التجويد
التجويد بمعنى النطق الصحيح والطبيعي لحروف القرآن، بحيث يُؤدَّى كلّ حرف في موضعه بشكل صحيح. ورغم أنّ مصطلح «التجويد» لم يكن موجودًا في أقدم النصوص المتعلقة بهذا العلم، إلا أنّه استُخدم لاحقًا في مؤلفات مثل "السبعة في القراءات" لابن مجاهد و"التنبيه" لعلي بن جعفر السعيدي.
ومع أنّ علم التجويد كان يُعرض بشكل متفرق في كتب علم القراءات، إلا أنّه ابتداءً من القرن الرابع الهجري عُدّ علمًا مستقلًا، وتتناول موضوعاته الرئيسة: مخارج وصفات الحروف، أحكام النون الساكنة، الميم الساكنة، اللام، المدّ والقصر، الوقف والابتداء، الغُنّة والقلقلة.
ومن أوائل المؤلفات المستقلة في علم التجويد: قصيدة أبي مزاحم الخاقاني، والرعاية لتجويد القراءة لمكي بن أبي طالب، والتحديد لأبي عمرو الداني. وبحسب الأحكام الفقهية، فإنّ مراعاة التجويد في الصلاة واجبة إذا أدّى تركها إلى تغيير المعنى، كما عُدّ النطق الصحيح بالأذكار في تلبية الحج أمرًا إلزاميًا.
التعريف والأهمية
التجويد هو النطق الصحيح لحروف القرآن بحيث يوضع كل حرف في موضعه الصحيح ويؤدَّى أداءً سليمًا، على أن يكون ذلك طبيعيًا ومن دون إفراط، ليُقرأ الكلام بشكل صحيح وجميل.[١]
وبحسب الدراسات المتوفرة، فإن قصيدة الخاقانية لأبي مزاحم (وفاة: 325هـ)، التي تُعد أول عمل مستقل في علم التجويد، لم يرد فيها لفظ "التجويد"، أما استعمال هذا اللفظ بهذا المعنى فقد ظهر لأول مرة في كتاب "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (وفاة: 324هـ).[٢] وبعده استخدم علي بن جعفر السعيدي (وفاة: نحو 410هـ) مصطلح التجويد في كتابه "التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي".
وقبل أن يُعرف التجويد علمًا مستقلًا، كانت مباحثه تُذكر أحيانًا في علم القراءات وأحيانًا في كتب اللغة. ومع ذلك، فقد عُرف ابتداءً من القرن الرابع الهجري بوصفه علمًا مستقلًا.[٣] ومن أبرز موضوعات علم التجويد: مخارج وصفات الحروف، أحكام النون الساكنة والتنوين، أحكام الميم الساكنة، أحكام اللام، المد والقصر، الوقف والابتداء، الغنة والقلقلة.[٤]
المؤلفات في علم التجويد
قبل أن تُكتب مؤلفات مستقلة عن تجويد القرآن، بدأ عرض هذا العلم بشكل متفرق في كتب علم القراءات.[٥] ومن أوائل المؤلفات المستقلة في علم التجويد:
- قصيدة أبي مزاحم الخاقاني (وفاة: 325هـ): وبحسب عبد العزيز عبد الفتاح، فهي أقدم نص مستقل عن تجويد القرآن، وقد نُظمت في القرن الرابع الهجري.[٦]
- قصيدة علم الدين السخاوي (وفاة: 643هـ)، بعنوان عمدة المفيد وعدة المجيد في معرفة التجويد.[٧]
- الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، تأليف أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني القرطبي (وفاة: 437هـ): وهو من أهم المراجع في علم التجويد وأطولها، وقد كُتب نحو سنة 420هـ.[٨]
- التحديد في الإتقان والتجويد، تأليف أبو عمرو الداني (وفاة: 444هـ): وقد أُلّف تقريبًا في الفترة نفسها التي أُلّفت فيها الرعاية، ويُعد الكتابان أقدم المراجع في علم التجويد.[٩]
الأحكام الفقهية
يرى فقهاء الشيعة أن قراءة الصلاة بالعربية الصحيحة واجبة،[١٠] ومع ذلك فإنّ التزام قواعد التجويد في الصلاة إنما يجب فقط إذا كان تركها يؤدي إلى تغيير المعنى.[١١] أما فقهاء أهل السنة فيرون أنّ صحة القراءة مطلوبة بقدر ما لا تفضي إلى العسر والحرج، وعلى هذا الأساس فإنّهم لا يوجبون مراعاة فروق مثل الفرق بين الضاد والظاء.[١٢]
وفي التلبية، وهي جزء من أحكام الإحرام في عمرة التمتع، وحج التمتع، وحج الإفراد، والعمرة المفردة، فقد نُصّ على أنّ أذكارها يجب أن تؤدَّى على نحو صحيح.[١٣]
بحوث ذات صلة
الهوامش
- ↑ ابن الجزري، غایة النهایة، ج1، ص212؛ التهانوي، موسوعة كشاف اصطلاحات، ج1، ص386.
