انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإمام الحسن المجتبى عليه السلام»

توئيك
imported>Ahmadnazem
imported>Ali110110
(توئيك)
سطر ١: سطر ١:
{{صندوق معلومات أئمة
{{صندوق معلومات أئمة
|صورة = أئمة البقيع.jpg
|صورة = أئمة البقيع.jpg
|الاسم = الإمام الحسن بن علي{{ع}}
|الاسم = الإمام الحسن بن علي (ع)
| عنوان الصورة        =[[مقبرة البقيع]]
| عنوان الصورة        =[[مقبرة البقيع]]
|لقب = الحسن بن علي{{ع}}
|لقب = الحسن بن علي (ع)
|الترتيب = الإمام الثاني
|الترتيب = الإمام الثاني
|الكنية =أبو محمد
|الكنية =أبو محمد
سطر ١٣: سطر ١٣:
| مدة حياته =47
| مدة حياته =47
|الألقاب=المجتبى، الزكي، السيد والسبط
|الألقاب=المجتبى، الزكي، السيد والسبط
|الأب =[[الإمام علي]]{{ع}}
|الأب =[[الإمام علي]] (ع)
|الأم = [[فاطمة الزهراء]]{{ع}}
|الأم = [[فاطمة الزهراء]] (ع)
|الزوج= [[أم بشير بنت عقبة بن عمرو|أم بشير]]، و[[خولة بنت منظور|خولة]]، و[[أم إسحاق بنت طلحة التيمية|أم إسحاق]]، و[[جعدة بنت الأشعث|جعدة]]، و[[حفصة زوجة الإمام الحسن المجتبى|حفصة]]، و[[هند زوجة الإمام الحسن المجتبى|هند]]
|الزوج= [[أم بشير بنت عقبة بن عمرو|أم بشير]]، و[[خولة بنت منظور|خولة]]، و[[أم إسحاق بنت طلحة التيمية|أم إسحاق]]، و[[جعدة بنت الأشعث|جعدة]]، و[[حفصة زوجة الإمام الحسن المجتبى|حفصة]]، و[[هند زوجة الإمام الحسن المجتبى|هند]]
|الأولاد=[[زيد بن الحسن بن علي|زيد]]، [[الحسن المثنى]]، [[عمرو بن الحسن بن علي|عمرو]]، [[أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب|أبو بكر]]،  [[القاسم بن الحسن|القاسم]]، [[عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب|عبدالله]]، [[عبدالرحمن بن الحسن بن علي|عبدالرحمن]]، [[الحسين بن الحسن بن علي|الحسين الأثرم]]، [[طلحة بن الحسن بن علي|طلحة]]، [[فاطمة بنت الحسن|فاطمة]]، [[أم سلمة بنت الحسن|أم سلمة]]، [[رقية بنت الحسن|رقية]]
|الأولاد=[[زيد بن الحسن بن علي|زيد]]، [[الحسن المثنى]]، [[عمرو بن الحسن بن علي|عمرو]]، [[أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب|أبو بكر]]،  [[القاسم بن الحسن|القاسم]]، [[عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب|عبدالله]]، [[عبدالرحمن بن الحسن بن علي|عبدالرحمن]]، [[الحسين بن الحسن بن علي|الحسين الأثرم]]، [[طلحة بن الحسن بن علي|طلحة]]، [[فاطمة بنت الحسن|فاطمة]]، [[أم سلمة بنت الحسن|أم سلمة]]، [[رقية بنت الحسن|رقية]]
سطر ٢٠: سطر ٢٠:
'''الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)،''' الملقب بالمجتبى  ([[سنة 3 للهجرة|3]]- [[50 هـ]]) ثاني أئمة [[الشيعة]]، مدة [[إمامة|إمامته]] 10 سنين ([[40 هـ|40]]-[[50 هـ]])، وتولى [[خلافة]] [[المسلمين]] لفترة طالت حوالى 7 أشهر، ويعتبره [[أهل السنة]] آخر [[الخلفاء الراشدين]].
'''الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)،''' الملقب بالمجتبى  ([[سنة 3 للهجرة|3]]- [[50 هـ]]) ثاني أئمة [[الشيعة]]، مدة [[إمامة|إمامته]] 10 سنين ([[40 هـ|40]]-[[50 هـ]])، وتولى [[خلافة]] [[المسلمين]] لفترة طالت حوالى 7 أشهر، ويعتبره [[أهل السنة]] آخر [[الخلفاء الراشدين]].


الحسن بن علي الولد الأول [[علي (ع)|للإمام علي]]{{ع}} و[[فاطمة الزهراء]] والسبط الأكبر [[النبي (ص)|للنبي]]{{صل}}، وذكرت الأخبار أنَّ النبي (ص) سمّاه حسنا، وكان يحبه كثيرا، عاش سبع سنين مع النبي (ص)، وشارك في [[بيعة الرضوان]]، وحضر مع [[أهل البيت]] في [[المباهلة]] مع [[نصارى نجران]].
الحسن بن علي الولد الأول [[علي (ع)|للإمام علي]] (ع) و[[فاطمة الزهراء]] والسبط الأكبر [[النبي (ص)|للنبي]]{{صل}}، وذكرت الأخبار أنَّ النبي (ص) سمّاه حسنا، وكان يحبه كثيرا، عاش سبع سنين مع النبي (ص)، وشارك في [[بيعة الرضوان]]، وحضر مع [[أهل البيت]] في [[المباهلة]] مع [[نصارى نجران]].


لم ترد معلومات كثيرة عن حياته في عهد [[الخليفة الأول]] و[[عمر ابن الخطاب|الثاني]]، إلا أن عمر عيّنه كشاهد على [[الشورى السداسية]] لتعيين الخليفة الثالث، وفي فترة خلافة الإمام علي (ع) رافقه إلى [[الكوفة]]، وكان أحد قادة جيشه في معركتَي [[معركة الجمل|الجمل]] و[[معركة صفين|صفين]].
لم ترد معلومات كثيرة عن حياته في عهد [[الخليفة الأول]] و[[عمر ابن الخطاب|الثاني]]، إلا أن عمر عيّنه كشاهد على [[الشورى السداسية]] لتعيين الخليفة الثالث، وفي فترة خلافة الإمام علي (ع) رافقه إلى [[الكوفة]]، وكان أحد قادة جيشه في معركتَي [[معركة الجمل|الجمل]] و[[معركة صفين|صفين]].


