خديجة الكبرى عليها السلام

من ويكي شيعة
(بالتحويل من السيدة خديجة الكبرى)
خديجة الكبرى عليها السلام
قبر أم المؤمنين خديجة قبل وبعد هدمها من قبل الوهابية
قبر أم المؤمنين خديجةعليها السلام قبل وبعد هدمها من قبل الوهابية
معلومات شخصية
الاسم الكاملخديجة الكبرى بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي
اللقبأم المؤمنين
تاريخ الولادةالعقد الثالث أو الرابع قبل البعثة
الموطنمكة
الوفاة/الاستشهادفي السنة 10 للبعثة (619 م) (عام الحزن) - مكة
المدفنمقبرة المعلاة
معلومات دينية
سبب الشهرةزوجة النبي الأكرم (ص) - والدة فاطمة الزهراءعليها السلام
الأعمال البارزةأول امرأة آمنت بالنبي (ص) وكانت تدعم النبي والإسلام في أيامه الحرجة
الفعاليات الأخرىإنفاق كل ما تملك لنصرة الإسلام


خديجة الكبرى عليها السلام، هي خديجة بنت خُويلِد، والشهيرة بأم المؤمنين أيضاً، كونها زوجة النبي صلی الله عليه وآله وسلم ووالدة السيدة فاطمة عليها السلام، وهي أول امرأة تزوجها – في الجاهلية- وأول الناس إسلاماً بإجماع المسلمين لم يتقدمها رجل ولا امرأة غير علي بن أبي طالبعليه السلام، وكانت من سادات قريش وأشرافها وتُدعى في الجاهلية الطاهرة ولقّبها النبي بالكبرى، وذكر التاريخ أنها ولدت حوالي عام 68 قبل الهجرة.

تزوجها النبي صلی الله عليه وآله وسلم وهو في الخامسة والعشرين من عمره، فولدت له القاسم (وكان يكنّى به) وعبد الله (وهو الطاهر والطيب) وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، ویرى بعض الباحثين أن فاطمة هي البنت الوحيدة للنبی صلی الله عليه وآله وسلم، وسائر البنات ربائبه.

وقفت إلى جانب النبي صلی الله عليه وآله وسلم مساعدةً ومعاضدةً حتى أنفقت ثروتها الطائلة في نجاح الرسالة وتحقيق الأهداف التي كان يرومها، وكان رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم شديد الحب لها، ولم يفتأ يذكرها، ويثني عليها. وكان يردّ على من كانت تقول له إنّ الله أبدلك بخير منها: «لا واللّه ما أبدلني اللّه خيراً منها، آمنت بي؛ إذ كفر الناسُ، وصدّقتني، وكذّبني الناسُ، وواستني في مالها؛ إذ حرمني الناسُ، ورزقني اللّه منها أولاداً؛ إذ حرمني أولاد النساء».

توفيت خديجة في مكة قبل الهجرة بثلاث سنين عن سن ناهز الخامسة والستين على القول المشهور، فكانت وفاتها أحزنت رسول اللّه صلی الله عليه وآله وسلم، ودفعته إلى أن يسمّي ذلك العام الذي توفي فيه ناصراه وحامياه (زوجته خديجة وعمّه أبو طالب) بعام الحزن، وأن ينزل عند دفنها في حفرتها، ويدخلها القبر بيده، في الحجون، وكان قد كفّنها برداء له، ثم برداء من الجنة.

النسب والنشأة

خديجة بنت خُوَيْلِد بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصَي القرشية الأسدية المكنّاة بأم هند،[١] أم المؤمنين وأول الناس إسلاماً بإجماع المسلمين.[٢] ولدت السيدة خديجة قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة.[٣] وكانت طاهرة حازمة شريفة وفي قومها لبيبة، ومن أوفر أهل مكَّة غنى، انتفع بمالها أكثر الناس،[٤] كنيتها أم الزهراء وأم المؤمنين، والطاهرة، وسيدة نساء قريش، وأم القاسم.[٥]

