المناجاة

من ويكي شيعة
الأدعية والزيارات

المناجاة هي محادثة الإنسان بما في قلبه سرّاً، ومناجاة الله يعني دعاؤه سرّاً في الخلوة. وقد ورد في القرآن الكريم بأشكال مختلفة كناجيتم ونجواكم ونداءً خفيا. وهناك أحاديث في المصادر الروائية تناولت أهمية المناجاة وآدابها وشرائطها، كخشوع القلب واختيار كلمات متناسبة مع حاجة العبد ووقوعها في أوقات الفضيلة كالسحر. والمناجاة تختلف عن الدعاء في كيفية المحادثة مع الله.

وقد اشتهر العديد من مناجيات بعض الأنبياء وأئمة المعصومين عليهم السلام كمناجاة النبي موسى (ع) في جبل الطور أثناء اربعين ليلة ومناجاة النبي داوود (ع) في الزبور والمناجاة الشعبانية والمناجاة الخمسة عشر.

التعريف

المناجاة، هي محادثة الإنسان بما في قلبه سرّاً، حيث لا يطلع عليها إلّا من يوثق به.[١] ومناجاة الله يعني دعاؤه سرّاً في الخلوة.[٢] ويرى بعض أصحاب اللغة أنّ المناجاة هي عرض الحاجة إلى الله مع تحميده، وقد تصحبه التوبة من الذنوب.[٣]

وذهب آية الله مكارم الشيرازي في تفسير الأمثل إلى أنها كلمة مأخوذة من النجوة وهي الأرض المرتفعة التي تنفرد عن غيرها بسبب ارتفاعها، فكذلك تطلق هذه الكلمة على ما فعل الإنسان من الانعزال عن الناس عند المحادثة مع ربه سرّاً.[٤] ولكن بحسب رأي الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان إنّها أخذت من النجوى وهو بمعنى البُعد، حيث تشير المناجاة إلى تباعد المتناجين من غيرهما.[٥]

وبحسب رأي بعض المحققين إنّ المناجاة تختلف عن المناداة؛ إذ لم تستخدم المناداة إلا للبعيد فينادي شخصاً بعيداً ويقول: يا فلان! مع أنّ المناجاة تختص بالقُرب من الشيء،[٦] وعليه تعتبر الصلاة من المناجاة، كما قال النبي(ص): المصلّي يناجي ربه.[٧]

وقد تستخدم المناجاة لإيقاظ الناس عند السحور في شهر رمضان. وأحياناً تتضمن بعض المسائل كالتوبة والابتعاد عن الذنب.[٨]

لم ترد كلمة المناجاة نفسها في القرآن الكريم ولكن أشير إليها في ضمن بعض الآيات مثل كلمتي «نجواكم» و«ناجيتم» في الآية 12 و13 من سورة المجادلة[٩] وعبارة «نداءً خفيا» في الآية 3 من سورة مريم[١٠] وتم تدوين بعض الأبواب في المصادر الحديثية تحتوي على شرائط المناجاة وآدابها وأهميتها، كما تطرقت من خلالها إلى المناجيات المعروفة.[١١]

الفرق بين الدعاء والمناجاة

تختلف المناجاة عن الدعاء في كيفية حال العبد حين التحدث مع ربه، حيث إنّ المناجاة تستعمل في مقام يتطلب محادثة هادئة وخاصة كالاعتراف بالذنوب أو شدة الحب، بينما يأتي الدعاء بمعنى النداء والدعوة وطلب المساعدة علناً.[١٢]

الآداب

إنّ للمناجاة آداباً وردت في المصادر الروائية، ومنها:

  • اختيار أفضل اوقاتها وهي الأسحار كما أشير إليها في بعض التفاسير من خلال بعض الآيات في القرآن الكريم مثل الآية 142 من سورة الأعراف،[١٣] والآية 64 من سورة الفرقان،[١٤] والآية 16 من سورة السجدة.[١٥]
  • دعاء الله بأسمائه وصفاته التي تناسب احتياجات الإنسان وطلباته، كما أنّ الإنسان عندما يحتاج إلى مغفرة من الله، يدعوه بصفات كالغفار، والستار، والوهاب.[١٦]
  • استخدام الألفاظ التي علّمها الله للبشر أو وردت في مناجاة الأئمة أهل البيت (ع).[١٧]
  • خشوع القلب كما أمر الله به النبي موسى(ع) أن يناجيه بقلب خاشع وخائف.[١٨]

الآثار

بحسب ما ورد في بعض كتب التفسير وعلوم القرآن هناك آثار تترتب على المناجاة ومنها قبول التوبة ومغفرة الذنوب والوقاية من عذاب النار،[١٩] وخلق روح الإخلاص في الإنسان[٢٠] وعطوفة القلب والنقاء الداخلي وقوة الروح.[٢١]

المناجيات المعروفة

بالرغم من أنه ورد العديد من المناجيات في الكتب الدينية والعرفانية ولكن اشتهر بعضها كمناجاة بعض الأنبياء والأئمة المعصومين(ع). وأشار القرآن الكريم إلى بعض المناجيات الواردة عن لسان الأنبياء، مما يبدأ أكثرها بكلمة "ربنا"، ومنها:

وبحسب رأي بعض المفسرين إنّ كتاب الزبور للنبي داوود (ع) يحتوي على النصائح والأدعية والمناجيات، ولم تكن فيه أحكام وشريعة جديدة.[٢٦] وهذا مما يتميز به الزبور عن الكتب السماوية الأخرى.[٢٧] وكذلك وردت مناجيات معروفة عن لسان العباد.[٢٨]

مناجاة الأئمة(ع)

قد يعبر عن بعض أدعية الأئمة بالمناجاة وصار بعضها معروفة كالمناجاة الشعبانية،[٢٩] ومناجاة الإمام علي في مسجد الكوفة،[٣٠] والمناجاة الخمسة عشر للإمام السجاد(ع).[٣١]

مناجاة بعض العارفين

كذلك اشتهرت مناجاة بعض العرفاء، كمناجاة الخواجة عبد الله الأنصاري وحسن حسن زاده الآملي.[٣٢]

عناوين ذات صلة

الهوامش

  1. «معنى المناجاة»، موقع العتبة الحسينية المقدسة؛ الحميري، شمس العلوم، 1420هـ، ج10، ص75.
  2. المدني،‌ رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين، ج7، ص80.
  3. دهخدا، لغت نامه، ذيل كلمة المناجاة.
  4. مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، 1421هـ، ج7، ص276.
  5. الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، 1372ش، ج5، ص81.
  6. محمد بن بهادر، زركشي، البرهان في علوم القرآن، 1410هـ، ج2، ص431
  7. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، 1403هـ، ج68، ص216.
  8. انوري، فرهنگ بزرگ سخن، 1381ش، ذيل واژه مناجات.
  9. سورة المجادلة، الآيه 12 - 13.
  10. سورة مريم، الآية 3.
  11. الكليني، الكافي، 1407هـ، ج2، ص660؛ المجلسي، مرآة العقول، 1404هـ، ج12، ص: 562.
  12. الطريحي، مجمع البحرين، 1416هـ، ج1، ص 408 - 409؛ قرشي، قاموس قرآن، 1412هـ، ج2، ص344 - 345؛ الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج14، ص7.
  13. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج8، ص235؛ هاشمي رفسنجاني، تفسير راهنما، 1386ش، ج1، ص137.
  14. مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، 1421هـ، ج11، ص304.
  15. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج8، ص517؛
  16. قرائتي، تفسير نور، 1388ش، ج8، ص108.
  17. مكارم شيرازي، تفسير نمونه، 1371ش، ج1، ص2.
  18. ابن شعبه حراني، تحف العقول، 1404هـ، ص492.
  19. هاشمي رفسنجاني، تفسير راهنما، 1386ش، ج16، ص144.
  20. امام خميني، تفسير سوره حمد، 1375ش، ص146-147.
  21. نقي پور فر، پژوهشي پيرامون تدبر در قرآن، 1381ش، ص506.
  22. سورة الأعراف، الآية 142.
  23. سورة الأنبياء، الآية 87.
  24. سورة يوسف، الآية 33.
  25. سوره ابراهيم، آيه 34-41؛ شريفي پور، شرح مناجات حضرت ابراهيم(ع) در قرآن كريم، 1395ش.
  26. مكارم الشيرازي وآخرون، نفحات القرآن، د.ت. ج7، ص378.
  27. مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، 1421هـ، ج9، ص32.
  28. الطباطبائي، الميزان، 1390ق، ج4، ص88.
  29. ابن طاووس، اقبال الاعمال، 1409ق، ج2، ص687.
  30. كفعمي، البلد الامين، 1418ق، ص319.
  31. مجلسي، بحارالانوار، 1403ق، ج91، ص142-153.
  32. انصاري، مناجات نامه، 1382ش.

