انتقل إلى المحتوى

الفرق بين المراجعتين لصفحة: «صلح الإمام الحسن عليه السلام»

لا يوجد ملخص تحرير
imported>Foad
imported>Ahmadnazem
لا ملخص تعديل
سطر ٨: سطر ٨:


==الكوفة بعد شهادة الإمام علي{{ع}}==
==الكوفة بعد شهادة الإمام علي{{ع}}==
بايع [[الكوفة|الكوفيون]] [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]]{{ع}} خليفة [[المسلمين|للمسلمين]] بعد مواراة [[أمير المؤمنين]]{{ع}} الثرى مباشرة، إلا أنّ الوضع المضطرب في الكوفة لم يكن يبشّر بخير ولم يظهر فيه ما يدلّ على استقرار الوضع وهدوء الساحة، ومن هنا كانت المهمة الأُولى الملقاة على عاتق الإمام التفكير بمعالجة الجبهة الداخلية وتهدئة الوسط الكوفي ثم بعث الولاة إلى الولايات– باستثناء [[الشام]] التي كانت تحت حكم [[معاوية]]- كـ[[مصر]] و[[الحجاز]] و[[خراسان]] و[[آذربايجان]] وسائر المناطق [[إيران|الايرانية]] وغيرها.
بايع الكوفيون [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]]{{ع}} خليفة [[المسلمين|للمسلمين]] بعد مواراة [[أمير المؤمنين]]{{ع}} الثرى مباشرة، إلا أنّ الوضع المضطرب في الكوفة لم يكن يبشّر بخير ولم يظهر فيه ما يدلّ على استقرار الوضع وهدوء الساحة، ومن هنا كانت المهمة الأُولى الملقاة على عاتق الإمام التفكير بمعالجة الجبهة الداخلية وتهدئة الوسط الكوفي ثم بعث الولاة إلى الولايات– باستثناء [[الشام]] التي كانت تحت حكم [[معاوية]]- كـ[[مصر]] {{و}}[[الحجاز]] {{و}}[[خراسان]] {{و}}[[آذربايجان]] وسائر المناطق [[إيران|الايرانية]] وغيرها.


يضاف إلى ذلك المهمة الكبرى التي لا بدّ من معالجتها ووضع حدّ للتمرد الشامي والقضاء على قائد الفتنة معاوية بن أبي سفيان.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص158.</ref> علماً أنّ الشام لم تكن باللقمة السائغة التي يمكن ابتلاعها بيسر بل كانت عصيّة عن المعالجة إلى حد ما في زمن [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]]{{ع}} فكيف بها بعد شهادته واضطراب الأمور وبروز معاوية على الساحة كحاكم شرعي.
يضاف إلى ذلك المهمة الكبرى التي لا بدّ من معالجتها ووضع حدّ للتمرد الشامي والقضاء على قائد الفتنة معاوية بن أبي سفيان.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام: ص158.</ref> علماً أنّ الشام لم تكن باللقمة السائغة التي يمكن ابتلاعها بيسر بل كانت عصيّة عن المعالجة إلى حد ما في زمن [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]]{{ع}} فكيف بها بعد شهادته واضطراب الأمور وبروز معاوية على الساحة كحاكم شرعي.
سطر ٢٠: سطر ٢٠:
وإذا خرجنا من دائرة [[الكوفة]] وتوجّهنا نحو [[البصرة]] نراها هي الأخرى لا يؤمل فيها خير وكيف يعوّل على مدينة عرفت بميولها [[العثمانية]] وهي أقرب إلى معاوية منها إلى الإمام الحسن{{ع}}.
وإذا خرجنا من دائرة [[الكوفة]] وتوجّهنا نحو [[البصرة]] نراها هي الأخرى لا يؤمل فيها خير وكيف يعوّل على مدينة عرفت بميولها [[العثمانية]] وهي أقرب إلى معاوية منها إلى الإمام الحسن{{ع}}.


