علم الغيب

مقالة مقبولة
دون صورة
استنساخ من مصدر جيد
ذات مصادر ناقصة
منحازة
خلل في أسلوب التعبير
بحاجة إلى تلخيص
من ويكي شيعة
معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية

علم الغيب، هو معرفة الأشياء المستورة عن الحواس بصورة عادية. وفقا لما جاء في المصادر الشيعية إنّ الإطلاع على مثل هذا العلم في حد ذاته يختص بالله تعالى وهو يفيضه على من يشاء من عباده، كـالأنبياء والمعصومين عليهم السلام والصالحين. أما بعض هذه العلوم (مثل العلم بالذات الإلهية) فإنه يختصّ بالله وحده ولا يعلمه أحد.

والحكمة في اطلاعهم على العلوم الغيبية هي القيام الأفضل بالوظائف الإلهية تجاه الناس والمجتمع البشري مثل الهداية والقيادة الدينية. أما مدى درجة الإطلاع على هذا النوع من العلم ومدى شمولیته يختلف باختلاف الأشخاص، والنبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم وخلفائه الأئمة الأطهار عليهم السلام هم الذين لهم الحظ الأكبر من الغيب.

كما أنّ هناك نظرتان حول علم الأئمة عليهم السلام بالغيب بين متكلمي الشيعة، حيث اعتبره البعض مطلقاً واعتبره آخرون محدوداً. والمتأخرون من علماء الشيعة يعتقدون بعلم الغيب غير المحدود للأئمة عليهم السلام.

دراسة في المفاهيم

قال الله تعالى: ﴿وَمَا كانَ اللّهُ لِيطْلِعَكمْ عَلَى الْغَيبِ وَلَكنَّ اللّهَ يجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يشَاء[١] يطلق الغيب لغة على الأمور المستورة عن الحس، مقابل الشهود الذي يطلق على الأمور المدركة بالحواس.[٢]

والغيب في المصطلحات القرآنية والحديثية يطلق على الأمور التي لا تعرف بأسباب متعارفة عادة.[٣]

وعلم الغيب تركيب إضافي بمعنى معرفة الأمور الغيبية وإظهار الغيب والعلم و المعرفة بالنسبة إلى الأمور المستورة التي لا تدرك باالحواس.[٤]

أنواع الغيب

الأمور الغيبية على نوعين:
النوع الأول:
  • الغيب الذي يظهر بالتعليم والفكر و الرياضة النفسانية.
  • الغيب الذي يمكن الوصول والحصول عليه من قبل الله تعالى فحسب و هو يطلع من يريد عليه.
النوع الثاني أيضاً على قسمين:
  • الغيب الذي يجب على الله إظهاره على الأنبياء والرسول. وهذا القسم يعمّ المعجزات والأديان وسائر الأخبار الغيبية.
  • الغيب الذي هو مخصوص لله تعالى و لا يطلع عليه أحدا.[٥] ففي هذا القسم أمور غيبية لا يمكن لأحد الإطلاع عليها وفي كل الأزمنة مستورة عليهم ولا يمكنهم مشاهدتها بالحواس الظاهرية والإحاطة الفكرية والقلبية؛ مثل الذات الإلهية.[٦]

التفاوت بين علم الله و علم الإنسان

هناك بون شاسع بين علم الله و علم العباد؛ الحدود الموجودة للمخلوقين تسبب عدم شراكة أحدهم للّه في العلم والمعرفة: الحدود الزمانية، والمكانية وكذلك الحدود التي توجد بسبب المخلوقية. العلم الإلهي يعدّ من صفات الله الذاتية و له عدة ميزات: هذا العلم مطلق ولا يوجد أي حد و لا زمان و لا مكان له، أزلي وأبدي، أصيل، لا كيفية له و هو متحقق قبل تحقق المعلومات. لكن علم الغيب الذي يوجد لدى بعض الصلحاء الذي أعطاهم إيّاه الله، هو علم محدود ويمكن أن يدخل فيه البِداء.[بحاجة لمصدر]

