تعدد الزوجات

مقالة متوسطة
خلل في أسلوب التعبير
من ويكي شيعة
بعض الأحكام العملية والفقهية
فروع الدين
الصلاة
الواجبةالصلوات اليوميةصلاة الجمعةصلاة العيدصلاة الآياتصلاة القضاءصلاة الميت
المستحبةصلاة الليلصلاة الغفيلةصلاة جعفر الطياربقية الصلواتصلاة الجماعةصلوات ليالي شهر رمضان
بقية العبادات
الصومالخمسالزكاةالحجالجهادالأمر بالمعروف والنهي عن المنكرالولايةالبراءة
أحكام الطهارة
الوضوءالغسلالتيممالنجاساتالمطهرات
الأحكام المدنية
الوكالةالوصيةالضمانالحوالةالكفالةالصلحالشركةالإرث
أحكام الأسرة
النكاحالمهرالزواج المؤقتتعدد الزوجاتالرضاعالحضانةالطلاقالخلعالمباراةالظهاراللعانالإيلاء
الأحكام القضائية
القضاءالشهاداتالدياتالحدودالقصاصالتعزير
الأحكام الاقتصادية
العقودالتجارةالبيعالإجارةالقرضالرباالمضاربةالمزارعة
أحكام أخرى
الصدقةالنذرالتقليدالأطعمة والأشربةالوقف
روابط ذات صلة
الفقهالأحكام الشرعيةالرسالة العمليةالتكليفالواجبالحرامالمستحبالمباحالمكروه


تعدد الزوجات، بمعنى زواج الرجل بأكثر من زوجة واحدة، وهو من الأمور التي تُبحث في الشرع الإسلامي حيث أبيح فيه للرجل أن يتزوج بأكثر من امرأة واحدة ولا يزيد على أربع زوجات بالعقد الدائم، ويُشترط فيه القسمة بالعدل في المبيت بين الزوجات، ويترتب عليه بعض الأحكام الشرعية الأخرى مثل: اشتراك الزوجات في ميراثهن من الزوج بالثُمن إذا كان له ولد، والرُبع إذا لم يكن له ولد يقتسمنه بينهن بالسوية.

ويعتبر حكم تعدد الزوجات من الأحكام التي أمضاها الإسلام والتي كانت موجودة في الشرائع السابقة، والمنتشرة بين المجتمعات الإنسانية، واستدل عليه بالقرآن والروايات والسيرة القطعية للمتشرعة.

إن إباحة الإسلام لتعدد الزوجات بشروط خاصة بسبب الفوائد المترتبة عليه على مستوى الأفراد والمجتمع، نظراً لاختلاف الناس رجالاً ونساءاً في القدرات الجسمية والجنسية والنفسية وحاجة البعض للتعدد.

لقد أوردَ بعض الكُتّاب انتقادات على هذا الحكم، وقد رد على هذه الانتقادات الكثير من علماء ومفكري الإسلام.

تاريخه

إنَّ تعدد الزوجات من السنن المنتشرة والمشهورة بين المجتمعات البشرية وكانت في بعض المجتمعات تُعدُ ضرورة حيوية تكاد تكون واجباً أخلاقياً،[١] فقد كانت سنة تعدد الزوجات من السنن المنتشرة في الكثير من الحضارات كما في: إيران، الصين، الهند، ومصر، وكذلك الحال في الشرائع السابقة كما في شريعة موسىعليه السلام.[٢]

في الكتاب المقدس

لقد جاءت التوراة مبيحة لتعدد الزوجات دون أن تحدد عدداً معيناً، وكانت تذكر الأنبياءعليهم السلام الذين عددوا الزوجات من غير قدر محدود كما تذكر غيرهم،[٣] وقد ورد في التوراة: (فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَأَخَذَ مَحْلَةَ بِنْتَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أُخْتَ نَبَايُوتَ، زَوْجَةً لَهُ عَلَى نِسَائِهِ).[٤]

