خلق القرآن

من ويكي شيعة
(بالتحويل من نظرية قدم القرآن)
معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية


خلق القرآن، من المسائل الكلامية التي أثيرت بشدة في أواخر القرن الثاني الهجري، حيث أمر المأمون العباسي باعتناق فكرة حدوث القرآن إتباعا للمعتزلة، خلافاً للأشاعرة وأهل الحديث الذين ذهبوا إلى أن كلام الله قديم. سببت فكرة خلق القرآن فتنة كبيرة أريق فيها الكثير من دماء المسلمين؛ وقد نهى أئمة أهل البيتعليهم السلام شيعتهم من الحديث في مسألة خلق القرآن.

تاريخ مسألة خلق القرآن

لقد كانت مسألة قدم كلام الله أو حدوثه مطروحة في الأوساط الكلامية منذ أوائل القرن الثاني لكنها لم تكن تتجاوز مجالس المناظرة والاحتجاج، فالمعتزلة يقولون بحدوث الكلام، وأهل الحديث وغيرهم يقولون بقدمه.

وظلت الحال على ما هو عليه حتى أواخر ذلك القرن - الثاني - عندما اشتد ساعد المعتزلة باعتناق الحكام العباسيين لآرائهم الإعتقادية، فاشتد النقاش في المسألة واحتدم، حتى كانت سنة 218 هـ عندما بدأ المأمون العباسي (198 - 218هـ) - بإيعاز من وزرائه المعتزلة - أن يدعو الناس بقوة السلطان إلى اعتناق فكرة خلق القرآن وحدوثه، فكتب إلى الآفاق باستجواب جميع الفقهاء والعلماء، فمن لم يُقر بها ضُربت عنقه.

وخلفه المعتصم (218 - 227 هـ) والواثق (227 - 232 هـ) على هذه السيرة، فطورد الفقهاء، واعتقلوا، وعُذبوا ونُكّل بهم، فمنهم من أصر على رأيه وعلى رأسهم أحمد بن حنبل فسُجن وضُرب، وابتلي عامة الناس بذلك فأريقت دماء كثيرة.[١]

جذور مسألة كلام الله غير مخلوق أو قديم

لقد تسربت عقيدة ان كلام الله غير مخلوق مثل القول بالتشبيه والتجسيم إلى المسلمين من اليهودية والنصرانية، حيث قال اليهود بقدم التوراة، والنصرانية بقدم الكلمة (المسيح).[٢]

يقول أبو زهرة: كثر القول حول القرآن الكريم في كونه مخلوقاً أو غير مخلوق، وقد عمل على إثارة هذه المسألة، النصارى الذين كانوا في حاشية البيت الأموي وعلى رأسهم يوحنا الدمشقي، الذي‏ كان يبث بين علماء النصارى في البلاد الإسلامية طرق المناظرات التي تشكّك المسلمين في دينهم، وينشر بين المسلمين الأكاذيب عن نبيّهم، مثل زعمه عشق‏ النبي صلی الله عليه وآله وسلم لزينب بنت جحش، فقد جاء في القرآن أنّ عيسى بن مريم كلمته ألقاها إلى مريم، فكان يبث بين المسلمين أنّ كلمة اللَّه قديمة، فيسألهم أكلمته قديمة أم لا؟ فإن قالوا: لا ... فقد قالوا: إنّ كلامه مخلوق، وإن قالوا: قديمة ... ادّعى أنّ عيسى قديم، وعلى ذلك وجد من قال إنّ القرآن مخلوق، ليرد كيد هؤلاء، فقال ذلك الجعد بن درهم، وقاله الجهم بن صفوان، وقالته المعتزلة واعتنق ذلك الرأي المأمون.