تولى الحسن بن علي {{ع}} [[الإمامة]] في [[21 رمضان]] [[سنة 40 هـ|40 هـ]] بعد [[استشهاد الإمام علي (ع)]]، وبايعه في اليوم نفسه أكثر من أربعين ألف شخص، لكن رفض [[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] خلافته، وسيّر جيشا نحو [[العراق]]، فوجّه الإمام عسكرا بقيادة [[عبيد الله بن عباس]] لمواجهته، وذهب هو مع جيش آخر من جماعته إلى [[ساباط]]، وسعى معاوية على بث الإشاعات بين جيش الإمام الحسن (ع)؛ ليوفر الأرضية والأجواء المناسبة [[صلح الإمام الحسن عليه السلام|للصلح]]، وفي هذه الظروف تعرّض الإمام الحسن (ع) للاغتيال فجُرح، ونُقل إلى المدائن للعلاج، وتزامنا مع هذه الأحداث، بعث جماعة من رؤساء الكوفة رسائل إلی معاوية، وواعدوه أن يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه، فأرسل معاوية رسائل الكوفيين إلى الحسن بن علي (ع)، واقترح عليه الصلح. وقَبِل الإمام الصلح مع معاوية، وسلّم الحكم إليه على أن يعمل ب[[كتاب الله]] و[[السنة النبوية|سنة رسوله]]، ولا يعيّن خلفا لنفسه، ويضمن الأمان للناس وخاصة شيعة [[الإمام علي (ع)]]، لكن معاوية لم يف بهذه الشروط، ولقد استاء بعض أصحابه من هذا الصلح، وأعربوا عن رفضهم له بوصفهم الإمام الحسن (ع) بـ"مذل المؤمنين".
تولى الحسن بن علي (ع) [[الإمامة]] في [[21 رمضان]] [[سنة 40 هـ|40 هـ]] بعد [[استشهاد الإمام علي (ع)]]، وبايعه في اليوم نفسه أكثر من أربعين ألف شخص، لكن رفض [[معاوية ابن أبي سفيان|معاوية]] خلافته، وسيّر جيشا نحو [[العراق]]، فوجّه الإمام عسكرا بقيادة [[عبيد الله بن عباس]] لمواجهته، وذهب هو مع جيش آخر من جماعته إلى [[ساباط]]، وسعى معاوية على بث الإشاعات بين جيش الإمام الحسن (ع)؛ ليوفر الأرضية والأجواء المناسبة [[صلح الإمام الحسن عليه السلام|للصلح]]، وفي هذه الظروف تعرّض الإمام الحسن (ع) للاغتيال فجُرح، ونُقل إلى المدائن للعلاج، وتزامنا مع هذه الأحداث، بعث جماعة من رؤساء الكوفة رسائل إلی معاوية، وواعدوه أن يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه، فأرسل معاوية رسائل الكوفيين إلى الحسن بن علي (ع)، واقترح عليه الصلح. وقَبِل الإمام الصلح مع معاوية، وسلّم الحكم إليه على أن يعمل ب[[كتاب الله]] و[[السنة النبوية|سنة رسوله]]، ولا يعيّن خلفا لنفسه، ويضمن الأمان للناس وخاصة شيعة [[الإمام علي (ع)]]، لكن معاوية لم يف بهذه الشروط، ولقد استاء بعض أصحابه من هذا الصلح، وأعربوا عن رفضهم له بوصفهم الإمام الحسن (ع) بـ"مذل المؤمنين".


وبعد أن وقّع الإمام [[صلح الإمام الحسن عليه السلام|الصلح مع معاوية]] رجع [[سنة 41 هـ]] إلى [[المدينة]]، وبقي هناك حتى آخر عمره، وكان يحظى بالمرجعية العلمية في المدينة، كما أن الروايات تتحدث عن مكانته الاجتماعية في هذه الفترة.
وبعد أن وقّع الإمام [[صلح الإمام الحسن عليه السلام|الصلح مع معاوية]] رجع [[سنة 41 هـ]] إلى [[المدينة]]، وبقي هناك حتى آخر عمره، وكان يحظى بالمرجعية العلمية في المدينة، كما أن الروايات تتحدث عن مكانته الاجتماعية في هذه الفترة.


وعندما أراد معاوية أن يأخذ [[البيعة]] لولده [[يزيد بن معاوية|يزيد]] أرسل إلى [[جعدة بنت الأشعث]] زوجة الإمام الحسن (ع) مئة ألف درهم، لتدس إليه السم، فنفذت الأمر، واستشهد على أثر ذلك السم، واستنادا إلى بعض الأخبار أن الإمام الحسن{{ع}} أوصى أن يُدفن عند قبر النبي (ص)، لكن [[مروان بن الحكم]] وعدد من [[بني أمية]] بقيادة [[عائشة بنت أبي بكر]] منعوا ذلك، فدُفن في مقبرة [[البقيع]].
وعندما أراد معاوية أن يأخذ [[البيعة]] لولده [[يزيد بن معاوية|يزيد]] أرسل إلى [[جعدة بنت الأشعث]] زوجة الإمام الحسن (ع) مئة ألف درهم، لتدس إليه السم، فنفذت الأمر، واستشهد على أثر ذلك السم، واستنادا إلى بعض الأخبار أن الإمام الحسن (ع) أوصى أن يُدفن عند قبر النبي (ص)، لكن [[مروان بن الحكم]] وعدد من [[بني أمية]] بقيادة [[عائشة بنت أبي بكر]] منعوا ذلك، فدُفن في مقبرة [[البقيع]].