وأما [[الخوارج]] فأمرهم أوضح والتعويل عليهم يعدّ ضرباً من الخيال فإنّهم وإن رفعوا في أوائل حركتهم شعار [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]] وأظهروا الإستعداد لمساندة من يقوم بذلك إلا أنّهم تحوّلوا إلى طلاب حكم وميل للتصدي للخلافة. فلم يبق مع الإمام {{ع}} إلا [[الشيعة]] وهؤلاء أيضاً لم يكونوا على نسق واحد بل هناك طائفة كبيرة منهم متظاهرة بالولاء و[[التشيع]] لا يمكن التعويل على ولائها وإحراز مواقفها حتى اللحظة الأخيرة من المعركة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 158.</ref>
وأما [[الخوارج]] فأمرهم أوضح والتعويل عليهم يعدّ ضرباً من الخيال فإنّهم وإن رفعوا في أوائل حركتهم شعار [[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]] وأظهروا الإستعداد لمساندة من يقوم بذلك إلا أنّهم تحوّلوا إلى طلاب حكم وميل للتصدي للخلافة. فلم يبق مع الإمام {{ع}} إلا [[الشيعة]] وهؤلاء أيضاً لم يكونوا على نسق واحد بل هناك طائفة كبيرة منهم متظاهرة بالولاء {{و}}[[التشيع]] لا يمكن التعويل على ولائها وإحراز مواقفها حتى اللحظة الأخيرة من المعركة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 158.</ref>


وإذا كان الكوفيون قد اضطربت مواقفهم في الأيّام الأخيرة من حياة [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]]{{ع}} فكيف ينساقون بيسر لولده من بعده؟! فلم يبق معه إلّا الخلّص من شيعته والموالين الحقيقيين له {{ع}} وهؤلاء لم يكونوا بالوعي السياسي التام الذي يحصّنهم من الوقوع بين الفينة والأخرى في شراك مكنة الدعاية المضادة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 158.</ref>
وإذا كان الكوفيون قد اضطربت مواقفهم في الأيّام الأخيرة من حياة [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]]{{ع}} فكيف ينساقون بيسر لولده من بعده؟! فلم يبق معه إلّا الخلّص من شيعته والموالين الحقيقيين له {{ع}} وهؤلاء لم يكونوا بالوعي السياسي التام الذي يحصّنهم من الوقوع بين الفينة والأخرى في شراك مكنة الدعاية المضادة.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 158.</ref>
سطر ٥٤: سطر ٥٤:


==وثيقة الصلح==
==وثيقة الصلح==
تعرّضت وثيقة الصلح منذ توقيعها ولمدة مئتي عام للتلاعب من قبل [[بني أمية|الأمويين]] و[[بني العباس|العباسيين]] والإتجاهات السياسية الأخرى حيث حاول كل فريق منهم أن يطرحها بنحو تؤمن له الغلبة والظهور بمظهر المنتصر. وبما أن المؤرخين بتروا وثيقة الصلح ولم يذكروا كل ما سجله [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]]{{ع}} من شروط. من هنا لابدّ من البحث عن القرائن الحافة التي قد تلقي ضوءاً على خفاياها.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 160.</ref>
تعرّضت وثيقة الصلح منذ توقيعها ولمدة مئتي عام للتلاعب من قبل [[بني أمية|الأمويين]] {{و}}[[بني العباس|العباسيين]] والإتجاهات السياسية الأخرى حيث حاول كل فريق منهم أن يطرحها بنحو تؤمن له الغلبة والظهور بمظهر المنتصر. وبما أن المؤرخين بتروا وثيقة الصلح ولم يذكروا كل ما سجله [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]]{{ع}} من شروط. من هنا لابدّ من البحث عن القرائن الحافة التي قد تلقي ضوءاً على خفاياها.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 160.</ref>


