الكوثر
الكوثر، من المفردات القرآنية، وهو اسم لإحدى السور القرآنية أيضاً، كما يُعدّ أحد ألقاب السيدة فاطمة الزهراء، ومعناه الخير الكثير الذي أُعطي للنبي محمد، وأنّ أبرز هذه المعاني هو (كثرة الذرية)، أي: نسل رسول الله الذي لا يكون ولا ينتشر إلا عن طريق سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء.
معاني كلمة الكوثر
كلمة الكوثر التي هي اسم مؤنث عربي يرتبط به معاني كثيرة، تصل إلى 26 معناً- وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على قدسية الاسم، أهمها :
إلى غيرها من الأقوال، لكن جميع ما قيل يندرج تحت عنوان الكوثر الذي هو الخير الكثير، و مما يؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس أنّه قد فسّر الكوثر بالخير الكثير، فقال له سعيد بن جبير، فإنّ أُناساً يقولون هو نهر في الجنة، فقال: هو من الخير الكثير.[١] وقال في المجمع: الكوثر (فوعل) هوالشئ الذي من شأنه الكثرة، والكوثر الخير الكثير.[٢] وورد في تفسير الأمثل: (الكوثر ): من الكثرة، وبمعنى الخير الكثير، ويسمى الفرد السخي كوثرا.[٣]
قال المراغي: (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) أي إنّا أعطيناك من المواهب الشيء الكثير الذي يعجز عن بلوغه العدّ، ومنحناك من الفضائل ما لا سبيل للوصول إلى حقيقته، وإن استخفّ به أعداؤك واستقلوه، فإنما ذلك من فساد عقولهم، وضعف إدراكهم.[٤] وكل المعاني المختلفة التي ذكرت، إنّما تبين لنا المصاديق البارزة لمعناه الواسع وهو( الخير الكثير).
الكوثر في القرآن
جاءت كلمة الكوثر في القرآن تحديدا في سورة الكوثر، وبشأن سبب نزول هذه السورة المباركة، فقد ذكر المفسرون بأنها نزلت لتثبت حقيقتين، الأولى: تقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره الله لنبيه صل الله عليه آله. والثانية: حقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه.
أورد جلال الدين السيوطي في دره المنثور: عن ابن عباس قال: كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، القاسم ثم زينب ثم عبدالله ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية، فمات القاسم وهو أول ميت من ولده بمكة ثم مات عبد الله، فقال العاص بن وائل السهمي، قد انقطع نسله، فهو أبتر، فأنزل الله: ﴿إنّ شانئك هو الأبتر﴾.[٥]
في رواية أخرى: أنّ النبي صلى الله عليه وآله مرّ - وهو آتٍ من جنازة ولده القاسم - على العاص بن وائل، وابنه عمرو، فقال حين رأى رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لأشنؤه فقال العاص بن وائل: لاجَرَمَ لقد أصبح أبتر، فأنزل الله: ﴿إنّ شانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾.[٦] وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كانت قريش تقول: إذا مات ذكور الرجل: بتر فلان، فلما مات ولد النبي صلى الله عليه وآله قال العاص بن وائل: بتر.[٧] أي النبي صلي الله عليه واله، فنزلت السورة.