لقد روت المصادر [[الشيعية]] و[[السنية]] الكثير من فضائل الإمام الحسن (ع)، فقد كان أحد [[أصحاب الكساء]] الذين نزلت فيهم [[آية التطهير]]، والذين تعتقد الشيعة [[العصمة|بعصمتهم]]، فضلا عن [[آية الإطعام]] و[[آية المودة]] و[[آية المباهلة]] اللواتي نزلن في حقه وحق [[فاطمة الزهرا|أمه]] و[[علي ابن أبي طالب|أبيه]] و[[الحسين (ع)|أخيه]]، وقد أنفق الإمام مرتین جميع أمواله في سبيل [[الله]]، وثلاثة مرات شاطر أمواله مع الفقراء والمحتاجين، وبناء على هذا لقّب بـ"كريم أهل البيت"، وذكرت [[الروايات]] أنه (ع) ذهب إلى [[الحج]] عشرين أو خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه.
لقد روت المصادر [[الشيعية]] و[[السنية]] الكثير من فضائل الإمام الحسن (ع)، فقد كان أحد [[أصحاب الكساء]] الذين نزلت فيهم [[آية التطهير]]، والذين تعتقد الشيعة [[العصمة|بعصمتهم]]، فضلا عن [[آية الإطعام]] و[[آية المودة]] و[[آية المباهلة]] اللواتي نزلن في حقه وحق [[فاطمة الزهرا|أمه]] و[[علي ابن أبي طالب|أبيه]] و[[الحسين (ع)|أخيه]]، وقد أنفق الإمام مرتین جميع أمواله في سبيل [[الله]]، وثلاثة مرات شاطر أمواله مع الفقراء والمحتاجين، وبناء على هذا لقّب بـ"كريم أهل البيت"، وذكرت [[الروايات]] أنه (ع) ذهب إلى [[الحج]] عشرين أو خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه.
سطر ٤٤: سطر ٤٤:


===الإمامة===
===الإمامة===
تولى الإمام الحسن (ع) [[الإمامة]] في [[21 من شهر رمضان]] [[سنة 40 هـ]] بعد [[استشهاد]] أبيه [[الإمام علي]] (ع)، وبقي في منصبه عشر سنين،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص15.</ref> وذكر [[الشيخ الكليني]] (ت: [[سنة 329 للهجرة|329 هـ]]) في [[الكافي (كتاب)|الكافي]] [[الحديث|الروايات]] التي تنص على إمامة الحسن بن علي،<ref>الكليني، الكافي، ج 1، 1362ش، ص297 - 300.</ref> وورد في إحدى الروايات أنَّ الإمام علي (ع) جمع أولاده وكبار [[التشيع|شيعته]] قبل [[استشهاد الإمام علي عليه السلام|استشهاده]]، ودفع للإمام الحسن{{ع}} الكتاب والسلاح{{ملاحظة|واللذان يعتبران من [[ودائع الإمامة]].}}مصرحا إلى أنَّ ذلك كان وصية من النبي (ص)،<ref>الكليني، الكافي، ج 1، 1362ش، ص 298.</ref> وورد في خبر آخر أنَّ الإمام علي (ع) حينما توجه إلى [[الكوفة]] أودع بعض [[ودائع الإمامة]] عند [[أم سلمة]]، وعندما رجع الإمام الحسن من الكوفة دفعتها إليه،<ref>الكليني، الكافي، ج1، 1362ش، ص298.</ref> وذكر [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) في [[كتاب الإرشاد]] أن الحسن وصيّ أبيه على أولاده وأصحابه، وقد استدل على إمامة الحسن بن علي (ع) أيضاً بحديث [[النبي (ص)]]: "ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا"،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص30.</ref>
تولى الإمام الحسن (ع) [[الإمامة]] في [[21 من شهر رمضان]] [[سنة 40 هـ]] بعد [[استشهاد]] أبيه [[الإمام علي]] (ع)، وبقي في منصبه عشر سنين،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص15.</ref> وذكر [[الشيخ الكليني]] (ت: [[سنة 329 للهجرة|329 هـ]]) في [[الكافي (كتاب)|الكافي]] [[الحديث|الروايات]] التي تنص على إمامة الحسن بن علي،<ref>الكليني، الكافي، ج 1، 1362ش، ص297 - 300.</ref> وورد في إحدى الروايات أنَّ الإمام علي (ع) جمع أولاده وكبار [[التشيع|شيعته]] قبل [[استشهاد الإمام علي عليه السلام|استشهاده]]، ودفع للإمام الحسن (ع) الكتاب والسلاح{{ملاحظة|واللذان يعتبران من [[ودائع الإمامة]].}}مصرحا إلى أنَّ ذلك كان وصية من النبي (ص)،<ref>الكليني، الكافي، ج 1، 1362ش، ص 298.</ref> وورد في خبر آخر أنَّ الإمام علي (ع) حينما توجه إلى [[الكوفة]] أودع بعض [[ودائع الإمامة]] عند [[أم سلمة]]، وعندما رجع الإمام الحسن من الكوفة دفعتها إليه،<ref>الكليني، الكافي، ج1، 1362ش، ص298.</ref> وذكر [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) في [[كتاب الإرشاد]] أن الحسن وصيّ أبيه على أولاده وأصحابه، وقد استدل على إمامة الحسن بن علي (ع) أيضاً بحديث [[النبي (ص)]]: "ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا"،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص30.</ref>


