قتل النفس الزكية
قتل النفس الزكية، هي إحدى علائم ظهور الإمام المهدي، والنفس الزكية شخصية من أصحاب الإمام المهدي (ع). قيل أن اسمه «محمد بن الحسن»، وذكرت بعض المصادر بأنه من آل محمد (ص)، ينطق برسالة الإمام في المسجد الحرام عند صلاة الجمعة، بعدما يرسله الإمام (ع) برسالة ليقرأها في الحرم المكي، فيُذبح بين الركن والمقام. وفي بعض الروايات يعتبر قتله من العلائم الحتمية لظهور الإمام المهدي (ع). وقال الملا صالح المازندراني في شرحه على رواية حول علائم الظهور أنه يحتمل أن يكون السيد الحسني هو النفس الزكية.
وبذلك يعلم السفياني بظهور الإمام المنتظر فيأمر جيشه في الكوفة بالمسير إلى المدينة. وتذكر المصادر بأن بينه وبين ظهور الإمام (عج) خمس عشرة ليلة فقط.
هوية النفس الزكية
بناء على ما يستفاد من الروايات التي وردت عن أئمة أهل البيت (ع) فيما يتعلق بالنفس الزكية، أنه يُطلق لقب «النفس الزكية» فيها على شخصيتين مختلفتين:
- الشخصية الأولى: هي التي تقتل ذبحًا في الحرم المكي بين الركن والمقام، حين الإعلان بظهور الإمام المهدي.
- الشخصية الثانية: هي التي تُقتل في ظهر الكوفة ( النجف ) مع سبعين آخرين، قبل الإعلان بظهور الإمام المهدي.
والبحث هنا يتعلّق بالشخصية الأولى التي يُعدّ صاحبها رسولٌ للإمام المهدي وصاحبًا له، وهو الذي سيقراء بيان ظهوره.
اسمه
لقد حدّدت بعض الروايات الواردة عن أهل البيت ، أنّ اسم النفس الزكية هو «محمد بن الحسن النفس الزكية»، ومن هذه الروايات:
- عن محمد بن مسلم الثّقفي قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر يقول: « القائم منّا منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز.......قال قلت: يا ابن رسول الله [ ] متى يخرج قائمكم ؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنّساء بالنّساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردّت شهادات العدول، واستخفّ الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم، وخروج السفياني من الشام، و اليمانيّ من اليمن، و خسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد بين الركن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكية، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه وفي شيعته....... »[١]
نسبه
حسب ما تصرّح به بعض الروايات إنّ النفس الزكية يعود بالنسب إلى رسول الله محمد ، غير أنّه وقع الخلاف في هل هو من عقب الإمام الحسن المجتبى كما تشير بعض الروايات، أم هو من عقب الإمام الحسين الشهيد كما تشير روايات أخرى. [٢]
ولادته
لم تحدّد الروايات سنة ولادة النفس الزكية، غير أنّ المرجّح من ألسنة الروايات أنّه سيولد في آخر الزمان قبل ظهور الإمام المهدي ببضع سنوات.