وأخرج البيهقي في الدلائل مثله، قال: نزلت في العاص بن وائل وذلك أنّه قال: أنا شانئ محمّد. [٨]
فاطمة الزهراء عليها السلام هي الكوثر
ذكر المفسرون معاني مختلفة للكوثر، كلّ معنى ربما يتناول جانباً مما أعطي للنبي صلى الله عليه وآله. لكن ما تؤيِّده الأخبار، ويطابق ما ورد في سبب نزول السورة، بأنّ المراد من الكوثر كثرة النسل والذرية. قال فخر الدين الرازي في تفسيره: الكوثر أولاده، قالوا: لأن هذه السورة إنّما نزلت رداًعلى من عابه عليه السلام بعدم الأولاد، فالمعنى أنه يعطيه نسلاً يبقون على مر الزمان، فانظر كم قتل من أهل البيت، ثم العالم ممتلئ منهم، ولم يبق من بني أمية في الدنيا أحد يعبأ به، ثم انظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام والنفس الزكية وأمثالهم.[٩] وجاء هذا المعنى في تفسير روح المعاني، وقيل: هو أولاده صلى الله عليه وآله لأنّ السّورة نزلت رداً على من عابه صلى الله عليه وآله وهم والحمد للّه كثيرون قد ملؤوا البسيطة.[١٠]
وقال العلامة صاحب الميزان بعد نقله الأقوال في معنى الكوثر وأنّها تبلغ إلى ستة وعشرين: وكيفما كان فقوله في آخر السورة ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ وظاهر الأبتر هو المنقطع نسله وظاهر الجملة أنّها من قبيل قصر القلب إن كثرة ذريته صلى الله عليه وآله هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وآله، أو المراد بها الخير الكثير وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ خاليا عن الفائدة.[١١]
ولعل هذا الرأي هو الراجح من بين الأقوال - التي ذكرت في التفاسير -، و أكثرها انسجاما لكثرة الروايات التي تقول: أنّ سبب نزول السورة؛ إنما جاءت رداً على تعيير النبي صلَّى الله عليه و آله بعدم استمرار نسله، فنزلت الآية لكي تبين في الحقيقة، أمرين:
- الأول: الظاهر من كلمة ﴿إنّا أعطيناك الكوثر﴾ هو أنّ الله عَزَّ وجَلَّ سَيرزُقُ النبي صلى الله عليه وآله من بركة هذه البنت الطاهرة نسلاً في غاية الكثرة، لا ينقطع إلى يوم القيامة، وإن اسمه صلَّى الله عليه وآله سيبقى حياً ومتألقاً على مرِّ العصور.
- الثاني: الأعظم من هذا الظاهر، هو إنا أعطيناك نعمة عظمى لا تقدر ولاتقاس بها النعم الأخرى؛ وهي فاطمة الزهراء، حلقة الوصل بين النبوة والإمامة، فهي كوثر في اسمها، وهي كوثر في خلقها وخلقها، وهي كوثر في تضحيتها وفداءها وعطاءها، بل هي كوثر في كل شيء، فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حية.[بحاجة لمصدر]
ذريتها في العالَم
إطلالة سريعة حول العالم لنرى الأعداد الكبيرة الهائلة لذرية رسول الله صلّى الله عليه واله، المنتشرة في كل ربوع العالم. شاءت قدرة الله وحكمته أن يكون امتداد نور النبي الأعظم صلى الله عليه وآله منطلقة من بضعته الزهراء، وعلي وذريتهما الطاهرة من أبنائهم الحسن و الحسين عليهم السلام. ورد عن االنبي صل الله عليه واله ( أنا شجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها...).[١٢] وفي رواية ( خلق الناس من أشجار شتى، وخلقت أنا وعلي بن أبي طالب من شجرة واحدة، فما قولكم من شجرة أنا أصلها، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها... )[١٣]وهكذا كان نسل علي وفاطمة نسلا مباركا للنبي، وهكذا كان أبناء الحسن والحسين جميعهم من السادة، الذين ترجع أصولهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن هذه السلالة المحمدية الطيبة ولم تنقطع في أيّ وقت من الأوقات، بل إنّها منتشرة في كل بقاع الأرض، وإليك بعض الدول التي تتواجد فيها:
في بلد المغرب الأقصى أعداد كبيرة ربّما تبلغ خمسة ملايين من السادة، وأصولهم ترجع إلى وقت مُوغِل في القِدم، ففي سنة 172 هـ حدثت ثورة في المغرب قادَها إدريس بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام، وأدريس هو الأخ الصغير لمحمد بن عبدالله بن الحسن النفس الزكية المستشهد سنة 145 هـ، وأسّس (دولة الأدارسة)، وكثر نسله ونسل أخيه في المغرب، وما يزالون بأعداد كبيرة حتّى الآن.
