الحجاز

من ويكي شيعة

الحجاز، جزء من الجزيرة العربية يقع في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية المعاصرة؛ ومن أبرز مدنه الرئيسية: جدة، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، والطائف وينبع. وحدوده التاريخية مختلف فيها إلا أنه يمكن اعتبارها من شمال صعدة في اليمن جنوباً، إلى معان في الأردن شمالاً. ولكن الراجح عند الأكثر أنها من الطائف والباحة جنوباً وحتى خيبر شمالاً.

يأتي على رأس أشهر القبائل العربية التي استوطنت الحجاز قديماً قبيلة قريش في مكة و هي التي ينتسب إليها النبي محمدصلی الله عليه وآله وسلم، بالإضافة إلى قبائل كنانة وجرهم وخزاعة بمكة والأوس والخزرج في المدينة.

مكانة الحجاز

خارطة الحجاز حديثاً

للحجاز أهمية روحية، وثقافية، واقتصادية. فهو مصدر الرسالة المحمدية، و مسقط رأس النبي محمد صلی الله عليه وآله وسلم،وهو المركز الروحي للمسلمين ففي مكة الكعبة المشرفة التي أرسى قواعدها النبي إبراهيم (ع)وهي قبلة المؤمنين في صلواتهم اليومية و فيها أرسيت دعائم العقيدة، أما المدينة فقد احتلت مكانة مرموقة في العهد النبوي بين سائر الأمصار، فقد كانت المكان الذي اختاره الله لتنزل فيها جلّ أحكامه، واختاره الرسولصلی الله عليه وآله وسلم منطلقا نحو دار الخلود كما جاء في قولهصلی الله عليه وآله وسلم:"ما على الأرض بقعة هي أحب إليّ أن يكون قبري بها منها. "ـ ثلاث مرات ـ يعني المدينة". [١]

يعتبر الحجاز بانك التراث الإسلامي، ومرجع الذاكرة الإسلامية، ففيه تبلور الدين الإسلامي، و منه انطلقت الفتوحات الإسلامية، كما ارتبط الحجاز بحركة التجارة الدولية القديمة، عبر رحلتي الشتاء والصيف. والتي كان يتجه من خلالها العرب شمالاً نحو الشام وجنوباً إلى اليمن.

ومن الآثار الإسلامية في الحجاز المسجد الحرام، ويضم الكعبة المشرفة والحجر الأسود وبئر زمزم والصفا والمروة والحجر الأسود. . . ، مكان مولد النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم، وميلاد الإمام علي (ع)، المسجد النبوي الشريف، دار أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (ع)، مسجد علي بن أبي طالب (ع)، مسجد سلمان الفارسي، مسجد قباء، جبل أحد، جبل حراء، جبل أبي قبيس. . . ، مقبرة البقيع وتضم روضات ثلة من أهل بيت النبوة كما تضم كثيراً من الصحابة.

مدرسة أهل البيت في الحجاز

يعتبر بيت النبي (ص) نقطة انطلاق العلوم الإسلامية، حيث بدأ صلی الله عليه وآله وسلمتعليم تعاليم دينيه الجديد وما ينطوي عليه من عقائد ومفاهيم وأحكام، لثلة قليلة ممن آمن به وصدق دعوته، ثم انتقل إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، وصارت هذه الدار الواقعة بمكة على الصفا بمثابة مدرسة للدعوة، يجري فيها إعداد وتأهيل المسلمين الأوائل بشكل سري، خشيةً من تنبه قريش واجهاض الدعوة.

استمرت هذه الدار في استقطاب عدد لا بأس به من الوافدين على دين الإسلام، و لعدم سعة المكان سعى هؤلاء المسلمون لاتخاذ البيت الحرام منطلقاً لرسالتهم وقتئذ، بيد أن خصومهم من المشركين أصروا على الحيلولة بينهم وبين الإفادة من البيت الحرام للدعوة إلى الدين الجديد، وقد نقلت لنا كتب السيرة صوراً متنوعة من التعذيب والاضطهاد الذي لاقاه المؤمنون من قريش في مكة.

بعد المضايقات التي تعرض إليها المسلمون على يد المشركين في مكة اضطر الرسول صلی الله عليه وآله وسلم للهجرة إلى المدينة المنورة بمعية المسلمين، ومنذ وصوله صلی الله عليه وآله وسلمإلى المدينة وبنائه المسجد النبوي، أضحى المسجد مركزاً فاعلاً في حياة الجماعة المسلمة في المدينة، تلقى من على منبره المسلمون أنوار الوحي ومعارف القرآن متدفقاً من فم الرسول صلی الله عليه وآله وسلممباشرة، ويمكن القول: إن هذا المسجد المتواضع في بنائه وعمارته البسيطة احتضن مدرسة فريدة يدرس فيها القرآن، والمعلم الأول كان رسول الله صلی الله عليه وآله وسلموتلامذته هم الصحابة.

استمرت هذه المدرسة تنمو وتتكامل، ففي كل يوم تستقبل تلامذة جدد من المسلمين القادمين إلى المدينة للتعرف على الإسلام، ومع مرور الزمن اتسع نطاق العلوم التي تدرس في المسجد، فلم تقف عند دراسة القرآن الكريم، وإنما امتدت لتشمل الحديث الشريف، والمغازي والسيرة الشريفة، والفقه، حيث ظهرت أبرز مدارس الفقه الاسلامي المعروفة لدى المسلمين في أروقة هذا المسجد، و على رأسهم مدرسة أهل البيت (ع) الذين كانت لهم الريادة في ظهور وتطور العلوم الإسلامية في مكة والمدينة.

كانت منطقة الحجاز وبالأخص المدينة هي الرحم الذي ولدت فيه بذرة التشيع، واحتضن الجيل الأول من شيعة الإمام علي ابن أبي طالب (ع)، وتواصل توطن أئمة أهل البيت (ع) فيها إلى الإمام الحسن العسكري (ع)، ولم يغادرها أحد منهم إلاّ لضرورات سياسية أو عسكرية أو علمية أو أن يستقدمه السلطان الجائر فيسيّره إلى بغداد أو طوس أو سامراء.

مدرسة الإمام علي(ع)

بعد غياب الرسولصلی الله عليه وآله وسلم مكث الإمام علي (ع) نحواً من ثلاثين سنة أمضى معظمها في المدينة - ما خَلا نحو خمس سنوات في الكوفة- ـ عكف فيها على صيانة القرآن الكريم والسنة الشريفة وتعليمهما، وكان قد انبرى لهذه المهمة منذ اليوم الأول بعد وفاة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم.