إمكانية الإطلاع على الغيب للإنسان‌

يستطيع الله تعالى أن يطلع من يريد على الغيب و يطلعه على الأمور التي وقعت والتي سوف تقع. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿يعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَ لاَ يحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء.[٧]

ويقول ابن سينا مستنداً إلى التجربة: كما أننا نستطيع أن نطّلع على الأمور الغيبية في المنام كذلك لا يوجد مانع أن يحقق مثل هذا في حالة اليقظة.[٨]

علم غيب الأنبياء

إحدى ميزات الأنبياء والتي يحتاجون إليها في إبلاغ رسالتهم هي علمهم و معرفتهم بالأمور الغيبية. والله يطلع أنبيائه على غيب الماضي والمستقبل بالوحي. [٩]

يشير القرآن الكريم إلى علم النبي عيسى بن مريمعليه السلام على بعض الأمور الغيبية. ﴿وَ أُنَبِّئُكم بِمَا تَأْكلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيوتِكمْ إِنَّ فِي ذَلِك لآيةً لَّكمْ إِن كنتُم مُّؤْمِنِينَ[١٠]


وأشير إلى هذه المسألة في سورة الجن بأن الله يعطي لمن يريد من أنبيائه ما يشاء و كيف يشاء.[١١] ﴿عَالِمُ الْغَيبِ فَلَا يظْهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يسْلُك مِن بَينِ يدَيهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا.[١٢]

وطبقا لرأي بعض المفسرين في الآية 179 من سورة آل عمران بيّن الله لنا أن كل الأنبياء كان عندهم علم الغيب. و خاصة أن "مِن" هذه الآية تُعرف شخصيّة الذي اختاره الله تعالى.[ملاحظة ١]

علم غيب نبي الإسلام

كان نبي الإسلامصلی الله عليه وآله وسلمأكثر الأنبياء اطلاعا على الأمور الغيبية لشمول رسالته مكانا وزمانا، وكان خبيرا بكل ما يحتاج إليه لأداء رسالته بإذن من الله تعالى،[بحاجة لمصدر] والقرآن الكريم يشير إلى بعض هذه المصاديق والعلوم التي كان النبيصلی الله عليه وآله وسلم عالما بها قبل حدوثها ﴿تِلْك مِنْ أَنْباءِ الْغَيبِ نُوحيها إِلَيك ما كنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُك مِنْ قَبْلِ [١٣]

علم غيب الأئمة

أحد الميزات الضرورية للإمام هي أن يكون عالما بصورة كاملة بـالشريعة التي من المقرر أن يكون هو حافظا وصائنا لها من التحريف و يفسّر الإبهامات الموجودة فيها، ولو لم يكن للإمام مثل هذه المعلومات، يصبح هذا من مصاديق النقض للغرض الإلهي في أن الإمام هو الحافظ للشريعة.[١٤] إذن لا بد للإمام أن يكون على اطلاع كامل على العلوم الضرورية لتبيين الدين و الحفاظ عليه من التحريف.[١٥] ومن حيث أنّ الإطلاع على كل هذه العلوم رغم شمولها وتوسعتها ومع الإلتفات إلى الضّعف‌ البشري، هو غير ممكن بصورة عادية، إذن لا بد لنا أن نقول إن بعض هذه المعلومات وصلت من طريق غير عادية (بصورة غيبية) إلى الإنسان.[١٦]

حقيقة علم الإمام

علم الأئمة المعصومين (عليهم السلام) هو علم لم يتعلّموه بأنفسهم مثل علم الأنبياء (عليهم السلام) وهو علم إلهي[١٧] وبصورة علم حضوري. بشكل لو أرادوه لكان حاضرا عندهم و يَعلَمُونَهُ وهذا لا يعني أنهم عالمون بكل شيء بصورة دائمة وبالفعل.[١٨] وهذا الأمر تتبين ضمن عدة روايات من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) ولو أراد الإمام عليه السلام أن يعلم شيئا، يُعَلِمَهُ الله.[١٩]

