الوحي

من ويكي شيعة
(بالتحويل من وحي النبوة)
معتقدات الشيعة
‌معرفة الله
التوحيدالتوحيد الذاتيالتوحيد الصفاتيالتوحيد الأفعاليالتوحيد العبادي
الفروعالتوسلالشفاعةالتبرك
العدل
الحسن والقبحالبداءالجبر والتفويض
النبوة
عصمة الأنبياءالخاتمية نبي الإسلامعلم الغيبالإعجازعدم تحريف القرآنالوحي
الإمامة
الاعتقاداتالعصمةعصمة الأئمةالولاية التكوينيةعلم الغيبالغيبةالغيبة الصغرىالغيبة الكبرىإنتظار الفرجالظهورالرجعةالولايةالبراءةأفضلية أهل البيت(ع)
الأئمةالإمام علي عليه السلام

الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام موسى الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام

الإمام المهدي عج
المعاد
البرزخالقبرالنفخ في الصورالمعاد الجسمانيالحشرالصراطتطاير الكتبالميزانيوم القيامةالثوابالعقابالجنةالنارالتناسخ
مسائل متعلقة بالإمامة
أهل البيت المعصومون الأربعة عشرالتقية المرجعية الدينية


الوحي النبوي في الأدب الديني الإسلامي عبارة عن علاقة معنوية خفية بین النبي (ص) وعالم الغيب، يتم من خلاله تبيان الرسالة الإلهية، وهو مختص بالأنبياء (ع)، ويحتاج الوحي إلى واسطة في بعض الأحيان (مثل واسطة الملائكة)، ويستغني عن الواسطة في أحيانٍ أخرى. يختلف المعنى الاصطلاحي للوحي عن معنيَي الإلهام والتحديث.

اتخدت مسألة الوحي حيزاً كبيراً من اهتمام المفكرين في العصر الحالي، فتم عرض آراء جديدة، تحاول فهم عملية الوحي؛ وتستند أغلبها إلى التجربة الدينية.

معنى الوحي

  • الوحي لغةً

هو إعلام سريع خفيّ، سواء أكان بإيماءة أم بهمسة أم بكتابة في سرّ، وكلّ ما ألقيته إلى غيرك في سرعة خاطفة حتى فَهِمه فهو وحيٌ. وأصل الوحي: الإشارة السريعة، ولتضمّن السرعة قيل: أمرٌ وحِيٌّ (أي سريع)، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرّد عن التركيب، وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة.[١]

والوحي: يدلّ على إلقاء علم في إخفاء أو غيره، والوحي: الإشارة، والوحي: الكتاب والرسالة، وكلّ ما ألقيتَه إلى غيرك حتّى عَلِمَه فهو وحي.[٢]

  • المعنى الاصطلاحي

عرّف الشيخ الطوسي الوحي بأنّه: "البيان الذي ليس بإيضاح, نحو الإشارة والدلالة, لأنّ كلام المَلَك كان للرسول (ص) على هذا الوجه".[٣] وفي موضع آخر قال بأنّ: "الإيحاء إلقاء المعنى في النفس على وجه يخفى, وهو ما يجيء به من دون أن يرى ذلك غيره من الخلق".[٤]

ويتّضح من خلال التحديدين السابقين أنّهما ناظران إلى أكثر أنحاء الوحي وروداً في القرآن الكريم, وهو طريق وحي القرآن الكريم نفسه, عبر إرسال مَلَك, وهو جبرائيل (ع) إلى النبي (ص). قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ[٥]

وحدّد السيّد الطباطبائي الوحي بأنّه: "إلقاء المعنى بنحو يخفى على غير من قُصِدَ إفهامه"،[٦] ويشمل هذا التحديد كلّ أنحاء الوحي، فيدخل فيه الوحي المباشر(بلا واسطة) والوحي غير المباشر(كالوحي بواسطة مَلَك). وقد قرّر الأدب الديني في الإسلام أن لا يطلق الوحي على غير ما عند الأنبياء والرسل عليهم السلام من التكليم الإلهي.[٧]