انفرد الإمام علي (ع)من بين الصحابة كافة باستيعابه لتمام علوم النبوة، فقد أورد الصفار في بصائر الدرجات بسنده عن سماعة بن مهران عن أبي عبدالله (ع) قال: "إن الله علَّمَ رسوله الحلال والحرام والتأويل وعلَّمَ رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم علمه كله علياً (ع)".[٢]

كثيراً ما كان الإمام علي (ع) يعرض علومه على الناس موضحًا لهم مرجعيته للتفسير وعلوم القرآن بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم: "سلوني قبل أن تفقدوني، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية في ليل نزلت أو في نهار أُنزلت، مكيها ومدنيها، سفريها وحضريها، ناسخها ومنسوخها، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها، لأخبرتكم به".[٣]

كان الإمام علي (ع) المدرس الأول في المدينة المنورة، وكان هو منهل العلم الذي استقى منه عدد وفير من الصحابة والتابعين المعارف الاسلامية، وإليه ينتهي تأسيس جملة من العلوم الإسلامية، فقد كان (ع) له دورٌ بارزٌ في حلّ المعضلات العقائدية والفكرية، التي كانت تتوالد كلّ يوم مع ازدياد عدد المسلمين واتساع رقعة الدولة الإسلامية، كما أنه كان مرجعاً في التفسير وبيان ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، وفي بيان الأحكام الشرعية، وفي حلّ المعضلات الفكرية المتنوعة، وفي المناظرات العقائدية، و قد شهد الخليفة الثاني بمرجعيته هذه غير مرة قائلاً: "لولا عليٌّ لهلك عمر"، "ولا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن"، و"لا يُفتين أحد في المسجد وعليّ حاضر".[٤]

كان الإمام علي (ع) يمثل المرجعية العلمية في حياة المسلمين بعد وفاة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، يقول ابن أبي الحديد المعتزلي: "ومن العلوم علم تفسير القرآن، وعنه أُخِذَ، ومنه فُرِّع. وإذا رجعت إلى كتب التفسير علمت صحة ذلك، لأن أكثره عنه وعن عبدالله بن عباس، وقد علم الناس حالَ ابن عباس في ملازمته له، وانقطاعه اليه، وأنه تلميذه وخرّيجه. وقيل له: أين علمك من علم ابن عمّك؟ فقال: كنِسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط. ومن العلوم علمُ الطريقة والحقيقة وأحوال التصوف، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام اليه ينتهون، وعنده يقفون، وقد صرّح بذلك الشِّبْلي، والجُنَيد، وسَري، وأبو يزيد البِسْطامي، وأبو محفوظ معروف الكرخي، وغيرهم. . . ومن العلوم علم النحو والعربية، وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه".[٥]

مكث الإمام علي (ع) في المدينة المنورة بعد وفاة رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم مدة ناهزت عقدين ونصف العقد عكف فيها على غرس بذرة العلوم الإسلامية، وإعداد جيل من التلامذة كعبد الله بن عباس المعروف "بحبر الأمة"، و قد أسهم هذا الجيل فيما بعد في الامتداد بمدرسة علي (ع) من المدينة إلى بقية الأمصار الإسلامية، وتنمية العلوم التي غرسها.

مدرسةالإمامين الحسن و الحسين(ع)

بعد استشهاد الإمام علي (ع) واصل الحسنان (ع) رعاية مدرسة أبيهم في المدينة، والتف حولهما نخبة من تلامذة أمير المؤمنين (ع) وغيرهم ينهلون من حلقات دروسهم في المسجد النبوي الشريف، وذاع نبأ هذه الحلقات فرحل إليها طلاب العلم من خارج المدينة، فكان الإمام الحسن (ع) يجلس في مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، ويجتمع الناس حوله، فيتكلم بمايشفي غليل السائلين، ويقطع حجج القائلين. [٦]

قد تميزت حلقة الإمام الحسن (ع) على ماسواها من الحلقات الأخرى في المسجد، يروي الواحدي في تفسيره "الوسيط" مايرفعه بسنده أن رجلاً قال: "دخلت مسجد المدينة، فإذا أنا برجل يحدِّث عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم والناس حوله، فقلت له: أخبرني عن شاهد ومشهود.[٧]، فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، وأما المشهود فيوم عرفة، فجزته إلى آخر يُحدِّث، فقلتُ له: أخبرني عن «شاهد ومشهود»، فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، وأما المشهود فيوم النحر، فجزتهما إلى غلام كأن وجهه الدينار، وهو يُحدِّث عن رسول الله {{صل}، فقلت: أخبرني عن «شاهد ومشهود»، فقال: نعم، أما الشاهد فمحمد صلی الله عليه وآله وسلم، وأما المشهود فيوم القيامة، أما سمعته يقول: ﴿ يا أيها النبيّ إنا أرسلناك شاهداً،[٨] وقال تعالى: ﴿ ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود[٩]. فسألت عن الأول؟ فقالوا: ابن عباس، وسألت عن الثاني؟ فقالوا: ابن عمر، وسألت عن الثالث؟ فقالوا: الحسن ابن علي بن أبي طالب (ع)، وكان قول الحسن أحسن".[١٠]

أما حلقة الإمام الحسين (ع) في المسجد النبوي فقد اشتهرت وتفوقت على نظائرها من حلقات الدرس في المسجد، حتى اضطر معاوية بن أبي سفيان للاعتراف بذلك عندما قال لرجل من قريش: "إذا دخلت مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبدالله (ع)، مؤتزراً على أنصاف ساقيه، ليس فيها من الهُزِّيلي شيء".[١١]

تمتع الإمام الحسين (ع) بمرجعية علمية في المدينة مثل أمير المؤمنين (ع)، فكان يدحض الشبهات العقائدية حين يعجز غيره عن تفنيدها، يقول عكرمة عن ابن عباس: "بينما هو يُحدِّث الناس، إذ قام اليه نافع ابن الأزرق، فقال له: يا ابن عباس تُفتي الناس في النملة والقملة، صف لي إلهك الذي تعبد؟ فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله، وكان الحسين بن علي جالساً ناحية، فقال: إليِّ يا ابن الأزرق. قال: لستُ إيّاك أسأل!. قال ابن عباس: يا ابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة، وهم ورثة العلم. فأقبل نافع نحو الحسين (ع)، فقال له الحسين (ع): يا نافع إن من وضع دينه على القياس، لم يزل الدهر في الالتباس سائلاً ناكباً عن المنهاج، ظاعناً بالاعوجاج، ضالاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل. يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرّفه بما عرّف به نفسه: لا يُدَرك بالحواس، ولا يُقاس بالناس، قريب غير ملتصق، وبعيد غير منتقص، يوحّد ولا يُبعّض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلاّ هو الكبير المتعال. فبكى ابن الأزرق، وقال: يا حُسين ما أحسن كلامك! قال له الحسين (ع): بلغني أنك تشهد على أبي، وعلى أخي بالكفر، وعليَّ. قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين لئن كان ذلك، لقد كنتم منار الإسلام، ونجوم الأحكام. فقال له الحسين (ع): إني أسالك عن مسألة. قال: سل. فسأله عن هذه الآية ﴿ وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة[١٢] يا ابن الأزرق: من حُفِظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق: أبوهما. قال الحسين (ع): فأبوهما خير أم رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ؟ قال ابن الأزرق: قد أنبأ الله تعالى أنكم قوم خصمون. [١٣]

