السيد مرتضى العسكري، هو السيد مرتضى بن محمد إسماعيل العسكري (1332- 1428 هـ)، من العلماء والمحققين المعاصرين في الوسط العلمي الشيعي بل الإسلامي، والذي امتاز بذهن وقّاد وقريحة ناقدة وبموضوعية عالية، بعيداً عن التعصب والتشدّد المذهبي والديني.
معلومات شخصية | |
---|---|
تاریخ الميلاد | 8 جمادى الآخرة من عام 1332 هـ/1911 م |
مكان الولادة | سامراء |
مكان السكن | سامراء - قم - الكاظمين |
تاریخ الوفاة | 16/ 9/ 2007 م، المصادف لـ 4 رمضان 1428 هـ |
المدفن | حرم السيدة المعصومة (ع) في قم |
معلومات علمية | |
الأساتذة | الإمام الخميني - حبيب الله الأشتهاردي -السيد أحمد المرعشي الشوشتري |
مؤلفات | خمسون ومائة صحابي مختلق، أحاديث أم المؤمنين عائشة، التوسل بالنبي والتبرك بآثاره، عبدالله بن سبأ وأساطير أخرى. |
نشاطات اجتماعية وسياسية | |
الموقع الرسمي | https://alaskari.org/ |
وكان لمؤلّفاته التي اتسمت بالدقة والإبداع الأثر الكبير في الوسط الإسلامي والتي منها: خمسون ومائة صحابي مختلق، أحاديث أم المؤمنين عائشة، التوسل بالنبي والتبرك بآثاره، عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى.
ومن نشاطاته كان عضوا في المجمع العالمي لأهل البيت (ع) ومن أعضاء حزب الدعوة الإسلامية والمنضالين ضد حزب البعث العراقي.
ولادته
ولد العلامة السيد مرتضى العسكري في 8 جمادى الآخرة من عام 1332 هـ/1914 م في مدينة سامراء.[١] وسط أسرة علمية الكثير من رجالها هم من الفقهاء أو المحدثين في عصرهم، جدّه لأبيه آية الله السيد إسماعيل الحسيني (المتوفى 1306 ق) ابن السيد محمد كوجك ساوجي، وجدّه لأمّه آية الله الميرزا محمد شريف العسكري الطهراني (المتوفى 1371 هـ).[٢] تسنّم أجداده منصب شيخ الإسلام - والذي يشبه إلى حدّ ما منصب إمامة الجمعة آنذاك- في مدينة ساوة الإيرانية بعد أن دعته الحكومة الصفوية إليها. وكما ينقل السيد العسكري نفسه فان الكثير من الناس قد اعتنقوا المذهب الشيعي بتأثير من أجداده.
يلقب أعلام تلك الأسرة بشيخ الإسلام إلا السيد مرتضى حيث لقّب بالعسكري نسبة إلى ولادته في مدينة سامراء. توفي والده وهو لا يزال طفلا صغيرا فتكفّله جده لأمّه الميرزا محمد شريف العسكري الطهراني.[٣]
هبة ربانية
يروي العلامة العسكري أنه قد ابتلي في طفولته بمرض الحصبة العضال مما عجز الأطباء عن معالجته ولما رأت أمّه تردي حالة الصحية إلى حد الموت سافرت به إلى الكاظمية، وبعد أن عرضته على أكثر من طبيب عجز الجميع عن معالجته وقد ساءت صحته كثيراً. وأضاف السيد العسكري: في تلك الأثناء رأيت ملك الموت عزرائيل بطلعة بهية جداً يرتدي لباسا أبيض قد دخل إلى غرفتي ودخل بعده الخمسة من أصحاب الكساء. فجلس الجميع وبدؤوا بطمأنتي وفجأة رأيت بعين القلب وكأن أمّي متوجهة من فوق سطح الفندق صوب الإمام الكاظم تقول له: «هل ترضى أن أدفن ولدي هنا وأعود لوحدي حاشا وكلا»، وما أن أتمت أمّي كلامها حتى دخل الإمام الكاظم إلى الغرفة وطلب من جدّه الرسول الأكرم استجابة دعاء والدتي، فتوجه الرسول إلى عزرائيل قائلا: «إن الله استجاب دعاءها وتوسلها ومدّ في عمره».
