غيبة الإمام المهدي، بمعنی غياب الإمام الثاني عشر عليه السلام عند الشيعة الإمامية عن الأنظار وبقائه خلف ستار الغيب بأمر من الله تعالى. ووفقاً للروايات فإنّ هذا الخفاء والغياب بدأ من سنة 260 هـ بعد وفاة الإمام العسكريعليه السلام، وعلى مرحلتين: الأولى: غياب لفترة قصيرة عرفت بـالغيبة الصغرى، والثانية طويلة تُعرف بـالغيبة الكبرى، ولا زالت مستمرة حتى يأذن الله تعالى له بـالظهور. وتُعدّ هذه العقيدة من ضروريّات المذهب الشيعي الإمامي.

معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية

مفهوم الغيبة

استخدم الشيعة الإمامية هذا المصطلح وقوفا على ما لديهم من النصوص الدينية، فقد كان رسول الله   وكذا باقي الأئمة المعصومين   أخبروا بغيبة الإمام المهدي   كما أخبروا بولادته ، وأشارت هذه الروايات إلى أن غيبته على مرحلتين : صغرى وكبرى .

كيفية الغيبة

ذكرت لمعنى غَيبة الإمام المهدي صورتان:

الصورة الأولى: «وهي الصورة المتعارفة في أذهان الناس والتي تقول: إنّ المهدي (عج) يختفي بجسمه عن الأنظار فهو يرى الناس ولا يرونه إلا في بعض الحالات التي تكون هناك مصلحة في ظهوره على بعض الناس من أجل توجيههم أو إنذارهم».

الصورة الثانية: «وهي صورة خفاء العنوان والتي تقول: إنّ الناس يرون الإمام المهدي (عج) بشخصه من دون أن يكونوا عارفين أو ملتفتين لحقيقته».

ويظهر من كلام كبار العلماء وبالاستناد إلى بعض الروايات أنّ الصورة الثانية هي الأصح، حتى أنّه إذا ظهر لم يبق شخص إلا وقد كان شاهده قبل ذلك.[١]

بيان مصداق الغيبة

تؤمن الشيعة الإمامية بأنّ الأرض لا تخلو من حجّة وإمام، وعليه يكون الإمام في الأرض في عصرنا الراهن هو الإمام الثاني عشر من سلسلة الأئمة المعصومين (ع)، محمد بن الحسن العسكري (ع) المولود سنة 255 هجرية، وأنه استتر عن الناس بأمر من الله تعالى وبإرادة منه جلّ شأنه، وسيؤذن له بالخروج مرّة أخرى ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، وهو الموعود المنتظر الذي تترقب ظهوره جميع الأمم والأديان البشرية ليقيم دولة العدل والحق في ربوع المعمورة.

الغائب الحاضر

لقد عبرت الروايات عن حال الإمام (عليه السلام) بـ(الغائب) ؛ لأنه ليس ظاهراً، لا أنه ليس حاضراً . ففرق بين (الظهور) و(الحضور) ولذا فالمؤمنون به (عليه السلام) يطلبون من الله التعجيل في ظهوره . فهناك روايات تشير إلى أن معنى غياب الإمام المهدي (ع) عدم معرفته والتعرف عليه، فإذا ظهر (عليه السلام) فالكل يقول: (كنت أراه) أو (لقد رأيته). [٢]</ref>

نماذج قرآنية لهذا النوع من الغيبة

حدثنا القرآن عن رحلة أخوة يوسف (ع) إلى أرض مصر طلباً للميرة والطعام وقد بقوا في أرض كنعان مدة لا يهتدون إلى أن العزيز الذي يقفون أمامه ويطلبون منه المساعدة والميرة هو أخوهم يوسف (ع) الذي ألقوه في غياهب الجب يوما ما؛ بل حتى بعد قصّة وضع صواع الملك في رحل بنيامين لم يدركوا أن الذي يخاطبهم هو أخوهم يوسف (ع) حتى اتهموه بالسرقة وهو حاضر يسمع كلامهم «إن يسرِق فقد سَرَقَ أخٌ لَهُ».[٣] وهذا ناشئ عن غيابهم وهم في محضر العزيز وذلك لجهلهم به وعدم معرفتهم بواقع الحال بَعدُ، بل لم يدركوا حقيقة الحال حتى اللحظات الأخيرة وذلك عندما أخبرهم فيها يوسف (ع) بحقيقة الأمر وكشف لهم ما هو مستور عنهم. ولاريب أنّ غياب الإمام المهدي (ع) يعد من هذا النوع من الغيبة بمعنى أنّه (ع) يحضر معهم في الموسم وغيره إلا أنّ الناس يجهلون شخصه ولا يعرفون عنوانه.[٤]

