المدينة المنورة

من ويكي شيعة
(بالتحويل من المدينة)
المدينة المنورة
المسجد النبوي في المدينة المنورة
المعلومات العامة
البلدالحجاز
التسمياتيثرب، طيبة
اللغةاللغة العربية
الديانةالإسلام
القوميةالعربية
المعلومات التاريخية
تاريخ التشيعصدر الإسلام
الأماكن
مزارات الأنبياءقبر رسول الله (ص)
المقابرمقبرة البقيع
المساجدالمسجد النبوي


المدينة المنورة، ثاني أهم المدن الدينية عند المسلمين، تقع في المملكة العربية، وقد اكتسبت أهميتها بعد هجرة النبي الأكرم (ص) إليها، واتخاذها مقراً له وعاصمة لحكمه، وكانت تسمّى قبل ذلك بـيثرب، فاشتهرت بعدها بمدينة النبي، كما سماها النبي (ص) «طيبة».

وتقع في الشمال الشرقي لـمكة المكرمة في ناحية الحجاز، ويفصلها عن مكة حوالي 450 كيلو متراً، وهي أوّل عاصمة إسلامية وفيها الكثير من الأماكن المقدسة كمرقد النبي الأكرم (ص)، ومسجد النبي، ومقبرة البقيع، حيث دفن فيها أربعة من أئمة الشيعة وبعض أصحاب النبي. ومن أبرز الأحداث التي حصلت في تلك البقعة غزوات النبي الأكرم مع يهود المدينة، وواقعة الحرة، وثورة النفس الزكية، وواقعة فخ، كما أنّ أكثر أئمة الشيعة عليهم السلام كانوا يسكنون فيها. ومن السنن الدارجة بين المسلمين الذين يسافرون إلى المملکة العربية للحج أو العمرة الذهاب إلى المدينة وزيارة البقاع المقدسة فيها والصلاة في مسجد النبي.

الموقع الجغرافي

اكتسبت هذه البقعة المكانية أهميتها بعد هجرة النبي الأكرم (ص) إليها، واتخاذها مقراً له وعاصمة لحكمه، وكانت تسمّى ب يثرب فسماها النبي محمد (ص) طيبة، وتقع في الشمال الشرقي لمدينة مكة المكرمة في ناحية الحجاز ويفصلها عن مكة 450 كيلو متر.[١] في أرض تكثر فيها الآجام والصخور الحادة[٢]ومن أبرز مميزات المدينة الجغرافية وقوعها بين حرتين الأولى حرّة واقم التي تقع في الجانب الشرق للمدينة والأخرى حرّة وَبْرة التي تقع في جانبها الغربي.[٣] والحرّة أرض ذات حجارة سوداء كأنَّها محترقة خشنة لم تبلغ إلى مستوى الجبال بل هي أرض متعرجة. ومن أبرز جبالها جبل أُحد الذي تنسب إليه الواقعة المعروفة. وتحيط بالمدينة وما تبعها من أطراف أرض خصبة استغلها أصحابها في الزراعة وغرس الأشجار الكثيرة وخاصة النخيل منها.

سكان المدينة قبل الإسلام

يتوزع سكان المدينة على مجموعة من القبائل اليهودية الثلاث المتمثلة ببني قينقاع، وبني النضير وبني قريظة التي تقطن في الغالب في القسم الجنوبي والجنوبي الشرقي من المدينة؛[٤] ومن القبائل العربية المتمثلة بالأوس والخزرج الذين يبلغ عددهم ثلاثة أضعاف الأوسيين ويقطنون في مركز المدينة.

وكان عدد سكانها من العرب يفوق عدد اليهود كثيراً، وكان الصراع قائماً على قدم وساق بين قبيلتي الأوس والخزرج قبل هجرة النبي الأكرم (ص) إليها.