في هذا البلد أُسَر كبيرة تحمل لقب ( الحبشي ) وأسرة ( العلَوي ). ولهم طيلة التاريخ احترامهم الخاص، وهم يشغلون أغلب المناصب العليا في أجهزة الدولة.ومنهم أسرة ( باكثير ). ومن هذه الأسرة الأخيرة الأديب الشاعر المسرحي المعروف ( علي أحمد باكثير ) الذي استوطن مصر وأبدع آثاره الأدبية باللغة العربية. هذا، وربّما بلغ عدد السادة في اندونيسيا وحضرموت مئات الآلاف.
بين زيديّة اليمن أُسَر عديدة من أبناء الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السّلام كان أسلافهم قد أقاموا في اليمن قبل حوالي 1200 سنة.
حَكمَ شرفاء مكة هذه المدينة مدةً تربو على ألف سنة، وهم من ذريّة الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السّلام. وآخر أمرائهم: الشريف حسين والد الملك فيصل ملك العراق والملك عبدالله ملك الأردن في السابق. وعند ساحل العَقَبة في ( يَنبُع ) أُسر من السادة الحسنيّين. وفي ( مَدْين ) سادة يُعرفون بالنخاولة. وفي مكّة والمدينة أعداد كبيرة منهم.
وفي مصر حوالي خمسة ملايين أغلبهم من ذرية الامام الحسن والحسين. وفي مدينة أسوان، طائفة كبيرة باسم ( الجعافرة ) يمتازون بالقوّة والشجاعة ويحظون باهتمام الحكومة، وهؤلاء يَرَون أنهم من ذريّة الإمام جعفر الصادق عليه السّلام. وفي الساحل المقابل لأسوان جزيرة أغلب سكّانها من الجعافرة، ومن هؤلاء الكاتب المعروف: عباس محمود العقّاد.
في السودان قبائل من السادة منتشرة في هذه الديار، من بينها أسرة ( المير غني ) الكبيرة. وينسب أفراد قبيلة المهدي السودانيّ أنفسهم إلى أهل البيت عليهم السّلام، وما يزال موضع احترام من قبل أهل هذا البلد وهم يذكرون مقاومته للمستعمر. أبرز أفراد هذه القبيلة اليوم هو الصادق المهدي الذي له مريدون يلتفّون حوله، وهو رئيس حزب الأمّة السودانيّ، وقد تسنّم منصب رئيس الوزراء عدة مرات.
منذ القديم يعيش في هذه البلدان كثير من الأُسر العلوية شيعية وسنية. وفيما بين أفغانستان وإيران توجد كثرة كاسرة من السادة، وكذلك في سَمَرقند وبُخارى وغيرها. وبين سنّة تركيا أعداد جمّة من السادة. و(العلَويّون) في تركيا كانوا في الأصل من الشيعة الاثني عَشَريّة، ويُعَدّون اليوم فرقة منفصلة.
وفي الهند والباكستان سادة رضوية ونَقَويّة. ومن بينهم العلماء والشخصيات المرموقة، من هؤلاء: (سر سيد أحمد خان) مؤسس جامعة عليگره الإسلامية. وتكثر في هذين البلدين الأُسر العلَوية كثرةً واضحة، إذ يصل عددهم إلى حوالي 10 ملايين يعتنقون مذهب أهل البيت عليهم السّلام. وتمتاز في هذه الديار وفرة الألقاب المنتسبة إلى أئمّة أهل البيت مباشرة، يقول البروفسور ( عابدي ) أستاذ جامعة دلهي وجامعة عليگره: نحن أُسَر عديدة لكلّ منها لقب خاص.. فنحن اتّخذنا لقب ( العابدي )، وبعضها اختار لقب ( زين العابديني )، وبعضها يُعرف بلقب ( السجّادي). وفي كشمير سادة محترمون، فيهم الوجهاء والعلماء والتجّار. وفي كربلاء والنجف بالعراق اشتهرت بلقب ( الكشميري ).
