الفرق بين المراجعتين لصفحة: «آية الصادقين»
imported>Ali110110 لا ملخص تعديل |
imported>Ali110110 |
||
سطر ٧: | سطر ٧: | ||
==معنى الصدق== | ==معنى الصدق== | ||
الصدق في اللغة هو مطابقة الحكم للواقع.<ref>التعريفات، ص 95.</ref> وبعبارة أخرى الصدق في الأصل هو وصف للقول الذي ينطبق على حقيقة خارجية. لكن بما أن القول يطلق أيضا على العقيدة والنيّة والعزم، فإن الأمور المذكورة توصف بالصدق أيضا. وعلى هذا الأساس فإن من تكون عقيدته مطابقة لنفس الأمر، ومن يكون ظاهره مطابق لباطنه، ومن ينفّذ ما يريد يكون صادق العقيدة والنية والإرادة.<ref>الميزان، ج9، ص 402.</ref> يقول الزمخشري: وهم الذين صدقوا في دين الله نيّة وقولاً وعملاً.<ref>الكشاف، ج2، ص 220.</ref> | *الصدق في اللغة هو مطابقة الحكم للواقع.<ref>التعريفات، ص 95.</ref> | ||
وبعبارة أخرى الصدق في الأصل هو وصف للقول الذي ينطبق على حقيقة خارجية. لكن بما أن القول يطلق أيضا على العقيدة والنيّة والعزم، فإن الأمور المذكورة توصف بالصدق أيضا. وعلى هذا الأساس فإن من تكون عقيدته مطابقة لنفس الأمر، ومن يكون ظاهره مطابق لباطنه، ومن ينفّذ ما يريد يكون صادق العقيدة والنية والإرادة.<ref>الميزان، ج9، ص 402.</ref> | |||
*يقول الزمخشري: وهم الذين صدقوا في دين الله نيّة وقولاً وعملاً.<ref>الكشاف، ج2، ص 220.</ref> | |||
==من هم الصادقون== | ==من هم الصادقون== |
مراجعة ٠٤:٠٦، ١١ أكتوبر ٢٠١٥
آية الصادقين، هي آية 119 من سورة التوبة. هذه الآية من أدلة الشيعة على إثبات الإمامة. ومن خلال تحليل معنى الصدق، وأيضا بمراجعة الأحاديث يتضح أن المصداق الكامل للصادقين هم أئمة أهل البيت (ع).
نص الآية
قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ. (سورة التوبة 119).
معنى الصدق
- الصدق في اللغة هو مطابقة الحكم للواقع.[١]
وبعبارة أخرى الصدق في الأصل هو وصف للقول الذي ينطبق على حقيقة خارجية. لكن بما أن القول يطلق أيضا على العقيدة والنيّة والعزم، فإن الأمور المذكورة توصف بالصدق أيضا. وعلى هذا الأساس فإن من تكون عقيدته مطابقة لنفس الأمر، ومن يكون ظاهره مطابق لباطنه، ومن ينفّذ ما يريد يكون صادق العقيدة والنية والإرادة.[٢]
- يقول الزمخشري: وهم الذين صدقوا في دين الله نيّة وقولاً وعملاً.[٣]
من هم الصادقون
هناك عدة أقوال منقولة عن المفسرين في بيان مصاديق الصادقين وخصائصهم، وهي ما يلي:
- المقصود من الصادقين في الآية هم المتصفون بالأوصاف الواردة في الآية 177 من سورة البقرة وهي عبارة عن: مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ.[٤]
- وذهب بعض إلى أن المقصود من «الصادقين» هم المذكورون في الآية 23 من سورة الأحزاب، وهي قوله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.[٥]
- المقصود من «الصادقين» هم المهاجرون الذين وصفتهم الآية 8 من سورة الحشر بأنهم الصادقون.[٦]
- وذهب بعض إلى أن المراد من «الصادقين» هم الأشخاص الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك ثم ندموا، وهم الذين أشارت إليهم الآية 118 من سورة التوبة.[٧]
- وفسر بعض آخر «الصادقين» بالنبي (ص) وأصحابه، وطبّقوا عبارة (الذين آمنوا) الواردة في صدر آية الصادقين على الثلاثة المتخلفين من غزوة تبوك.[٨] [٩]
- استند البعض إلى قراءة عبد الله بن مسعود فقال إن كلمة «مع» بمعنى «من»، فمعنى الآية هو أن على المؤمنين اجتناب الكذب والتزام الصدق.[١٠] [١١]
- تشير بعض الأحاديث التي رواها المحدّثون الشيعة والسنة بأن «الصادقين» هم الإمام عليّ (ع) وأصحابه، أو عليّ وأهل بيته.[١٢] [١٣] [١٤]
- وقد ورد في المجاميع الروائية الشيعية أحاديث كثيرة في تطبيق «الصادقين» على أئمة أهل البيت (ع).[١٦] [١٧]
- وقد روى الشيخ الصدوق أنّه حينما نزلت آية الصادقين قال سلمان: يا رسول الله (ص) عامة هذه أم خاصة؟ فقال (ص) : «أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي (ع) وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة».[١٨] [١٩] [٢٠]
نقد وتقييم
هناك من يرى إشكالات في أربعة نظريات ؛
- ففي الأولى: لا ريب في أن بعض الآيات أطلقت عنوان «الصادقين» على بعض المؤمنين، لكن هذا لا يعني بأن المراد من «الصادقين» في هذه الآية هو نفس ذلك، لأنه سيأتي فيما بعد إثبات أن «الصادقين» هم من كان في أسمى مراتب الصدق، ولا يصدق ذلك إلا على المعصوم.
