النبي يحيى (ع)، هو أحد أنبياء بني إسرائيل، أصبح نبياً وهو في عمر الصبا. ذكر القرآن قصة ولادته كمعجزة إلهية بعد شيخوخة أبيه النبي زكريا وعقم أمه. وكان النبي يحيى معروفاً بالزهد والبكاء الكثير من خشية الله.
الاسم في القرآن | يحيى |
---|---|
قبله | النبي زكريا |
أهم الأقارب | النبي زكريا، النبي عيسى |
الدين | التوحيد |
تكرار اسمه في القرآن | 5 مرات |
الأنبياء | |
النبي محمد(ص) • إبراهيم(ع) • نوح(ع) • عيسى(ع) • موسى(ع) • سائر الأنبياء |
جاء في روايات الشيعة مقارنة استشهاد الإمام الحسين باستشهاد النبي يحيى، وإمامة بعض أئمة الشيعة في صباهم مقارنة بنبوة النبي يحيى في صباه، كما في إثبات إمامة الجواد والإمام الهادي وإمام الزمان في صباهم، حيث يُستند في ذلك إلى نبوة يحيى في صباه أيضاً.
يعتبر الصابئة أو المندائيون أنفسهم أتباع النبي يحيى، وهناك مقام في الجامع الأموي بدمشق يعرف بمزار يحيى.
حياته
لم يكن لزكريا ولد حتى كبر في السن. وذات يوم رأى مريم وما حصلت عليه من الجنة،[١] فسأل الله أن يرزقه ولداً، وقال: ﴿ رَبِّ هَبۡ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةٗ طَيِّبَةًۖ إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَآءِ﴾.[٢] وأكد زكريا في دعائه على عدم وجود من يرث آل يعقوب،[٣] وخوفه من الأقارب من بعده.[٤] استجاب الله دعوته فبشـره بولدٍ ﴿ يَٰزَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَٰمٍ﴾،[٥] بالرغم من شيخوخته وزوجته العاقر.[٦]
أم النبي يحيى اسمها ایشاع، أو الیصابات،[٧] أو إليزابث وهي خالة السيدة مريم ،[٨] وكانتا قد حملتا بطفليهما في نفس الوقت.[٩] ولقد سمّى الله مولود زكريا قبل أن يولد كما جاء في سورة مريم: ﴿ٱسۡمُهُۥ يَحۡيَىٰ لَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ مِن قَبۡلُ سَمِيّٗا﴾.[١٠]
سبب التسمية
ذُكرت أسبابٌ مختلفة حول سبب تسمية يحيى؛ ومنها أن الله أزال بحضوره عقم أمه وأحياه. وقال البعض أيضاً إن الله أحياه بالإيمان، أو أن الله أحيا قلبه بالنبوة، ولم يُسمَّ أحد قبله بهذا الاسم.[١١]
ويحيى معروف عند المسيحيين باسم يوحنا المعمدان، وسبب هذا الاسم أنّ عيسى قد غُسِّل بواسطته غُسل التعميد،[١٢] وهو أحد تقاليد الدين المسيحي، فبحسب عقيدتهم أن القيام بهذا الغسل يؤدي إلى التطهير من الذنوب، وتکريس النفس لخدمة وطاعة الله.[١٣]
الخصائص الأخلاقية
ورد في المصادر خمس صفات ليحيى، هي: الإيمان بالمسيح، ومكانة السيادة والريادة في العلم والعمل، والنبي الصالح، والزهد والعظمة.[١٤] وفي خصوص زهده ذكر أن نبي الإسلام قال: "كان من زهد يحيى بن زكريا أنه أتى بيت المقدس، فنظر إلى المجتهدين من الأحبار والرهبان، عليهم مدارع الشعر وبرانس الصوف ويعبدون الله، فتدرع المدرعة على بدنه، ووضع البرنس على رأسه، ثم أتى بيت المقدس، فأقبل يعبد الله عز وجل مع الأحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه.[١٥]
