واقعة سقيفة بني ساعدة
خطأ في إنشاء صورة مصغرة: | |
اسم الحدث | واقعة سقيفة بني ساعدة. |
---|---|
تاريخ | سنة 11 للهجرة بعد رحلة النبي |
النتائج | غصب الخلافة وانتخاب أبي بكر خليفة لرسول الله |
التأثيرات | واقعة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام، شهادة السيدة فاطمة (ع)، مصادرة فدك، واقعة الطف |
ذات صلة | واقعة غدير خم |
تاريخ صدر الإسلام |
---|
شخصيات |
الحروب: الغزوات و السرايا |
سرايا النبي (ص) |
المدن والأماكن |
حوادث |
مفاهيم ذات صلة |
واقعة سقيفة بني ساعدة وهي أول وأهم الوقائع التي حدثت بعد رحيل النبي في السنة 11 من الهجرة والتي تمت فيها مبايعة أبي بكر كخليفة للمسلمين بعد رسول الله.
بعد وفاة النبي محمد، وفي حين كان الإمام علي وبعض الصحابة مشغولين بدفنه، اجتمع بعض من الأنصار برئاسة سعد بن عبادة كبير قبيلة خزرج في سقيفة بني ساعدة لينتخبوا خليفة لهم يملأ فراغ القيادة بعد رحيل النبي.
يعتقد بعض المؤرخين أن اجتماع الأنصار عقد لتعيين حاكم للمدينة فقط، ولكن بعد دخول بعض المهاجرين للاجتماع تحول مسير الكلام إلى تعيين خليفة للنبي ليكون قائداً على المسلمين، وفي النهاية تمت مبايعة أبي يكر كخليفة للمسلمين، ووفقاً للمصادر التاريخية كان عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح ممن حضر السقيفة من المهاجرين غير أبي بكر.
يستند أهل السنة لتشريع حكومة أبي بكر وخلافته على إجماع أهل العقد والحل، بينما يشير المؤرخون إلى أن مبايعة أبي بكر كانت محل خلاف ونزاع في المدينة لفترة من الزمن، ولم تحظى بالقبول العام، كما أبدى الإمام علي والسيدة الزهراء معارضتهما للبيعة بالإضافة إلى الفضل وعبد الله ابنا العباس بن عبد المطلب وعدد من أصحاب النبي، أمثال سلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد بن عمرو، والزبير بن العوام، وحذيفة بن اليمان، ويعتبر الشيعة أن واقعة السقيفة ونتائجها مخالفة لكلمات النبي المبنيّة على وصاية الإمام علي وخصوصاً في غدير خم.
نقلت واقعة السقيفة في المصادر التاريخية، وألفت كثير من الكتب حول التحقيق فيها وتحليلها، كما قام بعض المستشرقين من أمثال هنري لامنس، وكيتاني، وويلفرد مدلونغ بنقل الواقعة وتحليلها في مؤلفاتهم. ويعد كتاب «خلافة محمد» لمدلونغ و«نظرية مثلث القدرة» لهنري لامنس من أشهر ما كتب في هذا المجال.
مكان الواقعة
السقيفة؛ صفّة؛ ذات سقف. ويقصد منها المكان الذي يقع في جانب من المدينة، وله سقف ممتدّ، ويعود لبني ساعدة بن كعب الخزرجي، ولذلك عرف بسقيفة بني ساعدة. وكان الأنصار يجتمعون فيه للمشورة وحلّ قضاياهم.[١] وتقع سقيفة بني ساعدة في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي بين مساكن قبيلة بني ساعدة بن كعب بن خزرج، جنب بئر بضاعة. وكان سَعد بن عُبادة -مرشح الأنصار لتولي منصب الخلافة- يسكن قريباً من هذا المكان.[٢] بعد هجرة النبي لم تعقد الاجتماعات في سقيفة بني ساعدة لمدة عشر سنوات حتى وفاة النبي، وأول اجتماع عقد فيها بعد ذلك كان لتعيين الخليفة بعد النبي.[٣]
أرضية السقيفة
تذكر المصادر التاريخية أحداثاً ذات أهمية للأمة في الفترة التي تقع ما بين [[وفاة النبي (ص)|وفاة النبي]] ومواراته الثرى، إذ أنه وفي اليوم الّذي توفي فيه رسول الله وهو 12 ربيع الأول سنة 11 للهجرة، كانت الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة للتحدث في أمر الخلافة ونصبت لها سعد بن عبادة، ودارت بين المهاجرين والأنصار ممن حضر في السقيفة منازعة طويلة وخطوب عظيمة، بينما علي والعباس وبعض من الصحابة مشتغلين بتجهيز النبي،[٤]
ولم يرى علي ما يستدعي التأخير في مواراة النبي، وهذا ما يفهم من خلال بعض الروايات مثل: قوله: «أفكنت أدع رسول الله في بيته لم أدفنه، وأخرج أنازع الناس سلطانه!» وقول فاطمة: «ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم».[٥]
مجريات الواقعة
وفقاً لمدلونغ وهو مستشرق ألماني ولد عام 1930م فإن غالبية الروايات التي نقلت الواقعة تصل إلى عبد الله بن العباس نقلاً عن عمر بن الخطاب في زمن خلافته وهو على المنبر خلال موسم الحج. وجميع الروايات الأخرى قد أخذت من رواية ابن عباس، ونقلها ابن هشام، والطبري، وعبد الرزاق بن همّام، والبخاري، وابن حنبل، مع اختلاف يسير في سلسلة الرواة.[٦]
يمكن تقسيم الأحداث التي وقعت في السقيفة إلى مرحلتين؛ قبل إلتحاق بعض المهاجرين بالأنصار، وبعد إلتحاقهما وبرفقة أبو عبيدة بن الجراح.