والعلم في الأمور الغيبية للأئمة (عليهم السلام) جاء ضمن روايات عديدة. بعض من هذه الأخبار جاءت في الخطب الموجودة في نهج البلاغة الشريفة. أمور مثل: الخبر من تدمير مدينة الكوفة،[٢٠] واعتداء عبدالملك بن المروان على الكوفة، [٢١] والخبر من سفك حجاج بن يوسف الثقفي للدماء و حرصه على الأكل، [٢٢] والخبر عن مستقبل دموي للـ البصرة،[٢٣] والخبر من حكومة أربعة من الأمراء الفاسدين من أبناء مروان[٢٤] وخبر هجوم المغول وجريمتهم.[٢٥]

نظرة متكلمي الإمامية

هناك عدة نظريات حول علم الأئمة (عليهم السلام) للغيب بين متكلمي الشيعة:

  • علم الغيب المطلق والفعلي للإمامعليه السلام في لوح المحو والإثبات وكذلك في الوح المحفوظ.
  • علم الغيب المطلق والفعلي للإمامعليه السلام في لوح المحو و الإثبات فقط.
  • علم الإمام هو منوط بالسؤال من الله.
  • نظرية التوقف وعدم إظهار الرأي حول جزئيات علم الإمامعليه السلام.[٢٦]
  • العلم المحدود للإمام بالنسبة إلى بعض الأمور التي تساعده على القيام بواجبه بالنسبة إلى الإمامة والقيادة.[٢٧]

كما يقول الإمام الصادقعليه السلام:

«'إن الجفر الأبيض عندي؛ قلت له: و ماذا فيه؟ قال: فيه زبور داوود وتوراة موسى وإنجيل عيسى و[[صحف إبراهيم، وفيه الحلال والحرام ومصحف فاطمة عليها السلام. ولا أظن أن يكون من القرآن فيه شيء. و فيه كل ما يحتاج إليه الناس و يلجئون إلينا بحاجاتهم - لكننا لا نحتاج إلى أحد -، حتى فيه المعاقبة بالسوط و نصفه وربعه وجزاء الخدش'» [٢٨]

مدى شمول علم الإمام(طبقا للنظرية الثانية)

علم الإمام هو الشامل لكل علم يحتاج إليه الإمام للقيام بوظائف الإمامة وقيادة الأمة.[٢٩] وصرّحت روايات الشيعة بأنّ دائرة علم الإمامعليه السلام تشمل كل ما حدث في العالم أو سوف يحدث وكذلك جاء أن الله لا يجعل من لا يستطيع إجابة الناس في مسائلهم، حجة لنفسه على خلقه.[٣٠] ومصاديق هذا العلم تشمل نطاقا واسعا و منها:

طرق وصول الإمام إلى المعارف الغيبية

قال الإمام الكاظم (ع):


مَبْلَغُ عِلْمِنَا عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مَاضٍ وَغَابِرٍ وَحَادِثٍ،

فَأَمَّا الْمَاضِي فَمُفَسَّرٌ، وَأَمَّا الْغَابِرُ فَمَزْبُورٌ، وَأَمَّا الْحَادِثُ فَقَذْفٌ فِي الْقُلُوبِ

وَنَقْرٌ فِي الْأَسْمَاعِ، وَهُوَ أَفْضَلُ عِلْمِنَا، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَاصلی الله عليه وآله وسلم.



الكليني، الكافي، ج 1، ص 264.