حياتها قبل البعثة

ليست هناك معلومات عن حياتها إبّان تلك الفترة إلا بعض الأوصاف التي سبغت عليها والتي تدل على شرفها وكرامة نفسها ورجاحة عقلها، وأنها كانت ذات ثروة طائلة، فكانت تحترف التجارة، وكانت تضاربُ الرجال في مالها، بشيء تجعله لهم منه أي من ذلك المال أو من ربحه.[٦] بالاضافة إلى مكانتها الاجتماعية المرموقة بين قومها، وقد وصف ابن سيد الناس ذلك بقوله: خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير وهي يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا.[٧] ووصفها البلاذري بقوله: وكانت امرأة عاقلة حازمة برزة، مرغوبا فيها لشرفها ويسارها.[٨]

زواجها

وقعت مسألة زواجها (عليها السلام) قبل النبي الأكرم (ص) موضع نقاش وجدال بين الباحثين الاسلاميين فذهب أكثر المؤرخين والباحثين من العامّة إلى القول بأنها تزوجت قبل زواجها بالنبي (ص) مرتين وأنها انجبت من ذانك الزوجين، وهذا ما ينفيه فريق من الباحثين الشيعة، ومن تلك المصادر التاريخية التي تشير إلى زواجها السابق:

  1. ذكر البلاذري في أنساب الأشراف أنّ خديجة (عليها السلام) كانت قبل رسول الله (ص) عند أبي هالة هند بن النباش بن زُرارة الأسيدي، من تميم، ولدت له هند بن أبي هالة، سمّي باسم أبيه.[٩]
  2. وقال البلاذري أيضا: ثم خلف عليها بعده – أي بعد أبي هالة- عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فطلقها، فتزوّجها النبي (ص)، وكانت خديجة عليه السلام ولدت لعتيق جارية، يقال لها هند تزوجها صيفي بن أمية بن عابد.[١٠]
  3. وقال ابن حبيب صاحب كتاب المنمّق في معرض حديثه عن النباش: النباش أبو هالة زوج خديحة بنت خويلد (عليها السلام) قبل رسول الله (ص) فولدت له هالة وهنداً وهما رجلان.[١١]
  4. وقال ابن حبيب أيضا في كتابه المحبّر الذي ألفه بعد المنمّق في من تزوج ثلاث مرّات: كانت خديجة (عليها السلام) قبله (ص) عند أبي هالة هند بن النباش؛ ثم عند عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

في المقابل نجد الباحثين والمؤرخين الشيعة – وبعد دراسات معمقة لزوايا الموضوع- يشككون في ذانك الزوجين السابقين على النبي (ص) ويؤكدون أنها (سلام الله عليها) لم تتزوج قبل رسول (ص) من أحد قط. ومن القرائن والأدلة التي تدعم ذلك:

  1. قال ابن شهر آشوب : وروى أحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشافي، وأبو جعفر الطوسي في التلخيص: إن النبي (ص) تزوج بها وكانت عذراء. يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة (عليها السلام).[١٢] ومن الواضح أن ذيل كلامه لا يخلو من اشكال فإنّ المصادر التأريخية تؤكد بأنّ رقية وزينب هن بنات الرسول (ص) من خديجة.[١٣]
  2. قال أبو القاسم الكوفي: إن الإجماع من الخاص والعام، من أهل الآثار ونقلة الأخبار، على أنّه لم يبق من أشراف قريش، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم، إلا من خطب خديجة، ورام تزويجها، فامتنعت على جميعهم من ذلك، فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة، يتزوجها أعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر: أنّه من أبين المحال، وافظع المقال.[١٤]

زواجها من النبي (ص)

أجمعت المصادر التأريخية على أنّ السيدة خديجة (عليها السلام) هي أُولى زوجات النبي (ص) تزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، هذا ما ذهب إليه ابن عبد البر في الاستيعاب،[١٥] قائلا: وتزوج رسول الله (ص) خديجة بنت خويلد بن أسد بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يوماً في عقب صفر سنة ست وعشرين وذلك بعد خمس وعشرين سنة وشهرين وعشرة أيام من يوم الفيل.[١٦] ولكنه نقل عن الزهري قوله: كانت سن رسول الله (ص) يوم تزوّج خديجة (ع) إحدى وعشرين سنة.[١٧] وذهب المسعودي أيضا إلى كون السيدة خديجة (عليها السلام) هي أولى زوجات النبي (ص).[١٨] وهذا ما أكده البسوي وغيره من المصادر.[١٩] وقال ابن الأثير في معرض تأكيده لذلك: وأوّل امرأة تزوجها (ص) خديجة بنت خويلد قبل البعثة.[٢٠] ونقل ابن الأثير الأقوال المختلفة في سنّه (ص) حين تزوجها والتي ترددت بين 21، 22، 25، 28، 30، 37.[٢١]

