جامع بَراثا، أو بُراثا، هو مسجد له مكانة كبيرة عند الشيعة، يقع في بغداد القديمة في منطقة العطيفية.

صورة مدخل جامع براثا الرئيسي

تعود أهمية جامع براثا عند الشيعة لروايات وردت حول إقامة الإمام علي عليه السلام في تلك البقعة عند رجوعة من معركة النهروان وظهور بعض الكرامات منه، وكذلك يروى أن بعض الأنبياء صلوا فيه، وفي فترة من الزمن كان الجامع مركزاً لنشر أحاديث أهل البيت عليهم السلام.

ويعتبر جامع براثا في الوقت الراهن من أهم مراكز الشيعة لإقامة صلاة الجمعة في مدينة بغداد.

موقعه الجغرافي

براثا بالثاء المثلثة والقصر: محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محوّل، وجامع براثا واقع في محلّة براثا وهو مسجد صلى فيه أمير المؤمنين لما رجع من قتال أهل النهروان.[١] هذه المنطقة أقدم من مدينة بغداد، وكانت في الأصل قرية تبعد عن مركز بغداد بثلاثة كليومترات، وعندما بنيت بغداد وبدأت بالتوسعة، ضمت إليها حتى صارت منطقة براثا إحدى أحياء بغداد.[٢]

وجه التسمية

ورد في تسميته عدة موارد منها:

  1. بر: أرض
  2. اثا: العجائب

وبذلك يكون تفسيرها أرض العجائب.

  • وتفسير آخر: تعني التربة الرخوة الخمراء.[٣]

مسجد براثا والإمام علي (ع)

 
البئر التي حفرت بأمر الإمام علي (ع) وظهرت كرامات له (ع)
 
الحجر الموجود في جامع براثا الذي يعود إلى ماقبل الإسلام

تشير بعض المصادر الشيعية عن حضور الإمام علي  في ذلك المكان وعن أحداث جرت هناك منها محادثاته مع راهب الصومعة وفي جملة ما جرى بينهما أن الإمام  تحدث عن نص ولايته من قبل النبي الأكرم  كما ذًكر كرامات له  أيضاً. [٤]

تاريخه

لم يذكر لهذه البقعة تاريخاً محدداً. في المصادر المتقدمة وبناء على ما نقله ابن حوقل المتوفي 367 هـ. ينسب بناء المسجد إلى الإمام علي  . وظاهر الأمر أن بدل هذا المسجد كانت صومعة لراهب نصاراني يقيم فيها حتى سنة 37 هـ/657م, وهناك أخبار كثيرة وردت في المصادر تتحدث عن العابد أبي شعيب البراثي وزوجته حيث يقيمان في براثا كأول المسلمين هناك. [٥]

أصبح المسجد في أواخر القرن الثالث وبداية القرن الرابع قاعدة لنشاطات الشيعة في بغداد، فإضافة إلى إقامة الشعائر الدينية كان مكاناً مناسباً لترويج ونشر الأحاديث الشيعية.[٦] وفي سنة 313 هـ/925م أُخبر المقتدر العباسي بأن ممارسة تلك الشعائر هي تغطية لنشاطاتهم ، فبادر الخليفة العباسي في يوم الجمعة - حيث كان الشيعة مجمتعين لإقامة الصلاة - بتخريب المسجد وتسويته بالتراب واعتقل المتواجدين فيه، وضم المسجد بالمقبرة التي كانت خلفه.[٧]

يحدد الاصطخرى إقامة صلاة الجمعة في ثلاثة مساجد في بغداد سنة 340هـ/951م, ولم يذكر براثا من جملة الأماكن التي تقام فيها صلاة الجمعة،[٨] لكن ابن الأثير [٩] ينقل خبراً عن فتنة حدثت بين أهل السنة سنة 349هـ/ 960م حيث تعطلت صلاة الجمعة في جانبي بغداد فيما كانت تستمر إقامة صلاة الجمعة في براثا في غاية الأمن والأمان.