الوحي في القرآن

استخدم القرآن الكريم مفردة "الوحي" في موارد عدّة أُريد بها معانٍ مختلفة، وقد ورد حديث مروي عن الإمام علي بن أبي طالب (ع), قسّم فيه الوحي إلى: وحي النبوة والرسالة، ووحي الإلهام، ووحي الإشارة، ووحي التقدير، ووحي الأمر، ووحي الكذب(وسوسة الشياطين) ووحي الخبر.[٨] ومن هنا، يمكن إجمال موارد الاستخدام القرآني لمفردة "الوحي", تبعاً لمقسم المعنى الاصطلاحي للوحي، وانسجاماً مع ما ورد في الحديث المروي عن الإمام علي بن أبي طالب (ع), وفق التالي:

  • الوحي إلى غير الأنبياء(ع):

وهو على أقسام:

  1. الإيماءة الخفية (وحي الإشارة): وهو المعنى اللغوي نفسه. ومنه قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا.[٩]
  2. تركيز غريزيّ فطريّ في الإنسان والحيوان(وحي الإلهام): وهو تكوين طبيعيّ مجعول في الإنسان والحيوان، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ...،[١٠] ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا....[١١]
  3. تركيز طبيعي في الجماد (وحي التقدير): وهو تكوين طبيعيّ مجعول في الجمادات، ومنه وقوله تعالى: ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا.[١٢]
  4. أمر رحماني (وحي الأمر): وهو شعور نفساني داخلي مصدره الله تعالى، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي...، [١٣]﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ....[١٤]
  5. وسوسة شيطانية (وحي الكذب): وهو شعور نفساني داخلي مصدره الشيطان، ومنه قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا،[١٥] ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ.[١٦]
  • الوحي إلى الأنبياء (ع) (وحي النبوّة والرسالة):

وهو اتّصال غيبيّ بين الله وأنبيائه عليهم السلام, ويختلف عن سائر الإيحاءات المعروفة لجهة مصدره الغيبي اتّصالاً بما وراء المادَّة. وهو المعنى الاصطلاحي للوحي، وقد استعمله القرآن الكريم في أكثر من سبعين موضعاً،[١٧] منها: قوله تعالى:﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾[١٨]، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ...،[١٩] والوحي الوارد في هذه الآية هو من وحي الخبر(بحسب تعبير الرواية المتقدّمة), وهو هداية ربّانيّة مجعولة في نفوس الأنبياء عليهم السلام بوحي باطني وتأييد سماوي.[٢٠]

أنحاء الوحي النبوي

يتحقّق الوحي النبوي على أنحاء ثلاثة ، كما جاء في الآية الكريمة: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ،[٢١] وفي حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين (ع) في صدد تفسير هذه الآية[٢٢]:

  • النحو الأول: الإلقاء في قلب النبي (ص) مباشرة ومن دون واسطة، ومنه: ما رواه زرارة عن الإمام الصادق (ع), حيث سأله عن الغشية التي تصيب النبي (ص) إذا نزل عليه الوحي؟ حيث قال (ع): "ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد. ذلك إذا تجلّى الله له.[٢٣]
  • النحو الثاني: تكليم النبيين من وراء حجاب، ومنه قوله تعالى: ﴿...وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى، [٢٤] وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.[٢٥]
  • النحو الثالث: إرسال مَلَك ليكون واسطة في إيصال الوحي للنبي (ع), ومنه قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا...،[٢٦]وقوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ.[٢٧]

أقسام الوحي النبوي

يمكن تقسيم الوحي النبوي إلى قسمين رئيسين:

  • الوحي المباشر: وهو أصعب أنواع الوحي، وفيه يتّصل النبي بكلّ وجوده بالله تعالى من دون توسّط أيّ واسطة. ويحصل ذلك عندما تتهيّأ نفس النبي, ويصبح لديه القابلية لهذا الاتّصال المباشر. وقد ورد في الأحاديث المروية عن أهل البيت (ع) توصيف لثقل هذا الوحي، ومن هذه الأحاديث :
  1. ما روي أنّ الحرث بن هشام سأل النبي (ص): كيف كان ينزل عليك الوحي؟ قال (ص): "أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس, وهو أشدّ علي، فيفصم عنّي, وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثّل المَلَكُ رجلاً، فيكلّمني, فأعي ما يقول".[٢٨]
  2. ما رواه زرارة عن الإمام الصادق (ع), من أنّه سأله عن الغشية التي تصيب النبي (ص) إذا نزل عليه الوحي؟ فقال (ع): "ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد؛ ذلك إذا تجلى الله له".[٢٩]
  • الوحي غير المباشر: وفيه يتلقّى النبي الوحي عبر واسطة تكون صلة وصل بينه وبين الله تعالى, كما في الوحي النازل بواسطة المنام والرؤيا، ومنه: قوله تعالى - حكاية عن لسان نبيّه إبراهيم (ع) -: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ...﴾،[٣٠] وكما في تكليم الله تعالى لنبيّه موسى (ع): ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا،[٣١] وكما في الوحي النازل على رسول الله (ص)بواسطة جبرائيل: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ....[٣٢]