روايات غيبة الإمام المهدي (ع)

هنالك روايات كثيرة عن النبي (ص) وعن سائر الأئمة من آله في حصول الغيبة عن النبي الأكرم (ص) والكثير منها يتحدث عن أصل وقوع الغيبة رواها الكليني في الكافي وغيره من كتب الأحاديث الأربعة. وهناك روايات أشارت الى نوعين من الغيبة قصيرة وطويلة «للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والاُخرى طويلة».[٥]

  • النبي محمد (ص)

فعن النبي (ص): «لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة»[٦] قال: «إن الله اطلع إلى الأرض فاختارني فجعلني نبياً ، وثانية فاختار علياً، وأمرني أن اتخذه وصياً، فهو أبو سبطي جعلني الله وإياهم حججاً على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي، والتاسع منهم قائم أهل بيتي، وأشبه الناس بي، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة»[٧].

  • الإمام علي (ع)

قال: «للقائم منا غيبة أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يَقْسُ قلبُه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة، ثم قال (عليه السلام) : إن القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة؛ فلذلك تُخفى ولادته ويغيب شخصه»[٨].

  • الإمام الحسن (ع)

قال: «أما علمتم أنه ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) ؟ فإن الله (عزّ وجل) يُخفي ولادته، ويغيّب شخصه؛ لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذاك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيدة الإماء، يُطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أن الله على كل شئ قدير»[٩].

  • الإمام الحسين (ع)

قال: «قائم هذه الأمة هو التاسع من وُلدي ، وهو صاحب الغيبة ، وهو الذي يُقسم ميراثه وهو حي»[١٠].

  • الإمام السجاد (ع)

قال: «كأني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله، والمغيب في حفظ الله، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته، وحرصاً منه على قتله إن ظفر به، وطمعا في ميراثه حتى يأخذه بغير حقه.... إلى أن قال: ثم تمتد الغيبة بولي الله (عزّ وجل) الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة بعده»[١١].

  • الإمام الباقر (ع)

قال: «إن لصاحب هذا الأمر غيبتين»[١٢].

وقال: «يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان»[١٣].

  • الإمام الصادق (ع)

قال: «الخامس من ولد السابع ، يغيب عنهم شخصه»[١٤].

وقال : «يفقد الناس إمامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه»[١٥].

وقال: «إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تُنكروها»[١٦].

  • الإمام الكاظم (ع)

قال: «إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله (عزّ وجل) امتحن بها خلقه»[١٧].

  • الإمام الرضا (ع)

قال: «الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله (عزّ وجل) ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً»[١٨].

  • الإمام الجواد (ع)

قال: «إن القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) بالنبوة وخصّنا بالإمامة، إنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً»[١٩].

  • الإمام العسكري (ع)

قال: «كأني بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي... أما إن لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله (عزّ وجل)»[٢٠].

مراحل غياب الإمام (عجل الله تعالى فرجه)

من استقراء النصوص المذكورة في تاريخ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) يمكن تقسيم حياته إلى أربع مراحل[٢١]:

الاحتجاب، والغيبة الصغرى ، والغيبة الكبرى، وعصر الظهور.

الاحتجاب

بدأت هذه الفترة من ولادة الإمام (عليه السلام) سنة 255 هـ حتى استشهاد الإمام العسكري (عليه السلام) سنة 260 هـ. حيث كان الإمام العسكري (عليه السلام) طوال هذه المدة يقوم بوظيفتين أساسيتين وحساستين: حفظ ابنه من ملاحقة الخلفاء العباسيين، وإثبات ولادته لخواص الشيعة.