- ↑ محمدي، «تاریخ و علل پیدایش تجوید»، ص75؛ قدوري حمد، «مدخل إلى علم تجويد القرآن الكريم»، ص200–201.
- ↑ محمدي، «تاریخ و علل پیدایش تجوید»، ص75.
- ↑ بسة المصري، العميد في علم التجويد، ص198.
- ↑ مفلح القضاة وآخرون، مقدمات في علم القراءات، ص186.
- ↑ مفلح القضاة وآخرون، مقدمات في علم القراءات، ص186.
- ↑ مفلح القضاة وآخرون، مقدمات في علم القراءات، ص186.
- ↑ «الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة»، موقع الموسوعة القرآنية؛ قدوري، أبحاث في علم التجويد، ص57.
- ↑ قدوري، أبحاث في علم التجويد، ص57.
- ↑ الإمام الخميني، تحریر الوسیلة، ج1، ص166؛ الگلپایگانی، توضیح المسائل، ص165، 168، 179، 191.
- ↑ البحراني، الحدائق الناضرة، ج8، ص173؛ الهمداني، مصباح الفقيه، ج12، ص105–106؛ الأعرج، كنز الفوائد، ج1، ص115.
- ↑ الفخر الرازي، التفسير الكبير، دار إحياء التراث، ج1، ص69؛ العظيم آبادي، عون المعبود، ج11، ص29؛ ابن عابدين، رد المحتار، ج1، ص682.
- ↑ الطباطبائي اليزدي، العروة الوثقى، ج4، ص664؛ الإمام الخميني، تحریر الوسیلة، ج1، ص380.
المصادر والمراجع
- «الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة»، موقع الموسوعة القرآنیة، تاريخ الزيارة: 21/4/2025م.
- ابن الجزري، محمد بن محمد، غایة النهایة في طبقات القراء، طهران، دار الکتب العلمیة، 1361ش.
- ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار: شرح تنوير الأبصار، بيروت، دار الفكر، 1415هـ.
- الأعرج، عبد المطلب بن محمد، کنز الفوائد في حل مشکلات القواعد، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1416هـ.
- الإمام الخميني، السيد روح الله، تحریر الوسیلة، طهران، مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1421هـ.
- البحراني، يوسف بن أحمد، الحدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة، قم، دفتر انتشارات إسلامي، 1405هـ.
- التهانوي، محمد علي، موسوعة کشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، بيروت، مكتبة لبنان ناشرون، 1996م.
- الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم، العروة الوثقى، قم، دفتر انتشارات إسلامي، 1419هـ.
- العظيم آبادي، محمد شمس الحق، عون المعبود، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415هـ.
- الهمداني، رضا بن محمد، مصباح الفقيه، ج12، تحقيق المؤسسة الجعفرية لإحياء التراث، قم، برگ طوبى، 1425هـ.
- الكلبايگاني، السيد محمد رضا، توضیح المسائل (فارسی)، قم، دار القرآن الكريم، 1413هـ.
- بسة المصري، محمود بن علي، العميد في علم التجويد، تحقيق محمد الصادق القمحاوي، الإسكندرية، دار العقيدة، 1425هـ.ق/ 2004م.
- فخر الدين الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، (د.ت).
- قدوري حمد، غانم، «درآمدی بر علم تجوید قرآن کریم»، ترجمة حسين علينقيان، في مجلة إلهيات وحقوق دانشگاه رضوي (آموزههاي قرآني)، السنة الرابعة، ربيع 1383هـ.ش، العدد 4.
- قدوري، غانم، أبحاث في علم التجويد، عمّان، دار عمار، 1422هـ.ق/ 2002م.
- محمدي، محمد علي، «تاریخ و علل پیدایش تجوید»، في مجلة معرفت، السنة السابعة والعشرون، العدد الرابع، تير 1397ش.
- مفلح القضاة، محمد، وأحمد خالد شكري، ومحمد خالد منصور، مقدمات في علم القراءات، عمّان، دار عمار، 1422هـ.ق/ 2001م.