انتقل إلى المحتوى

مسودة:شق الصدر

من ويكي شيعة
المعجزات والإرهاصات
المعجزة/الإرهاص الشخصيات المرتبطة
شق القمر النبي محمد(ص)
القرآن النبي محمد(ص)
رد الشمس النبي محمد(ص)
التكلم في المهد النبي عيسى(ع)
عصا موسی النبي موسی(ع)
اليد البيضاء النبي موسی(ع)
تكليم الله لموسى النبي موسی(ع)
ناقة صالح النبي صالح
السجادة الطائرة النبي سليمان
التحدث مع الحيوانات النبي سليمان
إحياء إبراهيم للطيور النبي إبراهيم
تبريد النار لإبراهيم النبي إبراهيم
حمل السيدة مريم مريم أم عيسى

شَقُّ الصَّدْر أو شَقّ صدرِ النبيّ، يشير إلى حدث ورد في مصادر أهل السنة بوصفه أحد إرهاصات النبي صلی الله عليه وآله وسلم. وفقًا لهذه الحكاية، قامت الملائكة بفتح صدر النبي محمدصلی الله عليه وآله وسلم، وأخرجت قلبه، وطهّرَته. ورد هذا الخبر في كتب أهل السنة المعتبرة، مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم، غير أنّ كثيرًا من علماء الشيعة رفضوا هذه الرواية، أو أوّلوها تأويلاً مجازيًا. كما تعرّضت للنقد من بعض علماء السنّة أنفسهم، استنادًا إلى تعارضها مع القرآن، أو عدم انسجامها مع مفهوم عصمة النبيّ، أو لاختلاف تفاصيلها في الروايات. وفي المقابل، يصرّ أغلب علماء أهل السنّة على صحّة هذا الخبر.

الأهمية والمكانة

شقُّ الصَّدر يشير إلى أحد الإرهاصات المنسوبة إلى النبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم (من معجزاته قبل البعثة).[١] وقد نُقل هذا الحدث في معظم كتب السيرة والحديث لدى أهل السنة.[٢] ومن الكتب المهمة لدى أهل السنة التي نقلت هذه الواقعة: صحيح البخاري،[٣] وصحيح مسلم،[٤] وسنن الترمذي،[٥] وسنن النسائي.[٦] كما أنّ بعض مفسري أهل السنة قد طبّقوا الآية الأولى من سورة الانشراح على حادثة شق الصدر.[٧] لكن ناصر مكارم الشيرازي، من مفسري الشيعة في القرن الخامس عشر الهجري، اعتبر هذا التفسير بلا دليل.[٨]

وعدّ بعض الباحثين الشيعة قصة شق الصدر من الإسرائيليات، واعتبروا أنّها سبب في وهنِ شخصية النبيصلی الله عليه وآله وسلم.[٩] وبحسب محمد عبده، الفقيه والمفسر السنّي، إن الروايات المتعلقة بشق الصدر ليست روايات قطعية الدلالة، ولا تفيد في إثبات العقائد والإيمان بالغيب.[١٠]

شرح الحادثة

تذكر مصادر أهل السنة أنّه في فترة طفولة محمد صلی الله عليه وآله وسلم، حين كان يعيش في قبيلة بني سعد، أتاه ذات يوم ملكان على هيئة رجلين بثياب بيضاء.[١١] فشقّا صدر النبي، وأخرجا قلبه ووضعاه في طست من ذهب.[١٢] ثم أخرجا منه علقةً سوداء، ثمّ غسلا القلب وطهّراه، وأعاداه كما كان في موضعه.[١٣] أخذتْ حليمة، مرضعة النبي، محمدًا إلى كاهن لتسأله عما جرى، فبعد سماع كلام الطفل حذّرها الكاهن أنّه سيغيّر دين الناس في المستقبل.[١٤] فشعرت حليمة بالقلق، وقرّرت أن تعيد محمدًا إلى أمه في مكة حفاظًا على سلامته من المخاطر المحتملة.[١٥]

وفقًا لما أورده محمود أبو رَيّة، من علماء أهل السنة، فإن حادثة شق الصدر وردت في روايات أهل السنّة على نحوٍ يُفيد تكرار وقوعها خمس مرّات، أربع منها متفق عليها، أمّا الخامسة محل اختلاف بين علماء السنة.[١٦] وتتمثّل الحوادث الأربع المتّفق عليها في: وقوعها للنبيّ وهو في سنّ الثلاث سنوات، ثمّ في سنّ العاشرة، ثمّ عند البعثة، وأخيرًا في ليلة المعراج.[١٧] وقد فسّر بعض علماء أهل السنّة تكرار هذه الحادثة بأنّ شقّ الصدر في مرحلة الطفولة كان بهدف تطهيره من صفات الصغار وإكسابه صفات الكمال والرشد، بينما ترتبط شقوق الصدر زمن المبعث والمعراج بمراتب أعلى من القرب الإلهي.[١٨] وبحسب ابن عاشور، من مفسري أهل السنة، أنّ الحادثة -بحسب بعض الروايات- جرت في عالم الرؤيا لا في حال اليقظة.[١٩]