كذلك اختلفت كلمة الباحثين والمؤرخين في سن خديجة (عليها السلام) حينما تزوجها الرسول (ص) والتي ترددت بين الخامسة والعشرين والسادسة والأربعين إلا أّن الأكثرية ذكروا أنّها كانا في سن الأربعين.[٢٢] ونقل المسعودي غير تلك التحديدات.[٢٣] ومنهم من حدد ذلك بالخامسة والعشرين[٢٤] ومنهم من قال عمرها ثمانية وعشرين عاما[٢٥] و30 عاما[٢٦] و35 عاما[٢٧] و44 و45 عاما.[٢٨] و46 عاما.[٢٩]

ويلاحظ هنا: مدى الاختلاف والتفاوت في عمر السيدة خديجة (عليها السلام) حين اقترانها بالرسول الأكرم (ص).

ومن الصعب الخروج بنتيجة جازمة في تحديد سنّها عند زواجها من النّبي (ص)، ولكن لو أخذنا بعين الاعتبار مدة معايشتها للنبي (ص) والتي بلغت خمساً وعشرين سنة، خمس عشرة سنة منها قبل البعثة والعشر الأخرى بعد البعثة[٣٠] هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنّ سن خديجة حين وفاتها كان 63 سنة أو 50 كما رجح ذلك البيهقي، حينئذ يتردد سن خديجة وفقا للقولين بين الأربعين والخامسة والعشرين. فإذا ذهبنا إلى ما رجّحه البيهقي وأنها توفيت في الخمسين من العمر يكون عمرها حين الزواج 25 سنة، وهذا ما رجحّه بعض الباحثين.[٣١] إلا أنّ المشكلة التي تواجه هذا الاحتمال هي خلو المصادر المعتبرة منه. من هنا من الصعب الجزم به. لكن يمكن الاستناد إلى قرينة أخرى وهي وفاة القاسم بن الرسول (ص) فإنه لما توفي بعد البعثة[٣٢] كشف ذلك عن كون ولادته كانت وعمر خديجة (عليها السلام) 55 سنة وهذا أمر بعيد جداً، فإذا ضممنا ذلك إلى ما ذهب إليه بعض أعلام الشيعة من أنّ النّبي تزوجها (س) وهي باكر[٣٣] من جهة ومن المستبعد أنّ امراة كخديجة عليه السلام تبقى بلا زواج إلى سن الأربعين، فمن ضم هذه القرائن نخرج بنتيجة مؤداها أنّ عمرها عند زواجها مردد بين الخامسة والعشرين والثامنة والعشرين.[٣٤]

والجدير بالذكر هنا أنّ المعيار في الزواج الصحيح هو وحدة الفكر والهدف وسمو الأخلاق والعلاقات الزوجية الحميمة، لا العمر فإنّه يأتي بدرجة لاحقة لما مر، ولاريب أنّ هذا الزواج المقدس كان الغرض منه أمراً مقدسا، وكانت المثل الإلهية العليا هي التي تدفع لتحقيق ذلك الزواج، يقول ابن اسحاق: لما بلغ خديجة عن رسول الله (ص) ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار. مع غلام لها يقال له ميسرة، فقبله رسول الله (ص) فخرج بذلك المال ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة يحدثها عما شاهده من كرامات النبي (ص) وأخلاقه في تلك الرحلة، وكانت خديجة (عليها السلام) امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها. فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها بعثت إلى رسول الله (ص)، وعرضت عليه الزواج.[٣٥]‏‏ وقال ابن سيد الناس: إن خديجة (عليها السلام) لما رأت من كرامات الرسول (ص) قالت له: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك لقرابتك، ووسطتك في قومك وأمانتك، وحسن خلقك وصدق حديثك‏.[٣٦] وقد أشار إلى هذه المثل العليا التي جرّت إلى الزواج المبارك ابن الاثير في أسد الغابة.[٣٧]