الإمام المعصوم عليه السلام يطّلع على الغيب بعدة طرق ومنها:

أخذ العلوم عن طريق النبي صلی الله عليه وآله وسلم: أحد أهم المصادر لوصول الأئمة المعصومين (عليهم السلام) إلى العلوم اللدنية الإلهية هو هذا الطريق. و في حديث سئل فيه الإمام الرضا‌ عليه السلام حول علمهم بالأمور الغيبية فأجاب عليه السلام: ورث الإمام علمه عن طريق النبي صلی الله عليه وآله وسلم و علم النبي صلی الله عليه وآله وسلم مأخوذ من الله بواسطة جبرئيل.[٣٧] وأشار الإمام الباقر‌ عليه السلام إلى هذا المطلب يعني أن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) هم متطلعون على كل العلوم التي أعلم الله أنبيائه و ملائكته.[٣٨] وهذا التعليم كان بطرق مختلفة:

  • التعاليم العادية: على ضوء هذا النوع من التعليم، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يستفيد من كلمات النبي الأعظم صلی الله عليه وآله وسلم مثل سائر الناس، غير أنّه كان أدقّ و أكثر ذاكرة من الآخرين. [٣٩]
  • نقل علوم الأنبياء إلى الأئمة (عليهم السلام) من الطرق الغير معتادة: وفي هذا القسم من انتقال العلوم اللدنية إلى الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) لا يوجد مشاركة من قبل الآخرين و هذا الطريق مختص بهم. هذه الطرق هي عبارة عن:
  1. الطريقة التي تشابه طريقة انتقال العلوم إلى الإمام علي عليه السلام في الساعات الأخيرة من عمر النبي صلی الله عليه وآله وسلم. وحسب الروايات الموجودة في هذه القضية انتقل إلى الإمام علي عليه السلام علوم كانت تعادل ألف باب من العلم و كان يفتح عن كل باب ألف باب آخر. وهذا العلم، يشمل العلم بالحوادث الماضية والمستقبلية والعلم بالوفيات والمصائب والقضاوة. وهذا النوع من العلم يعد ضمن مجموعة ودائع الإمامة التي تنتقل من إمام إلى آخر. [٤٠]
  2. عن طريق كتاب الجامعة: هذا الكتاب الذي كان يمليه النبي صلی الله عليه وآله وسلم على الإمام علي عليه السلام و كان يكتبه الإمام عليه السلام يشمل الأخبار والعلوم التي كان يحتاج إليها الإمام وينتقل من كل إمام إلى إمام آخر.[٤١]
  3. عن طريق كتاب الجفر: يوجد في هذا الكتاب - الذي هو ميراث أنبياء الله العظام وأوصيائهم الصالحين، علم الأنبياء والأوصياء وعلم علماء بني اسرائيل. كذلك فيه، كتاب الزبور للنبي داوود عليه السلام، والتورات للنبي موسى، والإنجيل للنبي عيسى والصحف للنبي إبراهيم (عليهم السلام).[٤٢]

ب. عن طريق مصحف فاطمة عليها السلام: طبقا للروايات‌ أحد المصادر لعلوم آل البيت (عليهم السلام)، هو مصحف السيدة فاطمة عليها السلام. هذا المصحف، هو مجموعة من الروايات‌التي جمعت ضمن تحديث الملائكة مع السيدة الزهرا‌ء عليها السلام وفيه أخبار ووقائع المستقبل إلى يوم القيامة التي نقلتها السيدة زهراء عليها السلام للإمام علي عليه السلام وهو كان يكتبها.[٤٣] وجاءت رواية عن الإمام الصادق‌ عليه السلام في أن مصحف فاطمة عليها السلام، يشمل أمورا سوف تحدث وحتى أسماء الذين يملكون أشياء إلى يوم القيامة.[٤٤] وجاءت في هذه الروايات أنّ حجم هذا الكتاب يعادل ثلاثة أضعاف للقرآن الكريم، حتى أنّه ليست فيه كلمة من القرآن.[٤٥]

ج. عن طريق الإلهام و التحديث: نقل عن حسن بن يحيى المدائني أنّه سأل الإمام الصادق عليه السلام: إذا سئل الإمام عن شيء، بواسطة أي علم يجيب الإمام عليه؟ فأجاب الإمام عليه السلام:

في بعض الأحيان يلهم عليه و في بعض الأحيان يسمع من ملك و في بعض الأحيان يوجد كلاهما.[٤٦]

