المعاد الجسماني، هو عبارة عن إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم، وأن يُحشر الإنسان في يوم القيامة بروحه وجسده، ونفس خصائص شخصيته التي كان عليها في الدنيا، وعندما يُنتهى من حسابه يُدفع به روحاً وجسداً، إما إلى الجنّة مُنعماً، أو إلى النار معذّباً.

معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية

لقد أكد القرآن الكريم، في مجموعة من الآيات، وكذلك الروايات الشريفة على مسألة المعاد الجسماني، وأنه من ضروريات الدين التي يجب الإيمان بها.

يوجد نزاع واختلاف في المعاد في كونه جسمانيّاً أو روحانيّاً أو هما معاً، ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى حقيقة الإنسان في هذه النشأة، فالذي يعتقد بأن هوية الإنسان وحقيقته هي جسمه ولا شي‏ء آخر، فلابدّ أن يحصر المعاد بالجسماني دون غيره، وأما الذي حصر هويّة الإنسان وحقيقته بروحه لا بجسده، فإن المعاد سيكون عنده روحانيّاً ليس إلا.

لقد تعددت النظريات بين المتكلمين والفلاسفة في حقيقته، فمنهم من ذهب إلى أنه عودة الروح إلى البدن المادي، وذهب صدر المتألهين إلى تعلّق الروح بالبدن المثالي البرزخي، وقال الشيخ الأحسائي بالمعاد الهورقليائي.

تعريفه

  • لغةً: المعاد مصدر ميمي مأخوذ من عاد الشيء، يعود، عوداً، معاداً، عاد إليه وعاد له، وعاد فيه، وعليه بمعنى رجع، قال صاحب المعجم الوسيط فيه: ”المعاد هو الحياة الآخرة، والمرجع والمصير“،[١] وقال صاحب المصباح المنير: وعاد له أيضاً يعود ”عودةً، عوداً“، صار إليه،[٢] قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ.[٣]
  • اصطلاحاً: هو الرجوع بعد الفناء، أو رجوع أجزاء البدن إلى الاجتماع بعد التفرق، وإلى الحياة بعد الممات، والأرواح إلى الأبدان بعد المفارقة، وقد عُرِّفَ بتعاريف مختلفة،[٤] منها: هو إعادة الأجزاء الأصلية، لا إعادة الأجزاء الفاضلة،[٥] وكذلك هو عبارة عن إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم، بعد جمع الأجزاء الأصلية التي من شأنها ذلك کالظفر،[٦] فإن هذين التعريفين وما سبقهما، يدلان على أن الناس تعود بأجسامها وأرواحها في اليوم الآخر، وهو معنى خروجهم من قبورهم أحياء.[٧]

المعاد الجسماني في القرآن والروايات

لقد أكد القرآن الكريم، وكذلك السنة الشريفة، على مسألة المعاد الجسماني، وأنه من ضروريات الدين التي يجب الإيمان بها.