ففي إحدى المرات أظهره لأربعين شخصاً من الشيعة وقال: هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم، أطيعوه فلا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتمّ له عمر.[٢٢]

الغيبة الصغرى

اتفقت كلمة أعلام الشيعة على أنّ الغيبة الصغرى بدأت سنة 260هـ بعد شهادة والده الإمام الحسن العسكري (ع) مباشرة واستمرت حتى عام 329 هـ ولمدة 69 سنة، مقارنة بانتهاء فترة نيابة السفراء الأربعة وبدايات الغيبة الكبرى.

وكان الإمام طوال هذه الفترة غائباً عن الأنظار، أما من كانوا على اتصال به فكانوا يسمون بـ(النواب الأربعة) . وكانوا يعيشون في بغداد يديرون شؤون الشيعة، وهم:

  1. أبو عمرو، عثمان ‌بن‌ سعيد العمري السمّان .
  2. أبو جعفر، محمد بن‌ عثمان ‌بن ‌سعيد العمري السمّان.
  3. أبو القاسم، الحسين ‌بن ‌رَوْح النوبختي.
  4. أبو الحسن، علي‌ بن‌ محمد السمري.

الغيبة الكبرى

هذه الفترة بدأت بعد مضي فترة الغيبة الصغرى سنة 329 هـ ولا تزال مستمرة حتى الآن، ونهايتها عندما تتهيأ الأرضية لقيادته وحكومته العالمية من حيث العدّة والعتاد . وهذه المرحلة هي فترة أكبر امتحان للبشر، وهي غربال للمؤمنين واختبار لإيمانهم وعملهم .

عصر الظهور

وتبدأ هذه الفترة من حين ظهور الإمام (ع) وسيطرته على العالم وإرساء قواعد العدل والصلح في كافة أطرافه، وتنتهي باستشهاده .

من مسلمات العقائد الشيعية الإيمان بانتهاء مرحلة النيابة الخاصّة بوفاة السفير الرابع للإمام المهدي (عج) علي بن محمّد السمري وبداية دخول الإمام المهدي (عج) في مرحة الغيبة الكبرى.

وفي هذه المرحلة يرجع الشيعة في معالجة مسائلهم الشرعية إلى فقهاء المذهب وأعلامه الذين استنبطوا الحكم الشرعي من مصادره الأساسية القرآن والسنة، وذلك بأمر من الإمام العسكري (ع) حيث روي عنه : «من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه»[٢٣] وهذا الأمر يُعدّ من ضروريات المذهب الإمامي

فلسفة الغيبة

إن غيبة الإمام هي كباقي حقائق الوجود، لها فلسفة وحكمة، وعندنا روايات من المعصومين عليهم السلام حول فلسفة غيبته ، ومنها:

  • الغيبة سرّ من الأسرار الإلهية.
  1. قال النبي (صلى الله عليه وآله) : «يا جابر، إن هذا الأمر أمر من الله وسرّ من سرّ الله مطوي عن عباد الله»[٢٤].
  2. قال الإمام الصادق (عليه السلام) : «وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلا وقت افتراقهما»[٢٥].
  • إن مثل وجوده ونفعه للمجتمع كمثل وجود الشمس ، فإن غيبته لا تمنع من الاستفادة بوجوده الشريف.

ما ورد في جواب الحجة (عج) لإسحاق بن يعقوب كما في توقيعه الشريف:(وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب، وإني لأمان لأهل الأرض ،كما أن النجوم أمان أهل السماء).

  • الإمام الحجة أمان لأهل الأرض بوجوده ودعائه وبركاته.

ما ورد في جواب الحجة (عج) لإسحاق بن يعقوب كما في توقيعه الشريف: (وإني لأمان لأهل الأرض ، كما أن النجوم أمان أهل السماء).

