حِجر إسماعيل هو المكان الواقع شمال غربي الكعبة يُحيط به جدار على شكل نصف دائرة طرفاه إلى زاويتي الكعبة الشمالية والغربية محاذيين للركن العراقي، والركن الشمالي، وهو مغلف بالرخام.
المعلومات العامة | |
---|---|
المدينة | مكة المكرمة |
البلد | المملكة العربية |
المشخصات | |
الهندسة المعمارية |
عندما أحضر إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل إلى مكة أنزلهما في هذا المكان، وصار مسكنا لهما، ولما توفيت هاجر دفنها إسماعيل في الحجر، وصار مدفنا لبعض الأنبياء حسب ما ذكرت بعض الروايات.
يُعتبر حجر إسماعيل من الأماكن المقدسة قبل الإسلام وبعده، فقد كان يجلس فيه عبد المطلب جدّ النبي محمد، ورأى -وهو متواجد فيها- عدة رؤى صادقة، وكذلك النبي الأكرم وأئمة أهل البيت كانوا يجلسون فيه للعبادة والدعاء وإجابة الناس على أسئلتهم.
يرى فقهاء الشيعة بناءً على الروايات الواردة عندهم من أهل البيت أن الحجر ليس جزءً من الكعبة، ولكن لا يصح الطواف بينه وبين الكعبة، بل يجب الطواف حوله.
تعريفه
هو المكان الواقع شمال غربي الكعبة يُحيط به جدار على شكل نصف دائرة طرفاه إلى زاويتي البيت الشمالية والغربية محاذيين للركن العراقي، والركن الشمالي، ويبعد عنهما بمسافة مترين وثلاثة سنتمترات من كل جهة، ويبلغ ارتفاعه مترا وواحدا وثلاثين سنتيمترا، وسمكه مترا ونصف متر، وهو مغلف بالرخام، والمسافة بين منتصف هذا الجدار من داخله إلى منتصف ضلع الكعبة ثمانية أمتار وأربع وأربعون سنتيمترا، والمسافة بين بابي الحجر ثمانية أمتار.[١]
سبب التسمية
إنَّ كل ما يحجر ويُحدد بحائط يُسمى حِجْر، ومنه سُمي المكان الذي حدده إسماعيل قرب الكعبة (حجرا).[٢]
تاريخه
إنَّ لحجر إسماعيل تاريخا يبدأ من وصول إبراهيم وإسماعيل وأمه إلى أرض مكة، إلى يومنا هذا، ومنه:
مسكن هاجر وإسماعيل (ع)
روى المؤرخون أن إسماعيل وإسحاق تعاركا عندما كانا صغيرين، فغضبت سارة أم إسحاق ، وقالت: لا أساكن هاجر في بلدة. فأوحى اللّه إلى إبراهيم أن يخرج هاجر وابنها إلى مكة، فأنزلهما موضع الحجر، وأمرهما أن يبنيا لهما عريشا يستظلا به.[٣]
المدافن فيه
روي عن الإمام الصادق أن إسماعيل دفن أمه في الحجر فكرِه أن تُوطأ فَحَجَّرَ عليه حجرا وفيه قبور أنبياء،[٤] وذكرت روايات أخرى أنه دفن فيه عذارى بنات إسماعيل،[٥] وقال المؤرخون: إنَّ إسماعيل لما حضرته الوفاة أوصى إلى أخيه إسحاق أن يدفنه في الحجر عند قبر أمه هاجر فدفنه فيه.[٦]
بناؤه قبل الإسلام
ذكرت بعض المصادر التاريخية أن قريشا قبل بعثة النبي الأكرم بخمس سنوات أعادت تعمير الكعبة بعد ان وهنت وتصدعت جدرانها من حريق أصابها والسيل العظيم الذي دخلها، واشترطوا أن يكون الإعمار من الأموال الحلال فقط، فجعلوا ارتفاعها من خارجها من أعلاها إلى الأرض ثمانية عشر ذرعا، منها تسعة أذرع زائدة على طولها حين عمّرها إبراهيم ، وقصّروا من عرضها أذرعا جعلوها فى حجر إسماعيل ، لقصر النفقة الحلال التي أعدوها لعمارة الكعبة عن إدخال ذلك فيها،[٧] وكان مقدار ما جعلوه من الحجر ستة أذرع (ثلاثة أمتار).[٨]