أبناؤها

نقل ابن كثير عن ابن إسحاق وابن هشام أسماء سبعة من أولاده من خديجة (عليها السلام) وأنّ جميع ولده (ص) هم من خديجة إلا إبراهيم.[٣٨]
ونقل عن يونس بن بكير أسماء ستة من أبناء خديجة،[٣٩] وذكر الزبير بن بكار أنه ولد له (ص) الطيب وفاطمة بعد البعثة.[٤٠] وقد أكدت سائر المصادر التأريخية أنّه لم ينجب له (ص) إلا من خديجة ومن مارية ولده إبراهيم.[٤١]

ولعل اختلاف كلمة المؤرخين في عدد الأولاد يرجع إلى الخلط بين أسمائهم وألقابهم، ومن هنا قيل أن خديجة أنجبت ستة أولاد: اثنين من الذكور وأربعة من الإناث هما القاسم وعبد الله (والطيب والطاهر من ألقاب عبد الله) ومن الإناث زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة (عليها السلام).[٤٢]

ویرى السيد جعفر مرتضى الباحث في التاریخ الإسلامي أن فاطمة هي البنت الوحيدة لخديجة، حيث أنّه كانت لخديجة (ع) أخت اسمها هالة، تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثم خلف عليها- أي على هالة الأولى- رجل تميمي يقال له: أبو هند، فأولدها ولدا اسمه هند، وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية، فماتت، ومات التميمي، فلحق ولده هند بقومه، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأخرى؟ فضمتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوجت بالرسول (ص) ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول (ص)، وكان العرب يزعمون: أن الربيبة بنت، ولأجل ذلك نسبتا إليه (ص)، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أخت خديجة (عليها السلام).[٤٣]

فضائلها وسماتها

أجمعت المصادر التأريخية على التسليم بكونها (عليها السلام) أول الناس إسلاما بين النساء،[٤٤] بل هناك من ادعى الإجماع على ذلك.[٤٥] وقد أكد ابن عبد البر هذه الحقيقة بقوله: أوّل من آمن بالنبي (ص) بعد خديجة علي بن أبي طالب عليه السلام.[٤٦] وهكذا سائر المصادر التي تعرض للحديث عن السابقين إلى الإسلام.[٤٧] وكذلك المصادر التي أكدت على كونها وأمير المؤمنين عليه السلام أوّل من صلى مع النبي (ص).[٤٨]

روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمع رسول الله (ص) يقول: سيدات نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول اللّه (ص)، وخديجة وآسية.[٤٩] وهن أفضل النساء[٥٠] وقد لقبت بالطاهرة والزكية والمرضية والصديقة وسيدة نساء قريش[٥١] وخير النساء[٥٢] والشريفة في قومها.[٥٣]

مكانتها عند النبي

حظيت السيدة خديجة (عليها السلام) من بين زوجات النبي (ص) بمكانة خاصة ومنزلة رفيعة لديه (ص) وقد أكّدت الوثائق التأريخية هذه الحقيقة، بل بقي (ص) طيلة حياته يذكرها بخير، ويؤكد على مكانتها في قلبه الشريف، وكان يثني عليها، ولايرى من يوازيها في تلك المنزلة الرفعية، فعن عائشة قالت: كان رسول الله (ص) إذا ذكر خديجة (عليها السلام) لم يسأم من ثناء عليها والإستغفار لها، فذكرها ذات يوم فحملتني الغيرة فقلت: لقد عوّضك الله من كبيرة السنّ، قالت: فرأيت رسول الله (ص) غضب غضباً شديداً، ثم قال: والله لقد آمنت بي إذ كفر النّاس، وآوتني إذ رفضني النّاس وصدقتني إذ كذبني النّاس، ورزقت منّي حيث حرمتموه.[٥٤]

لقد كانت خديجة شريكة النبيِّ (ص) في كلّ آلامه وآماله، والمسلّية له بما أصابه من أذىِ، بل كانت المعينة له على مكاره قريش؛ ومن هنا لم يتزوج (ص) في حياتها غيرها،[٥٥] بل وصفت بعض الوثائق تلك العلاقة الحميمة بين الرسول (ص) وبينها بالقول: وكانت خديجة (عليها السلام) له (ص) وزير صدق بنفسها ومالها (رضى الله عنها وأرضاها).[٥٦]

