استشهاد عدد من أصحاب الإمام الحسين. ورمى بأول سهم على الحسين عليه السلام وأنصاره معرباً عن عزمه الراسخ على قتالهم، و بعد أن استشهد الحسين وأصحابه أمر بأن توطئ أجسادهم بالخيل. قتل ابن سعد سنة 66 هـ على يد المختار الثقفي، ولم ينل حكم الري.

عمر بن سعد
تاريخ وفاةسنة 66 هـ.
مكان وفاةالكوفة
سبب وفاةقتله المختار الثقفي بعد ثورته
والدانسعد بن أبي وقاص
أعمال بارزةأمير جيش الكوفة في واقعة الطف - أمر بسحق أجساد شهداء كربلاء بالخیل - شجّع أباه على طلب الخلافة - الشهادة ضد حجر بن عدي

النسب و الولادة

عمر بن سعد (مالك) بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة الزهري المدني قتل سنة (65 أو 66 أو 67 هـ /684 أو 686 م)، أمير جيش عبيد الله بن زياد في كربلاء. لا تتوفر معلومات دقيقة عن تاريخ ولادته، و ذكر بعضهم أنه ولد في زمن رسول الله   ، و قيل في عام قتل عمر بن الخطاب (23 هـ/ 644 م)[١]، ويظهر أن القول الأول حول ولادته هو الصحيح، فقد روى الطبري[٢] أنه كان مع أبيه في فتح العراق عام 17 هـ /638 م، وكان آنذاك يافعاً، وقد أمره والده بفتح رأس العين.

ما قبل واقعة كربلاء

تشجيع أبيه على طلب الخلافة

ورد عن عمر بأنه حينما تم التحكيم بين علي   ومعاوية بن أبي سفيان في دومة الجندل (عام 37 هـ/ 657 م) كان هناك، و بعد أن شاهد ما كان بين قواد جيش علي   ومعاوية من خلافات، أتى أباه وشجعه على طلب الخلافة، فرفض والده[٣].

الشهادة ضد حجر بن عدي

في 51 هـ/ 671 م دعاه زياد للشهادة ضد حجر بن عدي فكان ابن سعد ممن شهدوا بأن حجراً أثار الفتنة و أنه كافر. و قد اتخذ معاوية من هذه الشهادة ذريعة فقتل حجرا و أنصاره في مرج عذراء[٤].

الخيانة في حق مسلم بن عقيل

حينما قدم مسلم بن عقيل إلى الكوفة في 60 هـ/ 680 م لأخذ البيعة للإمام الحسين   كتب ابن سعد مع عدد من أشراف الكوفة رسائل إلى يزيد قائلين: إن كان لك حاجة في الكوفة فابعث إليها رجلاً ينفذ فيها أمرك فإن النعمان بن بشير ضعيف [٥]، وبعد أن قبض عبيد الله بن زياد على مسلم بن عقيل وأسر مسلم بوصيته لعمر بن سعد في مجلس عبيد الله، أخبر ابن سعد عبيد الله بها وخان مسلماً[٦].

في كربلاء

تعود أكثر شهرة ابن سعد في تاريخ الإسلام إلى مشاركته في واقعة كربلاء الدموية التي استشهد فيها الإمام الحسين   وأصحابه. وقد جعلت هذه الحادثة ابن سعد واحداً من الوجوه الكريهة في التاريخ. فبعد أن قدم عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، وولّى ابن سعد حكم الري ودستبي (معرب دشتبي، وهو سهل واسع بين الري وهمدان ألحق فيما بعد بقزوين)[٧] وأمره بالقضاء على فتنة الديالمة[٨] فعسكر ابن سعد مع أربعة آلاف مقاتل خارج الكوفة دعاه عبيد الله بن زياد لمواجهة الحسين   في كربلاء، وقد امتنع في البدء فهدده ابن زياد بأن يذهب للتصدي للحسين   أو يعيد العهد بحكم الري. وقد نسب له هذه الأبيات:

دعاني عبيد اللّه من دون قومه إلى‌ خطّة فيها خرجتُ لِحَيني‌
فواللّه ما أدري وإنّي لحائرأفكّر في أمري على‌ خطرينِ‌
أأترك مُلك الريّ والريّ منيتي أم أرجع مأثوماً بقتل حسينِ؟
وفي قتله النّار التي ليس دونهاحجابٌ، ومُلك الريّ قرّة عينيِ

فقبل ابن سعد المهمة الجديدة وسار مع الجيش الذي يقوده[٩] نحو كربلاء، ودخلها في يوم الجمعة الثاني أو الثالث من محرم الحرام 61 هـ.