ورد في جواب الإمام الحجة (عج) لإسحاق بن يعقوب كما في توقيعه الشريف: (وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم)

  • إن وجود المهدي حجة لله قائمة في الأرض يحفظ الله به البلاد والعباد.
  • قد يكون المانع من ظهوره هم الناس أنفسهم، لعدم وجود أنصار له.
  • إن تأخير ظهوره قد يكون لإعطاء فرصة ومهلة للرجوع إلى الله.
  • الغيبة أداة امتحان وغربال للبشر
  1. عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال : «إنّما‌‌ هي ‌محنة‌ من ‌الله‌ (عزّ و‌جل) امتحن ‌بها خلقه»[٢٦].
  2. وعن الإمام الحسين (عليه السلام) قال: «إن لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: ذهب، ولا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره»[٢٧].
  3. وعن أمير المومنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «أما ـ والله ـ لأُقتلنَّ أنا وابناي هذان، وليَبعثنَّ الله رجلاً من وُلدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليَغيبنَّ عنهم؛ تمييزاً لأهل الضلالة، حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد من حاجة»[٢٨].
  • الغيبة نتيجة ظلم البشر.

عن أمير المومنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله (عزّ وجل) ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجة لله لساخت بأهلها، ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه»[٢٩].

  • الغيبة سبب خلاص الإمام (عليه السلام) من البيعة للطواغيت‌

عن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) : «ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، فإن الله (عزّ وجل) يُخفي ولادته، ويغيب شخصه؛ لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج»[٣٠].

ورد في جواب الإمام الحجة (عج) لإسحاق بن يعقوب كما في توقيعه الشريف: ( أما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عزَّ وجل يقول: (( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبدوا لكم تسؤكم )) إنه لم يكن أحد من آبائي إلاَّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه وإني أخرج حين أخرج وَلا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي).[٣١]

  • حفظ حياة الإمام (عليه السلام)

عن زرارة عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «إن للقائم غيبة قبل أن يقوم» قلت: ولِمَ؟ قال : «يخاف» وأشار بيده لبطنه، قال زرارة: يعني القتل[٣٢].

وظائف الإمام في الغيبة

من مهام الإمام (عليه السلام) : الهداية والقيادة، وحفظ المسلمين والشيعة، وإيجاد وتهيئة الأرضية لنصرة قيامه وثورته العالمية، أخذه بأيدي العاجزين، إرشاد الضالين، شفاء المرضى، الشفقة على المؤمنين والدعاء لهم، المشاركة في تشييع جنائز بعضهم، حل بعض معضلات العلماء العلمية، الإخبار عن بعض الحوادث المهمة والعوئق الباطنية لبعض الأفراد؛ سواء عرف الإمام (عليه السلام) أم لا، وسواء يكون ذلك بصورة مباشرة أم عن طريق بعض أصحاب الإمام وخواصه وغير ذلك... .

فالإمام (عليه السلام) يقوم بتمام وظائفه ومهامه على أحسن وجه ، وكما ورد في الرواية: «أما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب »[٣٣].

وتوجد في هذا الصدد روايات ، نذكر منها:

  • معرفة الإمام بأوضاع وأحوال الشيعة :

جاء في التوقيع الصادر للشيخ المفيد: «فإنا نُحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم».[٣٤]

  • حفظ ونجاة الشيعة من البلايا وشر الأعداء:

أيضاً جاء في نفس التوقيع: «إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء».[٣٥]

  • الحضور بين الناس

جاء في رواية عن أمير المومنين (عليه السلام) : «فو ربّ علي، إنّ حُجّتها عليها قائمة، ماشية في طرقاتها، داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق الأرض وغربها، يسمع الكلام، ويُسلّم على الجماعة، يرى ولا يُرى إلى يوم الوقت والوعد...».[٣٦]

  • الحضور الدائم في موسم الحج

عن محمد بن عثمان العمْري, النائب الثاني للإمام المهدي : «والله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة، فيرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه».[٣٧]

