التوقيع

من ويكي شيعة

التوقيع، عنوان للرسالات والمكاتيب الصادرة عن أئمة أهل البيتعليهم السلام لشيعتهم وبالخصوص من الإمام المهدي، حيث كان يكتبه بخط يده، أو كان بإملائه على النواب الأربعة، والدليل على أنه صادر عن الإمام وجود إمضائه. والتوقيعات التي كانت تصدر عن الإمام المهدي (ع) ترسل إلى نوابه الخاصين في الغيبة الصغرى، وفي الغالب فإنّ هذه التوقيعات تحمل طابع الإعجاز وخرق العادة، وهي واحدة من دلائل إمامتهعليه السلام.

مفهوم التوقيع

التوقيع فن من فنون اللغة العربية وهو كلام بليغ موجز يكتبه الشخص في أسفل الكتب الواردة إليه المتضمنة لشكوى، أو رجاء، أو طلب، أو إبداء الرأي في أمر من أمور العامة أو الخاصة. والقائم بالتوقيع قد يلحق شيئاً في الكتاب (الرسالة) بعد الانتهاء من الكتابة، وقد يجمل (يوجز) القصد من الكتاب، وقد يحذف ما يراه من الزيادات أو ما يراه غير مناسب، وقد يعدّل شيء مما ورد في الكتاب.

تاريخ التوقيع

كما ورد في موسوعة الإمام المهدي (ع) أنّ مصطلح التوقيع في الثقافة الشيعية يطلق على مكاتيب ورسائل صادرة عن الأئمة (ع)، وأول ما أطلق عليه مصطلح التوقيع، هو مكتوبُ بخط يد الإمام الكاظم (ع) في جواب لأحد من شيعته. واستمرت المكاتبات بعد عصر الإمام الكاظم (ع)، حتى أخذت منحى آخر في عهد العسكريين عليهما السلام، وذلك بسبب المضايقات التي كانا يواجهانها وكذلك انتشار الشيعة في أرجاء البلاد، حيث اقتضى ذلك الاعتماد على أسلوب المكاتبة وصدور التوقيعات من قبل الأئمة (ع).[١]

ولكن هذا الاصطلاح أصبح فيما بعد مختصاً بالتوقيعات الصادرة عن الإمام المهدي، حيث أطلق التوقيع على ما أصدره الإمام (ع) سواء كان مكتوباً أو مشافهة إلى علماء الشيعة.[٢]

توقيعات الإمام المهدي(عج)

التوقيع الأخير إلى النائب الرابع

...إِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ، فَاجْمَعْ أَمْرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَى أَحَدٍ يَقُومُ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ الثَّانِيَةُ، فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الْأَمَدِ وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَامْتِلَاءِ الْأَرْضِ جَوْراً، وَسَيَأْتِي شِ يعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْمُشَاهَدَةَ، أَلَا فَمَنِ ادَّعَى الْمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 516.

ذكرت في المصادر الشيعية حوالي 100 توقيع صدرت من قبل الإمام المهدي (ع) للشيعة. ونقل الخصيبي التوقيعات الصادرة عنه (ع) في سنة 260 و263 و268 و271 و273 هـ.[٣]وكان هذا في زمان سفارة عثمان بن سعيد العمري. أما في زمان سفارة محمد بن عثمان بن سعيد العمري وفي سنة 281 هـ صدر توقيع عن الإمام المهدي مشتمل على الصلاة على النبي(ص) وآل بيته[٤]، وفي سنة 290 هـ صدر توقيع من الإمام المهدي(عج) في توثيق محمد بن جعفر الأسدي وكيل الإمام المهدي(عج)، وقد صدر التوقيع إلى صالح بن أبي صالح.[٥]

وفي سنة 298 هـ صدر توقيع منه عن طريق الحسين بن روح وكان هذا التوقيع موجه إلى علي بن أحمد العقيقي من أجل مساعدة الحسين بن روح من الضيق الذي كان فيه[٦] حيث كان عاملاً في ذلك الوقت عند محمد بن عثمان بن سعيد العمري.[٧] وفي نهاية الغيبة الصغرى صدر توقيع من الإمام المهدي إلى علي بن محمد السمري آخر نواب الإمام المهدي أخبره فيها أنه سيموت بعد ستة أيام وأن لا يوصي لأحد من بعده، كوكيل خاص للإمام، فقد بدأت الغيبة الكبرى وكان هذا سنة 328، أو سنة 329 هـ.[٨]

وفي عصر الغيبة الكبرى صدر توقيعان من الإمام المهدي إلى الشيخ المفيد وكان هذا في سنة 410 و412 هـ.[٩] وهناك الكثير من التوقيعات لكنها غير معلومة التاريخ، ومن المرجح ومن خلال النظر إلى القرائن إنها كانت في أوائل الغيبة الصغرى أيام وكالة عثمان بن سعيد العمري.[١٠]