المصادر والمراجع

  • محمد بن بهادر، زركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق:ذهبي _ كردي _ مرعشلي، بيروت، دار المعرفة، 1410هـ
  • ابن شعبه الحراني، حسن بن علي، تحف العقول، تحقيق علي اكبر غفاري، قم المقدسة، جمعية مدرسي حوزة قم العلمية، 1404هـ.
  • ابن طاووس، علي بن موسي، إقبال الأعمال، طهران،‌ دار الكتب الإسلامية، 1409هـ.
  • «معنى المناجاة»، موقع العتبة الحسينية المقدسة.
  • الأنصاري، خواجه عبد الله، مناجات نامه، التصحيح: محمد حماصيان، كرمان، خدمات فرهنگي كرمان، 1382ش.
  • الإمام الخميني، روح الله، تفسير سوره حمد، طهران، مؤسسه تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1375ش.
  • الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم‌، بيروت،‌ دار الفكر المعاصر‌، 1420هـ.
  • دهخدا، علي اكبر، لغت نامه، طهران، منشورات جامعة طهران، 1377ش.
  • راغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن، لبنان- شام،‌ دار العلم- الدار الشامية‌، 1412هـ.
  • شريفي پور، فرزانه، شرح مناجات حضرت ابراهيم(ع) در قرآن كريم، طهران، مجال، 1395ش.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت،‌ دار إحياء التراث العربي، 1390هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، التحقيق: طباطبايي _ رسولي‏، طهران، ناصر خسرو، 1372ش
  • مكارم الشيرازي، ناصر وآخرين، نفحات القرآن، بيروت، دار صادر، د.ت.
  • الطريحي، فخر الدين‌، مجمع البحرين‌، طهران، مكتبة المرتضوي، 1416هـ.
  • قرائتي،‌ محسن، تفسير نور، طهران، مركز فرهنگي درسهايي از قرآن، 1388ش.
  • قرشي، السيد علي أكبر‌، قاموس القرآن، طهران،‌ دار الكتب الإسلامية‌، 1412هـ.
  • الكفعمي، إبراهيم بن علي، البلد الأمين والدرع الحصين، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1418هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، التحقيق: علي أكبر غفاري و محمد آخوندي، طهران،‌ دار الكتب الإسلامية، 1407هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت،‌ دار إحياء التراث العربي، 1403هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، التحقيق: هاشم رسولي المحلاتي، طهران،‌ دار الكتب الإسلامية، 1404هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل،‏ قم المقدسة، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب( عليه السلام)، 1421هـ.
  • نقي پور فر، ولي الله، پژوهشي پيرامون تدبر در قرآن، تهران، أسوه، 1381ش.
  • هاشمي رفسنجاني، علي اكبر، تفسير راهنما، قم، بوستان كتاب، 1386ش.