هذه مقالة أو قسم تخضع لتحريرٍ مُكثَّفٍ في الفترة الحالية لفترةٍ قصيرةٍ. إذا كانت لديك استفسارات أو ملاحظات حول عملية التطوير؛ فضلًا اطرحها في صفحة النقاش قبل إجراء أيّ تعديلٍ عليها. فضلًا أزل القالب لو لم تُجرَ أي تعديلات كبيرة على الصفحة في آخر شهر. Foad (نقاش) • مساهمات • انتقال 4 نوفمبر 2024 |
وجوب دفع الضرر المحتمل من القواعد العقلية التي تُشير إلى ضرورة دفع الضرر المحتمل. وقد استفاد من هذه القاعدة علماء الكلام، وأصول الفقه، والفقه. ومن نتائج هذه القاعدة العقلية قبول الإيمان بالله تعالى، لما قد يترتب على تركه العذاب الشديد المحتمل في حال وجود الله تعالى. وقد ورد هذه القاعدة والنتيجة المذكورة، في المناظرات التي وقعت بين أئمة الشيعة والملحدين.
ويرى العلماء أن الضرر في هذه القاعدة يتعلق بالآخرة. ويعتقد البعض أنها تشمل الضرر حتى في هذه الدنيا. ومن ناحية أخرى، تنطبق هذه القاعدة حتى على الأضرار القليلة.
وذُكر أنَّ هذه القاعدة تستند على حكم العقل؛ لأنَّ العقل لا يفرق بين دفع الضرر المعلوم والضرر المظنون. وورد أيضًا أن دليل هذه القاعدة هو سيرة العقلاء؛ وهذا يعني أن العقلاء يدفعون الضرر المحتمل في أي وقت.
تعتبر قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل من المبادئ الأساسية في علم الكلام، ومن أركان التوحيد، والتي بدونها لا يتحقق النظام الاعتقادي. وقد استفاد من هذه القاعدة علماء المدارس الكلامية المختلفة، مثل المعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإمامية، في موارد عديدة، منها: ضرورة التحقيق في المسائل الاعتقادية، ووجوب التوبة، وضرورة عصمة الإمام، وعدم معقولية إنكار الآخرة.
وقد تمت الاستفادة من هذه القاعدة أيضًا في علم الأصول في مباحث متعددة، مثل الحكم بالاحتياط، وحجية خبر الواحد، وعدم حجية الأصول العملية، وتبيين نظرية حق الطاعة، وكما تمسك فقهاء الشيعة أيضًا بهذه القاعدة في موارد مختلفة، بعنوان دليل أو مؤيد عقلي، منها: جواز قتل السارق في حالة الدفاع ووجود خطر على الحياة، وعدم جواز السير في الطرق الخطرة، والتيمم بدل الوضوء في موارد الضرر. ويوجد في القانون المدني لجمهورية إيران الإسلامية قوانين مبنية على هذه القاعدة العقلية.
التعريف والمكانة
إنَّ وجوب دفع الضرر المحتمل هي من القواعد التي تتعلق بالعقل العملي (الذي له القدرة على إدراك الأشياء التي تتعلق بفعل الإنسان) والتي على أساسها ينبغي دفع الضرر الذي لم يقع بعد، ولكنه قد يحدث.[١] وذُكر إن هذه القاعدة من أهم القواعد التي يستند عليها الفقه والأصول والكلام الإمامي. [٢]
ويُعتبر دليل هذه القاعدة العقل؛ لأنَّ العقل لا يفرق بين دفع الضرر المعلوم والضرر المظنون. وذًكر أيضًا أن دليل هذه القاعدة هو سيرة العقلاء؛ وهذا يعني أن العقلاء يدفعون الضرر المحتمل في أي وقت.[٣]
وإن قيل إن هذه القاعدة تتعلق بدفع الضرر والعذاب في الآخرة،[٤] ولكن ذُكر على نحو الاحتمال أنها تتعلق بدفع الضرر في الدنيا أيضًا، ومع ذلك، فهناك شواهد على أن العقل لا يدفع دائما ضرر الدنيا المحتمل، ولكن حتى في بعض الحالات، يأمر العقل والشريعة بذلك.[٥]