روى [[ابن جرير بن يزيد الطبري|الطبري]] في تاريخه: أنّ معاوية قد أرسل إلى الحسن{{ع}} بصحيفة بيضاء، مختوم على أسفلها، وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك.
روى [[ابن جرير بن يزيد الطبري|الطبري]] في تاريخه: أنّ معاوية قد أرسل إلى الحسن{{ع}} بصحيفة بيضاء، مختوم على أسفلها، وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك.
سطر ٧٥: سطر ٧٥:
وهل كان يضر [[معاوية]]- على فرض تصديق الخبر- أن يدفع المال من بيت المال في الشام أو من مكان آخر؟ أليس كل ذلك يعود إلى بيت المال وإن تعددت مصادره؟! ثم أين الشروط الأساسية التي تمثّل العمود الفقري لمعاهدة الصلح لماذا أخفاها الطبري وغيره من المؤرخين؟!<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 161.</ref>
وهل كان يضر [[معاوية]]- على فرض تصديق الخبر- أن يدفع المال من بيت المال في الشام أو من مكان آخر؟ أليس كل ذلك يعود إلى بيت المال وإن تعددت مصادره؟! ثم أين الشروط الأساسية التي تمثّل العمود الفقري لمعاهدة الصلح لماذا أخفاها الطبري وغيره من المؤرخين؟!<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 161.</ref>


في مقابل تلك الوثائق الموضوعة هناك وثائق تاريخية صحيحة تزيح الستار عن وجه الحقيقة وتكشف لنا مدى التلاعب الذي أحدثه المؤرخون في العصرين [[بني أمية|الأموي]] و[[بني العباس|العباسي]] فيها لإخفاء كل ما يكشف عن حقانية [[أهل البيت]]{{ع}} في معاهدة الصلح وغيرها من الوقائع التاريخية. ومن هنا نرى أنّ ما سجّله البلاذري في تاريخه أقرب إلى الواقع وأصح بكثير من رواية الطبري.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 161 - 162.</ref>
في مقابل تلك الوثائق الموضوعة هناك وثائق تاريخية صحيحة تزيح الستار عن وجه الحقيقة وتكشف لنا مدى التلاعب الذي أحدثه المؤرخون في العصرين [[بني أمية|الأموي]] {{و}}[[بني العباس|العباسي]] فيها لإخفاء كل ما يكشف عن حقانية [[أهل البيت]]{{ع}} في معاهدة الصلح وغيرها من الوقائع التاريخية. ومن هنا نرى أنّ ما سجّله البلاذري في تاريخه أقرب إلى الواقع وأصح بكثير من رواية الطبري.<ref>جعفر شهيدي، تاريخ تحليلي إسلام، ص 161 - 162.</ref>


===متن وثيقة الصلح===
===متن وثيقة الصلح===
سطر ١١١: سطر ١١١:
==دلائل صلح الإمام الحسن {{ع}} مع معاوية==
==دلائل صلح الإمام الحسن {{ع}} مع معاوية==
المتابع لشأن الصلح والظروف الموضوعية التي دعت له وشروطه التي اشترطها [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{ع}} يرى أنّه يكمن وراء الصلح مجموعة من الغايات هي:
المتابع لشأن الصلح والظروف الموضوعية التي دعت له وشروطه التي اشترطها [[الإمام الحسن المجتبى عليه السلام|الإمام الحسن]] {{ع}} يرى أنّه يكمن وراء الصلح مجموعة من الغايات هي:
{{صندوق اقتباس
| align = LEFT
| width = 30%
| bgcolor =
| qalign =
| عنوان = قال الإمام الحسن بعد الصلح:
| اقتباس = <br>
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ مَا بَيْنَ جَابُلْقَا وَ جَابِرْسَا رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ مَا وَجَدْتُمْ غَيْرِي وَ غَيْرَ أَخِي وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ نَازَعَنِي حَقّاً هُوَ لِي فَتَرَكْتُهُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ حَقْنِ دِمَائِهَا
| المصدر = <br>
ابن شهرآشوب، المناقب، ج 4، ص 34.
}}