أقام الإمام الحسن (ع) في [[الكوفة]] الشهور الأولى من فترة إمامته، وكان المتولي لمنصب [[الخلافة]]،<ref>آل ياسين، صلح الحسن (ع)، منشورات الشريف الرضي، ص 65.</ref> وبعد أن سلّم الحكم [[معاوية|لمعاوية]] بعد إبرام [[صلح الإمام الحسن|الصلح]] انتقل إلى [[المدينة]]، وبقي فيها حتى آخر عمره.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1418 هـ، ج 10، ص 342.</ref>
أقام الإمام الحسن (ع) في [[الكوفة]] الشهور الأولى من فترة إمامته، وكان المتولي لمنصب [[الخلافة]]،<ref>آل ياسين، صلح الحسن (ع)، منشورات الشريف الرضي، ص 65.</ref> وبعد أن سلّم الحكم [[معاوية|لمعاوية]] بعد إبرام [[صلح الإمام الحسن|الصلح]] انتقل إلى [[المدينة]]، وبقي فيها حتى آخر عمره.<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1418 هـ، ج 10، ص 342.</ref>


==مرحلة الطفولة والشباب==
==مرحلة الطفولة والشباب==
ولد الإمام الحسن{{ع}} في المدينة،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص 5؛ الطوسي، تهذیب الاحكام، 1390  ش، ج  6، ص 40.</ref> وكانت ولادته على أشهر الروايات في اليوم [[15 رمضان]] [[سنة 3 هـ]]،<ref>الكليني، الكافي، بيروت 1401، ج 1، ص 461؛ الطبري، تاريخ الطبري، 1387 هـ، ج 2، ص 537.</ref> وأخبار أخرى ذكرت بأن ولادته كانت في [[السنة الثانية للهجرة]]،<ref>الكليني، الكافي، بيروت 1401، ج 1، ص 461؛ الطوسي، تهذیب الاحكام، 1390  ش، ج  6، ص 39.</ref> وأول ما ولد الإمام الحسن(ع) أحضر إلى النبي{{صل}}، فـ<nowiki/>[[الآذان|أذّن]] في أذنه،<ref>ابن حنبل، مسند، دار صادر، ج 6، ص 391؛ الترمذي، سنن الترمذي، 1403 هـ، ج 3، ص 36؛ الصدوق، الامامة والتبصرة من الحیرة، 1363  ش، ج  2، ص 42.</ref> وذكرت المصادر أنَّ في اليوم السابع من ولادته [[العقيقة|عق]] النبي(ص) عنه،<ref>النسائي، سنن النسائي،  دار الكتب العلمیة، ج 4، ص 166؛ الكليني، الكافي، بيروت 1401، ج 6، ص 32-33؛ الحاكم النیشابوري، المستدرك علی الصحیحین، 1406 هـ، ج 4، ص237.</ref> وورد أن [[الإمام علي (ع)]] أراد أن يسميه حمزة<ref>ابن عساكر، تاریخ مدینة دمشق، ج 13، ص 170.</ref> أو حربا<ref>الحاكم النیشابوري، المستدرك علی الصحیحین، 1406 هـ، ج 3، ص 165.</ref> قبل أن يسميه [[النبي (ص)]] بحسنا، وعندما سأله النبي (ص) عن اسمه قال: ما كنت أسبق في تسميته النبي (ص).<ref>ابن سعد، الطبقات الكبری، 1418 هـ، ج 10، ص 239-244؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1363  ش، ج  39، ص 63.</ref> وذكر الباحثون دلائل في الرد على هذه الأخبار. <ref>القرشي، حياة الإمام الحسن (ع)، 1413 هـ، ج 1، ص 52-53.</ref>
ولد الإمام الحسن (ع) في المدينة،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص 5؛ الطوسي، تهذیب الاحكام، 1390  ش، ج  6، ص 40.</ref> وكانت ولادته على أشهر الروايات في اليوم [[15 رمضان]] [[سنة 3 هـ]]،<ref>الكليني، الكافي، بيروت 1401، ج 1، ص 461؛ الطبري، تاريخ الطبري، 1387 هـ، ج 2، ص 537.</ref> وأخبار أخرى ذكرت بأن ولادته كانت في [[السنة الثانية للهجرة]]،<ref>الكليني، الكافي، بيروت 1401، ج 1، ص 461؛ الطوسي، تهذیب الاحكام، 1390  ش، ج  6، ص 39.</ref> وأول ما ولد الإمام الحسن(ع) أحضر إلى النبي{{صل}}، فـ<nowiki/>[[الآذان|أذّن]] في أذنه،<ref>ابن حنبل، مسند، دار صادر، ج 6، ص 391؛ الترمذي، سنن الترمذي، 1403 هـ، ج 3، ص 36؛ الصدوق، الامامة والتبصرة من الحیرة، 1363  ش، ج  2، ص 42.</ref> وذكرت المصادر أنَّ في اليوم السابع من ولادته [[العقيقة|عق]] النبي(ص) عنه،<ref>النسائي، سنن النسائي،  دار الكتب العلمیة، ج 4، ص 166؛ الكليني، الكافي، بيروت 1401، ج 6، ص 32-33؛ الحاكم النیشابوري، المستدرك علی الصحیحین، 1406 هـ، ج 4، ص237.</ref> وورد أن [[الإمام علي (ع)]] أراد أن يسميه حمزة<ref>ابن عساكر، تاریخ مدینة دمشق، ج 13، ص 170.</ref> أو حربا<ref>الحاكم النیشابوري، المستدرك علی الصحیحین، 1406 هـ، ج 3، ص 165.</ref> قبل أن يسميه [[النبي (ص)]] بحسنا، وعندما سأله النبي (ص) عن اسمه قال: ما كنت أسبق في تسميته النبي (ص).<ref>ابن سعد، الطبقات الكبری، 1418 هـ، ج 10، ص 239-244؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1363  ش، ج  39، ص 63.</ref> وذكر الباحثون دلائل في الرد على هذه الأخبار. <ref>القرشي، حياة الإمام الحسن (ع)، 1413 هـ، ج 1، ص 52-53.</ref>


===مرحلة الطفولة===
===مرحلة الطفولة===
سطر ٧١: سطر ٧١:
و70<ref>المجلسي، بحار الأنوار، بيروت 1363 ش، ج  44، ص 173.</ref> زوجة.  
و70<ref>المجلسي، بحار الأنوار، بيروت 1363 ش، ج  44، ص 173.</ref> زوجة.  