والمقصود من «الاحتمال» في دفع الضرر المحتمل، هو أي نوع من عدم الاطمئنان، سواء كان مرتفع أو في حد الظن (أكثر من 50%)، أو قليل إلى حد الشك (50%) أو إلى حد الوهم (أقل من 50%).[٦]
معقولية الإيمان
واستنادًا على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، ذُكر إن الإيمان بالله والقيامة أولى وأعقل من إنكارهما.[٧] وفي هذا الصدد، روي عن الإمام الصادق في مناظرته مع ابن أبي العوجاء من أشهر الملاحدة، أنَّه قال له: إن لم يكن هناك إله وقيامة، فإنَّ الذين آمنوا بالله والقيامة فقد نجوا، وإن كان هناك إله وقيامة فقد نجا المؤمنون وهلك الملحدون.[٨] وقد ورد هذا الأمر أيضًا عن الإمام الرضا.[٩]
وقد صرح بليز باسكال، عالم رياضيات وفيلسوف في القرن السابع عشر الميلادي، أنَّه ينبغي للإنسان أن يراهن على وجود الله في الحياة؛ لأنَّه إذا آمنا بوجود الله تعالى، ففي حال عدم وجود الله تعالى بالواقع، فلا يكون هناك ضرر معتد به، ولكن إذا لم يكن هناك إيمان بوجود الله تعالى، وأن الله تعالى موجود، فسوف يتعرض إلى الضرر المحتمل.[١٠]
الأهمية الكلامية
تعتبر قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل من المبادئ الأساسية في علم الكلام ومن أركان التوحيد، والتي بدونها لا يتحقق النظام الاعتقادي.[١١] وقد استفاد من هذه القاعدة علماء المدارس الكلامية المختلفة، مثل المعتزلة،[١٢] والأشاعرة،[١٣] والماتريدية،[١٤] والإمامية.[١٥] وقد استدل المتكلمون بهذه القاعدة في موارد عديدة، منها:
- ضرورة التحقيق في الدين: يرى متكلمي الشيعة أن المعتقدات الدينية لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق الدليل والبرهان، ولا يجوز التقليد فيها؛ لأن التقليد بدون دليل يمكن أن يسبب أضرار واقعية غير قابلة للتعويض.[١٦]
- وجوب التوبة: يجب بحكم العقل التوبة وجبران الذنوب؛ لأنَّ ارتكاب الذنب قد يؤدي إلى ضرر عظيم.[١٧]
- عدم الوثوق في كلام غير المعصوم: في المسائل الدينية لا يمكن الوثوق في كلام غير المعصوم؛ لأن كلامهم قد يكون خاطئاً ويؤدي إلى ضرر كبير.[١٨]
- ضرورة عصمة الإمام: يجب أن يكون الإمام معصومًا عن الخطأ؛ لأنَّ غير المعصوم قد يضل الناس.[١٩]
- عدم معقولية إنكار الآخرة: حتى لو لم يكن لدى الإنسان دليل لقبول الآخرة، فإنَّ إنكارها لا يكون منطقيًا؛ لأنَّه بإنكار الآخرة هناك احتمال لخسارة كبيرة في الحياة الأبدية.[٢٠]
الاستفادة من القاعدة في علم الأصول
ومن تطبيقات «قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل» في أصول الفقه عبارة عن:
- الحكم بالاحتياط: عندما يوجد شك في الحكم أو الموضوع، يحتاط الفقهاء في إصدار الحكم بالاعتماد على قاعدة دفع الضرر.[٢١]
- حجية خبر الواحد: من أدلة حجية الخبر الواحد أن عدم قبوله قد يؤدي إلى وقوع الضرر.[٢٢] وقد ذهب جماعة من علماء الشيعة وأهل السنة الأصوليين وبالاستناد على هذه القاعدة، أن حجية خبر الواحد ضرورة عقلية.[٢٣] وفي المقابل يرى السيد المرتضى والشيخ الطوسي، أن حكم الله في الأمور الدينية يجب أن يكون قطعيًا، بينما خبر الوحد لا يوجد العلم.[٢٤]
- حجية مطلق الظن: وبالاعتماد على قاعدة دفع الضرر المحتمل، ذُكر أن أي ظن (الاحتمال أكثر من 50%) في حكم الله تعالى، يجب أن يؤخذ على محمل الجد؛ لأنَّه يُحتمل الضرر في عدم القيام به.[٢٥] وبحسب الميرزا القمي (وفاة: 1231هـ) إن هذه القاعدة لا تثبت حجية خبر الواحد فحسب، بل تثبت جميع الظنون.[٢٦]
