مسجد الشمس

من ويكي شيعة
(بالتحويل من مسجد رد الشمس)

مسجد الشّمس أو مسجد الفَضِيْخ ويُعّبّرُ عنه بمسجد رد الشمس، وهو مسجد يقع في المدينة المنورة شرق مسجد قباء ويبعد عنه مسافة واحد كيلو متر، وطبقاً للروايات فإن هذا المكان قد شَهِد حادثة ردّ الشّمس التي تعتبر إحدى معجزات الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وإحدى كرامات الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام.

وفي عصرنا الحاضر، لم يبقَ من هذا المسجد إلا بعض أطلاله المهّدّمة. ومن الأسماء الأخرى لهذا المسجد: مسجد بني النضير، ولكن أشهر أسماء هذا الصرح المهم: مسجد الفَضِيْخ ومسجد الشّمس، وفي المدينة اليوم، يطلق خطأً اسم مسجد الفَضِيْخ على مسجد آخر يقع بالقرب من موضع رد الشّمس، وفي الحقيقة هو مسجد بني قريظة.

أسمائه وكيفية إطلاقها

يقال أنّ حادثة رد الشمس قد وقعت في هذا المكان، أثناء محاصرة المسلمين لقلعة بني النضير، وفي أحد تلك الأيام من وقت العصر، وضع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه الشريف على ركبة الإمام علي عليه السلام واستغرق في النوم، وقبل غروب الشمس استيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله من نومه وأدرك أنّ علي عليه السلام لم يصلِّ صلاة العصر إلى الآن. فتَضّرّع إلى الله سبحانه وتعالى أن يردّ الشّمس لعلي عليه السلام حتى يتمكن من أداء الصلاة.

يقال عن هذه الحادثة "رواية ردّ الشّمس" والتي نقلها رواة الشيعة وجمعٌ من رواة أهل السنة. وفي بعض المصادر والمراجع: أُطلق على هذا المسجد اسم "الشّمس" ويعود ذلك كما ذُكر: أنه يقع في مكان مرتفع، وعندما تشرق الشّمس، يكون أول نقطة تضيء عليه[١].

والاسم الآخر لهذا المسجد هو مسجد الفَضِيْخ، وفَضِيْخ بمعنى عصير أو شراب التمر، ويعود السبب في هذه التسمية، لوقوعه بين بساتين العوالي[٢] .

وذكرت المصادر أوجه متعددة لسبب إطلاق اسم "الفَضِيْخ" على هذا المسجد.[٣]

وسمّي أيضاً بمسجد "بنو النضير"، نسبةً للقبيلة اليهودية والتي يقع المسجد في إقليمها قبل فتح مكة.[٤]

موقعه الجغرافي

يقع هذا المسجد في منطقة قربان جنوب شرق المدينة المنورة، ويبعد حوالي واحد كيلو متر إلى الشرق من مسجد قباء. ولم يبقَ منه في وقتنا الحاضر سوى جدرانه الأربعة[٥] .

وكانت هذه المنطقة تحت سيطرة قبيلة بني النضير قبل أن تُفتح على أيدي المسلمين. وتتحدث مصادر التاريخ الإسلامي، عن غزوة بنو النضير، وتذكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله نزل في هذه النقطة لحصار قلعة بنو النضير، وبعد ذلك شُيّدَ مسجد الفَضِيْخ بعدما امتلأت خيام المسلمين.

فلهذا يُروى عن الإمام الصادق(ع) أن المسجد سُمّيّ بهذا الاسم بسبب أشجار النخيل التي كانت موجودة في المنطقة. وجاء في الروايات أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد صلّى في هذا المسجد مراتٍ كثيرة.

وفي بعض الروايات عن الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أنهم أوصوا بالصلاة في هذا المكان الشريف[٦].

تاريخه

جاء في بعض الروايات أن بناء هذا المسجد يعود إلى القرن الأول الهجري القمري، ومن جملة تلك الروايات: يقول الإمام جعفر الصادق(ع) للشيعة: "كل الآثار والشواهد التي بقيت، قام رسول الله بتغييرها إلا عدة منها". ويَذكر أن مسجد الفَضِيْخ واحدٌ منها[٧] .