دورها في نجاح الدعوة الإسلامية

مزجت السيدة خديجة (عليها السلام) بين الإيمان والعمل، فكانت المصداق البارز للحديث الشريف "الايمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالاركان؛"[٥٧] ومن هنا تراها قد امتثلت الأمر الالهي وآيات الذكر الحكيم بكل رحابة صدر باذلة الغالي والنفيس في طريق الرسالة، فلم يبق من مالها شيء إلا وقد وضعته تحت تصرف الرسول (ص) وما كانت تشعر- كما يقول سليمان كتاني- بأنها بذلت للنبي بل كانت تشعر بربحها لكنز وفير لا يدانيه كنز من كنوز الدنيا، والمتمثل بكنز الهداية المحمدية، وكانت تشعر بأنها تهدي حبّاً وحناناً لمحمد (ص) في مقابل السعادة العظمى التي تغمرها وهي في طريق البذل والعطاء.[بحاجة لمصدر]

وكان لدعمها المادي الدور الكبير في غنى الرسول (ص) والرسالة عمّا في أيدي الآخرين حتى عُدّ ذلك من النعم التي أنعمها الله تعالى عليه (ص): ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى[٥٨] وكان (ص) يثمّن ذلك العطاء الوفير ويشيد بصاحبته قائلا: «ما نفعني مالٌ قطُّ، ما نفعني مالُ خديجة».[٥٩] وكان (ص) يعتق بمالها الرقيق ويؤدي الديون عن الغارمين ويساعد الفقراء ويمدّ يد العون إلى المحتاجين وكان مصدر انفاقه في شعب أبي طالب وعند المحاصرة مال خديجة (عليها السلام) ومال أبي طالب حتى سجلت ذلك لنا المصادر التاريخية قائلة «فأنفق أبوطالب وخديجة جميع مالهما»[٦٠] ومن الشواهد على ذلك أن أبا جهل بن هشام كان- فيما يذكرون- لقي حكيم بن حزام بن خويلد ابن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله (ص) ، ومعه في الشّعب، فتعلّق به، وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة. فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد، فقال: مالك وله؟ فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمّته – أي خديجة- عنده بعثت إليه فيه، أ فتمنعه أن يأتيها بطعامها!.[٦١]

لقد امتازت سيدة الحجاز بالعطاء والسخاء وسائر الأخلاق الحميدة. فقد وضعت ثروتها الطائلة تحت متناول الرسول (ص) ليبذلها في سبيل إنقاذ البشرية والمحرومين من الظلم والتعسّف فشمل عطاؤها اليتامى والجياع و... ويكفي في قيمة هذا العطاء والبذل أن الباري تعالى امتدحه وعدّه من النعم التي أنعم به عبده الكريم محمد بن عبد الله (ص).[٦٢] وكان الرسول (ص) لايفتأ يذكر ذلك السخاء والبذل باجلال كبير.[٦٣]

لقد عاضدت السيدة خديجة (عليها السلام) النبي (ص) في حركته منذ الساعات الأولى للبعثة وحتى رحيلها عن هذه الدنيا، وكان لمساندتها الدور البارز في تقوية واستحكام الجبهة الداخلية للجماعة المؤمنة فكانت المثل الأعلى للمؤمن الرسالي الثابت القدم الراسخ العقيدة، ومن هنا نالت وبجدارة كبيرة لقب الطاهرة والصديقة وسيدة نساء قريش وخير النساء وأمّ المؤمنين، وغير ذلك من الألقاب الكبيرة.[بحاجة لمصدر]

وفاتها

صورة قديمة لمقبرة المعلاة قبل الهدم وفيها قبر السيدة خديجة (ع)

ذكرت المصادر أن السيدة خديجة توفيت في السنة العاشرة للبعثة وقبل الهجرة من مكة إلى المدينة بثلاث سنين.[٦٤] عن عمر – حسب أكثر المصادر- ناهز الخامسة والستين.[٦٥] وقال ابن عبد البر: إنها ماتت وعمرها 64 سنة وستة أشهر.[٦٦] وبعضهم قال: إنها توفيّت بعد أبي طالب بعدّة شهور.[٦٧] وعن ابن سعد أنها توفيت بعد أبي طالب بخمسة وثلاثين يوما.[٦٨] وقال ابن سعد نفسه وغيره من الباحثين: إنها توفيت في شهر رمضان من السنة العاشرة.[٦٩] فنزل (ص) عند دفنها في حفرتها، وأدخلها القبر بيده، في مقبرة المعلى من جبل الحجون، وكان قد كفنها برداء له ثم برداء من الجنة.[٧٠]

و مدفنها الآن في مقبرة بني هاشم في مكة المكرمة.