===حفظ حياة الإمام {{ع}} وشيعته===
===حفظ حياة الإمام {{ع}} وشيعته===
أخذت الحروب التي شنّت ضد حكومة الإمام علي {{ع}} الكثير من خلّص شيعته والموالين له كما في [[معركة الجمل|الجمل]] و[[معركة صفين|صفين]] و[[معركة النهروان|النهروان]] وبقي هناك مجموعة قليلة من هؤلاء، ولاريب أنّ اختلال توازن القوى بين الفريقين [[الشام|الشامي]] و[[العراق|العراقي]] (جيش الإمام) كان سيقضي على البقية الباقية فيما لو اندلعت الحرب بين المعسكرين؛ لأنّ معاوية سيستغل اختلاف توازن القوى هذا بين الفريقين لإنزال أكبر هزيمة بشيعة الإمام {{ع}}.
أخذت الحروب التي شنّت ضد حكومة الإمام علي {{ع}} الكثير من خلّص شيعته والموالين له كما في [[معركة الجمل|الجمل]] {{و}}[[معركة صفين|صفين]] {{و}}[[معركة النهروان|النهروان]] وبقي هناك مجموعة قليلة من هؤلاء، ولاريب أنّ اختلال توازن القوى بين الفريقين [[الشام|الشامي]] {{و}}[[العراق|العراقي]] (جيش الإمام) كان سيقضي على البقية الباقية فيما لو اندلعت الحرب بين المعسكرين؛ لأنّ معاوية سيستغل اختلاف توازن القوى هذا بين الفريقين لإنزال أكبر هزيمة بشيعة الإمام {{ع}}.


وهذا ما أشار إليه [[أبو سعيد عقيصا]] حيث قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب {{ع}}: يا ابن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|رسول الله]] {{صل}} لم هادنت معاوية وصالحته وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه وأنّ معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله {{صل}} لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ... ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل.<ref>الصدوق، علل الشرائع: ج‏1، ص211.</ref>
وهذا ما أشار إليه [[أبو سعيد عقيصا]] حيث قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب {{ع}}: يا ابن [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|رسول الله]] {{صل}} لم هادنت معاوية وصالحته وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه وأنّ معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله {{صل}} لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ... ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل.<ref>الصدوق، علل الشرائع: ج‏1، ص211.</ref>
سطر ١٨١: سطر ١٩٢:


==نتيجة معاهدة الصلح==
==نتيجة معاهدة الصلح==
‏بعد أن تم عقد الصلح بين الطرفين دخل [[معاوية]] [[مسجد الكوفة]] وارتقى المنبر قائلاً: «ألا وإني كنت منيت الحسن {{ع}} وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي له بشي‏ء منها».<ref>الأربلي،  كشف ‏الغمة: ج1، ص542.</ref>
‏بعد أن تم عقد الصلح بين الطرفين دخل معاوية [[مسجد الكوفة]] وارتقى المنبر قائلاً: «ألا وإني كنت منيت الحسن {{ع}} وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي له بشي‏ء منها».<ref>الأربلي،  كشف ‏الغمة: ج1، ص542.</ref>