قبل التحاق المهاجرين
في البداية اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليولّوا سعد بن عبادة الأمر بعد رحيل النبي وقد خرج وهو مريض، وكان ولده يتكلم بكلامه ويسمع الناس. وقد ذكر للأنصار فضائلاً لم تتّسم بها قبيلة من العرب، إلى أن انتهى بدعوتهم للإستئثار بالحكم،[٧] فأيّده القوم ووصفوه بخير المؤمنين لتولي الأمر.[٨] فأوعز سعد إليهم أن يأخذوا بزمام المبادرة، غير مكترثين بآراء الناس بقوله: "استبدوا بهذا الأمر دون الناس".[٩] فيجيبوه بأجمعهم: "وُفقت في الرأى وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضى" ثم إنهم تبادلوا الكلام بينهم عن ما لو رفض المهاجرون ذلك، فاقترح بعضهم أن يجيبوهم باقتسام الأمر بأن يكون للأمة خليفتان أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرين، فأجابهم سعد بن عبادة حين سمع ذلك بأن هذا أول ضعف المسلمين. وهكذا تداول حشد الأنصار الأمر فيما بينهم قبل أن يلتحق بهم المهاجرون.[١٠]
بعد التحاق المهاجرين
بعد أن وصل خبر السقيفة إلى عمر بن الخطاب أرسل إلى أبي بكر بن أبي قحافة وهو في داره بأنه قد حدث أمر لابدّ من حضوره، وعندما خرج إليه، أخبره بأمر الأنصار واجتماعهم في السقيفة ليولّوا سعد بن عبادة أمور الخلافة. فانطلقا إلى الأنصار ليروا ما هم عليه.[١١] وفي طريقهم التقوا بأبي عبيدة بن الجراح، ثم بعاصم بن عدي وعويم بن ساعدة، فأخبروهم عن مجريات السقيفة ونصحوهم بالرجوع، إلا أنهم لم يأخذوا بالنصيحة، فوصلوا والأنصار مجتمعين،[١٢] فأراد عمر البدء بالكلام فاستأذنه أبو بكر ليتكلم أولاً وبدأ الكلام ببيان فضل المهاجرين على الأنصار وأولوية قريش في الخلافة، ولكن قوبل كلامه بالقبول والرفض وأشار بعض الحاضرين إلى أحقية علي بالخلافة.[١٣]
نقاشات السقيفة
سجّلت المصادر التاريخية النقاشات التي درات في السقيفة بين جهة وأخرى وعلى لسان أشخاص محدّدين وبحذافيرها، مما آل إلى مشادات كلامية مشينة وأوشكت أن تؤدي إلى العنف والاعتداء.
- فيبدأ أبو بكر بعد ما يحمد الله ويثني عليه قائلاً: "إن الله بعث محمداً رسولاً إلى خلقه وشهيداً على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور ثم يقرأ ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ ويقولون (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخصّ الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به...، إلى أن يقول: "فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله وبالرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم ثم يردف قائلاً: "وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله وجعل اليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تفتاتون بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور".[١٤]
- فهنا يقوم الحباب بن المنذر بن الجموح فيقول: "يا معشر الأنصار أملكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العز والثروة، وأولوا العدد والمنعة والتجربة، ذوو البأس والنجدة، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون، ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وينتقض عليكم أمركم، أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير".[١٥]
- فيقول عمر بن الخطاب: "هيهات لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم، وولي أمورهم منهم ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة".
- ثم يقوم الحباب بن المنذر فيقول: "يا معشر الأنصار أملكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد وتولّوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين أنا جذيلها المحكك وغذيقها المرجب، أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة".
- فيقول له عمر: "إذاً يقتلك الله، فيرد ابن منذر: بل إياك يقتل". [١٦]
- ثم يحذر أبو عبيدة، الأنصار من التحريف في أصل الدين وأساسه: "يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر، فلا تكونوا أول من بدّل وغيّر".
- فيقول بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير -وهو من الأنصار- محذرا إياهم تجاهل أحقية المهاجرين قائلا: "يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضى ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ولا نبتغي به من الدنيا عرضاً فإن الله ولي المنة علينا بذلك، ألا إن محمداً من قريش وقومه أحق به وأولى وأيم الله لا يرانى الله أنازعهم هذا الأمر أبداً فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم". [١٧]
- كما فضّل عبد الرحمن بن عوف المهاجرين على الأنصار بسبب فقدانهم لشخصيات مثل أبي بكر وعمر وعلي.[١٨]
- أما زيد بن أرقم -وهو من الأنصار- يصف علياً أنه هو الشخص المؤهل لتولّي المنصب ولو قدّم نفسه لما كان أحد يقدر على منافسته.[١٩] ونقلت المصادر بأن الأنصار قالوا: لا نبايع إلا علياً.[٢٠]
بيعة السقيفة
فبعد أن انشق رأي الأنصار في السقيفة وحدث شقاق جديد بين قبيلتي الأوس والخزرج، أتى دور أبي بكر؛
- وقال: "هذا عمر وهذا أبو عبيدة، فأيهما شئتم فبايعوا"
- فقالا لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك، فإنك أفضل المهاجرين وثاني إثنين إذ هما في الغار وخليفة رسول الله على الصلاة، والصلاة أفضل دين المسلمين، فمن ذا ينبغى له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك، ابسط يدك نبايعك.
فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر: يا بشير بن سعد، عققت عقاق ما أحوجك إلى ما صنعت أنفست على ابن عمك الإمارة، فقال: لا والله ولكني كرهت أن أنازع قوماً حقاً جعله الله لهم.
ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير -وكان أحد النقباء الذين اختارهم النبي (ص) بعد بيعة العقبة- والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً أبداً فقوموا فبايعوا أبا بكر، فقاموا إليه فبايعوه فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم قال هشام قال أبو مخنف فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر فكان عمر يقول ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر[٢١]
وعندئذ أطلقت رصاصة الرحمة على المنافسين من الأنصار لتولي أمر الخلافة وصبّت الأمور في صالح المهاجرين الأولين، فتفوّقوا على القوم. ثم يصوّر لنا الطبري في تاريخه مجريات الأحداث وكأنها أخذت منحى آخر، حيث أقبلت الناس من كل جانب لمبايعة أبي بكر، فحصل تدافع جماهيري -على حد تعبيره- ممّا كاد أن يؤدي إلى وطئ سعد بن عبادة أو يودي به، كما يذكر أيضاً الاحتدام الذي حصل بين سعد وعمر ووساطة أبي بكر لوضع حدٍ له وحمل سعد إلى الخارج ورفضه للمبايعة رفضاً باتّاَ إلى آخره.[٢٢]
يقول المعتزلي نقلا عن براء بن عازب: "...فكنت أتردد إلى بني هاشم وهم عند النبي في الحجرة، وأتفقد وجوه قريش، فأني كذلك إذ فقدت أبا بكر وعمر، وإذا قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبو بكر، فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه، شاء ذلك أو أبى..."[٢٣]
قال هشام قال أبو مخنف فحدثني أبو بكر بن محمد الخزاعي، أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر، فكان عمر يقول ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر[٢٤]
- الحضور في الاجتماع
أغلب التقارير المنبثقة من مصادر أهل السنة حول السقيفة، تؤيد تواجد عامة المهاجرين والأنصار ومشاركتهم الفعالة في ذلك الاجتماع.[٢٥] والحال إن كثيراً من المصادر تصف الحدث وتقسمه إلى مرحلتين؛ الأولى هي البيعة في السقيفة، والثانية البيعة العامة والتي شملت عموم أهل المدينة غداة السقيفة.[٢٦]
توصّل الباحثون إلى أن من بين المهاجرين أبو بكر وعمر وأبو عبيدة هم من حضر السقيفة واحتمال مرافقة بعض من أعضاء الأسرة أو خَدَمَته هؤلاء الثلاثة، وارد وليس مستبعداً. ومن ضمن الحضور ورد اسم سالم مولى أبي حذيفة، وهو يعدّ من أول المبايعين لأبي بكر. ولو لم تذكر أيا من أمهات المصادر المتقدمة اسمه. كما قد سكتت المصادر عن ذكر اسامي أخرى ممن كان يمكن تواجدهم من المهاجرين وإن كانوا بمستوى أدنى أو بنفس المستوى.[٢٧] وهناك من أكد على قلة حضور المهاجرين في موقع السقيفة.[٢٨]
أشهر من حضر من الأنصار في السقيفة بحسب التقارير هم: سعد بن عبادة، وابنه قيس، وابن عمه ومنافسه بشير بن سعد، أسيد بن حضير، ثابت بن قيس، براء بن عازب، وحباب بن منذر.[٢٩]
- البيعة العامة
ثم انتشرت رقعة البيعة في المدينة بعد بيعة السقيفة، التي عرفت بـالبيعة العامة فيما بعد.[٣٠]
وهناك روايات تصف البيعة العامة وكيفية حصولها بأجواء سلمية وهادئة ومستقرة، ففي رواية ينقلها الطبري عن ابن حميد عن أنس بن مالك يقول: "لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهداً عهده إلى رسول الله[ملاحظة ١]ولكني قد كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا حتى يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوا فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة."[٣١]
أهل البيت، بنو هاشم والموالون
أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً.