تُظهر التقارير التاريخية أنّ بناء هذا المسجد مرّ بحالةٍ من الصعود والهبوط، حيث أنه هُدّمّ عدة مراتٍ قبل أن يعاد بناءه من جديد. وفي الظاهر، أن أول شخصٍ قام بإعادة بناء هذا المسجد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو عمر بن عبد العزيز، وكان ذلك تزامناً مع تجديد مسجد قباء. ذُكر في كتاب "التعرف على المدينة" للنجفي أنه في القرن السابع الهجري أتى مطرٌ شديد أدّى إلى تهديم وخراب المسجد. ولكن يظهر من كلامه أنه في عصره تم مشاهدة آثار تدل على بقاء المسجد، يقول: "كان للمسجد ستة عشر عموداً مهترئاً ومناراته مهدّمة، وقام بعض الناس بأخذ حجارة المسجد للاستفادة منها في بناء البيوت".

ووصف كتاب آخر باسم "التعرف على المدينة" لابن النجار القرن السابع الهجري، وتحدث به عن البناء الحجري للمسجد. وأشار أيضاً السمهودي مؤرخ المدينة المشهور، أنه في نصف القرن التاسع الهجري قام بزيارة مسجد الفضيخ واتطلّع عليه عن قرب، ولكنه لم يتحدث عن تاريخ بناءه [٨].

ونقل محمد باقر النجفي صاحب كتاب "التعرف على المدينة" ملاحظاته عمّا شاهده من المسجد في أواخر القرن العاشر الهجري القمري، بقوله: "البناء الحالي مهّدّم بالكامل، ويعود هذا التخريب بالتأكيد إلى عصر سيطرة العثمانيين على الحجاز، وقد وفقّتُ لزيارة هذا المسجد ورؤيته في ذي الحجة سنة 1396 هجري قمري، و14 رجب سنة 1379 هجري قمري، ويوم الجمعة الثالث من شهر شعبان سنة 1398 هجري قمري. طوله 19 متراً، وعرض سقفه 4 أمتار، ولكن مع الأسف باحة المسجد كانت من التراب، وتحتوي حجراته على 5 قبب ومحراب واحد. والجدران مهترئة بنيّت بالأحجار السوداء وطيّنت بالجصّ الأبيض"[٩] .

اليوم لم يبقَ من المسجد سوى أثاره المهدّمة، ويقع شرق هذا المسجد مسجداً آخر هو مسجد (بني قريظة)، يقال له عن طريق الخطأ أنه مسجد الفضيخ[١٠].

أهميته

وفقاً لما وصل إلينا من الروايات، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أقام الصلاة كثيراً في هذا المسجد. وذكرت مصادر تاريخ المدينة، وفي قرون مختلفة، أن هذا المسجد قد شهد وفود أعداداً كبيرةً من الزوار والقاصدين [١١].

وقد أوصىّ الإمام جعفر الصادق عليه السلام شيعته في إحدى الروايات، بزيارة هذا الصرح والذي يعتبر من الأماكن الهامة في المدينة المنورة[١٢].

الهوامش

  1. جعفريان، الأثار الإسلامية لمكة والمدينة، ص 267.
  2. جعفريان، الأثار الإسلامية لمكة والمدينة، ص 267.
  3. النجفي، التعرف على المدينة، ج 1، ص 141 ــ 142.
  4. النجفي، التعرف على المدينة، ج 1، ص 141 ــ 142.
  5. النجفي، التعرف على المدينة، ج1، ص 141.
  6. جعفريان، الآثار الإسلامية لمكة والمدينة، ص 264 و265.
  7. الكليني، الكافي، ج4، ص560.
  8. النجفي، التعرف على المدينة، ج1، 146.
  9. النجفي، التعرف على المدينة، ج1، 147.
  10. جعفريان، الأثار الإسلامي لمكة والمدينة، 268.
  11. المساجد الأثرية، ص 168-164، جعفريان، ص 266.
  12. الكليني، الكافي، ج4، ص560.

المصادر والمراجع

  • جعفريان، رسول، الآثار الإسلامية لمكة والمدينة، قم، منشورات مشعر، 1384 هجري شمسي.
  • عبد الغني، محمد الياس، المساجد الأثرية في المدينة المنورة، المدينة المنورة، 1998م.
  • النجفي، محمد باقر، التعرف على المدينة، شركة القلم، الطبعة الأولى، طهران، 1364 هجري شمسي.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر غفاري ومحمد آخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1407 هجري شمسي، الطبعة الرابعة.