المرجعية الدينية

مقالة ضعيفة
خلل في الوصلات
دون صورة
استنساخ من مصدر ضعيف
دون مصادر موثقة
هذه الصفحة تخضع حاليًّا للتوسيع أو إعادة هيكلة جذريّة.
خلل في أسلوب التعبير
عدم الشمولية
من ويكي شيعة
معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية

المرجعية الدينية مصطلح يطلق على القيادة الدينية عند الشيعة الإمامية في زمن غيبة الإمام المهدي. والمرجع هو عالم مجتهد يتولى أمور المؤمنين ويتصدى لرعاية مصالحهم الدينية والدنيوية كالقضاء وإقامة الحدود وغيرها نيابة عن الإمام المعصوم في زمن الغيبة. ولايتصدى لهذا المقام إلا من قضى عمره في خدمة العلم حتى نال المراتب العالية منه، وقطع شوطا طويلا في الساحات المعرفية المختلفة.

يعتقد الشيعة أن المرجعية في عصر الغيبة تكون للفقهاء ولا يجوز لأحد غيرهم تولي ذلك. بمعني أن على الشيعة مراجعة الفقهاء في المسائل الدينية والقضاء و إقامة الحدود و غير ذلك. وذلك ما يستفاد من نصوص كثيرة من أهل البيت عليه السلام.

يقول العلامة محمد رضا المظفر :عقيدتنا في المجتهد وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمام عليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت عليه السلام.[١]

فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعا في الفتيا فقط، بل له الولاية العامة، فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصاته لا يجوز لأحد أن يتولاها دونه، إلا بإذنه، كما لا تجوز إقامة الحدود والتعزيرات إلا بأمره وحكمه.

ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام عليه السلام للمجتهد الجامع للشرائط ليكون نائبا عنه في حال الغيبة، ولذلك يسمى (نائب الإمام).

نبذة من تاريخ المرجعية عند الشيعة

في عهد الأئمة عليهم السلام وتلاميذهم وثقاتهم

إن مصطلح المرجعية الدينية أخذ شكله الواضح في عصر الغيبة، بعد أن انقطع الاتصال بالإمام، فكان في البداية هناك اتصال مع السفراء الأربعة فقط، ثم بعد ذلك انقطع الاتصال مع الإمام، وتصدى الفقهاء بشكل رسمي لقيادة الأمة. ولكن هذا لايعني أن لايوجد هناك جذور لهذه النوع من القيادة قبل عصر الغيبة، بل كان هناك نوع من المرجعية عند بعض الفقهاء في عصر الأئمة وبالخصوص في المناطق البعيدة عنهم.

فقد كان الشيعة في عصور الأئمة(ع) يرجعون الى فقهاء بلادهم، بإرشاد من الأئمة عليه السلام وربما أمر الإمام(ع)الفقيه من أصحابه أن يفتي الناس.

فقد نقل الحر العاملي في وسائل الشيعة:قال الإمام الباقر عليه السلام لأبان بن تغلب: أجلس في مسجد المدينة وأفت الناس، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك.»[٢]

وقال الإمام الرضا عليه السلام:«[خذ معالم دينك] من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا. قال علي بن المسيب: فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم، فسألته عما احتجت إليه».[٤]

وعن المفضل بن عمر، أن أبا عبد الله عليه السلام قال للفيض بن المختار في حديث : فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس، وأومأ إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه، فقالوا: زرارة بن أعين.[٥]

إذن في عهد وجود الأئمة كانت هناك مرجعيات دينية للشيعة، ولكن في المناطق البعيدة عن وجود الإمام، وهذا ما أشارت له المصادر التاريخية، فقد كان من تلاميذهم فقهاءُ كبار مراجع لأهل مناطقهم. وفي زمن الغيبة الصغرى للإمام عليه السلامأجمع الشيعة على وثاقة النواب الأربعة وجلالتهم قدس الله أرواحهم، وأنهم كانوا حلقة الوصل بين الشيعة وإمامهم، وبعد الغيبة الصغرى تصدى العلماء والمراجع لإدارة أمور الناس الشرعية، والدنيوية.

في زمن الغيبة الصغري

وكان للشيعة في عصر الغيبة الصغري علماء كبار أيضاً، خاصة في الكوفة، وبغداد وقم، وكان النواب أحياناً يرجعون الناس اليهم.