البعد الاقتصادي للمدينة

في الوقت الذي اهتم فيه المكيون بالجانب التجاري نرى المدنيين يهتمون– رغم البعد التجاري المحدود- بالجانب الزراعي والإعتناء بغرس الأشجار وخاصة زراعة النخيل في أطراف المدينة، وقد حفر أصحابها آباراً بها، وسقوها منها، وغرسوا عليها النخيل وزرعوا بها. واتخذوا لهم بها الحوائط والبساتين. ويظهر أن بعضها كانت واسعة تسقي بآبار غنية بالماء، لها جملة نواضح، وأبرزها في منطقة قبا والمناطق المتاخمة لجبل أحد.[٥] ومن أشهر ثمارها التمر التي هي العماد في الإقتصاد المدني بالإضافة إلى الأعناب.[٦] ومع ذلك كان الكثير منهم يعيش حالة من الفقر والحرمان.[٧]

طبيعتها المناخية

عرفت المدينة – كما عن ابن قتيبة- بطيب هوائها.[٨] ويؤمن المدنيون المياه اللازمة من خلال الأمطار واستنباط المياه من الآبار غير العميقة لقرب المياه الجوفية من سطح الأرض هناك.[٩]

أسماء المدينة في القرآن والحديث

تعرضت آيات القرآن الكريم لذكر اسم المدينة المنورة، باسمها الجديد تارةً وبالقديم تارةً أخرى، من قبيل:

  • المدينة: كما في قوله تعالى: ﴿يقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إلى الْمَدِينَةِ لَيخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ[١٠] وقوله تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.[١١]
  • يثرب: وهو الاسم المعروف للمدينة قبل هجرة النبي (ص)إليها، والذي جاء ذكره في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يثْرِبَ.[١٢] قال أبو القاسم الزجاجي: يثرب مدينة رسول الله (ص)سمّيت بذلك لأنّ أوّل من سكنها عند التفرق يثرب بن قانية بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام.
  • الدار: كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ والْإِيمانَ.[١٣]
  • ولما نزلها رسول الله (ص) سمَاها «طيبة» و«طابة».[بحاجة لمصدر]

هجرة النبي الأكرم (ص) إلى المدينة

بعد أن ضاق الخناق على المؤمنين عامة وعلى الرسول الأكرم (ص)خاصة شدّ الرحال متوجهاً صوب المدينة المنورة بعد أن مهّد له في بيعتي العقبة الأولى والثانية مع الأنصار من أهل المدينة، وكانت هجرته (ص)في أوائل ربيع الأوّل من السنة الثالثة عشرة للهجرة، متوقفاً في منطقة قُبا عدّة أيام ثم دخل بعدها المدينة مع من إلتحق به من المؤمنين، واستمرت إقامته فيها عشر سنين بعد أن اتخذها عاصمة لحكومته (ص).[١٤]

جهود النبي (ص)وحركته العمرانية في المدينة

بناء المسجد

تسجّل لنا الوثائق التاريخية أن أوّل عمل قام به الرسول الأكرم (ص)هو أنّه أمر ببناء مسجد في المدينة يؤدي إلى انسجام المسلمين ووحدتهم ويكون مركزاً ثقافياً وسياسياً وخندقاً ينطلق منه المسلمون في المهمات الكبرى.[١٥]

إصدار المعاهدة

الخطوة الثانية التي قام بها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه (ص)كتب كتاباً بين المهاجرين و الأنصار وكافة سكان المدينة مُحدداً لهم الواجبات والحقوق ضمن فقرات تؤمن حياة كريمة ومستقرة للجميع، كما دعا فيه اليهود وعاهدهم، وأقرّهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم، واشترط عليهم. وقد سجلت المصادر التاريخية فقرات تلك المعاهدة السامية.[١٦]

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

الخطوة الثالثة التي قام بها (صلى الله عليه وآله) أنه آخي بين المهاجرين والأنصار من أصحابه مؤاخياً بينهم على الحق والمواساة وموجداً لهذا النظام الأخوي في المجتمع المدني والمهاجري، بأمر من الله تعالى، ولبناء أفضل مجتمع عرفه البشر ولإبعاد الغربة والوحشة عنهم سيما وأنهم تركوا الأهل والوطن، وبايجاد روح الأخوة الإسلامية نتج الانس والألفة والتفاهم والتعاون فيما بينهم.[١٧]

المساجد في المدينة

مسجد النبي الأكرم (ص)