شهادته
أفادت جملة كبير من الروايات الواردة عن أهل البيت ، أنّ النفس الزكية سوف يستشهد في الحرم المكي، وبالتحديد بين الركن والمقام، وأنّه سوف يستشهد ذبحًا في بيت الله الحرام، ومن المرجّح أنّ الجهة القاتلة هي التي بيدها السلطة في الكعبة وما جاورها، وهذا ما يستفاد من الروايات الآتية:
- وبالاسناد يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي جعفر [ الباقر ] في حديث طويل إلى أن قال: « يقول القائم لأصحابه: يا قوم إنّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنّي مرسل إليهم لاحتجّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتج عليهم ، فيدعو رجلا من أصحابه قيقول له: امض إلى أهل مكّة فقل: يا أهل مكّة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة ونحن ذرّية محمد وسلالة النبيين، وأنَّا قد ظُلمنا واضطهدنا، وقُهرنا وابتز منّا حقّنا منذ قبض نبينا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام، أتوا إليه فذبحوه بين الركن و المقام، وهي النفس الزكية...»[٣]
العلامة الحتمية للظهور
قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ مَحْتُومَاتٍ الْيَمَانِيُّ وَ السُّفْيَانِيُّ وَ الصَّيْحَةُ وَ قَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَ الْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ
بناء على رواية عن الامام الصادق (ع) أن قتل النفس الزكية من إحدى علامات الظهور الخمس الحتمية.[٤]
وقال الملا صالح المازندراني في شرحه على رواية حول علائم الظهور أنه يحتمل أن يكون السيد الحسني هو النفس الزكية،[٥] والدليل عليه هي الرواية التي تقول بأنّ السيد الحسني يقتل على يد أهل مكة ويبعث برأسه للسفياني وذلك قبيل ظهور المهدي.[٦]
زمن ظهوره
تُقرِّر بعض الروايات أنّ الظهور الأول العلني للنّفس الزكية في مكّة المكرمة، سيسبق ظهور الإمام المهدي المنتظر بخمسة عشر ليلة فرُوي عن الإمام الصادق يقول: ليس بين قيام القائم وبين قتل النّفس الزكية إلاّ خمس عشرة ليلة »[٧].
مكان ظهوره
أول ظهور علني للنفس الزكية، يكون في مكة المكرّمة عندما يريد أن يقرأ بيان ظهور الإمام المهدي، كما وحسب الروايات أنّه آخر ظهورٍ له، لما تفيده الروايات من أنّه سيُقْتل ذبحًا بعد قراءته لبيان الإمام المهدي ، بين الركن و المقام.
- وبالاسناد يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي جعفر [ الباقر ] في حديث طويل إلى أن قال: «...... فيدعو رجلا من أصحابه قيقول له: امض إلى أهل مكّة فقل: يا أهل مكّة أنا رسول فلان إليكم وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت الرحمة ... فإذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام، أتوا إليه فذبحوه بين الركن و المقام، وهي النفس الزكية، فإذا بلغ ذالك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أنّ أهل مكّة لا يريدوننا..»[٨]
النفس الزكية في الروايات
ورد ذكر « النفس الزكية » في رواياتٍ كثيرةٍ، كما أنّ هذه الشخصية قد وردت في كتب المسلمين من الشيعة و السنّة.
الروايات الشيعية
ذكر الشيخ الكليني في الكافي حديثًا عدَّه حسنًا كالصحيح، بينما عدَّه الشهيد الثاني حديثًا صحيحًا[٩]، مفاده:
- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحَكَم، عن أبي أيّوب الخَزَّاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: خمس علامات قبل قيام القائم، الصيحة، و السفياني، و الخسف، وقتل النّفس الزكية، و اليمانيّ، فقلت جُعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنَخرج معه، قال [ ]: لا، فلمّا كان من الغَدِ تلوت هذه الآية « إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ » فقلت له [ ]: أَهِيَ الصّيحة، فقال: أمَا لو كانت خضعت أعناق أعداء اللّه [١٠]، انتهى.
الروايات السنية
أخرج ابن أبي شيبة في كتابه المصنف:
- « حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ، قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ، قال: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ الْمَهْدِيَّ لَا يَخْرُجُ حَتَّى تُقْتَلَ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ، فَإِذَا قُتِلَتِ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ غَضِبَ عَلَيْهِمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ , فَأَتَى النَّاسَ الْمَهْدِيُّ , فَزَفُّوهُ كَمَا تُزَفُّ الْعَرُوسُ إِلَى زَوْجِهَا لَيْلَةَ عُرْسِهَا , وَهُوَ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ مَطَرَهَا , وَتَنْعَمُ أُمَّتِي فِي وِلَايَتِهِ نِعْمَةً لَمْ تَنْعَمْهَا قَطُّ » [١١].