انخفض في بداية القرن الخامس للهجرة نشاط المسجد[١٠] إلى أن تعطل عن العمل وذلك سنة 450هـ/1058م.[١١]

يذكر السمعاني أن في زمانه أمر الخليفة بإغلاق أبواب المسجد.[١٢]

ليس هناك خبر عن إعادة بناء أو تشييد جديد للمسجد حتى القرن العاشر وسيطرة الصفويين على بغداد، لكن الشهيد الأول وفي منتصف القرن الثامن للهجرة وأثناء زيارته للبغداد مكث في هذا المسجد، ووجده مسجداً عامراً.[١٣]

أهميته

المصادر الشيعية تتحدث عن صلاة الإمام علي  في هذا المكان عند رجوعه من معركة النهروان، كما هناك روايات تذكر محادثة الإمام علي   مع الراهب النصراني، ومكوثه في تلك البقعة أربعة أيام،[١٤] فهذه المصادر تشير إلى فضيلة المسجد،[١٥] وكما أن الشمس ردت في هذا المكان لأمير المؤمنين .[١٦]

وأخبار أخرى تحكي أنه صلّى إبراهيم (ع) ومريم  والنبي عيسى  في هذا المكان.[١٧]

وفي مبحث الاعتكاف اعتبرته الشيعة من المساجد الستة المختص لها.[١٨]

الترميم والإعمار

قبل الإعمار الحالي تم إعمار المسجد في الستينات من القرن الماضي على عهد السيد محسن الحكيم وبإشراف الشيخ الصغير تم توسعة المسجد بإنشاء حرم الزهراء عليها السلام وحرم الحسنين (ع) وحرم أبي الفضل (ع) وبناية جديدة للمكتبة ومضيف أمير المؤمنين  ومركزاً طبياً وحرما للنساء وكل ذلك كان بتبرعات المؤمنين دون مساعدة أي جهة رسمية أو الوقف.[١٩]

مشاهير براثا

هناك بعض الكبار من أهل العلم ومشاهير رجال السياسة من الشيعة نشؤوا في هذه المنطقة[٢٠] أو وصّوا أن يُصلّ عليهم أو يدفنوا في هذا المكان،[٢١] فمن جملة هؤلاء الوزير أبو العباس الضبي الذي أوصى أن يشيع من براثا ليدفن في كربلاء.[٢٢]

براثا ومشهد العتيقة

أحياناً يقع خلط بين براثا ومسجد باسم مشهد العتيقة (أو مشهد المنطقة) الذي يقع في جنوب شرق مدينة المنصور بين الكاظمية وجعيفر في الوقت الراهن، ولعل ذلك يعود إلى ما شاهده براثا من دمار مدى تاريخه، فقام الشيعة بتسمية مشهد العتيقة تحت عنوان براثا كي لا يمحو اسم براثا من الذكريات.[٢٣]

بحث علي بن حسن الحسيني تاريخ براثا في كتاب تحت عنوان تاريخ جامع براثا، وللشيخ محمد السماوي قصيدة قصيرة في تاريخ براثا يحدد فيها موضع المسجدين ضمن الإشارة إلى الروايات التي تتحدث عن فضل براثا.[٢٤]

التفجيرات

تعرض هذا الجامع وفي السنوات الأخيرة لعدة تفجيرات إرهابية. [٢٥][٢٦]

