شيطان

مقالة مقبولة
دون صندوق معلومات
دون صورة
من ويكي شيعة

شيطان، يطلق على كلّ بعيد عن الخير، سواء كان من الجن أو الإنس أو الدواب، والفرق بينه وبين إبليس أن الشيطان عام يشمل كل متمرد، وأما إبليس فهو اسم علم خاص للشيطان الذي وسوس للنبي آدم (ع)، وامتنع عن السجود له، وأقسم على إغواء بنيه.

تكرّرت مفردة الشيطان أو الشياطين 88 مرة في القرآن الكريم، ويراد بها "إبليس" في الكثير من المواضع. حينما طردَ الله إبليس رجا أن يُنظَر إلى يوم البعث، فأمهله الله إلى يوم الوقت المعلوم. وحذّر الله الإنسان من وساوسه في عديد من الآيات القرآنية لكي لا يبتعد عن الحق. وتدلّ الآيات القرآنية على أن الشيطان لا يملك إلا دعوة الإنسان إلى الذنوب ولا سلطانَ له عليه فلا يتمكن من إرغامه عليها،

كما هناك أحاديث كثيرة عن الشيطان، وورد في بعضها أن ذكر الله والاستعاذة به والبسملة يُبعد الإنسان عنه، وأن جهنم هي مصير الشيطان ومن تَبعه.

مفهومه

الشيطان مُشتق من (شَطَن) ومعناه في الأصل هو البعد، ويُطلق الشيطان على كل بعيدٍ عن الخير، وعلى كل من طالَ مكثُهُ في الشَّر، كما ويُطلق على كل عاتٍ متمردٍ، سواءً كان من الجن أو الإنس أو الدواب.[١]

والفرق بين الشيطان وإبليس: هو أن الشّيطان اسم جنس عام يشمل كل موجود مؤذٍ مغوٍ طاغٍ متمرّد، سواءً كان إنساناً أم غير إنسان، وذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسيره الأمثل: أن كلمة الشياطين تشمل العُصاة من البشر،[٢] أما إبليس فهو اسم عَلَمٍ خاص للشيطان الذي وسوس لآدم (ع) وامتنع عن السجود له، وهو الذي أقسم على إغواء أبنائه.[٣]

هناك ثلاثة آراء في جنس الشيطان (إبليس): الأول: أنه جن،[٤] والثاني: أنه ملك،[٥] والثالث: أنه ملك ممسوخ.[٦]

تكرّرت مفردة "شيطان" في القرآن الكريم 70 مرة بصيغة المفرد و18 مرة بصيغة الجمع،[٧] واستعملت في عدّة مواضع لإبليس منها الآية 36 من سورة البقرة وفي بعض المواضع الأخرى لجنوده وتابعيه كالآية 121 من سورة الأنعام.[٨]

واعتُبر الشيطان في القرآن الكريم عدوا دائما للإنسان فيدأب في إغوائه وإضلاله.[٩]

صفاته

ذكر القرآن الكريم صفات للشيطان، منها:

مستكبر[١٠] كافر[١١] كفور[١٢] فاسق[١٣] عصيّ[١٤] مارد ومريد[١٥]
مذؤوم[١٦] مدحور[١٧] رجيم[١٨] ملعون[١٩] مُنظَر[٢٠] عدوّ - عدوّ مبين[٢١]
قرين سيّء[٢٢] خذول[٢٣] مُضلّ مبين[٢٤] غَرور[٢٥] صاحب الوعود والأماني الكاذبة[٢٦] الداعي إلى جهنم[٢٧]

ذكر الإمام عليعليه السلام في خطبته القاصعة في نهج البلاغة صفات للشيطان، فمنها: الحسد، والحمية، والهماز، وطعن الآخرين باللسان، والزهو على الآخرين، والطمع.[٢٨]

سبب خلقه وإمهاله

إن الله لم يخلق الشيطان شيطاناً لكي يوسوس في قلوب الناس ويقوم بإغوائهم وإبعادهم عن الخير والسعادة، بل خلقه مُختاراً وصالحاً وكان من العُبَّاد، حيث عبد الله ستة آلاف سنة وكان قرينا من الملائكة،[٢٩] ولكنه لمَّا خالف أمر الله بالسجود لآدم (ع) نزل عن هذه المرتبة السامية وأبعده الله عن رحمته فأصبح شيطاناً رجيماً، ومِن ثَمّ طلب الشيطان الإنظار والإمهال فاستجاب الله له وجعله من المُنظرين إلى يوم الوقت المعلوم.[٣٠] وما كان الإمهال إلا ابتلاء وامتحانا لبني آدم كما تدل عليه بعض الآيات القرآنية،[٣١] منها: ﴿و مَا کَانَ لهُ عَلیهم مِن سُلطَن إِلاَّ لِنعلمَ مَن یؤمنُ بِالأَخرةِ مِمّن هُوَ مِنها فِی شَك.[٣٢]