ولم يف معاوية بكل بنود الصلح بما فيها البند الأول ومع ذلك بقي الإمام {{ع}} رغم ما تعرض من ضغوط من قبل شيعته تطالبه برفض المعاهدة ومصرّة على أنّ الإتفاقية سقطت لعدم وفاء معاوية بما اشترط عليه الإمام {{ع}} من شروط، ومن مصاديق عدم وفائه بفقرات الصلح ومخالفته لسنة [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|الرسول]] {{صل}} «إلحاقه زياد بأبي سفيان» وهو مخالف لقول رسول الله {{صل}} '''الولد للفراش وللعاهر الحجر'''، و«إقامة [[صلاة الجمعة]] يوم الأربعاء»،<ref>راضي آل ياسين، صلح الحسن: ص192.</ref> و«تعطيل الحدود» و«تجويز [[الربا]]» و«الأذان لصلاة العيد» و«[[الخطبة]] قبل [[صلاة العيد]]» بالإضافة إلى الكذب ووضع الحديث و...».<ref>القرشي، حياة الحسن: ص410-402.</ref> ومن [[البدع]] التي قام بها معاوية استخلافه ابنه [[يزيد بن معاوية|يزيد]] كخليفة على المسلمين وبهذا يكون قد نقض الفقرة الثانية من المعاهدة.<ref>راضي ياسين، صلح الحسن: ص409.</ref>
ولم يف معاوية بكل بنود الصلح بما فيها البند الأول ومع ذلك بقي الإمام {{ع}} رغم ما تعرض من ضغوط من قبل شيعته تطالبه برفض المعاهدة ومصرّة على أنّ الإتفاقية سقطت لعدم وفاء معاوية بما اشترط عليه الإمام {{ع}} من شروط، ومن مصاديق عدم وفائه بفقرات الصلح ومخالفته لسنة [[النبي محمد صلى الله عليه وآله|الرسول]] {{صل}} «إلحاقه زياد بأبي سفيان» وهو مخالف لقول رسول الله {{صل}} '''الولد للفراش وللعاهر الحجر'''، و«إقامة [[صلاة الجمعة]] يوم الأربعاء»،<ref>راضي آل ياسين، صلح الحسن: ص192.</ref> و«تعطيل الحدود» و«تجويز [[الربا]]» و«الأذان لصلاة العيد» و«[[الخطبة]] قبل [[صلاة العيد]]» بالإضافة إلى الكذب ووضع الحديث و...».<ref>القرشي، حياة الحسن: ص410-402.</ref> ومن [[البدع]] التي قام بها معاوية استخلافه ابنه [[يزيد بن معاوية|يزيد]] كخليفة على المسلمين وبهذا يكون قد نقض الفقرة الثانية من المعاهدة.<ref>راضي ياسين، صلح الحسن: ص409.</ref>
سطر ١٨٧: سطر ١٩٨:
كذلك نقض معاوية الفقرة الثالثة المطالبة بالتوقف عن سب [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{ع}} بل جعل سبّه ولعنه من شروط خطبة الجمعة التي لا يتخلف عنها أئمة الجمعات، ولما قيل ل[[مروان بن الحكم]] «ما لكم تسبون عليّاً على المنابر؟» برر ذلك بقوله: «إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك».<ref>القرشي، حياة الحسن: ص555-554.</ref>
كذلك نقض معاوية الفقرة الثالثة المطالبة بالتوقف عن سب [[أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب|أمير المؤمنين]] {{ع}} بل جعل سبّه ولعنه من شروط خطبة الجمعة التي لا يتخلف عنها أئمة الجمعات، ولما قيل ل[[مروان بن الحكم]] «ما لكم تسبون عليّاً على المنابر؟» برر ذلك بقوله: «إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك».<ref>القرشي، حياة الحسن: ص555-554.</ref>


أما الفقرة الرابعة المتعلقة ب[[الخراج|خراج]] [[دارابجرد]] فإن أهل [[البصرة]] منعوه منه وقالوا: «هو فيئنا لا نعطيه أحداً».<ref>الطبري، تاريخ الطبري: ص126.</ref> وكان منعهم بأمر معاوية.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص405.</ref>
أما الفقرة الرابعة المتعلقة ب[[الخراج|خراج]] دارابجرد فإن أهل [[البصرة]] منعوه منه وقالوا: «هو فيئنا لا نعطيه أحداً».<ref>الطبري، تاريخ الطبري: ص126.</ref> وكان منعهم بأمر معاوية.<ref>ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج3، ص405.</ref>