حادثة مماثلة في مصادر الشيعة

بحسب السيد هاشم رسولي المحلاتي، الباحث الشيعي في التاريخ، رُويت هذه القصة في كتاب المناقب لابن شهر آشوب بصورة أخرى لا تظهر فيها كثير من الاعتراضات المذكورة أعلاه.[٢٠] وفقًا لما ذكره ابن شهر آشوب خرج ذات يوم محمد(ص) مع أولاد حليمة لرعي البهائم إلى الصحراء، فأخذوه الملائكة إلى قمة جبل، ونظّفوا واغتسلوا به. فأخبر أبناء حليمة أمّهم بذلك. ولما قابلَت حليمة محمدًا رأت منه نورًا يشعّ إلى السماء، ورائحة المسك تفوح منه.[٢١]

موقف المذاهب الإسلامية من صحة الحادثة

رفض أغلب علماء الشيعة حادثة شق الصدر، في حين قبلها معظم علماء أهل السنة.[٢٢] وقد اعتبر السيد جعفر مرتضى العاملي، مؤلف كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم، قصة شق الصدر تقريرًا أسطوريًا مستلهمًا من حكايات الجاهلية.[٢٣] وحتى بعض علماء أهل السنة اعتبروا القصة غير صحيحة.[٢٤]

ومع ذلك، بعض علماء الشيعة، كمثل محمد حسين الطباطبائي وناصر مكارم الشيرازي، لم ينفوا القصة، لكن قدّموها كحال مثالية، واعتبروا أنّ لها طابعًا تمثيليًا؛[٢٥] إذ هناك روايات عديدة تعرض فيها أمور على نحو رمزي وتمثيلي.[٢٦] ويرى مكارم الشيرازي في تفسيره أنّه بحسب هذه الرواية قوّى الله النبي بإمدادات إلهية من حيث الروح والإرادة، وطهّره من نواقص أخلاقية ووساوس الشيطان.[٢٧] لكن ابن حجر العسقلاني، من علماء أهل السنة، يرى أنّ تأويل مثل هذه الروايات غير صحيح، وأنها ينبغي أن تؤخذ على ظاهرها.[٢٨]

انتقادات

إلى جانب الشيعة، تعرضت رواية شق الصدر لنقد من قبل بعض علماء أهل السنة أيضًا.[٢٩] ومن نقاط النقد التي طرحت حول هذه الرواية ما يلي:

  • التعارض مع القرآن؛ فبحسب محمود أبو رية، من علماء السنة، يقدّم القرآن صورةً عن النبي كذات منيعة في مواجهة الوسوسة الشيطانية، بينما تبدو قصة شق الصدر متنافيةً مع هذا المعنى القرآني.[٣٠]
  • اختلاف الروايات بكثرة في تفاصيل الحادثة؛[٣١] قال السيد هاشم معروف الحسني، الباحث الشيعي في التاريخ، ردًا على هذا الاعتراض إنّ اختلاف التفاصيل لا يستلزم إنكار أصل الحادثة، لأن المعجزات تقع بطرائق لا تدركها العقل البشري من جهة، ومن جهة أخرى يجعلها الله ممكنةً.[٣٢]
  • إلغاء اختيار النبي لدرء المعاصي، وكونه مجبورًا على أداء ما ليس محرمًا فقط؛[٣٣]
  • عدم الترابط بين الارتقاء الروحي وغسل القلب الظاهر؛[٣٤]
  • التنافر مع بعض الروايات التاريخية؛[٣٥]
  • التعارض مع عصمة النبي صلی الله عليه وآله وسلم.[٣٦]