ذكر العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان أن هناك أسبابا لخلق الشيطان وإمهاله مِن قبل الله،[٣٣] فمنها: أن وجوده الداعي إلى المعصية والشر ركنٌ لازمٌ ليكون النظام الإنساني مبنيّا على الاختيار وسعادة نوع الإنسان، فلو لم تكن الدعوة إلى الشر لما كان للاختيار معنًى، فوجود الشيطان ليس شرا محضا بل هو مزيج بالخير.[٣٤]

مصيره

تبيّن الآيات القرآنية أن مصير إبليس وتابعيه ليس إلا جهنم وغضب الله عليهم.[٣٥]

طرق إضلاله ومدى سلطته

بيّن القرآن الكريم طرق إضلال الشيطان، فمنها:

  • إلقاء العداوة بين عباد الله[٣٦]
  • الصّدّ عن ذكر الله وخاصّة الصلاة[٣٧]
  • الوعد بالفقر[٣٨]
  • تزيين الذنوب وتجميل الأفكار والأعمال الباطلة[٣٩]
  • تجميل الأنعم الدنيوية وتحبيب النساء والأولاد والأموال إلى الإنسان[٤٠]
  • التمنية بأن يُخيّل للإنسان بأنه سيدرك ما يتمنّاه من طول الأجل وغيره.[٤١]
  • الأمر بالفحشاء وإشاعتها.[٤٢]

اعتبر القرآن الكريم في بعض الآيات الشياطين (إبليس وأنصاره) من الضعفاء في كيدهم وتأثيرهم،[٤٣] وذكر أيضا أن إبليس والشياطين والجانّ لا يتمكنون من الاطلاع على الغيب والأمور الخفية وكذلك الأمر بالنسبة إلى السماوات وأخبارها.[٤٤]

تنحصر سلطة الشيطان في التشريع لا التكوين؛ لأن التعاليم الإسلامية تؤكّد أن الشيطان لا يتمكن إلا من الوسوسة للإنسان وتشجيعه على اقتراف المعاصي ولا أكثر،[٤٥] وذكر الله في الردّ على تهديد الشيطان مِن إغواء العباد أن سلطته لا تشمل إلا الذين يتبعونه.[٤٦]

يعتقد العلامة الطباطبائي والشيخ ناصر مكارم الشيرازي أن بإمكان الشيطان ظهوره بأي شكل وصورة إلا صورة الأنبياء وأوصيائهم.[٤٧]

طريق مواجهته

نقل العلامة المجلسي في بحار الأنوار 177 حديثا عن المعصومينعليهم السلام حول الشيطان أو إبليس، وورد في هذه الأحاديث أن ذكر الله والاستعاذة به[٤٨] والبسملة في بداية الأمور يُبعد الشيطان عن الإنسان، ومن هذه الأمور: تناول الطعام،[٤٩] والسفر، والخروج من البيت،[٥٠] والوضوء،[٥١] والصلاة،[٥٢] والجماع.[٥٣]