وتشير بعض المصادر إلى أن الإمام الحسن{{ع}} كان مطلاقا،{{ملاحظة| أي كثير [[الزواج]] و[[الطلاق]]}}<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1417 هـ، ج 10، ص 290 و302؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص 25؛ الكليني، الكافي، 1362 ش، ج  6، ص 56.</ref> كما ذكر أيضا أنه كان يملك جواري، وله أولاد من بعضها.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص73.</ref>
وتشير بعض المصادر إلى أن الإمام الحسن (ع) كان مطلاقا،{{ملاحظة| أي كثير [[الزواج]] و[[الطلاق]]}}<ref>ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1417 هـ، ج 10، ص 290 و302؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص 25؛ الكليني، الكافي، 1362 ش، ج  6، ص 56.</ref> كما ذكر أيضا أنه كان يملك جواري، وله أولاد من بعضها.<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص73.</ref>
وكانت قضية المطلاق للإمام الحسن (ع) محل نقاش من الناحية التاريخية، والسندية والدلالية (أي المفهومية) في الكتب القديمة والمعاصرة،<ref>مهدوی دامغاني، «حسن بن علي، امام»، ص 309.</ref> فيقول [[مادلنج]] أنَّ أول من أشاع أنَّ للحسن (ع) 90 زوجة هو [[محمد بن الكلبي]]، وقد فنّد المدائني (المتوفى:[[225 هـ]]) هذا القول، واعتبره موضوعا ومزيفاً، في حين أنَّ الكلبي لم يذكر للإمام إلا 11 زوجة عند ذكر أسماء زوجاته، وزواجه (ع) مع خمسة منهن مشبوه،<ref>مادلونگ، جانشینى محمد، 1377 ش، ص 514-515.</ref> وعدّ [[باقر القرشي|القرشي]] مثل هذه الأخبار مما وضعها [[بنو العباس]]، وذلك لمواجهة [[السادة الحسنية]] وثوراتهم.<ref>القرشي‏، حیاة الإمام الحسن بن علي، 1413 هـ، ج 2، ص 453-454.</ref>
وكانت قضية المطلاق للإمام الحسن (ع) محل نقاش من الناحية التاريخية، والسندية والدلالية (أي المفهومية) في الكتب القديمة والمعاصرة،<ref>مهدوی دامغاني، «حسن بن علي، امام»، ص 309.</ref> فيقول [[مادلنج]] أنَّ أول من أشاع أنَّ للحسن (ع) 90 زوجة هو [[محمد بن الكلبي]]، وقد فنّد المدائني (المتوفى:[[225 هـ]]) هذا القول، واعتبره موضوعا ومزيفاً، في حين أنَّ الكلبي لم يذكر للإمام إلا 11 زوجة عند ذكر أسماء زوجاته، وزواجه (ع) مع خمسة منهن مشبوه،<ref>مادلونگ، جانشینى محمد، 1377 ش، ص 514-515.</ref> وعدّ [[باقر القرشي|القرشي]] مثل هذه الأخبار مما وضعها [[بنو العباس]]، وذلك لمواجهة [[السادة الحسنية]] وثوراتهم.<ref>القرشي‏، حیاة الإمام الحسن بن علي، 1413 هـ، ج 2، ص 453-454.</ref>


سطر ١٠٩: سطر ١٠٩:
ورد في بعض المصادر أنه بعد ما تمرد [[الناكثون]] على الإمام علي (ع) جيّش الإمام عسكره لمواجهتهم، وفي وسط الطريق طلب الإمام الحسن (ع) من الإمام  علي (ع) أن يمتنع من محاربتهم.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، 1378 هـ، ج 4، ص 458؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1363 ش، ج  32، ص 104.</ref> {{ملاحظة|ورد هذا الخبر بعبارات مختلفة في المصادر (على سبيل المثال: الطبري، تاریخ الطبري، 1378هـ، ج4، ص 456 و 458؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1363ش، ج32، ص104.) لكن بعض الباحثين المعاصرين يعتبرونه مختلقا، فمن هؤلاء الباحثين [[السيد جعفر مرتضى]] في كتابه الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام، ص 240، و[[باقر شريف القرشي]] في كتابه حياة الإمام الإمام حسن، ج 1، ص 394، و[[هاشم  معروف الحسني]] في كتابه سيرة الأئمة الاثني عشر، ج2، ص489. وبناء على بعض الروايات قال الإمام علي (ع) في الرد على ابنه أنه لا ينتظر حتى يخدعوه أو يفتك به، مؤكدا على نكث [[البيعة]] من الجهة الآخر وغصب حقه منذ [[رحيل النبي]] (ص).(المجلسي، بحار الأنوار، 1363ش، ج32، ص104.)}}ووفقا لرواية [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) أنَّ الإمام علي (ع) أمر الإمام الحسن (ع) مع [[عمار بن ياسر]] و[[قيس بن سعد]] أن يحّشدوا أهالي الكوفة للحرب،<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص  244 و261.</ref> فدخل الإمام الحسن (ع) وخطب في الناس، وذكر لهم فضائل [[الإمام علي بن أبي طالب]] ومكانته وأخبرهم بنقض [[طلحة]] و[[الزبير]] للبيعة، ودعاهم لنصرة الإمام علي (ع).<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 263.</ref>
ورد في بعض المصادر أنه بعد ما تمرد [[الناكثون]] على الإمام علي (ع) جيّش الإمام عسكره لمواجهتهم، وفي وسط الطريق طلب الإمام الحسن (ع) من الإمام  علي (ع) أن يمتنع من محاربتهم.<ref>الطبري، تاريخ الطبري، 1378 هـ، ج 4، ص 458؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1363 ش، ج  32، ص 104.</ref> {{ملاحظة|ورد هذا الخبر بعبارات مختلفة في المصادر (على سبيل المثال: الطبري، تاریخ الطبري، 1378هـ، ج4، ص 456 و 458؛ المجلسي، بحار الأنوار، 1363ش، ج32، ص104.) لكن بعض الباحثين المعاصرين يعتبرونه مختلقا، فمن هؤلاء الباحثين [[السيد جعفر مرتضى]] في كتابه الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام، ص 240، و[[باقر شريف القرشي]] في كتابه حياة الإمام الإمام حسن، ج 1، ص 394، و[[هاشم  معروف الحسني]] في كتابه سيرة الأئمة الاثني عشر، ج2، ص489. وبناء على بعض الروايات قال الإمام علي (ع) في الرد على ابنه أنه لا ينتظر حتى يخدعوه أو يفتك به، مؤكدا على نكث [[البيعة]] من الجهة الآخر وغصب حقه منذ [[رحيل النبي]] (ص).(المجلسي، بحار الأنوار، 1363ش، ج32، ص104.)}}ووفقا لرواية [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) أنَّ الإمام علي (ع) أمر الإمام الحسن (ع) مع [[عمار بن ياسر]] و[[قيس بن سعد]] أن يحّشدوا أهالي الكوفة للحرب،<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص  244 و261.</ref> فدخل الإمام الحسن (ع) وخطب في الناس، وذكر لهم فضائل [[الإمام علي بن أبي طالب]] ومكانته وأخبرهم بنقض [[طلحة]] و[[الزبير]] للبيعة، ودعاهم لنصرة الإمام علي (ع).<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 263.</ref>