يعدّ مسجد النبي من أشرف وأقدس الأماكن المقدسة التي أشاد بها النبي الأكرم (ص) فيأتي بالمرتبة الثانية بعد المسجد الحرام قداسةً بين المسلمين، حتى أن الصلاة فيه كما في الحديث النبوي «تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ عَشَرَةَ آلافِ صَلَاةٍ فِي غَيرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ».[١٨]

مسجد قبا

هو أوّل مسجد بني في الإسلام في منطقة قبا المعروفة بطبيعتها الخلابة وتفصله عن مسجد النبي (ص) ستة كيلو مترات جنوباً، وقد أطبقت الروايات على أنّه المصداق لقوله تعالى «لمسجدٌ أسس على التقوى من أوّل يوم أحق أن تقوم فيه».[١٩]

وقد ورد في الحديث النبوي ما يدل على عظمة هذا المسجد، بأنّ «مَنْ تَطَهَّر في بَيتِهِ ثُمَّ أَتي مَسْجِدَ قُبا فَصَلي فيه رَكعتْين كانَ كأَجْرِ عُمْرَة».[٢٠]

مسجد علي عليه السلام

يقع مسجد علي عليه السلام إلى الجنوب من مسجد الفتح مشرفاً على وادي بطحان. قيل أن علياً عليه السلام كان يتعبّد في ذلك المكان أثناء حصار الأحزاب للمدينة في معركة الخندق.[٢١]

مسجد الشجرة

وهو المشهور اليوم بـمسجد الشجرة و«ذو الحليفة» و«أبيار علي»، ويعد من المساجد المهمة خارج المدينة المنورة وله مكانة سامية وأهمية كبيرة بإعتباره أحد مواقيت الحج ومساجد الإحرام.

مسجد الجمعة

عندما كان النبي الأكرم (ص) متجهاً من قباء صوب المدينة أدركته الجمعة في قبيلة بني سالم فصلى في بطن الوادي، ومن هنا عرف المكان الذي صلى فيه بمسجد الجمعة.

مسجد العمرة

ويعرف بمسجد عرفات أيضاً يقع في قبلة مسجد قبا، وقيل إنمّا سمّي بمسجد العمرة أو مسجد العرفات لأنّ النبي (ص) كان واقفاً هناك يوم عرفات فبسطت له الأرض فشاهد جموع الحجيج في عرفات.[٢٢]

مسجد عتبان بن مالك

وهو من المساجد التي تقع في منطقة قبا، نسبة إلى عتبان بن مالك السلمي أحد نقباء الأنصار، الذي قال: «كنت أؤم قومي بني سالمٍ، وكان إِذا جاءت السيول شقّ علي أَن أَجتاز وادياً بيني وبين المسجد فأَتيت النبي (ص) فقلت: «يا رسول الله (ص) إني يشق علي أَن أَجتازه فإن رأيت أَن تأْتيني وتصلي في بيتي مكاناً أَتخذه مصلى؟» قال: «أَفعل»، فلما دخل بيتي لم يجلس حتى قال: «أَين تحب أَن أُصلي فِي بيتك؟»، «فأَشرت إلى الموضعِ الّذي أُصلي فيه، فصلى فيه ركعتين» ومن هنا اتخذه المسلمون مسجداً.[٢٣]

مسجد الفضيخ

وكلمة الفضيخ هي عصير العنب، أو شراب يتّخذ من البسر، وهو التمر قبل ارطابه. وفضخُه: أي دفقه. وقد ذكر ابن شبة في كتابه تاريخ المدينة سبب تسميته بمسجد الفضيخ أنّه روي عن جابر بن عبد الله قال: «حاصر النبي (ص) بني النضير، فضرب قبّته قريباً من مسجد الفضيخ، وكان يصلّي في موضع الفضيخ ستة ليالٍ، فلمّا حرّم الخمر خرج الخبر إلى أبي أيوب ونفر من الأنصار وهم يشربون فيه فضيخاً، فحلّوا وكاء السقاء، فهرقوه فيه، فبذلك سمّي مسجد الفضيخ.