أمّا مخالفته للفقرة الخامسة من الصلح فتمثّلت بما كتبه معاوية إلى عمّاله: «انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان»، ثم كتب كتاباً آخر: «من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة فاقتلوه!!». وفي رواية أخرى أمر بحبسه وهدم داره.<ref>القرشي، حياة الحسن: ص568.</ref>
أمّا مخالفته للفقرة الخامسة من الصلح فتمثّلت بما كتبه معاوية إلى عمّاله: «انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان»، ثم كتب كتاباً آخر: «من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة فاقتلوه!!». وفي رواية أخرى أمر بحبسه وهدم داره.<ref>القرشي، حياة الحسن: ص568.</ref>
سطر ٢٠٢: سطر ٢١٣:
#إن شخصية [[معاوية]] تختلف عن شخصية [[يزيد بن معاوية|يزيد]]، فمعاوية لم يكن يشكّل خطراً جدياً على [[الإسلام]] بمقدار ما كان يشكّله يزيد، لأنّ معاوية كان يحافظ على بعض المظاهر [[الاسلام|الإسلامية]]، بينما كان يزيد متجاهراً بالفسق والفجور، وشرب الخمور، وقتل النفس المحترمة، ولم يراع أي شيء من المظاهر الإسلامية. وعليه فكان الصلح مع معاوية ممكنناً دون الصلح مع يزيد.<ref>http://www.aqaed.com/faq/1157/</ref>
#إن شخصية [[معاوية]] تختلف عن شخصية [[يزيد بن معاوية|يزيد]]، فمعاوية لم يكن يشكّل خطراً جدياً على [[الإسلام]] بمقدار ما كان يشكّله يزيد، لأنّ معاوية كان يحافظ على بعض المظاهر [[الاسلام|الإسلامية]]، بينما كان يزيد متجاهراً بالفسق والفجور، وشرب الخمور، وقتل النفس المحترمة، ولم يراع أي شيء من المظاهر الإسلامية. وعليه فكان الصلح مع معاوية ممكنناً دون الصلح مع يزيد.<ref>http://www.aqaed.com/faq/1157/</ref>