وفي [[معركة الجمل]] اتّهم [[عبد الله بن الزبير]] الإمام علي{{ع}} بقتل عثمان، فخطب الإمام الحسن{{ع}} خطبة رداً عليه، وبيّن فيها دور طلحة والزبير في ذلك.<ref>ابن أعثم، الفتوح، 1411 هـ، ج ‏2، ص 466-467؛ المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 327.</ref> وقد كان الإمام الحسن(ع) في معركة الجمل قائد ميمنة جيش [[أمير المؤمنين]]{{ع}}.<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 348؛ الذهبي، تاریخ الإسلام‏، 1409 هـ، ج 3، ص485.</ref>
وفي [[معركة الجمل]] اتّهم [[عبد الله بن الزبير]] الإمام علي (ع) بقتل عثمان، فخطب الإمام الحسن (ع) خطبة رداً عليه، وبيّن فيها دور طلحة والزبير في ذلك.<ref>ابن أعثم، الفتوح، 1411 هـ، ج ‏2، ص 466-467؛ المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 327.</ref> وقد كان الإمام الحسن(ع) في معركة الجمل قائد ميمنة جيش [[أمير المؤمنين]] (ع).<ref>المفيد، الجمل، 1413 هـ، ص 348؛ الذهبي، تاریخ الإسلام‏، 1409 هـ، ج 3، ص485.</ref>
وروى [[ابن شهر آشوب]] أن في معركة الجمل أعطى الإمام علي (ع) رمحه ل[[محمد بن الحنفية]] حتى يطعن الجمل، ولكنه لم ينجح في ذلك، ثم أخذ الإمام الحسن بن علي الرمح، وتمكن من طعن الجمل.<ref>ابن شهر آشوب، المناقب، 1379 هـ، ج 4، ص21.</ref>  
وروى [[ابن شهر آشوب]] أن في معركة الجمل أعطى الإمام علي (ع) رمحه ل[[محمد بن الحنفية]] حتى يطعن الجمل، ولكنه لم ينجح في ذلك، ثم أخذ الإمام الحسن بن علي الرمح، وتمكن من طعن الجمل.<ref>ابن شهر آشوب، المناقب، 1379 هـ، ج 4، ص21.</ref>  


سطر ١٥٦: سطر ١٥٦:
وذكر حسين محمد جعفري في كتابه (التشيع في مسير التاريخ) أن معظم [[أصحاب النبي]] (ص) الذين سكنوا [[الكوفة]] بعد تأسيسها أو قدموا إليها في فترة [[خلافة]] [[الإمام علي (ع)]] بايعوا الإمام الحسن (ع) أو قبلوا خلافته،<ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1380ش، ص158.</ref> ويعتقد جعفري بناء على بعض القرائن أن أهالي [[مكة]] و[[المدينة]] كانوا قد قبلوا خلافته، كما أن أهل العراق اعتبروا الحسن هو الخيار الوحيد لهذا المنصب،<ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1380ش، ص158-160.</ref> ويضيف جعفري أن أهل [[اليمن]] وفارس كانت لهم موافقة ضمنية أو على الأقل لم يعارضوه في هذا الأمر.<ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1382ش، ص 161.</ref>
وذكر حسين محمد جعفري في كتابه (التشيع في مسير التاريخ) أن معظم [[أصحاب النبي]] (ص) الذين سكنوا [[الكوفة]] بعد تأسيسها أو قدموا إليها في فترة [[خلافة]] [[الإمام علي (ع)]] بايعوا الإمام الحسن (ع) أو قبلوا خلافته،<ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1380ش، ص158.</ref> ويعتقد جعفري بناء على بعض القرائن أن أهالي [[مكة]] و[[المدينة]] كانوا قد قبلوا خلافته، كما أن أهل العراق اعتبروا الحسن هو الخيار الوحيد لهذا المنصب،<ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1380ش، ص158-160.</ref> ويضيف جعفري أن أهل [[اليمن]] وفارس كانت لهم موافقة ضمنية أو على الأقل لم يعارضوه في هذا الأمر.<ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1382ش، ص 161.</ref>