كتّاب الوحيّ المحمدي

كتَّاب الوحي كُثُر، أبرزهم الإمام علي بن أبي طالب (ع), حيث حَظِيَ بكتابة الوحي من أوّل نزوله في مكة إلى حين انقطاعه, برحيل الرسول الأكرم (ص): عن الإمام علي (ع): "فما نزلتْ على رسول الله (ص) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها فكتبتُها بخطي، وعلَّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصَّها وعامَّها".[٣٣] وعنه (ع) - أيضاً -: "يا طلحة إنَّ كلَّ آية أنزلها الله على محمّد (ص) عندي بإملاء رسول الله (ص) وخطي بيدي وتأويل كلّ آية".[٣٤]

وممّن كتب الوحي بين يدي النبي (ص) أيضاً:

  1. أبي بن كعب الأنصاري: وهو أوّل من كتب له (ص) الوحي في المدينة، وقد عرض النبي (ص) عليه القرآن كاملاً، وكان ممّن حضر العرضة الأخيرة في من حضر، وتولّى الإشراف على الكَتَبَة في لجنة توحيد المصاحف على عهد عثمان، حيث كانوا يرجعون إليه عند الاختلاف.[٣٥]
  2. زيد بن ثابت: كان يسكن في المدينة بجوار النبي (ص), ويكتب له (ص) إذا غاب أُبَي بن كعب، حتى أصبح لاحقاً من الكتّاب الرسميين.[٣٦]

والذي عليه المحقّقون من أهل السيرة: أنّ الوحي كان يكتبه الإمام علي (ع), وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وأنّ حنظلة بن الربيع ومعاوية بن أبي سفيان لم يكتبا الوحي وإنّما كانا يكتبان له إلى الملوك وإلى رؤساء القبائل، ويكتبان حوائجه بين يديه، ويكتبان ما يجيء من أموال الصدقات وما يقسّم في أربابها.[٣٧]

نظرية المستشرقين حول الوحي

تقوم النظرية[٣٨] على تبنّي نمط خاصّ من التفسير، يقوم على تأويل كلّ ما جاء بشأن علاقة النبيّ بالله، فتعتبرها من الأمور العاديّة الجارية بين أفراد البشر، غاية ما هناك أنها أمور خاصة بالنوابغ والاستثنائيين من البشر، فترى أن كلّ ما ورد بالنسبة للوحي ونزول الملائكة، نوع من التعبيرات المجازيّة، حيث لا يمكن التحدث مع عوام الناس إلا بهذه اللغة.

وفحوى هذه النظريّة أنّ النبيّ نابغة اجتماعيّ محبّ للخير، تأمّل في ما آلت إليه أوضاع المجتمع، ورصد ما يحيط الناس من أوجاع وضروب الفساد، ثمّ سعى بما آتاه الله من نبوغٍ إلى تغيير أوضاعهم، مستلهماً من داخله، من روحه ونفسه، أفكاراً ترسم طريقاً صحيحاً يحلّ المشكلات، ثمّ قام ببثّ هذه الأفكار بين الناس. فالوحي وفق هذه النظريّة، هو عبارة عن انبثاقٍ من عمق فكر النبيّ إلى ظاهر فكره، وهو عملٌ إبداعيٌّ اقتضته بنية النابغة الخاصّة.

في المقابل يرفض أصحاب هذه النظريّة الإذعان إلى وجود حقيقةٍ وراء فكر الإنسان وروحه وعقله بحيث يرتبط بها باطن النبيّ، ويتنكّرون للإيمان بأيّ بُعد غير عاديّ في مسألة النبوّة والوحي.