التغييرات بعد الإسلام
في سنة 64 هـ بعد هجوم جيش يزيد بن معاوية على مكة وضربه الكعبة بالمنجنيق وإحراقها أراد عبد الله بن الزبير إعمار الكعبة وبناءا على حديث روته عائشة عن النبي [٩] ألحق ابن الزبير من الحجر خمس أذرع بالكعبة،[١٠] وبعد مجئ الحجاج بن يوسف الثقفي وقتله لعبد الله بن الزبير أرسل إلى عبد الملك بن مروان يسأله عما يفعله فيما أحدثه ابن الزبير في بناء الكعبة، وأن ابن الزبير قد وضع البناء على أسٍّ نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما ما زاد في طوله فأقره، وأما ما زاد فيه من الحِجْر فرده إلى بنائه، وسد الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه.[١١]
جدار الحِجر
بقي جدار حجر إسماعيل حتى أيام حكم المنصور العباسي مبني من الحجارة العادية، وفي سنة 140 هـ ذهب المنصور العباسي إلى الحج ودعا زياد بن عبيد الله الحارثي أمير مكة وأمره بتعمير الجدار بالرخام،[١٢] وقد عُمِّرَ الجدار عدة مرات على طول التاريخ.[١٣]
مكانته
إنَّ لحجر إسماعيل مكانة وقدسية كبيرة عند العرب على طول التاريخ، فقبل الإسلام كان الحجر المكان الذي يجلس فيه عبد المطلب جد النبي الأكرم لوحده،[١٤] وقد رأى فيه العديد من الرؤى الصادقة كتجديد حفر بئر زمزم والبشارة بولادة النبي الأكرم ونبوته،[١٥] وقد ذكرت بعض الروايات أنه بُشّر في الحجر أيضا بولادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .[١٦]
وكان النبي بعد البعثة يجلس في جدر إسماعيل للعبادة وتلاوة القرآن والدعاء والإجابة عن أسئلة الناس،[١٧] وذات يوم عندما كان النبي جالس في الحجر طالبه نفر من قريش بأن يأتي لهم بآية في السماء لا الأرض تدل على نبوته فشق القمر عندما أشار إليه بإصبعه،[١٨] وذكرت بعض الروايات أن النبي عُرج به إلى السماء من حجر إسماعيل،[١٩] وكان أئمة أهل البيت كالنبي الأكرم يجلسون في الحجر للعبادة والدعاء وإجابة الناس عن مسائلهم الدينية وقضاء حوائجهم.[٢٠]
الحجر في القرآن
لم يُذكر حجر إسماعيل في القرآن الكريم صريحا، ولكن وردت رواية عن الإمام الصادق بيّن فيها أن المقصود من قوله تعالى: ﴿فيه آيات بينات﴾[٢١] هو مقام إبراهيم والحجر.[٢٢]
المسائل الفقهية المتعلقة بالحِجر
يوجد العديد من المسائل الفقهية المتعلقة بحجر إسماعيل، ومنها:
- إلحاقه أو عدم إلحاقه بالكعبة
واحد من المباحث الفقهية المتعلقة بحجر إسماعيل هو أنه جزء من الكعبة أم لا؟ ذهب بعض علماء أهل السنة إلى أن حجر إسماعيل جزء من الكعبة،[٢٣] وذهب البعض الآخر منهم إلى أن بعض حجر إسماعيل جزء من الكعبة لا الحجر كله والجزء الآخر خارج عن الكعبة.[٢٤]
وذهب مشهور فقهاء الشيعة اعتمادا على الروايات الصحيحة المروية عندهم عن أهل البيت أن حجر إسماعيل ليس جزءً من الكعبة،[٢٥] وقال بعض الفقهاء: أن حجر إسماعيل جزء من الكعبة.[٢٦]
- وجوب الطواف خارج الحِجر