وقيل إن زكريا لما كان يتحدث إلى الناس ويرى يحيى بينهم لم يكن يذكر شيئاً عن النار للطافة روحه وبكائه الشديد عند سماع أسمائها وصفاتها.[١٦] روي في الكافي عن الإمام علي : بكى يحيى كثيراً ولم يضحك، أما عيسى بن مريم فضحك وبكى، وكان عمل عيسى أفضل من يحيى.[١٧] وفي رواية أخرى حول تفضيل يحيى نقل أنه لا يحق لأحد أن يقول أنا أفضل من يحيى؛ لأنه لم يرتكب أيّ معصية ولم يلتفت إلى أيّ امرأة. وقد اعتبر البعض أن هذه الرواية تتعارض مع بعض التعاليم الإسلامية ولم يقبلوها.[١٨]
استشهاده
روي عن الإمام السجاد أن ملك بني إسرائيل وقع في حب إحدى محارمه وأراد أن يتزوجها، وقد عارض النبي يحيى هذا الفعل، وبإغراء من أمها جعلت هذه الفتاة رأس يحيى شرطاً لزواجها، فأرسل ملك بني إسرائيل رأس يحيى في وعاء من ذهب إليها، وكان دمه ينبع ويجري على الأرض، فحاول قوم بني إسرائيل أن يضعوا التراب على هذا الدم ليختفي لكنه لم ينقطع، وكان هذا الدم ينبع حتى تولى بخت نصر على بني إسرائيل وقتل منهم عدة آلاف، وانتقم لدم يحيى، فتوقف الدم بعدها عن الجريان.[١٩]
التشابه بينه وبين الإمام الحسين (ع)
بحسب بعض الروايات أن السماء والأرض بكتا على الإمام الحسين والنبي يحيى .[٢٠] وذكر الإمام الحسين النبي يحيى واستشهاده وهو بطريقه إلى كربلاء، وذكروا بعد استشهاد يحيى أن السماء أمطرت دماً واحمرت الشمس. وروي عن علي أن السماء والأرض لم تبكِ إلا على اثنين هما يحيى بن زكريا والحسين بن علي .[٢١]
مكان دفنه
أشتهر قبر منسوب ليحيى في الجامع الأموي بدمشق، وعلى هذا الأساس قد دفن جثمان يحيى في هذا المسجد، ودفن رأسه في مسجد آخر وهو في منطقة الزبداني بدمشق، وبحسب رواية أخرى يعتقد المسلمون والمسيحيون أن رأس النبي يحيى دفن في مسجد بمنطقة "سَباستِیة" شمال بيت المقدس، والتي يعرفها اليهود باسم "شومرون"، كما بنى المسيحيون كنيسة أطلقوا عليها اسم "يحيى المعمدان" بجوار هذا المسجد.[٢٢]
نبوته
أصبح يحيى نبياً في صباه، ومن مميزاته أن الله ذكر تصديقه بنبوة عيسى،[٢٣] فبعد وصول عيسى إلى مقام النبوة آمن به، وهو الداعي إلى دين موسى أيضاً. وبحسب ما ورد في التاريخ كان يحيى أكبر من عيسى بستة أشهر، وأول من اعترف بنبوته، ولأن يحيى كان مشهوراً بين الناس بالزهد والعفة، كان لاعترافه ودعوته أثر كبير في اهتمام الناس بالمسيح.[٢٤] وذكر العلامة الطباطبائي في كتابه الميزان بأن المراد من الكتاب الذي أُمر يحيى بأخذه هو التوراة.[٢٥]
يحيى في الكتب المقدسة
القرآن
ورد اسم يحيى 5 مرات في 4 سور من القرآن،[٢٦] كما أن قصة ولادته والكثير من حياته وصفاته ورد في القرآن مع قصة أبيه زكريا،[٢٧] وفي سورة مريم ذُكر بشكل منفصل في بعض فضائله، وعطايا الله ليحيى،[٢٨] وقد رفع الله مكانته في القرآن وعبر عنه: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾.[٢٩] وفي رواية أشار الإمام الرضا إلى نفس الآية بأنه في ثلاثة أماكن: (الميلاد والموت والقيامة)، يكون في أمن وأمان، وهي الأماكن التي يخاف منها جميع بني آدم.[٣٠]
الإنجيل
