آيَة الأَمَانَة هي الآية 72 من سورة الأحزاب، تتعلق برفض السماء والأرض والجبال الأمانة التي قبلها الإنسان. وبحسب التفاسير الشيعية المراد من الأمانة الدين، والولاية الإلهية، وولاية الإمام عليعليه السلام. أكثر المفسرين أعتبروا هذه الآية بمثابة الإدانة لمن يخون هذه الأمانة.

آية الأمانة
عنوان الآيةالأمانة
رقم الآية72
في سورةسورة الأحزاب
في جزء22
رقم الصفحة427
الموضوععقائدي

نص الآية

هي الآية 72 من سورة الأحزاب

﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا[١]

المقصود من الأمانة في الآية

يتفق معظم المفسرين على عظمة الأمانة الإلهية،[٢] ولكنهم يختلفون في معنى هذا التعبير، وكذلك في مكانة الإنسان فيما يتعلق بحمل تلك الأمانة.

تفسير الشيعة

لطالما اعتبر متكلمو ومحدثي الشيعة أنَّ الأمانة مرتبطة بالولاية والإمامة في المجتمع، وفي الخلافة الإسلامية ذات الطابع الإلهي؛ لذلك فهم لم يفسروا الأمانة على أنها ولاية أمير المؤمنين  فقط، بل وجدوا أن استمرار نظرية الإمامة أمانة إلهية جديرة بالحفظ والحماية.[٣] وهذا التفسير يستند على الروايات التي وردت عن الأئمة، فأن أهل الأمانات في الآية 58 من سورة النساء ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا[٤] هم الأئمة، والأمانة ليست سوى الإمامة، حيث كل واحد من الأئمة عند اقتراب أجله، يسلم الأمانة إلى الإمام الذي بعده.[٥]

ذكر العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان أنَّ المراد بالأمانة الولاية الإلهية، وهي الكمال المعرفي الحاصل من خلال الاعتقاد والعمل الصالح، حيث يصطفي الله تعالى لنفسه حامل هذه الأمانة ويصبح هو المسؤول عن تدبير أمره. ولا يوجد مخلوق في السماء والأرض يشارك الإنسان في هذا الكمال، وبناءً على ذلك يكون معنى الآية: إذا قارنت الإرادة الإلهية بحال السماوات والأرض، فسترى أنهما لا يملكان القدرة على حمل الأمانة؛ لأنهما ليس لهما الاستعداد لذلك، والإنسان وحده هو الذي يستطيع تحملها؛ لأنَّه عنده القابلية والاستعداد لذلك.[٦] ويذكر العلامة أن ولاية أهل البيت  الواردة في بعض الروايات التي تُفسر هذه الآية،[ملاحظة ١] من مصاديق الولاية الإلهية.[٧]

التفسير التاريخي

فسر بعض العلماء الأمانة في الآية برؤية تاريخية أسطورية، وجعلوا من قصة هابيل وقابيل هو الأساس في تفسيرها، وحسب ظنهم، عندما أمر الله تعالى آدم  بالطواف حول الكعبة، فقال آدم للسماء: احفظي ولدي بالأمانة فأبت، وقال للأرض فأبت، فقال للجبال فأبت، فقال لقابيل فقبل الأمانة. فخان قابيل الأمانة وقتل هابيل؛ ولهذا السبب سُمي بالظلوم الجهول.[٨]

تفسير أهل السنة

وقد فسر مفسرو أهل السنة الأمانة على أنها الدين والحدود والتكاليف والفرائض وأوامر الله تعالى ونواهيه. فكما أنَّه يجب أداء الأمانة، فإنّه يجب أداء التكاليف والواجبات الدينية والأوامر والنواهي الإلهية، وبهذا الاعتبار تُعتبر هذه الأمور من مصاديق الأمانة الإلهية.[٩] ومن علماء الشيعة الذين ذهبوا إلى هذا الرأي الطبرسي في مجمع البيان.[١٠] وبحسب هذا التفسير أنَّ الله تعالى عرض الأمانة الدينية على السماوات والارض ولم يقبلا حملها؛ لأنهما لا طاقة لهما على ذلك. فعرضها الله تعالى على الإنسان فقبل حملها، ولكنه في النهاية قام بخيانتها واتضح أنَّه ظلوم جهول: ظالم لنفسه وجاهل بأمر الله.[١١] وفسر البعض الأمانة بالصلاة،[١٢] والزكاة، والصوم، والحج؛ لأنَّ عدم أداء الواجبات يُعتبر خيانة.[١٣] ويرى آخرون أن الأمانة هي أساس العبودية وأحكام الشريعة، ولكن عامة الناس لا يدركونها.[١٤] وكل هذه التفسيرات تدل على أن الأمانة عبارة عن الدين والحدود والتكاليف.