وأمّا بالنسبة لبعض التعابير الواردة المتعلقة بالوحي فيقومون بتأويلها:

فمثلاً تقوم هذه النظريّة بتأويل جميع المفردات والحقائق التي وردت بشأن النبوّة والوحي وتحملها على المعنى المجازيّ.


ف"الروح الأمين وروح القدس" ليس شيئاً غير روح النبيّ، فمعنى أن يأتي الروح الأمين بالأفكار وتعاليم الدين، هو نفس انبثاق هذه الأفكار من أعماق روح النبي النابغة.

وأمّا الملائكة فهي عندهم عبارة عن قوى الطبيعة ذاتها، ولمّا كان الله يستخدم القوى الطبيعيّة فستكون الملائكة تحت اختياره.[٣٩]

وأمّا "الدين" فهو عندهم لا يتعدّى كونه مجموعة القوانين التي وضعها النابغة، وهي قوانين صالحة ومفيدة لسعادة المجتمع، وهذا ما ينشده الناس، ولذلك يمكننا أن نعتبر هذا الدين من عند الله.[٤٠] والوحي أيضاً -بتصورهم- عبارة عن إلهامات روحية تنبعث من داخل نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وليس وارداً عليه من الله تعالى, لاستحالة الاتّصال بين الله تعالى والإنسان, كونه يستلزم تحديد الله عزّ وجلّ.[٤١]

جواب المعارضين للنظرية

يرى المعارضون لهذه النطرية أنّها لا تتناسب مع ما ورد من استعمال القرآن للوحي في مختلف الموجودات، ولذا فهي عاجزة عن تفسير ذلك، كما أنّها تُعبّر عن تفسير بعيد عن الوقائع التي طرحها الأنبياء بالنسبة لخصائص الوحي المُلقى إليهم، كوجود حالة التعليم والأخذ من مصدر خارج ذواتهم، وشعورهم بمصدر الوحي العلويّ، وإدراكهم للواسطة فيه.[٤٢]

فالأنبياء كانوا يُعرّفون أنفسهم بأنّهم مبعوثون من جانب الله تعالى ولا شأن لهم إلا إبلاغ الرسالات الإلهية إلى الناس، ولا ريب في أنّهم كانوا صادقين في أقوالهم - كما اعترف به صاحب النظرية - وعندئذ لو قلنا بأنّ ما ذكروه غير مطابق للواقع، وأنّ ما أتوا به من المعارف والشرائع لم يكن رسالات إلهية وذكراً من جانبه سبحانه، بل كان نابعاً من باطن ضميرهم وتجليات نفوسهم، لكان الأنبياء قاصرين في مجال المعرفة.[٤٣]

أما القول بأنّ الاتّصال بين الله تعالى والإنسان, يستلزم تحديد الله عزّ وجلّ، فاعتُرض عليه بأنّ عدم فهْم حقيقة الاتّصال الروحيّ الخفيّ بين المَلأ الأعلى وجانب الإنسان الروحي لا يعنى إنكار هذا الاتّصال، فالإنسان يتلقّى بروحه إفاضات تأتيه من ملَكوت السماء، وإشراقات نورية تشعّ على نفسه من عالَم وراء هذا العالم المادّي، وليس في ذلك اتّصالاً أو تقارباً مكانيّاً, لكي يستلزم تحيّزاً في جانبه تعالى. ولعلّ منشأ هذه الشبهة أنّهم قاسُوا من أمور ذاك العالم غير المادّي بمقاييس تخصّ العالم المادّي.[٤٤]

