السند هو مصطلح حديثي يستخدم في علم الحديث وعلم الدراية، وعندما يطلق يراد به سلسلة الرواة الذين نقلوا الرواية، وهو من أهم المسائل العلمية التي يبحث فيها المُتَشرع، لأنّ الحكم عليه بالصحّة أو الضعف هو ما يقرّر قبول الرواية من عدمها.
كما أنّ السند هو جزء موضوع علم الدراية والحديث.
التعريف
قال « الخليل بن أحمد الفراهيدي» في مصنّفه « العين»، السَّنَدُ: ما ارتفع من الأرض في قُبُلِ جبلٍ أو وادٍ، وكلّ شيء أَسْندت إليه شيئا فهو مُسْنَدٌ.[١]
- المعنى الاصطلاحي
اختلفت التعريفات والتفسيرات بين أعلام علم الحديث عند الشيعة والسنّة، فذهب جماعة من أعلام أهل السنة إلى القول بأنّ السند هو نفسه إخبار المخبر، بينما قال علماء الشيعة: أنّ هذا التعريف هو للإسناد لا السند، وقالوا: أن السند هو نفس طريق متن الحديث.
تعريف الشيعة
- قال الشهيد العاملي الثاني، والسند طريقُ المتن.[٢]
- قال المامقاني السند: وهو طريق المتن، وهو جملة من رَوَاه، مأخوذ من قولهم: فلان سَنَدٌ ...أي مُعْتَمَدٌ.[٣]
- وعرّفه الفضلي في كتابه « أصول الحديث»، بأنَه: الطريق الرِوَائِي الذي يُوصِل الحديث من ناقله إلى قائله.[٤]
تعريف السنة
عرّف ابن جَماعة السند في مؤلفه «المنهل»، بأنّه:
- «الإخبار عن طريق المتن، وهو مأخوذ، إمّا من السند وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل لأنّ المُسنِد يرفعه إلى قائله، أو : من قولهم : فلان سَنَدٌ أي مُعتمَدٌ، فسمي الإخبار عن طريق المتن سندًا لاعتماد الحُفّاظ في صحة الحديث وضعفه عليه».[٥]
ثمّ عقب في موضعٍ آخر، قائلا:
- «والمحدّثون يستعملون السند والإسناد لشيء واحد»،[٦] وتبعه في هذا التعريف الطّيبيّ الدمشقيّ في خلاصته، حيث قال:
«السند: إخبار عن طريق المتن، من قولهم فلان سَنَد أي مُعتمد، فسمي سَنَدًا، لاعتماد الحُفّاظ في صحة الحديث وضعفه عليه».[٧]
ردّ المامقاني على هذا القول
لقد ناقش ورَدَّ « المامقاني» هذا القول في مؤلّفه « مقباس الهداية »، حيث قال:
- «أنّ الإخبار إسناد لا سند، ولذا جعل الشهيد الثاني [٨] في [ مصنّفه ][٩] بداية الدراية الأول أظهر [ يقصد التعريف الذي ذكره الشهيد الثاني ][١٠] ؛ لانّ الصحة والضعف إنّما يُنسبان إلى الطريق، باعتبار رُوَاته لا باعتبار الإخبار، بل قد يكون الإخبار بالطريق الضعيف صحيحًا؛ بأن رَوَاه الثّقة الضابظ بطريق ضعيف، فإنّ الإخبار بكون الرُوَاة المذكورين في السند طريقه بنفسه صحيح مع كون الطريق بنفسه ضعيفًا، فما ذَكَرَاه ينبغي أن يكون تفسيرًا للإسناد -الذي هو : رفع الحديث إلى قائله والإخبار عن الطريق- دون السند -الذي هو: نفس الطريق- وإلاّ لَلَزِم اتحاد السند و الإسناد، مع أنّهما غيران ».[١١]
وأعقب قائلا :
أقسام السند
تقسيم الشيعة
قسم الشيعة السند إلى قسمين، العالي والنازل:
- العالي من السند هو: قليل الواسطة إلى المعصوم، مع اتصاله.