اشترط فقهاء المسلمين من الشيعة وأهل السنة وجوب الطواف خارج الحجر فلا يجزئ الطواف بين الكعبة والحجر، بل لابدَّ من الطواف من خلف الحجر.[٢٧] [٢٨]
واستدل فقهاء الشيعة على هذا الحكم بالإضافة إلى السيرة النبوية بالأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت والإجماع.[٢٩]
- الصلاة في الحِجر
حكم الفقهاء بصحة الصلاة في حجر إسماعيل سواء كانت الصلاة واجبة أو مستحبة.[٣٠]
- استقبال الحجر في الصلاة
ذهب بعض الفقهاء كالعلامة الحلي إلى جواز استقبال حجر إسماعيل في الصلاة مع تمكن المكلف من استقبال الكعبة باعتبار أنه جزء من الكعبة،[٣١] وذهب البعض الآخر إلى عدم جواز استقبال شئ من الحجر، بل لابدَّ من استقبال الكعبة فقط.[٣٢]
- وضع اليد على الحِجر أثناء الطواف
اختلف الفقهاء في حكم وضع اليد على جدار الحجر أثناء الطواف فقال بعض بجوازه،[٣٣] وقال البعض الآخر: بعدم جواز وضع اليد عليه ووجوب إعادة الشوط الذي وضع الطائف فيه يده على جدار الحجر.[٣٤]
الأعمال المستحبة عند الحِجر
ذكر العلماء مجموعة من الأعمال التي يُستحب إتيانها عند حجر إسماعيل، ومنها:
- على طبق سيرة وأحاديث النبي وأئمة أهل البيت فإنَّ الحجر أفضل مكان للعبادة والدعاء.[٣٥]
- يُستحب للحاج بحج التمتع أن يُصلي ركعتين عند الحجر بعد أن يلبس ثوبي الإحرام وقبل أن يشرع بالطواف.[٣٦]
الهوامش
- ↑ الروحاني، منهاج الصالحين، ج 3، ص 116.
- ↑ ابن منظور، لسان العرب، ج 4، ص 170.
- ↑ السنجاري، منائح الكرم، ج 1، ص 279.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 4، ص 210.
- ↑ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 13، ص 354.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 1، ص 189.
- ↑ الفاسي، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، ج 1، ص 160.
- ↑ الأزرقي، أخبار مكة، ج 1، ص 159 - 160.
- ↑ النيسابوري، صحيح مسلم، ج 2، ص 968.
- ↑ الأزرقي، أخبار مكة، ج 1، ص 206.
- ↑ النيسابوري، صحيح مسلم، ج 2، ص 968.
- ↑ الأزرقي، أخبار مكة، ج 1، ص 313.
- ↑ المسجد الالكتروني.
- ↑ الأزرقي، أخبار مكة، ج 1، ص 314 - 315.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 15، ص 254 - 255.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 38، ص 47 - 48.
- ↑ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب ، ج 1، ص 76.
- ↑ الراوندي، الخرائج والجرائح، ج 1، ص 141.
- ↑ المجلسي، بحار الأنوار، ج 18، ص 317.
- ↑ الحميري، قرب الإسناد، ص 316.؛ العياشي، تفسير العياشي، ج 3، ص 106 - 107.؛ الصدوق، علل الشرائع، ج 2، ص 448.
- ↑ آل عمران: 97.
- ↑ العياشي، تفسير العياشي، ج 1، ص 187 - 188.
- ↑ النووي، المجموع شرح المهذب، ج 8، ص 22.
- ↑ ابن نجيم، البحر الرائق، ج 2، ص 352.
- ↑ العاملي، مدارك الأحكام، ج 8، ص 128 - 129.
- ↑ العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 3، ص 22.
- ↑ الخامنئي، مناسك الحج، ص 102.