ويضيف العلامة العسكري: لقد أثأر عمل والدتي هذا غضبي بشدّة وخاطبتها لماذا حلتي بيني وبين السفر مع المعصومين .[٤]
دراسته
تعلّم السيد العسكري القراءة والكتابة في بيت والده، وحين بلغ العاشرة من عمره دخل الحوزة العلمية في سامراء في عهد الميرزا الشيرازي وطوى فيها المنهج المتّبع آنذاك.
الانتقال إلى حوزة قم
مع بدء الحكم الدكتاتوري لرضا خان اضطر العلامة العسكري لترك مدينة سامراء سنة 1350 ق /1929م قاصدا مدينة قم في وسط إيران، وقد وصف السيد العسكري ذلك الانتقال بالتوفيق القهري، حيث قال: «طويت مرحلَتي المقدمات والأدب في سامراء حيث كنت اعتمد على ما يصلني من عائد ممتلكاتنا التي كانت لنا في مدينة ساوة، فلم أكن بحاجة إلى الأخذ من الحقوق الشرعية (سهم الإمام) شيئاً، ولما تصدى رضاخان أصدر أمراً بمنع تحويل الأموال إلى العراق فألمّت بي ظروف مالية صعبة تركت على أثرها سامراء متوجها إلى مدينة قم في عصر زعيمها الشيخ عبد الكريم الحائري ملقيا رحلي في المدرسة الفيضية وكانت تجمعني مع الشيخ علي الصافي حجرة واحدة...».[٥]
أساتذته ومشايخه
تتلمذ السيد مرتضى في مدينة قم على يد أساتذة أبرزهم الإمام الخميني (ره)، وتتلمذ في سامراء على يد آية الله حبيب الله الأشتهاردي المعروف بالمدرّس العسكري، وآية الله السيد أحمد المرعشي الشوشتري.[٦] [٧] [٨]
العودة إلى سامراء
لم تستمر مدة إقامة السيد العسكري في قم كثيراً حيث اتخذ قراراً بالعودة إلى مدينة سامراء، ويظهر أن حوزة قم كانت آنذاك تفتقر إلى درسي التفسير والحديث، فطلب السيد العسكري وجمع من الفضلاء من الميرزا خليل الكمره أي أن يعقد لهم درسا في تفسير القرآن الكريم؛ إلّا أن ذلك لم يرق لسائر الطلاب فسعوا إلى تعطيل الدرس، وقد نجحوا فعلا بتعطيل الدرس الأمر الذي أثار حفيظة العسكري وأزعجه كثيرا فقرر العودة إلى سامراء.[٩]
مدرسة سامراء
كان للمنهج الذي اعتمده الميرزا الشيرازي في الدرس الحوزوي في سامراء الأثر الكبير في تمييز حوزة سامراء عن غيرها حتى عرفت «بمدرسة سامراء». حيث أجرى الميرزا تحولات كبيرة في منهج التربية والتعليم هناك، تمثّل بضم علوم جديدة إلى جانب الدرس الفقهي والأصولي، كالفلسفة والحديث والتفسير والكلام و... فضلاً عن الاهتمام بالبعد الأخلاقي والتربوية وإعداد النفس وطريقة التعامل مع الناس سنة وشيعة، الأمر الذي أحدث تحولا كبيرا في حياة العلامة العسكري وخلق منه شخصية لا نظير لها تتميز بطريقة بحثية خاصة وفكر رصين.
