مسجد السهلة
مسجد السهلة، من أشهر وأعظم المساجد التي شيّدت في الكوفة خلال القرن الهجري الأول، وهو في كلام أهل البيت على صلة بتاريخ الأنبياء ومقامهم، وكذلك موضع عبادتهم وسكناهم.
يأتي عند الإمامية في الرتبة والمنزلة بعد المساجد الأربعة؛ لفضله المنصوص عليه في الروايات، وأنه من الأماكن التي يتواجد فيه الإمام المهدي ، وأنه مسكنه ومسكن أهل بيته بعد الظهور.
قِدَم المسجد
يفتقر الإرث التاريخي لمسجد السهلة المعظّم إلى معلومات مستنَدة حول المفاصل المحددة لتأسيسه ومراحل تطور عمرانه, وشأنه في ذلك شأن العديد من المساجد والآثار الإسلامية.[١]
البانون
لعل حمل المسجد لأسماء شتى, دليل على قدم بناءه، بناءاً على أن يكون المسجد في كل حقبة زمنية أو مرحلة تجديد كان قد حمل اسم القوم الذين جددوه أو جاوروه.[٢]
يرى البعض بأن المسجد كان مشيّداً قبل زمن خلافة أمير المؤمنين الإمام علي (ع) في الكوفة ( 35- 40)هـ. ولعل مرحلة من مراحل تجديد البناء قد ارتبطت ببني ظفر، وهم بطن من الأنصار نزلوا الكوفة،[٣] وعشيرة من قبيلة "عبد القيس" قد يكون المسجد أقيم في مواقع تواجدها، ما تؤكده إشــــارة الإمام علي إليه في حديثه بتسمية المسجد بمسجد بني ظفر.[٤]
أسمائه
إلى جنب إطلاق مسجد بني ظفر على المسجد،[٥] فإن الأسماء الأخرى له هي: السهل،[٦] والسهيل[٧] (اسم مشيده على قول)، ومسجد الثرى،[٨] ومسجد البري[٩]...
هذا وقد سُمّيت بـالسهلة أيضاً مقبرة من المقابر القديمة في الكوفة.[١٠]
الموقع والبناء
يقع المسجد على بعد حوالي كيلومترين من الجهة الشمالية الغربية لمسجد الكوفة، وهو على طرف من مقبرة السهلة القديمة.[١١] يبدو أن هيكل البناء وطرز العمارة في المسجد الذي توالى الناس على إعادة بنائه يشير إلى نمط المشيدات في القرن الأول الهجري.[١٢]
شكل البناء
الشكل التقريبي لمساحة المسجد مستطيل الشكل يتألف من أربعة أضلاع: الشمالي طوله 160 م، الشرقي طوله 130 م، الجنوبي طوله 160، الغربي 130 م، وسور المسجد مرتفع ومدعوم بابراج نصف دائرية من الخارج، يبلغ ارتفاع السور أكثر من22م. وفي منتصف الضلع الشرقي مأذنة يبلغ ارتفاعها 13 متراً، تحيط بها من الأعلى سلة مزخرفة بأجمل أنواع الزخرفة والنقوش كتبت عليها آيات قرآنية.[١٣]
الفضائل
يأتي مسجد السهلة بعد المساجد الأربعة من حيث المنزلة والمكانة، فليس بعد مسجد الكوفة مسجد يضاهيه فضلاً وشرفاً. وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع) أنه استفسر عن أحوال عمه زيد بن علي قُبيل قيامه، وعما إذا كان قد أقام الصلاة في المسجد، فقيل له: كان زيد مع جماعة ذات ليلة في دار معاوية بن إسحاق الأنصاري إذ اقترح لينطلقوا حتى يصلوا في مسجد السهلة لكن طرأ له أمر فانشغل، فقال الإمام الصادق (ع) وهو يقسم بالله:
- لو إستعاذ (أي زيد) بالله حولاً لأعاذه سنين، وأنه:
- يقع في المسجد موضع بيت إدريس النبي الذي كان يخيط فيه،
- يقع فيه منزل إبراهيم خليل الرحمن الذي سار منه إلى اليمن بالعمالقة،
- منه سار النبي داود إلى جالوت،
- ما بعث الله نبياً إلا وقد صلى فيه،
- فيه مسكن خضر النبي،
- المقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله (ص)،
- ما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه،
- فيه صخرة فيها صورة كل نبي،
- ما صلى فيه أحد فدعا الله بنية صادقة إلا صرفه الله بقضاء حاجته،
- ما من أحد استجاره إلا أجاره الله مما يخاف،
- من البقاع التي أحب الله أن يدعى فيها،
- ما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة تزور هذا المسجد، يعبدون الله فيه،
- لو كان (ع) بالقرب من المسجد، لما كان يصلي صلاة إلا فيه،
- ينزل فيه (المهدي) القائم (ع) وخلفائه من بعده إلى انقضاء الخلق...[١٤]
يقول الإمام الصادق (ع) في خاتمة الحديث إنه لو لم يكن للمسجد من الفضل إلا نزول الملائكة والأنبياء فيه لكان كثيراً، فكيف وهذا الفضل، وأن ما لم يصفه (ع) للسائل هو أكثر مما وَصف.[١٥]