في العهد الجديد

لم يرد في المسيحية نص صريح بمنع تعدد الزوجات، ولا يوجد في الأناجيل نص على المنع، بل في بعض رسائل بولس ما يفيد أن التعدد جائز، فقد قال: (يلزم أن يكون الأسقف زوجاً لزوجة واحدة)، ففي إلزام الأسقف واحدة بذلك دليل على جوازه لغيره، وقد ثبت تاريخياً أن بين المسيحيين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من واحدة، وفي آباء الكنيسة الأقدمين من كان لهم كثير من الزوجات.[٥]

تعدد الزوجات في الإسلام

كتاب تعدد الزوجات بين العلم والدين للشيخ عبد المحسن علي أبو عبد الله

استدل الفقهاء على مشروعية تعدد الزوجات بالقرآن،[٦] والسنة،[٧] وإجماع فقهاء المسلمين وسيرتهم القطعية،[٨] وأهم آية استدل بها على الحكم الآية الثالثة من سورة النساء، والمشهور بين المفسرين استدلوا بمفهوم الآية على جواز تعدد الزوجات.[٩]

استدلال الفقهاء

أول من استدل على حكم تعدد الزوجات هو الشيخ الطوسي في القرن الخامس الهجري حيث اكتفى الفقهاء قبله بالإفتاء بجوازه فقط بدون الاستدلال،[١٠] وأضاف العلامة الحلي بعد الشيخ الطوسي بالإضافة للإجماع والسنة دليلا آخر وهو الاستدلال بالآية الثالثة من سورة النساء: ﴿فَانکحُوا مَا طَابَ لَکم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَیٰ وَثُلَاثَ وَرُ‌بَاعَ.[١١][١٢]

الحكمة من تشريعه

لقد ذكر العلماء والمفكرون الإسلاميون الكثير من الحِكم لتشريع تعدد الزوجات؛ وذلك للحاجة الملحة لتشريع هذا الحُكم، ومنها:

  • إنَّ عدد الذكور غالبا في أكثر المجتمعات أقل من الإناث لعدة أسباب، ومنها: موت الذكور أكثر من الإناث بسبب مخاطر العمل، والحروب.
  • إنَّ لدى بعض الرجال حاجة حقيقية لتعدد الزوجات لقوة الغريزة الجنسية، فإذا مُنع من التعدد وقع في الحرام.
  • إنَّ الإسلام حكم بجواز تعدد الزوجات لا بوجوبه إلا إذا علم الفرد بالوقوع في الحرام بدونه.[١٣]

تحديد الزوجات بأربع

ذكر بعض الفقهاء المعاصرين من فقهاء أهل السنة بإنَّ الحكمة من تحديد الزوجات بأربع لا بأكثر ولا أقل؛ لأنَّ هذا يحقق أقصى قدرات وغايات بعض الرجال، وتلبية رغباتهم وتطلعاتهم مع مرور كل شهر؛ بسبب طروء العادة الشهرية بمقدار أسبوع لكل واحدة منهن، ثم إنَّ في الزيادة على الأربع خوف الجور عليهن بالعجز عن القيام بحقوقهن؛ لأنَّ الظاهر أنَّ الرجل لا يقدر على الوفاء بحقوقهن.[١٤]

شروطه

ذكر الفقهاء شروطا لتعدد الزوجات، وهي:

العدالة

اتفق العلماء على اشتراط العدالة بين الزوجات اعتماداً على قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا،[١٥] فقد استفاد الفقهاء والمفسرون من هذه الآية بقوله (ذٰلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا) فهي صريحة في أنَّ أحكام الزواج مبنية على العدالة وعدم التجاوز على حقوق الآخرين، وذهب المفسرون إلى أنَّ المقصود من العدالة في أحكام الزواج بمعنى المبيت فقط وغير شامل لغيره من باقي مستلزمات الحياة الزوجية.[١٦]