# من ناحية السياسة الخارجية: فمن ناحية السياسة الخارجية لتلك الفترة لم تكن الحرب الأهلية الداخلية في صالح العالم الإسلامي، لأنّ الروم الشرقية التي كانت قد تلقّت ضربات قوية من الإسلام كانت تتحيّن الفرصة المناسبة دائماً لضرب الإسلام ضربة انتقامية كبيرة كي تأمن سطوته وسلطته. وعندما وصل نبأ اصطفاف جيشي [[الإمام الحسن المجتبى|الإمام الحسن]] {{ع}} و[[معاوية]] أحدهما في وجه الآخر إلى قادة الروم، راحوا يعتقدون أنّهم حصلوا على أفضل فرصة ممكنة لتحقيق أهدافهم، ولذلك انطلقوا بجيش جرّار للهجوم على العالم الإسلامي لينتقموا من [[المسلم|المسلمين]]. وكتب اليعقوبي المؤرّخ المعروف: "ورجع معاوية إلى الشام سنة 41 وبلغه أنّ طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عمّا يحتاج إلى تدبيره وأحكامه، فوجه إليه فصالحه على مئة ألف دينار".<ref> اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي: ج2، ص206. مركز نون للتأليف والترجمة، في رحاب سيرة أئمة أهل البيت {{هم}}: ص60.</ref>
# من ناحية السياسة الخارجية: فمن ناحية السياسة الخارجية لتلك الفترة لم تكن الحرب الأهلية الداخلية في صالح العالم الإسلامي، لأنّ الروم الشرقية التي كانت قد تلقّت ضربات قوية من الإسلام كانت تتحيّن الفرصة المناسبة دائماً لضرب الإسلام ضربة انتقامية كبيرة كي تأمن سطوته وسلطته. وعندما وصل نبأ اصطفاف جيشي [[الإمام الحسن المجتبى|الإمام الحسن]] {{ع}} {{و}}[[معاوية]] أحدهما في وجه الآخر إلى قادة الروم، راحوا يعتقدون أنّهم حصلوا على أفضل فرصة ممكنة لتحقيق أهدافهم، ولذلك انطلقوا بجيش جرّار للهجوم على العالم الإسلامي لينتقموا من [[المسلم|المسلمين]]. وكتب اليعقوبي المؤرّخ المعروف: "ورجع معاوية إلى الشام سنة 41 وبلغه أنّ طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عمّا يحتاج إلى تدبيره وأحكامه، فوجه إليه فصالحه على مئة ألف دينار".<ref> اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي: ج2، ص206. مركز نون للتأليف والترجمة، في رحاب سيرة أئمة أهل البيت {{هم}}: ص60.</ref>
#إن [[الامام الحسن]] {{ع}} قام بالثورة ضد معاوية، ولكن خانه أكثر قادته في بداية التحرّك، فاضطر {{ع}} إلى الصلح وترك الحرب لوجود هؤلاء الخونة، دون أخيه الحسين {{ع}} فقد وجد أنصاراً وأعواناً في البداية. فحوادث نقض بيعة الحسين كانت قد سبقت تعبئته للحرب، فجاء جيشه الصغير يوم وقف به للقتال، كجيش له أهدافه المثلى. أما جيش الإمام الحسن، فقد فر ثلثاه وشتّت قواه الدسائس المعادية، فكان رهينة الفوضى، وخسر به الإمام الحسن {{ع}} كل أمل من نجاح هذه الحرب.<ref>آل ياسين، راضي، صلح الحسن: ص371. منشورات الشريف الرضي، قم، 1414 هـ.</ref>
#إن [[الامام الحسن]] {{ع}} قام بالثورة ضد معاوية، ولكن خانه أكثر قادته في بداية التحرّك، فاضطر {{ع}} إلى الصلح وترك الحرب لوجود هؤلاء الخونة، دون أخيه الحسين {{ع}} فقد وجد أنصاراً وأعواناً في البداية. فحوادث نقض بيعة الحسين كانت قد سبقت تعبئته للحرب، فجاء جيشه الصغير يوم وقف به للقتال، كجيش له أهدافه المثلى. أما جيش الإمام الحسن، فقد فر ثلثاه وشتّت قواه الدسائس المعادية، فكان رهينة الفوضى، وخسر به الإمام الحسن {{ع}} كل أمل من نجاح هذه الحرب.<ref>آل ياسين، راضي، صلح الحسن: ص371. منشورات الشريف الرضي، قم، 1414 هـ.</ref>
#إن الامام الحسن {{ع}} استشار الجموع الملتفة حوله في الظاهر، والمتخاذلة عنه في السر بقوله: "ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله عزوجل بظبا السيوف، وان أردتم الحياة قبلناه، وأخذنا لكم الرضا ؟..."، فناداه الناس من كل جانب "البقية، البقية".<ref>ابن حمدون، التذكرة الحمدونية: ج6، ص247.</ref> فساير {{ع}} قومه، واختار ما اختاروه من الصلح، فصالح كارهاً كما قبل أبوه {{ع}} التحكيم من قبل وهو كاره له.<ref>http://www.aqaed.com/faq/1157/</ref>
#إن الامام الحسن {{ع}} استشار الجموع الملتفة حوله في الظاهر، والمتخاذلة عنه في السر بقوله: "ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله عزوجل بظبا السيوف، وان أردتم الحياة قبلناه، وأخذنا لكم الرضا ؟..."، فناداه الناس من كل جانب "البقية، البقية".<ref>ابن حمدون، التذكرة الحمدونية: ج6، ص247.</ref> فساير {{ع}} قومه، واختار ما اختاروه من الصلح، فصالح كارهاً كما قبل أبوه {{ع}} التحكيم من قبل وهو كاره له.<ref>http://www.aqaed.com/faq/1157/</ref>
سطر ٢٧٠: سطر ٢٨١:
{{الأحداث الهامة في القرن الأول للهجرة}}
{{الأحداث الهامة في القرن الأول للهجرة}}
{{التشيع في العراق}}
{{التشيع في العراق}}
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]
[[Category:الإمام الحسن]]
[[Category:تاريخ الشيعة]]
[[Category:مقالات أساسية]]


[[تصنيف:الإمام الحسن]]
[[تصنيف:الإمام الحسن]]
[[تصنيف:تاريخ الشيعة]]
[[تصنيف:تاريخ الشيعة]]
[[تصنيف:مقالات أساسية]]
[[تصنيف:مقالات أساسية]]
مستخدم مجهول