وروي عن الأئمة المعصومين عليهم السلام أنهم أطلقوا عليه اسم المسجد أيضاً كما ذكر ذلك صاحب البحار.[٢٤]

المساجد السبعة

في شمال غربي المدينة وعلى سفح جبل سلع شيدت سبعة مساجد عرفت بالمساجد السبعة وهي: مسجد علي عليه السلام، مسجد سلمان، مسجد فاطمة عليه السلام، مسجد أبي ذر، مسجد ذي القبلتين، مسجد أبي بكر و مسجد عمر.[٢٥]

يضاف إلى ذلك الكثير من المساجد المشيدة في المدينة المنورة، وهي:

الأماكن المقدسة والتاريخية

مقبرة البقيع

وهي من أشهر المقابر الإسلامية وأقدمها وتقع في الجانب الشرقي من المدينة.

ومن أبرز من دفن هناك: أئمة الهدى الأربعة الإمام الحسن المجتبي عليه السلام، الإمام علي بن الحسين عليه السلام، الإمام الباقر عليه السلام، الإمام الصادق عليه السلام، وكذلك العباس عمّ النبي الأكرم (ص) و أم البنين و إبراهيم ابن النبي (ص) وبناته (ص) رقية وأم كلثوم وعماته (ص) (صفية وعاتكة) والكثير من وجوه الأصحاب و التابعين والصالحين والعبّاد و الشهداء.

وكان النبي (ص) يولي هذه البقعة اهتماماً خاصاً حتى روي عنه أنّه قال: «أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع».

وكان (ص) إذا مر بالبقيع قال: «السَّلامُ عَلَيكُمْ مِنْ دِيارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ».[٢٧]

جبل أحُد

المقال الرئيسي: جبل أحد

يعد جبل أُحُد من أبرز جبال المدينة وأشهرها حيث يطل على الجانب الشماليّ الشرقي من المدينة على بعد خمسة كيلومترات من مسجد النبي (ص)[٢٨] وإنما سميّ بأحُد لإنفراده عن سلسلة جبال المدينة الأخرى.[٢٩] ويعدّ من أطول جبال الجزيرة العربية حيث يمتد على مسافة سبعة كيلو مترات طولاً وعلى مساحة قدرها ثلاثة كيلو مترات عرضاً.[٣٠]

وقد شهد جبل أُحُد المنازلة التي دارت بين الحق والباطل في السابع من شوال في السنة الثالثة للهجرة وضمت تربته رفات الشهداء الذين سقطوا في تلك المعركة.[٣١]

دار كلثوم بن هدم وسعد بن خيثمة

توجد في منطقة قباء مجموعة من المعالم التي إندثرت واختفى أثرها، منها دار سعد بن خيثمة عند الباب المسدود، ودار كلثوم بن الهدم، حيث نزل رسول الله (ص) بعد هجرته ومروره بقباء في دار كلثوم بن الهدم، وكان إذا خرج منه جلس للناس في بيت سعد بن خيثمة، وكانتا مأوى للمهاجرين الأوائل.[٣٢]

بئر أريس

بئر أريس، بفتح الألف وكسر الراء، على ميلين من المدينة ويسمّى أيضاً بئر الخاتم، وكانت مياهه قليلة، فأخذ النبي (ص) من لعابه فألقاه فيها النبي (ص) فعاد ماؤها عذباً وكان أجاجاً، وقد ذكرت هذه البئر في الكثير من المصادر الإسلامية.

قبر محمد ذي النفس الزكية

يقع قبر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليه السلام في شمال غرب المدينة وبالقرب من جبل سلع.[٣٣]

المدينة، مولد ومدفن المعصومين عليه السلام

أبصر النور في المدينة المنورة الكثير من أئمة الهدي عليهم السلام في طليعتهم الإمام الحسن عليه السلام[٣٤] و الإمام الحسين عليه السلام[٣٥] و الإمام السجاد عليه السلام[٣٦] و الإمام الباقر عليه السلام[٣٧] والإمامان الصادق عليه السلام والكاظم عليه السلام[٣٨] و الإمام الرضا عليه السلام[٣٩] والإمام الجوادعليه السلام و الإمام الهاديعليه السلام.[٤٠] و الإمام الحسن العسكري عليهم السلام جميعاً.[٤١]

في حين دفن فيها كل من الإمام الحسن عليه السلام[٤٢] والإمام السجاد عليه السلام[٤٣] والإمام الباقر عليه السلام[٤٤] والإمام الصادق عليه السلام[٤٥].