مدرسة الإمام السجاد(ع)

بعد الإمام الحسين (ع) انبرى ولده الإمام السجاد (ع) لتبني مدرسة المدينة ورعايتها، وحظي الإمام السجاد (ع)بمقام المرجعية العلمية في هذه المدرسة مثلما حظي أبوه وجده (ع) قبل ذلك، وهذا ماتدل عليه مجموعة شهادات صدرت من علماء معروفين من معاصريه، فكان الزهري يقول: "علي بن الحسين أعظم الناس عليّ منّة".[١٤] ويضيف قائلاً: "ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحُسين (ع)! وما رأيت أحداً كان أفقهَ منه، ولكنه كان قليل الحديث. . . لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين".[١٥] وقال رجل لسعيد بن المسيب: "ما رأيت أحداً أورع من فلان! قال: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا، قال: ما رأيت أورع منه!"[١٦]

كان الإمام السجاد (ع) منصرفاً إلى بثّ علوم النبوة، متخداً من المسجد النبوي مدرسة له، ففي كلّ جمعة يستثمر توافد المسلمين على المسجد فينبري للإرشاد والوعظ، يقول سعيد بن المسيب: "كان علي بن الحسين (ع) يعظ الناس، ويزهدهم في الدنيا، ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة، في مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وحُفِظ عنه وكُتِبَ، يقول: أيها الناس اتقو الله. . . "[١٧]

حين يتحدث الإمام السجاد (ع) واعظاً يتفاعل معه الناس وتهيج عواطفهم، وتسود المجلس موجة من البكاء، قال أبو حمزة: "كان الإمام علي بن الحسين (ع) إذا تكلم في الزهد ووعظ، أبكى مَنْ بحضرته".[١٨]

يبدو أن الإمام السجاد (ع)كان يمضي قسطاً وافراً من وقته يُعلِّم في المسجد النبوي، قال يزيد بن حازم: "رأيتُ علي بن الحسين وسليمان بن يسار، يجلسان بين القبر والمنبر، يتحدثان إلى ارتفاع الضُحى ويتذاكران".[١٩]

لم يقتصر نشاطه العلمي (ع) على فترات وجوده في المسجد، وإنما كان أهل العلم يقصدونه حيث مضى ولا ينفكّون عن طلب الإفادة منه والارتشاف من معين علومه حتى في سفره، يقول سعيد ابن المسيب: "إن القراء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين (ع)، فخرج وخرجنا معه ألف راكب".[٢٠]

رغم قساوة الوضع الأمني الذي عاشه الإمام السجاد (ع) في المدينة عقيب واقعة كربلاء مباشرة حيث لا يسمح له بممارسة مهامه العلمية بحرية، إلاّ أنه لم يتخلَّ عن تلك المهام، فتكثف عمله على إعداد وتربية نخبة من الرجال الذين وعوا علومه ونشروها بين الناس، قال الفضل بن شاذان: "ولم يكن في زمن علي بن الحسين (ع) في أول أمره إلاّ خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيى بن أم الطويل، أبو خالد الكابلي واسمه وردان ولقبه كنكر".[٢١]

كان لتلامذة الإمام السجاد (ع) دورٌ هام في نشر العلوم الإسلامية، فمثلاً عُرِفَ سعيد بن جبير كأحد أبرز رجال التفسير والفقه في عصره، واعترف ابن عمر عندما سأله رجال بأن سعيد أفقه منه، عن أسلم المنقري عن سعيد بن جبير قال: "جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن فريضة، فقال: إئت سعيد بن جُبير فإنه أعلم بالحساب مني، وهو يُفرِض منها ما أفرض".[٢٢] وروى عمرو بن ميمون عن أبيه، قال: "لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض أحد إلاّ وهـو محتاج إلـى علمه".[٢٣]

مضافاً إلى ما أنجبته مدرسة الإمام السجاد (ع) من حملة العلوم الإسلامية، خلفت لنا هذه المدرسة أيضاً نصّين هامين، أحدهما عبارة عن مجموعة من الأدعية التي طفحت بالتعاليم والمفاهيم الربانية، اشتهرت باسم «الصحيفة السجادية»، والآخر هو وثيقة حقوقية نصّت على طائفة من الحقوق الأساسية لله تعالى، وللنفس، وللأئمة، وللرعية، وللرحم، وللناس. . . وغير ذلك وعرفت باسم «رسالة الحقوق».

مدرسة الإمام الباقر(ع)

بعد وفاة الإمام علي بن الحسين (ع) نهض بمهمة إدارة مدرسته والتعليم فيها ولده الإمام محمد الباقر (ع)، الذي احتضن تلامذة أبيه، واقتفى أثره في تربية مجموعة من العلماء، وشُهِرَ أبو جعفر "بالباقر" من: بقر العلمَ، أي شقَّهُ فعرفَ أصلَهُ وخفيَّه.[٢٤]

اُعترف له بالتفوق العلمي وأهليته لإمامة المسلمين مَنْ ترجم له من المؤرخين، فمثلاً قال عنه الذهبي:"وكان أحد مَنْ جمع بين العلم والعَمَل والسؤدد، والشرف، والثقة، والرزانة، وكان أهلا للخلافة".[٢٥]، وقال عنه أبو زرعة: "ولعمري إنّ أبا جعفر عليه السلام لمن أكبر العلـمـاء".[٢٦]

روى أبو جعفر (ع)، أخبار المبتدأ وأخبار الأنبياء، وكَتَبَ عنه الناس المغازي، وأثروا عنه السُّنْنَ، واعتمدوا عليه في مناسك الحج التي رواها عن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وكتبوا عنه تفسير القرآن، وروت عنه الخاصة والعامة الأخبار، وناظرَ مَنْ كان يَرِدُ عليه من أهل الآراء، وحفِظَ عنه الناس كثيراً من علم الكلام. . . وروي عنه (ع) أنه سُئِل عن الحديث يُرسلُه ولا يُسندُه، فقال: "إذ حدّثتُ الحديث فلم أُسنِده، فسندي فيه أبي عن جدِّي عن أبيه عن جدِّه رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل (ع) عن الله عزّ وجل".[٢٧]

كان عليه السلام يفد عليه السائلون وطلاب العلم من شتى البلاد في ذلك العصر، ومجلسه يومئذ معروف في المسجد النبوي الشريف، ومزدحم بهؤلاء القادمين من تلك البلاد، كلٌ منهم يسأل ويطلب معرفة الحلال والحرام ومعالم دينه من أبي جعفر عليه السلام، يقول أبو حمزة الثمالي: "كنت جالساً في مسجد الرسول صلی الله عليه وآله وسلم، إذ أقبل رجل فسلَّمَ، فقال: مَنْ أنت يا عبدالله؟ فقلت: رجل من أهل الكوفة، فقلت: ما حاجتك؟ فقال لي: أتعرف أبا جعفر محمد بن علي (ع)؟ فقلت: نعم، فما حاجتك إليه؟ قال: هيّأت له أربعين مسألة أسأله عنها".[٢٨]