التفسير العرفاني

يذكر العرفاء في تفسيرهم للأمانة على أنَّها العقل والاختيار والمعرفة،[١٥] وكما فسر البعض منهم الأمانة على أنها «سر التوحيد»، أو «الأسرار الإلهية» و«النور المحمدي».[١٦]

المقصود من العرض على السماوات والأرض

توجد أقوال مختلفة تم طرحها من قبل المفسرين، حول المقصود من العرض على السماوات والأرض والجبال:[١٧]

  1. العرض هو معنى مجازي والآية عبارة عن تمثيل وفرض بطريقة لسان الحال.[١٨]
  2. العرض هو عبارة عن مقارنة بين السماوات والأرض بالأمانة، ومعنى الآية أنَّ هذه المقايسة بينهما تُبين أن الأمانة أثقل من السماوات والأرض والجبال، وأنهما ليس لهما القدرة على تحملها.[١٩]
  3. العرض هو معنى حقيقي والمقصود منه أن الأمانة تم عرضها على أهل السماوات والأرض والجبال، ولم يقبلها إلا الإنسان.[٢٠]
  4. يعتقد معظم المفسرين أصحاب الذوق العرفاني أنَّ العرض جاء بمعناه الحقيقي؛ لأنَّ في نظر القرآن جميع الموجودات لها حياة وشعور، والمعنى الظاهري من الآية هو التكلم عن موجودات العالم بكلام يتناسب معها ليس ببعيد.[٢١] فخطاب الله مع السماء والارض وخوفهما من حمل الأمانة في هذه الآية، دليل على وجود الحياة والشعور في موجودات العالم، وهذا تأييد للقول الأخیر..[٢٢]

ظاهر الآية يدل على أن السماء والأرض رفضتا قبول الأمانة بسبب هاجس الخوف، وقد ورد في بعض الروايات أنَّه عندما عرضوا عليهما الأمانة قالوا: يا رب نحمل الأمانة بغير ثواب وعقاب، ولكننا لا نحملها مع الثواب والعقاب. وجاء في نهج البلاغة أنهما لم يقبلا الأمانة وعقلن ما جهله من هو أضعف منهن وهو الإنسان، لأنهن خفن من العقوبة، والإنسان قبل لأنَّه كان ظلوماً جهولاً.[٢٣]

المدح أو الذم

هناك ثلاث آراء مختلفة حول ما إذا كانت الآية في صدد مدح الإنسان أو ذمه:[٢٤]

  1. يعتقد معظم المفسرين أنَّ الآية بصدد مدح مجموعة من الناس وذم مجموعة أخرى، فالشخص الذي يحمل الأمانة يكون أحياناً أميناً ويكون أحياناً ظلوم وجهول وخائن. وهذا ما تؤيده الآية التالية التي ذكرت أن الهدف من عرض الأمانة هو تمييز الإنسان المؤمن عن المنافق والمشرك.[ملاحظة ٢]
  2. يرى بعض المفسرين أن الآية بصدد مدح الإنسان وبيان عظمته وكرامته، وتُشير إلى صفاته الخاصة التي تُميزه عن بقية الموجودات، ففي هذا الرأي حتى كلمة الظلوم والجهول جاءت لمدح الإنسان، فالإنسان ظلوم لأنَّه لديه الاستعداد والقوة للخروج من الحدود والتقييد والوصول إلى عالم الإطلاق، وهو جهول لأنَّه غافل عن كل شيء غير الله تعالى، ويصل إلى مقام الفناء.[٢٥]
  3. ذهب بعض المفسرين أن هذه الآية وبشكل عام بصدد ذم الإنسان، حيث تم وصفه بالظّلم لكونه تاركا لأداء الأمانة، وبالجهل‌ لإغفاله ما يسعده، مع تمكّنه من ذلك بأن يؤدّى الأمانة.[٢٦]