اعتبار التوقيعات

اختلف علماء الحديث والفقه في حجية التوقيعات المكتوبة، فقد ناقش بعض العلماء في حجيتها.[١١]كما ويفهم من كلام البعض الآخر أنهم لا يرون للتوقيعات أهمية أكثر من الحديث الشفاهي.[١٢]

ولكن لم تذكر في الكتب الفقهية أو كتب الدراية الأدلة التي تبيّن عدم اعتبار التوقيعات أو الأدلة التي تبين أنّها ليست بأهم من الحديث الشفاهي.[١٣]وقد أشير إلى هذا البحث في مناظرات الشافعي مع إسحاق بن راهوية ت 237 هـ، فقد رجح الشافعي الحديث السماعي على الكتبي، ولكن ابن راهويه رجّح المكاتبة على السماع من خلال الاستدلال برسائل النبيصلی الله عليه وآله وسلم إلى الملوك.[١٤]

ومثل استدلال ابن راهوية موجود عند علماء الشيعة.[١٥] ومن أقدم الإشكالات الواردة على المكاتبة ما أورده الشيخ الطوسي.[١٦]

فبعد نقله لإحدى المكاتبات علّق عليها بأنّ المكاتبات الواردة ليست كلها صحيحة.[١٧] وقد أجيب على هذا الإشكال بأنّ أصحاب الأئمة الأطهارعليهم السلام يعرفون خطهم وكتابتهم وليس من الصعوبة عليهم أن يعرفوا أنّ هذه الكتابة صادرة منهم أو لا.[١٨] وعلى هذا قال البعض بحجية المكاتبة.[١٩]

مصادر التوقيعات

لقد ألف بعض المحدٌثين كتاباً أو كتباً في التوقيعات مثل عبد الله بن جعفر الحميري، فقد ألف أربعة كتب في هذا المجال وهي كالتالي:(مسائل لأبي محمد الحسن (ع) على يد محمد بن عثمان العمري) و(كتاب قرب الإسناد الى صاحب الأمر عليه السلام) و(مسائل أبي محمد) و(توقيعات ومسائل الرجال ومكاتباتهم أبا الحسن الثالث عليه السلام).[٢٠] وقد كتب محمد بن عيسى بن عبيد كتابا سماه (كتاب التوقيعات).[٢١] ولكن هذا الكتاب لم يصل إلينا.

كما أنّ بعض الكتب التي تناولت القضية المهدوية تطرقت إلى مسألة التوقيعات.[٢٢]

الهوامش

  1. المحمدي الري شهري، دانشنامه إمام مهدی، ج 4، ص 115 - 116.
  2. الطوسي، الغيبة، ص 3-9.
  3. الخصيبي، الهداية الكبرى، ص 369، 371، 373.
  4. الطوسي، الغيبة، ص 273 - 280.
  5. الطوسي، الغيبة، ص 415.
  6. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 505 - 506.
  7. الطوسي، الغيبة، ص 367.
  8. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 516.
  9. الطبرسي، اعلام الورى، ج 2، ص 596-603.
  10. الصدوق، كمال الدين، ج 2، ص 478.
  11. المحقق الحلي، ص 324 ؛ العلامة الحلي ج 7، ص 284 ؛ الشهيد الأول، ج 3، ص 577 ؛ المحقق الكركي، ج 1، ص 457.
  12. المحقق الحلي، ج 2، ص 659.
  13. إبن الصلاح، ص 154-155.
  14. السيوطي، ج 1، ص 95.
  15. المجلسي، بحار الأنوار، ج 2، ص 167.
  16. الطوسي، ج 3، ص 171.
  17. البحراني، ج 23، ص 631.
  18. شبيري زنجاني، ج 9، ص 3.
  19. الموسوي العاملي، ج 1،ص 180 ؛ النراقي، ج 16، ص 309.
  20. رجال النجاشي، ص 220.
  21. النجاشي، ص 234.
  22. أغا بزرگ الطهراني، الذريعة، ج 4، ص 500-501.

المصادر والمراجع

  • النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، تصحيح شبيري الزنجاني، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1416 هـ.
  • الحميري، عبد الله بن جعفر، قرب الاسناد، قم، مؤسسة آل البيتعليه السلام، 1413 هـ.
  • الخصيبي، حسین بن حمدان، الهدایة الکبری، بیروت، د.ن، 1411 هـ/ 1991 م.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، طهران، د.ن، 1363 هـ.ش.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، أصول الكافي، تحقيق علي أكبر غفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1388 هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، كمال الدين وتمام النعمة، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1359 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، كتاب الغيبة، طهران، مكتبة نينوى، د.ت.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، اعلام الورى بأعلام الهدى، بيروت، دار المعرفة، 1399 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن،كتاب الغيبة، قم، دار المعارف الإسلامية، 1411 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن ،إختيار معرفة الرجال(رجال الكشي)، مشهد، جامعة مشهد، 1348 هـ. ش.