وقد أخبر الإمام المهدي عليه السلام شيعته بغيبته الكبرى وأرجعهم الى الفقهاء العدول الجامعي الشروط التي وضعها في حديثه المشهور: «أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك،إلى أن قال: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم».[٦]

في عصر الغيبة الكبري

يعتقد الشيعة أن المرجعية في عصر الغيبة تكون للفقهاء ولا يجوز لأحد غيرهم تولي ذلك. بمعني أن على الشيعة مراجعة الفقهاء في المسائل الدينية و القضاء و إقامة الحدود و غير ذلك. وذلك ما يستفاد من نصوص كثيرة من أهل البيتعليه السلام.

يقول العلامة محمد رضا المظفر :عقيدتنا في المجتهد وعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط، أنه نائب للإمامعليه السلام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى، وهو على حد الشراك بالله كما جاء في الحديث عن صادق آل البيتعليه السلام.[٧]

فليس المجتهد الجامع للشرائط مرجعا في الفتيا فقط، بل له الولاية العامة، فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصاته لا يجوز لأحد أن يتولاها دونه، إلا بإذنه، كما لا تجوز إقامة الحدود والتعزيزات إلا بأمره وحكمه.

ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمامعليه السلام للمجتهد الجامع للشرائط ليكون نائبا عنه في حال الغيبة، ولذلك يسمى ( نائب الإمام ).

صمود مرجعية الشيعة أمام الأعاصير

لقد واجهت المرجعية الدينية صعوبات جمٌة، وكان أبرز هذه الصعوبات والضغطوات من قبل الحكام المتعاقبين، كونهم يطلبون تأييدها فيما يريدون، ولكن المرجعية حافظت على استقلالها، ولم تنصاع لكل تلك الضغوطات. وربما هي المؤسسة الدينية الوحيدة التي استطاعت أن تحافظ على استقلاليتها في الرأي والقرار من بين كل المؤسسات الدينية الأخرى لدى المسلمين. وكانت ضريبة هذه الإستقلالية باهضة جدا، استنزفت المرجعية الدينية الكثير من طاقاتها، أعدام الكثير من المراجع وطلاب العلم، وصودرت أموال، وسبيت نساء، وأحرقت المكتبات، وزج بالكثير منهم في السجون، أو الى المقابر الجماعية. وخير شاهد على هذا مافعله نظام صدام. ومافعلته السلطات العباسية والعثمانية والأيوبية وغيرها من الدول كان مما لا يحصى.

ولو قارنا المرجعية الدينية مع المؤسسات الدينية للمذاهب الأخرى، من الأزهرالشريف، وجامع الزيتونة وجامعة القرويين، ومشيخات الصوفية، ومشيخة الإسلام في إسطنبول...لم تصمد أمام الغزو الغربي في مطلع القرن وفقدت نفوذها، وسقطت مؤسساتها بيد الحكومات، وصار علماؤها وطلبتها موظفين لا أكثر !

أما مرجعية الشيعة فقاومت السلطات المختلفة، والحكومات المتعاقبة، ولم يستطع أحد أن يفرض عليها رأيا.والسبب في ذلك طبيعة المذهب الشيعي، وأن تمويل المرجعية شعبي من عطاءات الناس الطوعية، وليس حكومياً. ومن الطبيعي من يكون ذا استقلال مالي يكون مستقلا في قراره، أما من يكون تمويله غير مستقل فلا ىيستطيع أن يجعل رأيه مستقل، هذا في من لم تنصبه السلطة، فما بالك من يأخذ تعينه من السلطة، ويعين بمرسوم جمهوري كما في الأزهر الشريف.

كيفية اختيار مرجع التقليد

نشأ وجوب التقليد من حاجة المسلم الى معرفة معالم دينه وأحكام عباداته ومعاملاته، فهو يحتاج الى خبير في الشريعة يثق به، يفتيه في ذلك. وعندما يختلف الفقهاء في الاستنباط، يجب عليه أن يرجع الى الفقيه الأعلم.

قال السيد الخوئي في كتاب الاجتهاد والتقليد/119و203: «يجب تقليد الأعلم مع الإمكان على الأحوط، ويجب الفحص عنه.. المراد من الأعلم من يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة وأكثر اطلاعاً..وأجود فهماً للأخبار، والحاصل أن يكون أجود استنباطاً. والمرجع في تعيينه أهل الخبرة والإستنباط..