ذكرت المصادر التاريخية أنَّ الإمام الحسن{{ع}} ذكر شروطا لمبايعته فقد قال: (تبايعون لي على السمع والطاعة، وتحاربون من حاربت، وتسالمون من سالمت)، وعندما سمع الناس هذا الكلام من الإمام الحسن ذهبوا إلی الإمام [[الحسين]]{{ع}}، وطلبوا منه أن يبايعوه، فرفض ذلك، وأجابهم: (معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا)، فرجعوا، وبايعوا الحسن،<ref>ابن قتیبة، الإمامة والسیاسة، 1410 هـ، ج 1، ص 184.</ref> وذكر المؤرخون أنَّ قيس بن سعد لما أراد مبايعة الإمام الحسن{{ع}} اشترط أنه يبايعه على [[كتاب الله]] و[[السنة النبوية|سنة نبيه]]، وأضاف أنه يُحارب أيضا من أحل دماء [[المسلمين]]، فلم يرض الإمام الحسن(ع) بالشرط الأخير، واعتبره داخلا ضمن كتاب الله وسنة نبيه،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، 1387 هـ، ج 5، ص158.</ref> وبناء على هذا، اعتبر البعض أن الإمامَ الحسن (ع) كان رجلا مسالما يبتعد عن الحرب، وسيرته وسلوكه تخالف سيرة [[الإمام علي|أبيه]] و[[الإمام الحسين|أخيه]]. <ref>http://www.iranicaonline.org/articles/hasan-b-ali.</ref><ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1382ش، ص 161.</ref>
ذكرت المصادر التاريخية أنَّ الإمام الحسن (ع) ذكر شروطا لمبايعته فقد قال: (تبايعون لي على السمع والطاعة، وتحاربون من حاربت، وتسالمون من سالمت)، وعندما سمع الناس هذا الكلام من الإمام الحسن ذهبوا إلی الإمام [[الحسين]] (ع)، وطلبوا منه أن يبايعوه، فرفض ذلك، وأجابهم: (معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا)، فرجعوا، وبايعوا الحسن،<ref>ابن قتیبة، الإمامة والسیاسة، 1410 هـ، ج 1، ص 184.</ref> وذكر المؤرخون أنَّ قيس بن سعد لما أراد مبايعة الإمام الحسن (ع) اشترط أنه يبايعه على [[كتاب الله]] و[[السنة النبوية|سنة نبيه]]، وأضاف أنه يُحارب أيضا من أحل دماء [[المسلمين]]، فلم يرض الإمام الحسن(ع) بالشرط الأخير، واعتبره داخلا ضمن كتاب الله وسنة نبيه،<ref>الطبري، تاريخ الطبري، 1387 هـ، ج 5، ص158.</ref> وبناء على هذا، اعتبر البعض أن الإمامَ الحسن (ع) كان رجلا مسالما يبتعد عن الحرب، وسيرته وسلوكه تخالف سيرة [[الإمام علي|أبيه]] و[[الإمام الحسين|أخيه]]. <ref>http://www.iranicaonline.org/articles/hasan-b-ali.</ref><ref>جعفري، تشیع در مسیر تاریخ، 1382ش، ص 161.</ref>


ويعتقد رسول جعفريان أنَّ مثل هذه الشروط لا تدل على أن الحسن بن علي (ع) كان رجلا مسالماً لا يرغب في الحرب، بل كان يريد المحافظة على سيادته واقتداره كحاكم المجتمع، حتى يتمكن من خلالها أن يتخذ قرارات حاسمة، كما أن إجراءاته اللاحقة كشفت عن أنه كان يصر على الحرب،<ref>جعفريان، حیات فكرى وسیاسى ائمه، 1381ش، ص132.</ref> ويؤيد ذلك الأخبار التي تتحدث عن ارتفاع راتب جنوده بنسبة مئة في المئة، الأمر الذي يعد من أوائل القرارات التي اتخذها الإمام إبان حكمه.<ref>أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، 1408 هـ، ص 64.</ref>
ويعتقد رسول جعفريان أنَّ مثل هذه الشروط لا تدل على أن الحسن بن علي (ع) كان رجلا مسالماً لا يرغب في الحرب، بل كان يريد المحافظة على سيادته واقتداره كحاكم المجتمع، حتى يتمكن من خلالها أن يتخذ قرارات حاسمة، كما أن إجراءاته اللاحقة كشفت عن أنه كان يصر على الحرب،<ref>جعفريان، حیات فكرى وسیاسى ائمه، 1381ش، ص132.</ref> ويؤيد ذلك الأخبار التي تتحدث عن ارتفاع راتب جنوده بنسبة مئة في المئة، الأمر الذي يعد من أوائل القرارات التي اتخذها الإمام إبان حكمه.<ref>أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، 1408 هـ، ص 64.</ref>
سطر ٢١٩: سطر ٢١٩:
}}
}}