وفي سنة 218 هـ، بدا للمأمون أن يدعو الناس بقوة السلطان إلى اعتناق هذه الفكرة ... وقد سارع نائبه ببغداد إلى تنفيذ ما أمر به ... فأحضر المحدثين والفقهاء فسألهم عن عقيدتهم حول القرآن، وأعلن الكلّ عن اعتناق ما كتبه المأمون سوى أربعة، فأصرّوا على عدم كون القرآن مخلوقاً وهم: أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، والقواريري، وسجادة، فشدوا بالوثاق. لكن الكلّ رجعوا عن عقيدتهم إلّا اثنان وهما: ابن نوح وأحمد بن حنبل، فسيقا إلى طرطوس ليلتقيا بالمأمون، ومات الأوّل في الطريق، وبقي أحمد، وبينا هم في الطريق مات المأمون وترك وصية بها من بعده أن يؤخذ بسيرته في خلق القرآن، وقد تولى الحكم المعتصم، ثمّ الواثق فكانا على سيرة المأمون في مسألة خلق القرآن.[٣]

النظريات في مسألة كلام الله تعالى

قال الفخر الرازي: ان الأمة متفقة على إطلاق لفظ المتكلم على الله تعالى، إلا أن هذا الإتفاق ليس إلاّ في اللفظ، وأما المعنى فغير متفق عليه.

والمعتزلة يقولون: انه تعالى إذا أراد شيئا أو كره شيئا خلق هذه الأصوات المخصوصة في جسم من الأجسام؛ لتدل هذه الأصوات على كونه تعالى مريدا لذلك الشئ المعين، أو كارها له، أو كونه حاكما به بالنفي أو الإثبات، وهذا هو المراد من كونه تعالى متكلما، فالمعتزلة لايثبتون لله كلاما بحرف أو صوت، وإنما يثبتون القدرة على الكلام في أي وقت ... والمعتزلة يقولون: ان القرآن تكلم عن الله بلسان بني آدم، فنُسب إليه أن الله يتكلم كما يتكلم بنو آدم، وليس من مشابهة حاصلة بين الله وبين خلقه حتى نُثبت لله كلاما بحرف وصوت ككلام البشر، والقرآن مخلوق ومحدث لان الله قادر على كل شئ.[٤]

  • نظرية الحكماء

إنّ كلامه سبحانه لا ينحصر فيما ذكره، بل مجموع العالم الإمكاني كلام اللَّه سبحانه، يتكلّم به، بإيجاده وإنشائه، فيظهر المكنون من كمال أسمائه وصفاته، فيكون تكلّمه سبحانه من أوصاف فعله، لا من صفات ذاته.[٥]

كلامه حرف وصوت يقومان بذاته، وأنّه قديم، وقد بالغوا فيه، حتى قال بعضهم: إنّ الجلد والغلاف قديمان.[٦]

قال الآمدي: ذهب أهل الحقّ من الإسلاميين إلى كون الباري تعالى متكلّماً بكلام قديم أزلي نفساني، أحدي الذات، ليس بحروف ولا أصوات وهو - مع ذلك - ينقسم بانقسام المتعلقات، مغاير للعلم والإرادة وغير ذلك من الصفات.[٧]

وقال القوشجي: إنّ من يورد صيغة أمر أو نهي أو نداء أو إخبار أو استخبار أو غير ذلك، يجد في نفسه معاني يعبر عنها، نسمّيها بالكلام الحسي، والمعنى الذي يجده ويدور في خلده ولا يختلف باختلاف العبارات بحسب الأوضاع والاصطلاحات ويقصد المتكلّم حصوله في نفس السامع على موجبه، هو الذي نسمّيه الكلام.[٨]

موقف أهل البيت (ع)

بسبب الفتنة التي وقعت بين المسلمين بسبب مسألة خلق القرآن التي أريقت بسببها الكثير من الدماء عمد أهل البيت عليهم السلام إلى منع أصحابهم من الخوض في تلك المسألة، وقد وردت لكثير من الروايات التي تؤكد هذا المنع، ومنها:

  1. عَلِيُّ بْنُ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ. فَقَالَ: هُوَ كَلَامُ‏ اللَّهِ،‏ وَقَوْلُ‏ اللَّهِ،‏ وَكِتَابُ اللَّهِ، وَوَحْيُ اللَّهِ، وَتَنْزِيلُهُ، وَهُوَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ الَّذِي‏ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.[٩]
  2. سُلَيْمَانُ بْنُ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيُ‏ قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ مَنْ قِبَلَنَا، فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ‏ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟‏ فَقَالَ عليه السلام: أَمَّا أَنَا لَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ مَا يَقُولُونَ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ .[١٠]
  3. عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عليه السلام مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: كَلَامُ اللَّهِ لَا تَتَجَاوَزُوهُ، وَلَا تَطْلُبُوا الْهُدَى فِي غَيْرِهِ فَتَضِلُّوا.[١١]
  4. عن أبي هَاشِمٍ أنه قال:‏ إِنِّي قُلْتُ فِي نَفْسِي أَشْتَهِي أَنْ أَعْلَمَ مَا يَقُولُ أَبُو مُحَمَّدٍ عليه السلام فِي الْقُرْآنِ أَهُوَ مَخْلُوقٌ أَوْ أَنَّهُ‏ غَيْرُ مَخْلُوقٍ‏ وَالْقُرْآنُ سِوَى اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَمَا بَلَغَكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام لَمَّا نَزَلَتْ‏ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ خَلَقَ اللَّهُ لَهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ جَنَاحٍ فَمَا كَانَتْ تَمُرُّ بِمَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا خَشَعُوا لَهَا، وَقَالُوا: هَذِهِ نِسْبَةُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.[١٢]

الهوامش

  1. العاملي، بداية المعرفة، ص 34.
  2. شلبي، اليهودية، ص 222.
  3. أبو زهرة، تاريخ المذاهب الإسلامية، ص 294 - 296.
  4. الرازي، خلق القرآن بين المعتزلة وأهل السنة، ص 10 - 13.
  5. السبحاني، بحوث في الملل والنحل، ج 3، ص 317.
  6. الإيجي، المواقف، ص 293.
  7. الآمدي، غاية المرام، ص 88.
  8. القوشجي، شرح التجريد، ص 420.
  9. الصدوق، التوحيد، ص 224.
  10. الفتال النيشابوري، روضة الواعظين وبصيرة المتعظين، ج ‏1، ص 38.
  11. الصدوق، الأمالي، ص 546.
  12. الراوندي، الخرائج والجرائح، ج‏ 2، ص 686.

المصادر والمراجع

  • الإيجي، عبد الرحمن بن أحمد، المواقف، قم - إيران، منشورات الشريف الرضي، 1412 هـ.
  • الآمدي، علي، غاية المرام في علم الكلام، القاهرة - مصر، 1391 هـ.
  • الرازي، محمد بن عمر، خلق القرآن بين المعتزلة وأهل السنة، تحقيق: د. أحمد حجازي القا، بيروت - لبنان، دار الجيل، ط 1، 1413 هـ - 1992 م.
  • الراوندي، سعيد بن هبة الله، الخرائج والجرائح، قم - إيران، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي، ط 1، 1409 هـ.
  • السبحاني، جعفر، بحوث في الملل والنحل، قم - إيران، الناشر: مؤسسة الإمام الصادقعليه السلام، ط 3، 1433 هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي، الأمالي، طهران - إيران، الناشر: كتابجي، ط 6، 1376 ش.
  • الصدوق، محمد بن علي، التوحيد، قم - إيران، الناشر: جامعة المدرسين، ط 1، 1398 ش.
  • العاملي، حسن مكي، بداية المعرفة، النجف الأشرف - العراق، مكتبة دار المجتبى، د.ت.
  • الفتال النيشابوري، محمد بن أحمد، روضة الواعظين وبصيرة المتعظين، قم - إيران، الناشر: انتشارات رضى، ط 1، 1375 ش.
  • القوشجي، محمد بن علي، شرح التجريد الجديد، تبريز - إيران، الطبعة الحجرية، 1307 هـ.
  • شلبي، أحمد، اليهودية (مقارنة الأديان)، مصر، د.ن، 1973 م.