لا يجوز تقليد غير المجتهد وإن كان من أهل العلم، كما أنه يجب على غير المجتهد التقليد، وإن كان من أهل العلم.

يعرف اجتهاد المجتهد

  1. بالعلم الوجداني، كما إذا كان المقلد من أهل الخبرة وعلم باجتهاد شخص. وكذا يعرف بشهادة عدلين من أهل الخبرة، إذا لم تكن معارضة بشهادة آخريْن من أهل الخبرة، ينفيان عنه الإجتهاد.
  2. الشياع المفيد للعلم، والمراد من الشياع هو أن يشيع بين أهل الخبرة أن فلان أعلم من غيره من المجتهدين.
  3. تعرف أعلمية أحد المجتهدين بشهادة إثنين من أهل الخبرة.

فالمكلف يبحث عن الفقيه الأعلم بسؤال العلماء الذين يثق بخبرتهم وتقواهم وعندما تتعارض الشهادات عنده يُرجِّح تقليد من يطمئن اليه أكثر، أو يتخير أحد الذين تدور بينهم الأعلمية.

ويتمُّ التقليد بأن ينوي الرجوع الى أحدالمراجع فيما يحتاج اليه من أحكام، ويأخذ رسالته العملية ليعمل بفتواه في صلاته وعباداته ومعاملاته، ويرجع اليه أو الى وكيله عندما يلزمه ذلك.

وطبيعي أن تختلف قناعات الناس، وينتج عنها تعدد المراجع الذين يرجع اليهم الشيعة، ولا بأس بذلك في مذهب أهل البيت عليه السلام، بل إن التعدد نوعٌ من ضمان الحرية، مادام ناتجاً عن اختيار الناس. والمرجع الذي يرجع اليه أكثرية الشيعة في العالم يكون مرجع الشيعة البارز في عصره، والآخرون الى جنبه.

هل المرجعية منصب خبروي أم ولاية للفقيه ؟

يتفق فقهاء المذهب الشيعي على أن منصب المرجع منصب خبير في الشريعة، له حق الإفتاء والقضاء والأمور الحسبية، ويضيف بعضهم حق القيادة السياسية أو ولاية الفقيه. وبهذا يوجد داخل المذهب الشيعي اتجاهان فقهيان يعطي أحدهما للمرجع الولاية على الأمة، ويحصر الآخر ولايته في الإفتاء والقضاء وبعض الأمور الإجتماعية.

وينبغي التنبيه على أن الفقهاء القائلين بولاية الفقيه والنافين لها، متفقون على أن من مهام المرجعية وواجباتها: التوعية الدينية، وتبليغ الأحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد الدفاعي إذا تعرض بلد مسلم لخطر خارجي وأمكن مقاومة المحتل، ونُصح الحاكم بما يحقق مصلحة شعبه.

فالخلاف بين الإتجاهين: في العمل السياسي والثورة لإقامة حكم إسلامي، وفي تسلم المرجع والعلماء للسلطة مباشرة، أو بقائهم موجهين ناصحين فقط.

وقد بحث فقهاؤنا هذه مسألة ولاية الفقيه في باب الاجتهاد والتقليد من الفقه الإستدلالي وفي مواضع أخرى من الفقه.

قال المرجع المحقق النائيني(قدس سره): « لا إشكال في ثبوت منصب القضاء والإفتاء للفقيه في عصر الغيبة، وهكذا ما يكون من توابع القضاء كأخذ المدعى به من المحكوم عليه، وحبس الغريم المماطل، والتصرف في بعض الأمور الحسبية، كحفظ مال الغائب والصغير ونحو ذلك. وإنما الإشكال في ثبوت الولاية ».[٨]

وقال السيد الخوئي(قدس سره)في كتاب الاجتهاد والتقليد/419: «وقد ذكرنا في الكلام على ولاية الفقيه من كتاب المكاسب أن الأخبار المستدل بها على الولاية المطلقة قاصرة السند أو الدلالة، وتفصيل ذلك موكول إلى محله، نعم يستفاد من الأخبار المعتبرة أن للفقيه ولاية في موردين وهما الفتوى والقضاء، وأما ولايته في سائر الموارد فلم يدلنا عليها رواية تامة الدلالة والسند».