يوافينا التاريخ بعدة مواقف لبني هاشم حيث أعربوا عن رفضهم لمبايعة أبي بكر اقتداءً بعلي بن أبي طالب وفاطمة (ع)، وأبدوا عن استياءهم تجاه ما آلت إليه الأمور؛
موقف علي وفاطمة (ع)
بحسب التقارير التاريخية، بعد وفاة رسول الله ومضى الأنصار قدما مع ثلة من المهاجرين في السقفيه، تقاعس عنهم علي (ع) وبعض من الصحابة.[٣٢] وبرأي المفيد: أن "المحققين من أهل الامامة يقولون: لم يبايع ساعة قط، فقد حصل الإجماع على تأخره عن البيعة".[٣٣]
عندما رأى رجل علياً وهو يسوي قبر رسول الله ثم أخبره بما حصل في اجتماع السقيفة، من مبايعة القوم أبا بكر والاختلاف الذي حصل بين الأنصار ومبادرة الطلقاء بالعقد خوفاً من إدراك بني هاشم الأمر، وضع يده على المسحاة وقرأ الآيات الأولى من سورة العنكبوت.[٣٤][ملاحظة ٢]
وفي موقف آخر له عندما انتهت أنباء السقيفة إلى أمير المؤمنين بعد وفاة رسول الله، سأل عن ما قالته الأنصار في احتجاجهم أمام المهاجرين والذي أجابوا فيه: "منّا أمير ومنكم أمير". فسأل: "ألم يحتج أحد عليهم بأن رسول الله وصّى بأن يحسَن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم"؟ فقالوا: "ومافي هذا من الحجة عليهم"؟ فقال: "لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم". وبحسب نص آخر: كيف تكون الإمامة لهم مع الوصية بهم؟ لو كانت الإمامة لهم لكانت الوصية إليهم.[٣٥]
ثم سأل عن ما قالت قريش، فأجابوه: احتجّت بأنها شجرة الرسول، فقال: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة.[٣٦]
وفي أحد إحتجاجاته حول شأن الخلافة يقول علي: واعجبا! أتكون الخلافة بالصحابة، ولا تكون بالصحابة والقرابة؟ ويروى: ولا تكون بالقرابة والنصّ.[٣٧]
وروي عن الشريف الرضي أبيات في هذا المعنى يعكس احتجاج علي هذا:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهــــــــــم | فكيف بهذا والمشيرون غُيّــــــــــــــــــــبُ | |
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم | فغيرك أولى بالنــــــــبيّ وأقــــــــــــــــــــرب[٣٨] |
وعن أبي جعفر محمد بن علي، أن علياً حمل فاطمة على حمار، وسار بها ليلاً إلى بيوت الأنصار، يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة الانتصار له، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به، فقال علي: أكنت أترك رسول الله ميتاً في بيته لا أجهزه، وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه! وقالت فاطمة: ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له، وصنعوا هم ما الله حسبهم عليه.[٣٩]
موقف الموالين لآل الرسول؛
ولقد عدّ اليعقوبي في تاريخه أسامي هؤلاء في حلقة الذين لم يرتضوا بمبايعة أبي بكر إلى جانب علي (ع): العباس، والفضلبن العباس، والزبير، وخالد بن سعيد، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر، وعمّار، والبراء بن عازب، وأُبي بن كعب.[٤٠]
واتفق الكثير على أنه قد تخلّف عن بيعة أبي بكر جماعة أبرزهم: والعباس، والفضل بن العباس، وبنو هاشم بأجمعهم، وعتبة بن أبي لهب، وسعد بن عبادة، وسلمان، وعمار، والمقداد، وأبوذر، وأبي بن كعب، وسعد بن أبي وقاص، والزبير، وطلحة، والبراء بن عازب، وخزيمة بن ثابت، وفروة بن عمرو الأنصاري، وخالد بن سعيد بن العاص...[٤١]
وعن أبان بن تغلب في الاحتجاج عندما يسأل من أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عن أصحاب الرسول فيمن أنكر على أبي بكر فعله وجلوسه في مجلس رسول الله، فيجيب: نعم، كان الذي أنكر على أبي بكر إثنا عشر رجلاً من المهاجرين: خالد بن سعيد بن العاص، وكان من بني أمية، وسلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، وبريدة الأسلمي. ومن الأنصار: أبو الهيثم بن التيهان، وسهل وعثمان ابنا حنيف، وخزيمة بن ثابت (ذو الشهادتين)، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري.[٤٢]
وهناك من يرى بأن الذين بايعوا، إنما بايعوا كرهاً.[٤٣]
وهناك تقارير عن وقائع ما بعد بيعة السقيفة تقول عندما بويع أبو بكرٍ يوم السقيفة، وجُدِّدت البيعة له على العامَّة، خرج عليٌبن أبي طالب فقال: "أفسدت علينا اُمورنا، ولم تستشر ولم ترع لنا حقّاً. فقال أبو بكر: بلى، ولكني خشيت الفتنة...ولم يبايعه أحد من بني هاشم حتّى ماتت فاطمة رضي اللّه عنها".[٤٤]
تجمع الروايات على أنه بلغ عمر بن الخطاب، أنباء من تجمعوا في دار فاطمة، فقام برفقة جماعة، باقتحام البيت وفيه علي مع ثلة من المهاجرين منهم طلحة والزبير بغية إرغامهم على البيعة.[٤٥]
البواعث لتجمع الأنصار
إن التسائل عن الأسباب التي أدت إلى أن تهرع الأنصار بجناحيها الأوس والخزرج إلى عقد مؤتمرهم، والرسول لم يغيّبه مثواه الأخير بعد عن عيون القوم، بات قائما وفي محله. فالبعض يرجع السبب إلى استشعار الأنصار بالخطورة وقصدهم لسَبق الأحداث قبل أن ينتقل رسول الله إلى الرفيق الأعلى.[٤٦]