أوضاع المجتمع الشیعي في بداية الغيبة

قد اشتهر في عهد الإمام الحسن العسكري عليه السلام أن الشيعة من منتظري خروج ولده الإمام المهدي (ع).[٣٨] وهذا مما دفعت الدولة العباسية إلى أن تبحث عن الإمام المهدي(ع). فلم يعرض الإمام العسكري ولده لذلك إلا على عدد قليل من أصحابه وأقاربه المقربين،[٣٩] بحيث لم يطلع عليه معظم الشيعة بعد استشهاد الإمام.[٤٠] ومن ناحية أخرى، كانت وصية الإمام العسكري (ع) إلى أمّه حُديث بوقفه وصدقاته بسبب ظروف سياسية صعبة، مما دفع بعض الشيعة إلى الاعتقاد بأن والدة الإمام العسكري (ع) كانت تنوب عنه، وتتولى منصب الإمامة أثناء غيبة الإمام المهدي في السنة أو السنتين الأولى بعد استشهاد الإمام.[٤١]

وعند استشهد الإمام العسكري (ع) اطلع الشيعة من قبل بعض أصحابه وعلى رأسهم عثمان بن سعيد العمري بأن للإمام العسكري ولداً وهو خليفته ويتولى منصب الإمامة.[٤٢] وبالرغم من ذلك فقد ادعى جعفر بعد دفن الإمام العسكري (ع) أنه يرثه، مع أن والدة الإمام ما زالت على قيد الحياة.[٤٣] وكانت أمّ الإمام العسكري (ع) وعمته حكيمة بنت الإمام الجواد (ع) تؤيدان إمامة ابن الإمام العسكري، بينما كانت أخت الإمام العسكري تؤيد إمامة أخيه جعفر.[٤٤] كما اعترف آل نوبخت بعثمان بن سعيد وابنه ممثلاً خاصاً للإمام المهدي (ع).[٤٥] فتفرقت الشيعة،[٤٦] فمنهم من رفض وفاة الإمام العسكري (ع) واعتبروه مهدياً، ومنهم اعتقدوا بإمامة محمد بن علي الهادي (ع) فأنكروا إمامة الإمام العسكري.[٤٧] وذهب بعضهم إلى إمامة جعفر بن علي الهادي.[٤٨] ومع ذلك، فقد انتهی بمعظم الشيعة المطاف إلى أنّ الإمامة للإمام المهدي، وتولى هذا الاتجاه فيما بعد هو الرأي السائد للشيعة الإمامية.[٤٩]

كان الشيعة في زمن الغيبة الصغرى يقدمون مشاكلهم ومسائلهم على الإمام (عليه السلام) في رسائل عن طريق النواب الخاصين المقيمين في بغداد، وبعد فترة قصيرة يتلقون الإجابة على مسائلهم، وتسمى هذه الأجوبة التي تكون عادة بخط الإمام (عجل الله تعالى فرجه) نفسه في صورة كتاب (رسالة) تعرف بـ(التوقيع) وكانت فترة انتظار الإجابة عدة ساعات أو ثلاثة أيام أو أكثر . وفي بعض الأحيان كان الوكلاء يكتبون الأسئلة في ورقة ويضعونها كما أمرهم الإمام (عجل الله تعالى فرجه) تحت البساط وبعد ساعة يرجعون إلى تلك الورقة فيجدون الإجابة على أسئلتهم. ولكن انتهى هذا الأمر في فترة الغيبة الكبرى. وأما إذا كان الإمام حاضرا بين الناس وليس غائبا عنهم فحينئذ يمكن للشيعة اللقاء بالإمام (عليه السلام) والاستفادة المباشرة منه.[بحاجة لمصدر]