- وأما النظرية الخامسة فهي مخدوشة لأن قوله (الذين آمنوا) عام ولا دليل على تخصيصه بالأفراد الثلاثة المتخلفين.
- وأما النظرية السادسة فإنه على فرض أن كلمة «مع» تستعمل في اللغة العربية بمعنى «من» لكن مثل هذا الاستعمال غير شائع ويحتاج إلى دليل.
- وأما قراءة عبد الله بن مسعود فهي شاذة ولا يمكن الاعتماد عليها.[٢١]
نظرية الشيعة
إن الأقوال الثلاثة الأخيرة منسجمة فيما بينها، وتدل على أن المقصود من الصادقين في الآية هم النبي الأكرم (ص) والأئمة المعصومون من أهل بيته، وإذا ورد في بعض الروايات اسم علي (ع) فقط فإنما هو لأجل كونه أول قائد معصوم للأمة الإسلامية بعد الرسول الأكرم (ص). وعليه فإن المراد من «الصادقين» هم من كانوا في أكمل مراتب الصدق، وهم من نال منزلة العصمة.
الدليل على نظرية الشيعة
هناك دليلان لإثبات النظرية الصحيحة:
- بيان العلامة الحلي: ذكر العلامة الحلي ضمن شرحه كلام المحقق الطوسي أن أية: (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) هي من أدلة إمامة الإمام علي (ع) حيث يقول: «لقد أمر الله سبحانه بالكون مع الصادقين والمقصود من الصادقين هم من كان صدقهم معلوماً ولا تتحقق هذه الصفة إلا في المعصوم؛ لأنه لا يمكن الاطلاع على صدق غير المعصوم، وهناك إجماع بين المسلمين على أنه لا يوجد معصوم في أصحاب النبي (ص) سوى علي (ع).[٢٢]
- يثبت الفخر الرازي بأن هذه الآية تدل على عصمة «الصادقين» حيث يقول: «أن قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ) أمر لهم بالتقوى، وهذا الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقياً، وإنّما يكون كذلك لو كان جائز الخطأ، فكانت الآية دالة على أن من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتدياً بمن كان واجب العصمة، وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين، فهذا يدل على أنه واجب على جائز الخطأ كونه مع المعصوم عن الخطأ حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعاً لجائز الخطأ عن الخطأ، وهذا المعنى قائم في جميع الأزمان، فوجب حصوله في كل الأزمان» ثم يقول: «نحن نعترف بأنه لا بد من معصوم في كل زمان، إلا أنا نقول: ذلك المعصوم هو مجموع الأمة ...، لأنّه تعالى أوجب على كل واحد من المؤمنين أن يكون مع الصادقين، وإنما يمكنه ذلك لو كان عالماً بأن ذلك الصادق من هو لا الجاهل بأنه من هو، فلو كان مأموراً بالكون معه كان ذلك تكليف ما لا يطاق، وأنه لا يجوز، لكنا لا نعلم إنساناً معيناً موصوفاً بوصف العصمة، والعلم بأنا لا نعلم هذا الإنسان حاصل بالضرورة، فثبت أن قوله: (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ليس أمراً بالكون مع شخص معين، ولما بطل هذا بقي أن المراد منه الكون مع مجموع الأمة».[٢٣]
تقييم كلام الفخر الرازي
من الممكن إيراد عدة ملاحظات على كلام الرازي:
- أولا: المسائل التي أجمعت عليها الأمة في غاية القلة، ولا يمكنها أن تكون حلّا للمسلمين في أحكام دينهم.
- ثانياً: إذا كان إجماع الأمة متكوناً من أفراد غير معصومين فاحتمال الخطأ موجود فيه.
- ثالثاً: عندما نعود إلى القرآن الكريم ونلحظ ما ورد في آية التطهير، وكذا السنة النبوية في حديث الثقلين، وحديث السفينة وغيرها، يتّضح لنا أن أهل البيتالنبي (ص) هم المعصومون.