يرى البعض بأن ما دعى لإجتماع الأنصار وأن يوجّه سعد بن عبادة خطابه لهم في السقيفة، يمكن أن يكون إما عفوياً ونابعاً من حبّه للمنصب، أو تفادياً لما كان يخطّط له أعلام المهاجرين. وأن إتخاذ هكذا مواقف في تلك اللحظة الحساسة، جاء كردة فعل لما كان يستعد له المهاجرون -على الأرجح- وليس من أجل المخالفة لوصايا النبي، والتي تشمل: حديث الإنذار يوم الدار، حديث المنزلة، حديث الوراثة، حديث الإمارة، حديث الوصاية، حديث مدينة العلم، حديث الهداية، حديث الولاية، حديث السفينة، حديث الثقلين، حديث إثني عشر خليفة، وحديث الغدير...[٤٧]
فعدم رضوخ بعض كبار المهاجرين لـجيش أسامة رغم ما أكد عليه النبي من التعجيل في تجهيز الجيش، أو الحيلولة دون جلب القلم والقرطاس بطلب النبي، أو نية التصدّي عن نزع حقوق الأنصار الاجتماعية، وما تنبأ به الرسول من إقبال الفتن كقطع الليل المظلم،[٤٨] يمكن أن تعدّ -بحسب البعض- من ضمن الأسباب التي دفعت الأنصار إلى الإسراع لعقد اجتماع في السقيفة، وذلك لإستباق الأحداث تجنّباً لتضييع حقوقهم وبالتالي إزاحتهم عن مكانتهم الإجتماعية، قبل فوات الأوان.[٤٩]
إطلالة
إن ما يستوقف الباحثين هنا هو السؤال عن الصورة التي رافقت البيعة، فهل هي إمتازت بطابع سلمي عبر المشورة والاختيار السلیم كما يروّج له البعض، أو طغی عليها أثر من العنف والإحتقان "وكانت فلتة وقى الله شرّها" كما يصفها عمر في مقولته الشهيرة.[٥٠] فإلى ما يستندون؟
المصادر التاريخية عند الفريقين تصف إجتماع السقيفة على صورة:
أن يجعل بن الخطاب يتمني قتل سعد، لِما يصفه بالمنافق وصاحب فتنة على حد تعبيره.[٥١] ويقوم على رأسه ويقول له: "هممت أن أطأك حتى تندر عضوك، أو عيونك"[٥٢] فيتلقاه قيس بن سعد قائلاً: "لئن حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة، أو جارحة".[٥٣]
ويقول عمر بن الخطاب: "والله ما يخالفنا أحد إلا قتلناه..." ثم ارتفعت الأصوات حتى كادت الحرب تقع...وانتضى الحباب بن المنذر السيف ويقول: "والله لا يرد علي أحد ما أقول إلا حطمته بالسيف". فيقول له عمر: إذن يقتلك الله. فيجيب: بل إياك يقتل.[٥٤] فيأخذ ويوطئ في بطنه، ويدسّ في فيه التراب.[٥٥]
وآخر ينادي: "أما والله أرميكم بكل ما في كنانتي من نبل، وأخضب منكم سناني ورمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي، وأقاتلكم مع من معي من أهلي وعشيرتي".[٥٦]
وآخر يقول: "إني لأرى عجاجة لا يُطفئها إلا دمّ".[٥٧]
ويبعث أبو بكر عمراً إلى بيت فاطمة، ويأمره بقتالهم إن أبَوا، وما روي من حمل قبس من نار لإحراق البيت إن لم يدخل من فيه فيما دخلت فيه الأمة، ولم يخرجوا إلى البيعة[٥٨]
ويستلّ الزبير سيفه عند بيت فاطمة، ويقول: "لا أغمده حتى يبايَع علي". فيقول عمر بن الخطاب: "عليكم بالكلب". فيؤخذ سيفُه من يده، ويضرب به الحجر فيكسر".[٥٩] كما أن المقداد يدفع في صدره،[٦٠]ويضرب أنف الحباب بن المنذر ويكسر.[٦١]
وأخيراً الإعتداء على الزهراء و...[٦٢] ولم يبايع علي حتى يرى الدخان يخرج من بيته.[٦٣]
السقيفة في الكلام الشيعي
تعتقد الشيعة بأن الاجتماع في السقيفة وما تمخض عنه، كان تخلفا عن صريح وصايا النبي حول استخلافه علي بن أبي طالب (ص) من بعده. وقد استشهدت الشيعة ببعض الآيات والروايات والأحداث التاريخية، للرد على مشروعية السقيفة وإثبات أحقية الإمام علي لخلافة الرسول طبقاً لما ورد عن أتباع أهل البيت وتداولته مصادر أهل السنة أيضاً، ومن أهمها الروايات المتعلقة بواقعة الغدير. فبرأي الشيعة استخلف النبي علي بن أبي طالب (ع) في غدير خم لإكمال الرسالة الإلهية وعلى نحو صارخ أمام المسلمين المشاركين في حجة الوداع.[٦٤]
يذكر العلامة المظفر روايات عديدة عن مختلف المواقف التاريخية والتي فيها يُشير النبي إلى خلافة علي بعده إما بتصريح أو بتلميحٍ وإيحاء. أحاديث نحو: "إن عليا مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي" و"لكل نبي وصي ووارث وإن وصيي، ووارثي علي بن أبي طالب" أو"أنا مدينة العلم وعلي بابها" وحديث الإنذار يوم الدار، والغدير، وعند مؤاخاة الصحابة، ويوم الخندق والخيبر، وإغلاق أبوب الصحابة المنتهية إلى المسجد النبوي عدا باب علي و... تدل على مؤهلات الإمام علي (ع)، بشكل أو بآخر.[٦٥]
عواقب السقيفة
من المؤرخين من يعدّ أحداثاً تاريخية طوال الفترات التي تلت واقعة السقيفة، ويعتقد بأنها من ثمار تلك الواقعة، من أهمها:
- إقتحام بيت فاطمة، من أجل إرغام زوجها علي (ع) على البيعة ورافقت الانتهاكات المبرحة -على رأي أتباع أهل البيت- التي أدى إلى وفاتها (س).[٦٦]
- مصادرة فدك وهي القرية الواقعة في الحجاز والتي وهبها النبي (ص) لإبنته الزهراء (ع) في حياته.[٦٧]
- واقعة الطف الذي قتل فيه أبو عبد الله الحسين (ع) سبط النبي مع جمع من أنصاره وسبي أهل بيت الرسول (ص) في أرض كربلاء سنة 61 للهجرة.[٦٨]