بعث رسول إلى الإمام الحسين  

بعث قرة بن قيس الحنظلي إلى الإمام الحسين   ليسأله عن سبب مجيئه إلى العراق، فأجاب الإمام   "كتب إليّ أهل الكوفة في القدوم إليهم، فأما إذ كرهوني فإني أنصرف عنهم". فكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد يبلغه جواب الإمام   ، غير أن من حول عبيد الله ممن يرغبون في قتال الإمام   كـشمر بن ذي الجوشن وغيره منعوه من التساهل معه، فكتب إلى ابن سعد -وكان ابن سعد يميل إلى إنهاء الأمر بالصلح- إما أن تقاتل الحسين   أو تسلم قيادة جيش الكوفة لـــلشمر بن ذي الجوشن[١٠]، غير أن ابن سعد أجاب شمراً بأنه سيبقى قائداً للجيش، ورمى بأول سهم على الحسين   وأنصاره معرباً عن عزمه الراسخ على قتالهم.[١١]

الأمر بسحق جسم الإمام الحسين   وأصحابه

بعد أن استشهد الإمام الحسين   وأصحابه أمر عمر بأن تُسحق الأجساد بالخيل.[١٢] وفي 12 من محرم الحرام وبعد دفن قتلاه سار بجيشه إلى الكوفة ومعه أسراه من عائلة الإمام الحسين  .[١٣] ولما قدم إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة طلب منه الكتاب الذي كتب له في قتل الحسين   ، فقال إنه ضاع.[١٤] وحينما خسر ابن سعد كل شيء قال: "ما رجع أحد إلى أهله بشر مما رجعت به، أطعت الفاجر الظالم ابن زياد وعصيت الحكم العدل وقطعت القرابة الشريفة".[١٥]

مقتله

كان عمر بن سعد حينما قام سليمان بن صرد مطالباً بدم الإمام الحسين   في 65 هـ/ 684 م لا يبيت إلا في قصر الإمارة مخافة أن يأتيه القوم في داره.[١٦] ولما تجرد المختار الثقفي لطلب قتله الحسين   في 66 هـ واستولى على الكوفة هرب منه عمر بن سعد مع محمد بن الأشعث وكان يتولى الحرب في كربلاء أيضاً،[١٧] ولكنهما عادا إلى الكوفة بعد خروج أهلها على المختار وتوليا أمور الكوفيين مع بقية الرؤساء المعارضين للمختار، ثم ما لبثا أن هربا إلى البصرة بعد هزيمة الكوفيين للجوء إلى مصعب بن الزبير، فبعث المختار أبا القلوص الشبامي في طلبهما فوقع عمر بن سعد في يده وأتى به المختار فضرب عنقه مع ابنه حفص الذي كان في مجلسه. وأرسل برأسيهما إلى المدينة لـمحمد بن الحنفية بعد إحراق جسديهما.[١٨]

وفي رواية أخرى أنّ عبدالله بن جعدة شفع لابن سعد فمنحه المختار الأمان[١٩] وذلك لأن أخت المختار أو ابنته كانت زوجة عم ابن سعد.[٢٠] ولكن محمد بن الحنفية اعترض على المختار فأمر هذا أحد قواده بالقبض على إبن سعد في داره وضرب عنقه، ولما أدخل رأس عمر على المختار، ضُرب عنق ابنه حفص أيضاً وكان في مجلسه.[٢١]

اختلاف علماء السنة في كونه ثقة

روى ابن سعد عن أبيه[٢٢] وعن أبي سعيد الخدري.[٢٣]وروى عنه عدد، منهم ابنه إبراهيم وحفيده أبو بكر بن حفص وأبو الخطاب البصري وقتادة بن دعامة السدوسي ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري وأبو إسحاق السبيعي الهمداني وعمرو بن عبدالله.[٢٤] عدّه العجلي من الثقات، غير أن ابن أبي حاتم الرازي[٢٥] روى أن يحيى بن معين قال: كيف يكون قاتل الحسين   ثقة؟ ورغم أن ابن حجر العسقلاني يذكر[٢٦] أنه كان صدوقاً، غير أنه يورد[٢٧] أن الرواة اعترضوا على بعض المحدّثين الذين رووا عن عمر بن سعد.