حكمة علم الغيب للأئمة (عليهم السلام)

يذكر العلامة محمد رضا المظفر عدّة أسباب و حكم لعلم غيب الأئمة (عليهم السلام). ومنها:

  • لهذا العلم منفعة أكثر للأمة الإسلامية.
  • تزيد في قدرة القائد للأمة الإسلامية.
  • اختيار من له علم الغيب هو الأنسب و أولى.
  • هذا العلم يزداد في قاعدة اللطف للإمام (ع).[٤٧]

دلائل علم الغيب للإمام

الإمام هو وارث علم الأنبياء [٤٨] وهو الأمين لصندوق العلم الإلهي[٤٩] قال الرسول الأكرمصلی الله عليه وآله وسلم في فضائل عليعليه السلام:

«أنا مدينة العلم و علي بابها» [٥٠]

وجاء في رواية: أنّه سأل هشام بن الحكم الإمام الصادقعليه السلام مندهشا - بعد سماعه أجوبة الإمام (ع) حول 500 مسألة كلامية في منطقة منى: نحن نعلم إن مسائل الحلال و الحرام بيدكم و أنتم أعلم الناس بها لكن هذه المسائل التي أجبت عليها يعد من علم الكلام؟! فقال الإمام الصادق‌عليه السلام في جوابه: ويل لك يا هشام! لا يجعل الله تعالى لخلقه حجة لا يستطيع أن يجيب على كل حوائج الناس .[٥١]

علم الغيب في سائر الناس

قال آصف بن برخيا مخاطبا النبي سليمان (ع):'«'قالَ الَّذي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكتابِ أَنَا آتيك بِهِ قَبْلَ أَنْ يرْتَدَّ إِلَيك طَرْفُك. [٥٢]

كما قلنا أن علم الغيب لا يختص بالأنبياء و أئمة الشيعة المعصومون (عليهم السلام) فبعض الدرجات منه توجد في سائر الناس. يذكر القرآن الكريم بعض المصاديق منها:

أسئلة حول علم الغيب

السوال الأول: إحدى الإشكالات التي تطرح حول علم الأئمة (ع) للغيب هو: أنه لو يعلم الأئمة (عليهم لسلام) الغيب، لماذا نرى روايات يصرّحون فيها بعدم وجود مثل هذا العلم لأنفسهم؟ مثلا نقل عن الإمام الصادق (ع) في جواب ادعاء الذي كان يقول الإمام، هو يعلم الغيب؛ قال: إنني لا أمتلك مثل هذا النوع من العلم و ذكر عدم وجدانه أَمَتَهُ لتنبيهها مثل شاهد لعدم تملكه مثل هذا العلم.[٥٩]

وهذا الإشكال ينشأ من عدم الإلتفات إلى كل روايات‌ أهل البيت بما هي مجموعة. حسب الأدلّة القرآنية وروايات‌ المعصومين (عليهم السلام)، أئمة الشيعة يعلمون الغيب. والروايات التي تنفي وجود مثل هذا العلم منهم إمّا روايات مجعولة أو صدرت عن تقية. والشاهد لهذا الدليل هو سائر الروايات التي جاءت في استمرار الإشكال. وفي هذه الرواية ينفي الإمام علمه بالغيب في البداية لكنه عندما يذهب مع الراوي إلى مكان آخر - ولا يوجد غيرهما هناك أحد - يستند إلى الآية القرآنية في أنه يعلم الغيب و فوق هذا لا بدّ من الحجة الإلهية على أنّه يعلم الغيب حتى يستطيع القيام بواجب الإمامة بأحسن طريقة.[٦٠]

السؤال الثاني: هناك سؤال آخر يطرح نفسه في مجال علم الأئمة (عليهم السلام) بالغيب و هو: لو أنّ الأئمة كانوا يعلمون زمان و مكان استشهادهم، كان عليهم أن يمنعوا ذلك لا أن يمشوا تجاه ذلك الزمان و المكان. مثلا لو كان يعلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) زمان و مكان استشهاده في مسجد الكوفة في ليلة ۲۱ من شهر رمضان، لكان عليه أن ينصرف من الذهاب إلى المسجد؛ و إلا يعد هذا العمل من مصاديق الإنتحار.

