أبابيل
أبابيل هي صفة ذكرت في القرآن لمجموعات من الطيور التي رجمت أصحاب الفيل، حملت هذه الطيور بمناقيرها ومخالبها حصى يشير إليها القرآن باسم سجيل، وضربت بها جيش أبرهة الذي أراد هدم الكعبة.
المفهوم
معنى كلمة أبابيل في اللغة القطعان المتتابعة والمجموعات المتفرقة،[١] واستخدمت هذه الكلمة مرة واحدة في القرآن،[٢] ووفقاً للمفسرين وقعت هذه الكلمة في القرآن كوصف للطيور وليست اسماً لها، وعلى هذا يكون المراد من قوله تعالى (طَيْراً أَبَابِيْل) الطيور التي جاءت إلى أصحاب الفيل في مجموعات متفرقة من جميع الجهات ورجمت جيش أبرهة.[٣]
وأيضاً يرى حسن مصطفوي وهو مفسر شيعي أن أبابيل ليس نوعاً معيناً من الطيور، وإنما هي نوع حيوان له خصائص مثل القوة والثقل والحياة الجماعية والله أعلم أي نوع من الحيوانات هو.[٤]
شكل الطيور
هناك اختلاف في الرأي بين المفسرين حول نوع وشكل وتفاصيل الطيور التي رجمت أصحاب الفيل، وأكثرهم يعتقد أنها من نوع السنونو أو شبهه،[٥] ويعتبرها البعض خفافيشاً،[٦] ووفقاً لمحمد بن جرير الطبري كان لون هذه الطيور أبيض أو أسود أو أخضر، وكانت مناقيرها صفراء، ومخالبها تشبه مخالب الكلاب،[٧] وفي رواية عن الإمام الباقر(ع) أن تلك الطيور كان تملك رؤوس ومخالب مثل رؤوس ومخالب السباع ولم يراها أحد قبل ذلك اليوم ولا بعده،[٨] كذلك وصف البعض هذه الطيور بأنها كانت بشكل النحل مع رؤوس سوداء وعنق طويلة ومنقار أحمر.[٩]
احتمل الفخر الرازي تعدد أشكال الطيور التي رجمت جيش أبرهة بناء على أنها كانت مجموعات متفرقة، فيكون لكل مجموعة منها شكل خاص وكل راوٍ وصف ما رأى.[١٠]
رجم جيش أبرهة
عندما أراد جيش أبرهة هدم الكعبة، ظهرت الطيور ومعها الحصى الصغيرة التي عبّر عنها القرآن بسجِّيل،[١١] وقيل أنها أتت من البحر،[١٢] ووفقاً لبعض الأحاديث كان كل طائر منها يحمل حجراً بمنقار وحجرين بمخالبه[١٣] كتب على كل واحد منها اسم من أسماء أصحاب الفيل،[١٤] وكل حجر ألقي أصاب هدفه واخترق جسد واحد من أصحاب الفيل ليخرج من جانبه الآخر،[١٥] وبحسب حديث رواه الطبري فإن الحجارة كانت تصيب كل من تضربه بالحكة، وذكر أيضاً أن مرض الجدري والحصبة ظهرا لأول مرة في شبه الجزيرة العربية في نفس عام الفيل،[١٦] ومع هذا أرجع بعض المستشرقين سبب هزيمة جيش أبرهة إلى تفشي الوباء،[١٧] ورفض جمع من المحققين هذا الرأي.[١٨]
الهوامش
- ↑ الفراهيدي، كتاب العين، 1410هـ، ج8، ص343.
- ↑ سورة الفيل، الآية 3.
- ↑ انظر: الطباطبائي، المئزان، 1417هـ، ج20، ص362؛ مكارم، تفسير الأمثل، 1374ش، ج27، ص336-337؛ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج32، ص293.
- ↑ المصطفوي، التحقيق، 1368ش، ج1، ص25.
- ↑ مكارم، تفسير الأمثل، 1374ش، ج27، ص337؛ السبزواري النجفي، الجديد، 1406هـ، ج7، ص418.
- ↑ الألوسي، روح المعاني، بيروت، ج30، ص236.
- ↑ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج30، ص193.
- ↑ الكليني، الكافي، 1407هـ، ج8، ص84.
- ↑ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1408هـ، ج20، ص410.
- ↑ الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج32، ص293.
- ↑ سورة الفيل، الآية 4.
- ↑ مكارم، تفسير الأمثل، 1374ش، ج27، ص337؛ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج30، ص193.
- ↑ الكليني، الكافي، 1407هـ، ج8، ص84؛ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج30، ص193.
- ↑ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1408هـ، ج20، ص410.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، 1379هـ، ج5، ص542؛ أبو الفتوح الرازي، روض الجنان، 1408هـ، ج20، ص410.
- ↑ الطبري، جامع البيان، 1412هـ، ج30، ص193.
- ↑ كرا دي فو، 1923م، III، ص398؛ بلاشر، 1949م، I، ص115.
- ↑ آذر تاش، أبابيل، ج2، ص298-299.
المصادر والمراجع
- الألوسي، محمود، روح المعاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
- أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان و روح الجنان في تفسير القرآن، تحقيق: محمد جعفر ياحقي، محمد مهدي ناصح، مشهد، قسم التحقيقات الإسلامية في العتبة الرضوية المقدسة، 1408هـ.
- السبزواري النجفي، محمد بن حبيب الله، الجديد في تفسير القرآن المجيد، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1406هـ.
- الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم، مكتب الانتشارات الإسلامي، 1417هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، طهران، 1379هـ.
- الطبري، محمد، جامع البيان في تفسير القرآن، دار المعرفة، بيروت، 1412هـ.
- الفخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1420هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر الغفاري ومحمد الآخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407هـ.
- مصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، الطبعة الأولى، 1368ش.
- مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1374ش.
- الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، [د.م.]، مؤسسة دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1410هـ.
- Blachère,R,Le Coran,Traduction, Paris,1949.
- Carra de Vaux,B.,Les penseurs de l'Islam,Paris,1923.