وفي صراط النجاة من فتاوى المرجعين السيد الخوئي والميرزا التبريزي(قدس سره) يقول السيد الخوئي: أما الولاية على الأمور الحسبية كحفظ أموال الغائب واليتيم، إذا لم يكن من يتصدى لحفظها كالولي أو نحوه، فهي ثابتة للفقيه الجامع للشرائط، وكذا الموقوفات التي ليس لها متولٍّ من قبل الواقف، والمرافعات فإن فصل الخصومة فيها بيد الفقيه، وأمثال ذلك، وأما الزائد على ذلك فالمشهور بين الفقهاء عدم الثبوت، والله العالم. [٩]

ويقول الميرزا التبريزي: ذهب بعض فقهائنا إلى أن الفقيه العادل الجامع للشرائط نائب من قبل الإمام عليه السلام في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل.

والذي نقول به هو أن الولاية على الأمور الحسبية بنطاقها الواسع، وهي كل ما علم أن الشارع يطلبه ولم يعين له مكلفاً خاصاً، ومنها بل أهمها إدارة نظام البلاد وتهيئة المعدات والإستعدادات للدفاع عنها، فإنها ثابتة للفقيه الجامع للشرائط، يرجع في تفصيله إلى كتابنا ( إرشاد الطالب ) وكذا للفقيه القضاء في المرافعات وفصل الخصومات. ».

يقول في صراط النجاة :الأمور الحسبية هي الأمور التي لابد من حصولها في الخارج، ولم يعين من يتوجه إليه التكليف بالخصوص، كما لو مات شخص ولم ينصب قيماً على الطفل أو المجنون، وكذا الحال في مال الغائب، والأوقاف والوصايا التي لاوصي لها وأمثال ذلك. فالقدر المتيقن للتصدي لها هو الفقيه الجامع للشرائط أو المأذون من قبله. هذا فيما كانت القاعدة في ذلك عدم جواز التصرف، كالأموال والأنفس والأعراض. وأما فيما كانت القاعدة جواز التصرف كالصلاة على الميت الذي لاولي له فإنه لا يحتاج إلى إذن الفقيه ولذا نلتزم بكونه واجباً كفائياً».[١٠]

وقال السيد الخميني(قدس سره): «المستفاد من المقبولة كما ذكرناه هو أن الحكومة مطلقاً للفقيه، وقد جعلهم الإمام حكاماً على الناس، ولا يخفى أن جعل القاضي من شؤون الحاكم والسلطان في الإسلام، فجعل الحكومة للفقهاء مستلزم لجواز نصب القضاة، فالحكام على الناس شأنهم نصب الأمراء والقضاة وغيرهما مما تحتاج إليه الأمة.[١١] فالقول بأن الأخبار في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس ساقط.. وتخصيصها بالقضاء لا وجه له بعد عموم اللفظ ومطابقة الإعتبار، والإنصراف لو كان فهو بَدْوي، ينشأ من توهم كون مورد المقبولة هو القضاء ».

وقال السيد الخامنئي: ولاية الفقيه في قيادة المجتمع وإدارة المسائل الإجتماعية في كل عصر وزمان من أركان المذهب الحق الإثني عشري، ولها جذور في أصل الإمامة.ومن أوصله الإستدلال إلى عدم القول بها فهو معذور، ولكن لا يجوز له بث التفرقة والخلاف ».[١٢]

وقد أفتى النافون لولاية الفقيه بأنها مسألة فقهية محضة، تخص مقلدي المرجع القائل بها، ولا تشمل غيرهم.ففي صراط النجاة «: الفتوى عبارة عن الحكم الكلي الفرعي المستنبط من أدلته، وأما الحكم الولائي فهو لمن كانت له الولاية على الأمر والنهي في الأمور المباحة، والله العالم.[١٣]

ويتصور البعض أن هذين الإتجاهين يستوجبان الصراع بين الشيعة، لأن من يقولون بولاية الفقيه يرون أن الفقيه المتصدي له ولاية على جميع المسلمين، ويجب على المراجع ومقلديهم طاعته، ويجب دفع الخمس اليه دون غيره.

بل يضيفون إن ولاية الفقيه متفرعة عن ولاية النبيصلی الله عليه وآله وسلم والأئمة (عليهم السلام) ، فهي لذلك مسألة عقائدية، وليست فقهية محضة، كما يقول أصحاب الإتجاه الثاني.

لكن الفقهاء توصلوا عملياً الى التعايش الأخوي بين أصحاب الإتجاهين، فكل منهما يعذر الآخر في اجتهاده، والولي الفقيه يطاع في البلد الذي يحكم فيه.