ذكر مؤلف كتاب ( حاضر العالم الإسلامي ):أنّ السيّد شمس الدين قد أقام في القرون السابقة في الصين ونشر الإسلام هناك. والسيّد شمس الدين ما يزال يُعدّ - في نظر مسلمي الصين - أهم شخصية دينية وسياسية، ويقال إنّه توجّه في القرن السابع من بخارى إلى الصين، وما تزال أسرته تسكن إلى الآن في محلّة ( ناجاين ) في هذه المقاطعة، ويبلغ عددهم حوالي 20 ألف نسمة. وقد خلف شمسَ الدين ولدُه ( ناصر الدين ) الذي كان من أولاده مَن حكم هذه المقاطعة. ويلاحظ أنّ من أسماء المسلمين هناك تبدأ بـ ( نا ) المأخوذة من اسم (ناصر الدين) هذا، وتقام في تلك المنطقة مراسم العزاء الحسيني، وتحتفل النساء المسلمات هناك احتفالات رائعة بذكرى ولادة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام.
كتب المرحوم آية الله السيّد المرعشي النجفي في ختام كتاب (حياة أبي الفضل العباس) موضوعاً يتّصل بأعقاب أبي الفضل عليه السّلام وذراريه، فقال: ويعيش في اليونان أسرة كبيرة من أولاد العباس عليه السّلام.
وفي إيران والعراق حوالي خمس ملايين من السادة. وهناك في إيران أُسر مشتهرة بإضافة لفظة ( مِير ) إلى ألقابها، مثل: مير سپاسي، ومير مغربي، ومير فِندِرسكي، وميرداماد، وجدّهم الأعلى هو السيّد أمير جائي. وفي مدينة مشهد المقدسة أُسر من السادة، منها: السادة (الرضوية ). ومنها: أسرة (شهيدي) من أبناء الميرزا مهدي شهيدي أحد تلاميذ الوحيد البهبهاني، ويتّصل نسبه بـ ( شاه نعمة الله ولي ) الذي تُعزى إليه الطريقة الصوفيّة الكبيرة المعروفة باسم (الطريقة النعمة اللهيّة)ومنها: (حسني ) و( السجّادي ) وسواها كثير. وفي قم أُسر السادة (الرضوية) و(البرقعيّة) من أبناء موسى المبرقع ابن الإمام محمد الجواد عليه السّلام. وفي إصفهان هناك أُسرة: العاملي التي منها المرحوم آية الله خادمي، وأسرة الرَّوضاتي أعقاب السيّد محمّد باقر مؤلف كتاب ( روضات الجنّات )، والميردامادي من أخلاف الفيلسوف الشهير محمد باقر الاسترآبادي المشتهر بـ ( الميرداماد )، والأبطحي، والبهشتي، والتنوابي أسرة سلطان العلماء، والميرفندرسكي ذريّة السيد الميرفندرسكي، والميرلوحي. وينتشر السادة أيضاً في شيراز وكرمان ويزد وشوشتر وخوزستان.وتقطن في طهران أُسر السادة أخَوان، والسادة المشتهرين بلقب: الجزائري، والطباطبائي، والإمامي، والبهبهاني، والشيرازي. وغيرها من الأسر الكثيرة. وكل هذه الأسر لها جذورها في العراق.[١٤]
ذريتها عليها السلام من الملوك والأُمراء
دائما ما يمتاز السادة الشرفاء بالقيادة والسيادة والصدارة بصورٍ شتّى وبمعالم متنوّعة، إذ نجد منهم العلماء، والأمراء والملوك والنقباء، وغيرهم من الشخصيات البارزة في التاريخ.ومن تلك الأسر التي حكمت قرونا، هي:
- الأدارسة: تولّت الأسرة الإدريسية حكم المغرب منذ سنة 173 هـ. وكان مؤسّس هذه الدولة: إدريس الأوّل بن عبدالله المحض بن الحسن المثنّى بن الحسن بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
- بنو حمود: حكموا الأندلس ( اسبانيا الحاليّة ) وقد حكم تسعة أمراء، منهم ( مالقة ) في الساحل الجنوبي الشرقي للأندلس، منذ عام 407 هـ إلى عام 449 هـ.