وعنه أيضاً عليه السلام: كأني أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله. وفي سياق آخر عنه كذلك: أما إنه منزل صاحبنا إذا قام بأهله.[١٦]
المقامات
في المسجد وزواياه مقامات ومنازل على شكل محاريب، يتعلق كل واحد منها بنبي أو إمام، وهي سبعة:
- مقام الإمام المهدي(عج)
- مقام الإمام زين العابدين(ع)
- مقام الأنبياء والصالحين(ع)
- مقام الخضر (ع)
- مقام النبي ادريس (ع)
- مقام النبي إبراهيم (ع)
- مقام الإمام جعفر الصادق (ع)[١٧]
أعمال المسجد
من المسنون في مسجد السهلة أداء صلاة ركعتين بين العشائين، فعن الصادق (ع): ما من مكروب يأتي السهلة فيصلي فيه ركعتين بين العشائين ويدعو الله تعالى إلا فرّج كربه.[١٨] وهناك أدعية منقولة خاصة بالمسجد، من الوقوف عند الباب، والدخول إليه، ومن ثم الإتيان بالأعمال كما في كتب الأدعية والزيارات.[١٩]
وقال السيد بن طاووس: إذا أردت أن تمضي إلى السهلة، فاجعل ذلك بين المغرب والعشاء الآخرة من ليلة الأربعاء، وهو أفضل من غيره من الأوقات، فإذا أتيته فصلّ المغرب ونافلتها، ثم قم فصلّ ركعتين تحية المسجد، قربة إلى الله (تعالى)، فإذا فرغت فارفع يديك إلى السماء وادع ... [٢٠]
وصلات خارجية
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ مسجد السهلة المعظم
- ↑ شبكة الإمام علي (ع)
- ↑ موقع مسجد السهلة المعظم، نقلاً عن المزار الكبير، المشهدي، ص 59.
- ↑ ابن المشهدي، المزار الكبير، ص 118.
- ↑ الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 3، ص 250.
- ↑ الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 290.
- ↑ المفيد، المزار، ص 12.
- ↑ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 3، ص 534.
- ↑ الحسيني الجلالي، مزارات أهل البيت وتاريخها، ص 63.
- ↑ ابن المشهدي، فضل الكوفة ومساجدها، ص 39.
- ↑ مسجد السهلة المعظم
- ↑ مسجد السهلة المعظم
- ↑ شبكة الإمام علي
- ↑ ابن المشهدي، المزار الكبير، ج 1، ص 132 - 135.
- ↑ ابن المشهدي، المزار الكبير، ج 1، ص 132 - 135.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 6، ص 669؛ الإربلي، 'كشف الغمة'، ج 3، ص 262؛ ابن المشهدي، المزار الكبير، ص 134.
- ↑ مسجد السهلة المعظم
- ↑ المفيد، المزار، ص 14.
- ↑ القمي، مفاتيح الجنان، أعمال مسجد السهلة.
- ↑ القمي، مفاتيح الجنان، أعمال مسجد السهلة.
المصادر والمراجع
- ابن المشهدي، محمد بن جعفر، المزار الكبير، ترجمة: جواد القيومي الإصفهاني، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1419 هـ.
- ابن المشهدي، محمد بن جعفر، فضل الكوفة ومساجدها، تحقيق: محمد سعيد الطريحي، بيروت، دار المرتضى، د.ت.
- الإربلي، ابن أبي الفتح، كشف الغمة في معرفة الأئمة، بيروت، دار الأضواء، د.ت.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، تحقيق عبد الرحيم رباني الشيرازي، بيروت، دار إحياء التاريخ العربي، ط 5، 1403 هـ.
- الحسيني الجلالي، محمد حسين، مزارات أهل البيت وتاريخها، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 3، 1995 م.
- الحموي، ياقوت، معجم البلدان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكامفي شرح المقنعة، تحقيق وتعليق السيد حسن الموسوي الخرسان، طهران، دار الكتب الاسلامية، ط 4، 1986 م.
- القمي، عباس، مفاتيح الجنان، ترجمة: النوري النجفي. د.م، د.ن، د.ت.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الأصول من الكافي، تعليق علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط 3، 2009 م.
- المفيد، محمد بن محمد، المزار، تحقيق السيد محمد باقر الأبطحي، د.م، د.ن، د.ت.
معرض الصور
-
-
مقام إمام العصر (عج)
-
مقام الإمام السجاد (ع)
-
مقام الإمام الصادق (ع)
-
مقام الأنبياء و الصالحين