كما أن الفقيه ولي الأمر تعامل مع المقلدين لغيره بسعة صدر، فهم يرجعون الى مراجعهم فيما يتعلق بولاية الفقيه، ويدفعون اليهم الحقوق الشرعية.

كنموذج لذلك العلاقة الطيبة بين المرجعين السيد السيستاني والسيد الخامنئي ، والتي انعكست بين مقلديهما، مع أن السيد الخامنئي يقول بولاية الفقيه المطلقة، والسيد السيستاني لا يقول بها، وقد أفتى بأن يحكم الشعب العراقي نفسه عن طريق الإنتخابات، وأعطى الشرعية لمن ينتخبه الشعب، ونصح العلماء وطلبة العلم أن لا يدخلوا في الحكم ومؤسساته، إلا بقدر الضرورة التشريعية أحياناً.

المرجع ليس مديناً لأي دولة أو جهة

تبدأ مرجعية المرجع عادة عندما يبرز إسمه في الحوزة العلمية كفقيه متمكن وأستاذ يلقي بحوث الخارج. وهي محاضرات في الفقه وأصول الفقه، وربما كانت في غيرهما، يطرح فيها الفقيه المسألة ويعرض فيها آراء الفقهاء ويحاكمها ويثبت رأيه فيها. وسميت بحوث الخارج مقابل السطوح التي هي دراسة كتب مقررة معمقة في الفقه وأصول الفقه، وغيرهما من العلوم.

وينتشر تقليد المرجع عادة بعد وفاة مرجع التقليد السابق، حيث يسأل الناس عمن يقلدونه، فيشهد أهل الخبرة من الفضلاء وطلبة الحوزة بأعلمية هذا الفقيه وتقواه، فيعتمد الناس على شهادتهم ويقلدونه.

فالمرجع خبير في الشريعة الإسلامية على مذهب أهل البيت عليه السلام بل هو كبير الخبراء وأعلم الفقهاء. والميزان فيه علمه وتقواه، وعدالته، ولا اعتبار فيه لقومية أو بلد، فكل عالم شيعي من أي بلد وقومية وصل الى هذه المرتبة، واستوفى بقية الشروط تكون مرجعية الشيعة من حقه بل من واجبه.

ومرجعيته ليست مدينة لدولة ولا لجهاز إعلام، بل مدينة للإنسان الشيعي الذي اختاره مرجعاً له يأخذ منه الفتاوى والتوجيهات، ويصرف حقوقه الشرعية حسب فتواه وإجازته.

وبهذا فإن المرجعية عند الشيعة شعبية بالكامل، تتم باختيار الفقهاء لأحد المراجع الذين يعتقدون أعلميته.

لماذا يقدس الشيعة مراجعهم ؟

تختلف نظرة الشيعة الى أئمتهم عن نظرة بقية المذاهب الى خلفائهم وصحابتهم وأئمة مذاهبهم وعلمائهم.

فالشيعة أكثر أحتراماً وحباً وتقديساً لأئمتهم الإثني عشر عليه السلام؛ لأنهم يعتقدون أنهم مختارون من الله تعالى، وأنهم حجج الله على خلقه، اصطفاهم وأعطاهم من العلم والصفات ما جعلهم قدوة في كل الأمور. فترى الشيعي يهيم حباً بالإمام المعصومعليه السلام، ويحب أن يعرف كليات سيرته وجزئياتها، وأن يدرس أقواله وأفعاله، ويتعلم من مشاعره وتصرفاته.

وتراه يقدس المعصومعليه السلامويتبرك بكل آثاره وما يتصل به، ويتوسل به الى ربه في أدعيته، وينذر له النذور، ويقيم المجالس لذكرى وفاته ومولده، ويحرص على زيارة قبره والتبرك به والصلاة والدعاء عنده، وقد يقصد زيارته ماشياً على قدميه مع زوجته وأطفاله، لعشرات الكيلو مترات أو مئاتها.


وينظر الشيعي الى مراجعه وعلمائه باحترام وتقديس، أكثر من احترام بقية المذاهب وتقديسهم لكبار علمائهم، فهو يعظم المرجع ويبجله، ويأخذ بفتواه وتوجيهه، ويقبل يده ويتبرك به، ويطلب منه أن يدعو له، ويعتقد بأن بركة أهل البيت عليه السلام شملته لارتباطه القوي بهم. وكذلك ينظر الشيعي باحترام الى العلماء والخطباء والمؤلفين الذين يخدمون أهل البيتعليه السلام .