يضاف إلى ذلك معرفة العلامة بالظروف الفكرية والسياسية والاجتماعية في إيران وما يقوم به رضا خان من بطش وتنكيل بالناس، إضافة إلى معرفته بالخارطة السياسية للنشاطات الحزبية والسياسية والثقافية في العراق، كل ذلك ساعد على رسم مسار العلامة الفكري والثقافي فكان جلّ همه منصبا على عملية التغيير وتحسين الظروف المعاشية والاجتماعية للشيعة خاصة والمسلمين عامة.
إنشاء وتأسيس الجامعة
يعدّ العلامة العسكري من أوائل العلماء الذين أدركوا ضرورة التغيير في طريقة التدريس المعتمدة في البلدان الشرقية، وأن المنهج الذي أعدته المستشاريات الغربية للتدريس في الشرق لا يجدي نفعا ولا يمكنه أن يلبّي حاجات المجتمعات الشرقية ولا يجيب عن تساؤلات ومشاكل المجتمع الإسلامي، إن لم يكن عامل تخلف وتراجع للمجتمعات الإسلامية، ومن هنا عقد العزم – مستعينا بثلة من المؤمنين المنسجمين معه فكريا- على إيجاد تحوّل في الأسلوب التعليمي في الحوزة ليستطيع من خلاله ترويج وإشاعة المذهب الجعفري الحق.
وبهذا ضم العلامة العسكري الإصلاح العملي فضلا عن الإصلاح النظري وذلك من خلال توجهه نحو تأسيس كلية أصول الدين في بغداد والتي جعل من برامجها التدريسية مادة التفسير والحديث والعقائد والكلام الإسلامي المقارن، وجلب إليها نخبة من خيرة الأساتذة المتمرسين، إلا أن يد الإجرام البعثي طالت هذا الصرح العلمي الكبير لتوصد أبوابه أمام رواد العلم وتفشل مشروع العلامة العسكري.[١٠]
الاهتمام بالشأن التاريخي
عرف عن العلامة العسكري اهتمامه بالشأن التاريخي الأمر الذي خلق منه محققا تاريخيا كبيرا انعكس إيجابا على مؤلفاته منذ السنين الأولى لحياته العلمية حيث صبّ اهتمامه على مطالعة كتب التاريخ والسيرة النبوية والفتن التي ظهرت في صدر الإسلام بالإضافة إلى قراءة الرحلات وقصص المستعمرين وتاريخهم.[١١]
مؤلفاته
صدر للعلامة الكثير من النتاج العلمي وخاصة في مجال نشر الثقافة والفكر الجعفري. فقد صدر له في هذا المجال ما يقارب من خمسين كتاباً فضلاً عن اهتمامه بوحدة المسلمين والتقريب بين المذاهب فأصدر في هذا المجال الكثير من المؤلفات القيمة.
وقد التفت السيد العسكري إلى مسالة مهمة تكمن بضرورة تصحيح التاريخ ودراسته دراسة نقدية تمكن الشيعة من الدفاع عن أنفسهم وذبّ الشبهات التاريخية عنهم، فإن تمكّنوا من ذلك يكونوا قد وفّروا على أنفسهم الشيء الكثير في إقناع الآخرين بحقانيتهم. كذلك يرى العسكري أنّ الافتراءات التاريخية كانت هي المادة الدسمة التي اعتمدها خصوم المسلمين - شيعة وسنة- لإثارة الخصومة والنّعرات بينهم وإيقاع الفتنة في أوساطهم، فإذا تمكنا من تبرئة الشيعة من تلك التهم من جهة وتعقّل الإخوة من أهل السنة تلك التبريرات العلمية من جهة أخرى، فحينئذ تزول تلك الإشكالات التي حدثت فيما بينهم، وتتوقف حالة العداء التي وقعت بينهم حسب ما يرى سماحة العلامة العسكري؛ ومن هنا بذل سماحته قصارى جهده في هذا المجال ليرفع به الحيف والظلم والتهم التي ألصقت بمدرسة أهل البيت . والمطالع لمؤلفات العسكري يدرك مدى ما بذله من جهد في تحقيق الوحدة بين المسلمين بوضوح تام، وأنّ ذلك هو الطابع الذي يصبغ مؤلفاته (ره)، والتي منها:
- عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى (في مجلدين)، وقد ترجم الكتاب إلى الفارسية تحت عنوان عبد الله بن سبأ وديكر افسانه هاي تاريخي
- خمسون ومائه صحابي مختلق (في ثلاثة مجلدات) .