وهذه الحقيقة تماماً كما وصفها المرحوم الغروي الأصفهاني على حد تعبيره، حيث يقول:[٦٩]
فما رَماه اِذْ رَماهُ حَرمَله | وانَما رَماهُ مَن مَهَّدَ له | |
وما أصاب سَهْمُهُ نَحرَ الصّبي | بَل كَبدَ الدینِ ومُهجة النَبي |
رؤى المستشرقين
- هنري لمنس ونظرية القوة الثلاثية؛ في عام 1910 م، أصدر المفكر البلجيكي، هنري لمنس (1863-1937)، مقالة تحت عنوان "القوة الثلاثية؛ أبو بكر، عمر وأبو عبيدة". وادعى فيها بأن الغاية المشتركة والتعاضد الفاعل بين هؤلاء الثلاثة في حياة النبي الأعظم (ص) كان يجري على قدم وساق، ومنحهم القوة لتثبيت خلافة إبي بكر وعمر. وقد كان أبو عبيدة ينال منصب الخلافة، اذا كان يعيش بعد عمر بن الخطاب. ولو لم يتطرق لمنس في نظريته هذه إلى مؤامرة حيكت لكسب الخلافة، إلا أنه احتملها وبشكل غير مباشر عبر طرحه للنظرية.[٧٠]
- ويعتقد لمنس بأن ابنتا أبي بكر وعمر؛ عائشة وحفصة -زوجتا الرسول (ص)- نجحتا في إطلاع أبويهما عن كل شاردة وواردة في حياة النبي، وقد توفقتا بلعب دور فاعل في حياة النبي والذي سنح لهم الاحتكام بالسلطة.[٧١]
- نظرية ليون كايتاني؛ وقد يشير هذا المستشرق الإيطالي، في مقدمته لكتاب تاريخ الإسلام، إلى عمق الخلافات بين أبي بكر وبني هاشم ويبدي عن استغرابه لتنصيب أبي بكر في اجتماع الانصار في سقيفة بني ساعدة، بعيد وفاة الرسول (ص). كما يؤيد كايتاني تلميحاً إلى مدى جدية ما يدعيه علي بن أبي طالب (ع) في رفضه للروايات المشهورة التي تمسك بها أبو بكر لخلافته المزعومة، بما فيها تقدمُ حق قريش لكونهم عشيرة النبي (ص).
- لأن الأمر يؤدي إلى ترسيخ مطالبة علي بن أبي طالب (ع) الذي يُعد من أقرب أقارب النبي. ومن وجهة نظره لو كان بإمكان النبي أن يختار أحدا، من الأرجح أنه كان يفضل أبا بكر على السائرين، ورغم ذلك يعتبر كايتاني، نظرية "القوة الثلاثية: أبو بكر، عمر، أبو عبيدة" لهنري لمنس، هي النظرية المثلى، في المجلدات اللاحقة لكتابه.[٧٢]
- ويلفرد مدلونغ؛ يقوم المستشرق الألماني والخبير في الديانة الإسلامية، بطرح الموضوع وجوانبها بإسهاب ويعتقد خلاف ما يراه أغلب المؤرخين، بأن اجتماع السقيفة لم يتكون في بادئ الأمر لتعيين الخليفة على المسلمين، وبما أن عقيدة الخلافة لتولي قيادة الأمة، لم يسبق له نظير في المجتمع الإسلامي، فالتصور بأن الأنصار كانت تطمح إلى ذلك عبر اجتماعها، مستبعد من أصله.[٧٣]
- ويعتقد مدلونغ بأنه وبعد وفاة النبي (ص) مباشرة، قد تصورت الأنصار بأن البيعة مع الرسول أصبحت في خبر كان، وتوجست انهيار المجتمع الذي بُني على يد النبي، فقررت اختيار قائد من بينهم لتدبير أمور المدينة، وبناء عليه اجتمعت في السقيفة بدون استشارة المهاجرين.
- فتوقعت الأنصار بأن لا وجهة لبقاء المهاجرين في المدينة، فسيعودون إلى ديارهم، ومن لم يعد فسوف يخضع للأمر الواقع تحت إمرة الأنصار.
- ويطرح هذه النظرية بجد؛ ألا وهي الرؤية المختصة بعمر وأبي بكر والتي تعتبر خليفة الرسول هو الحاكم على جميع العرب والمسلمين» ولايليق بهذا المنصب غیر قريش.[٧٤]
- کما ويعتقد أن أبا بكر كان قد اعتزم على تصدي الخلافة قبل وفاة النبي (ص)، وكان قد يحمل نية الإطاحة بمنافسيه الأقوياء، لأجل الحصول على ذلك.
- وكان على رأس المنافسين، أهل بيت محمد (ص) الذين قد فضلهم الله على سائر المسلمين.[٧٥]
- إن مبادرة الأنصار لاجتماعهم في السقيفة هيأت الفرصة المناسبة لأبي بكر كي ينال ما كان يتوق له، فقدم في البدء عمرا وأبا عبيدة -وبصورة تمثيلية- كخيارين لخلافة للنبي (ص)، والحال أنهما لم يكونا يتمتعا بأقل قدر من الحظ في كسب الآراء، والواضح أن العرض لم يكن جاداً وقد استغله ابن أبي قحافة، لإثارة الجدل فيما بين المجتمعين، كي تصب الأمور في مصلحته في نهاية المطاف.[٧٦]
- والأدلة المطروحة من قبل أهل السنة والباحثين في الغرب، التي ترى عدم جدية ترشيح علي بن أبي طالب، نظراً لحداثة سنه وعدم كفاءتة -مقارنة ببعض الصحابة الآخرين مثل أبي بكر وعمر- يتعارض مع واقع المجتمع -على حد تعبير مدلونغ- وهناك أمور أخرى مثارة من جانب أبي بكر أدى إلى تغافل المسلمين عن ابن أبي طالب، ومن ثم حرمانه من منصب الخلافة.[٧٧]
السقيفة وأصل الإجماع
إن أصل الإجماع، يعد أحد قواعد استنتاج الحكم الشرعي لدى أهل الجماعة والذي اعتُمد عليه في إثبات مصداقية خلافة أبي بكر. وقد تمسكت السنة إلى دليل إجماع الأمة في تبرير شرعنة خلافة أبي بكر حسب الباحثين الشيعة.[٧٨]
وأبدعوا مفهوم الإجماع في الإمامة العامة والخاصة، لصحة اجتماع الأمة، قاصدين نبذَ عقيدة الشيعة ونفي الحاجة إلى الإمام المعصوم. كان طرح هذه النظرية برأي هؤلاء الباحثين، كرد فعل تجاه قضية السقيفة وخلافة أبي بكر والتسويغ له، وإن تسريه إلى سائر المجالات العقدية كالإمامة العامة والقضايا الفقهية، يعد محاولة لتكريس هذا الاعتقاد.[٧٩]
مواضيع ذات صلة
الهوامش
- ↑ تاري، حقائق السقيفة، ج 1، ص 7.