الهوامش

  1. ابن الجوزي، المنتظم، ج 3، ص 18.
  2. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 6، ص 78.
  3. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8 ، ص 13.
  4. الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 281.
  5. السيلاوي، الأنوار الساطعة من الغرّاء الطاهرة، صص 23 - 25.
  6. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 293.؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.
  7. ابن سيّد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.
  8. البلاذري، أنساب الأشراف ، ج 1، ص 98.
  9. البلاذري، أنساب الاشراف ، ج 15، ص 65.
  10. ابن حبيب، المنمّق، ص 247.
  11. ابن حبيب، المحبّر، ص 452.
  12. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب ، ج 1، ص 159.
  13. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4، ص 641.
  14. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص)، ج 2، ص 209.
  15. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج‏ 1، ص 25.
  16. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏1، ص 35.
  17. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏1، ص 35.
  18. المسعودي، مروج‏ الذهب، ج ‏2، ص 282.
  19. الفسوي، المعرفة والتاريخ، ج‏ 3، ص 267.
  20. ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 5 ،ص 293.
  21. ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 5 ،ص 293.
  22. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 1، ص 639؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8 ،ص 174؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 23؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98 وج 9، ص459؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 280.
  23. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 287.
  24. البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 71؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98.
  25. البلاذري، أنساب الاشراف، ج 1، ص 98.
  26. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) ، ج 2، ص 200؛ الدياربكري، تاريخ الخميس، ج 1، ص 264.
  27. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 295؛ ابن كثير، السيرة النبوية، ج 1، ص 265.
  28. ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، ج 2، ص 275؛ النووي، تهذيب الأسماء، ج 2، ص 342.
  29. البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 98.
  30. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 295؛ البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 72.
  31. البيهقي، دلائل النبوة، ج 2، ص 71؛ العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، ج 2، ص 201 - 202.
  32. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294.
  33. ابن شهر آشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 1، ص 159.
  34. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، ج 2، ص 202.
  35. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 293.
  36. ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 63.
  37. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 1، ص 23.
  38. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 174؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294.
  39. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 174.؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 294.
  40. ابن بكار، المنتخب من كتاب أزواج النبي (ص)، ص 29.
  41. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 5، ص 306.
  42. الزركلي، الأعلام، ج 2، ص 302.
  43. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص)، ج 2، ص 212.
  44. ابن خلدون، تاريخ‏ ابن‏ خلدون، ج ‏2، ص 410؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج ‏3، ص 23؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1817.
  45. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 6، ص 78.
  46. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1817.
  47. المقريزي، امتاع الأسماء، ج 9، ص 88.
  48. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة ،ج‏ 6، ص 78؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 3، ص 1089.
  49. ابن كثير، البداية والنهاية، ج‏ 2، ص 129.
  50. المقريزي، امتاع‏ الأسماع، ج ‏15، ص 60.؛ ابن الجوزي، المنتظم، ج ‏1، ص 346.
  51. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 3، ص 15.؛ البيهقي، دلائل النبوة، مقدمة الكتاب، ص 16.
  52. ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج ‏6، ص 83.
  53. المجلسي، بحار الأنوار، ج 100، ص 189.
  54. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1824.
  55. ابن العمراني، الأنباء في تاريخ الخلفاء، ص 46.
  56. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 2، ص 61؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج ‏1، ص 26.
  57. الكليني، الكافي، ج 2، ص 27.
  58. الضحى: 8.