قد كان أبو جعفر الباقر (ع) مثلما كان أبوه السجاد (ع)، حيثما ذهب أوحلَّ يلحقه أهل العلم وينتهز أهل ذلك البلد أو القادمون اليه من بلدان آخرى فرصة وجوده (ع) فيرتشفون من منهله الغزير، عن ثوير بن فاخته، قال: "خرجت حاجّاً فصحبني عمر بن ذر القاضي، وقيس الماصر، والصلت بن بهرام، وكانوا إذا نزلوا منزلا، قالوا: اُنظر الآن، فقد حررنا أربعة آلاف مسألة تسأل أبا جعفر (ع) منها عن ثلاثين كل يوم".[٢٩]

إذا بلغ الإمام الباقر (ع) بيت الله الحرام، فيتهافت على مجلسه المقيمون في مكة والقادمون من الأمصار، ويصبح حديث الحاج في الموسم، لشدة ازدحام الناس عليه، قال الأبرش الكلبي لهشام، مشيراً إلى الإمام الباقر (ع): مَنْ هذا الذي احتوشه. أهل العراق يسألونه؟ قال هذا نبيُّ الكوفة، وهو يزعم أنه ابن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وباقر العلم، ومفسِّر القرآن، فاسأله مسألة لا يعرفها، فأتاه، وقال: يا ابن عليّ قرأت التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان؟ قال: نعم، قال:فإني أسألك عن مسائل؟ قال:سل، فإن كنت مسترشداً فستنتفع بما تسأل عنه، وإن كنت متعنتاً فتضلّ بما تسأل عنه. . . ".[٣٠]

تخرج في مدرسة الإمام الباقر (ع) نخبة من العلماء الذين سهروا على حفظ ورواية أحاديث أهل البيت (ع) ونشرها بين حفظة العلم، من أمثال أبان بن تغلب بن رَباح، الذي كان من تلامذة الإمام علي بن الحسين (ع)، والإمام الباقر(ع) (ع)، والإمام الصادق (ع)، روى عنهم، وكانت له عندهم منزلة وقَدَم. . . وقال له أبو جعفر (ع): "اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس، فإني أحِبّ أن يُرى في شيعتي مثلك. . . " وكان أبان إذا قدم المدينة تَقَوّضَتْ إليه الحَلَق، وأُخليت له سارية النبي صلی الله عليه وآله وسلم.[٣١]

كان بعض الوافدين إلى مدرسة الإمام الباقر (ع)من الأمصار يمكثون عدّة سنوات فيها للتزود من معارف أهل البيت (ع) منقطعين عن أوطانهم وأهليهم، كما فعل محمد بن مسلم الذي أقام بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر (ع) يسأله، ثم كان يدخل على الإمام جعفر بن محمد (ع) يسأله. [٣٢]

تخرج من مدرسة الإمام الباقر (ع) أكثر من (450) أربعمائة وخمسين رجلاً. [٣٣]

مدرسة الإمام الصادق(ع)

بعد وفاة الإمام الباقر (ع) خلفه في مدرسته ولده الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع)، الذي نَقَلَ الناس عنه من العلوم ماسارت به الرُّكبانُ، وانتشر ذكره في البُلدان، ولم يُنقَل عن أحد من أهل بيته ما نُقِلَ عنه، ولا لقي أحدٌ منهم من أهل الآثار ونَقَلةِ الأخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبدالله (ع)، فان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل. . . وكان عليه وآبائه السلام يقول: "حديثي حديث أبي، وحديثُ أبي حديث جدِّي، وحديث جدِّي حديث علي بن أبي طالب (ع) أمير المؤمنين، وحديث علي أمير المؤمنين (ع) حديث رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وحديث رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم قـول الله عـزَّوجـلَّ".[٣٤]

كان البعض يستفيد من وفود الإمام الصادق (ع) إلى بيت الله الحرام فيتلقى العلم منه، ويلجأ إليه في دحض شبهات الزنادقة التي بدأت بالظهور في هذا العصر، وبلغت الجرأة بأصحابها أن يذيعوها في المسجد الحرام في موسم الحج، ومن أمثال أولئك ابن أبي العوجاء، وابن طالوت، وابن الأعمى، وابن المُقَفَّع. . .[٣٥]

اعترف المعاصرين له عليه السلام من الفقهاء، والرواة، والمفسرين، بالفضل والمقام العلمي الشامخ، ويشهد الخصم منهم فضلاً عن سواه بمرجعيته العلمية، وحاجة الجميع اليه واستغنائه عن الجميع، يقول النوفلي: "سمعتُ مالك بن أنس الفقيه يقول: والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد (ع) زُهداً، وفضلاً، وعبادة، وورعاً، وكُنتُ أقصده فيكرمني. . .[٣٦]

وبمثل هذا يشهد الفقيه المعروف أبو حنيفة، كما في مسند أبي حنيفة، قال الحسن بن زياد: "سمعتُ أبا حنيفة وقد سُئِل مَنْ أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمد. لما أقدمه المنصور بعث إليّ، فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد فهيّىء له من مسائلك الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إليّ أبو جعفر وهو بالحيرة، فأتيته، فدخلتُ عليه، وجعفر جالس عن يمينه، فلمّا بصرت به، دخلني من الهيبة لجعفر مالم يدخلني لأبي جعفر، فسلّمتُ عليه، فأومأ إليّ فجلستُ، ثم التفتَ اليه، فقال: يا أبا عبدالله هذا أبو حنيفة، قال: نعم أعرفه، ثم التفتَ إليّ، فقال: يا أبا حنيفة ألقِ على أبي عبدالله من مسائلك، فجعلتُ أُلقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة، فما أخلَّ منها بشيء. ثم قال أبو حنيفة: أليس أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس".[٣٧]

أمضى الإمام جعفر الصادق (ع) جُلَّ حياته في المدينة المنورة منصرفاً لإحياء السنة الشريفة ونشر معارف الوحي، كتب الشهرستاني يصف الإمام الصادق (ع): ". . . وهو ذوعلم غزير في الدين، وأدب كامل في الحكمة، وزهد بالغ في الدنيا، وورع تام عن الشهوات، وقد أقام بالمدينة مدة، يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم. . . ".[٣٨]

واشتهر مجلسه (ع) في المدينة لأنه كان يجالس العامة والخاصة، ويأتيه الناس من الأقطار، يسألونه عن الحلال والحرام، وعن تأويل القرآن، وفصل الخطاب، فلا يخرج أحد منهم إلاّ راضياً بالجواب.[٣٩]

استقطب مجلسه القادمين إلى المدينة، فكان أهل العلم لا يتركون الورود عليه عندما يأتونها، فقد دخل أبو حنيفة المدينة ومعه عبدالله بن مسلم، فقال له: "يا أبا حنيفة، إن ههنا جعفر بن محمد، من علماء آل محمد، فاذهب بنا إليه، نقتبس منه علماً، فلما أتيا إذا هما بجماعة من علماء شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه".[٤٠]