لكن تقديسه للمراجع بسبب أنهم فقهاء أتقياء، يحملون علم الأئمة عليه السلام ويهتدون بهديهم، ويعلمونه فقههم وسيرتهم. وليس بسبب أنهم بأنفسهم أئمة أو معصومون، فالعصمة مختصة بالأربعة عشرعليه السلام وهم النبي وفاطمة والأئمة الإثني عشر عليه السلام، ولا عصمة لغيرهم.فقد يخطئ المرجع ويناقشه مقلده !

بل لايصح عند الشيعي أن يقاس بالمعصومين عليه السلام غيرهم، لأن المعصومين لا يقاس به غير المعصوم.

ويخطئ بعض الناس فيتصورون أن الشيعة يجعلون مراجعهم وعلماءهم معصومين كالأئمة عليه السلام ، بينما الفرق كبير جداً في عقيدة الشيعي، بين المحترمين غير المعصومين من العلماء والمراجع، وبين المعصومين الأربعة عشرعليه السلام .

بل ترى الشيعة ينتقدون الغلو التي قد يرتكبه البعض في حق العالم أو المرجع، فيقولون له: إن عصمة غير المعصوم يساوي سلب العصمة عن المعصوم !

7- لماذا لايجعل الشيعة المرجعية مؤسسة كالفاتيكان ؟

يتصور البعض أن وضع المرجعية الفعلي غير صحيح لأنه يجعلها متوقفة على شخص المرجع، فهو الذي يبني كيانها ومؤسساتها، حتى إذا توفي انتهى ذلك وترك تلك المؤسسات بأيدي القيمين الذين نصبهم متولين عليها، من أولاده أو غيرهم، وكان على المرجع التالي أن يبدأ من الصفر..وهكذا !

ويقولون لماذا لا نجعل المرجعية مؤسسة كالفاتيكان، فيكون لها هيئة عامة من علماء الشيعة في العالم، عددهم 100 عالم مثلاً، كمجلس الكرادلة العالمي الذي يجتمع بعد وفاة البابا ويختار خلفاً له.

وبذلك تبقى مؤسسات المرجعية وجهود المرجع السابق محفوظة، ويتسلمها المرجع الجديد ويواصل عمله، دون أن يحتاج الى تأسيس من الصفر.

لكن علماء الشيعة لايقبلون هذا الطرح لأسباب:

منها: أن جهود المراجع السابقين لا تذهب بوفاتهم كما يتصور البعض، بل يستفيد منها المرجع الجديد في عمله. ومنها: أن الدول سوف تتدخل في أي مجلس عالمي مقترح لعلماء الشيعة، وستعين غير المؤهلين وتستبعد المؤهلين!

ثم تتدخل في اختيار المرجع الجديد فتختار غير المؤهل وتستبعد المؤهل. والتدخل السياسي يفقد المرجعية أهم صفاتها، وهو استقلالها عن السياسة والحكومات، حتى الحكومات الشيعية !

كما أن هذا الطرح لايلبي الحاجة الى التقليد، لأن المذهب الشيعي جعل اختيار المرجع من حق المكلف وواجبه، ودور العلماء هو الشهادة بفقاهة هذا المرجع وعدالته وأعلميته، وتبقى المسألة متوقفة على قناعة الإنسان الشيعي.

فلو شكل الشيعة مجلس علماء عالمي واختار هذا المجلس مرجعاً، ثم لم يقتنع به الناس في هذا البلد أو ذاك، أو هذه القرية أو تلك، واقتنعوا بأن فلاناً هو الأعلم والأفقه من المرجع الذي انتخبه المجلس العالمي، فيجب عليهم أن يقلدوه، ولا يجوز لهم تقليد المرجع المنتخب !

ومعنى ذلك أنه سيكون للشيعة مرجعا رسميا، ومرجع آخر شعبي أو أكثر اختارهم الناس مقابله !

لذلك كان الواجب ترك المرجعية لعملية الإنتخاب الطبيعي، فهو الذي يضمن استقلالها عن السياسة، وتضمن حرية اختيار الإنسان الشيعي لمرجعه.


ومن هنا نتعرف على أحد أهم امتيازات المرجعية عند الشيعة، وهو أن المذهب الشيعي ربطها باختيار المكلف، بينما ربطتها مرجعيات المذاهب الأخرى بتعيين الحاكم، أو المجالس الواقعة تحت سيطرة الحاكم.