- النازل من السند هو: كثير الواسطة، مع اتصاله.[١٣]
مراتب العالي الثلاثة :
- المرتبة الأولى: قرب الإسناد من المعصوم، وهو أجلها وأشرفها.
- المرتبة الثانية: قرب الإسناد من أحد أئمة الحديث.
- المرتبة الثالثة:أن يتقدّم سماع أحد الراويين في الإسنادين على زمان سماع الآخر، وإن اتفق في العدد، أو في عدم الواسطة، والعلو هنا يسمى «العلو النسبي».[١٤]
يبقى هناك قسمين لم يعدّهم أعلام الشيعة من أقسام العالي، وقد ذكرهم « المامقاني»، وردّهم .
- المرتبة الرابعة: العلو المقيّد بالنسبة إلى رواية أحد كتب الحديث المعتمدة، وقد قسّموه إلى أربعة: «الموافقة، الإبدال، المساواة، المصافحة».
- المرتبة الخامسة: تقدّم وفاة راوي أحد السندين المتساويين في العدد على من في طبقته من راوي السند الآخر[١٥]
مراتب النازل: بلحاظ كون النازل يقابل العالي، فيبادله نفس التقسيم، غير أنّه بالخلاف.
تقسيم السنة
قسّم أعلام الدراية والحديث عند أهل السنة السند من جهة قربه من النّبيّ من عدمه، إلى قسمين :
السند العالي:
وهو على مراتب خمسة:
- المرتبة الأولى: وهو أجلّها، القرب من النّبيّ بعدد أقل في إسناد الصحيح .
- المرتبة الثانية: العلو والقرب من إمام من أئمة الحديث، وإن كثر العدد منه إلى النبي .
- المرتبة الثالثة: العلو بالنسبة إلى رواية مصنّف كتاب من الكتب المعتمدة .
- المرتبة الرابعة: العلو بتقدّم وفاة الراوي .
- المرتبة الخامسة: العلو بتقدّم السماع، إمّا من شيخين، أو من شيخ واحد[١٦]
السند النازل:
السند النازل هو: ما يقابل العالي تمامًا، وكذالك يشاركه نفس المراتب ، حسب بعده عن النبي بعدد الوسائط[١٧]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ الفراهيدي، العين، ج 2، ص 862، مادة سند.
- ↑ الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 18.
- ↑ المامقاني، مقباس الهداية في علم الدراية، ج 1، ص 48.
- ↑ الفضلي، أصول الحديث، ص 65.
- ↑ ابن جماعة، المنهل، ص 29 -30.
- ↑ ابن جماعة، المنهل، ص 30.
- ↑ الدمشقي، الخلاصة في معرفة الحديث، ص28.
- ↑ إضافة توضيحية
- ↑ مثل السابق
- ↑ مثل السابق
- ↑ المامقاني، مقباس الهداية في علم الدراية، ج 1، ص 48-49.
- ↑ المامقاني، مقباس الهداية في علم الدراية، ج 1، ص 49.
- ↑ المامقاني، مقباس الهداية في علم الدراية، ج 1، ص 190.
- ↑ الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 29.
- ↑ المامقاني، مقباس الهداية في علم الدراية، ج 1، ص 190-195.
- ↑ ابن جماعة، المنهل، ص 69-70.
- ↑ ابن جماعة، المنهل، ص 70.
المصادر والمراجع
- ابن جماعة، محمد بن ابراهيم، المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي، بيروت، دار الفكر، ط 2، د.ت.
- ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين، لسان العرب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1408 هـ/ 1988م.
- الدمشقي، الحسين بن محمد، الخلاصة في معرفة الحديث، القاهرة، المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، ط 1، 1430 هـ/ 2009 م.
- الشهيد الثاني، زين الدين بن علي العاملي، البداية في علم الدراية، قم، انتشارات محلاتي، ط 1، 1421 هــ.
- الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين، قم، طبع ونشر أسوة، ط 3، 1432 هــ.
- الفضلي، عبد الهادي، أصول الحديث، بيروت، مؤسسة أم القرى، ط 3، 1420 هـ.
- المامقاني، عبد الله، مقباس الهداية في علم الدراية، قم، طبع نكارش، ط 1، 1428 هـ.