لم ينقطع توافد أصحابه عليه على مدار السنة، وكان يزدحم وفدهم وقت الحج، فمثلاً عُرِف عن زرارة بن أعين وإخوانه مجيؤهم إليه من الكوفة باستمرار، حتى قال ربيعة الرأي لأبي عبدالله (ع): "ما هؤلاء الأخوة الذين يأتونك من العراق، ولم أرَ في أصحابك خيراً منهم ولا أهيأ؟ قال: أولئك أصحاب أبي، يعني ولد أعين. "[٤١]

وقد أسهم تزايد وفود أصحاب الصادق (ع) إلى المدينة في تنامي الحركة العلمية فيها، وازدهار حلقات الدراسة والمناظرة في أروقة مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم.[٤٢]

وما كان لهذه الحركة العلمية أن تأخذ بالاتساع لو لم يكن الإمام مرشداً وهادياً لها، فقد كان أبو عبدالله (ع)، يقول لعبد الرحمن بن الحجاج: "يا عبد الرحمن كلِّم أهل المدينة، فإنني أُحب أن يُرى في رجال الشيعة مثلك".[٤٣]

كان الإمام جعفر الصادق (ع) يغمر تلامذته بفيض من العطف والرعاية والمودة، ويتكفل شيئاً من نفقتهم، ويقوم بضيافتهم في منزله إذا وردوا المدينة.[٤٤]

لطالما حثَّ الإمام (ع) أتباعه على طلب العلم، ولا سيما الشباب منهم، وتمنى لهم أن ينخرطوا في سلك العلماء والمتعلمين، روى (أبو قتادة عن أبي عبدالله (ع)، أنه قال: "لستُ أُحبّ أن أرى الشاب منكم إلاّ غادياً في حالين: أما عالماً أو متعلِّماً، فإن لم يفعل فرّط، فإن فرّط ضيّع، وإن ضيّع أثم، وإن أثم سكن النار، والذي بعث محمداً صلی الله عليه وآله وسلم بالحقّ".[٤٥]

وأفصح الإمام الصادق (ع) عن معيار يحدد في ضوئه منزلة كلّ واحد من شيعته، فيما رواه عن أبيه الباقر (ع) حين قال له: "يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرِّواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعليّ فوجدتُ في الكتاب: أن قيمة كلّ أمرء وقدره معرفته، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا".[٤٦]

مدرسة أهل البيت بعد الإمام الصادق(ع)

لم يدم عصر الازدهار الذي عاشته مدرسة المدينة بعد وفاة الإمام الصادق (ع) إثر ازدياد الاضطهاد الذي كان يتعرض له تلامذة الأئمة في العصر العباسي، وقسوة الأحوال الأمنية التي عاشوها، وانتهت بإمامهم موسى الكاظم (ع) إلى السجن، ثم القتل بالسم. وهيمنت حالة من الخوف والذعر على الشيعة بالمدينة، أدت إلى حرصهم على التكتم، واحاطة نشاطهم بالسرية.[٤٧]

حالة هذه الظروف بين الإمام الكاظم (ع) واتصال أصحابه به بنحو طبيعي، ذلك أن غياب الحرية ينتج ضمور الحركة العلمية وتراجعها، ومع ذلك فإن الإمام (ع) لم يتخلَّ عن مهمة بثّ معارف الوحي ونشرها بين خاصة أصحابه، كما حرص تلامذته على الإفادة من أية فرصة تتاح لهم بلقائه، وتسجيل كلّ شيء يتفوّه به، روى أبو الوضاح أن أباه قال: "كان جماعة من خاصة أبي الحسن (ع) من أهل البيت (ع)، والشيعة، يحضرون، ومعهم في أكمامهم ألواح أبنوس لطاف، وأميال، فإذا نطق أبو الحسن بكلمة أوأفتى في نازلة، أثبت القوم ما سمعوا منه".[٤٨]

بالرغم من أن هذه الظروف أعاقت الإمام الكاظم (ع) عن التصدي للتدريس وإدارة الحلقات العلمية في مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، مثلما كان يفعل سلفه، إلاّ أنه عمد لتبني أساليب أخرى لا تثير حفيظة عيون السلطة، في تربية وتعليم تلامذته، ويمكن التعرف على شيء من ذلك في العدد الوفير من الصحف والنسخ الحديثية التي دونها هؤلاء التلاميذ عنه، فقد ذكر النجاشي طائفة من أسمائهم مع بيان لأسماء كتبهم التي تلقوها من الإمام الكاظم (ع)، ومن هؤلاء: محمد بن تميم النَهشلي التميمي البصري، ومحمد بن صدقة العنبري البصري، وعلي بن عبيد الله بن حسين، والحسن ابن علي بن يقطين، وأخو الإمام الكاظم علي بن جعفر، ومحمد بن الفرج الرُخَّجِيّ، وعبدالله ابن محمد الأهوازي، وعلي بن يقطين، وموسى بن إبراهيم المروزي، وعلي بن حمزة بن الحسن، ومحمد بن زُرْقان، ومحمد بن ثابت، ومحمد بن فُضيل بن كثير الصيرفي الأزدي. [٤٩] وذكر الشيخ الطوسي في الفهرست «مسائل» ليونس بن عبد الرحمن، ولصفوان بن يحيى.[٥٠]

لم يقفل مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في هذه الحقبة أبوابه تماماً عن حلقات الدراسة، ومجالس العلم الشيعية، وإنما كان ينتخب الإمام موسى بن جعفر (ع) بعض أصحابه، ممن يتوفر على مزايا علمية متميزة، فيوجهه لعقد مجلس علم في المسجد; لئلا يغيب صوت الهدى عن هذا المكان الشريف، يقول حماد: "كان أبو الحسن (ع) يأمر محمد بن حكيم أن يجالس أهل المدينة في مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وأن يكلّمهم ويخاصمهم، حتى كلمهم في صاحب القبر، فكان إذا انصرف إليه، قال له: ما قلتَ لهم؟ وما قالوا لكَ؟ ويرضى بذلك منه".[٥١]

قلة ظهور موسى بن جعفر (ع) وتكتمه على بعض نشاطه العلمي، لم يخف حقيقته عن المسلمين، فقد أستأثر بمقام المرجعية العلمية خلفاً لسلفه من آبائه الأئمة (ع)، واعترف له بذلك قطّاع كبير ممن عاصره أوجاء بعده، فمثلاً كان أحمد بن حنبل مع انحرافه عن أهل البيت (ع)، لما روي عنه، قال: "حدثني موسى بن جعفر، قال:حدثني أبي جعفر بن محمد، قال:حدثني أبي محمد بن علي، قال:حدثني أبي علي بن الحسين، قال:حدثني أبي الحسين بن علي،قال:حدثني أبي علي بن أبي طالب، قال: قال:رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، ثم قال أحمد: وهذا إسناد لو قُري على مجنون لأفاق".[٥٢]