  59. المجلسي، بحار الانوار، ج 19، ص 63.
  60. المجلسي، بحار الانوار، ج 19، ص 16.
  61. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 354.
  62. المجلسي، بحار الانوار، ج35، ص 425؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل ابي طالب، ج 3، ص 320.
  63. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج ‏4، ص 1817.
  64. المسعودي، مروج‏ الذهب، ج 2، ص 282؛ ابن سيد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 151؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1817؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 8، ص 14.
  65. الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493.
  66. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 4، ص 1818.
  67. الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 493؛ ابن سيّد الناس، عيون الأثر، ج 1، ص 151.
  68. ابن سعد، الطبقات‏ الكبرى، ج‏ 1، ص 96.
  69. ابن سعد، الطبقات‏ الكبرى، ج 8 ، ص 14.
  70. السيلاوي، الأنوار الساطعة من الغرّاء الطاهرة، ص 377.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دارالفكر، 1409 هـ/ 1989 م.
  • ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم فى تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دارالكتب العلمية، ط 1، 1412 هـ/ 1992 م.
  • ابن العمراني، محمد بن علي، الأنباء في تاريخ الخلفاء، تحقيق: قاسم السامرائي، القاهرة، دار الآفاق العربية، ط 1، 1421 هـ/ 2001 م.
  • ابن بكار، الزبير بن بكار، المنتخب من كتاب أزواج النبي (ص)، المحقق: سكينة الشهابي، بيروت، الناشر: مؤسسة الرسالة، ط 1، 1403 هـ.
  • ابن حبيب، محمد بن أمية، المحبّر، تحقيق: ايليزه ليختن شيتر، بيروت، دار الآفاق الجديد، د.ت.
  • ابن حبيب، محمد بن أمية، المنمّق فى أخبار قريش، تحقيق: خورشيد أحمد فاروق، بيروت، عالم الكتب، ط 1، 1405 هـ/ 1985 م.
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة فى تمييز الصحابة، تحقيق: عادل احمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، بيروت، دارالكتب العلمية، ط 1، 1415 هـ/ 1995 م.
  • ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، تاريخ ابن خلدون (ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر)، المحقق: خليل شحادة، بيروت، دار الفكر، ط 2، 1408 هـ / 1988 م.
  • ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1410 هـ/ 1990 م.
  • ابن سيد الناس، محمد بن محمد، عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، تعليق: إبراهيم محمد رمضان، بيروت، دار القلم، ط 1، 1414 هـ/ 1993 م.
  • ابن شهرآشوب، محمد بن علي، ‏مناقب آل أبي طالب(ع)، قم، الناشر: علامه، ط 1، 1379 هـ.‏
  • ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، بيروت، دار الجيل، ط 1، 1412 هـ/ 1992 م.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، بيروت، دار الفكر، 1407 هـ/ 1986 م.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، المحقق: روحية النحاس، رياض عبد الحميد مراد، محمد مطيع، دمشق - سوريا، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، ط 1، 1402 هـ/ 1984م
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية لابن هشام، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، مصر، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط 2، 1375 هـ / 1955 م.
  • البلاذري، أحمد بن يحيى، جمل من انساب الأشراف، تحقيق: سهيل زكار ورياض زركلي، بيروت، دار الفكر، ط 1 ، 1417 هـ/ 1996 م.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة، المحقق: د. عبد المعطي قلعجي، بيروت، الناشر: دار الكتب العلمية، دار الريان للتراث، ط 1، 1408 هـ/ 1988 م
  • الديار بكري، حسين بن محمد، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس، بيروت، الناشر: دار صادر، د.ت.
  • الزركلي، خير الدين بن محمود، الأعلام، بيروت، دارالعلم للملايين، ط 2 ، 1989 م.
  • السيلاوي، غالب، الأنوار الساطعة من الغرّاء الطاهرة خديجة بنت خويلد، د.م، الناشر: محلاتي، ط 2، 1424 هـ.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار التراث، ط 2، 1387 هـ/ 1967 م.
  • العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص)، قم، دار الحديث للطباعة والنشر، ط 2، 1428 هـ/ 2007 م.
  • الفسوي، يعقوب بن سفيان، المعرفة والتاريخ، تحقيق: أكرم ضياء العمري، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 2، 1401 هـ/ 1981 م.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق وتصحيح: علي أكبر الغفاري، طهران، الناشر: دار الكتب الإسلامية، ط 4، 1407 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، ‏بحار الأنوار، تحقيق: مجموعة من المحققين، بيروت، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1403 هـ.‏
  • المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: أسعد داغر، قم، دار الهجرة، 1409 هـ.
  • المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، تحقيق: محمد عبد الحميد النميسي، بيروت، دارالكتب العلمية، ط 1 ، 1420 هـ/ 1999 م.
  • النووي، يحيى بن شرف، تهذيب الأسماء واللغات، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ت.

وصلات خارجية