الهجرة إلى الحبشة من الأحداث التأريخية الإسلامية والتي هاجر فيها مجموعة من المسلمين إلى أرض الحبشة بعد أن أشار عليهم النبيصلی الله عليه وآله وسلم بذلك عندما ضيّقت عليهم قريش وآذتهم بسبب إسلامهم.

كانت هجرة المسلمين إلى الحبشة بهجرتين، خرج في الهجرة الأولى أحد عشر رجلاً وأربع نسوة في شهر رجب سنة 5 للبعثة، ولكنهم رجعوا في شوال في نفس السنة عندما سمعوا بخبر إسلام أهل مكة، ثم عاد بعضهم إلى الحبشة عندما عرفوا بكذب الخبر.

وخرج في الهجرة الثانية ثلاثة وثمانين رجلاً وتسع عشرة امرأة، يقودهم جعفر بن أبي طالبعليه السلام، ثم أرسلت قريش للنجاشي (مَلك الحبشة)، عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي يطلبون منه تسليم المسلمين لهم، فلم يقبل النجاشي بذلك بعد أن أوضح له جعفر بن أبي طالب، الإسلام وتعاليمه، ورجع المهاجرون إلى المدينة في سنة 7 هـ.

التعريف بأرض الحبشة

أرض الحبشة: هضبة مرتفعة غرب اليمن بينهما البحر، وعاصمتها أديس أبابا، ولهم صلات قديمة مع العرب، ولملِكهم موقف يُذكر مع المسلمين الأوائل الذين هاجروا إليه فوجدوا في كنفه ملجأً وحسن جوار، وقد تغير نظام الحكم في الحبشة (أثيوبيا) منذ سنوات إلى جمهورية وطُرد النجاشي.[١]

سبب الهجرة

لما تآمر رؤساء قريش بأن يفتنوا من تبع النبي  عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم، أَمرهم رسول الله  أن يخرجوا إلى أرض الحبشة، وكان بالحبشة ملك صالح يقال له النجاشي، لا يظلم أحد بأرضه، وكان يثنى عليه.[٢]

الهجرة الأولى

روي أن المسلمين هاجروا إلى الحبشة في شهر رجب سنة 5 من البعثة، وأنَّ أول من هاجر أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، وأنهم انتهوا إلى البحر ما بين ماشٍ وراكب، فاستأجروا سفينة بنصف دينار.[٣]

المهاجرون في الهجرة الأولى

والمهاجرون بهذه الهجرة، وهم:

الرجوع إلى مكة

لم يبقَ المهاجرون في الحبشة طويلاً، حتى بلغتهم أخبار أنّ أهل مكة قد أسلموا، فقرروا العودة إلى مكة في شهر شوال من نفس السنة، حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أنّ ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فمنهم من رجع إلى الحبشة، ومنهم من دخل مكة مستخفياً أو في جوار رجل من قريش.[٥]

الهجرة الثانية

 

روى المؤرخون أنه لما رأى رسول الله  ما يُصيب أصحابه من البلاء، وأنه لا يقدر على منعهم مما هم فيه من البلاء، فقال لهم: لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإنَّ بها ملكاً لا يُظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه، فخرج مجموعة من المسلمين إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة، وفرار إلى الله بدينهم.[٦]

المهاجرون في الهجرة الثانية

ذكر المؤرخون أنهم كانوا ثلاثة وثمانين رجلاً وتسع عشرة امرأة، ومنهم:

عمل قريش بعد الهجرة

لما استقر المسلمون في الحبشة بعد الهجرة إليها أرسلت قريش عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي إلى النجاشي، مع هدايا كثيرة أهدوها إليه وإلى حاشيته، وطلبا منه أن يُسلّم لهما المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة، فرفض النجاشي ذلك، بعد أن أجاب جعفر بن أبي طالب  على جميع أسئلة النجاشي حول الإسلام ونبيه .[٨]

حوار جعفر (ع) مع النجاشي

لما استقر المقام بعمرو بن العاص وصاحبه عند النجاشي أخذا يحرضان النجاشي على المسلمين ويطلبان منه أن يسألهم، فأرسل على المسلمين وقد تصدى جعفر بن أبي طالب  لإجابته عن جميع أسألته والتي كان منها سؤاله عن مريم العذراء وابنها النبي عيسى ، فأجابه جعفر بقوله: نقول كما قال الله  روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء ووضح له عقيدة المسلمين التي جاءت في القرآن، فقال النجاشي: أنزلوا حيث شئتم آمنون بأرضي، وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق، وقال: من نظر إلى هؤلاء الرهط نظرة تؤذيهم فقد عصاني.[٩]

الرجوع إلى المدينة

لما هاجر النبي الأكرم  إلى المدينة واستقر بها المقام رجع جعفر بن أبي طالب  بجميع مع كان معه من المسلمين الذين هاجروا للحبشة فاستقبلهم النبي  مرحبا بهم، وقائلا: ما أدري بأيهما أنا أسر بقدوم جعفر أم بفتح خيبر،[١٠] وكان قدومهم إلى المدينة سنة 7 هـ.[١١]

المتوفون في الهجرة

من بين المهاجرين إلى الحبشة توفي ثمانية منهم:

المولدون في الهجرة

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. البلادي، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، ص 91.
  2. الواقدي، المغازي، ص 21.
  3. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 4، ص 165.
  4. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 4، صص 165 - 166.
  5. الحلبي، السيرة الحلبية، ج 1، ص 462.
  6. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 321.
  7. ابن كثير، البداية والنهاية، ج 4، صص 168 - 172.
  8. الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 335.
  9. الحلبي، السيرة الحلبية، ج 1، صص 478 - 479.
  10. المجلسي، بحار الأنوار، ج 18، ص 413.
  11. عطاردي، مسند الإمام الرضا ، ج 1، ص 346.
  12. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 363 - 367.
  13. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص 880.
  14. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 259.
  15. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، صص 322 - 326.
  16. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 364 - 368.

المصادر والمراجع

  • ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، المحقق: علي محمد البجاوي، بيروت - لبنان، الناشر: دار الجيل، ط 1، 1412 هـ/ 1992 م.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، د.م، الناشر: دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط 1، 1424 هـ/ 2003 م.
  • ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، مصر، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط 2، 1375 هـ/ 1955 م.
  • البلادي، عاتق بن غيث، معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، مكة المكرمة - السعودية، الناشر: دار مكة للنشر والتوزيع، ط 1، 1402 هـ/ 1982 م.
  • الحلبي، علي بن إبراهيم، السيرة الحلبية (إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون)، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 2، 1427 هـ.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري (تاريخ الأمم و الملوك)، بيروت - لبنان، الناشر: دار التراث، ط 2، 1387 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي‏، بحار الأنوار، تحقيق وتصحيح: مجموعة من المحققين، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي‏، ط 2، 1403 هـ.
  • الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، بيروت - لبنان، الناشر: دار الأعلمي، 1400 هـ/ 1989 م.
  • عطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الرضا ، مشهد - إيران، الناشر : المؤتمر العالمي للإمام الرضا  - مؤسسة طبع ونشر آستان قدس الرضوي، 1406 ه‍.