مقالات ذات صلة

الهوامش

  1. فخر الرازي، مفاتيح الغيب، 1420هـ، ج32، ص205؛ بوطي، فقه السيرة، دار الفكر، ص40.
  2. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص)، 1426هـ، ج2، ص165.
  3. البخاري، صحيح البخاري، 1422هـ، ج1، ص78؛ ج2، ص156؛ ج4، ص135؛ ج5، ص52.
  4. مسلم، صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، ج1، ص147.
  5. الترمذي، سنن الترمذي، 1395هـ، ج5، ص442.
  6. النسائي، سنن النسائي، 1406هـ، ج1، ص217.
  7. انظر: فخر الرازي، مفاتيح الغيب، ج32، ص2؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 1419هـ، ج8، ص415؛ الآلوسي، روح المعاني، 1415هـ، ج15، ص386.
  8. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1379ش، ج20، ص295.
  9. كربلائي پازوكي، «سرگذشت شق صدر النبي از پندار تا حقيقت»، ص113.
  10. رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم، 1414هـ، ج3، ص292.
  11. ابن إسحاق، كتاب السيرة والمغازي، 1398هـ، ص51.
  12. ابن إسحاق، كتاب السيرة والمغازي، 1398هـ، ص51.
  13. ابن إسحاق، كتاب السيره والمغازي، 1398هـ، ص51.
  14. الطبري، تاريخ الأمم والملوك، دار التراث، ج2، ص163.
  15. ابن الجوزي، المنتظم، 1412هـ، ج2، ص267-268.
  16. أبو رية، أضواء على السنة المحمدية، 1994م، ص160.
  17. أبو رية، اضواء علي السنة المحمديه، 1994م، ص160.
  18. الطهطاوي، نهاية الإيجاز، 2006م، ص56.
  19. ابن عاشور، التحرير والتنوير، مؤسسة التاريخ، ج30، ص361.
  20. رسولي المحلاتي، دروس من تاريخ تحليلي اسلام، 1371ش، ج1، ص202.
  21. ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب (ع)، 1379هـ، ج1، ص33.
  22. كربلائي پازوكي، «سرگذشت شق صدر النبي از پندار تا حقيقت»، ص115.
  23. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، 1426هـ، ج2، ص171.
  24. انظر: أبورية، أضواء على السنة المحمدية، 1994م، ص158-161؛ الغزالي، فقه السيرة، 1427هـ، ص65-66؛ هيكل، حياة محمد، 1428هـ، ص142.
  25. طباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج13، ص23؛ وج20، ص317؛ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1379ش، ج20، ص295.
  26. الطباطبائي، الميزان، 1390هـ، ج13، ص34.
  27. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، 1379ش، ج20، ص295.
  28. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، 1959م، ج7، ص205.
  29. انظر: أبو رية، أضواء على السنة المحمدية، 1994م، ص158-161؛ الغزالي، فقه السيرة، 1427هـ، ص65-66؛ هيكل، حياة محمد، 1428هـ، ص142.
  30. أبو رية، اضواء علي السنة المحمديه، 1994م، ص161.
  31. رسولي المحلاتي، دروس من تاريخ تحليلي اسلام، 1371ش، ج1، ص194-195.
  32. الحسني، سيرة المصطفى، 1416هـ، ص45.
  33. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، 1426هـ، ج2، ص169.
  34. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، 1426هـ، ج2، ص168.
  35. العاملي، الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص)، 1426هـ، ج2، ص165.
  36. الطبرسي، مجمع البيان، 1372ش، ج6، ص609.

المصادر والمراجع

  • الآلوسي، محمود، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المعاني، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415هـ.
  • أبو رية، محمود، أضواء على السنة المحمدية، القاهرة، دار المعارف، 1994م.
  • ابن إسحاق، محمد، كتاب السير والمغازي، بيروت، دار الفكر، 1398هـ.
  • ابن الحجاج، مسلم، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1412هـ.
  • ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب (ع)، قم، علامة، 1379هـ.
  • ابن عاشور، محمد بن طاهر، التحرير والتنوير، بيروت، مؤسسة التاريخ، د.ت.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار الكتب العلمية، 1419هـ.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، بيروت، دار طوق النجاة، 1422هـ.
  • البوتي، محمد سعيد رمضان، فقه السيرة: دراسات منهجية علمية لسيرة المصطفى عليه السلام وما تنطوي عليه من عظات ومبادئ وأحكام، بيروت، دار الفكر، د.ت.
  • الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي، 1395هـ.
  • الحسني، السيد هاشم معروف، سيرة المصطفى، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1416هـ.
  • رسولي المحلاتي، هاشم، دروس من تاريخ تحليلي إسلام، طهران، مؤسسة الطباعة‌ والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامية، 1371ش.
  • رشيد رضا، محمد، تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، بيروت، دار المعرفة، 1414هـ.
  • الطباطبائي، السيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1390هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، طهران، ناصرخسرو، 1372ش.
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دار التراث، 1387هـ.
  • الطهطاوي، رفاعة رافع، نهاية الإيجاز في سيره ساكن الحجاز، القاهرة، دار الذخائر، 2006م.
  • العاملي، السيد جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص)، قم، دار الحديث، 1426هـ.
  • ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، فتح الباري، بيروت، دار المعرفة، 1959م.
  • الغزالي، محمد، فقه السيرة، دمشق، دار القلم، 1427هـ.
  • فخر الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1420هـ.
  • كربلائي پازوكي، علي، «سرگذشت شق صدر النبي از پندار تا حقيقت» (قصة شق صدر الرسول من الأسطورة إلى الحقيقة)، في مجلة الكلام الإسلامي، العدد 31، خريف 1378ش.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل،قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، 1379ش.
  • النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي، حلب، مكتبة المطبوعات الإسلامية، 1406هـ.
  • هيكل، محمد حسين، حياة محمد، قم، المجمع العالمي لأهل البيت، 1428هـ.