8- النظام المالي للمرجعية الدينية والمؤسسات التابعة لها

المرجع ابن الحوزة العلمية، فقد درس ودرَّس فيها. والحوزة العلمية إسم لمركز فيه مدارس وطلبة يَدرسون علوم الدين، فهو يساوي الجامعة العلمية أو الحاضرة العلمية، وربما تسمى المدرسة الواحدة في بلد بالحوزة العلمية.

وأكبر حوزتين عند الشيعة: حوزة النجف الأشرف وقم المقدسة، وتضم كل منها ألوفاً مؤلفة من الطلبة، والعديد من كبار العلماء، وعدداً من الفقهاء، ومن بين هؤلاء يبرز كبار الفقهاء، ويكونون مراجع.

وتضم الحوزة مؤسسات علمية وأوقافاً عديدة، كالمدارس، والمكتبات، وبيوت سكن للطلبة، والعلماء، وغيرها.

والطابع العام لإدارة هذه الأوقاف:احترام إرادة الواقف ومتولي الوقف فيها، وغالباً ما تشترط وقفيتها إشراف المرجع العام، أي الذي يرجع اليه أكثرية الشيعة في العالم، والذي يحترم رأيه وتوجيهاته في إدارة الحوزة وطلبتها.

ويقوم المرجع عادة برعاية هذه الأوقاف ومساعدتها مالياً، لتواصل العمل لهدفها الذي نصت عليه وقفيتها.كما يقوم بتأسيس المشروعات اللازمة للحوزة من مدارس أو مساكن أو مكتبات.

أما المشروعات في بلاد الشيعة، فغالباً ما يقوم بها علماء أو أشخاص من أهل الخير، ويساندهم المرجع معنوياً، ويعطيهم إجازة بصرف قسم من الحقوق الشرعية التي في ذمة مقلديه في مصارف هذه المشروعات.

وعمدة مالية المرجعية الأخماس التي يدفعها الشيعة تطوعاً، لأنها فريضة شرعية، وهي عشرون بالمئة مما زاد على مصارف الإنسان سنوياً.

والذين يؤدونها هم الشيعة، وتعطى الى وكلاء المرجع في مناطقهم، أو ترسل الى المرجع مباشرة، وكثيراً ما يستجيز منه صاحب الخمس أو عالم المنطقة، أن يصرف الخمس أو قسماً منه على مصارفه في منطقته.

كما يقوم المرجع بصرف ما يصله من الخمس في مصارفه المحددة شرعاً، وهي المحتاجون من السادة بني هاشم أعزهم الله، وحاجات الحوزات العلمية من شؤون المدارس، والمكتبات، ومساعدات الطلبة، والمبلغين، والمساجد، والحسينيات.

الهوامش

  1. المظفر، عقائد الإمامية، ص 46.
  2. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 30، ص 291.
  3. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 27، ص 147.
  4. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 27، ص 146.
  5. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 27، ص 143.
  6. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 27، ص 140.
  7. المظفر، عقائد الإمامية، ص 45.
  8. الخوانساري، منية الطالب في شرح المكاسب، ج 2، ص 232.
  9. التبريزي، صراط النجاة، ج 1، ص 10.
  10. التبريزي، صراط النجاة، ج 3، ص 358.
  11. الخميني، الاجتهاد والتقليد، ص 53.
  12. الخامنئي، أجوبة الإستفتاءات، ج 1، ص 23.
  13. التبريزي، صراط النجاة، ج 3، ص 336.

المصادر والمراجع

  • التبريزي، جواد، صراط النجاة، قم، مكتب حضرت اية الله العظمى التبريزي، 1418 هـ.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيتعليهم السلام لإحياء التراث، 1410 هـ.
  • الخامنئي، علي، أجوبة الاستفتاءات، الكويت، دار النباء، ط 1، 1415 هـ/ 1995 م.
  • الخميني، روح الله، الاجتهاد والتقليد، قم، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، ط 1، 1418 هـ.
  • الخوانساري، موسى بن محمد، منية الطالب في شرح المكاسب، تقريرات المحقق الميرزا محمد حسين النائيني (قدس سره)، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1418 هـ.
  • المظفر، محمد رضا، عقائد الإمامية، تحقيق: عبد الكريم الكرماني، بغداد، مؤسسة الرافد للمطبوعات، ط 1، 1432 هـ/ 2011 م.