و هناك عدة أجوبة:

الجواب الأول: كان يعتقد البعض أن العلم ببعض القضايا التي لا تتعلق بمسألة هداية الناس و قيادة الأمة، ليس ضروريا للإمام، مثل قضية زمان وسبب استشهادهم.[٦١]
الجواب الثاني: والبعض الآخر الذين كانوا يفككون بين العلم الظاهري والعلم الباطني، كانوا يعتقدون بعلم الإمام بالنسبة إلى الأمور الظاهرية والأمور الباطنية. وهم كانوا مكلّفين برعاية الظاهر في مقام العلم الظاهري ويقومون بوظائفهم الإجتماعية حسب هذا التكليف، لكنّهم حسب العلم الباطني مطّلعون على نهاية الحوادث والأمور ومنها مصير أنفسهم، حسب العلم الذي أعطاهم الله في سبيل تحقيق رسالتهم والقيام بوظائف الإمامة.

لذا توجّب على الإمام أن يعمل طبقا لظاهر الأمور لا باطنها. وهذا كان السبب في عدم منعهم من استشهادهم رغم علمهم بزمانة ومكانه.[٦٢] مع الإلتفات إلى أدلة و روايات علم الغيب للأئمة (عليهم السلام)، يبدو أن الرأي الثاني هو الأصح.

مواضيع ذات صلة

الهوامش

  1. آل عمران: 179.
  2. الطريحي، مجمع البحرين، ج 2، صص 134 - 135.؛ الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص 616.
  3. السبحاني، مفاهيم القرآن، ج 3، صص 402 - 407.
  4. جوادي آملي، أدب فناي مقربان، ج 3، ص 414.؛ دهخدا، لغة نامة، ماده علم غيب.
  5. الصادقي، الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن، ج 27، صص 17 -18.
  6. جوادي آملي، أدب فناي مقربان، ج 3، ص 415.
  7. البقرة: 255.
  8. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات، ص 150 ــ 151.
  9. الطوسي، التبيان، ج 2، ص 459.
  10. آل عمران: 49.
  11. الطباطبائي، الميزان، ج 20، ص 83.
  12. الجن: 26 ــ 27.
  13. هود: 49.
  14. المظفر، ص 16.
  15. المفيد، أوائل المقالات، ص 39.
  16. المرتضى، الشافي في الإمامة، ج 2، صص 15 ــ 16.
  17. الخرازي، بداية المعارف الالهية، ج 2، ص 46.
  18. المظفر، ص 62.
  19. الكليني، الكافي، ج 1، ص258.
  20. نهج البلاغة، الخطبة 101.
  21. نهج البلاغة، الخطبة 101: 189.
  22. نهج البلاغة، الخطبة 116.
  23. نهج البلاغة، الخطبة 102.
  24. نهج البلاغة، الخطبة 73.
  25. نهج البلاغة، الخطبة 128.
  26. قراملي، مقالة علم الإمام الحسين باستشهاده.
  27. الصالحي نجف آبادي، الشهيد الخالد، ص 455 - 456.
  28. الكافي، الكليني، ج 1، ص 240.
  29. الصدوق، الخصال، ج 2، ص 529.
  30. الكليني، الكافي، ج 1، ص 260 - 261.
  31. المظفر، ص 23.
  32. الطوسي، رجال الكشي، ص 13 - 48.
  33. الكليني، الكافي، ج 1، ص 61.
  34. الكليني، الكافي، ج 1، ص 258.
  35. الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 95.
  36. المظفر، ص 12.
  37. الكليني، الكافي، ج 1، ص256.
  38. الكليني، ج 1، ص 255.
  39. الخرازي، بداية المعارف الالهية، ج 2، ص 46.
  40. الصدوق، الخصال، ص643.
  41. الكليني، الكافي، ج 1، ص 275.
  42. الكليني، الكافي، ج 1، ص 240.
  43. الصفار، بصائر الدرجات، ص 110.
  44. المجلسي، بحارالانوار، ج 26، ص 18.
  45. الصفار، بصائر الدرجات، صص 149 ــ 150.
  46. المجلسي، بحار الأنوار، ج 26، ص57؛ الطوسي،الأمالي، ج 1 ، ص 4087.
  47. المظفر، 21 ــ 34.
  48. الكليني، الكافي، ج 1، ص 470.
  49. الكليني، الكافي، ج 1، ص 192.
  50. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 27، ص 34.
  51. الكليني، الكافي، ج 1، ص 262.
  52. النمل: 40.
  53. آل عمران: 45.
  54. هود: 69 ــ 73.
  55. القصص: 7.
  56. الكهف: 65.
  57. التوبة: 105.
  58. النمل: 40.
  59. الكليني، الكافي، ج 1، ص 257.
  60. المظفر، ص 62.
  61. الصالحي نجف آبادي، الشهيد الخالد، صص 455 -456.
  62. المجلسي، مرآة العقول، ج 3، صص 124- 125.