الهوامش

  1. ابن حجر، تقريب التهذيب، ج7، ص451.
  2. الطبري، تاريخ الطبري، ج4، ص53.
  3. الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص67.
  4. الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص269-272-276.
  5. الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص356.
  6. الدينوري، الأخبار الطوال، ص241.
  7. ابن الفقيه، مختصر البلدان، ص284-283.
  8. الدينوري، الأخبار الطوال، ص153.
  9. البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص176-177.
  10. البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص177-178-411-415. الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص409-417. المفيد، الإرشاد، ص434-439.
  11. الطبري، تاريخ الطبري، ص239.
  12. البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص204.
  13. البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص206-207.
  14. الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص467.
  15. البلاذري، أنساب الأشراف، ج3، ص211.
  16. الطبري، تاريخ الطبري، ج5، ص587.
  17. الدينوري، الأخبار الطوال، ص298.
  18. الدينوري، الأخبار الطوال، ص300-301. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص259.
  19. الخوارزمي، مقتل الحسين، ج2، ص222.
  20. الخوارزمي، مقتل الحسين، ج2، ص222.
  21. ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج4، ص404-405.
  22. العجلي، تاريخ الثقات، ص357.
  23. ابن حجر، تقريب التهذيب، ج7، ص450.
  24. الرازي، الجرح والتعديل، ج 3، ص 111؛ ابن حجر، تقريب التهذیب، ج 7، ص 450.
  25. الرازي، الجرح والتعديل، ج 3، ص 111-112.
  26. ابن حجر، تقريب التهذيب، ج2، ص56.
  27. ابن حجر، تقريب التهذيب، ج7، ص451.

المصادر والمراجع

  • الرازي، عبد الرحمن ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، الدكن، حيدر آباد، 1372 هـ/ 1953 م.
  • ابن حجر، أحمد آل بوطامي، تقريب التهذيب، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، د ن، بيروت، 1395 هـ/ 1975 م.
  • ابن حجر، أحمد آل بوطامي، تهذيب التهذيب، الدكن، حيدر آباد، 1325 هـ /1907 م.
  • ابن عبد ربه، أبو عمر أحمد بن محمد، العقد الفريد، تحقـيق: أحمد أمين وآخرون، د ن، بيروت، 1402 هـ/ 1982 م.
  • ابن الفقيه، شهاب‌ الدين أحمد بن محمد بن إسحاق، مختصر البلدان، ليدن، د م، 1302 هـ/ 1885 م.
  • البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود، أنساب الأشراف، تحقـيق: محمد باقر المحمودي، د ن، بيروت، 1397 هـ /1977 م.
  • الخوارزمي، الموفق بن أحمد بن أبي سعيد إسحاق، مقتل الحسين، تحقيق: محمد السماوي، د ن، قم، 1376 هـ/ 1957 م.
  • الدينوري، أبو حنيفة أحمد بن داود ، الأخبار الطوال، تحقيق: عبد المنعم عامر وجمال الدين الشيال، د ن، بغداد، 1379 هـ/ 1951 م.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، أعلام الورى، تحقيق: علي أكبر الغفاري، د ن، بيروت، 1399 هـ/ 1979 م.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري ، د ن، د م، د ت.
  • العجلي، أبو الحسن أحمد بن عبد الله، تاريخ الثقات، تحقـيق: عبد المعطي القلمجي، د ن، بيروت، 1405 هـ/ 1985 م.
  • المفيد، محمد بن محمَّد بن النعمان بن عبد السَّلام الحارثي المذحجي العكبري، الإرشاد، تحقيق: محمد باقر بهبودي، د ن، طهران، 1351 ش.
  • اليعقوبي، أحمد أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر ، تاريخ اليعقوبي، د ن، بيروت، 1371 هـ.

وصلات خارجية