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج 6، ص 61.
  2. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 14، ص 511.
  3. مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 1، ص 163.
  4. الطبرسي، مجمع البيان، ج 1، ص 189.
  5. الطوسي، التبيان، ج 1، ص 150.
  6. الآلوسي، روح المعاني، ج 1، ص 365.
  7. الحجتي، إبليس في القرآن والحديث، ص 6.
  8. العسكري، "معنا شناسي نوين از وازه شيطان"، ص 214.
  9. الزخرف: 62؛ يوسف: 5؛ الكهف: 50؛ الإسراء: 53؛ البقرة: 168.
  10. البقرة: 34.
  11. البقرة: 34؛ ص: 74.
  12. الإسراء: 27.
  13. الكهف: 50.
  14. مريم: 44.
  15. الصافات: 7؛ النساء: 117.
  16. الأعراف: 18.
  17. الأعراف: 18.
  18. التكوير: 25؛ ص: 77؛ النحل: 98.
  19. ص: 78؛ الحجر: 35.
  20. الأعراف: 15.
  21. يس: 60؛ الكهف: 50؛ فاطر: 6؛ البقرة: 208 و168؛ الأنعام: 142؛ يوسف: 5.
  22. النساء: 38.
  23. الفرقان: 29.
  24. القصص: 15؛ ص: 82.
  25. الأعراف: 7 و22 و27؛ طه: 20 و120.
  26. النساء: 120.
  27. لقمان: 21.
  28. نهج البلاغة، الخطبة: 192، صص 285 إلى 303.
  29. نهج البلاغة، الخطبة 192، صص 285 - 286.
  30. الحجر: 26 _ 38.
  31. الحج: 53؛ السبأ: 21.
  32. السبأ: 21.
  33. الطباطبائي، الميزان، ج 8، صص 54 - 69.
  34. الطباطبائي، الميزان، ج 8، صص 37 و38.
  35. قَالَ فَالحقُّ وَالحَقَّ أَقولُ لأملأنَّ جَهنّمَ مِنكَ و مِمَّن تَبِعَكَ مِنهُم أَجمعین (ص: 84 و85.؛قالَ اذهَبْ فمَن تَبِعكَ مِنهُم فَإِنَّ جَهنَّم جَزاؤُکُم جَزاءً مَوفوراً (الإسراء: 63.
  36. إِنَّما یریدُ الشَّیطَنُ أَن یوقِعَ بَینَکم العَدَاوةَ والبَغضَاءَ فِي الخَمرِ والمَیسرِ ویصدَّکُم عَن ذکرِ اللهِ وعَن الصَّلوَةِ فَهل أَنتم مُنتهونَ (المائدة: 91).
  37. إِنَّما یریدُ الشَّیطَنُ أَن... یصدَّکُم عَن ذکرِ اللهِ وعَن الصَّلَوةِ (المائدة: 91.)؛ استَحوذَ عَلیهِمُ الشَّیطَنُ فأَنسَهُم ذِکرَ اللهِ أُولئك حِزبُ الشَّیطَنِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّیطَنِ همُ الخَسِرونَ (المجادلة: 19)؛ مَا أَنسَنِیهُ إلاَّ الشَّیطَنُ (الكهف: 63)؛ يوسف: 42.
  38. الشَّیطَنُ یعدِکُم الفَقَر (البقرة: 268).
  39. قَالَ ربِّ بِما أَغویتَنِي لأُزَیننَّ لَهم فِي الأَرضِ (الحجر: 39).
  40. آل عمران: 14.
  41. ولأُضِلّنهم ولأُمنّينّهمم (النساء: 119)؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 11، صص 38 و39؛ الطبري، جامع البيان، ج 4، ص 381.
  42. ومَن یتَّبِع خُطُوتِ الشَّیطَنِ فإِنّهُ یأمرُ بِالفَحشاءِ والمُنکَرِ (النور: 21).
  43. إِنَّ کَیدَ الشَّیطَنِ کانَ ضَعیفاً (النساء: 76).
  44. وحَفظنها مِن کلِّ شیطن رجیم إِلاَّ مَنِ استَرقَ السَّمعَ فَأَتبَعَهُ شِهابٌ مُبِینٌ (الحجر: 17 و18)؛ الصافات: 6 - 10؛ الملك: 5.
  45. وما کان لي علیکم من سلطان إلا ان دعوتکم فاستجبتم لي (إبراهيم: 22).
  46. إِنَّ عِبادِی لَیسَ لَك عَلیهِم سُلطَنٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعك مِن الغَاوینَ (الحجر: 42)؛‌إِنَّ عِبادی لَیسَ لَك عَلیهِم سُلطَنٌ وکَفَی بِربِّکَ وَکِیلا (الإسراء: 65)؛ النحل: 99.
  47. الطباطبائي، الميزان، ج 8، ص 62؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 5، صص 454 و455.
  48. المجلسي، بحار الأنوار، ج 60، باب ذكر إبليس وقصصه، ص 204، ح 29.
  49. المجلسي، بحار الأنوار، ج 60، باب ذكر إبليس وقصصه، ص 203، ح 25 و26.
  50. المجلسي، بحار الأنوار، ج 60، باب ذكر إبليس وقصصه، صص 201 و202، ح 21.
  51. المجلسي، بحار الأنوار، ج 60، باب ذكر إبليس وقصصه، ص 203، ح 27.
  52. المجلسي، بحار الأنوار، ج 60، باب ذكر إبليس وقصصه، ص 202، ح24.
  53. المجلسي، بحار الأنوار، ج 60، باب ذكر إبليس وقصصه، ص 201، ح 19؛ ص 202، ح 23؛ ص 207، ح 42.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، المحقق: علي عبد الباري عطية، بيروت ـ لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية ـ منشورات محمد علي بيضون، ط 1، 1415 هـ.
  • الحجتي، محمد باقر، إبليس في القرآن والحديث، بيروت ـ لبنان، الناشر: دار المجتبى، ط 1، 1413 هـ/ 1993 م.
  • الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، 1411 هـ/ 1990 م.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، الناشر: جماعة المدرسين، 1374 ش.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، المحققان: فضل الله الطباطبايي وهاشم الرسولي، طهران ـ إيران، الناشر: ناصر خسرو، ط 3، 1372 ش.
  • الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآنن المحقق: جميل العطار الصدقي، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر، 1415 هـ.
  • الطوسي، محمد بن حسن، التبیان في تفسیر القرآن، تحقيق أحمد حبیب العاملي، بیروت،‌ دار إحیاء التراث العربي، 1963 م.
  • العسكري، إنسية، "معنا شناسي نوين از وازه شيطان"، مجلة قبسات، رقم 64، شتاء 1389 ش. .
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، 1403 هـ.
  • المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، طهران - إيران، الناشر: مركز الكتاب للترجمة والنشر، ط 1، 1402 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل، ترجمة محمد علي آذرشب، قم - إيران، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام، ط 1، 1421 هـ.
  • نهج البلاغة، المصحح: صبحي صالح، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتاب اللبناني، 1980 م.

وصلات خارجية