الغيبة الصغرى هو مصطلح يشير إلى الوقت الممتد من سنة 260 هـ، أي عند شهادة الإمام الحسن العسكري(ع) إلى وفاة السفير الرابع سنة 329 هـ، وفيه غاب الإمام المهدي(عج) عن الأنظار، لكنه كان يتصل بشيعته عن طريق وكلاء خاصين يسمون بالسفراء.
وعددهم أربعة، وهم عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري.
وتسمّى بالصغرى في مقابل الغيبة الكبرى التي بدأت سنة 329 هـ وهي مستمرة إلى الآن ولا يعلم أحد متى الظهور إلا الله.
بداية الغيبة الصغرى
قضى الإمام الحسن العسكري(ع) إمامته -التي امتدت من شهادة أبيه الإمام الهادي (ع) سنة 254 هـ إلى شهادته سنة 260 هـ[١]- في خفاء عن شيعته وتقية من الحكام وذلك بسبب الإقامة الجبرية التي فرضتها عليه السلطة العباسية آنذاك المتمثلة بالمعتمد العباسي، ووجه إليه جواسيسه وعيونه وشدد عليه. ولهذا كان الشيعة لا يستطيعون الوصول إلى الإمام العسكري وكانوا يتصلون به من خلال وكلائه.[٢]
وتشير المصادر القديمة عند الشيعة إلى أنّ الإمام العسكري(ع) لم ينصب علانية ابنه للإمامة من بعده.[٣]بل إنه أشار إليه وعرّفه إلى بعض المقربين منه.[٤]لأن المعتمد العباسي كان يبحث عن الإمام المهدي (عج) كي يقوم باعتقاله أو قتله.
وقد أخفى الإمام العسكري(ع) ولادته ولم يطلع عليها إلا الخواص من أهل بيته وأصحابه.[٥]
وهناك الكثير من الروايات التي تؤكد ولادة الإمام المهدي(ع) وإن هناك الكثير من الشيعة ممن رأى الإمام (عج) وهذه الروايات منسوبة الى السفير الثاني للإمام المهدي(عج) محمد بن عثمان العمري، كما إن الإمام العسكري (ع) أتى بأربعين رجلا من أصحابة الذين يعتمد عليهم وأراهم ابنه المهدي(عج).[٦]
سرداب الغيبة
يحاول البعض أن يسخف من عقيدة الإمام المهدي (عج) عند الشيعة من خلال الافتراء بالقول: إنّ الشيعة تعتقد أن المهدي غائب في داخل السرداب في سامراء وإنه سيخرج من هذا السرداب في آخر الزمان والذي يعرف عندهم بسرداب الغيبة الموجود في سامراء عند قبر أبيه الإمام الحسن العسكري(ع) وجده الإمام الهادي(ع).
ولتوضيح هذه المسألة نقول: إنّ قبر الإمام الهادي والعسكري(ع) هو نفس البيت الذي كان يسكنه الإمام الهادي ومن بعده ابنه العسكري (ع)، وكان من عادة الناس في ذاك الزمان والى زمان قريب منا يحفرون سردابا في الأرض أسفل بيوتهم كي يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، وكذلك بيت الإمام الهادي (ع) في سامراء فيه سرداب من هذا القبيل.