القدرة المالية والجنسية

اشترطت المتون الفقهية والمصادر الروائية لتعدد الزوجات القدرة المالية للرجل من أجل تأمين نفقات زوجاته، وكذلك يشترط القدرة الجنسية بمواقعة زوجاته، ولكن لو لم يكن الرجل قادراً على أحدهما وكان هذا سبباً للعسر والحرج على الزوجات ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة مثل هذا الزواج وفي بعض الموارد يكون حراماً.[١٧]

بعض أحكامه

ذكر الفقهاء عدة أحكام لتعدد الزوجات، ومنها:

حق المبيت

قال الفقهاء: لا يجب القسمة ابتداء مع تعدد الزوجات بالمبيت، ولكن إذا بات عند إحداهن ليلة من أربع ليال وجب المبيت عند الأخرى ليلة منها،[١٨] والواجب في المبيت هو المضاجعة[ملاحظة ١]دون المواقعة.[١٩]

إرث الزوجات

قال الفقهاء: إذا مات الرجل وترك أكثر من زوجة واحدة اشتركن في نصيب الزوجية، فإن لم يكن للرجل ولد أو حفيد اشتركت زوجاته في ربع التركة، وإذا كان له ولد أو حفيد اشتركن في الثمن، واقتسمن النصيب بينهن بالتساوي.[٢٠]

حرمة الزواج من زوجة خامسة

ذكر الفقهاء في استيفاء عدد الزوجات عدة أحكام، ومنها:

  • لا تجوز الزيادة في العقد الدائم على أربع زوجات.
  • من كانت عنده أربع زوجات وطلّق واحدة رجعياً فلا يجوز له الزواج بالخامسة إلا بعد انتهاء العدة.[٢١]

الإشكالات حوله

ذكر السيد الطباطبائي مجموعة من الإشكالات التي ذكرها البعض حول تشريع تعدد الزوجات، وأجاب عنها، ومنها:

إنَّ تعدد الزوجات يُثير في نفوس النساء حس الانتقام فيهملن أمر البيت ويتثاقلن في تربية الأولاد، ويقابلن الرجال بمثل ما أساءوا إليهن فيشيع الزنا والسفاح والخيانة، مما ينعكس سلباً على المجتمع.
جوابه: إنَّ الإسلام شرّع أحكامه على أساس الصلاح العقلي في السنن الاجتماعية دون ما تهواه الإحساسات والعواطف، والتربية الدينية في الإسلام تقيم المرأة الإسلامية مقاماً لا تتألم بأمثال ذلك عواطفها، نعم المرأة الغربية حيث اعتادت منذ قرون بالوحدة ولقنت بذلك جيلاً بعد جيل استحكم في روحها عاطفة نفسانية تضاد التعدد.[٢٢]

الهوامش

  1. ديورانت، قصة الحضارة، ج 13، ص 43.
  2. مونتسكيو، روح الشرائع، ج 1، صص 627 - 633.
  3. فرحات، تعدد الزوجات في الأديان، ص 11.
  4. سفر التكوين: الإصحاح 28، الفقرة 9.
  5. السباعي، المرأة بين الفقه والقانون، صص 60 - 61.
  6. النور: 32 - 33.؛ النساء: 3.
  7. المجلسي، بحار الأنوار، ج‌ 100، ص 218.؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج‌ 20، ص 14.؛ الفيض الكاشاني، الوافي، ج‌ 21، ص 34.؛ الحر العاملي، هداية الأمة إلى أحكام الأئمة - منتخب المسائل، ج 7، ص 66.
  8. النجفي، جواهر الكلام، ج‌ 30، ص 2.
  9. المفيد، المقنعة، ص 517.
  10. الطوسي، الخلاف، ج‌ 4، ص 294.
  11. النساء: 3.
  12. العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ص 638.
  13. الصدر، ما وراء الفقه؛ ج‌ 6، ص 157 - 159.
  14. الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ج 7، ص 167.
  15. النساء: 3.
  16. الشيرازي، الأمثل، ج 3، صص 90 - 91.
  17. النجفي، جواهر الكلام، ج‌ 29، ص 35.
  18. الخوئي، منهاج الصالحين، ج 2، ص 281.
  19. الأيرواني، دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي على المذهب الجعفري‌، ج 2، ص 376.
  20. البصري، كلمة التقوى، ج‌ 7، ص 326.
  21. الأيرواني، دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي على المذهب الجعفري، ج‌ 2، ص 350.
  22. الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 4، ص 184 - 191.