- الموحدون: أيضا حكموا المغرب طيلة سنين.
- السنوسية: حكموا ليبيا. وكان مؤسسها: السيّد محمد بن علي السنوسي الكبير.
- الفاطميون: حكمت الأسرة الفاطمية مصر وأجزاءً من إفريقية الشرقية ما بين سنة 297 و567 هـ. والفاطميون، هم من ذريّة إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام.
- الزيدية: وفي اليمن عدّة أُسَر من أئمّة الزيدية، امتدّت إمامة أئمّة الرسّ منهم من سنة 280 هـ إلى حوالي سنة 700 هـ. وتُنسَب هذه الأسرة إلى مؤسسها ( القاسم بن الحسن الرسّي).
وقد بدأ حكم أئمّة صنعاء منذ حوالي سنة 1000 هـ، واستمرّ إلى ما قبل انقلاب عبدالله السلاّل الذي أطاح بحكم أئمّة اليمن عام 1962م.
- الحسنيون: تولّى الشرفاء الحَسَنيون الإمارة (في الحجاز ) قروناً متمادية تبلغ حوالي ألف سنة. حتّى آل الأمر إلى آخرهم الشريف حسين الذي أُطيح به على أثر التحالف الوهابيّ، الانكليزي.
- الخضرية: وفي شبه القارّة الهندية تولّى الحكمَ السادةُ الخضرية في منطقة البنجاب وأطراف دلهي، ثمّ في الملتان ولاهور أيضاً، ودام حكمهم حوالي أربعين سنة ( 817 ـ 855 هـ ). وقد تولى الحكم من هذه الأسرة أربعة، أوّلهم السيّد خضر خان الذي سُمّيت الأسرة باسمه، وآخرهم علم شاه.
حكمت في إيران أُسَر من السادة ( الشرفاء ) في أزمنة شتّى، منهم:
- علويوا طبرستان: حكموا طبرستان، وهم من السادة الحُسَينيّين، مؤسسهم هو: الحسن بن زيد الداعي.
- القواميون المرعشيّون: حكموا مازندران من سنة 760 هـ إلى سنة 1005 هـ. مؤسّسها: قوام الدين بن السيّد صادق المرعشي المعروف بـ ( مِير بوزورك )
- المشعشعيون: وفي جنوب إيران حكم السادة المُشَعشعيّون سنوات عديدة. مؤسس هذه الأسرة: السيّد محمد المشعشعي.
- آل كيا: قامت إمارة آل كيا في گيلان، واتخذت من ( لاهيجان ) حاضرةً لها، وذلك من سنة 760 هـ إلى سنة 999 هـ.
- الصفوية: والأسرة التي حكمت إيران منذ سنة 907 هـ إلى سنة 1145 هـ (الصَّفَوية)وهم من نسل الإمام موسى الكاظم عليه السّلام. حكم من هذه الأسرة أحد عشر حاكماً، رأس هذه الأسرة الحاكمة هو الملك إسماعيل الصفوي، أمّا آخر حكّامهم فهو السلطان حسين.[١٥]
معجزة الكوثر
ذكرت السورة المباركة التي لاتتجاوز عن ثلاثة آيات، ثلاث نبوءات هامة:
- صدق نبوّة سيدنا محمد. حيث اتهم أقطاب الكفر الجاهلي في مكة، رسول الله صلى الله عليه واله بالإفك والكذب، ظلما وعدوانا، وهذه النقطة ذريعةً لمحاربة النبي صلي الله عليه وآله ورسالته الإلهية.