المدينة، عاصمة الحكومة الإسلامية

اتخذ الرسول الأكرم (ص) المدينة عاصمة له واستمرت عاصمة للدولة الإسلامية إلى نهاية حكومة الإمام الحسن عليه السلام سنة 41 هجرية بإستثناء ثلاث سنين من عمر حكم أمير المؤمنين عليه السلام، ثم عادت مرّة أخرى كعاصمة ولفترة وجيزة في زمن حكومة النفس الزكية سنة 145 هجرية.

الوقائع التاريخية

بمراجعة المصادر التاريخية نجد حوادث عدة وقعت في المدينة، من أشهرها واقعة الحرة وثورة ذي النفس الزكية، إضافة لبعض المعارك في تلك المنطقة.

واقعة الحرة

مثلت واقعة الحرة إحدى أكثر الجرائم التي ارتكبها الأمويون بعد جريمة قتل الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه، وذلك في السادس والعشرين أو السابع والعشرين من ذي الحجة سنة 63 هجرية؛ بعد أن ثار أهل المدينة ضد الأمويين وجور يزيد وظلمه، وقيل أن السبب وراء واقعة الحرة يعود إلى أحد أمور ثلاثة:

1. مبايعة أهل المدينة لعبد الله بن الزبير.

2. وقوفهم بوجه السلطة الأموية ومنعها من نهب أموال الناس وإرسالها إلى الشام.

3. خلعهم ليزيد لِما صدر منه من موبقات ورذائل لا تنم عن تدين وإيمان بالله.

فخرج الثوار من أهل المدينة على يزيد وحاصروا بيت مروان بن الحكم فحثّ الأمويون السير نحو الشام، ونمى فعل أهل المدينة ببني أمية وعلى يزيد إلى يزيد، فسيرَ إليهم بجيش من أهل الشام قوامه خمسة آلاف عليهم مسلم بن عقبة. ولمّا انتهى الجيش من المدينة إلى الموضع المعروف بالحرَّة خرج إلى حربه مع أهلها فكانت وقعة عظيمة قتل فيها خلق كثير من الناس من بني هاشم وسائر قريش‏ و الأنصار وغيرهم من سائر الناس. ونهب الأموال وبايع الناس على أنهم عبيدٌ ليزيد، ومن أبى ذلك قتل.[٤٦]

ثورة ذي النفس الزكية

كان ظهور محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة في سنة خمس وأربعين ومائة، و قد بويع له في كثير من الأمصار، واسند ثورته المحدثون وعلى رأسهم إمام المذهب المالكي مالك بن أنس. فأرسل إليه المنصور عيسى بن موسى من الكوفة في أربعة آلاف فارس وألفَي رجل، وأتبعه محمد بن قحطبة في جيش كثيف، فقاتلوا محمداً بالمدينة حتى قتل وهو ابن خمس وأربعين سنة ودفن في المدينة.[٤٧]

معارك النبي الأكرم (ص) مع يهود المدينة

غزوة بني قينقاع

غزوة قينقاع يوم السبت للنصف من شوّال، على رأس عشرين شهراً، حاصرهم النبي (ص) إلى هلال ذي القعدة. ويعود السبب فيها إلى نقضهم العهد وذلك لمّا قدم رسول الله (ص) المدينة، ودعته يهود كلّها، وكتب بينه و بينها كتاباً وجعل بينه وبينهم آماناً، وشرّط عليهم شروطاً، فكان فيما شرّط ألّا يظاهروا عليه عدوّا. فلمّا أصاب رسول الله (ص) أصحاب بدر وقدم المدينة، بغت يهود وقطعت ما كان بينها وبينه (ص) من العهد، فذكّرهم (ص) بالعهد وطلب منهم الإسلام ولكنهم أصرّوا واستكبروا وجابهوه بكلمات تنم عن غطرسة قائلين: لئن قاتلتنا لتعلمنّ أنّك لم تقاتل مثلنا. فبينا هم على ما هم عليه من إظهار العداوة ونبذ العهد، جاءت امرأة من العرب إلى سوق بني قينقاع، فجلست عند صائغ في حلي لها، فجاء رجل من يهود قينقاع فجلس من ورائها ولا تشعر، فحلّ درعها إلى ظهرها بشوكة، فلمّا قامت المرأة بدت عورتها فضحكوا منها. فقام إليه‏ رجل من المسلمين فاتّبعه فقتله، فاجتمعت بنو قينقاع، وتحايشوا فقتلوا الرجل، ونبذوا العهد مع النبي (ص) وحاربوه، وتحصّنوا في حصنهم، فسار إليهم رسول الله (ص) فحاصرهم، فكانوا أوّل من سار إليه (ص)، وأجلي يهود قينقاع.[٤٨]