- معالم المدرستين (في ثلاثة مجلدات)
- السقيفة، تعرض فيه للأحداث التي لحقت وفاة النبي الأكرم وكيفية تشكيل الحكومة بعده
- آية التطهير في كتب المدرستين
- الأئمة الإثنا عشر
- المصحف في روايات أهل البيت
- القرآن الكريم و روايات المدرستين (ثلاثة مجلدات)
- البكاء على الميت، من سنن الرسول
- التوسل بالنبي والتبرك بآثاره
- البناء على قبور الأنبياء والأوصياء واتخاذها مساجد وأماكن للعبادة
- شيعة أهل بيت النبي
- الاحتفال بمواليد الأنبياء ومناسباتهم
- عدالة الصحابة
- الصلاة على محمد و آل محمد من سنن النبي
- الأديان السماوية ومسألة التحريف
- عقائد الإسلام من القرآن الكريم (ثلاثة مجلدات)
- الأسطورة السبائية (ثلاثة مجلدات)
- دور الأئمة في إحياء السنة
- مع أبي الفتوح التليدي في كتابه «الأنوار الباهرة»
- نقش ائمه در احياء دين [دور الأئمة في إحياء الدين] (16 مجلدا)
- امامت ومهدويت در مكتب خلفاء [الإمامة والمهدوية في مدرسة الخلفاء]
تعريف ببعض كتب العسكري
الملاحظ في كتابات العلامة العسكري يرى بوضوح أنّ ما يقلق سماحته بشكل كبير هو عدم الاهتمام بالسنة النبوية (الوحي غير البياني) مقارنة بالوحي البياني (القرآني) وضرورة بحث السنة بعيداً عن التعصب والميول الفئوية، الأمر الذي جرّه لدراسة كتب الفريقين السنة والشيعة أو ما يعبّر عنه (مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء) وتحليلها ونقدها نقدا علميا مما وفّر لكتبه إمكانية شقّ طريقها إلى مكتبة القارئ السنّي - فضلا عن الشيعي- واعتمادها كمصدر من مصادر البحث العلمي، خاصة إذا أضيف إلى ذلك طريقة الطرح السلسة والميسرة التي امتازت بها كتب العسكري.[بحاجة لمصدر]
عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى
يرى العلامة العسكري أنّ المنافقين وجدوا الساحة خالية والأمور ميّسره أمامهم بعد رحيل النبي الأكرم فشرعوا بتخريب الوجه الناصع للإسلام، بل تمادى بعضهم في غيّه حتى أنزل مقام النبوة والرسالة إلى حد من الإسفاف بحيث جعله كأحد المجتهدين ليضع في الكفّة الأخرى من يساويه في الاجتهاد وليبرروا بذلك ما صدر من بعض الصحابة من مخالفات واضحة، وقد مهّدوا لذلك بتحريف الواقع التاريخي ووضع الروايات فقلبوا الحقائق وصيروا– بين ليلة وضحاها- الحقّ باطلا والباطل حقاً وخلطوا بين الأمور حتى عاد التمييز بينها عسيرا.[١٢]