بل أن هارون الرشيد الذي حبس الإمام موسى بن جعفر (ع) فيما بعد، يعترف بمقامه العلمي لما دخل عليه الإمام في المدينة، فبالغ الرشيد في احترامه، سأله ولده المأمون عن دوافع هذا الاحترام بدهشة! "لقد رأيتك عملتَ بهذا الرجل شيئاً ما رأيتك فعلته بأحد من أبناء المهاجرين، والأنصار، ولا بني هاشم، فمَن هذا الرجل؟ فقال: يابني هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر بن محمد، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا. قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي محبتهم".[٥٣]

بعد وفاة الإمام موسى بن جعفر (ع) تصدّى لرعاية مدرسة المدينة ولده الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، الذي نهج منهج سلفه في إشاعة معارف الوحي لتلامذته الخاصين، حذراً من محاولات السلطة العباسية التي اغتالت والده، وكثّفت جهودها لإجهاض مدرسته، ولذلك لم تعد حلقات مدرسة أهل البيت (ع) في مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم في هذه الحقبة إلى عصر ازدهارها السابق في أيام الإمام جعفر الصادق (ع) وأبيه محمد الباقر (ع) فقد صوّر أحد تلامذة الإمام الرضا (ع) حالة الخوف التي كانوا يعيشونها عقيب وفاة الإمام موسى بن جعفر (ع)، بقوله:"لما مضى أبو الحسن موسى (ع)، وتكلَّم الرضا خفنا عليه من ذلك، وقلنا له: إنك قد أظهرت أمراً عظيماً، وإنّا نخاف عليك هذا الطاغية، فقال: ليجهد جهده، ولا سبيل له عليّ. قال صفوان: فأخبرنا الثقة أن يحيى بن خالد، قال للطاغي: هذا عليّ ابنه قد قعد وادّعى الأمر لنفسه، فقال: ما يكفينا ما صنعنا بأبيه، تريد أن نقتلهم جميعاً".[٥٤]

اضطر الإمام علي بن موسى (ع) لاقتفاء أثر أبيه في التكتم على المهم من حركته العلمية في زمن هارون الرشيد، لكن هلاك الرشيد وجلوس المأمون الذي أظهر الولاء لأهل البيت على منصة الخلافة، أشاع مناخاً مناسباً من الحرية للإمام الرضا (ع) وتلامذته، وأتاح لهم ممارسة حياتهم الفكرية من دون خشية السلطان، وبرز الدور العلمي للإمام بالتدريج، بحيث أضحى مقامه العلمي في المدينة، هو المرجع الذي يتلقى جميع أهل العلم منه، ويرجع إليه طلاب العلم دون غيره من علماء التابعين، الذين كان عددهم وفيراً في المدينة أنذاك، كما ينقل أبو الصلت الهروي:"ولقد سمعتُ عليّ بن موسى الرضا (ع)، يقول: "كنتُ أجلسُ في الروضة والعلماء بالمدينة متوافرون، فإذا أعيى الواحد منهم عن مسألة، أشاروا إليّ بأجمعهم، وبعثوا إليّ بالمسائل، فأجبتُ عنها".[٥٥]

وقد أذعن علماء الأديان له عليه السلام، واعترفوا بتفوقه العلمي، بعد أن فنّدَ مقولاتهم، ونقض حججهم، وتغلب عليهم في مناظراته معهم، فقد ذكر الهروي أنه لم يرَ أعلم من علي بن موسى الرضا (ع)، ولا رآه عالم إلاّ شهدَ له بمثل شهادته، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد علماء الأديان، وفقهاء الشريعة، والمتكلمين، فغلبهم عن آخرهم، حتى ما بقي أحد منهم إلاّ أقرّ له بالفضل، وأقر على نفسه بالقصور".[٥٦]

بعد وفاة علي بن موسى الرضا (ع) ورثه في الإشراف على مدرسة المدينة ولده أبو جعفر محمد الجواد (ع)، الذي نصّ عليه بقوله: "هذا أبو جعفر، قد أجلسته مجلسي، وصيّرته مكاني، وقال: إنّا أهل بيت يتوارث أصاغِرُنا عن أكابرنا القُـذَّةُ بـالقُـذَّةِ".[٥٧]

وقد تصدى أبو جعفر (ع) للمهام التي كان يضطلع بها أبوه من قبل في سن مبكرة، وبرهن للعامة والخاصة تقدمه على سواه، وحمله لمواريث النبوة، فكان إذا دخل مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم هرع إليه أهل العلم للإفادة منه، وتؤكد بعض المواقف أنّ التبجيل والاحترام اللذين يعامله بهما هؤلاء يعبران عن اعترافهم بفضله وتقدمه على غيره. [٥٨]

وكان مقامه عليه السلام في المدينة محط أنظار الفقهاء والمحدثين، فقد استقطب القادمين إلى الحج منهم، وكانوا بعد إنصرافهم يردون المدينة للقاء أبي جعفر الجواد (ع) والتزود من علومه، والوقوف على الإجابات الصحيحة للأسئلة والإشكالات المختلفة، التي كانت تتوالد كلّ يوم، مع اتساع معرفة المسلمين بالثقافات المترجمة من اليونانية والسريانية وغيرها.

ففي أحد السنوات، وكان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلاً، فخرجوا إلى الحج، وقصدوا المدينة; ليشاهدوا أبا جعفر (ع)، فلما وافوا أتوا دار جعفر الصادق (ع) لأنها كانت فارغة، ودخلوها وجلسوا على بساط كبير، وخرج اليهم عبدالله بن موسى بن جعفر، فجلس في صدر المجلس، وقام مناد، وقال: هذا ابن رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، فمن أراد السؤال فليسأله، فسُئِل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب، فورد على الشيعة ما حيّرهم وغمّهم، واضطربت الفقهاء، وقاموا وهمّوا بالانصراف، وقالوا في أنفسهم: لو كان أبو جعفر (ع) يكمل لجواب المسائل لما كان من عبدالله ما كان، ومن الجواب بغير الجواب. ففُتِحَ عليهم باب من صدر المجلس، ودخل موفَّق وقال: هذا أبو جعفر، فقاموا إليه بأجمعهم، واستقبلوه، وسلموا عليه، فدخل صلوات الله عليه، وعليه قميصان، وعمامة بذوابتين، وفي رجليه نعلان، وجلس، وأمسك الناس كلهم، فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائله، فأجاب عنها بالحق، ففرحوا، ودعوا له، وأثنوا عليه، وقالوا له: إنّ عمَّك عبدالله أفتى بكيت وكيت، فقال:لا إله إلاّ الله، ياعمّ إنّه عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه، فيقول لك: لِمَ تُفتي عبادي بما لم تعلم، وفي الأُمة مَنْ هو أعلم منك؟".[٥٩]

خلَّفَ الإمام أبو جعفر الجواد (ع) بعد وفاته ولَده الإمام أبا الحسن علي الهادي (ع)، الذي شغل مقام أبيه في رعاية مدرسة المدينة، فقد مكث الإمام الهادي(ع) في المدينة نحو ثلاث وعشرين سنة بعد وفاة أبيه، ثم أشخصه المتوكل العباسي إلى العراق، وكان مقامه بسُرّ مَنْ رأى إلى أن قُبِض عشر سنين وأشهراً.[٦٠]