غزوة بني النضير

كان النبي الأكرم (ص) يوماً في حصن بني النضير في قضية ذكرها المؤرخون فخلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حالته هذه ورسول الله (ص) إلى جانب جدار من بيوتهم قاعد فقالوا: من رجل يعلو على هذا البيت ويلقي عليه صخرة؟ فأتاه الخبر من السماء، فأمر رسول الله (ص) بحربهم والسير إليهم فسار النّاس إليهم فصالحهم على أن يحقن لهم دماءهم ويسيرهم إلى منطقة أذرعات.[٤٩]

غزوة يهود بني قريظة

بعد أن أخرج النبي (ص) بني النضير نقضت بنو قريظة العهد مع النبي وتآمروا عليه متحالفين مع قريش في معركة الأحزاب.[٥٠] إلّا أن معسكر الأحزاب وتحالفهم تضعضع بسبب قضية كان بطلها أحد المسلمين الجدد الذين لم يشهروا إسلامهم بعد.[٥١]

وبعد أن انتهت معركة الأحزاب وانسحب المشركون توجه النبي (ص)صوب قلاع بني قريظة فحاصرهم مدة شهر اضطروا بعدها إلى التسليم والخضوع لحكم النبي الأكرم (ص).[٥٢]

الهوامش

  1. الطوفي، حجة التفاسير و بلاغ الإكسير، ج 2(المقدمة)، ص 1064.
  2. جعفريان، أماكن وآثار إسلامي، ص 175.
  3. القزويني، آثار البلاد و أخبار العباد، ص 157.
  4. الأنصاري، آثار المدينة المنورة، ص 210.
  5. جواد علي، المفصل في تاريخ، ص 132.
  6. الطبري، السيرة النبوية، ص 266.
  7. المقدسي، أحسن التقاسيم، ص 34.
  8. ابن فقيه، أبو عبد الله احمد بن محمد؛ البلدان، ص 81؛ تحقيق: يوسف الهادي، عالم الكتب، الطبعة الأولى، بيروت، 1996 م.
  9. البلاذري، أنساب الأشراف: ج 5، ص 487؛ الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 104.
  10. سورة المنافقون: الآية8/ قاموس قرآن، ج 6، ص 244.
  11. سورة التوبة: الآية101.
  12. سورة التوبة: الآية102.
  13. سورة الأحزاب: الآية13.
  14. مكة والمدينة، كردي، عبيد الله محمد الأمين، ص 212.
  15. الأمين، مكة والمدينة، ص 212.
  16. الامين، مكة والمدينة، ص 212.
  17. الأمين، مكة والمدينة، ص 212.
  18. تأليف مركز تحقيقات حج، مسجد النبي، ص 3.
  19. أبو الفتوح الرازي، روض الجنان وروح الجنان، ج 6، ص 111؛ الطباطبائي، الميزان، ص 618؛ السيد قطب،الميزان، ص 305.
  20. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 3، ص 210؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، ص 189.
  21. السمهودي، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفي(الدّر الثمين)، ص 233؛ اليوسف، المساجد والأماكن الأثرية، ص 24.
  22. حافظ، تاريخ معالم المدينة المنورة، ص 125،126.
  23. حافظ، تاريخ معالم المدينة المنورة، ص 155.
  24. المجلسي، بحار الأنوار، ج 63، ص 487، ج 81، ص 82، ج 96، ص 335، ج 97، ص 213،214،216،224.
  25. السمهودي، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى(الدّر الثمين)، ص 233; اليوسف، المساجد والأماكن الأثرية، ص 24.
  26. مكة ومدينة، مركز تحقيقات الحج، ص 28.
  27. مركز تحقيقات الحج، البقيع، ص 3.
  28. حافظ، آثار إسلامي مكة و مدينة، ص354.
  29. العسقلاني الشافعي، فتح الباري، ج 7، ص 289-290؛ السمهودي، وفاء الوفاء، ج 3، ص 108.
  30. حافظ، تاريخ و آثار إسلامي مكة، ص 307.
  31. الزهري، المغازي، ص 145؛ اليوسف، المساجد والأماكن الأثرية، ص 31؛ البصري، تاريخ المدينة المنورة، ج 1، ص 130.