ومن خلال متابعة العلامة لتلك الأحاديث ورصده لتلك الروايات التاريخية المنقولة إلى الصحابة توصّل إلى نتيجة مهمة مؤداها أنّ شخصية عبد الله بن سبأ لا تعدو عن كونها شخصية أسطورية، وأنّه كما قال الدكتور طه حسين قال: «إنما هو شخص ادّخره خصوم الشيعة للشيعة ليدخلوا في أصول هذا المذهب عنصراً يهودياً إمعانا في الكيد لهم والنيل منهم...» وبهذا استطاع السيد العسكري تبرئة ساحة التشيع من ذلك التشنيع الخطير وإثبات حقانية مدرسة أهل البيت أمام المحافل العلمية العالمية والإسلامية خاصة، وإزاحة الستار عن تلك الحقيقة التي ظلت طوال قرون طويلة تلوك ألسنة الكثير من الناس ويرددها خصوم التشيع بلا مستند تحقيقي إلا الثقة بما سطّرته كتب المؤرخين من دون أن يكلفوا أنسفهم عناء البحث في القضية وعرضها على مشرط التحليل والنقد التاريخي. وبذلك استطاع العلامة العسكري ومن خلال تأليفه لكتاب عبد الله بن سبأ من تقديم خدمة كبرى للمكتبة العلمية مما أثار إعجاب العلماء وحظي بتأييد عدد كبير منهم، وقد أشار العلامة العسكري نفسه إلى هذه الحقيقة قائلا:
- «...بعد الفراغ من كتاب عبد الله بن سبأ ذهبت إلى الكاظمية وأهديت نسخة من الكتاب إلى الشيخ راضي آل ياسين صاحب كتاب صلح الإمام الحسن والذي كانت تربطني به علاقة صداقة قديمة، وكان المجلس مكتظا بكثير من العلماء العرب، فلما تصفحه قام قائلا: أتعلم ماذا صنعت؟ لقد رفعت عارا عن جبين الشيعة من يعرف سيف سميّ عبد الله بن سبأ».
وقد قرض الشيخ مغنية كتاب عبد الله بن سبأ بقوله: «أما الدليل الصحيح الواضح، أمّا الأرقام المحسوسة الملموسة على هذه الحقيقة، فتجدها في كتاب عبد اللّه بن سبأ للبَحّاثة العسكري، فقد اعتمد في كتابه هذا منهج الحقّ والعدل، والتزم بكلّ شرط يفرضه العلم في عملية البحث، بحيث لا يستطيع القارئ مهما بلغ من الفكر والعلم أن يرفض النتائج التي توصّل إليها المؤلّف، أو يشكّك فيها، ولو باحتمال كيفي موهوم، لانّ الأسس الّتي بنى عليها المؤلف ماديّة لا فكرية فحسب، ومشاهدات لا نظريات، وقضايا ضرورية لا اجتهادية».[١٣]
ولم يقتصر الأمر على علماء الشيعة فقط بل استطاع الكتاب أن يشقّ طريقه إلى مكتبات علماء أهل السنة من طالبي الحقيقة. وبهذا استطاع العلامة أن يحقق إنجازا كبيرا بأقل التكاليف عندما أبطل الكثير من المسلمات التاريخية التي لا واقع لها إلا تواجدها في بعض المصادر التاريخية.
