مسودة:خاتم النبوة

خاتَم النبوّة أو شامة النبوة، هي علامة بين كتفَي النبي محمد كانت تُعدّ دليلاً على نبوّته. ووفقاً للروايات، ظهرت هذه العلامة على هيئة نتوءٍ لحميّ أو شامة، وقد رآها بعض الأشخاص في مراحل مختلفة من حياة النبي؛ منهم يوسف اليهودي عند ولادة النبي، وسلمان الفارسي عند إسلامه، وبحيرا الراهب في طفولة النبي.

وقد اعتبر العُرفاء هذه العلامة رمزاً يتجاوز ظاهرها، دالّاً على الفتوحات الغيبية والحقائق التكوينية للعالم، فيما عدّها المحدّثون من أهل السنّة معجزة، ونقلوا تفاصيلها.

الأهمية والتعريف

يُعدّ خاتَم النبوّة من معجزات النبي محمد ومن علامات نبوّته المذكورة في التوراة. وقد أكّدت مصادر الشيعة على أصل وجوده، بينما نقلت مصادر أهل السنّة تفاصيله. ومن المحدّثين السنّة الذين أفردوا باباً لوصفه: الترمذي في «الشمائل النبوية»، والبيهقي في «دلائل النبوّة».

وبحسب أحاديث الشيعة والسنّة، كان بين كتفَي النبي(ص) نتوء لحمي عُرفت بخاتم النبوّة، وقد اختفى بعد رحيل النبي. وتذكر رواية أنّ إسرافيل بأمرٍ إلهي وضع خاتم النبوّة بين كتفي النبي، وكان منقوشاً عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقد وردت أوصاف مختلفة لشكل الخاتم في المصادر، فشُبّه أحياناً بالتفاحة، وأحياناً ببيضة الحمامة. كما نقل القطب الراوندي عن مصادر سنّية أنّ هذا الخاتم ثابت بالأخبار المتواترة ومؤيَّد من قِبل الجميع، وأنّ الأنبياء قبل ولادة النبي محمد قد أخبروا به.

رؤية العرفاء

اهتمّ العرفاء بخاتم النبوّة أكثر من غيرهم، وقد أولى بعض العرفاء الشيعة تأويله وتفسيره عنايةً خاصة. فصائن الدين التركة الأصفهاني، العارف في القرن التاسع الهجري، اعتبر ما بين كتفي النبي موضعاً لدخول الفتوحات الغيبية والعلوم الكشفية. أما محمد خواجوي، الباحث في التصوف، فقد عدّ خاتم النبوّة نقشاً إلهياً ورمزاً للأسرار التكوينية، ورأى أنّ فهم حقيقته متوقف على معرفة المبدأ والمعاد للنفوس، والقوس النزولي والصعودي.

مَن رآى خاتم النبوّة

• سلمان الفارسي: كان قد عرف علامات نبوّة محمد(ص) من خلال ما سمعه من أحد الرهبان، وكان يتطلّع لرؤية الخاتم. وفي يومٍ من الأيام، أثناء تشييع جنازة أحد الصحابة، وكان يسير خلف النبي، أدرك النبي نيّته، فكشف عن ردائه وأراه الخاتم وقد أدّى ذلك إلى إسلام سلمان.
• يوسف اليهودي: بحسب ما ورد في تفسير علي بن إبراهيم فإنّ اليهود كانوا يعلمون قبل البعثة بعلامات النبي الموعود، ومنها الخاتم بين كتفَيه. وعند ولادة النبي، رأى يوسف اليهودي الخاتم بين كتفيه فأُغمي عليه، ثم أفاق وأعلن أنّ النبوة قد انتقلت من بني إسرائيل.
• بحيرا: يروي الشيخ الصدوق أنّ بحيرا الراهب، في رحلة النبي إلى الشام وهو ابن ثمان سنوات، رأى خاتم النبوّة بين كتفيه، وأوصى أبا طالب بحمايته من اليهود وسائر الأخطار.
• العباس بن عبد المطلب: بحسب رواية ابن عباس، فإنّ والده العباس رأى خاتم النبوّة على جسد النبي بعد ولادته.

مَن كان على علم بخاتم النبوّة

أخبر سيف بن ذي يَزَن، فاتح الحبشة، عبدَ المطلب بأن غلاماً سيولد في تهامة، وله شامَة بين كتفيه، وأنّ القيادة ستكون له، وأوصاه بحمايته من شرّ اليهود. كما أنّ هرقل، ملك الروم، أرسل أحد رجاله إلى المدينة للتحقّق من علامات النبي، ومنها خاتم النبوّة، فنسي المبعوث ذلك، لكن النبي ذكّره.

رواية ابن عباس حول خاتم النبوّة ونقدها

ورد في روضة الواعظين، رواية رواها ابن عباس عن والده أنّه شهد ولادة عبد الله بن عبد المطلب وولادة محمد ورأى خاتم النبوّة، لكنّه أخفى ذلك، ثم نسيه حتى أسلم. وقد اعتبر السيد جعفر مرتضى، الباحث الشيعي في التاريخ، هذه الرواية موضوعة وتهدف إلى إضفاء فضيلة على العباس. وأوضح أنّ العباس كان أكبر من النبي بسنتين فقط، فكيف يمكن أن يشهد ولادة والد النبي؟ وكيف يمكن أن ينسى ذلك، بل ولا يتذكره حتى بعد بعثة النبي، ثم يتذكره في سنة 8 للهجرة عندما أسلم؟