فنزلت ( سورة الكوثر ) لتقول: إنّ رسول الله مُنزّه عن هذه الصفة التي أُثيرت حوله، وأنّه الصّادق المصدق، الذي (ماينطق عن الهوى * إن هو إلاوحي يوحى ). [١٦]
- كثرة الذرية - على الرأي الراجح، الذي يأخذ بنظر الاعتبار شأن النزول وكلمة (الأبتر) التي أطلقها أعداء الدين – والسلالة الطيبة التي تفرعت من ابـنـتـه الـوحيدة (فاطمة الزهراء), وانتشرت في سائر أنحاء العالم. قال الرازي: إنا إذا حملنا الكوثر على كثرة الأتباع أوعلى كثرة الأولاد وعدم انقطاع النسل كان هذا إخبارا عن الغيب، وقد وقع مطابقا له، فكان معجز.[١٧]
- أخبر الله أنّ أعداءه سيكونون (مبتورين), وبلاعقب, وتحققت هذه النبوءة, حيث لم يبق لهم أثر في هذا اليوم. يـقول الالوسي في روح المعاني: (الأبتر) هوالذي لاعقب له, حيث لايبقى منه نسل ولاحسن ذكر, وأمّا أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة.[١٨]
وقد تحقق هذا التنبؤ في أعداء النبي صل الله عليه واله، ولم يبق لهم ذكر يؤثر, ولا أبناء معروفون. إنّ هذه السورة كشفت اللثام عن هذا المعجزات، وأنا متيقن، أنّ هناك إعجازات أخرى فيها لم تكتشف لحدالآن.
الهوامش
- ↑ الطبرسي،تفسير جوامع الجامع، ج 3، ص 856.
- ↑ الطبرسي، تفسير مجمع البيان، ج 10، ص 835.
- ↑ الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 498.
- ↑ المراغي، تفسير المراغي، ج 30 ص 253.
- ↑ السيوطي، الدرالمنثور في التفسير بالمأثور، ج 10، ص 707.
- ↑ الطباطبائي، تفسيرالميزان، ج 20، ص 431.
- ↑ الرازي، تفسيرالقرآن العظيم، ج 10، ص 333.
- ↑ السيوطي، لباب النقول، ص 217.
- ↑ الرازي، تفسير مفاتيح الغيب، ج 32، ص 124.
- ↑ الألوسي، تفسير روح المعاني، ج 30، ص 245.
- ↑ الطباطبائي، تفسيرالميزان، ج 20، ص 370.
- ↑ الشيخ المفيد، الأمالي، ص 245.
- ↑ الطبري،بشارة المصطفى، ص 76.
- ↑ انظر: مصادر الدراسة الأدبية: يوسف أسعد داغر. فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: محمد كاظم القظويني، ص 86 ،87.
- ↑ انظر: موسوعة دول العالم الإسلامي ورجالها: شاكر مصطفى، ج 1708:3، مصادر الدراسة الأدبية: يوسف أسعد داغر.
- ↑ النجم : 3 و 4.
- ↑ الرازي، التفسيرالكبير، ج 32، ص 128.
- ↑ الألوسي، تفسير روح المعاني، ج 30، ص 247.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الألوسي، شهاب الدين البغدادي، تفسير روح المعاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- الرازي، عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس، تفسير القرآن العظيم، مكة المكرمة، مكتبة نزار مصطفى الباز، د.ت.
- فخر الدين الرازي، محمد بن عمر، فاتيح الغيب او التفسير الكبير، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1401 هـ.
- السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، القاهرة، مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية، ط 1، 1424 هـ.
- المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، الأمالي، قم، دار المفيد، ط 1، 1431 هـ.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 2002م.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1417 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن حسن، تفسير جوامع الجامع، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1421 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، د.ت.
- الطبري، محمد بن أبي القاسم، بشارة المصطفى لشيعة المرتضى، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1420 هـ.
- المراغي، أحمد مصطفى، تفسير المراغي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.