أحاديث أم المؤمنين عائشة
قال السيد العسكري في تمهيده للكتاب: «لقد انتبه كثير من الباحثين إلى ما في الحديث النبوي الشريف، من اختلاف بيّنٍ بين حديث وآخر منه، أو بين بعض تلك الأحاديث وآي من القرآن الكريم، فحدا ذلك بفريق من علمائنا السالفين إلى تأويل مختلف الحديث وبيان مشكله، ليدفعوا بذلك ما أورد على نبي الإسلام وحديثه. كما أن الخصومة قد دفعت فريقا آخر من الباحثين من أمثال الملاحدة ومبشري النصارى، ولفيف من المستشرقين، إلى توجيه مختلف الطعن والنقد إلى نبي الإسلام ودينه، مستندين في هجومهم العنيف إلى ما في ظواهر تلك الأحاديث من تهافت واختلاف.... أدركت هذا خلال بحثي عن حوادث تاريخية وقعت في صدر الإسلام، ولفت نظري في تلكم الأحاديث ما روته أم المؤمنين عائشة خاصة، ورأيت أن التاريخ الإسلامي منذ بعثة الرسول حتى بيعة يزيد بن معاوية لا يفهم فهما صحيحا إلا بعد دراسة أحاديث أم المؤمنين - كأحد مصادر التاريخ الإسلامي المهمة - دراسة موضوعية، كما أني أرى أيضا أن فهم قسم من آي القرآن الكريم، والفقه الإسلامي، اللذين استند في بيانهما إلى أحاديثها متوقف على هذه الدراسة....».[١٤]
إذن فالعلامة العسكري يرى أنّ الأحاديث التي رويت عن عائشة أو عن غيرها من المكثرين كان لها الانعكاس السلبي على الصورة الناصعة للنبي الأكرم فلابد من تسليط الأضواء عليها لإزاحة تلك الشبهات وإزالة الغبار الذي علق بصورة النبي من ورائها، وعليه لا يظنن القارئ بأنّ كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة يمثل دراسة تاريخية لحياتها. وإنّما الكتاب منصبُّ على أحاديثها وتسليط الضوء على بعض الكهوف القاتمة في حياتها والمغفول عنها ليعرف المطالع مدى قيمة تلك الأحاديث ومقدار حجيّتها.[١٥] [١٦]
وقال الشيخ محمود أبو رية في تقريضه للكتاب: «أردف العلامة المؤلف– العسكري- هذا الكتاب النفيس– يعني كتاب عبد الله بن سبأ- بكتاب آخر أكثر منه نفاسة هو كتاب أحاديث عائشة وقد تناول في هذا الكتاب تاريخ هذه السيدة لا كما جاء من ناحية السياسة والهوى والعصبية، ولكن من أفق الحقيقة التي لا ريب فيها، وكتبه بقلم نزيه يرعى حرمة العلم وحق الدين. لا يخشى في الله لومة لائم».
ثم قال:
خمسون ومائة صحابي مختلق
صنّف العلامة العسكري كتابه هذا بعد الفراغ من كتاب عبد الله بن سبأ؛ وذلك لأنّه قد التفت أثناء التحقيق عن شخصية عبد الله بن سبأ الأسطورية إلى ظاهرة خطيرة جداً وهي كثرة الشخصيات والأسماء المختلَقة التي لاحظّ لها من الوجود في الواقع، ومن هنا عزم على متابعة تلك الأسماء والشخصيات الوهمية ووضعها تحت مبضع التشريح والتحقيق فكانت ثمرة علمه التحقيقي أن توصّل إلى رصد مائة وخمسين صحابي مختلق لا واقع لهم وإنّما خلقتهم يد السياسة والخلافات الدينية، مستندا في ذلك على أدلة وبراهين محكمة.[١٨]
معالم المدرستين
رسم فيه المؤلف الخطوط العريضة للمدرستين المتخالفتين: مدرسة الخلفاء والسلطات الزمنية، ومدرسة أهل البيت والعترة الطاهرة أوصياء الرسول وحفظة شريعته. ويعدّ الكتاب من أكثر المؤلفات تأثيرا في الساحة الثقافية العربية حيث اعتمد فيه السيد العسكري لغة علمية قائمة على الأدلة الرصينة والبراهين المحكمة فضلاً عن الإنصاف والاتزان في الطرح. والجدير بالذكر أن بعض الدول العربية منعت من تداول الكتاب على أراضيها.[١٩] [٢٠]
المناظرات والحوارات
بعد أن انتشرت مؤلفات السيد العسكري وذاع صيته في العالم حاول الكثير من الباحثين والمحققين وغيرهم الاتصال به ومحاورته وجها لوجه للتعرف على خفايا البحث التاريخي أحيانا ولعوامل مذهبية أحيانا أخرى، وقد أثبت الواقع هيمنة السيد العسكري في مجال الحوار أيضا حيث تغلب على كبار محاورية، منهم، المفتي الأعظم للوهابية – في حينه- ابن باز، وأبو الأعلى المودودي من كبار علماء أهل السنة، ومنهم خطيب الرقة و...[٢١]
وفاته
توفي العلامة العسكري في يوم الأحد 16/ 9/ 2007 م، المصادف لـ 4 رمضان 1428 هـ، في مستشفى ميلاد بطهران.[٢٢]
الهوامش
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، ص 6۱.
