البعثة

البعثة، مصطلح يشير إلى تنصيب النبي محمد لمقام النبوة والرسالة وتبليغ الإسلام لهداية الناس من قبل الله، وقد كانت بعثة الرسول في غار حراء الواقع في جبل النور القريب من مكة، وتعدّ البعثة النبوية بداية لدين الإسلام ونهاية لعبادة الأوثان في الحجاز. إنّ الآيات الأولى التي نزلت على النبي هي الآيات الأولى من سورة العلق، ثم نزلت الآيات الأولى من سورة المدثر التي تحث النبي على القيام بدعوته.

يرى الشيعة أنّ البعثة وقعت في 27 رجب، وبناء عليه يعدّ هذا اليوم في الثقافة الشيعية ومن الأعياد، وتقام احتفالات بهذه المناسبة.

التعريف والأهمية

المراد من البعثة النبوية هو اختيار نبي الإسلام للنبوة، وإرساله من قبل الله تعالى إلى الناس؛ ليدعوهم إلى دين الإسلام. وتعدّ بعثة النبي من أعظم نعم الله على المؤمنين، وقد تحدثت بعض آيات القرآن عنه ومنها الآية 164 من سورة آل عمران، وورد في قسم من هذه الآية: "لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ"، وهناك آيات أخرى من القرآن تطرقت إلى قضية البعثة، منها: الآية 19 من سورة المائدة، والآية 28 من سورة الفتح، والآية 2 من سورة الجمعة.

جزيرة العرب في زمن البعثة

بحسب ما أورده جعفر سبحاني أنّ العبادة السائدة بين الناس في الحجاز في زمن بعثة النبي كانت عبادة الأصنام، وكان يعيش عدد قليل من اليهود في المدينة، كما أن هناك من المسيحيين يسكنون نجران، طبعا كان عدد قليل أيضا موحّدين على دين التوحيد، ويطلق عليهم الحنفاء، وكان النبي أيضا من هؤلاء الموحّدين. وعدّ مكارم الشيرازي في شرح الخطبة 89 من نهج البلاغة، أن زمن بعثة النبي كان 500 إلى 600 سنة بعد الأنبياء السابقين، واستدل بهذه الخطبة واصفا الوضع الثقافي آنذاك كالتالي: كان المجتمع يعاني من الفوضى، وكانت حروب عبثية تحدث كثيرا، وكان الناس يعانون من فقر شديد، وأيضا كان يسود المجتمع انعدام الأمن وتصرفات غير لائقة مثل قتل الأبناء وارتكاب المحرمات.

انطلاق الرسالة

وفقا لما ذكره بيشوائي وهو باحث في التاريخ، أنّ النبي كانت تظهر إليه أسرار من عالم الغيب، وذلك قبل أن يبعث بالرسالة، وكان يسمع نداءات غيبية، واستدل الباحث في التاريخ محمد حسين رجبي برواية عن الإمام الهادي أنّ النبي قبل البعثة كان يذهب إلى غار حراء، وكان يرى آيات قدرة الله ورحمته في السموات، ويتفكر في عظمة الله، ثم يتعبد، وقد أورد المؤرخون أنّ النبي كان في غار حراء عندما نزل عليه جبرئيل، وأوحى إليه الآيات الأولى من سورة العلق التي انطلقت منها نبوته، ومنها بُعث النبي برسالته، ثم نزلت الآيات الأولى من سورة المدثر، وبدأت بذلك الدعوة الإسلامية من بيته، وكان أول من آمن به هم: السيدة خديجة والإمام علي وزيد بن حارثة.