- ↑ الحموي، معجم البلدان، ج 3، ص 229.
- ↑ رجبي دواني، تحليل واقعة سقيفة بني ساعدة بالنظر إلى نهج البلاغة، ۱۳۹۳ش، ص۸۰.
- ↑ المسعودي، التنبيه والإشراف، ص 247.
- ↑ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 30.
- ↑ Madelung, Wilfred, The Succession To Muhammad, p 28>
- ↑ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 12-15.
- ↑ الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 455-456.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455 - 459.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 456.
- ↑ تاري، حقائق السقيفة، ص 40.
- ↑ الطبري، تاريخ الأمم، ج 2، ص 456.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.
- ↑ الطبري، التاريخ: ج 2، ص 455-459.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 123.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 123.
- ↑ الطبري، ابن جرير، تاريخ الطبري، ج 3، ص 202.
- ↑ الطبري، التاريخ الطبري، ج 2، ص 455-459.
- ↑ الطبري، التاريخ، ج 2، ص 455-459.
- ↑ المعتزلي، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 219.
- ↑ الطبري، التاريخ الطبري، ج 2، ص 452.
- ↑ Madelung, Wilfred, The Succession To Muhammad, p 32-33>
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 567.
- ↑ Madelung, Wilfred, The Succession To Muhammad, p 32-33>
- ↑ عبد المقصود، السقيفة والخلافة، ص 317.
- ↑ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 21-26.
- ↑ العسكري، السيد مرتضى، ج 1، ص 120.
- ↑ الطبري، التاريخ الطبري، ج 2، ص 450.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 124.
- ↑ المفيد، الفصو المختارة، ص 56-57.
- ↑ المفيد، الإرشاد، ج 1، ص 189؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 22، ص 519 - 27.
- ↑ الريشهري، موسوعة الإمام علي نقلاً عن نثر الدرر، ج 1، ص 279.
- ↑ الريشهري، موسوعة الإمام علي نقلاً عن نهج البلاغة، الخطبة 67.
- ↑ الريشهري، موسوعة الإمام علي نقلاً عن خصائص الأئمة، ص 111.
- ↑ نهج البلاغة، ذيل الحكمة 190.
- ↑ المعتزلي، شرح نهج البلاغة، ج 6، ص13.
- ↑ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 124.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 304 نقلاً عن مروج الذهب: ج2، ص301 والعقد الفريد، ج 4، ص 259 والمعتزلي، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 131.
- ↑ المامقاني، تنقيح المقال، ج 25، ص 5؛ موسوعة الإمام عي نقلاً عن الاحتجاج، 37/186/1، الخصال، 4/461 عن زيد بن وهب.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 304 نقلاً عن شرح النهج للمعتزلي، ج 1، ص 219 وج 6، ص 9، و11 و19 و40 و47 و48 و49.
- ↑ الريشهري، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ، ج 3، ص 58 نقلاً عن مروج الذهب، ج 2، ص 307 وابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 30-31 ومشاهير علماء الأمصار، ص 22.
- ↑ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 2، ص 269؛ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 29، المرتضى، الشافي في الإمامة، ج 3، ص 240؛ الطبرسي، الإحتجاج، ج 1، ص 183، 36.
- ↑ بيضون، رفتارشناسي امام علي(ع)،، ص 29-30.
- ↑ الريشهري، راجع موسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 182.
- ↑ بيضون، إبراهيم، رفتار شناسي إمام علي (ع)، ص 29-30، 1379 ش.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 305 نقلاً عن شرح النهج للمعتزلي، ج 2، ص 50 وج 6، ص 47 والبلاذري، أنساب الأشراف، ج 1، ص 590 واليعقوبي في تاريخه، ج 2، ص158.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 315 بنقل عن الأميني صاحب الغدير.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 315 نقلاً عن مسند أحمد، ج 1، ص 56.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 315 نقلاً عن تاريخ الأمم والملوك، ج 3، ص 222.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص316 نقلاً عن مسند أحمد، ج 1، ص 56، والبيان والتبيين، ج 3، ص 198، والعقد الفريد، ج 4، ص 86، و...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 316 نقلاً عن شرح النهج للمعتزلي، ج 6، ص 40، والغدير، ج 7، ص 76.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 316 نقلاً عن الإمامة والسياسة لابن قتيبة، (بتحقيق الزيني) ج 1، ص 17 (بتحقيق الشيري) ج 1، ص 27...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 317 نقلاً عن الغدير ج 3، ص 253...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 318، نقلاً عن العقد الفريد، ج 4، ص 87؛ تاريخ أبي الفداء، ج 1، ص 156...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 317 نقلاً عن الإمامة والسياسة لإبن قتيبة، ج 1، ص 18...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 317، نقلاً عن الصوارم المهرقة، ص 58...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 317؛ شرح النهج للمعتزلي، ج 1، ص 174...