النتيجة
بملاحظة البيانين المتقدمين يمكن الاستدلال بآية الصادقين على أنه يجب على المسلمين اتباع الأئمة المعصومون بالبيان التالي:
أمر الله سبحانه في آية الصادقين جميع المؤمنين بالتقوى واتباع الصادقين. ومفاد (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) هو أنه يجب على المؤمنين تقوى الله واتباع الصادقين.
ومن جهة أخرى فإن أمر الله بالكون مع الصادقين مطلق غير مقيد بأي شرط، ويستفاد من هذا الإطلاق أمران: الأول: إن الصادقين هم صادقون في كل مجالات الحياة الاختيارية من العقيدة، والأخلاق، والقول، والسلوك وهو (الإطلاق الموردي). الأمر الثاني: إنّهم في الأمور المتقدمة صادقون في كل الحالات (الإطلاق الأحوالي). ولا ريب بأن الصدق بالنحو المتقدم يلازم العصمة. والنتيجة هي أن الصادقين معصومون، ويجب على المؤمنين اتباعهم.
والملاحظة الأخيرة هي أن «الصادقين» في الآية التي نبحثها هم نفس «الصدّيقين» الوارد ذكرهم في الآية 69 من سورة النساء،[٢٤] حيث قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. وعليه فإن نتيجة الكون «مع الصادقين» في الدنيا هو الكون «مع الصدّيقين» في الآخرة.
الهوامش
- ↑ التعريفات، ص 95.
- ↑ الميزان، ج9، ص 402.
- ↑ الكشاف، ج2، ص 220.
- ↑ مجمع البيان، ج3، ص 81.
- ↑ التبيان، ج5، ص 318.
- ↑ الجامع لأحكام القرآن، ج8، ص 288.
- ↑ الكشاف، ج2، ص 321.
- ↑ جامع البيان، ج11، ص 46.
- ↑ الكشاف، ج2، ص 321.
- ↑ المنار، ج11، ص 72.
- ↑ التبيان، ج5، ص 318.
- ↑ الدرّ المنثور، ج4، ص 287.
- ↑ غاية المرام، ج3، ص 50ـ 51.
- ↑ الغدير، ج2، ص 306.
- ↑ شواهد التنزيل، ج1، ص 262.
- ↑ أصول الكافي، ج1، ص 208.
- ↑ غاية المرام، ج3، ص 52.
- ↑ إكمال الدين، ص 262.
- ↑ بحارالأنوار، ج33، ص 149.
- ↑ نابيع المودة، ص 115.
- ↑ تفسير الطبري، ج11، ص 76.
- ↑ كشف المراد، ص 503.
- ↑ مفاتيح الغيب، ج16، ص 221.
- ↑ تفسير عياشي، ج1، ص 256.
المصادر
- أصول الكافي، الكليني الرازي، محمد بن يعقوب، دار التعارف، بيروت ـ لبنان، 1401هـ ق.
- اكمال الدين، شيخ صدوق، محمد بن علي بن الحسين، جامعه مدرسين، مؤسّسة النشر الاسلامي، 1416ق.
- بحارالانوار، العلاّمة المجلسي، المكتبة الاسلامية، طهران، 1396هـ ق.
- التبيان في تفسير القرآن، الطوسي، محمد بن حسن، مكتب الإعلام الاسلامي، قم، 1401هـ ق.
- التعريفات، الجرجاني، السيد شريف علي بن محمد، دار الفكر، بيروت، 1419هـ ق.
- تفسير الطبري، الطبري، محمد بن جرير، ضبط و تعليق محمود شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- تفسير العياشي، العياشي، ابو النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمي، (م/ ح340ق)، المكتبة العلمية الاسلامية، طهران.
- تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، محمد بن أحمد، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دارالكتاب العربي، بيروت، 1423ق.
- جامع البيان في تفسير القرآن، الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، دار المعرفة، بيروت، 1412هـ ق.
- الدر المنثور، السيوطي، جلال الدين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1421هـ ق.
- شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني، عبد الله بن أحمد، مؤسسة الطبع والنشر، طهران، 1411هـ.
- غاية المرام في علم الكلام، الآمدي، سيف الدين، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة،1391هـ ق.
- الغدير، الأميني، عبد الحسين، مركز الغدير للدراسات الاسلاميه، قم، 1421هـ.
- الكشاف، الزمخشري، محمود بنعمر، نشر أدب الحوزة.
- كشف المراد، الحلي، الحسن بن يوسف، مؤسّسة النشرالاسلامي، قم، 1419ق.
- مجمع البيان، الطبرسي، فضل بن حسن، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1379هـ ش.
- مفاتيح الغيب (التفسير الكبير، الرازي، فخر الدين، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- المنار، رشيد رضا، محمد، دارالفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
- الميزان، الطباطبايي، محمد حسين، مؤسسه الأعلمي، بيروت، 1393ق.
- ينابيع المودّة لذوي القربي، القندوزي، سليمان بن ابراهيم (م/1294)، دارالأسوة للطباعة والنشر، 1416ق.