هناك أقوال وقصص مختلفة عن يحيى بن زكريا في الأناجيل. ومن ضمن ما ذكر توجد موارد مشتركة مع الآيات القرآنية. وقد وردت قصة ولادة يحيى للنبي زكريا بالتفصيل في إنجيل لوقا،[٣١] واشتهر يحيى بالمُعمِّد، وكذلك كان يحيى بليغاً فتأتي الناس إليه من مدن مختلفة للاستماع إلى خطبه والاتعاظ بها.[٣٢] وأنه كان يتكلم ضد رجال الدين المتطاولين أيضاً.[٣٣] ولكن أهم ما في الأناجيل عن يحيى هو تأييده للنبي عيسى وحقانيته.[٣٤] وقد دار حوار بين أحد حواري النبي عيسى مع أحد حواري النبي يحيى في أيهما أفضل عيسى أم يحيى، فذهب أتباع يحيى إليه، فقال لهم: "لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ، أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ، يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ".[٣٥]
في الروايات الشيعية
إثبات الإمامة في الصغر
نُقلت روايات عن علي بن أسباط أنه قال: أتيت يوماً إلى الإمام الجواد وكان الإمام صغيراً، فنظرت بتأمل إلى قامته حتى أبقى أذكره، ولما أرجع إلى مصر أروي عنه لأصحابي، فقال الإمام: إن ما فعل الله في الإمامة مثل ما فعل في النبوة. وقال: وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا.[٣٦] فكما أن الله يعطي الحكمة لإنسانٍ وهو صبي، فإن له القدرة أيضاً على أن يمنحها في سن الأربعين.[٣٧] ولإثبات إمامة الإمام في صباه يُستشهد بنبوة يحيى في صباه.[٣٨]
التحدث مع الشيطان
في بعض الروايات ذُكر لقاء يحيى بإبليس، وبحسب هذه الروايات فقد رأى يحيى إبليس بهيئة مخيفة، وكان يحمل معه أدوات غريبة، فسأله عن تلك الأدوات، فأخبره إبليس بأن كل واحدة من تلك الأدوات هي فخ للناس، فسأله يحيى: هل ظفرت بي ساعة قط؟ فأجابه إبليس: لا؛ ولكن فيك خصلة تعجبني بها، بأنك رجل كثير الأكل فإذا ظفرت وأكلت يمنعك ذلك من بعض صلاتك وقيامك بالليل، فقال يحيى: فإني اعطي الله عهداً لا أشبع من الطعام حتى ألقاه، قال له ابليس: وأنا أعطي الله عهداً ألا أنصح مسلماً حتى ألقاه، ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك.[٣٩]
الصابئة
الصابئيون أو المندائيون هم شعوب ناطقة باللغة الآرامية، تعلموا على يد يحيى المعمدان منذ حوالي 2000 سنة،[٤٠] ويعتقدون أن كتابهم المقدس هو من عند النبي يحيى.[٤١] وكانت هجرتهم إلى إيران متزامنة مع دولة وحكومة الأشكانيين، وهؤلاء يعتبرون من أقدم المهاجرين غير الآريين الذين جاءوا إلى إيران من فلسطين بعد اليهود. والصابئة هم من الديانات التوحيدية، أصحاب الكتاب والنبي والخط واللغة.[٤٢] وقد ورد ذكرهم في القرآن الكريم في عدة آيات.[٤٣]
الهوامش
- ↑ سورة آلعمران: 37.
- ↑ سورة آلعمران: 38.
- ↑ سورة مريم: 6.
- ↑ سورة مريم: 5.
- ↑ سورة مريم: 7.
- ↑ ابن خلدون، تاریخ ابن خلدون،ج 2، ص 168.
- ↑ الطباطبائي، المیزان، ج 14، ص 27.
- ↑ المسعودي، مروج الذهب، ج 1، ص 70.
- ↑ الشبستري، أعلام القرآن ، ص 397.
- ↑ سورة مريم: 7.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 561.
- ↑ أبو جودة، الإسلام والمسيحية سفينتان ترسيان على شاطئ الحق، ص 102.
- ↑ [١] الموقع الرسمي للشيخ مكارم الشيرازي.
- ↑ سورة آل عمران: 39 ؛ مکارم الشيرازي، تفسیر الأمثل، ج 2، ص 535.
- ↑ الصدوق، الأمالي، ص 80-81.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 562.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 567.
- ↑ راد، اختلاف أحاديث يونس ويحيى عليهما السلام؛ التعارض والحلول، ص 8.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 566.