ملاحظة

  1. يعني أنّ هذه الآية بيانية وليست تبعيضية. الطوسي، التبيان، ج 3، ص63.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن سينا، علي الحسين بن عبد الله، الإشارات والتنبيهات، قم - إيران، نشر البلاغة، 1375ش.
  • الخرازي، محسن بن مهدي، بداية المعارف الالهية، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1420هـ.
  • الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داودي، دمشق و بيروت، الدار الشامية و‌دار العلم، 1412هـ.
  • السبحاني، جعفر بن محمد حسين، مفاهيم القرآن، قم - إيران، مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام، 1420هـ.
  • الصادقي، محمد، الفرقان في تفسير القرآن بالقرآن، قم - إيران، انتشارات فرهنگ اسلامي، ط2، 1365ش.
  • الصالحي نجف آبادي، نعمت الله، الشهيد الخالد، طهران - إيران، د.ن، ط12، 1361ش.
  • الصدوق، محمد بن علي، الخصال، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، 1403هـ.
  • الصفار، محمد بن الحسن، بصائر الدرجات، قم - إيران، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1404هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط5، 1417هـ.
  • الطريحي، فخر الدين بن محمد علي، مجمع البحرين، تحقيق: السيد أحمد حسيني، طهران - إيران، كتاب فروشي مرتضوي، ط3، 1375ش.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، قم - إيران، دارالثقافة، 1414هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد قصير العاملي، بيروت - لبنان، داراحياء التراث العربي، د.ت.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الاحكام، طهران - إيران، دار الكتب الإسلامية، 1365ش.
  • العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، أجوبة المسائل المهنائية، تقديم: محي الدين مامقاني، قم - إيران، خيام، 1401هـ.
  • الكشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، مشهد - إيران، نشر دانشگاه مشهد، 1348ش.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الانوار، بيروت - لبنان، دار الوفاء، 1404هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، مراة العقول في شرح اخبار الرسول، تصحيح: السيد هاشم رسولي محلاتي، طهران - إيران، دار الكتب الإسلامية، ط3، 1370ش.
  • المرتضي، علي بن الحسين، الشافي في الإمامة، طهران - إيران، مؤسسة الصادق عليه السلام، ط2، 1410هـ.
  • المفيد، محمد بن محمد، أوائل المقالات، قم - إيران، كنگره شيخ مفيد، 1413هـ.
  • جوادي آملي، عبد الله، ادب فناي مقربان، قم - إيران، نشر اسراء، 1388ش.
  • دهخدا، علي أكبر، لغت‌نامه دهخدا، د.م، د.ن، د.ت.
  • قدردان قراملكي، محمد حسن، كلام فلسفي، قم - إيران، انتشارات وثوق، 1378ش.

وصلات خارجية