الهوامش

  1. سورة الأحزاب، الآية 72.
  2. أبو الفتوح الرازي، روح الجنان، ج4، ص349 ـ 350؛ أبو حامد الغزالي، مكاشفة القلوب، ج1، ص57 ـ 58.
  3. الطبرسي، مجمع البيان، ج3، ص112؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج23، ص273 ـ 275؛ الأسترآبادي، تأويل الآيات الظاهرة، ج2، ص470؛ البحراني، البرهان، ج4، ص501 ـ 502؛ الحويزي، نور الثقلين، ج4، ص309 ـ 312؛ الطباطبائي، الميزان، ج16، ص350.
  4. سورة النساء، الآية 58.
  5. أبو الفتوح الرازي، روح الجنان، ج1، ص783 ـ 784؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج3، ص112.
  6. الطباطبائي، الميزان، ج16، ص349.
  7. الطباطبائي، الميزان، ج16، ص354.
  8. الطبري، تفسير الطبري، ج22، ص40 ـ 41؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج8، ص95.
  9. ابن العربي، أحكام القرآن، ج3، ص1588 ـ 1589؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج8، ص94؛ الآلوسي، روح المعاني، ج22، ص96؛ الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج25، ص235.
  10. الطبرسي، مجمع البيان، ج3، ص112.
  11. الطبري، تفسير الطبري، ج22، ص38 ـ 39؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج8، ص94.
  12. الحويزي، نور الثقلين، ج4، ص313.
  13. أبو الفتوح الرازي، روح الجنان، ج1، ص784.
  14. أبو حامد الغزالي، مكاشفة القلوب، ج1، ص57؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج8، ص93.
  15. نسفي، الإنسان الكامل، ص252؛ مولوي، مثنوي معنوي، ص119.
  16. علاء الدولة السمناني، العروة لأهل الخلوة والجلوة، ص354؛ الآملي، جامع الأسرار، ص19.
  17. حمید نوروزی، «تفسیر آیه امانت»
  18. الطبرسي، مجمع البيان، ج8، ص187.
  19. العاملي، تفسير العاملي، ج7، ص198.
  20. الطبرسي، مجمع البيان، ج8، ص186.
  21. ابن عربي، الفتوحات المكية، ج2، ص77.
  22. حمید نوروزی، «تفسیر آیه امانت»
  23. نهج البلاغة، الخطبة 199؛ مكارم الشيرازي، نهج البلاغة با ترجمة فارسي روان، ص495.
  24. حمید نوروزی، «تفسیر آیه امانت»
  25. سلطان علي شاه، بيان السعادة في مقامات العبادة، ج3، ص257.
  26. الطبرسي، جوامع الجامع، ج3، ص336.

الملاحظات

  1. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع)‌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا. قَالَ هِيَ وَلَايَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(ع) الكليني، الكافي، ج1، ص413.
  2. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. سورة الأحزاب، الآية 73.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، بيروت، دار الجيل، 1408هـ
  • ابن عربي، محمد بن علي، الفتوحات المكية، بيروت، دار صادر، د.ت.
  • أبو الفتوح الرازي، حسين بن علي، روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن، قم، د.ن، 1404 هـ.
  • أبو حامد الغزالي، محمد بن محمد، مكاشفة القلوب إلى حضرة علام الغيوب، بيروت، د.ن، 1402 هـ/ 1982 م.
  • الأسترآبادي، علي، تأويل الآيات الظاهرة، قم، مدرسة الامام المهدي عليه السلام، ط1، 1407 هـ.
  • الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني، بيروت، د.ن، 1372 هـ.
  • الآملي، حيدر، جامع الأسرار ومنبع الأنوار، تحقيق: هانري كربن وعثمان إسماعيل، طهران، د.ن، 1368 ش.
  • البحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن، قم، مؤسسة البعثة، 1415هـ.
  • الحويزي، عبد علي بن جمعة، تفسير نور الثقلين، قم، إسماعيليان، ط4، 1415هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم، الحوزة العلمية في قم، مركز مديريت، 1412هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط1، 1415 هـ.
  • الطبري، محمد بن جرير، تفسير الطبري، د.م، د.ن، د.ت.
  • العاملي، إبراهيم، تفسير العاملي، طهران، کتاب‌فروشی صدوق، 1360ش.
  • الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، د.ن، 1405 هـ/ 1985 م.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر الغفاري ومحمد الآخوندي، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط4، 1407هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الميبدي، رشيد الدين، كشف الأسرار وعدة الأبرار، على أساس تفسير الخواجة عبد الله الأنصاري، طهران، نشر أمير كبير، 1371ش.
  • سلطان علي شاه، محمد بن حيدر، بیان السعادة في مقامات العبادة، بیروت، مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، ط 2، 1408هـ.
  • علاء الدولة السمناني، أحمد، العروة لأهل الخلوة والجلوة، تحقيق: نجيب مايل الهروي، طهران، د.ن، 1362 ش.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، نهج البلاغة با ترجمة فارسي روان، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب(ع)، 1384 ش.
  • مولوي، جلال الدين، مثنوي معنوي، تحقيق: نيكليس، طهران، د.ن، 1363 ش.
  • نسفي، عزيز الدين، الإنسان الكامل، طهران، د.ن، 1403 هـ.
  • نهج البلاغة، تصحیح صبحي صالح، قم، هجرت، ط1، 1414هـ.