كان أبو الحسن (ع) يتولى رعاية تلامذته، ويشرف على أنشطتهم، ويتابع أعمالهم، ويراقب سلوكهم وهو في المدينة، عبر مكاتباته معهم، هذه المكاتبات التي تضمنت حلولاً لمشكلات عقائدية وفكرية كان يتعرض لها أتباع الإمام (ع) المنتشرون في شتى الأصقاع، ولعلّ من أبرز هذه المكاتبات رسالته (ع) في الرد على أهل الجبر والتفويض، وإثبات العدل والمنزلة بين المنزلتين.[٦١]

مع أن المصادر التاريخية تسكت عن الحديث حول النشاط التعليمي الخاص لأبي الحسن الهادي (ع) في مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم بالمدينة، إلاّ أن المصادر الرجالية ترجمت لأكثر من مائة وستين تلميذاً من أصحاب الإمام الهادي (ع).[٦٢]، من سائر بلدان التشيع وقتئذ. ويدل هذا العدد على كثافة الجهود التي كان يبذلها أبو الحسن (ع) في تربية وتعليم تلامذته المقيمين في المدينة، والذين يعيشون خارجها; في سائر البلدان.

الاحتلال الوهابي للحجاز

في عهد سعود الكبير عام 1218هـ تم احتلال الحجاز وسيطر الوهابيون على نفائس الأماكن المقدسة وتقاسمها الأمراء، ودمّرت الأماكن الأثرية المقدسة بحجة عبادتها من دون الله، وخضع الشريف غالب الذي بقي حاكماً إسمياً، ثم منع الوهابيون عموم المسلمين من أداء فريضة الحج،[٦٣]فجندت الدولة العثمانية محمد علي باشا لاحتلال الحجاز وتخليصه من الوهابيين. هنا انقلب السكان بسرعة قبائل وحضر ضد الوهابيين وأخرجوهم.

احتلال الطائف و مكة

كانت أولى الحملات العسكرية الوهابية على منطقة الحجاز وقعت في شهر ذي القعدة سنة 1217هـ/1804م على مدينة الطائف. ويصف السيد أحمد بن السيد زيني دحلان ماقام به الوهابيون في هذه المدينة بالقول: "ولما دخلوا الطائف قتلوا الناس قتلاً عاماً واستوعبوا الكبير والصغير، والمأمور والأمير، والشريف والوضيع، وصاروا يذبحون على صدر الأم الطفل الرضيع، وصاروا يصعدون البيوت يخرجون من توارى فيها، فيقتلونهم. فوجدوا جماعة يتدارسون القرآن فقتلوهم عن آخرهم حتى آبادوا من في البيوت جميعاً. ثم خرجوا الى الحوانيت والمساجد وقتلوا من فيها، ويقتلون الرجل في المسجد وهو راكع أو ساجد، حتى أفنوا هؤلاء المخلوقات".[٦٤]

أحدثت القوات الوهابية السعودية مجازر جماعية في دقاق اللوز ووادي وج ونهبوا النقود والعروض والأساس والفراش أما الكتب فإنهم نشروها في تلك البطاح وفي الأزقة والأسواق تعصف بها الرياح. وكان فيها من المصاحف والرباع ألوفاً مؤلّفة ومن نسخ البخاري ومسلم وبقية كتب الحديث والفقه والنحو، وغير ذلك من بقية العلوم شيء كثير. ومكثت أياماً يطؤونها بأرجلهم لا يستطيع أحد أن يرفع منها ورقة.[٦٥]

وصلت أنباء المجزرة الوهابية في الطائف إلى أسماع أهالي مكة المكرمة فخافوا ليصيبهم ما أصاب أهل الطائف فدخلها سعود من دون اي مقاومة من أهلها، حدث ذلك في في الثامن من محرم من سنة 1218هجري.

دخل سعود مكة وطلب من الناس الإجتماع بعد صلاة العصر بالمسجد الحرام بين الركن والمقام لأخذ البيعة والتبشير بالدعوة الوهابية.[٦٦]

بعد أن عرض عليهم درساً في التوحيد الوهابي أمر جيشه إلى هدم القباب حتى لا يكون لهم معبود غير الله -حسب قوله-، و في صبيحة اليوم التالي بادر الوهابيون بالمساحي والمعاول فهدموا ما في "المعلى" من القباب و هي كثيرة ثم هدموا قبة مولد النبي صلی الله عليه وآله وسلم وقبة السيدة خديجة (ع) وقبة أبي بكر وقبة زمزم وأتوا على الأبنية التي حول الكعبة، و تتبعوا جميع المواضع التي فيها آثار الصالحين فهدموها، وثناء الهدم كانوا يغنون و يقرعون الطبول و يبالغون في الشتم و يقولون إن هي إلا أسماء سميتموها، فلم تمضي ثلاثة أيام حتى اتوا على كل الآثار فمحوها، أما اهل مكة فقد اتبعوهم خوفاً وحملوا غصباً على ترك التوسل والتبرك، كما فرض سعود تدريس عقيدة ابن عبد الوهاب الفاسدة المسمات بكشف الشبهات.[٦٧]

بعد ثلاثة أيام من عمليات التدمير المنظّمة، محيت الآثار الإسلامية في مكة المكرمة، ثم سار سعود بجيشه إلى المدينة بعد أن أحكم سيطرته على مكة المكرمة.

احتلال المدينة

في عام 1220 هـ دخل سعود وبعث خبره إلى أهالي المدينة طالباً منهم تقديم البيعة له، فامتنعوا عن ذلك، فاقتحم المدينة وخاض قتالاً شرساً مع أهلها طالت نحو شهر، سقط خلاله عدد من أبنائها، ثم استباحتها قواته، فيما توجّه سعود إلى الحجرة النبوية فأخذ كل ما فيها، وكان فيها من النقود ما لا يحصى، وفيها تاج كسرى أنوشروان، الذي حصل عند المسلمين، لما فتحت المدائن، وفيها سيف هارون الرشيد وعقد كانت لزبيدة بنت مروان زوجته، وفيها تحف غريبة من جملة ما أرسله سلاطين الهند بحضرته صلی الله عليه وآله وسلم، تزيناً لقبّته صلی الله عليه وآله وسلم. وأخذ قناديل الذهب وجواهر عديدة.[٦٨]

أخذ الوهابيون يحدثون في المدينةتغييرات عديدة، فتطاولوا على حوزة الحرم النبوي الشريف، وهدموا بيوت وقبور الأولياء والصالحين بما في ذلك مقبرة البقيع.[٦٩]والتي تحتوي على روضة فيها أزواج النبي صلی الله عليه وآله وسلم, وبإزائها روضة صغيرة فيها ثلاثة من أولاده صلی الله عليه وآله وسلم منهم السلالة الطاهرة إبراهيم، و يليها روضة العباس بن عبد المطلب و الإمام الحسن بن علي (ع) و هي قبة مرتفعة في الهواء على مقربة من باب البقيع و يليها بيت ينسب إلى فاطمة الزهراء (ع) بنت الرسول صلی الله عليه وآله وسلم, ويعرف ببيت الحزن , يقال أنه الذي أوت إليه والتزمت فيه الحزن على موت أبيها المصطفى صلی الله عليه وآله وسلم. . . و مع الإمام الحسن (ع) ابن اخيه الإمام علي بن الحسين زين العابدين وابنه الإمام الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق عليهم جميعا سلام الله. .