- عدم حجية الأصول العملية: المخالفون لحجية الأصول العملية (من جملتها أصل الاستصحاب) ذكروا إنَّه لا يوجد دليل قوي يُثبت هذه الأصول، وأن العمل بها قد يؤدي إلى الضرر.[٢٧]
- تبيين نظرية حق الطاعة: ذكر السيد محمد باقر الصدر (وفاة: 1400هـ) في توضيح نظرية حق الطاعة، فلو احتمل الفرد أن هناك حكم صادر من الله تعالى فعليه عقلًا العمل وفق ذلك الحكم؛ لأنَّ حق العبودية لله تعالى واسع فيشمل الأحكام المحتملة أيضًا.[٢٨]
التطبيقات الفقهية لقاعدة دفع الضرر المحتمل
من موارد تطبيق قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل علم الفقه. وقد وردت هذه القاعدة أيضًا في بعض الكتب المتعلقة بالقواعد الفقهية.[٢٩] وقد وردت هذه القاعدة أيضًا كأصل وأساس في ضرورة التقليد أو الاجتهاد أو الاحتياط.[٣٠]
ومن الفقهاء الذين استفادوا من هذه القاعدة في مختلف المباحث الفقهية، ابن إدريس الحلي (وفاة: 598هـ) في جواز قتل السارق في حالة الدفاع ووجود الخطر،[٣١] والعلامة الحلي في مسألة عدم جواز السير في طريق فيه علامة الخطر،[٣٢] والقاضي نور الله التستري (وفاة: 1019هـ) في بحث التيمم بدل الوضوء في موارد الضرر،[٣٣] ومحمد باقر البهبهاني (وفاة: 1205هـ) في تبيين قاعدة التسامح في أدلة السنن في باب المكروهات،[٣٤] والملا أحمد النراقي (وفاة: 1245هـ) في بحث حرمة حفظ وتعليم كتب الضلال،[٣٥] والشيخ الأنصاري (وفاة: 1281هـ) في بحث حرمة إيذاء النفس،[٣٦] والمحقق الهمداني (وفاة: 1322هـ) في بحث صحة صيام المجنب الذي ينام حتى وقت الأذان،[٣٧] ومحمد بحر العلوم (وفاة: 1326هـ) في أحكام العمل بالوصية،[٣٨] أبو طالب الآراكي (وفاة: 1329هـ) في بحث حكم الماء الطاهر المشكوك في نجاسته،[٣٩] والسيد محسن الحكيم (وفاة: 1390هـ) في المسائل المتعلقة بالحج،[٤٠] والسيد أبو القاسم الخوئي (وفاة: 1413هـ) في مباحث التقليد،[٤١] وضرورة تعلم أحكام الشك. [٤٢]
في القانون المدني لجمهورية إيران الإسلامية، تم وضع قوانين بناًء على هذه القاعدة.[٤٣] ففي هذه القوانين، يتم تقديم الأموال إلى المحكمة بعنوان الضمان لمنع الضرر المحتمل لأحد الطرفين. ومن بين هذه القوانين يمكن الإشارة إلى أخذ الضمان في الدعاوى المالية، والحصول على الضمان من الأجانب، والحصول على ضمان في تنفيذ الحكم الغيابي، والحصول على ضمان في استئناف الإجراءات.[٤٤]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ لطفي، «دفع ضرر محتمل»، ص845؛ برنجكار ونصرتيان اهور، «کاربست عقل عملی در استنباط آموزه های کلامی با تکیه بر متون کلامی»، ص17.
- ↑ لطفي، «دفع ضرر محتمل»، ص845.
- ↑ التسخيري، القواعد الأصولية والفقهية، ج1، ص420 ـ 421.
- ↑ التسخيري، القواعد الأصولية والفقهية، ج1، ص420؛ المصطفوي، القواعد الفقهية، ج1، ص306.
- ↑ زاهدي، خودآموز کفایه، ج2، ص221.
- ↑ النراقي، عوائد الأيام، ص414 ـ 415؛ الأنصاري، الحاشية على استصحاب القوانين، ص117.
- ↑ باكتچي وآخرون، مبانی و روش اندیشه علمی امام صادق (ع)، ص89.
- ↑ الكليني، الكافي، ج1، ص78.
- ↑ الطبرسي، الاحتجاج، ج2، ص171؛ الشريف الشيرازي، الكشف الوافي في شرح أصول الكافي، 397 ـ 398.