  32. شمس الدين السخاوي، التحفة اللطيفة، ص 70.
  33. بلاغي عبد الحجة، حجة التفاسير و بلاغ الإكسير، ج 2(المقدمة)، ص 10-71.
  34. المفيد، الإرشاد، ص 309.
  35. المفيد، الإرشاد، ص 331.
  36. المفيد، الإرشاد، ص 435.
  37. المفيد، الإرشاد، ص 452.
  38. المفيد، الإرشاد، ص 497.
  39. المفيد، الإرشاد، ص 525.
  40. المفيد، الإرشاد، ص 569.
  41. المفيد، الإرشاد، ص 585.
  42. المفيد، الإرشاد، ص 322.
  43. المفيد، الإرشاد، ص 435.
  44. المفيد، الإرشاد، ص 452.
  45. المفيد، الإرشاد، ص 467.
  46. المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 70-67.
  47. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 294-295.
  48. الواقدي، المغازي، ص 176؛ مع توضيحات أقل وفي بعض الموارد مختلفة مع سيرة ابن هشام، ص 315 -314؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 997؛ ابن أثير، الكامل، ج 3، ص 971-970.
  49. الواقدي، المغازي، ص 270-269؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 56-55؛ عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، ص 355-354؛ ابن أثير، الكامل، ج 3، ص 1011-1010؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 1056-1054.
  50. الواقدي، المغازي، ج 1، ص 365-363.
  51. عبد الملك بن هشام، سيرة ابن هشام، ص 374-371؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 67؛ الواقدي، المغازي، ص 363-361؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 1079-1078، ابن أثير، الكامل، ج 3، ص 1022.
  52. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 1084؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 1، ص 411.

المصادر والمراجع

  • اليوسف، عبدلله اليوسف، المساجد و الأماكن الأثرية د ن، د م، د ت.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، بيروت، دار الفكر، 1407 هـ.
  • الأزرقي، أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الغساني المكي، تاريخ آثار اسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مشعر، ط 2، د م، 1374 هـ.
  • الرازي، أبو الفتح، روض الجنان و روح الجنان، طهران، كتابفروشي إسلامية، د ت.
  • السيد قطب، إبراهيم حسين الشاذلي، في ظلال القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 5، 1384 هـ.
  • الشيخ المفيد، محمَّد بن محمَّد بن النعمان بن عبد السَّلام الحارثي المذحجي العكبري، الإرشاد، ترجمة: حسن موسوي مجاب، قم، انتشارات سرور، 1388 هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان، محمد باقر الموسوي الهمداني، بنياد علمي وفكر العلامة الطباطبائي، د ن، د م، 1363 هـ.
  • المسعودي، علي بن حسين، مروج الذهب و معادن الجوهر، تحقيق: أسعد داغر، دار الهجرة، ط 2، قم، 1409 هـ.
  • الندوي، السيد علي الحسني؛ السيرة النبوية، دمشق، دار ابن كثير، الطبعة الثانية عشرة، 1425هـ ق.
  • الواقدي، محمد بن عمر الواقدي، مغازي الواقدي، تحقيق: مارسدن جونس، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 3، 1409 هـ/1989 م.
  • جعفريان، رسول، الآثار الإسلامية في مكة والمدينة، مشعر، ط 1، 1381 هـ.