وقد أثارت أعمال الوهابيين غضب كثير من الناس وجرحت عواطفهم، فمنهم من حزن على ضياع معالم التاريخ، ومنهم من حزن على الفن الإسلامي، ومنهم من حزن لأن مقبرة الرسول صلی الله عليه وآله وسلم، وفخامتها مظهر للعاطفة الإسلامية وقوة الدولة، وهكذا اختلفت الأسباب واشتركوا في الغضب.[٧٠]

الهوامش

  1. ابن حجر، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج 4، ص 70.
  2. الصفار، بصائر الدرجات، ص 290.
  3. المفيد، الاختصاص، ص 236.
  4. ابن أبي حديد، شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 18.
  5. الصدوق، الخصال، ج 1، ص 19 ـ 20.
  6. الأربلي، كشف الغمة في معرفة الأئمة، ج 2، ص 169.
  7. البروج: 3.
  8. الأحزاب: 45.
  9. هود: 103.
  10. الأربلي، كشف الغمةفي معرفة الأئمة، ج 2، ص 169.
  11. ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق، ص1 2.
  12. الكهف: 82
  13. ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق، ص 225 ـ 226.
  14. ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج5، ص214
  15. المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج 20، ص 386.
  16. المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ج 20، ص 389.
  17. الكليني، روضة الكافي، ص 60 - 63.
  18. الكليني. روضة الكافي، ص 13.
  19. ابن سعد، الطبقات الكبرى:، ج 5، ص 217.
  20. الكشي، اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي، ص 117.
  21. الكشي، اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي، ص 115.
  22. ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 6، ص 258.
  23. المزي، تهذيب الكمال، ج 10، ص 364.
  24. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 402.
  25. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 402.
  26. المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج 2، ص 163.
  27. المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج 2، ص 163-167.
  28. الكليني، فروع الكافي، ج 6، ص 256.
  29. الكشي، رجال الكشي، ص 219.
  30. المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج 46، ص 355.
  31. النجاشي: رجال النجاشي، ص 10 ـ 12.
  32. الكشي، رجال الكشي، ص 167.
  33. الطوسي، رجال الطوسي، ص 102 ـ 142.
  34. المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ص 179، 186.
  35. المفيد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ص 199-201.
  36. المجلسي، بحار الأنوار: ج47، ص20. عن: الصدوق، أمالي الصدوق، ص 542.
  37. ابن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 255.
  38. الشهرستاني، الملل والنحل، ج 1، ص 147.
  39. المسعودي، اثبات الوصية، ص 196.
  40. الطبرسي، الاحتجاج: ص210
  41. الكشي، رجال الكشي، ص 161.
  42. الكشي، رجال الكشي، ص 185 ـ 186.
  43. الكشي، رجال الكشي، ص 248.
  44. الكشي، رجال الكشي: ص 369.
  45. الطوسي، الأمالي، ص 303.
  46. الشيخ الصدوق. معاني الأخبار، ص 1ـ2.
  47. الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 20، ص 326 ـ 327.
  48. المجلسي، بحار الأنوار، ج 12، ص 278.
  49. رجال النجاشي،ص45-371
  50. الشيخ الطوسي، الفهرست، ص 83-181.
  51. الكشي، رجال الكشي، ص 449.
  52. ابن شهر اشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 4، ص 316 ـ 317.
  53. الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 1، ص 93.
  54. الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، ص 313.
  55. الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، ص 315.
  56. الطبرسي، إعلام الورى بأعلام الهدى، ص 315.
  57. المفيد، الإرشاد: ج2، ص276.
  58. الكليني، أصول الكافي، ج 1، ص 322.
  59. المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج 50، ص 100.
  60. المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 312.
  61. الكشي، رجال الكشي، ص 518 ـ 519.
  62. الطوسي، رجال الطوسي، ص 409 ـ 427.
  63. دحلان، أمراء البلد الحرام: ص 326.
  64. دحلان، خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام: ص297.
  65. دحلان، خلاصة الكلام: ص298.
  66. دحلان، خلاصة الكلام: ص302.
  67. الامين، كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب: ص27.
  68. الركي، لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب: ص 108.
  69. الأمين، كشف الارتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب: ص36.
  70. أمين، زعماء الإصلاح في العصر الحديث: ص20.

المصادر و المراجع

  • الصفار، محمد بن الحسن بن فروخ. بصائر الدرجات، تصحيح: محسن التبريزي، د ن، قم، 1404هـ.
  • المفيد، محمد بن محمد العكبري، الاختصاص، تصحيح: علي أكبر الغفاري، د ن، قم، د ت.
  • الصدوق، محمد بن علي، الخصال، تصحيح: علي أكبر الغفاري، د ن، قم، د ت.
  • الإربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة في معرفة الأئمة، تعليق: هاشم الرسول، دار الكتاب الإسلامي، بيروت، د ت.
  • ابن سعد، محمد، الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، د ت.
  • المزي، جمال الدين، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: د. بشار عوّاد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413هـ.
  • الكليني، محمد بن يعقوب، روضة الكافي، تصحيح: علي أكبر الغفاري، دار الأضواء، بيروت، 1405هـ.
  • الكشي، محمد بن عمر، اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي، تصحيح: حسن المصطفوي، جامعة مشهد، مشهد، 1348 ش.
  • الذهبي، شمس الدين، سير أعلام النبلاء، تحقيق: مأمون الصاغرجي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1412 هـ.
  • المفيد، محمد بن محمد العكبري، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام، الحياء التراث، د م، 1413 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1403هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، منشورات الرضي، قم، د ت.
  • ابن شهراشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب، تصحيح: هاشم الرسولي المحلاتي، انتشارات علامة، قم، د ت.
  • الشهرستاني، أبو الفتح، كتاب الملل والنحل، تخريج: محمد بن فتح الله بدران، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، د ت.
  • المسعودي، علي بن الحسين، اثبات الوصية، دار الأضواء، بيروت، 1409 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، تحقيق: مؤسسة البعثة، قم، دار الثقافة للطباعة والنشر، 1414هـ.
  • الخوئي، أبو القاسم، معجم رجال الحديث، د ن، د م، ط5، 1413 هـ.
  • العسقلاني، أحمد بن محمد بن حجر، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تصحيح: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، د ت.
  • دحلان، أحمد بن زيني، خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام، د ن، القاهرة، 1305هـ.