- ↑ Pascal, Pensées,1900, p9
- ↑ برنجكار ونصرتيان اهور، «کاربست عقل عملی در استنباط آموزه های کلامی با تکیه بر متون کلامی»، ص17.
- ↑ القاضي عبد الجبار، المختصر في أصول الدين، ص172.
- ↑ التفتازاني، شرح المقاصد، ج5، ص240.
- ↑ الماتريدي، التوحيد، ص101.
- ↑ المرتضى، الذخيرة في علم الكلام، ص167؛ أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص65؛ الحمصي الرازي، المنقذ من التقليد، ج2، ص86.
- ↑ المرتضى، الذخيرة في علم الكلام، ص167؛ أبو الصلاح الحلبي، تقريب المعارف، ص65؛ ابن ميثم البحراني، قواعد المرام في علم الكلام، ص28؛ كاشف الغطاء، مبادئ الإيمان، ص27.
- ↑ الحمصي الرازي، المنقذ من التقليد، ج2، ص86؛ العلامة الحلي، أنوار الملكوت في شرح الياقوت، ص177؛ الأعرجي، إشراق اللاهوت في نقد شرح الياقوت، ص426.
- ↑ العلامة الحلي، الألفين، ص70 و90 و103 و107 و132.
- ↑ العلامة الحلي، الألفين، ص233 و265.
- ↑ الغزالي، كيمياء السعادة، ج1، ص113 ـ 115.
- ↑ الأنصار، فرائد الأصول، ج2، ص453 و462 و512؛ الحائري، درر الفوائد، ج2، ص427؛ النائيني، فوائد الأصول، ج3، ص215 ـ 216.
- ↑ الأنصاري، الفوائد الأصولية، ص612.
- ↑ العلامة الحلي، نهاية الوصول إلى علم الأصول، ج3، ص405؛ العلامة الحلي، مبادئ الوصول إلى علم الأصول، ص207؛ العلامة الحلي، تهذيب الوصول إلى علم الأصول، ص229 ـ 230؛ الطباطبائي المجاهد، مفاتيح الأصول، ص484؛ البصري، المعتمد في أصول الفقه، ج2، ص106 ـ 107؛ الكلوذاني، التمهيد في أصول الفقه، ج3، ص70؛ ابن عقيل، الواضح في أصول الفقه، ج4، ص380؛ الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج2، ص51.
- ↑ المرتضى، الذريعة إلى أصول الشريعة، ج2، ص549 ـ 550؛ الطوسي، العدة في أصول الفقه، ج1، ص107.
- ↑ القزويني، تعليقة على معالم الأصول، ج5، ص275؛ الأنصاري، فرائد الأصول، ج1، ص175.
- ↑ الميرزا القمي، القوانين المحكمة في الأصول، ج2، ص436 ـ 437.
- ↑ الحر العاملي، الفوائد الطوسية، ص217.
- ↑ الصدر، دروس في علم الأصول، ج2، ص50.
- ↑ التسخيري، القواعد الأصولية والفقهية، ج1، ص387؛ المصطفوي، القواعد الفقهية، ص306.
- ↑ الحسيني الشاهرودي، الاجتهاد والتقليد.
- ↑ ابن إدريس الحلي، السرائر، ج2، ص19.
- ↑ العلامة الحلي، نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، ج2، ص530.
- ↑ التستري، نهاية الإقدام في وجوب المسح على الأقدام، ص403.
- ↑ البهبهاني، مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع، ج2، ص123.
- ↑ النراقي، مستند الشيعة في أحكام الشريعة، ج14، ص157.
- ↑ الأنصاري، رسائل فقهية، ص116.
- ↑ الهمداني، مصباح الفقيه، ج14، ص434.
- ↑ بحر العلوم، بلغة الفقيه، ج4، ص98.
- ↑ الآراكي، شرح نجاة العباد، ص122.
- ↑ الحكيم، مستمسك العروة الوثقى، ج10، ص12.
- ↑ الخوئي، موسوعة الإمام الخوئي، ج1، ص107 و133.
- ↑ الخوئي، موسوعة الإمام الخوئي، ج1، ص251 ـ 252.
- ↑ لطفي، «قاعدة وجوب دفع ضرر محتمل و کاربرد آن در قانون آئین دادرسی مدنی»، ص217.
- ↑ لطفي، «قاعدة وجوب دفع ضرر محتمل و کاربرد آن در قانون آئین دادرسی مدنی»، ص217 ـ 228.