وتسمية الشيعة لهذا السرداب بسرداب الغيبة لا يعنون من هذا الكلام أن الإمام المهدي(عج) مختفي في هذا السرداب ،بل المراد أن آخر مرة شوهد فيها الإمام المهدي(عج) كان عند دخوله الى هذا السرداب وبعد دخوله بدأت الغيبة والإحتجاب عن الأنظار، ويتصل بشيعته عن طريق نوابه الأربعة خلال فترة الغيبة الصغرى. كما إنّ عقيدة الشيعة:أن الإمام المهدي (عج) يحضر موسم الحج في كل عام ولكن الناس لا يعرفونه أي إن غيبته بمعنى إخفاء شخصيته بين الناس لا إنه غير موجود، أو إنه مختفي في السرداب، ومن يريد التأكد من صحة هذه المعلومات عليه الذهاب الى سامراء فسيجد السرداب مفتوحا أمامه وليس فيه أي شيء من هذه الأمور التي يطرحها بعض المغرضين.[بحاجة لمصدر]
أهم أسباب الغيبة الصغرى
إن مسألة الإمام المهدي(عج) من الأمور المسلٌمة بين المسلمين آنذاك أو لا أقل عند السلطة التي كانت تراقب وبحذر شديد ولادته كي تقضي عليه، خاصة وأن الأخبار الواردة عن النبي الأكرم محمد(ص) تؤكد إنه التاسع من ولد الإمام الحسين(ع). ولهذا أخفى الإمام الحسن العسكري (ع) ولادة مولوده هذا عن السلطات ، ولكنه في نفس الوقت قدمه الى بعض أصحابه وأعلمهم بولادته.[بحاجة لمصدر]
إرتباط الإمام بالشيعة
إن مسألة إتصال الشيعة بالإمام المهدي(عج) اتخذت شكلا جديدا ألآ وهي: طريقة الإتصال بالإمام من خلال النواب الذين وضعهم واحدا بعد الآخر، وأول من عمل بنظام الوكالة من الأئمة هو الإمام الصادق(ع) وهي أشبه بنظام سري مرتبط بالإمام .[٧] وتطور نظام الوكالة في أيام الإمام الحسن العسكري(ع) حيث أصبح الإمام (ع) لايلتقي بالناس إلا عن طريق الوكلاء والإمام حاضر لاغائب، فلما انتقلت الإمامة إلى الإمام المهدي(عج) حصلت الغيبة ولا أحد يلتقي بالإمام إلا السفراءالخاصين، وكان هذا فقط في الغيبة الصغرى، أما في الغيبة الكبرى فلا يوجد سفراء أو وكلاء خاصيين للإمام المهدي(عج).
والنواب الأربعة للإمام المهدي(عج) في عصر الغيبة الصغرى هم:
- عثمان بن سعيد العمري، سفير الإمام من بداية الغيبة الصغرى سنة 260 هـ إلى وفاته سنة 265 هـ.
- محمد بن عثمان العمري، سفير الإمام من حين وفاة أبيه سنة 265 هـ إلى وفاته سنة 305 هـ، أي أن سفارته للإمام إستمرت 40 سنة.
- الحسين بن روح النوبختي، سفير الإمام من سنة305 هـ إلى وفاته سنة 326 هـ.
- علي بن محمد السمري، سفير الإمام من سنة 326 هـ الى وفاته سنة 329 هـ، وبوفاته إنتهت الغيبة الصغرى.
مواضيع ذات صلة
وصلات خارجية
الهوامش
- ↑ الطبري، دلائل الإمامة، ص 223.
- ↑ ابن شهر آشوب، مناقب العلماء، ج 3، ص 533.
- ↑ النوبختي، كتاب فرق الشيعة، ص 79؛ والقمي، كتاب المقالات، ص 1-2.
- ↑ الكليني، كتاب الكافي ج 1، ص 28 ــ 29.
- ↑ الكليني، كتاب الكافي ج 1، ص 330-333؛ الشيخ المفيد، كتاب الإرشاد، ص 90-389.
- ↑ الشيخ الصدوق، كتاب كمال الدين وتمام النعمة، ص 435؛ الكليني، كتاب الكافي، ج 1، ص 1-330؛ الشيخ الطوسي، كتاب الغيبة، ص 148 ــ 152.
- ↑ جاسم حسين، التاريخ السياسي للغيبة الصغرى، ص 135.
المصادر والمراجع
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، معالم العلماء، قم، مؤسسة إنتشارات علامة، 1379 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، كمال الدين وتمام النعمة، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1412 هـ.
- الطبري، محمد بن جرير، دلائل الإمامة، قم، دار الذخائر للمطبوعات، د.ت.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة، تحقيق: عباد الله الطهراني وعلي أحمد، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية، 1411 هـ.
- القمي، سعد بن عبدالله أبي خلف الأشعري، المقالات والفرق، د.م، مركز أنتشار علمي وفرهنكي، د.ت.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تحقيق: علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط 3، 1388 هـ.
- المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، الإرشاد، بيروت، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، ط 2، 1429 هـ/ 2008 م.
- النوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، القاهرة، دار الرشاد، ط 1، 1412 هـ.