بحوث ذات صلة

الهوامش

  1. يوم الخلاص ص 321.
  2. يوم الخلاص ص 321.
  3. سوره يوسف، الآية 77.
  4. ابن بابويه، [[الشيخ الصدوق|الصدوق القمي، كمال الدين وتمام النعمة، ص 146، باب 43، حديث 8.
  5. الطبرسي، ص572.
  6. الكليني؛ ج 1، ص339.
  7. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وتمام النعمة ص 257 باب 24 حديث 2
  8. المصدر نفسه ، ص 303 باب 26 حديث 14
  9. المصدر نفسه ، ص 316 باب 29 حديث 2
  10. المصدر نفسه ، ص 317 باب 30 حديث 1
  11. المصدر نفسه ، ص 320 باب 31 حديث 2
  12. النعماني، الغيبة، ص 176 حديث 2
  13. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وتمام النعمة ص 330 باب 32 حديث 15
  14. المصدر نفسه، ص 411 باب 39 حديث 4
  15. النعماني، الغيبة، ص 181 حديث 14
  16. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي (كتاب) ج 1 ص 393 (باب نادر في حال الغيبة) حديث 15
  17. نفس المصدر، ج 1 ص 336 (باب في الغيبة) حديث 2
  18. ابن بابويه، الصدوق القمي، عيون أخبار الرضا ج 1 ص 279 باب 66 حديث 34
  19. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وتمام النعمة ص 377 باب 36 حديث 1
  20. المصدر نفسه، ص 409 باب 38 حديث 8
  21. المراحل التمهيدية للغيبة الكبرى، منتدى الوارث، العتبة الحسينية المقدسة، alwareth.com
  22. الطوسي، الغيبة، ص 357
  23. الاحتجاج، ج 2, ص 458
  24. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وإتمام النعمة ص 288 باب 25 حديث 7
  25. المصدر نفسه، ص 482 باب 44 حديث 11
  26. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وإتمام النعمة ص 359 باب 33 حديث 1
  27. الطوسي، الغيبة، ص 162 حديث 120
  28. النعماني، الغيبة، ص 143 باب 10 حديث 1
  29. النعماني، الغيبة، ص 144 باب 10 حديث 2
  30. الطبرسي، أحمد بن علي، الالحتجاج ج 2 ص 10
  31. الطوسي، الغيبة، ص 292
  32. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وإتمام النعمة ص 481 باب 44 حديث 9
  33. المصدر نفسه، ص 485 باب 45 حديث 4
  34. الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج ج 2، ص 323.
  35. نفس المصدر.
  36. النعماني، الغيبة، ص 146 باب 10 حديث 3.
  37. ابن بابويه، الصدوق القمي، كمال الدين وتمام النعمة ص 146 باب 43 حديث 8.
  38. الشيخ المفيد، الإرشاد، 1426هـ، ج2، ص336.
  39. حسین، تاریخ سیاسی غیبت امام دوازدهم، 1377ش، ص102.
  40. نوبختی، فرق الشیعه، 1355ش، ص105؛ شیخ مفید، الارشاد، 1426ق، ج2، ص336.
  41. الصدوق، كمال الدين، 1395هـ، ج2، ص507.
  42. الصدوق، كمال الدين، 1395هـ، ج1، ص92-93.
  43. الصدوق، كمال الدين، 1395هـ، ج1، ص43.
  44. مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، 1388ش، ص161-162.
  45. مدرسی طباطبایی، مکتب در فرایند تکامل، ۱۳۸۸ش، ص۱۶۲.
  46. الشيخ الصدوق، كمال‌ الدين، 1395هـ، ج2، ص408.
  47. صابری، تاریخ فرق اسلامی، 1390ش، ج2، ص197، پاورقی2.
  48. الشيخ الصدوق، كمال‌ الدين، 1395هـ، ج2، ص408.
  49. السيد مرتضی، الفصول المختارة، 1413هـ، ص321.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • عميد، حسن، فرهنك فارسي عميد، دوره lk ثلاثة مجلدات، طهران، انتشارات أمير كبير، 1365 هـ ش.
  • ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط 3، 1414 هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط 3، 1388 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، اعلام الورى بأعلام الهدى، تحقيق: علي أكبر غفاري بيروت، دار المعرفة، 1399 هـ.
  • الطبرسي، أحمد بن علي بن أبي طالب، الأحتجاج، قم، الشريف الرضي، ط 1، 1422 هـ.
  • مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، طهران، إصدار بنكاه ترجمه ونشر كتاب، سنة 1360 هـ ش.
  • سليمان، أحمد، يوم الخلاص، في ظل القائم المهدي عليه السلام، بيروت، دار الكتاب اللبناني، ط1، د.ت.
  • الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، كمال الدين وتمام النعمة، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1412 هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1404 هـ/ 1984 م.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة، تحقيق: عباد الله الطهراني وعلي أحمد ناصح، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط 1، 1411 هـ.
  • النعماني، محمد بن إبراهيم، الغيبة، تحقيق: فارس حسون كريم، قم، منشورات أنوار الهدى، ط 1، 1422 هـ.