مستخدم مجهول
الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المعاد»
←إثبات المعاد
imported>Alkazale |
imported>Alkazale |
||
سطر ٨١: | سطر ٨١: | ||
- لم يخلق [[الله]] تعالى تلك الميول في الإنسان عبثا وبلا غاية؛ ل[[الحكمة الإلهية|حكمت]]ه والحكيم لا يصدر منه العبث واللغو. | - لم يخلق [[الله]] تعالى تلك الميول في الإنسان عبثا وبلا غاية؛ ل[[الحكمة الإلهية|حكمت]]ه والحكيم لا يصدر منه العبث واللغو. | ||
- لا ريب أن الدنيا ليست بدار قرار وخلود؛ | - لا ريب أن الدنيا ليست بدار قرار وخلود؛ | ||
- إذن لابد من وجود عالم آخر يتصف بالخلود والسرمدية، ليؤمن للإنسان ميله الفطري نحو الخلود بالنحو الأمثل. <ref>الفيض الكاشاني، ج2، ص827؛ خميني، | - إذن لابد من وجود عالم آخر يتصف بالخلود والسرمدية، ليؤمن للإنسان ميله الفطري نحو الخلود بالنحو الأمثل. <ref>الفيض الكاشاني، ج2، ص827؛ خميني، ص 186. </ref> | ||
==== برهان الحكمة ==== | ==== برهان الحكمة ==== | ||
سطر ٩٢: | سطر ٩٢: | ||
إن هذه الحياة الدنيوية هي الحياة الروتينية الرتيبة المرهقة والباعثة على الملل والسأم، لا يرتضيها العقل، ولا يفتي باختيارها، ولا تنسجم مع الحكمة الإلهية، ومن هنا لابد من وجود عالم آخر يخلو من هذه الإشكالية ويوفر للإنسان ما يصبو إليه من جهة وينسجم مع الحكمة الإلهية من جهة أخرى. إذن، فوجود مثل هذا الميل الفطري إنما يتلائم مع الحكمة الإلهية فيما لو وجدت حياة أخرى غير هذه الحياة المحكوم عليها بالموت والفناء. <ref>مصباح يزدي، ص364-365؛ سعيدي مهر، ج2، ص274 وراجع: الحلي، كشف المراد، | إن هذه الحياة الدنيوية هي الحياة الروتينية الرتيبة المرهقة والباعثة على الملل والسأم، لا يرتضيها العقل، ولا يفتي باختيارها، ولا تنسجم مع الحكمة الإلهية، ومن هنا لابد من وجود عالم آخر يخلو من هذه الإشكالية ويوفر للإنسان ما يصبو إليه من جهة وينسجم مع الحكمة الإلهية من جهة أخرى. إذن، فوجود مثل هذا الميل الفطري إنما يتلائم مع الحكمة الإلهية فيما لو وجدت حياة أخرى غير هذه الحياة المحكوم عليها بالموت والفناء. <ref>مصباح يزدي، ص364-365؛ سعيدي مهر، ج2، ص274 وراجع: الحلي، كشف المراد، ص 258. </ref> | ||
ولقد أشار [[القرآن الكريم]] إلى هذا البرهان في قوله تعالى: {{قرآن|وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَینَهُما لاعِبینَ ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكنَّ أَكثَرَهُمْ لا یعْلَمُونَ إِنَّ یوْمَ الْفَصْلِ میقاتُهُمْ أَجْمَعینَ}}.<ref>سورة | ولقد أشار [[القرآن الكريم]] إلى هذا البرهان في قوله تعالى: {{قرآن|وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَینَهُما لاعِبینَ ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكنَّ أَكثَرَهُمْ لا یعْلَمُونَ إِنَّ یوْمَ الْفَصْلِ میقاتُهُمْ أَجْمَعینَ}}.<ref>سورة الدخان: 38- 40.</ref> | ||
==== برهان الرحمة ==== | ==== برهان الرحمة ==== | ||
سطر ١٠٩: | سطر ١٠٩: | ||
يستند هذا البرهان على [[الصفات الإلهية|صفة العدل]] التي يتصف بها الباري تعالى، وذلك: أنّ الناس أحرار في هذا العالم في اختيار أو ممارسة الأعمال الحسنة أو السيئة. فمن جانب، نلاحظ بعض الأفراد يقضون أعمارهم كلّها في عبادة [[الله]] وخدمة عباده ومن جانب آخر، نلاحظ بعض الأشرار والمجرمين يرتكبون- من أجل الوصول لنزواتهم وأطماعهم الشيطانية - أبشع أنواع الظلم وأفضع ألوان الذنوب، بل إن الهدف من خلق الإنسان في هذا العالم، وتجهيزه بأنواع الميول المتضادة، وبقوّة الإرادة والاختيار، وبأنواع المعارف العقلية والنقلية وتوفير الأجواء والظروف للأفعال المختلفة، وجعله على مفترق طريقين، الحق والباطل، والخير والشر، الهدف من ذلك كلّه أن يكون معرضا للاختبارات والابتلاءات العديدة، وليختار مسير تكامله بإرادته واختياره، حتّى يصل إلى نتائج أفعاله الاختيارية، وثوابها أو عقابها. وفي الواقع إنّ الحياة الدنيوية بكاملها جعلت للإنسان دار إبتلاء واختبار، وبناء لهويته الإنسانية، وحتى في أواخر لحظات حياته وعمره، لا يعفى من هذا الامتحان والتكليف وممارسة