- ↑ النووي، المجموع شرح المهذب، ج 8، ص 25 - 26.
- ↑ النجفي، جواهر الكلام، ج 19، ص 292.
- ↑ الخوئي، صراط النجاة، ج 2، ص 240.
- ↑ العلامة الحلي، تذكرة الفقهاء، ج 3، ص 22.
- ↑ النجفي، جواهر الكلام، ج 7، ص 326.
- ↑ الخامنئي، مناسك الحج، ص 103.
- ↑ السبحاني، مناسك الحج وأحكام العمرة، ص 83.
- ↑ الكليني، الكافي، ج 4، ص 214.
- ↑ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 11، ص 339.
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب ، قم - إيران، الناشر: علامه، ط 1، 1379 هـ.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، المحقق والمصحح: أحمد فارس صاحب الجوائب، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - دار صادر، ط 3، 1414 ه.
- ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، د.م، الناشر: دار الكتاب الإسلامي، ط 2، د.ت.
- الأزرقي، محمد بن عبد الله، أخبار مکة وماجاء فیها من الآثار، تحقيق: رشدي صالح ملحس، بيروت - لبنان، الناشر: دار الأندلس، 1416 هـ.
- الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، تحقيق وتصحيح: محققو مؤسسة آل البيت ، قم - إيران، الناشر: مؤسسة آل البيت ، ط 1، 1409 هـ.
- الحميري، عبد الله بن جعفر، قرب الإسناد، المحقق والمصحح: مؤسسة آل البيت ، قم - إيران، الناشر: مؤسسة آل البيت ، ط 1، 1413 هـ.
- الخامنئي، علي بن جواد، مناسك الحج، قم - إيران، الناشر: نشر مشعر، 1426 هـ.
- الخوئي، أبو القاسم، صراط النجاة، المحقق والمصحح: موسى مفيد الدين العاصي العاملي، قم - إيران، الناشر: مكتب نشر المنتخب، ط 1، 1416 ه.
- الراوندي، سعيد بن هبة الله، الخرائج والجرائح، المحقق والمصحح: مؤسسة الإمام المهدي ، قم - إيران، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي ، ط 1، 1409 هـ.
- الروحاني، صادق، منهاج الصالحين، د.م، د.ن، د.ت.
- السبحاني، جعفر، مناسك الحج وأحكام العمرة، قم - إيران، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق ، ط 1، 1428 ه.
- السنجاري، علي بن تاج الدین، منائح الکرم في أخبار مکة والبيت وولاة الحرم، دراسة وتحقيق: الدكتور جميل عبد الله محمد المصري، مكة المكرمة - السعودية، جامعة أم القرى، 1419 هـ.
- الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع، قم - إيران، الناشر: كتاب فروشى داورى، ط 1، 1385 هـ - 1966 م.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك)، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 هـ.
- العاملي، محمد بن علي، مدارك الأحكام في شرح عبادات شرائع الإسلام، تحقيق وتصحيح: محققو مؤسسة آل البيت ، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة آل البيت ، ط 1، 1411 هـ.
- العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء، قم – إيران، الناشر: مؤسسة آل البيت ، ط 1، 1414 ه.
- العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي (كتاب التفسير)، تحقيق: السيد هاشم رسولي محلاتي، طهران - إيران، الناشر: چاپخانه علمية، ط 1، 1380 هـ.
- الفاسي، محمد بن أحمد، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، تحقيق: علي عمر، القاهرة - مصر، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، 1428 هـ.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، المحقق والمصحح: علي أكبر غفاري، طهران – إيران، دار الكتب الإسلامية، ط 4، 1407 ه.
- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، المحقق والمصحح: مجموعة من المحققين، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 2، 1403 هـ.
- النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، تحقيق وتصحيح: عباس قوچاني - علي آخوندي، بيروت – لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 7، 1404 ه.
- النووي، یحیی بن شرف، المجموع شرح المهذب، بیروت - لبنان، الناشر: دارالفکر، د.ت.
- النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، تحقيق وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، د.ت.