ملاحظة

  1. وهي أن ينام معها «الزوجة» قريباً منها عادة معطيا لها وجهه دائماً أو أكثرياً بحيث لا يعدّ هاجراً وان لم يتلاصق الجسمان. العاملي، الاصطلاحات الفقهية في الرسائل العملية‌، ص 204.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الكتاب المقدس.
  • الأيرواني، باقر،‌ دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي على المذهب الجعفري‌، قم – إيران، ط 2، 1427 ه‍.‌
  • البصري، محمد أمين، ‌كلمة التقوى، ‌قم- إيران‌، الناشر: السيد جواد وداعي، ط 3، ‌1413 ه‍.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، هداية الأمة إلى أحكام الأئمة - منتخب المسائل‌، مشهد- إيران‌، الناشر: مجمع البحوث الإسلامية‌، ط 1، 1412 ه‍..
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم - إيران، مؤسسة آل البيتعليهم السلام لإحياء التراث، ط 1، 1409 هـ.
  • الخوئي، أبو القاسم، منهاج الصالحين، قم - إيران، نشر مدينة العلم، ط 28، 1410 هـ.
  • الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق - سوريا، الناشر: دار الفكر، ط 2، 1405 هـ - 1985 م.
  • السباعي، مصطفى، المرأة بين الفقه والقانون، بيروت - لبنان، الناشر: دار الوراق، ط 7، 1420 هـ - 1999 م.
  • الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل‏، قم - إيران‌، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام، ط 1، 1421 هـ.‏
  • الصدر، محمد، ما وراء الفقه، بيروت – لبنان، دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1420 ه‍.
  • الطباطبائي، محمد حسين‏، الميزان في تفسير القرآن‏، قم - إيران، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي‏، ط 5، 1417 ه‍.
  • الطوسي، محمد بن الحسن‌، الخلاف‌، تحقيق وتصحيح: علي الخراساني- جواد الشهرستاني- مهدي طه نجف- مجتبى العراقي، قم - إيران‌، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1407 هـ.
  • العاملي، ياسين عيسى،‌ الاصطلاحات الفقهية في الرسائل العملية،‌ بيروت – لبنان، ‌الناشر: دار البلاغة للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1413 ه‍.
  • الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي، أصفهان – إيران، كتابخانه امام امير المؤمنين عليعليه السلام، ط 1، 1406 ه‍.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهارعليهم السلام، بيروت – لبنان، مؤسسة الطبع والنشر‌، ط 1، 1410هـ.
  • المفيد، محمد بن محمد، المقنعة‌، قم - إيران‌، الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، ط 1، 1413 هـ.
  • النجفي، محمد حسن‌، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام‌، تحقيق وتصحيح: عباس قوچاني- علي آخوندي، بيروت - لبنان‌، الناشر: دار إحياء التراث العربي‌، ط 7، 1404 ه‍.
  • ديورانت، ويليام جيمس، قصة الحضارة، تقديم: الدكتور محيي الدين صابر، ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمود وآخرين، لبنان / تونس، الناشر: دار الجيل، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1408 هـ - 1988 م.
  • فرحات، كرم حلمي، تعدد الزوجات في الأديان، القاهرة - مصر، الناشر: دار الآفاق العربية، ط 1، 1422 هـ - 2002 م.
  • مونتسكيو، شارل لوي دي سيكوندا، روح الشرائع، ترجمة: عادل زعيتر، القاهرة - مصر، الناشر: كلمات عربية للترجمة والنشر، د.ت.