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، صص 66-71.
- ↑ لقاء مع العلامة العسكري في برنامج "ديدار با فرزانكان[ لقاء مع المتفوقين]"في سنة 1380 هـ ش.
- ↑ حسيني، معاد شناس، ج 1 ، صص 283 -285.
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، ص 76-77.
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، صص 79 -85.
- ↑ مجلة علوم [الـ]حديث، العدد 20 ، ص 85 ، لقاء مع [الـ]علامة عسكري.
- ↑ لقاء مع العلامة العسكري في برنامج "ديدار با فرزانكان[ لقاء مع المتفوقين]".
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، ص 80 -81.
- ↑ مجلة كتاب ماه دين [قمر الدين]، [شهر] أرديبهشت 1377 هـ ش، العدد 7 و 6، ص 12 .
- ↑ مجلة علوم [الـ]حديث، العدد 20 ، ص 79 .
- ↑ مجلة كيهان فرهنكي، [شهر] دي 1380 هـ ش، العدد 183 ، مقال كتاب العلامة عسكري، ص 21 .
- ↑ انظر: العلامة العسكري، كتاب عبد الله بن سبأ، المقدمة.
- ↑ انظر: العلامة العسكري، أحاديث أم المؤمنين عائشة، التمهيد.
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت صص ۱64-۱66.
- ↑ العلامة العسكري، أحاديث أم المؤمنين عائشة، المقدمة.
- ↑ انظر: العلامة العسكري، كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة، المقدمة.
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، صص 166 -167 .
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، صص 168 -169 .
- ↑ لقاء مع العلامة العسكري في برنامج "ديدار با فرزانكان[ لقاء مع المتفوقين]". في سنة 1380 هـ ش.
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[حامي حدود] أهل [الـ]بيت ، صص 175 -182 .
- ↑ أديبي لاريجاني، مرزدار مكتب[الحارس لثغور مدرسة] أهل [الـ]بيت ، ص 249 .
المصادر والمراجع
- اديبي لاريجاني، محمد باقر، مرزدار مكتب [الحارس لثغور مدرسة] أهل البيت ، سيري در أحوال وأفكار و آثار مرحوم علامه عسكري، قم: انتشارات دانشكده أصول دين، 1378 ش/1429ق.
- الحسيني الطهراني، السيد محمد حسين، معادشناسي [المعاد]، مشهد: انتشارات العلامه الطباطبائي،1417 ق.
- العسكري، السيد مرتضى، أحاديث أم المؤمنين عائشة، الناشر: التوحيد للنشر. الطبعة والتاريخ: الخامسة، 1414 ه - 1994 م.
- مجلة كيهان فرهنكي [الثقافية]، [شهر] دي 1380 ، العدد 183 ، مقال مقال كتاب العلامة العسكري.
- مجله علوم [الـ]حديث، العدد 20 ، ص 85 ، لقاء مع العلامة العسكري.
- مجله كتاب ماه دين[قمر الدين]، [شهر] ارديبهشت 1377 هـ ش، العدد 7 و6.
- لقاء مع العلامة العسكري في برنامج "ديدار با فرزانكان[ لقاء مع المتفوقين]". في سنة 1380 هـ ش.