أنظر أيضاً

الهوامش

  1. الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، مادّة"وحى"، ص 858. نقلاً عن: مركز نون للتأليف والترجمة، دروس في علوم القرآن، ص 55
  2. ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 6، مادّة"وحى"، ص 93.
  3. الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج 4، ص 142.
  4. الطوسي، التبيان في تفسير القرآن، ج 4، ص 142.
  5. الشعراء، الآيتان: 193-194.
  6. الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 492.
  7. الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 12، ص 492.
  8. المجلسي، بحار الأنوار، ج 18، باب2 من أبواب أحواله (ص)...، ح 3، ص 254 - 255, و ج 90، باب 128، ورسالة النعماني، ص 16-17.
  9. مريم: 11.
  10. القصص: 7.
  11. النحل: 68.
  12. فصّلت: 12.
  13. المائدة: 111.
  14. الأنفال: 12.
  15. الأنعام: 112.
  16. الأنعام: 121.
  17. روحاني، المعجم الإحصائي للقرآن الكريم، ج 1، ص 571.
  18. النساء: 163.
  19. الأنبياء: 73.
  20. الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 1، ص 274.
  21. الشورى: 51.
  22. القمي، تفسير القمي، ج 2، ص 279.
  23. الصدوق، التوحيد، باب 8، ح 15، ص 115.
  24. سورة النساء، الآية: 164.
  25. القصص: 30.
  26. سورة الشورى، الآية: 52.
  27. الشعراء، الآيتان: 193-194.
  28. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 1، ص 41.
  29. الصدوق، التوحيد، باب 8، ح 15، ص 115.
  30. الصافات: 102.
  31. مريم: 52.
  32. الشعراء، الآيات: 192-194.
  33. الشيخ الكليني، الكافي، ج1، كتاب العقل والجهل، باب اختلاف الحديث، ح1، ص64.
  34. الهلالي، كتاب سليم بن قيس، ص 211.
  35. ابن حجر العسقلاني، الإصابة، ص 180-182.
  36. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 358-362؛ ابن حجر العسقلاني، الإصابة، ج 2، ص 490-493.
  37. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، خ 25، ص 338.
  38. هذه النظرية مأثورة عن المستشرق "مونتيه" وفصّلها "إميل درمنغام". لاحظ الوحي المحمدي، السيد محمد رشيد رضا، الطبعة السادسة، 1960 م، ص 66.
  39. مركز نون للتأليف والترجمة، دراسات عقائدية، ص 233، 234،235.
  40. مركز نون للتأليف والترجمة، دراسات عقائدية، ص 233، 234،235.
  41. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 91 - 93.
  42. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 91 - 93.
  43. مركز نون للتأليف والترجمة، دراسات في الإلهيات، ص 268.
  44. مركز نون للتأليف والترجمة، دروس في علوم القرآن، ص 77.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ.
  • ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر، د.ت.
  • ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، 1376هـ/ 1956م.
  • ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام هارون، د.م، مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.
  • الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق صفوان داوودي، قم، نشر طليعة النور, 1427هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، التوحيد، تصحيح وتعليق: هاشم الحسيني الطهراني، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي، د.ت.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، د.ت.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد قصير العاملي، د.م، مكتب الإعلام الإسلامي، ط1، 1409هـ.
  • العلوي، الشريف الرضي، نهج البلاغة، شرح ابن أبي الحديد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، د.م، دار إحياء الكتب العربية، 1378هـ/ 1959م.
  • القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، تصحيح وتعليق: طيب الموسوي الجزائري، النجف، مطبعة النجف، 1387هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، طهران، دار الكتب الإسلامة، مطبعة حيدري، ط4، 1365هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق: عبد الرحيم الربّاني الشيرازي، بيروت، مؤسسة الوفاء، دار إحياء التراث العربي، ط2، 1403هـ/ 1983م.
  • الهلالي، سليم بن قيس: كتاب سليم بن قيس، تحقيق: محمد باقر الأنصاري الزنجاني، طهران، مطبعة نكارش، ط1، 1420هـ.
  • روحاني، محمود، المعجم الإحصائي لألفاظ القرآن الكريم، مشهد، مؤسسة الآستانة الرضوية المقدّسة، ط1، 1372هـ/ 1987م.
  • مركز نون للتأليف والترجمة، دراسات عقائدية، بيروت، جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط1، 1431هـ/ 2010م.
  • مركز نون للتأليف والترجمة، دراسات في الإلهيات، بيروت، جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط1، 1435هـ/ 2014م.
  • مركز نون للتأليف والترجمة، دروس في علوم القرآن، بيروت، جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط1، 1435هـ/ 2014م.
  • معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم، مؤسّسة التمهيد, مطبعة ستاره، ط3، 1432هـ/ 2011م.

وصلات خارجية