  • المعاد الجسماني في القرآن الكريم:
  1. في خطاب نوح  إلى أُمّته، قال تعالى: ﴿وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا.[٨]
  2. ذكر المفسرون أنّ إبراهيم  رأى جيفة تمزقها السباع، فيأكل منها سباع البر، وسباع الهواء ودواب البحر، فسأل اللَّه سبحانه وقال: ياربّ قد علمت أنّك تجمعها في بطون السباع والطير ودواب البحر، فأرني كيف تحييها لأُعاين ذلك.[٩].[١٠]
  3. إحياء عُزَيْر يحكي الذكر الحكيم أنّ رجلًا صالحاً مرّ على قرية خربة،[١١] وقد سقطت سقوفها، فتسأل في نفسه، كيف يحيي اللَّه  أهلها بعدما ماتوا؟، ولم يقل ذلك إنكاراً ولا تعجّباً ولا ارتياباً، ولكنه أحبّ أن يريه اللَّه إحياءها مشاهدة.[١٢]
  4. إحياء سبعين رجلًا من قوم موسى‏، ذكر المفسرون أنّ موسى  اختار من قومه سبعين رجلًا، حين خرج من الميقات ليُكلّمه اللَّه سبحانه بحضرتهم، فيكونوا شهداء له عند بني إسرائيل لعدم وثوقهم بأنّ اللَّه سبحانه يُكلّمه، فلما حضروا الميقات، وسمعوا كلامه تعالى سألوا الرؤية، فأصابتهم الصاعقة فماتوا، ثم أحياهم اللَّه تعالى.[١٣] [١٤]وغيرها من الآيات.
  • المعاد الجسماني في الروايات
  1. قال أمير المؤمنين  في إحدى خطبه في نهج البلاغة: «حتى إذا تصرّمت الأمور، وتقضت الدهور، وأزف النشور أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة السباع، ومطارح المهالك سراعاً إلى أمره، مهطعين إلى معاده“.[١٥]
  2. عن يونس بن ظبيان قال: دخل رجل على الإمام الصادق : «... قال: افتتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟
قال : بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء، وتفنى فلاحس ولا محسوس، ثم أعيدت الأشياء، كما بدأها مدبرها، وذلك أربعمائة سنة يسبت" فيها الخلق، وذلك بين النفختين.
قال: وأنى له بالبعث والبدن قد بلى، والأعضاء قد تفرقت! فعضو ببلدة يأكلها سباعها، وعضو باخرى تمزقه هوامها، وعضو قد صار تراباً بُني به مع الطین حائط؟
قال : إن الذي أنشأه من غیر شيء، وصوّره علی غیر مثال کان سبق إليه، قادر أن يُعيده كما بدأه......[١٦]

النزاع في حقيقته

إنما يرجع النزاع والاختلاف في المعاد في كونه جسمانيّاً أو روحانيّاً أو هما معاً، إلى الاختلاف في حقيقة الإنسان في هذه النشأة:

  • الذي يعتقد بأن هوية الإنسان وحقيقته هي جسمه لا شي‏ء آخر، فلا بدّ أن يحصر المعاد بالجسماني دون غيره.
  • أمّا الذى حصر هويّة الإنسان وحقيقته بروحه لا بجسده، فإنّ المعاد سيكون عنده روحانيّاً ليس إلّا، إذ العود للشي‏ء بحقيقته وهويّته وهي روحانيّة، فمعاده لا يكون إلّا روحانيّاً.
  • بينما الذي وجَد أنّ الإنسان في الدُّنيا حقيقة واحدة ذات بُعدين أحدهما روحاني، والآخر بدنه الذى يعتبر آلة تنجز روحُه من خلاله الأفعال، ووجد أنّ لكلّ من هذين البُعدين أحكامه الخاصّة به، فالجسم محكوم بالزمان والمكان، بينما الروح فغير محكومة بمثل هذه الأحكام، فهي ثابتة لا تتغيّر غير محدودة بزمان ولا مكان.[١٧]

النظريات في حقيقته

لقد تعددت النظريات بين المتكلمين والفلاسفة في حقيقة المعاد الجسماني، فبعضهم من قبل وبعضهم من أنكر، والنظريات هي:

  • عودة الروح إلى البدن المادي: الرأي السائد بين المتكلّمين هو أنّ الله   يخلق من الأجزاء المتفرقة للبدن بدناً، فيُعيد إليه روحه المجردة الباقية بعد بلاء البدن في يوم القيامة، وهذا حسب تفسيرهم لظاهر الآيات والروايات.[١٨]
  • تعلّق الروح بالبدن المثالي: ذهب صدر المتألهين إلى المعاد الجسماني، وانّ البدن المحشور في الآخرة هو البدن الدنيوي، ويصرُّ على هذا القول في أوائل البحث على نحو يُذِعن الإنسان بأنّه بصدد إثبات ما عليه المتشرعة من المعاد الدنيوي العنصري، هذا بالنظر البدوي، وأمّا حينما ينتقل إلى أواخر البحث فيذهب إلى تعلّق النفس ببدن مثالي برزخي، مطابق لما عليه الإشراقيون من الفلاسفة، غير انّهم عجزوا عن إثبات عينية البدن المثالي للبدن الدنيوي، ولكن صدر المتألّهين قام بهذا العمل ورفض التعددية بين البدنين وأرجع الاختلاف بينهما إلى الاختلاف في الكمال والنقص.[١٩]
  • رجوع البدن المادي إلى الروح المجردة: تبنى هذه النظرية أغا علي مدرس الطهراني حيث قال: إنّ النفس بعد انتهائها إلى كمال ذاتها لا حركة لها، وإنّما الحركة للبدن إليها، ولا تكون الحركة إلاّ بالخروج من حدّ النقص إلى الكمال، فالبدن الأُخروي عين البدن الدنيوي لكنّه لا باللوازم الدنيوية.[٢٠]
  • تكامل التربة العنصرية بالمعاد الجسماني: هذه النظرية للسيد أبو الحسن الرفيعي القزويني، فإنّه أوضحها في بعض رسائله حيث قال: أنّ البدن العنصري الذي تركته الروح عند الموت لا يصلح لأن يكون بدناً أُخروياً، فإذا تبدّل إلى التربة العنصرية تقع تلك التربة عبر عناية الله تعالى في صراط التكامل على نحو تصلح التربة لصنع بدن أُخروي منها مستعد لتعلّق النفس به يوم القيامة.[٢١]
  • المعاد بالبدن الهورقليائي: تبنى هذه النظرية الشيخ أحمد الأحسائي، حيث كان يعتقد أن للإنسان جسدين: جسد مادّي في القبر يفسد ويتحلّل، وجسد يستمر بوجوده وبقائه مع زوال الجسد الأوّل، وأنّ الجسد الثاني هو من جنس عالم المثال، وهو الجسد الذي يحشر في القيامة.[٢٢]

الشبهات المثارة حوله

لقد وردت في الكتب الكلامية مجموعة من الشبهات، من الذين أنكروا المعاد الجسماني، وقد قام المتكلمون والفلاسفة بدفع هذه الشبهات، وأثبات تحقق المعاد الجسماني، ومن أهم وأقدم هذه الشبهات هي:

شُبهة الآكل والمأكول: وقد قُرّرت الشبهة بصور، ومنها:

  1. لـو أكـل إنسانٌ كافرٌ، إنساناً مؤمناً، وقلنا بأنّ المراد من المعاد هو حشر الأبدان الدنيوية في الآخرة، فيلزم تعذيب المؤمن، لأنّ المفروض أنّ بدنه أو جزءاً منه، صار جزءاً من بدن الكافر، والكافر يُعذَّب، فيلزم تعذيب المؤمن.[٢٣]
  2. أنّ المقابر الواقعة في أكناف البلاد تتبدّل إلى حدائق للتنزّه والتفرّج أو إلى مزارع وحقول زراعية يتغذّى منها الحيوان والإنسان، فيؤول بدن الإنسان الميّت، جزءاً من الإنسان الحي، فعندئذ يطرح الإشكال المتقدّم.

الجواب: وهو أنّ لكل إنسان أجزاءً أصلية لا يُمكن أن تصير جزءاً من غيرها، بل تكون فواضل من غيره لو اغتذى‏ بها، فإذا أُعيدت جعلت أجزاء أصلية لما كانت أصلية له أولًا، وتلك الأجزاء هي التي تُعاد وهي باقية من أوّل العمر إلى‏ آخره.[٢٤]

وجوبه

لقد ذكر العلماء بعض الأدلّة العقلية على وجوب المعاد الجسماني منها:

  • أن الله تعالى وعد بالثواب وتوعد بالعقاب، مع مشاهدة الموت للمكلفين، فوجب القول بعودهم، ليحصل الوفاء بوعده ووعيده.
  • أن الله تعالى قد كلّف وفعل الألم، وذلك يستلزم الثواب والعوض وإلاّ لكان ظالماً، ولا شك في أن الثواب والعوض إنما يصلان إلى المكلف في الآخرة، لانتفائهما في الدنيا.[٢٥]

الهوامش

  1. مجموعة مؤلفين، المعجم الوسيط، ص 635.
  2. الفيومي، المصباح المنير، ص 225.
  3. الأنعام: 28.
  4. الساعدي، المعاد الجسماني، ص 23.
  5. التفتازاني، شرح المقاصد، ج 2، ص 153.
  6. الرازي، الأربعين في أصول الدين، ص 292.
  7. الساعدي، المعاد الجسماني، ص 23.
  8. نوح: 17ــ18.
  9. السبحاني، الألهيات، ج 4، ص 207.
  10. البقرة: 260.
  11. السبحاني، الألهيات، ج 4، ص 211.
  12. البقرة: 259.
  13. الطبرسي، مجمع البيان، ج 1، ص 155.
  14. البقرة: 55 ــ 56.
  15. الشريف الرضي، نهج البلاغة، ص 29، خ 83.
  16. الطبرسي، الأحتجاج، ج 2، ص 86.
  17. الحيدري، المعاد، ج 1، ص 246 ــ 247.
  18. صدر المتألهين، الأسفار، ج 9، ص 165.
  19. السبحاني، مفاهيم القرآن، ج 8، ص 94.
  20. السبحاني، شبهات وردود، ص 51ــ52.
  21. السبحاني، شبهات وردود، ص 53.
  22. الأحسائي، شرح الزيارة الجامعة، ج 4، ص 18ــ19.
  23. السبحاني، الألهيات، ج 4، ص 396.
  24. العلامة الحلي، كشف المراد، ص 260.
  25. العلامة الحلي، كشف المراد، ص 258.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن زكريا، أحمد بن فاس، معجم مقاييس اللغة، قم، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.
  • الإحسائي، أحمد بن زين الدين، شرح الزيارة الجامعة، د.م، مكتبة العذراء، 1424هـ.
  • التفتازاني، سعد الدين، شرح المقاصد، قم، الشريف الرضي، ط1، 1409هـ/ 1989م.
  • الحيدري، سيد كمال، المعاد رؤية قرآنية، قم، دار فراقد، ط2، 1433هـ/ 2012م.
  • الساعدي، شاكر عطية، المعاد الجسماني، قم، المركز العالمي للدّراسات الإسلامية، ط1، 1426هـ.
  • السبحاني، جعفر، الألهيات على هدى الكتاب والسنة والعقل، قم، مؤسسة الإمام الصادق ، ط7، 1430هـ.
  • السبحاني، جعفر، شبهات وردود، قم، مؤسسة الإمام الصادق ، ط1، 1433هـ/ 2012م.
  • السبحاني، جعفر، مفاهيم القرآن، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 1431هـ/ 2010م.
  • الشريف الرضي، نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط8، 1434هـ.
  • الشيرازي، صدر الدين محمد، الأسفار الأربعة، قم، مكتبة المصطفوي، 1368ش.
  • الطبرسي، أحمد بن علي بن أبي طالب، الأحتجاج، قم، الشريف الرضي، ط1، 1422هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار العلوم، ط1، 1426هـ/ 2005م.
  • العلامة الحلي، الحسن بن يوسف بن المطهر، كشف المراد في تجريد الاعتقاد، تعليق: جعفر السبحاني، قم، مؤسسة الإمام الصادق ، ط4، 1434هـ.
  • الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير، بيروت، المكتبة العصرية، 1435هـ/ 2014م.
  • مجموعة من المؤلفين، المعجم الوسيط، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.