تعرض الإمام الحسن (ع) إلى عملية اغتيال، وذلك تزامنا مع اشتباك جيشي [[العراق]] و[[الشام]]، فجُرح الإمام، وحُمل إلى [[المدائن]] للعلاج،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص12؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص35.</ref> وعندما كان الإمام الحسن (ع) يعالج جرحه في المدائن بعث جماعةٌ من رؤساء قبائل [[الكوفة]] برسائل خفية إلى [[معاوية]]، وأعلنوا عن انقيادهم إليه، وحثوا معاوية على التوجه إليهم، وواعدوه بأن يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص12.</ref> ويروي [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) أنَّه عندما سمع الإمام الحسن{{ع}} برسالة الكوفيين وانضمام [[عبيد الله بن عباس]] إلى معاوية ورأى خذلان أصحابه أدرك أنه لا يمكنه مواجهة جيش الشام الجرار بهذا العدد من [[شيعة|شيعته]]،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص13.</ref> يقول [[زيد بن وهب الجهني]] أن الإمام الحسن (ع) عندما كان في المدائن وهو يعالج جرحه قال الإمام للجهني: والله إن حاربت معاوية لأخذ أهلُ العراق بعنقي وسلموني إليه، أقسم بالله إن الصلح بالعزة مع معاوية خير من أن أصبح أسيرا بيده أو أقتل أو يمُنُّ عليَّ معاوية، ويتجاوز عن قتلي، فيبقى هذا العار على [[بني هاشم]] إلى الأبد.<ref>الطبرسي، الاحتجاج، 1403 هـ، ج 2، ص290.</ref>
تعرض الإمام الحسن (ع) إلى عملية اغتيال، وذلك تزامنا مع اشتباك جيشي [[العراق]] و[[الشام]]، فجُرح الإمام، وحُمل إلى [[المدائن]] للعلاج،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص12؛ البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص35.</ref> وعندما كان الإمام الحسن (ع) يعالج جرحه في المدائن بعث جماعةٌ من رؤساء قبائل [[الكوفة]] برسائل خفية إلى [[معاوية]]، وأعلنوا عن انقيادهم إليه، وحثوا معاوية على التوجه إليهم، وواعدوه بأن يسلموا الحسن بن علي إليه أو يقتلوه،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص12.</ref> ويروي [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) أنَّه عندما سمع الإمام الحسن (ع) برسالة الكوفيين وانضمام [[عبيد الله بن عباس]] إلى معاوية ورأى خذلان أصحابه أدرك أنه لا يمكنه مواجهة جيش الشام الجرار بهذا العدد من [[شيعة|شيعته]]،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص13.</ref> يقول [[زيد بن وهب الجهني]] أن الإمام الحسن (ع) عندما كان في المدائن وهو يعالج جرحه قال الإمام للجهني: والله إن حاربت معاوية لأخذ أهلُ العراق بعنقي وسلموني إليه، أقسم بالله إن الصلح بالعزة مع معاوية خير من أن أصبح أسيرا بيده أو أقتل أو يمُنُّ عليَّ معاوية، ويتجاوز عن قتلي، فيبقى هذا العار على [[بني هاشم]] إلى الأبد.<ref>الطبرسي، الاحتجاج، 1403 هـ، ج 2، ص290.</ref>


===اقتراح الصلح من جانب معاوية===
===اقتراح الصلح من جانب معاوية===
سطر ٢٩٥: سطر ٢٩٥:
===منع دفن الحسن(ع) عند النبي===
===منع دفن الحسن(ع) عند النبي===
[[ملف:Baqee.jpg|250px|تصغير|قبور أئمة البقيع بعد الهدم]]
[[ملف:Baqee.jpg|250px|تصغير|قبور أئمة البقيع بعد الهدم]]
ذكرت بعض المصادر أنَّ الإمام الحسن (ع) أوصى أخاه [[الإمام الحسين]]{{ع}} أن يدفنه إلى جنب جده [[الرسول (ص)]].<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص60-62؛ الدينوري، الأخبار الطوال، 1368ش، ص221؛ الطوسي، الآمالي، 1414 هـ، ص 160.</ref>
ذكرت بعض المصادر أنَّ الإمام الحسن (ع) أوصى أخاه [[الإمام الحسين]] (ع) أن يدفنه إلى جنب جده [[الرسول (ص)]].<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص60-62؛ الدينوري، الأخبار الطوال، 1368ش، ص221؛ الطوسي، الآمالي، 1414 هـ، ص 160.</ref>
وفي خبر آخر أن الحسن بن علي تحدث مع [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] في هذا الأمر، وهي قبلت أيضا،<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1412 هـ، ج ‏1، ص388؛ الحلبي، السيرة الحلبية، 1427 هـ، ج 3، ص517.</ref>  وعلى ما ورد في كتاب أنساب الأشراف أن [[مروان بن الحكم|مروان]] عندما علم عن نية الحسن ووصيته، أخبر [[معاوية]] بذلك، وطلب معاوية من مروان أن يقف بشدة أمام هذه الوصية،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص62.</ref> لكن في الأخبار الواردة عن [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) و[[الفضل بن حسن الطبرسي|الطبرسي]] (ت: [[548 هـ]]) و[[ابن شهر آشوب]] (ت: [[588 هـ]]) ذكر أن الإمام أوصى أن يشيع نحو قبر جده النبي (ع)؛ ليجددوا به عهدا، ثم يدفن إلى جانب قبر جدته [[فاطمة بنت أسد]]،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص17؛ الطبرسي، إعلام الورى، 1417 هـ، ج 1، ص414؛ ابن شهر آشوب‏، المناقب، 1379 هـ، ج 4، ص44.</ref> كما أنه أوصى بالابتعاد من الاشتباك والنزاع في تشييع جنازته،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص60-62.</ref> وأن لا يُراق في ذلك دما من المسلمين.<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص17.</ref>
وفي خبر آخر أن الحسن بن علي تحدث مع [[عائشة بنت أبي بكر|عائشة]] في هذا الأمر، وهي قبلت أيضا،<ref>ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 1412 هـ، ج ‏1، ص388؛ الحلبي، السيرة الحلبية، 1427 هـ، ج 3، ص517.</ref>  وعلى ما ورد في كتاب أنساب الأشراف أن [[مروان بن الحكم|مروان]] عندما علم عن نية الحسن ووصيته، أخبر [[معاوية]] بذلك، وطلب معاوية من مروان أن يقف بشدة أمام هذه الوصية،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص62.</ref> لكن في الأخبار الواردة عن [[الشيخ المفيد]] (ت: [[413 هـ]]) و[[الفضل بن حسن الطبرسي|الطبرسي]] (ت: [[548 هـ]]) و[[ابن شهر آشوب]] (ت: [[588 هـ]]) ذكر أن الإمام أوصى أن يشيع نحو قبر جده النبي (ع)؛ ليجددوا به عهدا، ثم يدفن إلى جانب قبر جدته [[فاطمة بنت أسد]]،<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص17؛ الطبرسي، إعلام الورى، 1417 هـ، ج 1، ص414؛ ابن شهر آشوب‏، المناقب، 1379 هـ، ج 4، ص44.</ref> كما أنه أوصى بالابتعاد من الاشتباك والنزاع في تشييع جنازته،<ref>البلاذري، أنساب الأشراف، 1417 هـ، ج 3، ص60-62.</ref> وأن لا يُراق في ذلك دما من المسلمين.<ref>المفيد، الإرشاد، 1413 هـ، ج 2، ص17.</ref>


مستخدم مجهول