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 318، نقلاً عن مأساة الزهراء، ج 2، ص 132-143.
- ↑ العاملي، الصحيح، ج 33، ص 319 نقلاً عن تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 137...
- ↑ المظفر، محمد رضا، السقيفة، ص 61-65.
- ↑ المظفر، محمد رضا، السقيفة، ص 61-65.
- ↑ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 2، ص 206.
- ↑ الطبرسي، الاحتجاج، ج 1، ص 91.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 328.
- ↑ المحدثي، جواد، بلاغ عاشوراء، ص 143، نقلا عن الغروي الأصفهاني.
- ↑ لمنس، مثلث قدرت: ابوبکر، عمر، ابو عبيده، ص126، نقلا عن مادلونغ، ويلفرد، في "جانشینی محمد"، ص 15، 1377 ش.
- ↑ لمنس، مثلث قدرت: ابوبکر، عمر، ابو عبيده، ص126، نقلا عن مادلونغ، ويلفرد، في "جانشینی محمد"، ص 15، 1377 ش.
- ↑ مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 17-18، 1377 ش.
- ↑ مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 51، 1377 ش.
- ↑ مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 51-52، 1377 ش.
- ↑ مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 62، 1377 ش.
- ↑ مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 62، 1377 ش.
- ↑ مدلونغ، ويلفرد، جانشيني محمد، ص 65، 1377 ش.
- ↑ الحسيني الخراساني، بازکاوي دليل اجماع، ص 19-57.
- ↑ الحسيني الخراساني، بازکاوي دليل اجماع، ص 19-57.
الملاحظات
- ↑ علماً أن المراد من المقالة التي قالها عمر بن الخطاب بالأمس، هي ردة فعله عندما قُبض الرسول حيث قال: "إن رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول الله توفي وأن رسول الله والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات، والله ليرجعنّ رسول الله فليقطّعنّ أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنّ رسول الله مات".(الطبري، التاريخ الطبري، ج 2، ص 442).
- ↑ ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾﴿الم*أحَسِب النّاس أن يُتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لايُفتنون﴾*﴿ولقد فتنّا مِن قبلِهِم فلَيَعلَمَنَّ اللهُ الذين صدقوا ولَيَعلَمَنَّ الكاذبين﴾*﴿أم حَسِب الذين يعمَلون السَّيئات أن يسبقونا سآءَ ما يَحكُمون*﴾
المصادر والمراجع
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر، د.ت.
- ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، تعليق: محيي الدين عبد الحميد، مصر، مكتبة محمدعلي صبيح وأولاده، د.ت.
- البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود، أنساب الأشراف، تحقيق الدكتور محمد حميد الله، مصر، معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالاشتراك مع دار المعارف بمصر، 1959 م.
- بيضون، إبراهيم، رفتار شناسي إمام علي (ع)، ترجمه علي أصغر محمدي سيجاني، مكتب نشر الثقافة الإسلامية، طهران، 1379 ش.
- تاري، جليل، حقائق السقيفة في دراسة رواية أبي مخنف، ترجمة: أحمد الفاضل، إيران، المجمع العالمي لأهل البيت، ط 1، 1427 هـ.
- الترمذي، محمد بن عيسى، الشمائل المحمدية، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- الحموي، ياقوت، معجم البلدان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1399 هـ.
- الدينوري، ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، تحقيق: الشيري، قم، الشريف الرضي، ط 1، 1413 هـ.
- الريشهري، محمدي، موسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ، تحقيق: مركز بحوث دار الحديث، ط 1، قم، 1421 هـ.
- الشريف المرتضى، أبي القاسم علي بن الحسين، الشافي في الإمامة، د.م، د.ن، د.ت.
- عبد المقصود، السقيفة والخلافة، بيروت، دار المحجه البیضاء، 1427 هـ.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1879 م.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك، د م. د ت.
- العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي، بيروت، المركز الإسلامي للدراسات، 1428 هـ.
- العسكري، السيد مرتضى، معالم المدرستين، بيروت، مؤسسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع، ط 2، د ت.
- المامقاني، عبد الله، محمد رضا ومحي الدين، تنقيح المقال في علم الرجال، قم، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، د.ت.
- المجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، بحار الأنوار، تحقيق وتصحيح: مجموعة من المحققين، بيروت، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1403 هـ.
- المسعودي، الحسين بن علي، التنبيه والإشراف، د.م، د.ن، د.ت.
- المعتزلي، ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، دارالكتب العلمية، بيروت، د.ت.
- المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، الإرشاد، تحقيق: مؤسسة آل البيت لتحقيق التراث، د.م، دارالمفيد، د.ت.
- المظفر، محمد رضا، السقيفة، تقديم: د. محمود المظفر، قم، مكتبة أنصاريان، ط الثانية، 1415 هـ
- مدلونغ، ویلفرد، جانشيني حضرت محمد صلی الله علیه وآله، ترجمة إلى الفارسية: أحمد نمايي، محمد جواد مهدوي، جواد قاسمي، حيدر رضا ضابط، مشهد، مؤسسة البحوث الإسلامية للعتبة الرضوية، 1377 ش.
- Madelung, Wilferd, The succession to Muhammad, (A study of the early Caliphate), Cambridge university Press, 1997