الوظائف. | يستند هذا البرهان على [[الصفات الإلهية|صفة العدل]] التي يتصف بها الباري تعالى، وذلك: أنّ الناس أحرار في هذا العالم في اختيار أو ممارسة الأعمال الحسنة أو السيئة. فمن جانب، نلاحظ بعض الأفراد يقضون أعمارهم كلّها في عبادة [[الله]] وخدمة عباده ومن جانب آخر، نلاحظ بعض الأشرار والمجرمين يرتكبون- من أجل الوصول لنزواتهم وأطماعهم الشيطانية - أبشع أنواع الظلم وأفضع ألوان الذنوب، بل إن الهدف من خلق الإنسان في هذا العالم، وتجهيزه بأنواع الميول المتضادة، وبقوّة الإرادة والاختيار، وبأنواع المعارف العقلية والنقلية وتوفير الأجواء والظروف للأفعال المختلفة، وجعله على مفترق طريقين، الحق والباطل، والخير والشر، الهدف من ذلك كلّه أن يكون معرضا للاختبارات والابتلاءات العديدة، وليختار مسير تكامله بإرادته واختياره، حتّى يصل إلى نتائج أفعاله الاختيارية، وثوابها أو عقابها. وفي الواقع إنّ الحياة الدنيوية بكاملها جعلت للإنسان دار إبتلاء واختبار، وبناء لهويته الإنسانية، وحتى في أواخر لحظات حياته وعمره، لا يعفى من هذا الامتحان والتكليف وممارسة الوظائف. | ||
ولكننا نرى أنّ الأخيار والأشرار لا يصلون في هذه الدنيا إلى الثواب والعقاب الملائم لأعمالهم، بل إننا نرى الكثير من الأشرار والمجرمين يتوفرون أكثر من غيرهم على النعم والملذات، والملاحظ أن الحياة الدنيوية لا تستوعب الثواب أو العقاب على الكثير من الأعمال والتصرفات. فمثلا: ذلك المجرم الذي قتل آلاف الأبرياء لا يمكن الاقتصاص منه في هذه الدنيا إلا مرّة واحدة وبطبيعة الحال سوف تبقى الكثير من جرائمه بدون عقاب مع أن مقتضى [[العدل]] الإلهي أن يرى حتى من ارتكب أقل الأعمال الحسنة أو السيئة نتائجها وجزاءَها. | ولكننا نرى أنّ الأخيار والأشرار لا يصلون في هذه الدنيا إلى الثواب والعقاب الملائم لأعمالهم، بل إننا نرى الكثير من الأشرار والمجرمين يتوفرون أكثر من غيرهم على النعم والملذات، والملاحظ أن الحياة الدنيوية لا تستوعب الثواب أو العقاب على الكثير من الأعمال والتصرفات. فمثلا: ذلك المجرم الذي قتل آلاف الأبرياء لا يمكن الاقتصاص منه في هذه الدنيا إلا مرّة واحدة وبطبيعة الحال سوف تبقى الكثير من جرائمه بدون عقاب مع أن مقتضى [[العدل]] الإلهي أن يرى حتى من ارتكب أقل الأعمال الحسنة أو السيئة نتائجها وجزاءَها. | ||
إذن. فكما إنّ هذا العالم دار اختبار وتكليف، فلابد من وجود عالم آخر، يعتبر دار ثواب وعقاب، وظهور نتائج الأعمال فيه، ليصل كل فرد إلى ما يتلائم وأعماله، لتتجسد العدالة الإلهية عمليا وحسيّا بذلك. <ref>مصباح يزدي، ص366؛ محمد رضايي، ج 1 ، ص 187.</ref> وقد جاء في أكثر من آية من آيات الذكر الحكيم الإشارة إلى حقيقة أنه لا يمكن المساواة بن المجرمين والصالحين بحال من الأحوال، كما في قوله تعالى: {{قرآن|أَمْ حَسِبَ الَّذینَ اجْتَرَحُوا السَّیئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كالَّذینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْیاهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما یحْكمُونَ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزی كلُّ نَفْسٍ بِما كسَبَتْ وَهُمْ لا یظْلَمُونَ}}. <ref>الجاثية، 22-23</ref> | إذن. فكما إنّ هذا العالم دار اختبار وتكليف، فلابد من وجود عالم آخر، يعتبر دار ثواب وعقاب، وظهور نتائج الأعمال فيه، ليصل كل فرد إلى ما يتلائم وأعماله، لتتجسد العدالة الإلهية عمليا وحسيّا بذلك. <ref>مصباح يزدي، ص366؛ محمد رضايي، ج 1 ، ص 187.</ref> وقد جاء في أكثر من آية من آيات الذكر الحكيم الإشارة إلى حقيقة أنه لا يمكن المساواة بن المجرمين والصالحين بحال من الأحوال، كما في قوله تعالى: {{قرآن|أَمْ حَسِبَ الَّذینَ اجْتَرَحُوا السَّیئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كالَّذینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْیاهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما یحْكمُونَ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزی كلُّ نَفْسٍ بِما كسَبَتْ وَهُمْ لا یظْلَمُونَ}}. <ref>الجاثية، 22-23</ref> |