- ↑ القمي، تفسیر القمي، ج 2، ص 291؛ ابن قولویة، کامل الزیارات، ص 79.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 566.
- ↑ رامي نجاد، قبر النبي يحيى (عليه السلام).
- ↑ سورة آل عمران: 39.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 14، ص 169؛ مکارم الشيرازي، تفسیر الأمثل، ج 2، ص 535.
- ↑ الطباطبائي، المیزان، ج 14، ص 17.
- ↑ شوقي أبو خلیل، أطلس القرآن، ص 120.
- ↑ سورة مریم: 7 – 16 ؛ سورة آل عمران: 39 ؛ سورة الأنعام: 85 ؛ سورة الأنبياء: 90.
- ↑ سورة مریم: 7 – 16.
- ↑ سورة مریم: 15.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 562.
- ↑ انجيل لوقا، 1: 5 – 25.
- ↑ انجيل متى، 3: 7 ؛ انجيل مرقس، 1 : 4 – 7.
- ↑ انجيل متى، 3: 7.
- ↑ انجيل يوحنا، 3: 27 - 30.
- ↑ انجيل يوحنا، 3: 27 - 30.
- ↑ سورة مريم: 12.
- ↑ الکلیني، الکافي، ج 1، ص 384 ؛ الصفار، بصائر الدرجات، ج 1، ص 238 ؛ مكارم الشيرازي، تفسير الامثل، ج 13، ص 28.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 3، ص 69.
- ↑ الجزائري، قصص الأنبیاء، ص 563.
- ↑ الكريمي الشروداني، كل ما يتعلق بالصابئة (المندائيين) (1).
- ↑ الطباطبائي، المیزان، ج 14، ص 327.
- ↑ الكريمي الشروداني، كل ما يتعلق بالصابئة (المندائيين) (1).
- ↑ سورة بقرة: 62 ؛ سورة المائدة: 69 ؛ سورة الحج: 17.
المصادر والمراجع
- قرآن کریم.
- ابن شهر آشوب المازندراني، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب علیهم السلام، قم، انتشارات علامة، ط 1، 1379 هـ.
- ابن فهد الحلّي، أحمد بن محمد، عدة الداعي ونجاح الساعي، دار الکتب الإسلامي، ط 1، 1407 هـ.
- ابن قولویه، جعفر بن محمد، کامل الزیارات، تحقیق: عبد الحسین أمیني، نجف، دار المرتضویة، 1356 ش.
- الأشعري، سعد بن عبد الله، تاریخ عقائد ومذاهب الشیعة (المقالات و الفرق)، ترجمة: یوسف فضائي، طهران، مؤسسة انتشارات عطائي، ط 1، 1371 ش.
- الجزائري، نعمة الله، قصص الأنبياء، طهران، انتشارات هاد، ط 1، 1380 ش.
- الحسیني الشیرازي، محمد، تبیین القرآن، دمشق، دار العلوم، 1423 هـ.
- الدیلمي، حسن بن محمد، إرشاد القلوب إلی الصواب، قم، الشریف الرضي، ط 1، 1412 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، قم، مؤسسة البعثة، دت.
- الصفار، محمد بن حسن، بصائر الدرجات في فضائل آل محمّد صلّی الله علیهم، قم، مکتبة آیة الله المرعشي النجفي، 1404 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسین، تفسیر المیزان، بيروت، مطبوعات دار الأندلس، 1431 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البیان في تفسیر القرآن، مقدمة محمد جواد بلاغي، طهران، ناصر خسرو، ط 5، 1372 ش.
- قطب الدین الراوندي، سعید بن هبة الله، قصص الأنبیاء علیهم السلام، تحقیق: غلام رضا، مرکز البحوث الإسلامي، مشهد، ط 1، 1409 هـ.
- القمي، علي بن إبراهیم، تفسیر القمي، تحقيق: الموسوي الجزائري، سید طیب، دار الکتاب، قم، ط 3، 1404 هـ.
- الکلیني، محمد بن یعقوب، الکافي، طهران، دار الکتب الإسلامیة، 1407 هـ.
- المجلسي، محمد تقي، بحار الأنوار، طهران، المطبعة الإسلامیة، 1389 ش.
- المفید، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله علی العباد، قم، مؤتمر الشيخ مفيد، ط 1، 1413 هـ.