وصلات خارجية

الهوامش

  1. ابن حوقل، صورة الأرض، ص 241؛ ياقوت الحموي، البلدان، ج 1، ص 362 ــ 363؛ الطريحي، مجمع البحرين، ذيل برث.
  2. ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 1، ص 362 ــ 363.
  3. جامع براثا في بغداد
  4. النوري، مستدرك الوسائل، ج 3، ص 429؛ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 2، ص 265.
  5. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 14، ص 419؛ ابن الجوزي، المنتظم، ج 9، ص 152 - 153.
  6. الدار القطني، سؤالات حمزة بن يوسف السهمي، ص 159؛ المفيد، الأمالي، ص 165؛ الطوسي، الأمالي، ص 269.
  7. ابن الجوزي، المنتظم، ج 4، ص 5-14؛ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 109.
  8. لسترنج، ص 320، 156.
  9. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 8، ص 533.
  10. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 4، ص 393 - 394؛ ابن كثير، البداية، ج 12، ص 26.
  11. الحموي، معجم البلدان، ج 1، ص 532.
  12. السمعاني، الأنساب، ج 2، ص 124.
  13. الشهيد الأول، ذكرى الشيعة، ص 155.
  14. الطوسي، الأمالي، ص 199 ــ 200؛ البحراني، مدينة المعاجز، ج 1، ص 489 ــ 492.
  15. المجلسي، بحار الأنوار، ج 99، ص 26 ــ 30؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 5، ص 287 ــ 288.
  16. الإربلي، كشف الغمة، ج 1، ص 285 ــ 286.
  17. القطب، الراوندي، الخرائج والجرائح، ج 2، ص 553 ــ 554؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج 14، ص 211 ــ 212.
  18. كاشف الغطاء، كشف الغطاء، ج 4، ص 102.
  19. جامع براثا في بغداد
  20. السمعاني، الأنساب، ج 2، ص 124-126؛ ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج 1، ص 533- 534.
  21. الصولي، اخبار الراضي بالله والمتقي لله، ص 83، 249.
  22. الحموي، معجم الأدباء ، ج 2، ص 110؛ الأميني، الغدير، ج 4، ص 155.
  23. جواد، دليل خارطة بغداد، ص 85 ــ 98.
  24. الخليلي، موسوعة العتبات المقدسة، ج 1، ص 21، هامش 1، وص 32، هامش 1.
  25. إنتحاري يفجر نفسه في جامع براثا
  26. أكثرمن 75 شهيدا في تفجير جامع براثا

المصادر والمراجع

  • ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1412هـ/ 1992م.
  • ابن حوقل، محمد، صورة الأرض، بيروت، دار صادر، 1938م.
  • ابن شهر آشوب، محمد بن علي، معالم العلماء، النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، 1380هـ/ 1961م.
  • الأميني، عبد الحسين، الغدير، د.م، د.ن، د.ت.
  • البحراني، هاشم، مدينة معاجز الأئمة الإثني عشر، قم، مؤسسة المعارف الإسلامية، د.ت.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيت   لإحياء التراث، 1410هـ.
  • الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم الأدباء، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1414هـ/ 1993م.
  • الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، بيروت، دار صادر، ط1، 1995م.
  • الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد، د.م، د.ن، د.ت.
  • الخليلي، جعفر، موسوعة العتبات المقدسة، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، د.ت.
  • السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني وغيره، حيدر آباد ــ الهند، مجلس دائرة المعارف العثمانية، ط1، 1382هـ/ 1962م.
  • السهمي، حمزة بن يوسف، سؤالات حمزة بن يوسف السهمي لأبي الحسن الدارقطني، تحقيق: أبو عمر محمد بن علي الأزهري، القاهرة، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، ط1، 1427هـ/ 2006م.
  • الشهيد الأول، محمد بن مكي العاملي، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة‌، قم، مؤسسة آل البيت   لإحياء التراث، 1419هـ.
  • الصولي، محمد بن يحيى، اخبار الراضي بالله والمتقي لله تاريخ الدولة العباسية، د.م، د.ن، د.ت.
  • الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين، قم، مؤسسة البعثة، ط1، 1414هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي، تحقيق: مؤسسة البعثة، د.م، دار الثقافة، 1414هـ.
  • القطب، الراوندي، سعيد بن هبة الله‏، الخرائج والجرائح، قم، مؤسسة الإمام المهدي عليه السلام، ط1، 1409هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403هـ/ 1983م.
  • المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، الأمالي، بيروت، دار المرتضى، د.ت.
  • النوري، الميرزا حسين، مستدرك الوسائل، قم، مؤسسة آل البيت   لإحياء التراث، 1407هـ.
  • جواد، مصطفى، دليل خارطة بغداد، د.م، د.ن، د.ت.
  • كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء، مشهد، مكتب الإعلام الإسلامي، د.ت.