الحوار الأول للنبی مع ملك الوحي

روى بعض المؤرخين أوّل كلام دار بين النبي مع جبرائيل على لسان النبي، وروى ابن إسحاق مؤرخ القرن الاول والثاني الهجري ما حدث كالتالي:

جاءني جبرائيل بنمط من ديباج فيه كتاب، وأنا نائم‌ ، فقال: اقرأ، فقلت: وما اقرأ؟ فعصر عصر شديدا حتى ظننت أنه الموت، ثم كشطه عني [كشفه عني]، فقال: اقرأ، فقلت وما أقرأ؟ فعاد لي بمثل ذلك، ثم قال: اقرأ، فقلت: وما أقرأ؟ وما أقولها إلا تنجيا أن يعود لي بمثل الذي صنع بي، فقال:

«اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ» ثم انتهى فانصرف عني، وهببت [قمت] من نومي، وكأنما صور في قلبي كتاب، فخرجت سمعت مناديا ينادي من السماء يقول: يا محمد! أنت رسول اللّه، وأنا جبريل.

---

ابن إسحاق، سيرة ابن إسحاق، ج2، ص101.

سنة البعثة النبوية ويومها

غار حراء، الواقع في جبل نور بـمكة حيث بعث النبي

بحسب ما ذكره السيد جعفر مرتضى المتخصص في تاريخ الاسلام والتشيع، فإنّ رأي اكثر المؤرخين هو أنّ النبي بعث بالرسالة في سن الأربعين من عمره، ومنهم اليعقوبي (وفاة: القرن الثالث للهجرة) حيث يقول أنّ النبي عندما بلغ تمام الأربعين من عمره بعث بالنبوة، وهناك أقوال أخرى وردت في هذا الخصوص، على سبيل المثال، ورد في السيرة لابن إسحاق (حي في القرن الأول والثاني) إضافة إلى سن الأربعين خبر يتحدث أنّ النبي بعث في السن الثالث والأربعين، وبناء على رأي آخر وقعت البعثة وللنبي 45 سنة.

إنّ رأي مشهور الشيعة حول يوم البعثة هو السابع والعشرون من شهر رجب، وأمّا الرأي المشهور عند اهل السنة فهو شهر رمضان. وبحسب تاريخ الطبري فإنّ أهل السنة أيضا يختلفون في أي يوم من شهر رمضان، بينما اليعقوبي والمسعودي (مؤرخ القرن الرابع للهجرة) لهما رأي يختلف عن هذين الرأيين ويقولان إن النبي بعث في شهر ربيع الأول.

مكانة البعثة في الثقافة الشيعية

طابع في إيران في ذكرى المبعث النبوي

في الثقافة الشيعية، عُرف اليوم 27 من رجب بعيد المبعث، وتنعقد احتفالات بهذه المناسبة. ويُعدّ هذا اليوم عطلة رسمية في إيران، وبعض المناطق في العراق.

البعثة النبوية في الشعر

تطرق الشعراء في قصائدهم إلى البعثة النبوية، فمنها قصيدة للسيد حيدر الحلي، يقول فيها:

أيُّ بُشرى كست الدُنيا بَهاءا		قُم فهنّي الأرض فيها والسماءا
بعثةٌ أعلَنَ جبريلُ بها		قبل ذا في الملأ الأعلى النداءا
قائلاً قد بُعِث النورُ الذي		ليس يخشى أبدَ الدهرِ انطفاءا
فهنيئاً فُتِحَ الخيرُ بمن		ختَم الرحمنُ فيه الأَنبياءا
بُوركت من ليلةٍ في صُبحها		كَشف الله عن الحقِّ الغطاءا
خليليّ ما أُذني لأوّل عاذلٍ		بصغواءَ في حقٍّ ولا عند باطل

وللسيد رضا الهندي أبيات بالمناسبة:

عليك سلام الله يا خير مرسل		إليه حديث العز والمجد يسند
حباك إله العرش منه بمعجز		تبيد الليالي وهو باق مؤبّد
دعوت قريشاً أن يجيئوا بمثله		فما نطقوا والصمت بالعيّ يشهد

ورد أعمال خاص لليلة المبعث ويومها في كتب الأدعية، وهي أعمال مستحبة.

كتب حوله

معظم ما ورد حول البعثة النبوية هي كتب السيرة، وقد أشار إلى تلك المصادر السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه الصحيح من سيرة النبي الأعظم.