دور النفس الزكية في الحركة المهدوية
يتمثل دور « النّفس الزكية » في زمن ظهور الحجّة ابن الحسن ، بالتالي:
- أن يكون رسولاً للإمام المهدي لأهل مكّة وكل المسلمين.
- أن يكون القارئ لبيان إعلان ظهور الإمام المهدي.
- أن يكون علامةً على المعسكر الظالم الذي أمر رسول الله بقتاله والوقوف ضدّه، وهذا يتم من خلال الطريقة والمكان والزمان والجهة التي ستقتله.
- أن يكون حجة على المسلمين، من خلال كون ظهوره علامة من علامات الظهور، وقد أخبر بها المسلمون من قبل ذالك.
التطبيقات التاريخية
تكشف بعض التقارير التاريخية أنه ذهب بعض أتباع محمد بن عبد الله المحض إلى كونه هو النفس الزكية،[١٢] فبايعوه بعد استشهاد يحيى بن زيد باعتباره المهدي المنتظر،[١٣] وخرج ضد الدولة العباسية سنة 145 للهجرة وقُتل في منطقة "أحجار الزيت" بالمدينة المنورة.[١٤]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ كمال الدين وتمام النعمة: الشيخ الصدوق، ج 1 ص 363، باب 32 حديث رقم 16
- ↑ كمال الدين وتمام النعمة: الشيخ الصدوق، ج 1 ص 363، باب 32 حديث رقم 16
- ↑ بحار الأنوار، للعلامة المجلسي، ج 52، ص 307، باب رقم 26، حديث رقم 81
- ↑ النعماني، الغيبة، 1397هـ، ص264، ح26؛ الشيخ الصدوق، كمال الدين، 1395هـ، ج2، ص650.
- ↑ المازندراني، شرح الكافي، ج 12، ص 414.
- ↑ سليميان، فرهنگنامه مهدويت، ص 208.
- ↑ الغيبة للشيخ الطوسي: ص 445 باب علائم ظهور الحجة، حديث رقم 440
- ↑ بحار الأنوار، للعلامة المجلسي، ج 52، ص 307، باب رقم 26، حديث رقم 81
- ↑ مرآة العقول للعلامة المجلسي، ج 10، ص 438، حديث رقم 483
- ↑ الروضة من الكافي للشيخ الكليني، ج 8 ص 259، حديث رقم 483
- ↑ المصنف لابن أبي شيبة، ج 8 ص 679، باب ماذكر في عثمان
- ↑ أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، دار المعرفة، ص207.
- ↑ أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، دار المعرفة، ص207.
- ↑ أبو الفرج الإصفهاني، مقاتل الطالبيين، دار المعرفة، ص207.
المصادر والمراجع
- ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنف، تحقيق: سعيد اللّحام، بيروت - لبنان، دار الفكر، ط 1، 1409 هـ - 1989 م.
- أبو الفرج الإصفهاني، علي بن حسين، مقاتل الطالبيين، بيروت، دار المعرفة، د. ت.
- سليميان، خدامراد، فرهنگنامه مهدويت، قم، بنياد فرهنگي حضرت مهدي موعود، ط 2، 1388 هـ ش.
- الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 5، 1429 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، الغيبة، بيروت- لبنان، منشورات الفجر، توزيع مكتبة الأداب الشرقية، العراق، ط 1.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الروضة من الكافي، قم - إيران، مؤسسة أنصاريان للطباعة والنشر، ط 3، 1428 هـ - 2007 م.
- المازندراني، الملا محمد صالح بن احمد، شرح الكافي -الأصول والروضه، تصحيح: أبو الحسن الشعراني، طهران، المكتبة الإسلامية، 1382 هـ.
- المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، بحار الأنوار، بيروت - لبنان، مؤسسة الوفاء، ط 2، 1403 هـ - 1983 م.
- المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، مرآة العقول، قم - إيران، مؤسسة احياء الكتب الإسلامية، ط 1، 1432 هـ - 1390 ش.